الفرق بين المراجعتين لصفحة: «محمد حسين كاشف الغطاء»
imported>Abo baker |
imported>Abo baker |
||
سطر ٣١٩: | سطر ٣١٩: | ||
[[ملف:أصل الشيعة وأصولها.jpeg|تصغير]] | [[ملف:أصل الشيعة وأصولها.jpeg|تصغير]] | ||
كتاب [[أصل الشيعة و أصولها (كتاب) |أصل الشيعة وأصولها]] كتاب تاريخي كلامي يتمحور حول التعريف بنشأة [[التشيع |التشيع]] وخطوطه العامّة وأصوله الأساسية. وقد بذل [[محمد حسين كاشف الغطاء|الشيخ كاشف الغطاء]] جهوداً كبيرة للتعريف [[تاريخ التشيع |بتاريخ التشيع]] والأصول المجمع عليها بين [[:تصنيف:أعلام الطائفة |أعلام الطائفة]] مع ردّ الشبهات المثارة منزها [[التشيع]] مما اتهم به من [[الغلو]] وغيره من التهم التي لا تستند إلى أي ركيزة علمية. | |||
'''ومن الأمور''' التي بذل [[محمد حسين كاشف الغطاء|الشيخ]] جهودا لمعالجتها أنه حاول تغيير وجهة نظر بعض [[:تصنيف:علماء أهل السنة |علماء أهل السنة]] حول [[الإمامي|المذهب الإمامي]] [[الشيعة|الإثني عشري]]، متجنبا الخوض في المسائل التي تذكي نار الخلاف وتؤجج العداوة بين الأخوة المسلمين. | '''ومن الأمور''' التي بذل [[محمد حسين كاشف الغطاء|الشيخ]] جهودا لمعالجتها أنه حاول تغيير وجهة نظر بعض [[:تصنيف:علماء أهل السنة |علماء أهل السنة]] حول [[الإمامي|المذهب الإمامي]] [[الشيعة|الإثني عشري]]، متجنبا الخوض في المسائل التي تذكي نار الخلاف وتؤجج العداوة بين الأخوة المسلمين. |
مراجعة ٢١:٠٨، ٣٠ أبريل ٢٠١٥
محمد حسين بن علي بن محمد رضا بن موسى بن جعفر كاشف الغطاء المالكي، النجفي (1294- 1373 هـ ق). كان من أعلام مجتهدي الإمامية، وكبار الكتّاب، ومشاهير زعماء الدين ذوي النزعة الإصلاحية، الداعين إلى وحدة الأمة الإسلامية. وكان من روّاد الدراسات الأصولية والفقهية المقارنة في الحوزة النجفية. وضع ما يربو على ثمانين مؤلفاً في فنون مختلفة خاصة في التعريف بمذهب الشيعة وقد ترجم كتابه المعروف أصل الشيعة وأصولها إلى عدة لغات. كان شديد الحرص على وحدة المسلمين ومن المتحرقين لتوحيد الساحة الاسلامية وإيقاظ الأمّة من سباتها العميق. وما كانت حركته الحثيثة في التعريف بالتشيع وتسيلط الاضواء على معالمه الرئيسة الا من أجل دعم الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية.
اهتم كاشف الغطاء بالبعد الاجتماعي والسياسي كثيراً وكانت له مشاركة في مواجة الإنجليز في الحرب العالمية الاولى.
حياته وأسرته
ولد الشيخ محمد حسين بن علي بن محمد رضا بن موسى بن جعفر كاشف الغطاء في محلة العمارة في النجف الاشرف سنة 1294 هـ ق في وسط أسرة عريقة بالعلم والفقاهة وضمت بين جوانحها الكثير من الشخصيات العلمية الكبيرة[١] حيث كان جدّه آية الله الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى سنة 1228 هـ ق من أشهر أعلام الأسرة ومن كبار مراجع النجف ومبرزيهم في أوائل القرن الثالث عشر الهجري وهو الذي أعقب الكثير من الأبناء والأحفاد الذين تسنّموا ذروة العلم والفقاهة في العراق.
ومن أعلام الأسرة والده آية الله الشيخ علي كاشف الغطاء المتوفى سنة 1320هـ ق [٢] ومنهم أخوه الشيخ أحمد المتوفى سنة 1344 هـ ق الذي كان هو الآخر من مراجع التقليد في النجف الاشرف[٣] ، وقد أشرف أعلام أسرة آل كاشف الغطاء على مدرسة "معتمد" قرابة القرن تلك المدرسة التي كان مزدهرة بالحركة العلمية ومتألقة في العطاء الفكري إلا أن يد الخراب طالتها حتى جاء الشيخ محمد حسين ليعيد لها ألقها العلمي مرّة أخرى[٤] ومن المعالم العلمية المنسوبة إلى أسرة آل كاشف الغطاء المكتبة العامة "مكتبة مدرسة آل كاشف الغطاء" التي تعدّ من أكبر المكتبات العامة في الساحة النجفية والتي امتازت باحتوائها على نفائس المخطوطات وأروع الكتب المطبوعة.
عرف الشيخ بخلقه الحسن وتواضعه الجمّ وكان كثير الجلد والصبر على العناء والاجتهاد، فهو بالاضافة إلى كثرة مراجعيه والوقوف على بابه وخروجه للصلاة بالناس ظهرا وعشاء والقائه سلسلة من البحوث في كل مساء كان يرده الكثير من الرسائل من مختلف الاقطار الاسلامية وغير الاسلامية ومعظمها استفتاءات شرعية ومسائل اجتماعية وأدبية كان يقرؤها جميعا ويجيب عنها بنفسه وكان الكثير من تلك الاجوبة يكتبها على نفس الرسالة ويعيدها إلى صاحبها. ولم يكن الشيخ غافلا عن شؤون الطلبة عامة وتلامذته خاصة وقد بذل جهودا جبارة لترتيب شؤونهم الإدارية وتنظيم وضعهم القانوني[٥] [٦] .
المشاركة في الجهاد
استجاب الشيخ كاشف الغطاء لفتوى المرجع الكبير السيد محمد كاظم اليزدي في وجوب جهاد الانجليز فالتحق بساحات القتال جندياً مقاتلا فيها. وقد سجل بنفسه تلك الحوادث مشيراً إلى دور الانجليز، وانكسار المجاهدين، وانسحاب الجيش التركي من المعركة، كذلك اشار إلى ثورة أهالي النجف وكربلاء والحلة ومقتل المارشال الإنجليزي ومحاصرة النجف واحتلالها من قبل القوات الإنجليزية واعتقال بعض الثوار ونجاة البعض منهم من الإعدام وغير ذلك من الوقائع التاريخية التي عاشها العراق ودور الشيعة قبال تلك الواقع والاحداث الكبيرة[٧] .
أسفاره
تجشم الشيخ عناء الإسفار في سبيل خدمة الإسلام وجال في الأقطار العربية والإسلامية، ومن بين البلدان التي زارها إيران والهند وبلاد الشام ومصر. واتصل بكبار العلماء وقادة الفكر والسياسة، وألقى المحاضرات والخطب الملهبة، داعيا المسلمين إلى الوفاق وإلى اليقظة والنهوض. وكان يحظى بحفاوة كبيرة من قبل كبار الشخصيات العلمية والسياسية لتلك البلدان التي يزورها لما اتسم به من مقام علمي واجتماعي شامخ.
وقد زار الشيخ كاشف الغطاء إيران مرّات عديدة منها الزيارة التي حصلت سنة 1946 م والتي رفض فيها لقاء الشاه محمد رضا بهلوي الا أنه وفي زيارة الثانية التي حصلت بعد سنتين وافق– بعد إلحاح وإصرار من قبل الشاه نفسه- على اللقاء به وبالفريق رزم آرا ووزير المعارف في حينه[٨] وقد التقى حينها كلا من الشيخ عبد الكريم الحائري وآية الله الكاشاني والميرزا خليل كمره اي وأحمد الشاهرودي والسيد حسين القمي وكثيراً من كبار العلماء. وسافر إلى كل من بلاد الشام ومصر وفي عام 1350 هـ ق- 1931م عُقد المؤتمر الإسلامي في القدس الشريف. وبعد دعوات متكررة من لجنة المؤتمر توجّه في كانون الأوّل من تلك السنة إلى القدس وأتمّ به في الصلاة جميع أعضاء المؤتمر مع وجود كبار العلماء السنة منهم رشيد رضا والسيد محمد زبارة والشيخ نعمان الأعظمي ومفتي فلسطين أمين الحسيني مع إمام المسجد الاقصى[٩] ، وقد التقى في سفره هذا بكبار الشخصيات المؤثرة في الساحة السنية[١٠] .
مرجعية الشيعة
لم يتصد الشيخ كاشف الغطاء للمرجعية العامة للشيعة وإنما رجع إليه بعد وفاة كل من أخيه الشيخ أحمد آل كاشف الغطاء وآية الله السيد محمد كاظم اليزدي صاحب العروة الوثقى، ومع وجود مرجعية السيد أبو الحسن الاصفهاني، قلده بعضُ الشيعة في الهند وإيران وافغانستان ومسقط وبعض العشائر العربية في العراق.
وفاته
سافر الشيخ كاشف الغطاء من بغداد إلى كرند الواقعة بين كرمنشاه وخانقين قرب حدود العراق، صباح الجمعة 16 تموز 1954م– المصادق للخامس عشر من ذي القعدة 1373هـ بعد إن مكث في بغداد في مستشفى الكرخ شهراً واحداً لمعالجة التهاب غدّة البروستات. وانتقل إلى رحمة الله في كرند بعد صلاة الفجر يوم الاثنين 19 تموز 1954م– 18 ذي القعدة 1373هـ ونقل جثمانه إلى النجف الاشرف ودفن في وادي السلام بعد أن شيع تشييعا مهيبا اشترك فيه كبار الشخصيات واقيمت له مجالس التأبين في الكثير من المدن في إيران والعراق وباكستان ولبنان وغيرها من الدول الاسلامية[١١] .
حياته العلمية
التحق بحلقات الدراسة منذ أيام صباه حيث دخل الحوزة العلمية وهو في العاشرة من عمره مواصلاً دراسته ومنهمكا على تحصيل العلوم والمعارف الرائجة في زمانه كما هي الطريقة الجارية في النجف كالنحو والمنطق وعلوم البلاغة ولم يقتصر على الفقه والأصول بل شارك في جملة من الفنون كالحكمة والكلام والرياضيات كما توسّع في خصوص العربية من الشعر والنثر والخطب وغيرها. وقد لاحت عليه معالم النبوغ والذكاء في سن مبكرة حتى أنّه ألف كتاب "العبقات العنبرية" في ترجمة أسرة آل كاشف الغطاء وهو في الخامسة عشرة من عمره وحضر أبحاث الخارج فقها وأصولا عند كل من آية الله السيد محمد كاظم اليزدي وآية الله الآخوند الخراساني وهو في الثامنة عشرة من عمره.
اهتم بالاضافة إلى الفقه والأصول بالتفسير والفلسفة والعرفان حيث حظر عند أساتذة كبار في هذه الفنون بدأ بكتاب المشاعر والعرشية مرورا بالهداية ثم إلى الأسفار الأربعة للملا صدرا الشيرازي وشرح أصول الكافي وفصوص الحكم وديوان أشعار مولوي والجامي.
مشايخه وأساتذته
حضر الشيخ على أكثر مشاهير عصره من الأعلام ومراجع الدين الكبار في النجف الأشرف وممن حضر عنده: مصطفی التبريزي، الميرزا محمد باقر الإصطهباناتي، أحمد الشيرازي، علي محمد نجف آبادي، الملا علي أصغر المازندراني، الحاج آقا رضا الهمداني، محمد تقي الشيرازي والمحدث النوري[١٢] وكان شديد التأثر بأستاذه المحدث النوري معنويةً وأخلاقاً[١٣] .
اما في مرحلة الدراسات العليا المعروفة بأبحاث الخارج فقد حضر فقها وأصولا عند كل من آية الله السيد محمد كاظم اليزدي وآية الله الآخوند الخراساني.[١٤] حتى نال مرتبة الإجتهاد. وله شرح لكتاب العروة الوثقى لأستاذه السيد اليزدي يتألف من أربعة إجزاء ولعله أوّل شرح دوّن حول كتاب العروة الوثقى[١٥] .
تلامذته
تتلمذ على يديه الكثير من الاعلام والباحثين كالسيد محسن الحكيم وآية الله الشيخ محمد جواد مغنية وآية الله القاضي الطباطبائي (إمام جمعة تبريز السابق).
مؤلفاته
سجل ضراع الشيخ كاشف الغطاء ما يربو على ثمانين مؤلفاً في فنون مختلفة، لم يطبع الكثير منها. اتسمت كتبه بتوفرها على لغة أدبية رفيعة مما جلب اليها الكثير من القراء العرب ونالت اعجاب كبار الأدباء والشخصيات العلمية.
وقد توزعت كتبه على أكثر من فن من فنون المعرفة فقها واصولا وحكمة وسياسية ونقدا لبعض النظريات الحديثة كنظرية داروين[١٦] والتعريف باصول الشيعية ومعالم مذهبهم الاساسية في كتابه أصل الشيعة وأصولها. فضلاً عن تصحيح وتنقيح بعض الدواوين الأدبية لما امتاز به من شاعرية عالية فهو شاعر مفلق وقد نظم الكثير من القصائد الشعرية في ردّ شبهات المخالفين منها ردّه على قصيدة شكري الآلوسي حول الإمام صاحب الزمان (عليه السلام)[١٧] [١٨] . وسنحاول هنا استعراض عناوين مؤلَّفاته تلك، بأبوابها وعلومها المختلفة ، المطبوعة منها والمخطوطة:
مؤلفاته المطبوعة
أولا :
في الحكمة والكلام والأخلاق
- الدين والإسلام جزءآن
- أصل الشيعة وأصولها (1351 هـ ق)
- التوضيح في بيان ما هو الإنجیل ومن هو المسيح (۱۳۳۱ و۱۳۴۶هـ ق) جزءآن
- الفردوس الأعلى
- المحاورة بين السفيرين الامريكي والبريطاني(1373 هـ ق)
- الأرض والتربة الحسينية
- الخطبة التاريخية في القدس
- خطبة الباكستان
- المراجعات الريحانية جزءآن (1331هـ ق)
- الآيات البينات تشمل أربع رسائل في نقد آراء الوهابية والبابية (1345هـ ق)
- الميثاق العربي الوطني
- المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون
- نبذة من السياسة الحسينية
- الخطب الأربع
- خطبة الإتحاد والاقتصاد
- المواكب الحسينية (1345هـ ق)
- ميثاق الوطن العربي (1358هـ ق)
ثانيا:
في الفقه
- حاشية على التبصرة
- سؤال وجواب
- وجيزة الاحكام
- حاشية على سفينة النجاة للمرحوم أخية الشيخ أحمد
- حاشية على عين الحياة (فارسي )
- زاد المقلدين (فارسي)
- مناسك الحج عربي وفارسي
- حاشية على العروة الوثقى
- تحرير المجلة أربع مجلدات
- حاشية على مجمع الرسائل (فارسي)
ثالثا :
في الأدب
- تعليقات على ديوان السيد جعفر الحلي المعروف بسحر بابل وسجع البلابل
- تعليقات على ديوان السيد محمد سعيد الحبوبي
- مختارات من شعراء الأغاني
مؤلفاته المخطوطة
أولا :
في الحكمة والكلام والأخلاق
- الدروس الدينية
- حاشية على كتاب الأسفار لملا صدر الدين
- حاشية على العرشية ورسالة الوجود لملا صدر الدين
- الجزء الثالث والرابع من الدين والإسلام
ثانيا :
في الفقه والأصول
- شرح العروة الوثقى للسيد كاظم اليزدي
- حاشية على مكاسب الشيخ مرتضى الأنصاري
- دائرة المعارف العليا مجموعة فتاوى
- تنقيح الأصول
- حاشية على رسائل الشيخ مرتضى الأنصاري
- حاشية على الكفاية
- رسالة في الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية
- حاشية على القوانين
رابعا :
في الأدب والتفسير وغيرهما
- مغنى الغواني عن الأغاني مختصر الأغاني في ألف صفحة
- ديوان شعره
- نهزة السفر ونزهة السمر رحلته الأولى إلى سوريا ومصر
- تعليق على أمالي السيد المرتضى
- تعليق على أدب الكاتب
- تعليق على كتاب الوجيز في تفسير القرآن العزيز
- مجموعتان من المنتخبات الشعرية
- ترجمة حياته مفصلا بقلمه بعنوان (عقود حياتي) فقدت منة مع الأسف قبل وفاته بثلاث سنوات ومعها المجموع من شعره الذي نظمه في الكبر بعد سن الخمسين
- تعريب كتاب فارسي هيئة
- تعريب كتاب حجة السعادة في حجة الشهادة
- تعليقات على الفتنة الكبرى لطه حسين
- العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية في ترجمة أسرته
فكر كاشف الغطاء
اعتماد منهج الفقه المقارن
يظهر من خلال رصد النتاج الفقهي من قبل الشيخ آل كاشف الغطاء أن الفقهاء أهملوا الدراسات المقارنة للفقه فلم يعتنوا– باستثناء بعض المحاولات القديمة- برصد وجهات نظر وفتاوى علماء سائر المذاهب الاسلامية. بل كان فقهاء النجف يطرحون على سبيل المثال متنا فقهيا شيعياً ثم يشرعوا بدراسته شرحا وتنقيحا ونقدا، ولم يكن متعارفا قبل كاشف الغطاء رصد الآراء الفقهية لعلماء المذاهب الاخرى أو إختيار متن غير شيعي والتعليق عليه مقارنا لها بنتاجات الفقه الامامي. غير أن كاشف الغطاء قام بخطوة مهمة ورائدة في هذا المجال حيث اتخذ من كتاب "تحريرالمجلة" الذي يختص بالاحكام العدلية للدولة العثمانية– وكانت المجلة بَنَت موادها على ضوء الفقه الحنفي لأنه المذهب الرسمي للدولة العثمانية- محوراً للبحث والدراسة والنقد والتحليل فكانت حركته هذه خطوة رائدة في مجال الدراسات المقارنة بين المدرستين الحنفية والإمامية الإثني عشرية.
وتعد مجلة الأحكام العدلية القانون المدني للدولة العثمانية، فقد أقرتها لجنة متخصصة في الفقه وقواعده لصياغتها صياغة قانونية حتى يمكن اعتمادها في القضاء، وكان ذلك في عام 1869م من قبل الحكومة نفسها، وأقرّت موادها سنة 1876م، واحتوت على (1851) مادة، ثم أقرت للتدريس في كليات الحقوق حتى بعد انهيار الدولة العثمانية، ويعد هذا العمل أول تقنين للشريعة الاسلامية في العصر الحديث تلتها محاولات أخرى وإلى اليوم، وقد تصدى العلماء من الفقهاء وأهل القانون لشرح موادها، وظهرت عدة شروح لها وبدراسات مقارنة، ولكن لم يظهر شرح يبين رأي الإمامية في هذه المواد- التي أعدت على شكل قانون للبلدان التابعة للدولة العثمانية المترامية الأطراف وكانت المادة الدراسية في الكثير من جامعات القانون- إلا من قبل العلامة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء- رحمه الله- وبطلب من الشباب المؤمن من طلاب كلية الحقوق. وقد أشاد الشيخ كاشف الغطاء بالقيمة العلمية للكتاب مثنياً على الجهود الفقهية التي بذلها علماء سائر المذاهب الاسلامية وأنهم عملوا ذلك ابتغاء لوجه الله وأن سعيهم مشكور عند الله تعالى وسيثيبهم بكرمه ولطفه إن شاء تعالى[١٩] .
الإبداع والتجديد الفقهي
كان للشيخ كاشف الغطاء فتاوى ونظريات جديدة وإبداعية في أكثر من موضع، وتمثل نظرياته التجديدية هذه وفتاواه الابداعية النتاجَ الطبيعي لانفتاحه العلمي والإجتماعي وتواصله- بسبب كثرة أسفاره- مع الكثير من المدارس الفكرية والاجتماعية والسياسية وحواراته مع الكثير من الأعلام والشخصيات العلمية في شتى الاقطار الاسلامية وغير الاسلامية مع رصده للكثير من مشاكل العصر التي تعيشه الشعوب والمجتمعات وما تقتضية الحياة الاجتماعية المعاصرة.
إباحة الغناء والموسيقى
يمتاز بالجرأة العلمية في إعطاء الرأي الذي يراه قد ارتكز على الحجة ومساندة العقل. ومن بين النظريات الجرئية والفتاوى المثيرة للجدل التي اثارها إباحته الغناء المجرد عن الهوس والضوضاء كفن له قيمة، ولأنه أحد عناصر الحياة والمواهب التي يعسر على الكثير الوصول إليها، حيث قال: الغناء- سواء رافقته آلات الطرب "الموسيقى" أم لا - مباح ما لم يستخفف السامع إلى حد يخرج معه عن الكمال، فهو إذ ذاك غير مشروع[٢٠] .
نظرية تغيّر بعض الأحكام
كان يرى أنه اذا كانت في الإسلام أحكام لا ينبغي أن تتبدل وتتغير على مدى الأيام، فإن هناك أحكاماً تستلزم التبديل والتغيير إذا تطلبها العقل والمنطق والمستلزمات الشرعية ولكن الكثير من المجتهدين تعوزهم السليقة ليجروا مثل هذا التبديل والتغيير فتظل تلك الاحكام جامدة وبعيدة عن الهدف الذي يرمي إليه الشرع.
منح المرأة حق الطلاق
يعد الشيخ كاشف الغطاء أوّل فقيه أخذ الحق - حق الطلاق المفروض أن يكون " بيد من أخذ بالساق أي الزوج" من الرجال - وطلق الزوجة دون أخذ موافقة الزوج عندما قال: أنا أوّل من حكم بطلاق امرأة من زوج مسلول. لكونه رحمه الله يرى للفقيه الجامع للشرائط دائرة كبيرة من الصلاحيات لا يراها غيره من الفقهاء والمجتهدين.
ولعله أيضا استند في ذلك إلى قاعدة " نفي الحرج" المستفادة من قوله تعإلى: "ما جعل عليكم في الدين من حرج"[٢١] .
الاهتمام بحقوق المرأة
من مصاديق التجديد والابداع في فكر الشيخ كاشف الغطاء إهتمامه بحقوق المرأة ومنها دعوته المرأة المسلمة إلى تعلم القراء والكتابة وتربية الجيل الاسلامي تربية تؤهله لتحمل المسؤولية التي ستلقى على كاهله، مع وجوب إلتزامهن بحقوق الزوجية. ولا شك أن دعوته هذه كانت مهمة جداً أذا ما قورنت مع المكان والزمان الذي صدرت فيه؛ يضاف إلى ذلك دعوته الرجال المسلمين إلى احترام المرأة واعتبارها شريكتهم في الحياة ولها حقوق خاصة موازية لحقوق الرجل ينبغي الالتزام بها.
وكان رحمه الله يرى أنّ الله تعالى لم يحصر العقل والكمال بالرجال فقط مؤولا الروايات التي تذم عقول النساء بالعقل التجريبي الناشئ من الإنزواء وعدم المخالطة والمعاشرة الواسعة فقط، لا العقل الفطري الغريزي الذي يحمله الإنسان بما هو إنسان[٢٢] .
علم الكلام الجديد
يرى بعض الباحثين أنّ الشيخ كاشف الغطاء يعد من الشخصيات التي تمكنت من إحياء علم الكلام والعقائد بعد الركود الذي أصابه بعد القرن الخامس الهجري حيث كان الكثير من المتكلمين يكررون نفس المباحث العقائدية المطروحة سابقا ويعالجون مشاكل كانت قد عولجت من قبل.
الا أنّ كاشف الغطاء- وقبل قرن من الزمان تقريبا- بذل قصارى جهده لإيجاد حركة إحيائية وتجديدية في مجال علم الكلام ومعالجة قضايا كان لإهمالها الأثر في تزلزل عقيدة بعض المسلمين.
فقط ألف رحمه في عنفوان شبابه كتابه الموسوم بـ "الدين والاسلام" ضمّنه مباحث كلامية جديدة طبع قسمان منه وما زال القسمان الآخران في عداد المخطوطات. وقد تعرض الشيخ في كتابه هذا إلى الحديث عن فلسفة الدين وضرورة الدين مطلقا للبشر وإثبات الصانع والتوحيد والعدل وما يتعلق بهما؛ فيما استعرض أيضا بعض ما يذهب اليه الملحدون والماديون والمبشرون لغرض التشكيك بنبوة النبي الأكرم (ص) والحطّ من عقائد المسلمين. ومن هنا ذهب بعض الباحثين إلى القول بأنّ الشيخ كاشف الغطاء هو رائد هذه الحركة الكلامية الجديدة ولم يسبقه أي عالم من أعلام الطائفة الشيعية في هذا المضمار وإن سبقه من علماء العامّة محمد عبدة في كتابه رسالة التوحيد[٢٣] .
وحدة الأمة الاسلامية ويقظتها
كان كاشف الغطاء- وانطلاقا من معرفة بهموم المسلمين ومشاكلهم الخاصة والتي خلقها لهم المستعمرون من جهة وتفككهم الداخلي من جهة أخرى؛ ومعرفته بقوتهم الذاتية من جهة أخرى التي كان قد رصدها في رحلاته الكثيرة وأثناء اسفاره واللقاءات التي اجراها مع كبار الشخصيات السياسية والاجتماعية والعلمية- يعيش هم الوحدة والإتحاد الاسلامي والتقريب بين المذاهب فكان يرى أنّ من الواجب على الأمة الاسلامية أن ترجع إلى ذاتها.
وكان له رحمه الله حضور واسع فعال في الساحة السياسية والاجتماعية والعلمية، وكان متتبعاً لجميع الأحداث التي مرت على المسلمين من خلال مواقفه وكتاباته وأسفاره. وقد أثمرت حركته الوحدوية تلك الكثير من التقارب حتى الأديب العربي شكيب ارسلان وأحد رواد النهضة الاسلامية وتلميذ محمد عبدة (1869- 1946 م) كان يرى اقتداء علماء المذاهب الاسلامية بصلاة الشيخ كاشف الغطاء في المسجد الاقصى مؤشراً على ولادة الوحدة الإسلامية[٢٤] ، وقد التقى في سفره هذا إلى فلسطين بالكثير من العلماء والشخصيات السنيّة الفاعلة[٢٥] .
وكان لحركته هذه– كما صرح بذلك - الدور الفاعل في إحداث تحول في النظرة إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام[٢٦] وما أن عاد الشيخ إلى النجف الاشرف حتى زار النجف وفد هيئة علماء المسلمين في فلسطين منهم السيد محمد أمين الحسيني وتشرفوا بالحضور في المرقد الطاهر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام[٢٧] .
كتاب أصل الشيعة وأصولها
كتاب أصل الشيعة وأصولها كتاب تاريخي كلامي يتمحور حول التعريف بنشأة التشيع وخطوطه العامّة وأصوله الأساسية. وقد بذل الشيخ كاشف الغطاء جهوداً كبيرة للتعريف بتاريخ التشيع والأصول المجمع عليها بين أعلام الطائفة مع ردّ الشبهات المثارة منزها التشيع مما اتهم به من الغلو وغيره من التهم التي لا تستند إلى أي ركيزة علمية.
ومن الأمور التي بذل الشيخ جهودا لمعالجتها أنه حاول تغيير وجهة نظر بعض علماء أهل السنة حول المذهب الإمامي الإثني عشري، متجنبا الخوض في المسائل التي تذكي نار الخلاف وتؤجج العداوة بين الأخوة المسلمين.
يتوفر الكتاب على مقدمة مفصلة ثم الخوض في غمار أبحاث الكتاب وفصوله من قبيل الجذور التاريخية لنشأة التشيع واصول الدين عن الشيعة الإمامية، مع بيان رؤية الشيعة لكل من الصلاة والصوم والحج والزكاة والزواج المنقطع والقضاء والصيد والأطعمة والأشربة و.... فيما خص خاتمة الكتاب للحديث عن بعض الموضوعات التي تعدّ من الأبحاث الضرورية كالبداء والتقية.
صدرت الطبعة الأوّلى للكتاب سنة 1351هـ ق الموافق لسنة 1932م طبع صيدا.
الهوامش
- ↑ . آواي بيداري (ويژه نامه روزنامه جمهوري اسلامي)، فروردين ۱۳۷۲، ص۱۲.
- ↑ همان، ص۱۱ و ۱۹ و ۹۴.
- ↑ كاشف الغطاء، صص ۱۲۶ ـ ۱۲۷.
- ↑ ماضي النجف وحاضرها، ج ۱، ص۱۲۸ و ۱۲۹، ۱۵۲ ۱۵۳، ۱۶۳ و ۱۶۴؛ موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخليلي، ج ۶، ص۱۸۲؛ آواي بيداري، ص۳۳، ۳۲ ۳۴ و ۱۱۷
- ↑ شخصيت وانديشههاي كاشف الغطا، ص۸.
- ↑ موقع الحوزة الإلكتروني
- ↑ كاشف الغطاء، ۱۰۳ ـ ۱۰۹؛ و هشت دهه زندگي آيت الله شيخ محمد حسين كاشف الغطاء
- ↑ كاشف الغطاء، ۲۸۶.
- ↑ أمير شكيب أرسلان، ج۱، ص۱۹۳.
- ↑ كاشف الغطاء، ص۱۴۷.
- ↑ آواي بيداري، ص۱۵.
- ↑ كاشف الغطاء، ص۸۷؛ آواي بيداري، ص۱۲، ۱۵ و ۷۹؛ جنة المأوي، المقدمة
- ↑ آواي بيداري، ص۱۱۸.
- ↑ آواي بيداري، ص۷ و ۱۲.
- ↑ آواي بيداري، ص۳۱.
- ↑ هشت دهه زندگي آيت الله شيخ محمد حسين كاشف الغطاء
- ↑ كاشف الغطاء، ص۵۸
- ↑ راجع:مروري بر زندگاني علامه شيخ محمد حسين كاشف الغطا
- ↑ . راجع: منهج الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في كتابه تحرير المجلة العدد 148)؛ مروري بر زندگاني علامه شيخ محمد حسين كاشف الغطا
- ↑ راجع: مروري بر زندگاني علامه شيخ محمد حسين كاشف الغطا
- ↑ راجع: مروري بر زندگاني علامه شيخ محمد حسين كاشف الغطا
- ↑ راجع: مروري بر زندگاني علامه شيخ محمد حسين كاشف الغطا
- ↑ راجع: مروري بر زندگاني علامه شيخ محمد حسين كاشف الغطا
- ↑ لأمير شكيب أرسلان، ج۱، ص۱۹۳.
- ↑ كاشف الغطاء، ص۱۴۷.
- ↑ كاشف الغطاء، ۱۵۸.
- ↑ كاشف الغطاء، ۱۶۳ و ۱۶۴.
المصادر
- آل كاشف الغطاء، محمد حسين، عقود حياتي، تحقيق أمير الشيخ شريف الشيخ محمد الحسين آل كاشف، مدرسة ومكتبة الإمام كاشف الغطاء، الطبعة الأولى، النجف الأشرف، ۱۴۳۳هـ ق.
- آواي بيداري، ويژهنامه روزنامه[صوت الصحوة، ملحق صحيفة] جمهوري إسلامي، [شهر] فروردين ۱۳۷۲ هـ ش.
- أمير شكيب أرسلان، حاضر العالم الاسلامي، بيروت: دارالفكر، الطبعة الرابعة، ۱۹۷۳ م.
- موقع دائره المعروف طهور الإلكتروني
- مروري بر زندگاني علامه شيخ محمد حسين كاشف الغطا[إطلالة على حياة العلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء] موقع حوزه نت الإلكتروني.
- منهج الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في كتابه تحرير المجلة بقلم د. حسن كريم ماجد الربيعي، مجلة المسلم المعاصر، العدد 148
- هشت دهه زندگي آيت الله شيخ محمد حسين كاشف الغطاء [ثمانية عقود من حياة آية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء].
- هكذا عرفتهم، جعفر الخليلي، مطبعة الزهراء بغداد شارع المتنبي، 1963م