آل زهرة
آل زهرة، (بنو زهرة) من أشرف الأُسر الكريمة في الملأ الشيعي العلويّ نسباً ومذهباً. كان الكثير من أفرادها من رجال العلم والسياسة ومن المؤلّفين، وقد تتلمذ على يدهم علماء كبار.
نسبهم
يعود نسبها إلى زهرة بن علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر الصادق (عليه السلام)؛ وعرفوا أحياناً بالاسحاقي (الاسحاقيون).
وكان اسحاق الشهير بالمؤتمن محدّثاً كبيراً، ذكره بعض من نقل الحديث عنه: "الثقة الرضا" وعلى الرغم من أنّ ثلّة من الشيعة كانت تعتقد بإمامته إلا أنّه أيّد إمامة أخيه موسى الكاظم (عليه السلام)، وهاجر ابنه الحسين إلى حران [١].
ولآل زهرة جدٌّ ثان، هو أبو ابراهيم محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين الحرّاني الحجازي وكان عالماً وشاعراً، عاصر أبا العلاء المعري (449) ومدحه، وكان قد هاجر إلى حلب بعد أن قويت شوكته في حرّان. ويقال إنّه أوّل من وطئت قدماه مدينة حلب من هذه الأسرة ونشر المذهب الشيعي في حلب الحنفية [٢].
ويعتبره السخاوي أوّل من نال نقابة الطالبيين في عهد سيف الدولة الحمداني (303 ـ 356) [٣]، ويستنتج من المصادر التاريخية أنّ بعض النقباء المتأخرين منهم لم يكونوا من الشيعة إذا لم يكونوا قد أظهروا التقية [٤].
رجالهم
عزالدين أبو المكارم
عزالدين أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي: الشهير بابن زهرة والسيد ابن زهرة (511 ـ 585). كان فقيهاً، أصولياً، متكلماً، نحوياً ومن الثقاة ونقيب السادة في حلب. وهو أشهر أفراد هذه الأسرة إلى درجة أنّه كان المعني عند ذكر "ابن زهرة" دون أن ترد قرينة أخرى.
سيرته العلمية
وقد بدأ تعلّمه للعلوم عند والده وحصّل إجازة الرواية من والده ومن الشيخ أبي عبدالله حسين بن طاهر الصوري ومحمد بن حسن النقّاش ومن أبي علي بن الشيخ الطوسي بواسطة واحدة. قرأ النهاية للشيخ الطوسي على حاجب الحلبي ولهذا فإنّه يعدّ من تلامذة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي في الفقه ـ الطبقة الخامسة ـ وأجيز منه في الرواية أخوه عبدالله بن علي بن زهره، وابن أخيه محيي الدين محمد بن عبدالله، ومحمد بن جعفر المشهدي مؤلّف المزار، وشاذان بن جبرائيل القمي، ومعين الدين سالم بن بدران المصري المازني، وعزالدين أبوالحرث محمد بن الحسن البغدادي.
وكان الفقيه المشهور محمد بن إدريس الحلي (598) مؤلّف كتاب السرائر معاصراً لأبي المكارم حمزة وحصل منه على إجازة في الرواية، فكتب يقول: "ورأيته وكاتبته وكاتبني وعرفته ماذكره في تصنيفه من الخطأ وعرضت ذلك عليه إلا أنه اعتذر باعذار غير واضحة وأبان بها أنه ثقل عليه الرد" [٥].
وهذا القول لابن إدريس الذي يعدّه البعض من نوابغ الشيعة، لا يقلل من مكانة أبي المكارم العلمية، ذلك لأنّ ابن ادريس قد تحدّث مثل هذا الحديث عن كبار الشيعة الآخرين [٦].
وكان أبوالمكارم يدّعي الاجماع في غالبية المسائل الخلافية وكان هذا هو السبب في وجود الوهن والوهم وعدم حصول الظن بها [٧].
وكان فضلاً عن مكانته العلمية المرموقة نقيب الطالبيين والامام الموثّق لدى شيعة حلب. في 570 وعندما توجّه صلاح الدين الأيوبي لفتح حلب ونزل خارجها، خشي الملك الصالح زنكي صاحب حلب أن يسلّم الحلبيون المدينة إلى صلاح الدين، فجمعهم في ميدان المدينة وخاطبهم بما استمال قلوبهم وبكى، فبذلت له الشيعة الطاعة واشترطوا عليه أن يجهر بـ "حي على خير العمل" في الأذان وأن يعاد إليهم شرقية الجامع، وينادي بأسماء أئمتهم الاثني عشر (عليهم السلام) أمام جنائزهم، وأن يكبّر على الجنائز خمس تكبيرات، وأن يفوّض أمر العقود والأنكحة إلى أبي المكارم حمزة. وكان الشيعة في حلب قبل ذلك، قد استطاعوا مرة أخرى منذ عهد سعد الدولة الحمداني (367 ـ 369) وحتى أيام نورالدين محمود زنكي (544) أن يظهروا شعارهم في الأذان [٨].
آثاره
- غنية النزوع في علمي الأصول والفروع؛
- مسألة في كونه تعالى جبّاراً؛
- مسألة في نفي الرؤية وعتقاد الامامية ومخالفيهم؛
- مسألة في الرد على من زعم أن الوجوب والقبح لا يعلمان الا سمعا؛
- نقض شبهة الفلاسفة؛
- النكت (في النحو)؛
- قبس الأنوار في نصرة العترة الأخيار؛
- وعدد من الرسائل الأخرى وأجوبة الرسائل التي كانت قد وصلته من الجبل وحمص وبغداد.
وفاته
توفي في 585 ودفن في سفح جبل جوشن. وقد وجدت بأطراف قبره الذي اكتشف في 1297 كتابة حسنة الخط هذا نصها:
- "بسم الله الرحمن الرحيم، هذه تربة الشريف الأوحد ركن الدين أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة بن علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر بن الصادق صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الأئمة الطاهرين. وكانت وفاته في رجب سنة خمس و ثمانين وخمسمائة رضي الله عنه".
عبدالله بن علي الحلبي
جمال الدين أبوالقاسم عبدالله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي (531 ـ 580)، كان فقيهاً، متكلماً، من ثقاة رجال الشيعة.
آثاره
- التجريد في الفقه؛
- الغنية عن الحجج والأدلة؛
- جواب سؤال عن العقل؛
- جواب سؤال من مصر في النبوّة.
أبو علي حسن بن زهرة الحسيني
أبو علي حسن بن زهرة الحسيني (620)، نقيب الشيعة في حلب وإمامهم، وكان صاحب رأي في علوم القرآن والعلوم العربية والأخبار والفقه، كان مشهوراً في السياسة، عهدت إليه الحكومة آنذاك مهمة السفارة في العراق وسائر البلدان عدة مرات.
محمد بن عبدالله الحلبي
محيي الدين أبو حامد محمد بن عبدالله بن زهرة الحسيني الحلبي (564 أو 566 أو 636)، كان فقيهاً ومن ثقاة مشايخ الشيعة ورواتهم. أجازه كلّ من أبيه وعمه أبي المكارم حمزة وإبن شهر آشوب وعلماء آخرون الرواية.
تلاميذه
- علي بن موسى بن طاوس (664)؛
- محقق الحلّي؛
- يحيى بن أحمد بن سعيد الحلي (690).
آثاره
- الأربعون حديثاً حول حقوق الإخوة في الدين، وأحد تلك الأحاديث هي الرسالة المشهورة بـ"الأهوازية" التي كتبها الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) إلى عبدالله النجاشي.
بدرالدين حسن بن محمدالحلبي
بدرالدين حسن بن محمد بن علي بن الحسين بن زهرة الحسيني الحلبي (732)، كان نقيباً للأشراف ومشرفاً على مستشفى حلب.
علاءالدين علي بن ابراهيم الحلبي
علاءالدين أبوالحسن علي بن ابراهيم بن محمد بن الحسين بن زهرة الحسيني الحلبي (755)، من كبار علماء الشيعة وثقاتهم. وهو أحد خمسة من أفراد هذه العائلة الذين أجازهم العلامة حسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلي (726) في الرواية عام 723. وتعرف هذه بـ"الاجازة الكبيرة" وقد استنسخت في 1096 من النسخة التي كانت بخط العلامة والمؤرخة في 25 شعبان 723، وطبعت في الجزء 104 من بحار الأنوار ص 60 ـ 137. أما الأربعة الآخرون الذين جاءت أسماؤهم في هذه الإجازة فهم:
- بدرالدين أبوعبدالله محمد بن ابراهيم (733)؛
- أمين الدين أبوطالب أحمد بن محمد بن ابراهيم (717 أو 718 ـ 775). وكان من مشايخ الشهيد الأول محمد بن مكّي (786). وفضلاً عن هذه الإجازة فقد حصل في 14 ربيع الأول 756 آذار 1355 على إجازة أخرى من محمد بن الحسن بن يوسف الحلّي ابن العلامة في رواية كل ما ورد في "الاجازة الكبيرة" [٩]؛
- عزّالدين أبومحمد الحسن بن محمد بن محمد بن ابراهيم من علماء الشيعة؛
- شرف الدين أبوعبدالله الحسين بن علي بن ابراهيم، وهو فقيه.
الشريف محمد بن علي
الشريف محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن زهرة (779)، قدم إلى إيران واستفاد من علماء عصره آنذاك والتقى ببعض علماء خراسان وماوراءالنهر ثم قفل راجعاً إلى حلب. وقد سمع مشارق الأنوار من الفقيه المحدّث المفسّر شمس الدين أبي عبدالله محمد بن محمد الفيروزآبادي وروى بعضاً منه في حلب.
ولا يمكن ذكر شجرة نسب هذه الأسرة صورة خالية من الشك وذلك لأنّ كتب الرجال غالباً ما تحذف بعض الوسطاء عند ذكر تسلسل الأسماء، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنّ كثرة الأسماء المتشابهة في هذه الأسرة أوجد بعض الخلط والارتباك.
الهوامش
المصادر والمراجع
- آقا بزرگ، الذريعة؛
- طبقات أعلام الشيعة؛
- ابن ادريس، أبوعبدالله محمد، كتاب السرائر، طهران، د.ن، 1390 هـ.
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الدور الكامنة، الهند، 1393 هـ.
- ابن شهر آشوب، محمد بن علي، معالم العلماء، 1380 هـ.
- ابن العديم، عمر بن أحمد، زبدة الحلب،تحقيق: سامي الدّهان، دمشق،1370.
- ابن عنبة، أحمد بن علي، عمدة الطالب، تحقيق: محمد حسن الطالقاني، النجف، 1380 هـ.
- ابن كثير، اسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، مصر 12 هـ.
- أفندي اصفهاني، عبد الله، رياض العلماء، قم، 1401 هـ.
- الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق: حسن الأمين، بيروت، 1403 هـ.
- الأميني النجفي، عبد الحسين، شهداء الفضيلة، قم.
- البغدادي، اسماعيل باشا، ايضاح المكنون، اسطنبول، 1364 ـ 1366 هـ.
- هدية العارفين، اسطنبول، 1951 ـ 1955 م.
- تنكابني، محمد، قصص العلماء، طهران.
- الجوامع الفقهية، قم، 1404 هـ، ص 461 ـ 564.
- الحر العاملي، محمد بن الحسن، أمل الآمل، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، قم، 1362 ش؛
- الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات، بيروت، دارالكتاب العربي؛
- دواني علي، مفاخر اسلام، طهران، 1363 ش؛
- الزركلي، خير الدين، الأعلام، ط3، بيروت، 1389 هـ؛
- السخاوي، محمد بن عبد الرحمن، الضوء اللامحن القاهرة، 1353 هـ؛
- الشوشتري القاضي نور الله، مجالس المؤمنين، طهران 1375 هـ؛
- القائيني النجفي، معجم مؤلفي الشيعة، طهران، 1405 هـ؛
- القمي، عباس، الفوائد الرضوية، طهران، 1327 ش؛
- الكنى والألقاب، طهران، 1397 هـ؛
- هدية الأحباب، طهران، 1363 ش؛
- كحّالة، عمر رضا، معجم المؤلفين، بيروت؛
- المامقاني، محمد بن عبد الله، تنقيح المقال، النجف؛
- المجلسي، محمد باقر، بحارالأنوار، بيروت، 1403هـ؛
- محمد راغب، أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء، حلب، 1342هـ؛
- مدرّس، محمد علي، ريحانة الأدب، تبريز، 1346ش؛
- النوري، حسين، مستدرك الوسائل، طهران، 1382هـ.