اغتيال السيد حسن نصر الله هي عملية وقعت إثر قصف النظام الصهيوني لمكان إقامة السيد حسن نصر الله، الأمين العام الثالث لحزب الله اللبناني في ضاحية بيروت الجنوبية، في 27 أيلول/سبتمبر 2024م، وأدت إلى استشهاده. استخدمت إسرائيل ما بين 80 إلى 85 قنبلة خارقة للتحصينات زنة كل واحدة منها طنًا أو طنين من المتفجرات ومن صنع الولايات المتحدة في قصف مقر حزب الله في ضاحية بيروت. ورغم ذلك قيل إنّ جثة السيد حسن نصر الله كانت سليمة وأنّ سبب وفاته كان صدمة من جراء الانفجار أو استنشاق الغازات السامة الناجم عن القصف.

اغتيال السيد حسن نصر الله
موقعضاحية بيروت الجنوبية
تاريخ27 أيلول/سبتمبر 2024م
السببحرب لبنان الثالثة
النتائجشهادة السيد حسن نصر الله، والقائد علي كركي، والسيد عباس نيلفروشان، وآخرين
التأثيراتعملية الوعد الصادق 2، وهجمات متعددة من قبل حزب الله على إسرائيل
الردودإدانة الكيان الصهيوني من قبل مختلف حركات المقاومة والحكومات والأحزاب والشخصيات، إضافة إلى خروج تظاهرات شعبية في مختلف أنحاء العالم
ذات صلةمعركة طوفان الأقصى

قضى السيد نصر الله معظم حياته في مقاومة العدو الإسرائيلي، وفي عهد توليه للأمانة العامة لحزب الله حقق انتصارات متعددة على النظام الصهيوني، ولهذا السبب، اعتُبر نصر الله أحد أهداف قائمة الاغتيالات لدى إسرائيل، وقد تعرّض مرات عديدة للتهديد ومحاولات اغتيال فاشلة على يد هذا النظام. وبعد عملية طوفان الأقصى وإعلان حزب الله وقوفه إلى جانب قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية في تلك المعركة؛ قامت إسرائيل باغتيال العديد من قادة المقاومة الإسلامية في لبنان، وكان أبرزهم السيد حسن نصر الله.

أثار اغتيال واستشهاد السيد حسن نصر الله ردود فعل كثيرة. فقد أدان قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومراجع التقليد وحركات المقاومة وبعض المسؤولين وحكومات دول مختلفة مثل إيران وروسيا والعراق واليمن وكوبا وفنزويلا اغتيال السيد حسن وأعربوا عن تعازيهم. كما أدانت شعوب مختلف البلدان هذا الاغتيال من خلال مظاهرات وتجمعات، أعربوا خلالها عن دعمهم لحزب الله اللبناني. كما أقيمت مراسم تأبين وعزاء في العديد من الأماكن حول العالم سيّما الأماكن الدينية مثل مقامات أهل البيت (ع). ويوم الجمعة 4 تشرين الأول/أكتوبر 2024م أقيمت مراسم تأبينية من قبل السيد علي الخامنئي، قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في مصلى الجمعة بطهران قبل إقامة صلاة الجمعة بإمامته، بحضور رسمي وشعبي مليوني.

ورداً على اغتيال السيد حسن نصر الله وإسماعيل هنية، أطلق حرس الثورة الإسلامية الإيرانية في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024م 200 صاروخًا على مختلف القواعد العسكرية والأمنية الإسرائيلية. كما نفذ حزب الله اللبناني عدة هجمات على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

مكان اغتيال السيد نصر الله

خلفيات عملية الاغتيال

 
السيد حسن نصر الله مع السيد علي الخامنئي وقاسم سليماني

كان السيد حسن نصر الله - الأمين العام الثالث لحزب الله اللبناني - أحد أهداف الاغتيال لدى إسرائيل، ويقال إنه كان يعيش متخفّياً منذ عام 2006م بسبب تهديده بالاغتيال من قبل القوات الإسرائيلية.

تمّ انتخاب السيد حسن، بعد استشهاد السيد عباس الموسوي في 16 فبراير/شباط 1992م بالإجماع أميناً عاماً لحزب الله اللبناني، واستمر في هذا المنصب حتى اغتياله عام 2024م. وتحوّل حزب الله إلى قوة إقليمية في عهده. وقد حقق عدّة انتصارات على النظام الصهيوني، كان أهمها تحرير جنوب لبنان عام 2000م، وحرب الـ 33 يوماً عام 2006م، وهزيمة الجماعات الإرهابية عام 2017م. كما اعتُبر دور السيد حسن أساسياً وجوهريًا في إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين واستعادة جثث المقاومين من إسرائيل عام 2004م. وقد دخل حزب الله النشاط السياسي في عهد أمينه العام السيد حسن، ودخل بعض أعضائه إلى مجلس النواب اللبناني.

وكان السيد حسن نصر الله، بصفته أميناً عاماً لحزب الله اللبناني، يتمتع دائماً بعلاقات وثيقة مع محور المقاومة. وكانت تربطه تحالفات مع القادة في إيران والجماعات الفلسطينية المسلحة مثل حماس.

دعم حماس وشعب غزة

بعد عملية طوفان الأقصى التي انطلقت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024م، والمجازر التي استهدفت سكان قطاع غزة من قبل إسرائيل، أعلن حزب الله اللبناني عن إطلاق معركة إسناد قطاع غزة، والتي كان يستهدف خلالها مواقع الجيش الإسرائيلي شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة. أدى دعم حزب الله والسيد حسن نصر الله لحركة حماس والشعب الفلسطيني إلى تفاقم الصراع بين حزب الله وإسرائيل. وبحسب قناة العالم، فإنّ حزب الله نفّذ أكثر من 1038 عملية نصرة لفلسطين وحماس ضد إسرائيل خلال 133 يومًا فقط عقب طوفان الأقصى، وفي المقابل، شنّ الجيش الإسرائيلي هجمات عديدة على لبنان وسورية واغتال عدداً من عناصر حزب الله وقادته. كما قامت إسرائيل بتفجير أجهزة استدعاء (بيجر) تابعة لحزب الله ما أدى لاستشهاد وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف من عناصر حزب الله والمدنيين اللبنانيين. ومع استمرار وتصاعد حدّة الصراع، هاجمت إسرائيل مقرّ قيادة حزب الله في بيروت يوم الجمعة 27 أيلول/سبتمبر 2024م، ما أدى إلى استشهاد السيد حسن نصر الله المسؤول الأعلى في حزب الله، وعلي كركي أحد قادة حزب الله في لبنان، والسيد عباس نيلفروشان أحد قادة الحرس الثوري الإيراني ومستشاره في لبنان. واستشهد أيضاً في هذا الانفجار 11 شخصاً آخرين، وأصيب أكثر من مائة بجروح. وأكد حزب الله اللبناني استشهاد السيد حسن نصر الله في بيان له يوم الأحد 27 أيلول/سبتمبر 2024م.

استخدام قنابل أمريكية خارقة للتحصينات

 
السيد نصر الله مع إسماعيل هنية (إلى يمين السيد حسن) وجمع من قيادات حماس

وفقًا لبعض وسائل الإعلام - مثل قناة الجزيرة - ونقلاً عن وسائل الإعلام الإسرائيلية، استخدم النظام الصهيوني حوالي 85 قنبلة خارقة للتحصينات تحوي كل منها 2000 إلى 4000 رطل (900 إلى 1800 كغ) من المتفجرات في قصف ضاحية بيروت يوم 27 أيلول/سبتمبر 2024م. وجاء في بعض وسائل الإعلام مثل محطة سي إن إن الأمريكية (CNN) أنّه تم إسقاط 80 قنبلة. وقال خبراء سي إن إن، استنادًا إلى مقاطع الفيديو وصور الأقمار الصناعية، إن إسرائيل استخدمت 2000 رطل (900 كجم) من قنابل اختراق التحصينات المصنوعة أمريكياً من طراز BLU-109 في اغتيال السيد نصر الله. في حين ذكرت وكالة أنباء هندوستان تايمز (Hindustan Times) أنّ القنابل كانت من نوع مارك 84 أمريكية الصنع، وتزن حوالي 900 كيلوغرام. ونقلت الجزيرة عن صحيفة الواشنطن بوست أنّ القنابل المستخدمة كانت من صناعة أمريكية. ويجدر بالذكر أنّ اتفاقية جنيف الدولية قد حظرت استخدام هذا النوع من القنابل.

وبحسب التقارير الإخبارية، فإن جثمان السيد حسن نصر الله كان سليماً عقب الانفجار، وأنّ وفاته كانت ناجمة عن صدمة أو ارتطام من جراء الانفجار، أو بسبب استنشاق الغازات السامة الناجمة عن القصف.

ردود الفعل

 
مراسم جمعة النصر في طهران في إحياء لذكرى السيد نصر الله، 4 تشرين الأول/أكتوبر 2024م

أثار اغتيال واستشهاد السيد حسن نصر الله ردود فعل متعددة. حيث أصدرت العديد من الشخصيات البارزة بيانات تعزية بهذه الحادثة ومنهم السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، ومراجع التقليد مثل السيد علي السيستاني والشيخ ناصر مكارم الشيرازي، والشيخ حسين نوري الهمداني، والشيخ جعفر السبحاني، والسيد موسى شبيري الزنجاني، والشيخ عبد الله جوادي الآملي، والشيخ بشير حسين النجفي، والشيخ حسين وحيد الخراساني، والسيد ساجد علي النقوي، ورئيس مجلس علماء الشيعة الباكستانيين، بالإضافة إلى جامعة المدرسين في حوزة قم، والمجمع العالمي لأهل البيت  .

كما أدانت هذه العملية حكومات وجهات رسمية وشعبية مختلفة مثل إيران وروسيا والعراق واليمن وكوبا وفنزويلا، وحركات المقاومة مثل حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، وحركة أنصار الله اليمنية، وحركة فتح، وعصائب أهل الحق، وحركة أمل اللبنانية، والسيد عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة الوطني العراقي، ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في العراق، وحزب الجماعة الإسلامية الباكستاني. كما أصدر حزب جمعية علماء الإسلام الباكستاني بيانًا يعزي فيه باستشهاد السيد حسن ويدين الهجمات الإسرائيلية.

وأعلن الحداد العام لمدة خمسة أيام في إيران، وثلاثة أيام في كل من لبنان وسورية والعراق واليمن. وعلّقت الحوزات العلمية في إيران دروسها يوم الأحد 27 أيلول/سبتمبر 2024م، وتجمع الطلاب ورجال الدين وخرجوا في مسيرات لإدانة جرائم النظام الصهيوني. كما أُغلقت جميع دور السينما والمسارح في إيران.

ونظمت شعوب دول مختلفة مثل إيران، والباكستان، واليمن، والأردن، والمغرب، والضفة الغربية (فلسطين)، والبحرين والعراق مسيرات ومظاهرات لإدانة اغتيال السيد حسن ودعم حزب الله.

ونعى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان استشهاد السيد حسن نصر الله، واعتبر أنّ الأوامر بهذا الهجوم الإرهابي قد صدرت من نيويورك، وقال إنّ أمريكا لا تستطيع أن تبرئ نفسها من التواطؤ مع النظام الصهيوني.

وقد أذيع خبر استشهاد السيد نصر الله في بعض مراقد الأئمة مثل مرقدي الإمام الرضا (ع) والإمام علي (ع). كما تم تبديل راية مقام الإمام الرضا (ع) ومقام السيدة المعصومة (ع) براية سوداء.

مراسم تأبين

أقيمت مراسم تأبين ومجال عزاء للسيد حسن نصر الله عقب اغتياله في دول مختلفة مثل ماليزيا، والهند، وكشمير، وأوغندا، وروسيا، والصين، وفرنسا، والبرازيل، وتركيا، ولبنان، والعراق. وفي مدن مختلفة من إيران والباكستان (مثل إسلام آباد، كراتشي، بالتستان). وفي مقامات مختلفة أيضاً مثل مقام الإمام الحسين (ع)، ومقام الإمام الرضا (ع)، ومقام السيدة المعصومة (ع) في قم، ومقام السيدة زينب (ع) في دمشق، وفي الحوزة العلمية في النجف وقم.

 
السيد حسن نصر الله إلى جانب قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس

وأقيمت مراسم تأبينية رسمية يوم الجمعة 4 تشرين الأول/أكتوبر 2024م في مصلى طهران قبيل صلاة الجمعة بحضور السيد علي الخامنئي قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحضور رسمي وشعبي مليوني. وقد أقيمت هذه المراسم برعاية آية الله الخامنئي، وأصبح هذا اليوم يعرف باسم "جمعة النصر" في إيران. وقد تحدث آية الله الخامنئي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة باللغة العربية حول أوضاع لبنان وغزة، واعتبر فيها أنّ أهم رسالة للسيد نصر الله هي عدم اليأس والقنوط وعدم التردد في طريق النضال.

كما تمّ إجراء تشييع رمزي للسيد نصر الله في مقامي الإمام علي (ع) والإمام الحسين (ع) والكاظمية ببغداد وبعض مدن العراق الأخرى. وأقيمت صلاة الغائب على روحه في بعض مدن الباكستان مثل كراتشي وإسلام أباد ولاهور.

تبعات الاغتيال

كان لاغتيال واستشهاد السيد حسن نصر الله تبعات عدّة، منها ما يلي:

  • أعلن الحرس الثوري الإيراني في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024م عن عملية الوعد الصادق الثانية بإطلاق 200 صاروخ على قواعد عسكرية وأمنية في إسرائيل ردّاً على اغتيال السيد حسن نصر الله وإسماعيل هنية (الذي اغتيل في طهران 31 يوليو/تموز 2024م). وفي هذا الهجوم، تم استهداف مقر الموساد، وقاعدة نيفاتيم الجوية المربض الرئيسي لمقاتلات F35، وقاعدة هاتساريم الجوية التي انطلقت منها عملية اغتيال السيد نصر الله، كما تم استهداف رادارات التوجيه ومراكز تجميع الدبابات وناقلات الجند، وقاعدة تل نوف. وجاء في بيان الحرس الثوري أنّ 90% من الصواريخ أصابت الأهداف بنجاح.
  • بعد اغتيال السيد نصر الله، شنّ حزب الله اللبناني عدة هجمات على إسرائيل. كان منها استهدافه بالصواريخ لقاعدة المخابرات العسكرية 8200، ومقر جهاز التجسس الإسرائيلي.
  • وكان من نتائج وتبعات اغتيال السيد نصر الله إثبات أنّ النظام العالمي لا يقوم على أساس حقوق الإنسان، وأنّ المؤسسات والمنظمات الدولية لا تملك القدرة على وقف القتل والإرهاب الذي يمارسه النظام الصهيوني.
  • وعلى المستوى الدولي، ثبت ضعف دور المنظمات الدولية والإقليمية في تطورات المنطقة، وعلى المستوى الإقليمي، ازداد تقارب فصائل المقاومة من بعضها البعض، وتعاظمت قوتها.
  • قامت الجمعية الزرادشتية في طهران بتأجيل مهرجان مهركان، أكبر مهرجان تاريخي في إيران بعد عيد النوروز، والذي كان من المفترض أن يقام في العاشر من شهر مهر بحسب التقويم الإيراني، والموافق لـ 1 أكتوبر/تشرين الأول.
  • عقب استشهاد نصر الله، أطلقت العديد من العوائل العراقية اسم نصر الله على أبنائها الحديثي الولادة.

وبحسب خبراء سياسيين، فإن اغتيال الأمين العام الثالث لحزب الله، رغم أنه كان خسارة كبيرة لحزب الله اللبناني؛ لكنه لن يؤدي إلى تراجع ذلك الحزب، ولن يضر به بشكل خطير.

محاولات اغتيال فاشلة

وبحسب بعض وكالات الأنباء، تعرّض السيد حسن نصر الله مراراً وتكراراً لمحاولات اغتيال من قبل النظام الصهيوني نتيجة للانتصارات التي حققها ضد إسرائيل، وبسبب صعود حزب الله إلى السلطة خلال فترة توليه منصب الأمين العام. ومن بين هذه المحاولات الفاشلة:

  • 2004م: محاولة اغتيال بالتسمّم الغذائي.
  • 2006م: قصف البرج السكني الذي يقطن فيه نصر الله من قبل الطائرات الإسرائيلية. وفي 28 نيسان/أبريل من نفس العام، تم إلقاء القبض على المجموعة الإرهابية التي حاولت مهاجمة سيارة السيد نصر الله بقذائف الهاون، وفشلت في اغتياله.
  • 2011م: تفجير المبنى الذي كان يعتقد أنّ السيد حسن نصر الله يتواجد فيه من قبل الطائرات الإسرائيلية.


الهوامش

المصادر والمراجع