السيد علي القاضي الطباطبائي التبريزي، عارفٌ وفيلسوف وأستاذُ أخلاق في حوزة النجف الأشرف العلمية. ولد سنة 1282 هـ في مدينة تبريز.

السيد علي القاضي
عالم ديني
تاريخ ولادةفي(13) من شهر ذي الحجة من سنة 1282 هـ
مكان ولادةإيران، تبريز
تاريخ وفاةالسادس من ربيع الأول سنة 1366 هــ
مكان وفاةالعراق، النجف
دفنمقبرة وادي السلام
إقامةإيران، العراق
جنسيةإيراني
سبب شهرةمن العرفاء
تأثرالملا حسين قلي الهمداني، الشيخ محمد البهاري، السيد أحمد الكربلائي
تأثيرمحمد حسين الطباطبائي، السيد هاشم الحداد، محمد تقي بهجت
دينالإسلام
مذهبالتشيع
أولادالسيد محمد حسن القاضي

تتلمذ على يده العديد من العلماء، وكان يُشير من بينهم إلى السيد محمد حسين الطباطبائي والسيد هاشم الموسوي الحداد، والشيخ محمد تقي بهجت.

هاجر إلى النجف وحصل على درجة الاجتهاد، واتبع بطريقته العرفانية طريقة الملا حسين قلي الهمداني. نُقل أنّ له كرامات عديدة، كما له مؤلّفات، منها: تفسير القرآن الكريم، وقصائد شعرية باللغة العربية والفارسية. توفي سنة 1366 هـ، ودُفن في مقبرة وادي السلام.

نشأته

 
السيد علي القاضي في شبابه

ولد السيد علي بن حسين بن أحمد بن رحيم الطباطبائي التبريزي القاضي في(13) من شهر ذي الحجة من سنة 1282 هـ في مدينة تبريز.[١]

ونشأ تحت رعاية أُسرة المرحوم السيد حسين القاضي، وهي من الأُسر العلمية المعروفة بالفضل والأخلاق، ينتهي نسبها إلى الإمام الحسن المجتبى . درس على يد والده وعلى يد الميرزا موسى التبريزي صاحب حاشية الرسائل والسيد محمد علي القرجه داغي صاحب حاشية شرح اللمعة.[٢]

عائلته وأولاده

للسيد علي القاضي أربعة زوجات، وعدد أولاده (11) ولداً، و(15) بنتاً.[٣] البعض من أولاده معروفين بالعلم والفضل، ومنهم: السيد محمد حسن القاضي الطباطبائي، الذي كان من طلبة والده. وقد جمع السيد محمد حسن أشعار والده في مجلد [٤]، كما ألّف كتاب في شرح وتفصيل لأحوال والده السيد القاضي.[٥]

مسيرته الدراسية

دراسته في تبريز

شرع السيد القاضي تحصيلاته الدراسية منذ ريعان شبابه على يد والده السيد حسين القاضي والميرزا موسى التبريزي والميرزا محمد علي قرجه داغي، وكان لوالده إقبال منقطع النظير على علم التفسير، حيثُ صرّح السيد القاضي على أنه درس تفسير الكشّاف عند والده، كما تعلّم على يد الشاعر المشهور والعالم المعروف الميرزا محمد تقي التبريزي آداب اللغة العربية والفارسية، ونُقل عنه العديد من الأشعار باللغتين، ولما تأجج في داخله الشوق والعشق لزيارة أمير العارفين علي بن أبي طالب  إنتقل في قافلة من تبريز إلى النجف الأشرف.[٦]

دراسته في النجف

ما أن وصل السيد القاضي إلى النجف الأشرف سنة 1313 هـ، حتى واصل دراسته الحوزوية؛ ليتتلمذ على يد العلماء فيها، ومنهم: الفاضل الشربياني، والشيخ محمد حسن المامقاني، والشيخ فتح الله الشريعة الأصفهاني، والشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب الكفاية، والميرزا حسين الخليلي، وغيرهم.[٧]

وكان يُعَدُّ من أفاضل تلامذة الخليلي، فقد برع في الفقه والأصول والحديث والتفسير وغيرها، وكان من رجال الأخلاق، حيثُ تهذّب على يد الخليلي وغيره، وعُرف بذلك في أوساط أهل العلم.[٨]

عبادته

كان السيد القاضي يتخفى بعبادته عن الأعيُن إلا في أداء الفرائض التي كان يأتي بها جماعة مع صفوة تلاميذه البالغين من السبعة إلى العشرة أشخاص في إحدى غرف المدارس الدينية. كما كان يواظب أيضاً على قراءة بعض سور القرآن قبل النوم، مثل: الحديد، الحشر، الصف، الجمعة، التغابن. وكذلك مواظبته على زيارة جده علي بن أبي طالب  بعد الساعة الثانية ظهراً حيث يهرع الناس إلى بيوتهم بسبب الحر الشديد ويبقى الحرم خالياً إلا عدد قليل من الزوار، ولهذا السبب لم يكن يراه أحد لا في الحرم ولا في مكان آخر إلا نادراً.[٩]

وأما أعماله العبادية الأخرى، فقد كانت له غرفة في مسجد الكوفة يتعبّد بها، ويبدأ بمناجاته ومزاولة أوراده وأذكاره فيها. وبالإضافة إلى خشوعه في صلواته اليومية، فلم يكن يهدأ في الليالي أيضاً، فكان قليل ما ينام في الليل، حيث قال ذات مرة: حافظت على وضوئي عشرين سنة، ولم أفقده إلا حين كنت أُجدد الوضوء، ولم أنم إلا على طهارة. وسأله ولده يوماً: ماذا تفعل لتنهض متى شئت من نومك بكل هذه السهولة؟ أتقرأ آخر آية من سورة الكهف؟ فأجابه: كلا؛ أنهض لأنه يجب أن أنهض.[١٠]

وقال السيد محمد الحسيني صاحب تفسير الأنوار المشرقة الذي تتلمذ مدة على يد آية الله السيد القاضي: إنّ السيد القاضي جاء إلى مدرسة قوام وطلب من إدارتها حجرة ليخلو بها للعبادة والتهجد، حيثُ كان بيته صغيراً وأنه يؤذي الأطفال لعبادته ليلاً، فكان تهجده يبدأ بالليل من الساعة الثانية حيث ينام الطلاب.[١١]

كان يرى العلامة الطباطبائي ويحدّثه عن أسرار الليل، فيقول له: إذا أردت الدنيا فعليك بنافلة الليل وإذا أردت الآخرة، فعليك بنافلة الليل.[١٢]

أخلاقه

كثيراً ما نُقل عن أخلاقه عن طريق تلامذته ومعاصريه من أنّ السيد القاضي كان صاحب خُلق رفيع قد هذّب نفسه تهذيباً كاملاً من رذائل الأخلاق، كالغرور والتكبر وحب الرئاسة والمدح وحب الدنيا، وغيرها من الرذائل. وتحلى بالصفات المحمودة، كالتواضع والتذلل للمؤمنين وحب الفقراء والضعفاء والمساكين ومساعدتهم والكرم والشجاعة والرضا والقناعة، ونحوها.[١٣]

وضعه الاجتماعي

عاش السيد علي القاضي في أقصى مراتب الفقر في النجف، حيث كان عاجزاً حتى عن دفع إيجار دار السكن، وقد رُمي يوماً أثاث منزله في الشارع، فاضظر أن ينتقل هو وعائلته إلى إحدى غرف مسجد الكوفة المعدة لمبيت الزوار والغرباء، ومع ذلك لم يثنيه الفقر عن التوجه التام إلى الله سبحانه وتعالى.[١٤]

درجته في الاجتهاد

في خاتمة مطاف دراسته الحوزوية والتتلمذ على يد أبرز العلماء أثمرت جهوده في طريقه لكسب العلم والمعرفة والكمال؛ لينال في السابعة والعشرين من عمره درجة الإجتهاد.[١٥]

تلامذته

قد تخرج على يديه ثلة من العلماء والعرفاء الذين تركوا أثرهم الواضح بعد ذلك في الحوزات العلمية والعالم الشيعي، ومن أبرز تلامذته: [١٦]

طريقته في العرفان

قال العلامة الطباطبائي: إنّ طريقة السيد القاضي العرفانية هي نفس طريقة الملا حسين قلي الهمداني، والسيد علي الششتري، اللذان يرجع عرفانهم إلى العارف (جولا) وهو شخصٌ غير معروف.[١٧] وقيل: أنه كان على طريقة أبيه السيد حسين القاضي، وقيل: أنه كان ملازماً للسيد مرتضى الكشميري، فاتبع نفس طريقته، لكن المعروف أنه تتلمذ على يد طلبة الملا حسين قلي الهمداني.[١٨]

أساتذته في العرفان

ترعرع في أحضان والده السيد حسين القاضي الذي أفاض عليه عملياً دروس التربية والتهذيب منذ صغره، ولمّا قدِم إلى النجف الأشرف درس الأخلاق والعرفان والسير والسلوك إلى الله على يد آية الله الشيخ محمد البهاري، وآية الله السيد أحمد الكربلائي، وهما من أبرز تلامذة الملا حسين قلي الهمداني.[١٩]

وصاياه الأخلاقية والعرفانية

كان السيد القاضي يحثّ تلامذته على قراءة القرآن بتدبر، والمحافظة على الصلوات في أوائل أوقاتها، وكان يؤكد كثيراً على الإهتمام بصلاة الليل، وكان يوصي بالثبات والإستمرار في طريق تزكية النفس، كما كان يؤكد أيضاً على أهمية الأستاذ الكامل للراغبين في سلوك طريق التزكية، حيثُ كان يقول: لو أنّ السالك قضى نصف عمره في البحث عن أستاذ كامل لكان ذلك خيراً له.[٢٠]

معارضيه

عارضه بعض العلماء، وجوبه بعدم احترام بعض الناس له، كما وهُدد بالقتل أيضاً. والسبب الرئيسي هو لاهتمامه في ابن عربي ومولوي، مما أدى إلى صعود هذه الاعتراضات وإدخال تهمة الصوفية إلى القاضي. لقد كان‌ السيد هاشم‌ الحداد يقول‌: كان‌ للمرحوم‌ السيد القاضي‌ اهتمام‌ كبير بمحيي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌ وكتابه‌ ( الفتوحات‌ المكّيّة‌ )، وكان‌ يقول‌: إنّ محيي‌ الدين‌ من‌ الكاملين‌، وهناك‌ في‌ فتوحاته‌ شواهد وأدلّة‌ جمّة‌ على كونه‌ من‌ الشيعة‌.[٢١]

كما كان يعدّ الملا الرومي أيضاً رفيع المرتبة، ويستشهد بأشعاره ويعتبره من الشيعة المخلصين، وكان القاضي يقول: من المحال أن يصل المرء إلى مرحلة الكمال، فلا تصبح حقيقة الولاية مشهوده لديه. وكان يقول: إنّ الوصول إلى التوحيد ينحصر بالولاية؛ الولاية والتوحيد حقيقة واحدة. وعليه فإنّ العظماء المعروفين من عرفاء أهل السنة إما أنهم كانوا يعملون بالتقية ويخفون تشيعهم، أو أنهم لم يصلوا إلى الكمال.[٢٢]

ومن بين العلماء المعارضين له، الميرزا ​​مهدي أصفهاني، الذي كان يُعارض العديد من المذاهب الفلسفية والتصوف، فكان واحداً من المعارضين الرئيسيين للقاضي، حيث عارضه بشدة. وكذلك السيد عبد الغفار المازندراني، وهو أحد علماء النجف، حيث قال السيد هاشم الحداد: إنّ السيد القاضي قال: لقد كان لي مع السيد عبد الغفار علاقة صداقة، لكنه شرع للمعارضة بكل قواه، وكنت دوماً أُسلّم عليه حيثما ألتقيه في الطريق، فصرت أخيراً أُسلّم عليه فلا يردّ عليّ السلام. [٢٣]

كراماته

نقل العلماء والفقهاء في الحوزة العلمية كرامات عديدة للسيد القاضي، منها: [٢٤]

  • مكاشفة السيد الخوئي، ما نقله السيد الخوئي: جمعني الشيخ محمد تقي بهجت أحد تلامذة السيد القاضي مع أستاذه بسبب نقاش دار بيننا في مسألة علمية وانجر إلى عقد اللقاء في صحن أبي الفضل العباس في كربلاء واستغرق اللقاء ساعة ونصف، فطلبتُ برنامجاً للعمل من السيد القاضي، فأعطاني ذكراً يُواظَب عليه أربعين يومياً، وبعد ختم الأربعين حصلت لي مكاشفة لحياتي المستقبلية إلى لحظات الموت، فرأيت نفسي على المنبر وأنا أدرّس الفقه والأصول، ثم رأيت أنني جالس في الدار والناس يترددون عليّ ويستفتوني في المسائل الشرعية ورأيت نفسي بعدها إماماً لصلاة الجماعة، وحالات كثيرة مختلفة كمرآة تسير أمامي، حتى وصلتُ إلى مكان سمعتُ فيه صوتاً من أعلى المنارة: إنا لله وإنا إليه راجعون، أنتقل إلى جوار ربه الكريم آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي، ثم أنتهت تلك المكاشفة ورجعتُ إلى وضعي العادي.[٢٥]
 
مزار السيد علي القاضي في مقبرة وادي السلام

آثاره

له تفسير القرآن من أوله إلى قوله تعالى: ﴿قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ من سورة الأنعام، [٢٧] ومن آثاره أیضاً: قصائد في كتاب (صفحات من تاريخ الأعلام في النجف)، وله أيضاً رسائل قد كتبها إلى طلابه في السير والسلوك العرفاني وتزكية النفس، وكذلك نُظم الشعر باللغة العربية والفارسية.[٢٨]

وفاته

توفي السيد القاضي في ليلة الأربعاء، السادس من ربيع الأول سنة 1366 هـ ودفن في وادي السلام في النجف الأشرف، قرب مقام الإمام المهدي ، وجوار والده، وقد أفنى عمره في خدمة مذهب أهل البيت  ونشر علومهم وأحكامهم، وقد رثاه الكثير من العلماء وأدباء النجف الأشرف.[٢٩] وقضى عمراً أمده 83 سنة.[٣٠]

ونُقل عن المحقق عبد العزيز الطباطبائي أنه سمع السيد الخوئي يقول: إنّ النجوم قد تناثرت عند وفاة السيد علي القاضي، فقلت: إنّ النجوم لا تتناثر لموتِ أحد، فقال: إنّ هذا يقين عندي ولا يمكن أن أتنازل عنه؛ لأني رأيته بأُم عيني.[٣١]

الهوامش

  1. آغا بزرگ الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ج 1، ص 1565.
  2. صادق حسن زاده، أسوة العرفاء، ص 2.
  3. الحسيني الطهراني، الروح المجرد، ص 163.
  4. الحسيني الطهراني، الروح المجرد، ص 6-9.
  5. الحسيني الطهراني، الروح المجرد، ص 18.
  6. عبد الرحيم الحمراني، العطش العرفاني، ص 9.
  7. صادق حسن زاده، أسوة العرفاء، ص 2.
  8. عبد الرحيم الحمراني، العطش العرفاني، ص 10.
  9. صادق حسن زاده، أسوة العرفاء، ص 22.
  10. عبد الرحيم الحمراني، العطش العرفاني، ص 26.
  11. عبد الرحيم الحمراني، العطش العرفاني، ص 27.
  12. عبد الرحيم الحمراني، العطش العرفاني، ص 27.
  13. ترجمة آثار الشيخ بهجت، ج 2، ص 244.
  14. صادق حسن زاده، أسوة العرفاء، ص 22.
  15. عبد الرحيم الحمراني، العطش العرفاني، ص 10.
  16. صادق حسن زاده، أسوة العرفاء، ص 3.
  17. الحسیني الطهراني، رساله لب اللباب، ص 146-149.
  18. آغا بزرگ الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ج 1، ص 1566.
  19. آغا بزرگ الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ج 1، ص 1566.
  20. ترجمة آثار الشيخ بهجت، ج 2، ص 251.
  21. الحسيني الطهراني، الروح المجرد، ص 341.
  22. الحسيني الطهراني، الروح المجرد، ص 341.
  23. الحسيني الطهراني، الروح المجرد، ص 42-126.
  24. ترجمة آثار الشيخ بهجت، ج 2، ص 246.
  25. ترجمة آثار الشيخ بهجت، ج 2، ص 246.
  26. ترجمة آثار الشيخ بهجت، ج 2، ص 247.
  27. سورة الأنعام: 91.
  28. القاضي الطباطبائي. معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين.
  29. آغا بزرگ الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ج 1، ص 1566.
  30. عبد الرحيم الحمراني، العطش العرفاني، ص 13.
  31. ترجمة آثار الشيخ بهجت، ج 2، ص 247.

المصادر والمراجع

  • آغا بزرگ الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، نقباء البشر في القرن الرابع عشر، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان، ط 1، 1430 هـ.
  • حسن زاده، صادق، أسوة العرفاء، سيرة حياة السيد علي القاضي الطباطبائي، نشر أحمد مطهري، قم-ايران، ط 1، 1424 هـ.
  • الحسيني الطهراني، محمد، الروح المجرد في ذكرى الموحد العظيم والعارف الكبير الحاج السيد هاشم الموسوي الحداد، مؤسسة العلوم والمعارف الإسلامية، د. ط، د. ت.
  • الحمراني، عبد الرحيم، العطش العرفاني في رحاب العارف الكامل آية الله السيد علي القاضي، دار المحجة البيضاء، بيروت-لبنان، ط 1، 1434 هـ.
  • الحسيني الطهراني، محمد، رسالة لب اللباب في سير وسلوك أولي الألباب، دار المحجة البيضاء، بيروت-لبنان، ط 1، 1996 م.
  • لجنة ترجمة آثار الشيخ بهجت، في مدرسة آية الله العظمى الشيخ بهجت، دار المجتبى، قم-ايران، ط 2، 1386 هـ.