الأمثال القرآنية
الأمثال القرآنية هي من المكونات الرئيسة في التعبير عن المفاهيم القرآنية والتي تعد من نماذج الإعجاز البياني للقرآن. وهناك اهتمام بالغ من قبل الروايات الواردة عن الشيعة بهذه القضية، حيث تؤكد التفكير حول حقائقها. ويذهب المفسرون أن الغاية من الأمثال في القرآن هي تبسيط المعارف المعقولة والصعبة إلى مسائل سطحية ومحسوسة؛ كي يفهمها عامة الناس؛ إذ إن القرآن نزل لجميع الناس.
يرى المفسرون ضرورة ورود الأمثال القرآنية إلى جانب البراهين والجدال الأحسن والموعظة ليفهمه الناس. ورد أن الأمثال القرآنية لها أهداف تربوية، وقد ذكروا في هذه الصدد موارد منها الاهتمام بالقيم ومكارم الأخلاق، كما أن هناك نماذج للعيان في هذا الخصوص.
ويوجد اتجاهان حول الأمثال القرآنية: يعدها البعض أنها مجرد تشبية لتقريب المفاهيم المعقولة إلى الذهن إلى المخاطب، وفي قبال ذلك يعتقد آخرون أنّه لا توجد أي تشبية ومجاز في الأمثال القرآنية، والأمثال تكشف عن وجود المُثل لتلك المفاهيم، ويذهب المفسرون أن الأمثال في القرآن لها أقسام مختلفة سواء من ناحية الصراحة في بيان أداة التشبية وسواء من ناحية المشبة به وسواء من ناحية وجه الشبه.
وذُكرت للأمثال القرآنية خصائص منها "الشمولية والسعة"، و"السهولة وأنها واضحة ومفهومة". وقد ألفت كتب عديدة حول الأمثال في القرآن منها كتاب روضة الأمثال في الأمثال القرآن الكريم من تأليف أحمد بن عبد الله الكوزكناني النجفي.
الأمثال من الوجوه الخمسة في بيان القرآن
بناء على رواية عن النبي (ص) أن الأمثال في القرآن هي إحدى وجوهه،[١] ويرى الباحثون أن الأمثال القرآنية يمكن أن تؤدى أدوارا عديدة من الناحية العلمية والأخلاقية والتربوية، والاجتماعية و....[٢] يعد بعض الباحثين في القرآن أن الأمثال في القرآن هي إحدى مصاديق الإعجاز البياني له.[٣]ذ
إن الروايات الشيعية اهتمت بقضية الأمثال في القرآن، على سبيل المثال في حديث للإمام علي (ع) يشير إلى فائدة للأمثال في القرآن وأنها عبرة لأهل الاعتبار،[٤] وفي مكان آخر ذكرت الأمثال القرآنية إلى جانب الخصائص الأخرى للقرآن من قبيل الهداية وتبليغ الدين المبين.[٥]
وفي رواية عن الإمام الباقر (ع) أنّ القرآن نزل أربعة أقسام إحداها السنن والأمثال القرآنية،[٦] وفي حديث عن الإمام الصادق (ع) إن للأمثال القرآنية فوائد"فَأَنعِمُوا النَّظَرَ وَتَفكّروا فِي مَعانِيها وَلا تَمُرُّوا بِها".[٦]
دور الأمثال في معرفة مفاهيم القرآن
ذكر جوادي الآملي وهو من مفسر القرآن أن الرسالة العالمية للقرآن هو إبلاغ رسالته إلى جميع الناس حتى القيامة بأي وسيلة كانت، وبناء عليه إلى جانب البرهان والجدال الحسن والموعظة يعد الإتيان بالأمثال ضروريا لفهم الناس،[٧] وأورد العلامة الطباطبائي: "أن البيانات اللفظية القرآنية أمثال للمعارف الحقة الإلهية لأن البيان نزل في هذه الآيات إلى سطح الأفهام العامة التي لا تدرك إلا الحسيات".[٨]
ويستدل جوادي الآملي إلى الآية: "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا یَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ"،[٩] ويقول: إن المَثَل بمثابة جسر ينقل الإنسان من العلم الحسي إلى العلم العقل، ومن ثم يهديه من العلم العلقلي إلى العلم الشهودي القلبي.[١٠]
مفهوم الأمثال
علامه طباطبایی مَثَل را قصهای واقعی یا فرضی میداند که گوینده به دلیل شباهت آن با کلام خود به کار میبرد تا درک کاملتری در ذهن شنونده ایجاد کند.[١١] جوادی آملی خاصیّت مَثَل را در آن میداند که معارف معقول و سنگین را به سطح مطالب محسوس و سبک تنزل میدهد تا در سطح فهم همگان قرار گیرد.[١٢] به باور وی، تمثیل روش منطقی نیست و تنها برای آسانسازی تفهیم کاربرد دارد.[١٣]
يعتقد العلامة الطباطبائي أن المثل في الحقيقة قصة محققة أو مفروضة مشابهة لأخرى في جهاتها يؤتى بها لينتقل ذهن المخاطب من تصورها إلى كمال تصور الممثل. [١١] ويذهب جوادي الآملي أنّ من خصائص المَثَل تقريب المعارف المعقولة والصعبة إلى مستوى المعلومات المحسوسة والسهلة؛ كي يفهمه عامة الناس،[١٢] كما أنّه لم ير الأمثال أسلوبا منطقيا، وأنّها تستخدم للتبسيط وتسهيل الفهم.[١٣]
رأيان حول الأمثال القرآنية
يوجد اتجاهان لأصحاب الاختصاص حول مصداق الأمثال في القرآن، هما:[١٤]
- إنّ الأمثال في القرآن هي مجرد تشبيهات لتقريب الصورة إلى ذهن المخاطب.
- ليس هناك تشبيه أو مجاز في الأمثال القرآنية، بل الأمثال تأتي للتعبير عن وجود المُثل لتلك المفاهيم.
ويعتقد بعض مفسري الشيعة كالعلامة الطباطبائي،[١٥] وعبد الله جوادي الآملي،[١٦] وبعض مفسري أهل السنة كمحمد عبده[١٧] أنّ الآيات التي تتعلق بالمعاد والمبدأ كآيات خلق الإنسان، وسجود الملائكة وعصيان إبليس و... وإن كانت لها جذور تكوينية وحقيقية وغيبي’ وعلى الظاهر لها تعبير غير استعاري، لكن جميعها تحكي عن مثل لحقيقة مخفية وتكوينية، ويمكن أن تطلق عليها "الأمثال التكوينية".[١٨]
خصائص الأمثال القرآنية
ذكرت خصائص للأمثال في القرآن منها "الشمولية والسعة"، و"السهولة وأنها واضحة ومفهومة"، و"ترسيم المفاهيم ومنح الحيوية للألفاظ"، و"استخدام المظاهر الطبيعية وظواهرها".[١٩]
على سبيل المثال حول خصيصة "سهولة الأمثال القرآنية وأنها واضحة ومفهومة" شبّه دخول الكافرين إلى الجنة بولوج الجمل في سم الخياط حيث أنّه أمر محال،[٢٠] وشبّه الغيبة بأكل الإنسان لحم أخيه ميتة،[٢١] وشبّه من لم يعمل بعلمه بحمار يحمل أسفاراً[٢٢] (أي: كتب) في حين أنّه لا يعلم ما في الكتب.[٢٣]
اهداف و آثار تربیتی تمثیلات قرآن الأهداف التربوية للأمثال القرآنية
للأمثال القرآنية أهداف وآثار تربوية، وأنّها تربي الإنسان عن طريق الاهتمام بالقيم والمكارم الأخلاقية، وتجسد الحقائق الغيبية في صورة الأمور المحسوسة والملموسة، وتقدم نماذج للعيان، وتثير القوة الفكرية لدى المجتمع البشري، على سبيل المثال فيما يخص الهدف التربوي الذي يقوم على الاهتمام بالقيم أن الله شبّة في القرآن في الآية الـ 261 من سورة البقرة الإنفاق بحبة، لكن في قبال ذلك في سورة البقرة الآية الـ 164 شبّه الإنفاق المصطحب بالمن والأذى كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا (كحجارة صلبة عليها تراب أصابه وابل مطر (مطر غزير) فتركها في حين ليس عليها شيء من التراب).[٢٤] ويعد صاحب تفسير الميزان العلامة الطباطبائي أن الغاية من وراء الأمثال القرآنية في تفسير آية 39 من سورة الفرقان وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ هو التذكير والموعظة والإنذار.[٢٥]
كتب حول الأمثال القرآنية
هناك كتب عديدة ألفت في الأمثال في القرآن الكريم وتحت هذا المسمى وغيرها من التسميات، منها:
- روضة الامثال (فی الامثال القرآن الکریم)، تألیف احمد بن عبدالله الکوزکنانی النجفی، صدر سنة 1325 هـ.[٢٦] (وقد نوقش هذا الكتاب في مقالة لمحمد علي الكرماني تحت عنوان نقد و بررسی کتاب تفسیری «روضة الأمثال».[٢٧]
- روضة الأمثال في الأمثال القرآن الكريم من تأليف أحمد بن عبد الله الكوزكناني النجفي صدر 1325 هـ
- امثال قرآن، تألیف علی اصغر حکمت باللغة الفارسية. صدر هذا الكتاب عن بنياد قرآن (مؤسسة القرآن) في طهران.
- أمثال القرآن، تألیف اسماعیل اسماعیلی هذا الكتاب أُلف على غرار كتاب الإتقان للسيوطي
- تمثیلات قرآن، ویژگیها، اهداف و آثار تربیتی آن، تألیف حمید محمد قاسمي باللغة الفارسية من خصائص الكتاب أنه يتطرق إلى الأمثال القرآنية من البعد التربوي.
الهوامش
- ↑ الطوسي، الأمالي، 1414هـ، ص357.
- ↑ محمد قاسمي، تمثیلات قرآن، 1382ش، ص50.
- ↑ البيانوني، ضرب الأمثال في القرآن، د ت، ص39؛ السيوطي، معترك الأقران في إعجاز القرآن، د ت، ج1، ص464.
- ↑ التميمي الآمدي، غرر الحكم ودرر الكلم، 1410هـ، ص572.
- ↑ العياشي، تفسير العياشي، 1380ق، ص 7.
- ↑ ٦٫٠ ٦٫١ محمدی ریشهری، شناخت نامه قرآن، 1391ش، ج4، ص397.
- ↑ جوادی آملی، تسنیم، 1387ش، ج2، ص510.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، 1417ق، ج3، ص62.
- ↑ سورة العنكبوت، آية 43.
- ↑ جوادی آملی، تفسیر تسنیم، 1378ش، ج2، ص329.
- ↑ ١١٫٠ ١١٫١ الطباطبائي، الميزان، 1417ق، ج2، ص386.
- ↑ ١٢٫٠ ١٢٫١ جوادی آملی، تفسیر تسنیم، 1378ش، ج2، ص327.
- ↑ ١٣٫٠ ١٣٫١ جوادی آملی، تفسیر تسنیم، 1378ش، ج8، ص582.
- ↑ ينظر: جوادی آملی، تفسیر تسنیم، 1378ش، ج2، ص332.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، 1417ق، ج1، ص132–133.
- ↑ جوادي آملي، قرآن حکیم از منظر امام رضا، 1382ش، ج5، ص397
- ↑ رشید رضا، تفسیر القرآن الحکیم، 1366ق، ج2، ص190.
- ↑ ينظر: محمدی پارسا، «تأمّلی بر رویکرد تمثیلِ تکوینی در تبیین آیات خلقت انسان».
- ↑ ينظر: محمد قاسمي، تمثیلات قرآن، 1382ش، ص57–97.
- ↑ ينظر: سورة الأعراف، آية 40.
- ↑ سورة الحجرات، آية 12.
- ↑ سورة جمعة، آية 5.
- ↑ محمد قاسمي، تمثیلات قرآن، 1382ش، ص62.
- ↑ ينظر: محمد قاسمي، تمثیلات قرآن، 1382ش، ص127–128.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، منشورات اسماعيليان، ج15، ص218.
- ↑ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، 1408ق، ج11، ص288؛ «روضه الامثال»، سایت کتاب بدیا.
- ↑ ينظر: رضایی کرمانی، نقد و بررسی کتاب تفسیری «روضة الأمثال».
المصادر والمراجع
- البيانوني، عبد المجيد، ضرب الأمثال في القرآن، دمشق و بيروت، دار القلم و دار الشاميه، 1411هـ.
- الميداني، عبد الرحمن حسن حنبکه، امثال القرآن و صور من ادبه الرفيع، دمشق، دار القلم، 1412هـ.
- التميمي الآمدي، عبد الواحد بن محمد، غرر الحکم و درر الکلم، تصحيح مهدي رجائي، قم، دار الکتاب الاسلامي، چ2، 1410هـ.
- جوادي آملي، عبد الله، تفسير تسنيم، قم، نشر اسراء، 1378ش.
- جوادي آملي، عبد الله، دينشناسي، قم، نشر اسراء، 1390ش.
- جوادي آملي، عبد الله، قرآن از منظر امام رضا(ع)، قم، نشر اسراء، 1382ش.
- جوادي آملي، عبد الله، هدايت در قرآن، قم، نشر اسراء، 1388ش.
- جهانبخش، ثواقب، تشبيهات و تمثيلات قرآن، طهران، نشر قو، 1376ش.
- رشيد رضا، محمد، تفسير القرآن الحکيم (مشهور به تفسير المنار)، د م، بينا، 1366هـ.
- رضايي کرماني، محمدعلي، نقد و بررسي کتاب تفسيري «روضة الأمثال»، نشريه مطالعات تفسيري، دوره9، ش34، 1397ش.
- السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الاتقان في علوم القرآن، ترجمه سيّد مهدي حائري قزويني، طهران، مؤسسه انتشارات اميرکبير، 1363ش.
- السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، معترک الاقران في اعجاز القرآن، بيروت، دار الفکر العربي، د ت.
- الطباطبائي، سيد محمدحسين، الميزان، چاپ پنجم، قم، مکتبة النشر الاسلامي، 1417هـ.
- الطباطبائي، سيد محمدحسين، الميزان، ناشر منشورات اسماعيليان، د ت، د م.
- الطوسي، محمد بن حسن، الامالي، قم، دار الثقافة، 1414هـ.
- الطهراني، آقا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعه، قم و طهران، کتابفروشي اسلاميه و اسماعيليان، 1408هـ.
- العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العيّاشي، سيد هاشم رسولي محلاتي، طهران، المطبعة العلمية، 1380ق.
- محمدقاسمي، حميد، تمثيلات قرآن، قم، نشر اسوه، 1382ش.
- محمدي پارسا، عبد الله، «تأمّلي بر رويکرد تمثيلِ تکويني در تبيين آيات خلقت انسان»، دوره 15، ش3، مهر 1394ش.
- محمدي ريشهري، محمد، شناختنامه قرآن بر پايه قرآن و حديث، قم، دار الحديث، 1391ش.
- معرفت، محمد هادي، آموزش علوم قرآني، قم، مؤسسه فرهنگي انتشاراتي التمهيد، 1387ش.