خبر الواحد

من ويكي شيعة

خبر الواحد، أو خبر الآحاد، في علم الحديث هو الرواية أو الحديث الذي لم يرقَ حدّ القطعية في صدوره عن المعصوم (ع). ويقع في مقابل خبر المتواتر الذي يبلغ عدد مخبريه المستوى الذي يؤمَن معه تعمدهم الكذب، حيث يتم الاطمئنان بصدوره عن المعصوم (ع).حجيّة (أو اعتبار) الخبر الواحد هو من أهم المسائل في علم أصول الفقه.

وينقسم إلى: الحديث الصحيح، والحديث الحسن، والحديث الموثق، والحديث الضعيف.

باستثناء البعض من الفقهاء المتقدمين، ذهب الجميع إلى الأخذ بخبر الواحد في خصوص الأحكام الشرعية إلاّ أنّهم اختلفوا في شروط صحته. وذهب البعض كالسيد الخوئي والشيخ معرفة إلى اعتبار الخبر الواحد في الأمور العقدية؛ إلاّ إنّ معظم العلماء لم يوافقوا هذا الرأي.

التعريف

الخبر الواحد في مقابل خبر المتواتر الذي يبلغ عدد مخبريه المستوى الذي يؤمَن معه تعمدهم الكذب، حيث يتم الاطمئنان بصدوره عن المعصوم (ع). وليس من شأنه إفادة العلم بنفسه، بل بانضمام القرائن إليه. [١] ويقول الأصوليون أنّ خبر الآحاد هو ما يفيد الظن وما يقابله هو الخبر المتواتر، [٢] الذي يطلق على جملة من الأحاديث والروايات التي هي قطعية الصدور عن المعصوم (ع).[٣]

أقسام الخبر الواحد

الخبر الواحد له عدّة تقسيمات مختلفة،[٤] فباعتبار مستوى أحوال الرواة من حيث الوثاقة واللاوثاقة، يقسّم إلى أربعة أقسام: الصحيح، والحسَن، والموثّق، والضعيف.[٥]

  • الحديث الصحيح، هو الخبر الذي يكون في جميع سلسلة سنده إماميين ممدوحين بالتوثيق.[٦]
  • الحديث الحسن، هو الخبر الذي يكون في جميع سلسلة سنده إماميين؛ لكن ليس كلهم ​من الثقات.[٧]
  • الحديث الموثّق أو القوي، هو الخبر الذي يكون جميع رواته غير إمامية؛ إلا أنّ جميعهم ثقات.[٨]
  • الحديث الضعيف، هو الخبر الواحد الذي لا تتطابق معه الأقسام السابقة الذكر، فمثلا أن يقع في سلسلة سنده راوٍ لا هو إمامي ولا ثقة.[٩]

المُسند، والمتصل، والمرفوع، والمعَنعَن، والمعلَّق، والمشهور، والغريب، والمقبول، والمقطوع، والمرُسل والموضوع (المجعول) من المصطلحات التي يطلق على الخبر الواحد، والتي تلي الأقسام الأصلية المتقدمة.[١٠]

أهمية موضوع حجية الخبر الواحد

عدّ الشيخ الآخوند الخراساني مسألة اعتبار الخبر الواحد من أهم المسائل الأصولية،[١١] ويعزو أهميته إلى إنّ غالبية الأحاديث والروايات التي وردت إلينا من النبي (ص) والأئمة (ع) هي من الأخبار الآحاد، وبناء على هذا إذا ما أردنا أن نصل إلى غالبية الأحكام الشرعية يستلزم الرجوع إلى الخبر الواحد،[١٢] وقد بحث هذا الموضوع في علم أصول الفقه تحت عنوان حجية خبر الواحد.[١٣]

حجية خبر الواحد

على حدّ قول الشيخ الأنصاري إنّ أكثر الفقهاء الشيعة ذهبوا إلى حجية خبر الواحد بشكله الكلّي،[١٤] وإن اختلفوا في شروط الحجية لا غير.[١٥] وبالمقابل يوجد جمع من الفقهاء المتقدمين لا يعتقدون بحجية خبر الواحد.[١٦]

ينضمّ الشيخ الطوسي، والسيد بن طاووس والعلامة الحلّي إلى الجماعة الأولى، حيث ذهبوا إلى أنّ الخبر الواحد الذي يمكن الاعتماد عليه هو أن يكون محل ثقة من حيث السند والمحتوى.[١٧] وينضمّ السيد المرتضى، وابن زهرة، وابن برّاج وابن إدريس إلى الجماعة الثانية.[١٨]

بالطبع لم يهملوا الفقهاء المتقدمون جميع أخبار الآحاد؛ بل بحسب ما يقول الفيض الكاشاني إذا كانت إحدى القرائن الآتية قائمة، فيتم القبول بذلك الحديث:

  • إذا كان الحديث قد تكرر في أصول مختلفة من الأصول الأربعمائة.
  • إذا كان الحديث ورد في أصل أو أصلين، مع سلسلة سند موثوق بها ومتعددة.
  • أن يذكر الحديث في أصل كان قد رواه أحد أصحاب الإجماع، من أمثال زرارة ومحمد بن مسلم.
  • أن يكون الحديث في كتاب عرض على المعصوم (ع) وقد نال الكتاب إقرار المعصوم (ع).
  • أن يكون الحديث ورد في إحدى الكتب التي نالت وثاقة العلماء المتقدمين من الشيعة.[١٩]

أدلة الموافقين

استند موافقوا حجية الخبر الواحد لإثباته بالآيات القرآنية، والروايات، والاجماع، وسيرة العقلاء:[٢٠]

الآيتان النَبَأ[٢١] والنَفْر[٢٢] من الآيات الدالّة على حجية خبر الواحد. وبناء على ما ورد في آية النبأ إذا جاء فاسق بخبر ما، لا يمكن الوثوق بخبره إلاّ بعد التحقق من صحته.[٢٣] فطبقا لمفهوم الآية لا حاجة إلى التحقق من صحة خبر العادل، والنتيجة أن خبر الواحد حجة.[٢٤]

أما سيرة العقلاء فهي من أقوى البراهين على حجية خبر الواحد.[٢٥] وقد يبيّن الشيخ الأنصاري حجية سيرة العقلاء بقوله: يعتمد جميع الناس في أمورهم العادية في الحياة على خبر الشخص الواحد الموثوق به، وإذا كان الشارع المقدس (المقنن لشرائع الله) مخالفا لهذه السيرة، كان عليه أن ينهى عنها؛ كما أنه أظهر مخالفته في قضايا عارضها من قبل، وبما أنّ الشارع لم يبد مخالفته في العمل بهذه السيرة، نستنتج بأنه قد أيدها.[٢٦]

أدلّة المخالفين

ونقل الشيخ الأنصاري أنّ المخالفين لحجية خبر الواحد يتمسكون لما ذهبوا إليه بالآيات، والروايات، والإجماع.[٢٧] واستندوا بآيات تنهى عن العمل بشيء لا يفيد العلم،[٢٨] کالآية 36 من سورة الإسراء التي ورد فيها: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ والآية 36 من سورة يونس التي جاء فيها: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا.

واستند المخالفون أيضا على جملة من الروايات فحواها، أنَّه لا يجوز العمل برواية لا يمكن الوثوق أنها صدرت عن المعصوم (ع)؛ إلاّ أن ترد علينا قرينة موثوقة من القرآن أو تؤيدها روايات قطعية الصدور عن المعصوم (ع).[٢٩]

حجيت الخبر الواحد في الاعتقادات

جميع علماء الشيعة ومنهم القائل بحجية خبر الواحد، كالشيخ الطوسي، والعلامة الحلّي، والشهيد الثاني، والشيخ الأنصاري، والآخوند الخراساني يذهبون إلى حجة الخبر الواحد في الأحكام الشرعية، ولا يرونه حجة في المسائل العقدية.[٣٠] فمما يستدلون به أنّ خبر الآحاد لا يفيد إلاّ الظن؛ بينما نحتاج في مجال الاعتقادات إلى ما يصلنا إلى حدّ اليقين، وبناء على هذا فإنّ حجية خبر الآحاد هو تكليف ما لا يُطاق (تكليف بشيء لا يمكن العمل به) وهو مُحالٌ.[٣١]

ومقابل هذا الرأي، ذهب بعض علماء الشيعة المعاصرون كالسيد الخوئي والشيخ معرفة إلى حجية خبر الآحاد في الاعتقادات أيضا.[٣٢]

واختلف علماء أهل السنة أيضا حول حجية خبر الآحاد في الاعتقادات. فمثلا أنّ فخر الرازي من المتكلمين الأشاعرة، لا يرى حجية خبر الآحاد في خصوص المعتقدات.[٣٣] أما ابن تيمية وهو من الحنابلة ذهب إلى أنّ أخبار الآحاد المتلقاة بالقبول تصلح لإثبات أصول المعتقدات.[٣٤]

وصلات ذات صلة

الهوامش

  1. مرکز اطلاعات و مدارک اسلامی (مركز المعلوماتية والوثائق الإسلامية)، فرهنگ‌نامه اصول فقه (قاموس الاصول الفقه)، 1389 ش، ص 447.
  2. مرکز اطلاعات و مدارک اسلامی (مركز المعلوماتية والوثائق الإسلامية)، فرهنگ‌نامه اصول فقه (قاموس الاصول الفقه)، 1389 ش، ص 447.
  3. مرکز اطلاعات و مدارک اسلامی (مركز المعلوماتية والوثائق الإسلامية)، فرهنگ‌نامه اصول فقه (قاموس الاصول الفقه)، 1389 ش، ص 442.
  4. الشهيد الثاني، البداية في علم الدراية، ص 23 إلى 39.
  5. الشهيد الثاني، البداية في علم الدراية، ص 23 ــ 24.
  6. الفيض الكاشاني، الوافي، ج 1، ص 22.
  7. الفيض الكاشاني، الوافي، ج 1، ص 22.
  8. الفيض الكاشاني، الوافي، ج 1، ص 22.
  9. الشهيد الثاني، البداية في علم الدراية، ص 23 ــ 24.
  10. الشهيد الثاني، البداية في علم الدراية، ص 26ـ ـ 39.
  11. الآخوند الخراسانين كفاية الأصول، 1430 هـ، ج 2، ص 310.
  12. جناتي، منابع اجتهاد از دیدگاه مذاهب اسلامى (مصادر الاجتهاد على رأي المذاهب الإسلامية)، ص 104 ــ 105.
  13. المظفر، محمد رضا، أصول الفقه، ج 3، ص 75، 86، 89، 96؛ الأنصاري، فرائد الأصول، ج 1، ص 238.
  14. الأنصاري، فرائد الأصول، ج 1، ص 237.
  15. الأنصاري، فرائد الأصول، ج 1، ص 240 ــ 241.
  16. جناتي، منابع اجتهاد از دیدگاه مذاهب اسلامى (مصادر الاجتهاد على رأي المذاهب الإسلامية)، ص 105 ــ 106.
  17. جناتي، منابع اجتهاد از دیدگاه مذاهب اسلامى (مصادر الاجتهاد على رأي المذاهب الإسلامية)، ص 105 ــ 106.
  18. جناتي، منابع اجتهاد از دیدگاه مذاهب اسلامى (مصادر الاجتهاد على رأي المذاهب الإسلامية)، 1370 ش، ص 105 ــ 106.
  19. الفيض الكاشاني، الوافي، ج 1، ص 22 ــ 23.
  20. المظفر، أصول الفقه، ج 3، ص 75.
  21. سورة الحجرات، الآية 6.
  22. سورة التوبة، الآية 122.
  23. سورة الحجرات، الآية 6.
  24. المظفر، محمد رضا، أصول الفقه، ج 3، ص 79.
  25. النائيني، فوائد الأصول، ج 3، ص 194.
  26. الشيخ الأنصاري، فرائد الأصول، ج 1، ص 345.
  27. الأنصاري، فرائد الأصول، ج 1، ص 242.
  28. الشيخ الأنصاري، فرائد الأصول، 1428 هـ، ج 1، ص 242.
  29. الأنصاري، فرائد الأصول، ج 1، ص 242.
  30. الطوسي، العدة، ج 1، ص 131؛ العلامة الحلي، مبادئ الوصول إلى علم الأصول، ص 211؛ الشهيد الثاني، المقاصد، ص 45؛ الأنصاري، فرائد الأصول، ج 1، ص 556؛ الآخوند الخراساني، كفاية الأصول، ص 220 ــ 329.
  31. العلامة الحلي، مبادئ الوصول إلى علم الأصول، ص 211؛ الشهيد الثاني، المقاصد، ص 45.
  32. الخوئي، مصباح الأصول، ج 1، ص 277 ــ 278؛ معرفة، كاربرد حديث در تفسير (استخدام الحديث في التفسير)، ص 143.
  33. الفخر الرازي، أساس التقديس، ص 127.
  34. ابن تيمية، المستدرك على مجموع الفتاوى، ج 2، ص 73.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الآخوند الخراساني، محمد كاظم، كفاية الأصول، قم، مؤسسة آل البيت (ع)، ط 1، 1409 هـ.
  • ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، المستدرك على مجموع فتاوى ابن تيمية، محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، الرياض، د.ن، 1418 هـ.
  • جناتي، محمد إبراهيم، منابع اجتهاد از دیدگاه مذاهب اسلامى (مصادر الاجتهاد على رأي المذاهب الإسلامية)، طهران، كيهان، 1370 ش.
  • الخوئي، مصباح الأصول، قم، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، ط 1، 1422 هـ.
  • الشهيد الثاني، زين العابدين بن علي، البداية في علم الدراية، تحقيق: السيد محمد رضا حسيني الجلالي، قم، انتشارات محلاتي، ط 1، 1421 هـ.
  • الشهيد الثاني، زين العابدين بن علي، المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية، قم، دفتر التبليغ الإسلامي للحوزة العلمية بقم، 1420 هـ.
  • الأنصاري، مرتضى، فرائد الاصول، قم، مجمع الفكر الإسلامي، ط 9، 1428 هـ.
  • الطوسي، محمد بن حسن، العُدّة في أصول الفقه، طهران، محمد تقي علاقبنديان، ط 1، 1417 هـ.
  • العلامة الحلّي، الحسن بن يوسف بن المطهر، مبادئ الوصول إلى علم الأصول، قم، المطبعة العلمية، ط 1، 1404 هـ.
  • الفخر الرازي، محمد بن عمر، أساس التقديس في علم الكلام، بيروت، مؤسسة الكتاب الثقافية، 1415 هـ/ 1995 م.
  • الفيض الكاشاني، محمد محسن، الوافي، كتابخانه إمام أمير المؤمنين علي عليه السلام، أصفهان، ط 1، 1406 هـ.
  • مرکز اطلاعات و مدارک اسلامی مركز المعلومات والوثائق الإسلامية، فرهنگ‌نامه اصول فقه (قاموس أصول الفقه)، 1389 ش.
  • معرفة، محمد هادي، کاربرد حدیث در تفسیر استخدام الحديث في التفسير، مجله الهيات وحقوق دانشگاه رضوی (آموزه‌های قرآنی)، الرقم 1، 1380 ش.
  • المظفر، محمد رضا، أصول الفقه، قم، مؤسسة النسر الإسلامي، ط 5، 1430 هـ.
  • النائيني، محمد حسين، فوائد الأصول، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1376 ش.


علم الحديث
الحديث الصحيح المستفيض المشهور العزيز الغريب الحديث الحسن
الحديث المتواتر حديث صحيح الحديث المنكر
الحديث المسند ← من جهة السند علم الحديث من جهة المتن الحديث المتروك
خبر الآحاد الحديث الضعيف الحديث المدرج
الحديث الموثق الحديث المضطرب الحديث المدلس الحديث الموقوف الحديث المنقطع الحديث الضعيف