ملكة سبأ

ملكة سبأ

الاسم الأصلي	بلقيس
تاريخ ولادة	القرن العاشر قبل الميلاد
مكان ولادة	مأرب
دفن	تَدمُر
عمل	ملكة أرض سبأ
مذهب	التوحيد
أقارب	سام بن نوح

ملكة سبأ هي الملكة الأنثى الوحيدة التي ذُكرت في القرآن الكريم والكتاب المقدس. ذكروا بأنّ اسمها بلقيس، وكانت تحكم منطقة سبأ (اليمن حالياً). دانت في سابق عهدها بعبادة الشمس، لكن بعد لقائها بالنبي سليمان آمنت بالله وغدت من الموحدين. قام بعض المحققين مؤخراً واعتماداً على نهج حكمها الرشيد الذي ورد في القرآن بالاستدلال على دور المرأة وحضورها الفعّال في المجتمع.

تحدث القرآن عن قصة اطلاع النبي سليمان بحال قوم سبأ وملكتهم، وانتقال عرشها إليه بطرفة عين، وحضورها بعد ذلك لديه. وعلى الرغم من وجود العديد من المشتركات بين القرآن والعهدين حول لقاء ملكة سبأ بالنبي سليمان، غير أنّ الباحثين المسلمين يرون أنّ هناك اختلافات جوهرية بين القصتين، أهمّها اعتماد القرآن على النهج الإرشادي في سرديته للقصة. ويرى المحققون أنّ قصة ملكة سبأ في التراث الإسلامي قد تمّ شرحها وإضافة الكثير من التفاصيل إليها بناءً على الإسرائيليات.

أشير إلى قصة ملكة سبأ مرات عديدة في الأدب والتراث العربي والفارسي، وذُكرت كرمز للحكمة والثروة والجمال، وكُتبت فيها كتب متعددة، من جملتها: الملكة بلقيس، التاريخ والأسطورة والرمز، من تأليف بلقيس إبراهيم الحضراني.

الأهمية

كانت هذه الملكة سلطانة منطقة سبأ، وقد جاء ذكر لقائها بالنبي سليمان في القرآن في سورة النمل، وكذلك في الكتاب المقدس. وهي المرأة الوحيدة التي تحدث القرآن عن حكمها بما له من إمكانات فريدة ومميزة. حيث اعتبرها من أعقل النساء. واعتماداً على قصتها في القرآن كُتبت مقالات وبحوث متعددة حول نظرة القرآن لإدارة المرأة وحضورها الفعال والمؤثر في المجتمع. وقيل أنّه أثناء كتابة دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية استدلّ بعض أعضاء اللجان بقصة ملكة سبأ في القرآن لبيان دور المرأة الإداري. وبناءً على بعض البحوث فإنّ قصة ملكة سبأ في المصادر الإسلامية قد تمّ شرحها وبيانها، وتعرضت لاختراق الإسرائيليات في بعض تفاصيلها.

الاسم والنسب والحكم

ليس هناك ذكر لاسم ملكة سبأ في القرآن والعهد القديم، ولكن بناء على قول العديد من المفسرين والمؤرخين فقد كان اسمها بلقيس، وقد جاء هذا الاسم في العديد من الأحاديث والروايات الشيعية، مع أنّ بعض المصادر ذكرت أسماء أخرى لها مثل يلمقة. قيل بأنها وُلدت في مأرب، وذُكرت أسماء مختلفة لأبيها مثل شَرْح وهدّاد بن شراحيل. وجاء في بعض المصادر أنّه من نسل سام بن نوح. وقيل بأنّ أمّها كانت من الجنّ، غير أنّ ذلك كان مورد إنكار ورفض من المحقّقين.

ذكروا أنّ بلقيس كانت من قبيلة حِمْيَر وكانت تحكم مملكة قوية ومقتدرة في أرض سبأ (اليمن الحالي) وكانت عاصمتها مأرب. ينقل ابن عساكر المحدث والمؤرّخ المعروف في القرن السادس الهجري أنها حكمت اليمن تسع سنوات قبل لقائها بسليمان وأربعاً أخرى بعد ذلك بأمره، وذكروا غير ذلك أيضاً. وينقل أبو الفتوح الرازي صاحب كتاب روض الجنان أنّ ملكة سبأ هي من بنى سدّ العَرِم الذي دُمّر في سيل العَرِم بعد ذلك، كما نُسب بناؤه لآخرين أيضاً في المصادر.

اعتبر بعض المؤلفين أنّ عهد مملكة بلقيس يعود لأواسط القرن العاشر قبل الميلاد اعتماداً على معاصرتها للنبي سليمان، وبناءً على ذلك نفوا الشكوك التي تحوم حول وجود ملكة سبأ لعدم وجود ذكرٍ لها في النقوش المُكتشفة في اليمن، وذلك لكون هذه النقوش تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد. ويقول بعض الباحثين أنّ أطلالاً وبقايا من أعمدة قصر بلقيس تقع على مسافة 120 كم شرق صنعاء. وذكر جواد علي المؤرّخ (المتوفى1987م) أنّ الحبشيين يعتبرون أنفسهم من أحفاد هذه الملكة.

إيمانها بالنبي سليمان والزواج منه

بناءً على الآيات القرآنية فإنّ ملكة سبأ كانت تعبد الشمس في البداية، لكن بعد لقائها بالنبي سليمان آمنت بالله، وطبقاً لبعض المصادر التفسيرية فقد تزوجت بالنبي سليمان. وبناءً على دائرة المعارف الفارسية نقلاً عن بعض المصادر اليهودية فإنّ بُختنصّر كان ثمرة زواج سليمان من بلقيس، لكن بحسب آخرين فإنّها تزوجت بشخص آخر غير سليمان، في حين يرى آخرون أنها لم تتزوج أبداً.

قصة القرآن والعهدين عن لقاء سليمان وملكة سبأ

نقل القرآن قصة لقاء النبي سليمان وملكة سبأ، حين اطّلع سليمان (ع) من طائر الهدهد على مملكة تحكمها امرأة مقتدرة تعبد وقومها الشمس من دون الله، فكتب سليمان بكتاب إلى ملكة سبأ يدعوها لاتّباعه، فأجابته الملكة بهدية إليه اتّقاءً للفساد وسفك الدماء، غير أنّ سليمان لم يقبل بالهدية. ذهبت الملكة لمقابلة سليمان ومحاورته، وفي هذه الأثناء كان عرشها قد سبقها إليه بطرفة عين عبر شخص من أتباع النبي سليمان عنده علمٌ من الكتاب، ولما دخلت ملكة سبأ مملكة سليمان آمنت بالله. ويقال بأنّ عرشها كان عظيماً مليئاً بأنواع الدرر والمجوهرات. وطبقاً لما ورد في العهد القديم فإنّ ملكة سبأ التي كان صيت سليمان قد سبقه إليها؛ جاءت إليه وطرحت عليه عدة أسئلة، وجدت لديه إجابات شافية عنها،وعلاوة على ذلك فإنها تعجّبت لما رأته من جمال القصر، والطعام الملكي الفاخر، وأبّهة مراسم الحاشية والمسؤولين، وانتظام الخدم والحشم، والأضاحي التي قُدّمت في بيت الله. وفي النهاية أشادت ملكة سبأ بسليمان وإلهه، وتبادل الطرفان الهدايا النفيسة، ثم عادت الملكة إلى بلادها. كما أشير إلى ملكة سبأ في العهد الجديد في عدة مواضع. وفقاً لبعض البحوث فإنّ القصتين المذكورتين في كلّ من القرآن والعهد القديم تشتركان في بعض المواضع، لكنهما تختلفان في مواضع أخرى مهمة، فمن جملة مواضع الاختلاف هو التفصيل المذكور في القرآن، وكذلك الأسلوب الإرشادي المتّبع في السرد القرآني للقصّة. كما أنّ القرآن لم يتعرّض لمكان لقاء سليمان والملكة، في حين أنّ العهد القديم ذكر أن اللقاء كان في أورشليم. على أنّه طبقاً لبعض المصادر الإسلامية فإنّ هذا اللقاء وقع في غير أورشليم، وكان أثناء سفر سليمان إلى مكة.

الوفاة ومحل الدفن

بناءً على بعض المصادر فإنّ بلقيس توفّيت بعد لقاء النبي سليمان بسبع سنين وبضعة أشهر، وتمّ دفنها في مدينة تدمر في الشام. ولم يكن أحد على علم بمحلّ قبرها حتى زمان الوليد بن عبد الملك، حيث ظهر قبرها، فأمر الوليد بتشييده.

ملكة سبأ في الأدب

كانت لقصة ملكة سبأ في الأدب العربي انعكاسات واضحة وكبيرة، فقد كانت بلقيس في الشعر رمزاً للثروة والحكمة والحُسن. فقد ألهمت العديد من الشعراء في قصائدهم الحماسية وكذلك الغزلية منها، وكان من أبرزهم أبو نواس والبحتري الشاعر المعروف، والحسين بن الضحاك. وكذا استدعى شخصيتها محي الدين بن عربي في إحدى قصائده الصوفية حيث يقول:

مَـا رَحَـلُوا يَـوْمَ بَـانُوا الْـبُزَّلَ الْـعِيـسَا		إِلاَّ وَقَـدْ حَـمَلُوا فِـيهَا الـطَّوَاوِيـــسَا
مِـــنْ كُــلِّ فَـاتِـكَةِ الأَلْـحَـاظِ مَـالِــكَةٍ		تَـخَالُهَا فَـوْقَ عَـرْشِ الدُّرِّ بَلْقِيــــسَا
إِذَا تَـمَشَّتْ عَـلَى صَـرْحِ الزُّجَاجِ تَرَى		شَمْسًا عَلَى فَلَكٍ فِي حِجْرِ إِدْرِيسَا

ومن المعاصرين محمود درويش ونزار قباني وأحمد شوقي الملقب بأمير الشعراء، حين كتب في أندلسيته النونية يشبّه الشمس ببلقيس أثناء تذكّره لصباه في مصر فقال:

ســـقـيـاً لـعــهـدٍ كـأكـنـاف الـرُّبـى رفــةً		أَنَّـــى ذهـبـنـا وأعـطـاف الـصَّـبا لـيـنا
إذِ الـــــزمـــــانُ بـــنــا غــيــنـاءُ زاهــيــةٌ		تـــــرفُّ أوقــاتُــنـا فــيــهـا رَيَـاحـــيـنـا
الــــوصـلُ صـافـــيـةٌ والـعـيـشُ نـاغـيةٌ		والـسـعـدُ حـاشـيـةٌ والـدهـرُ مـاشـينا
والشمس تختال في العقيان تحسبها		بـلـقيس تـرفُـلُ فــي وشـيِ الـيمَانينا

دراسات حولها

كُتبت العديد من الكتب حول ملكة سبأ، ومن أبرز هذه المؤلفات:

الملكة بلقيس؛ التاريخ والأسطورة والرمز، بقلم بلقيس إبراهيم الحضراني. حيث بحث الكاتب دور ملكة سبأ في هذا الكتاب من مختلف الزوايا الدينية والتاريخية والأدبية. وتمّ نشره من دار آي.ام جرافيك سنة 1994م في القاهرة.

بلقيس؛ امرأة الألغاز وشيطانة الجنس، تأليف زياد منى. يتألف هذا الكتاب من ثمانية فصول و347 صفحة، يبحث المؤلف من خلالها شخصية ملكة سبأ في التاريخ، وفي كل من الإسلام والمسيحية واليهودية. تمّ نشر هذا الكتاب من قبل دار رياض الرئيس في بيروت عام 1998م.