انفجارات البيجر في لبنان

من ويكي شيعة

انفجارات البيجر في لبنان سلسلة من الانفجارات المتزامنة وقعت في 17 سبتمبر سنة 2024م في لبنان وبعض المناطق في سورية، استهدفت في معظمها عناصر من حزب الله اللبناني عبر تفجير أجهزتهم اللاسلكية المعروفة بـ "البيجر" الأمر الذي راح ضحيته 37 شخصًا، في حين وصل عدد الجرحى أكثر من 3400 جريح كحصيلة أولية معظمهم مدنيّون، كما تعرّض السفير الإيراني في بيروت لجروح في هذه التفجيرات.

وتعدّدت الفرضيات حول كيفية وقوع هذه التفجيرات، حيث تحدّث بعض الخبراء والمحلّلين الأمنيين عن إمكانية وقوع عملية اختراق سيبراني، بينما ذكرت مصادر أمنية أنّ إسرائيل تمكّنت من تفخيخ هذه الأجهزة قبل وصولها إلى أيدي حزب الله لاستخدامها في وقت لاحق.

واتهم حزب الله إسرائيل بالوقوف وراء هذه التفجيرات وتوعدها بالرد، في حين أصدرت الحكومة الإسرائيلية تعليمات مشدّدة لأعضائها بالامتناع عن التصريحات الإعلامية حول الموضوع. وأثارت هذه الحادثة موجة من الإدانات الواسعة من قبل العديد من الحكومات والأحزاب والمنظمات الدولية.

تفاصيل الحادثة

عند الساعة الثالثة من عصر يوم الثلاثاء 17 سبتمبر سنة 2024م وقعت سلسلة من التفجيرات على رقعة واسعة من الأراضي اللبنانية، حيث امتدت من جنوب البلاد إلى شرقها ووسطها بما في ذلك الضاحية الجنوبية لبيروت،[١] كما شملت هذه التفجيرات مناطق من العاصمة السورية دمشق.[٢]

وذكرت وسائل الإعلام أنّ الانفجارات صدرت عن أجهزة اتصال لاسلكية والتي تُعرف بـ "أجهزة البيجر" التي تستخدم كوسيلة اتصال بدل الهواتف المحمولة تجنبّاً لعمليات الاختراق، حيث تعتمد هذه الأجهزة على موجات الراديو، ويصعب تعقبها واختراقها؛ ولذلك تَعمد بعض القوات الأمنية والعسكرية إلى استخدامها كبديل لأجهزة الاتصال الحديثة.[٣]

عملية تفجير أجهزة اللاسلكي

عقب تفجير أجهزة البيجر وقعت انفجارات متزامنة أيضاً في اليوم اللاحق عصر 18 سبتمبر/أيلول 2024م، استهدفت أعضاء وناشطين في حزب الله لبنان، عبر تفجير أجهزة اتصال لاسلكية من نوع "ويكي توكي آيكوم"، تختلف عن أجهزة البيجر التي تم تفجيرها في اليوم السابق.[٤]

وذكرت بعض المصادر الأمنية أنّ هذه الأجهزة تمّ شراؤها قبل أشهر من وقوع الحادث تزامناً مع شراء أجهزة البيجر. وألمحت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّ هذه الأجهزة هي جزء من شبكة بديلة لأجهز البيجر التي تمّ تفجيرها سابقاً. وطالت هذه التفجيرات مناطق عدّة من لبنان، بما في ذلك الضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك والجنوب.[٥]

المستهدفون والضحايا

استهدفت هذه الانفجارات بشكل رئيسي عناصر ومسؤولين في حزب الله اللبناني الذي -وفقاً لما ذكره مسؤولون أمنيّون- حصل مؤخراً على شحنة جديدة من هذه الأجهزة.[٦] وذكرت وسائل الإعلام أنّ حزب الله لم يكن يستخدم هذه الأجهزة على المستوى الأمني والعسكري بشكل خاص، بل أنها كانت موزّعة على جملة من شرائحه وتنظيماته المختلفة، الأمر الذي أدى إلى سقوط المئات من المدنيين.[٧] وأعلن حزب الله أنّ العملية أدت إلى استشهاد ثمانية من مقاتليه، إضافة إلى جرح عدد آخر،[٨] بينما كانت الغالبية العظمى من الضحايا والجرحى من غير العسكريين، حيث أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن وفاة 37 شخصاً بينهم طفلة عمرها 8 سنوات، وجرح ما لا يقل عن 3400 آخرين،[٩] كما ذكرت وسائل إعلام أنّ السفير الإيراني في بيروت أصيب أيضاً بجراح نتيجة هذه التفجيرات وتمّ نقله إلى المستشفى للعلاج.[١٠]

وفي اليوم التالي 18 سبتمبر/أيلول 2024م قُتل جراء سلسلة انفجارات أجهزة اللاسلكي 14 شخصاً وأصيب ما يقرب من 450 بجروح.[١١] وشمل الاستهداف الثاني جنازة تشييع بعض من سقطوا في تفجيرات اليوم السابق، وكذلك العاملين في القطاع الطبي التابع لحزب الله. وكذلك طالت منازل ومحال تجارية وسيارات وغير ذلك من المرافق المدنية.[١٢]

فرضيات الحادثة

تعدّدت الفرضيات والنظريات حول حقيقة ما حدث، حيث ذكرت مصادر مقربة من حزب الله لوكالة أسوشيتد برس أنّ أجهزة البيجر كانت تحتوي على بطاريات ليثيوم، ومن المحتمل أنها تعرّضت لتسخين زائد عبر عملية اختراق سيبراني.[١٣] إلا أنّ معلومات التحقيق الأولية أفادت باحتواء الأجهزة على كمية صغيرة من المتفجرات مزروعة مسبقاً ومجهزة للتفجير في مرحلة لاحقة، وهو ما ذهب إليه العديد من المحللين الأمنيين، سيما إدوارد سنودن عميل الاستخبارات الأمريكي السابق الذي فرّ إلى روسيا في وقت سابق، حيث ذكر في تغريدة له على منصات التواصل الاجتماعي ترجيحه لفرضية زرع المتفجرات من خلال اختراق ما يُعرف بسلسلة التوريد، أي قبل وصول الأجهزة إلى يد حزب الله.[١٤]

وأعلن مؤسس الشركة التايوانية المصنّعة لأجهزة البيجر المستخدمة في عمليات التفجير أنّ هذه الأجهزة تمّت صناعتها من قبل شركة في أوروبا لها الحق في استخدام العلامة التجارية لهذه الشركة.[١٥] في حين ذكرت وكالة رويترز أنّ الشرطة التايوانية بدأت تحقيقاً حول هذه الحادثة.[١٦]

ونقلت بعض الصحف العالمية عن مصادر مقرّبة من حزب الله أنّ بعض الأشخاص شعروا بسخونة في الأجهزة، فقاموا بالتخلص منها على الفور.[١٧] وقالت مصادر استخباراتية لوسائل إعلام عالمية أنّ هذه العملية تمت بالتنسيق بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الموساد، وأنّ إسرائيل كانت تنوي تنفيذ هذه العملية في سياق عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حزب الله، إلا أنها اضطرت لتسريع تنفيذ الهجوم بعد جمع معلومات تفيد بأنّ اثنين من عناصر حزب الله تمكنا من اكتشاف اختراق الأجهزة.[١٨]

وفي سياق متصل أشار بعض الناشطين إلى ما عبروا عنه "بالصدفة الغريبة"، حيث قامت مستشفى الجامعة الأمريكية في لبنان قبل الحادثة بفترة وجيزة باستبدال أجهزة البيجر لدى أطبائها وموظفيها، والتي تنتمي إلى ذات الفئة من الأجهزة التي تعرضت للانفجار. في حين نفت إدارة المشفى صلتها بالحادثة، وقالت بأنّ تغييرها للأجهزة جاء ضمن إجراء روتيني لتعزيز اتصالات الطوارئ لديها.[١٩]

ردود الأفعال على الحادثة

اعتبر حزب الله اللبناني هذا الهجوم عدواناً غادراً قامت به إسرائيل، ضمن سياق محاولاتها لثني المقاومة في لبنان عن نصرة إخوتها في فلسطين المحتلة، وتوعّد إسرائيل بالرد على هذا الهجوم.[٢٠] أما إسرائيل فالتزمت الصمت حيال ما جرى، وأوعز حزب الليكود الإسرائيلي الحاكم إلى أعضاء الحكومة بعدم الإدلاء بأية تصريحات حول الحادثة.[٢١]

وأعقب هذا الهجوم إدانات دولية وإقليمية ومحلية، فقد أدانت الأمم المتحدة، واستنكرت هذا الهجوم الذي طال أنحاء متعددة من لبنان، وذكرت منسقة الأمم المتحدة أنّ المدنيين لا ينبغي أن يكونوا هدفاً وفقاً للقانون الدولي.[٢٢] وأعرب الاتحاد الأوروبي عن إدانته لهذه التفجيرات التي أدت إلى سقوط عشوائي للضحايا بحسب تعبير مفوض السياسة الخارجية للاتحاد.[٢٣] كما أدانت العديد من الحكومات هذا الهجوم، حيث أدانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذه التفجيرات، وأعربت عن استعدادها لوضع إمكاناتها في خدمة الأخوة في لبنان،[٢٤] ووصل طاقم طبي إلى بيروت صباح اليوم التالي لتقديم المساعدة الطبية اللازمة.[٢٥] كما أرسل العراق طائرة محملة بالمساعدات الطبية معلناً تضامنه مع الأشقاء في لبنان.[٢٦] وأدانت فنزويلا وكوبا هذا الاعتداء الذي اعتبروه أسلوباً متطوراً من الإرهاب الذي تمارسه الحكومات المعادية في الشرق الأوسط.[٢٧] وأدان وزير الخارجية الأردني هذا الهجوم واعتبره تهديداً لأمن لبنان واستقراره.[٢٨] كما أصدر مفتي سلطنة عمان بياناً أعرب فيه عن أسفه لهذه الخطوة الجائرة التي أقدمت عليها الصهيونية الغادرة.[٢٩]

وأدانت أيضاً وزارة الخارجية اليمنية في حكومة أنصار الله هذا العدوان، وعبرت عن تضامن اليمن مع لبنان ضد العدوان.[٣٠] كما أدانت حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي هذه العملية، إضافة لبقية الفصائل الفلسطينية كلجان المقاومة في فلسطين وحركة المجاهدين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.[٣١]

تبعات الهجوم

على وقع هذه التفجيرات ألغت العديد من شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى الكيان الصهيوني خوفاً من التصعيد في المنطقة.[٣٢] كما طالبت سلطات الكيان المحتل مواطنيها بالبقاء قرب الملاجئ حتى إشعار آخر خشية وقوع ردّ من حزب الله على تلك الهجمات.[٣٣]

وأعلن رئيس الوزراء اللبناني عن رفع شكوى لمجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل نتيجة هذا الهجوم،[٣٤] كما طالبت إيران المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه العدوان الإسرائيلي على لبنان،[٣٥] وحملت الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية عن هذه الهجمات.[٣٦]

الهوامش

  1. ما هو جهاز "بيجر"، وكيف حدثت الانفجارات؟، موقع BBC العربي.
  2. 9 قتلى و2750 جريحًا في انفجار أجهزة "البيجر" وحزب الله يحمل إسرائيل المسؤولية: "العدو سينال قصاصه"، موقع يورو نيوز.
  3. ماذا نعرف عن جهاز "البيجر" الذي اخترقته إسرائيل بلبنان ودمشق وأصاب نحو 2800 مدني ومن عناصر حزب الله؟، موقع يورو نيوز.
  4. 14 قتيلا و450 جريحا بانفجارات جديدة لأجهزة اتصالات لاسلكية بلبنان، موقع الجزيرة.
  5. غداة هجوم "البيجر".. موجة تفجيرات أجهزة لاسلكية أخرى تضرب لبنان، موقع الحرة.
  6. نيويورك تايمز: إسرائيل فخخت أجهزة اتصال طلبها حزب الله من شركة تايوانية، موقع الجزيرة.
  7. حزب الله: انفجار أجهزة “بايجر” كانت لدى عدد من العاملين في الحزب والأجهزة المختصة تقوم بالتحقيقات، موقع قناة المنار؛ خبير عسكري لـ "إرم نيوز": ضربة "البيجر" طالت كوادر الدعم اللوجستي لحزب الله، موقع إرم نيوز.
  8. حزب الله ينعى عددا من شهدائه في تفجير الاحتلال أجهزة الاتصال بلبنان، موقع عربي 21.
  9. «Weaponising ordinary devices violates international law: UN rights chief»، business-standard.
  10. إصابة السفير الإيراني لدى لبنان في انفجار جهاز اتصال محمول، البوابة السويسرية للمعلومات.
  11. وزارة الصحة اللبنانية: مقتل 14 شخصا وإصابة أكثر من 450 آخرين في موجة التفجيرات الجديدة، موقع روسيا اليوم.
  12. غداة هجوم "البيجر".. موجة تفجيرات أجهزة لاسلكية أخرى تضرب لبنان، موقع الحرة.
  13. خاص للجزيرة: حزب الله استورد أجهزة الاتصالات المفجّرة قبل 5 أشهر، موقع قناة الجزيرة.
  14. "متفجرات أم تسخين الليثيوم؟".. استخباراتي أمريكي سابق يقدم روايته عن سبب انفجار "بيجر" حزب الله، موقع روسيا اليوم.
  15. مؤسس شركة غولد أبولو التايوانية يقول إن الأجهزة التي أصابت أكثر من 2,700 شخص في لبنان صنعتها شركة في أوروبا، موقع BBC العربي.
  16. نيويورك تايمز: إسرائيل فخخت أجهزة اتصال طلبها حزب الله من شركة تايوانية، موقع الجزيرة.
  17. عناصر بـ«حزب الله» تخلصوا من أجهزتهم قبيل انفجارها بعدما شعروا بسخونتها، صحيفة الشرق الأوسط.
  18. المونيتور: شكوك عنصرين من حزب الله دفعت إسرائيل إلى تعجيل تفجيرات البيجر، موقع الجزيرة.
  19. مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت ينفي صحة “شائعات” تربطه بالتفجيرات، صحيفة القدس العربي.
  20. المقاومة الاسلامية: حساب ‏عسير يجب أن ينتظره العدو المجرم على مجزرته وما حصل سيزيدنا إصراراً على المضي في طريق الجهاد، موقع المنار.
  21. تفجيرات البيجر.. ما الذي جرى في لبنان؟ 8 نقاط تشرح الحدث، موقع الجزيرة.
  22. الأمم المتحدة تستنكر وقوع هجوم في لبنان أدى إلى قتلى ومصابين وتدعو إلى الهدوء، موقع الأمم المتحدة.
  23. الاتحاد الأوروبي يدين تفجيرات البيجر في لبنان، موقع روسيا اليوم.
  24. إيران تدين العدوان الإسرائيلي: مستعدون لوضع إمكاناتنا الصحية في خدمة لبنان، موقع الميادين.
  25. تضامن عربي وإسلامي.. متطوعون ومساعدات طبية تصل إلى لبنان إثر تفجيرات "بيجر"، وكالة TRT العربية.
  26. وصول طائرة مساعدات عراقية إلى بيروت تضمّ أكثر من 15 طنًا و20 طبيبًا وعاملاً صحيًا، موقع المنار.
  27. فنزويلا وكوبا تدينان العدوان الإسرائيلي على لبنان: تصعيد خطير يهدد المنطقة، موقع الميادين.
  28. ردود فعل منددة.. ما هي فرضيات تفجير أجهزة "بيجر" في لبنان؟، موقع تلفزيون العربي.
  29. مفتي سلطنة عمان عن انفجارات البيجر في لبنان: خطوة جائرة أقدمت عليها الصهيونية الغادرة، موقع روسيا اليوم.
  30. صنعاء تدين العدوان الإسرائيلي على لبنان: سيزيد حزب الله عزماً وإصراراً، موقع الميادين.
  31. فصائل المقاومة الفلسطينية تدين العدوان الاسرائيلي على لبنان بتفجير أجهزة “البايجر”، موقع المنار.
  32. بعد "تفجيرات بيجر".. شركات طيران دولية تلغي رحلاتها لإسرائيل، وكالة الأناضول للأنباء.
  33. رئيس مستوطنة بشمال إسرائيل يدعو السكان للبقاء قرب الملاجئ، وكالة الأناضول للأنباء.
  34. مجلس الأمن ينعقد غداً بطلب من لبنان.. وإجتماع أميركي-أوروبي في باريس اليوم، موقع لبنان 24.
  35. إيران: يجب محاسبة الكيان الإسرائيلي على جريمته الشنيعة في لبنان، وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء.
  36. إيران: الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عن أعمال إسرائيل الإرهابية، موقع روسيا اليوم.

المصادر والمراجع