إجازة الرواية

من ويكي شيعة

إجازة الرواية، هي إذن الأستاذ لتلمیذه المعتمد علیه أن یروي الحديث، وهي طريقة من طُرق نقل الحديث عمل بها من الزمن الأوّل في تدوين الحديث ونشره.

وقد عرّفها المحقق الطهراني في الذريعة: «هو الكلام الصادر عن المجيز المشتمل على إنشائه الإذن في رواية الحديث عنه بعد إخباره إجمالاً بمروياته، ويطلق شائعاً على كتابة هذا الإذن المشتملة على ذكر الكتب والمصنفات التي صدر الإذن في روايتها عن المجيز إجمالاً أو تفصيلاً، وعلى ذكر المشايخ الذين صدر للمجيز الإذن في الرواية عنهم، وكذلك ذكر مشايخ كلّ واحد من هؤلاء المشايخ طبقة بعد طبقة إلى أن تنتهي الأسانيد إلى المعصومين عليهم السلام» [1]).

معنى الإجازة

الإجازة مصدر من أجاز يُجيز، والجمع إجازات. وأجازه: أنفذه، وأجزته: أنفذته،[١] وأجاز له البيع: أمضاه،[٢] ومن أجاز أمره يجيزه إذا أمضاه وجعله جائزاً.[٣] وللإجازة اصطلاحات واطلاقات متعددة، فمنها:. فمنها: ما يأتي بمعنى إمضاء المعاملة الفضولية بعد وقوعها. وتأتي أيضاً: بمعنى الإذن بالرواية، أو بالامور الحسبية، أو بالاجتهاد والفتوى. وهذا يختلف عن المعنى الأوّل؛ لأنّه بالنسبة لما يأتي من العمل لا لما مضى.

وقد يأتي بمعنى التجويز، أي الحكم بالجواز الشرعي، كما يقال أجاز المفتي نكاح الكتابية.

وأيضاً: قد تأتي الإجازة بمعنى إعطاء الجائزة.

وإجازة الرواية، هو الإذن الذي يبيحه شخص لآخر رواية حديثه. وهي طريقة من طرق نقل الحديث عمل بها من الزمن الأوّل في تدوين الحديث ونشره.

وقد عرّفها المحقق الطهراني في الذريعة: «هو الكلام الصادر عن المجيز المشتمل على إنشائه الإذن في رواية الحديث عنه بعد إخباره إجمالًا بمروياته، ويطلق شائعاً على كتابة هذا الإذن المشتملة على ذكر الكتب والمصنفات التي صدر الإذن في روايتها عن المجيز إجمالًا أو تفصيلًا، وعلى ذكر المشايخ الذين صدر للمجيز الإذن في الرواية عنهم، وكذلك ذكر مشايخ كلّ واحد من هؤلاء المشايخ طبقة بعد طبقة إلى أن تنتهي الأسانيد إلى المعصومين عليهم السلام».[٤]

أنواع الإجازات

الإجازة الشفهية والإجازة التحريرية

لعلّ الإجازات الشفهية هي التي كانت شائعة منذ عصر الأئمة عليهم السلام وحتى أواخر القرن التاسع الهجري، ومن النادر العثور على إجازات تحريرية قبل القرن العاشر للهجرة إلّا القليل جداً.

ومن أمثلة الإجازة الشفهية ما ينقل من إجازة الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام لأبان بن تغلب بالرواية عنه، حيث نقل النجاشي في كتاب الرجال عن سليم بن أبي حية: «قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام، فلما أردت أن افارقه ودّعته وقلت: احب أن تزودني، فقال: ائتِ أبان بن تغلب، فإنّه قد سمع مني حديثاً كثيراً، فما روى لك فاروه عنّي.»[٥]

فالظاهر من هذه الرواية أنّ الإمام الصادق عليه السلام أجاز شفهياً تلميذ أبيه وتلميذه أبان بن تغلب برواية أحاديثه عنه.

كما أنّ هناك الكثير من الشواهد التأريخية على إجازات العلماء الشفهية لطلبتهم أو لعلماء آخرين بنقل أحاديثهم وروايتها،على سبيل المثال:

ما ذكره الشيخ الطوسي عن اسماعيل ابن علي بن رزين: «...، وله كتاب تاريخ الأئمة عليهم السلام، أخبرنا عنه برواياته كلها الشريف أبو محمّد المحمدي، وسمعنا هلال الحفّار يروي عنه مسند الرضا عليه السلام وغيره، فسمعناه منه، وأجاز لنا باقي رواياته.»[٦]

وما ذكره النجاشي في كتابه: «...أخبرنا أبو الحسن العباس بن عمر الكلوذاني رحمه الله قال: أخذت إجازة علي بن الحسين بن بابويه لمّا قدم بغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة بجميع كتبه».[٧]

وما ذكره أيضاً في الحسن بن زياد الطائي (العطار): «... له كتاب أخبرنا إجازة الحسين بن عبيد اللَّه ...»[٨]

ومن الشواهد على الإجازات التحريرية المتقدمة ما ذكره النجاشي في كتابه أنّ أحمد بن عبد اللَّه (أبو بكر الوراق):

«... دفع إلى شيخ الأدب أبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري كتاباً بخطه قد أجاز له فيه جميع روايته.»[٩]

الإجازات المطوّلة والإجازات المختصرة

تتفاوت الإجازات من حيث الكتابة في البسط والاختصار والتوسط. فالكبيرة المبسوطة منها تعد كتاباً مستقلًا، ولبعضها عناوين خاصة، والمتوسطة منها المقتصرة على ذكر بعض الطرق والمشايخ تعد رسالة مختصرة أو متوسطة، ويعبر عنها برسالة الإجازة.

وهناك إجازات مختصرة لا يمكن عدّها كتاباً بل ولا رسالة، لكنها لا تخلو من فوائد زائدة على فوائد مطلق الإجازة- ولو بالقول فقط- من اتصال أسانيد الكتب والروايات، وصيانتها عن القطع والارسال، ومن التيمن بالدخول في سلسلة جملة أحاديث آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والتبرك بالانخراط في مسلك العلماء والأعلام، ومن تلك الفوائد:

الوقوف على معارف تحصل لنا من النظر في خصوص المكتوبة من الإجازات بأنواعها الثلاثة، منها: تراجم العلماء الحاملين لأحاديث أهل البيت عليهم السلام، ومعرفة كتبهم وشيوخهم المجيزين لهم، ومعرفة من قرأ عليهم، والعلم بجملة من أوصافهم وأحوالهم من شهادة المشايخ لتلاميذهم والتلاميذ لمشايخهم بما له أثر في قبول الرواية عنهم والوثوق والاطمئنان بهم.

ومنها معرفة عصرهم ومعرفة بعض معاصريهم، وتمييز من كان في طبقتهم.

فهذه الاجازات تعتبر كتب تاريخية رجالية.[١٠]

الإجازة العامّة والخاصة

وتقسم الإجازات أيضاً إلى نحوين:

  • الإجازة الخاصة، وهي التي يذكر فيها المجيز اسم الكتاب الذي يجيز روايته للمجاز مع ذكر مشيخته إلى أسانيد هذا الكتاب. ونذكر مثالًا عليها ما كتبه شاذان بن جبرئيل بن اسماعيل القمي بخطه إجازة رواية كتاب (الكفاية في النصوص على عدد الأئمة الاثني عشر) لاثنين من تلامذته، وصورة الإجازة هكذا: «قرأ عليّ السيد الأجل شهاب الدين جمال الإسلام محمّد بن عبد اللَّه بن علي بن زهرة الحسيني أدام اللَّه سعده جميع كتاب (الكفاية في النصوص على عدد الأئمة الاثني عشر) قراءة تفهم وتبين وكشف، وسمع بقراءته السيد الأجل ... أبو القاسم عبد اللَّه بن علي بن زهرة الحسيني ...

وأجزت لهما أن يرويان عني بحق قراءة وسماع عن الشيخ الفقيه السيد العالم فخر الدين محمّد بن سرايا الحسني الجرجاني، عن الشيخ الفقيه علي بن علي بن عبد الصمد التميمي، عن أبيه السيد العالم أبي البركات الحوري عن المصنف رضي اللَّه عنهم. وكتب أبو الفضل شاذان بن جبرئيل ابن اسماعيل القمي نزيل مهبط وحي اللَّه ودار هجرة رسول الله (ص)، وكان ذلك في أربع مضين من صفر سنة أربع وثمانين وخمسمائة ...».[١١]

  • والإجازة العامّة، وهي الإجازة التي يجيز فيها المجيز مستجيزه رواية جميع الكتب، التي يذكرها له، وما لم يذكر، قرأها عليه، أو لم يقرأ، أو ما قرأه المجيز وما اجيز له روايته، باعتبار صحة روايتها عند المجيز والمستجيز في كلّ طبقة إلى أن ينتهي إلى المبدأ والغاية. وأغلب الإجازات المحررة هي من هذا القبيل.[١٢]

الإجازة الفردية والجماعية

الغالب في الاجازات أنّها تحرر من قبل المجيز لمستجيز واحد، إلّا أنّ هناك بعض الإجازات صدرت لأكثر من مجاز واحد، كما تقدم في إجازة أبو الفضل شاذان بن‌ جبرئيل لاثنين من بني زهرة، وكذلك نذكر هنا صورة إجازة من العلّامة الحلّي لجماعة من بني زهرة وهي:

«أمّا بعد حمداً للَّه على تواتر نعمائه ..، فإنّ العبد الفقير إلى اللَّه حسن بن يوسف بن علي بن المطهر ... وبلغنا في هذا العصر ورود الأمر الصادر من المولى الكبير والسيد الجليل ... أبي الحسن علي بن أبي إبراهيم ... يتضمن سبب إجازة صادرة من العبد له ولأقاربه السادات الأماجد ...
فامتثلت أمره رفع اللَّه قدره ... وقد أجزت له ... ولولده المعظم ... أبي عبد اللَّه الحسين، ولأخيه الكبير ... بدر الدين أبي عبد اللَّه محمّد، ولولديه الكبيرين أبي طالب أحمد أمين الدين، وأبي محمّد عز الدين حسن ... أن يروي هو وهم عنّي جميع ما صنفته في العلوم العقلية والنقلية أو أنشأته أو قرأته أو اجيز لي روايته أو سمعته من كتب أصحابنا السابقين، وجميع ما أجازه لي المشايخ الذين عاصرتهم ...»[١٣]

الهوامش

  1. الجوهري، صحاح اللغة، ج 3، ص 870؛ ابن منظور، لسان العرب، ج 2، ص 416.
  2. ابن منظور، لسان العرب، ج 2، ص 417.
  3. ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث، ج 1، ص 315.
  4. آقا بزرك الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 1، ص 131.
  5. النجاشي، رجال النجاشي، ص 13؛ الحر العاملي، الوسائل، ج 27، ص 147، باب 10 من أبواب صفات القاضي، ح 30.
  6. الطوسي، الفهرست، ص 50.
  7. رجال النجاشي، ص 262
  8. النجاشي، رجال النجاشي، ص 47.
  9. النجاشي، رجال النجاشي، ص 85.
  10. آقا بزرك الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 1، ص 131- 132.
  11. الخزّاز القمي الرازي، كفاية الأثر، ص 13.
  12. يراجع للاطلاع على صور هذه الإجازات ومضامينها مجلدات الإجازات من كتاب بحار الأنوار
  13. المجلسي، بحار الأنوار، ج 107، ص 60- 62.

المصادر والمراجع

  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403 هـ/ 1983 م.
  • الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان، ط 2، 1404 هـ.
  • آقا بزرك الطهراني، محمد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م.
  • النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 6، 1418 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست، المحقق: جواد القيومي، قم، مؤسسة نشر الفقاهة، 1417 هـ.
  • الخزاز القمي الرازي، كفاية الأثر، في النصوص على الأئمة الإثني عشر، تحقيق: عبد اللطیف الحسینى الكوه كمري الخوئي، قم، منشورات بيدار، 1401 هـ.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1408 هـ/ 1988 م.
  • ابن الأثير، مبارك بن محمد، النهاية في غريب الأثر، قم، مؤسسه اسماعيليان، ط 4، 1364 ش.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم، مؤسسة آل البيتعليهم السلام لإحياء التراث، 1410 هـ.