مريم بنت عمران
والدة النبي عيسى(ع) وإحدى أفضل نساء الجنّة الأربعة | |
---|---|
تاريخ ولادة | 20 عاما قبل ولادة المسيح |
لقب | العذراء - البتول |
أولاد | النبي عيسى(ع) |
والدان | عمران - حنَّة |
ملاحظات | أشار القرآن الكريم إلى حياتها في سورة آل عمران وسورة مريم |
مريم بنت عمران، هي والدة النبي عيسى(ع)، وقد ولدته بالإعجاز الإلهي. وقد ذكر القرآن قصة حياتها من ولادتها حتى إنجابها لعيسى، كما أنّها بحسب ما ورد في المصادر الحديثية للشيعة والسنة إحدى أفضل نساء الجنة الأربعة، إلى جانب السيدة فاطمة والسيدة خديجة وآسية. وللسيدة مريم مكانة رفيعة في الإسلام والمسيحية.
مكانتها
تحظى مريم بنت عمران بمكانة سامية في الإسلام والمسيحية:
في الإسلام
ورد في القرآن الكريم إنَّ الله طهّر السيدة مريم واصطفاها على نساء العالمين،[١] وجعلها مَثَلاً للمؤمنين.[٢] كما يظهر من بعض الآيات القرآنية أنّ الملائكة تكلمت مع مريم.[٣] وإنَّ المرأة الوحيدة التي ورد اسمها في القرآن هي مريم.[٤] وقد نسب القرآن تربية مريم إلى الله تعالى، حيث يقول: ﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكفَّلَهَا زَكرِيا كلَّمَا دَخَلَ عَلَيهَا زَكرِيا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يا مَرْيمُ أَنَّيٰ لَك هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ﴾[٥]
وبحسب بعض التفاسير كانت الفواكة الصيفية متوفرة عند مريم في الشتاء، وكذلك الفواكة الشتوية في الصيف.[٦] وروي عن النبي(ص) في مصادر الشيعة والسنة أن مريم تعدّ - إلى جانب السيدة فاطمة، والسيدة خديجة، وآسية زوجة فرعون - أفضل نساء أهل الجنة.[٧] وذهب العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان إلى عصمة السيدة مريم، وذلك بالاستناد على الآية 42 من سورة آل عمران.[٨]
في المسيحية
وللسيدة مريم مكانة خاصة في اللاهوت المسيحي، وأُنشئ لها فرع خاص اسمه ماريولوجيا (Mariology) أو العلوم المريميّة، وهي دراسات لاهوتية حول شخصية السيدة مريم، حيث أصبحت الدراسة حول مريم موضع اهتمام في القرون الوسطى، واعتبروا لها مقاما أدنى من مرتبة الألوهية، وأعلى وأقدس من مرتبة الملائكة.[٩]
وفي بعض المجتمعات التی یقطنها المسيحيون كجزيرة العرب، كان الاعتقاد بالتثليث سائدا، وكانوا يعبدون مريم إلى جانب الله تعالى والنبي عيسى(ع)،[١٠] وقال بعض الباحثين إنّه وحتى القرن السادس عشر الميلادي كانت بعض المدن الأوروبية مشهورة بعبادة مريم العذراء.[١١] وقد أدان القرآن هذه العقيدة عند بعض المسيحيين، واعتبرها كفرا وشركا.[١٢]
كما أن فكرة عصمة السيدة مريم تم طرحها في القرون الوسطى، حيث أعلنت الكنيسة الكاثوليكية في سنة 1854م أنّ هذه الفكرة من التعاليم القطعية،[١٣] إلا أنّ الكنيسة الأرثوذكسية أنكرت عصمتها.[١٤]
حياتها
قيل أن السيدة مريم ولدت 20 عاما قبل ميلاد المسيح، ولكن لم يرد خبر عن محل ولادتها في المصادر المعتبرة.[١٥] اسم أبيها بحسب المصادر المسيحية «يواقيم»[١٦] وفي القرآن[١٧] والروايات الإسلامية «عمران»، وقد روي عن الإمام الباقر(ع) أنّ عمران كان من أنبياء بني إسرائيل.[١٨] وبحسب بعض المصادر يصل نسبه إلى النبي داود(ع).[١٩] توفي عمران قبل ولادة مريم.[٢٠] وذكرت المصادر الإسلامية أنّ والدة مريم هي حَنَّة بنت فاقود.[٢١]
ذُكرت في النصوص المسيحية ألقاب عديدة للسيدة مريم، منها: الحواء الجديدة، والعذراء المقدسة، وأمّ الإله، والشفيعة، وأمّ الفيض الإلهي، ومحلّ الحكمة، وصندوق العهد، وسيدة المصائب.[٢٢] وفي المصادر الإسلامية لُقّبت مريم بالعذراء، والبتول.[٢٣]
خدمتها في المعبد
ورد في المصادر الإسلامية أنّ حنة والدة مريم كانت عاقرا، ولم تنجب ولداً بعد زواجها ما يقارب ثلاثين عاماً،[٢٤] فدعت الله أن يرزقها ولدا، فاسُتجيبت دعوتها، وحملت بمريم، فنذرت لله - شكراً على هذه النعمة - أن يكون ولدها خادما لمعبد بيت المقدس. وقد أشار القرآن الكريم إلى نذر حنّة وقبوله من قبل الله تعالى.[٢٥]
بعد أن وُلدت مريم ذهبت بها والدتها إلى المعبد تنفيذا لنذرها، فاختلف الكهنة في كفالتها، فاقترعوا وخرج اسم زكريا(ع) في القرعة والذي كان بحسب بعض الأخبار زوج خالة مريم.[٢٦] وقد أشار القرآن إلى اختلاف الكهنة والاقتراع فيما بينهم.[٢٧]
فقام زكريا بتكفلها وتربيتها، وبعد إن بلغت رشدها، خصص لها في المعبد مكانا للعبادة،[٢٨] وكانت مريم عندما يأتي دورها لخدمة المعبد تقوم بالخدمة، وفي سائر أوقاتها تشتغل بالعبادة، وقد بلغت في عبادة الله إلى درجة أصبح يضرب بها المثل بعبادتها في بني إسرائيل.[٢٩]
ولادة عيسى
ذكر القرآن في سورة آل عمران الآيات 45 - 47 وكذلك في سورة مريم الآيات 16 - 36 قضية ولادة عيسى(ع). بحسب ما ورد في القرآن ظهر الملك الإلهي لمريم وبشّرها بولد لها:
- ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً * قَالَ كَذٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً.﴾[٣٠]
وجاء في إنجيل لوقا توصيف مشابه لما ذكره القرآن:
- فدخل إليها الملاك... فقال لها لا تخافي يا مريم... وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع.. فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا. فأجاب الملاك: الروح القدس يحلّ عليكِ، وقوة العليّ تظلّلكِ...[٣١]
وبالنسبة لمدة الحمل وردت عدّة أقوال: فذكروا من عدّة ساعات حتى عدّة شهور.[٣٢] وبعد هذه الفترة أنجبت مريم مولودها بجانب نخلة يابسة، وهزّتها بأمر الله فأثمرت وسقط عليها الرطب الطريّ، فأكلت منها مريم، ثمّ ذهبت مع مولودها إلى قومها، ونذرت بأمر الله أن تصوم صومَ الصمت ولا تجيب على مؤاخذة القوم.[٣٣]
تزوجت أو بقيت عذراء؟
اختلفت الفرق المسيحية هل تزوجت مريم بعد ولادة عيسى من يوسف النجار أو لم تتزوج وبقيت عذراء؟ وبالتالي هناك خلاف حول أولادها هل انحصر في عيسى أو لها أولاد آخرون، وقد ورد في إنجيل لوقا[٣٤] وإنجيل مَتّى[٣٥] ما يشير إلى إخوة عيسى وأخواته، بل ذكر إنجيل مرقس أسماءهم،[٣٦] لكن رغم ذلك رفض قسم من المسيحيين زواج مريم، كما أفتت الكنيسة منذ القرن الخامس بأن مريم بقيت عذراء حتى نهاية عمرها، ولم تتزوج من يوسف.[٣٧] وذهبت الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية أن المراد من الأسماء التي ذكرت في الكتاب المقدس بعنوان إخوة عيسى وأخواته هم أقرباؤه.[٣٨]
وفي الرؤية الإسلامية إن مريم حيث أنها كانت وَقفا لخدمة المعبد وكانت لا تخرج منه إلا للضرورة، فلا يصح قصة زواجها.[٣٩]
توفيت أو رفعت إلى السماء؟
كانت فكرة رفع مريم إلى السماء موجودة بين المسيحيين منذ العهود القديمة، فتحولت عبر العصور اللاحقة إلى قناعة عامة لديهم، بل عدّتها الكنيسة الكاثوليكية في القرن العشرين من العقائد الضرورية لهذه الكنيسة.[٤٠] واعترفت بها الكنيسة الأرثوذكسية، لكن لا مكانة لهذه الفكرة في الكنيسة البروتستانتية.[٤١] وذكر بعض المصادر المسيحية أن مريم توفيت عام 35م.[٤٢] عن عمر ناهض 51 عاما.[٤٣] ولا يعلم مدفنها.
ويظهر من رواية وردت في كتاب الكافي أنّ مريم توفيت قبل رفع عيسى إلي السماء، وتولى غسلها ولدها عيسى(ع).[٤٤]
الهوامش
- ↑ سورة آل عمران، الآية 42.
- ↑ سورة التحريم، الآية 12.
- ↑ سورة آل عمران، الآيات 42 - 45.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، 1390 هـ، ج 19، ص 345.
- ↑ سورة آل عمران، الآية 37.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج 2، ص 740؛ العروسي الحويزي، تفسير نور الثقلين، 1415 هـ، ج 3، ص 323.
- ↑ ابن عبدالبر، الاستيعاب، 1412 هـ، ج 4، ص 1822؛ المجلسي، بحار الأنوار، 1403 هـ، ج 8، ص 178.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، 1390 هـ، ج 3، ص 188؛ الآلوسي، روح المعاني، 1415ق، ج 2، ص 149.
- ↑ - K. Flinn, Frank, Encyclopedia of Catholicism, p.442
- ↑ مونتگمري وات، برخورد آراي مسلمانان و مسيحيان، ص 39.
- ↑ لين، تاريخ تفكر مسيحي، ص 277.
- ↑ سورة المائده، الآيات 17 و 72 و 73 و 116؛ سورة النساء، الآية 171.
- ↑ K. Flinn, Frank, Encyclopedia of Catholicism, p.442
- ↑ مولند، جهان مسيحيت، ص 53.
- ↑ - K. Flinn, Frank, Encyclopedia of Catholicism, p.441
- ↑ The Protevangelium Of James-The gospel Of Pseudo-Matthew
- ↑ سورة آل عمران، الآية 35.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، 1403 هـ، ج 14، ص 202.
- ↑ ابن كثير، البداية و النهاية، ج 2، ص 56.
- ↑ المقدسي، البدء والتاريخ، ج 3، ص 119.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، 1387 هـ، ج1، ص 585؛ ابن كثير، البداية و النهاية، ج 2، ص 56.
- ↑ - K. Flinn, Frank, Encyclopedia of Catholicism, p.444
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، دار المعرفة، ج 1، ص 337.
- ↑ این خلدون، تاريخ ابن خلدون، ج 1، ص 159.
- ↑ سورة آل عمران، الآيات 35 - 37.
- ↑ ابن كثير، البداية و النهاية، ج 2، ص 58؛ المجلسي، بحار الأنوار، 1403 هـ، ج 14، ص 202.
- ↑ سورة آل عمران، الآية 44
- ↑ المقدسي، البدء والتاريخ، ج 3، ص 119.
- ↑ ابن كثير، البداية و النهاية، ج 2، ص 58.
- ↑ سورة مريم، الآيات 17- 21.
- ↑ إنجيل لوقا، 1: 28- 34.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، 1403 هـ، ج 14، ص 225.
- ↑ علي بن إبراهيم، تفسير القمي، ج 2، ص 49.
- ↑ لوقا، 8: 19 - 20.
- ↑ إنجيل متى، 12: 46 - 47.
- ↑ إنجيل مرقس، 6: 3.
- ↑ Cross, F. L. (ed.), The Oxford dictionary of the Christian Church, p.1047
- ↑ ميشل، كلام مسيحي، ص67
- ↑ ویژگیهای مریم در منابع إسلامي (خصائص مريم في المصادر الإسلامية)، الموقع الرسمي لآية الله مكارم الشيرازي.
- ↑ Britannica Encyclopedia of World Religions, p.696
- ↑ مولند، جهان مسيحيت، ص 180.
- ↑ - K. Flinn, Frank, Encyclopedia of Catholicism, p.441
- ↑ ملطي، تاريخ مختصر الدول، ص66
- ↑ الكليني، الكافي، 1362 هـ ش، ج 1، ص 459.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم
- أناجيل لوقا و مرقس و متى
- الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم و السبع المثاني، التحقيق: علي عبد الباري عطيه، بيروت، دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون، 1415 هـ.
- ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية و النهاية، بيروت، دار الفكر، د. ت.
- ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق علي محمد البجاوي، بيروت، دار الجيل، 1412 هـ.
- ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، بيروت، دار المعرفة، د. ت.
- الطباطبايي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسه الأعلمي، ط 2، 1390 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دارالمعرفة، د. ت.
- الطبري، محمد بن الجرير، تاريخ الأمم والملوك، التحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط 2، بيروت، دارالتراث، 1387 هـ.
- العروسي الحويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، التحقيق: السيد هاشم رسولي المحلاتي، قم، إسماعيليان، ط 4، 1415 هـ.
- الملطي، غريغوريوس (ابن عبري)، تاريخ مختصر الدول، التحقيق: انطون صالحاني اليسوعي، ط 3، بيروت، دارالشرق، 1992م.
- القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، قم، دار الكتاب، 1404 هـ.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، طهران، دار الكتب اسلامية، ط 2، 1362 هـ ش.
- لين، توني، تاريخ تفكر مسيحي، الترجمة: روبرت آسريان، طهران، فرزان، 1380 هـ ش.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403 هـ.
- المقدسي، مطهر بن طاهر، البدء والتاريخ، بور سعيد، مكتبة الثقافة الدينية، د. ت.
- مولند، اينار، جهان مسيحيت، الترجمة: محمد باقر الأنصاري و مسيح مهاجري، طهران، أمير كبير، ط 2، 1381هـ ش.
- مونتگمري وات، ويليام، برخورد آراي مسلمانان و مسيحيان، الترجمة: محمدحسين آريا، دفتر نشر فرهنگ اسلامي، 1373 ه- ش.
- ميشل، توماس، كلام مسيحي، الترجمه: حسين توفيقي، قم، نشر جامعة الأديان، ط 3، 1387 هـ ش.
- ویژگیهای مریم در منابع إسلامي (خصائص مريم في المصادر الإسلامية)، الموقع الرسمي لآية الله مكارم الشيرازي، تاريخ الدرج 1392/11/23 هـ ش، تاریخ المراجعة 10 شعبان 1444 هـ.
- K. Flinn, Frank, Encyclopedia of Catholicism Facts on File, New York, 2007
- Cross, F. L. (ed.), The Oxford dictionary of the Christian Church, Oxford, 1997, 3rd ed.
- Britannica Encyclopedia of World Religions, Encyclopedia Britannica INC, 2006