آية سقاية الحاج

آية سقاية الحاج

عنوان الآية	آية سقاية الحاج
رقم الآية	19
في سورة	التوبة
في جزء	10
رقم الصفحة	189
شأن النزول	في الإمام علي(ع)
مكان النزول	المدينة المنورة
الموضوع	اعتقادي
معلومات أخرى	تُبين الآية أفضلية الإيمان والجهاد في سبيل الله

آيَة سِقَايَةِ الحَاج، هي الآية 19 من سورة التوبة، حيث أكدت على أن الإيمان بالله، ويوم القيامة، والجهاد في سبيل الله، أفضل ممن سقيَ الحجاج وعمارة المسجد الحرام.

والآية نزلت حينما افتخر العباس بن عبد المطلب أن في أيديهم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، وافتخر شيبة بن عثمان أن في أيديهم مفاتيح الكعبة، فمرَّ عليهما الإمام علي فطلبا منه إبداء رأيه. فردّ تفاخرهما، وقال لهما: أنا أكثر منكما فخراً، حيث آمنت بالله ويوم القيامة وجاهدت في سبيل الله حتى آمنتما بالله، فنزلت هذه الآية تؤيد كلام الإمام علي .

ذهب جملة من المحققين والعلماء إلى أن هذه الآية تُثبت فضائل الإمام علي ، وعلو مرتبته على سائر الصحابة، وأولويته في الولاية والخلافة بعد رسول الله . كذلك احتج الإمام علي بهذه الآية لإثبات أفضليته وأحقيته بالخلافة، في الشورى السداسية لتعيين الخليفة، وقد ذكر الإمام الحسن أيضاً ــ بعد الصلح مع معاوية ــ أفضلية الإمام علي بالإشارة إلى هذه الآية.

بيان ونص الآية

يُطلق على الآية 19 من سورة التوبة آية سقاية الحاج.وقد قوبل في الآية بين سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، وبين من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله. وقد صرح القرآن بأن الإيمان باللّه وباليوم الآخر والجهاد في سبيل اللّه أفضل وأشرف من جميع تلك الأعمال.

كانت سقاية الحاج وكذلك عمارة المسجد الحرام أو سدانة الكعبة ورعايتها، لها أهمية خاصّة في زمن الجاهلية، حيث تعتبر من أعمال السيادة بمكة وتحت تصرف بني هاشم، وكان المتولي عليها العباس بن عبد المطلب، وتم إقرارهما بعد الإسلام.

﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾

شأن النزول

ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وشيبة بن عثمان، حيث افتخر شيبة أن في أيديهم مفاتيح الكعبة وافتخر العباس أن في أيديهم سقاية الحاج، فمر عليهما الإمام علي فحكمها في الأمر وطلبا منه إبداء رأيه. فرد أمير المؤمنين تفاخرهما، وقال لهما: أنا أكثر منكما فخراً، حيث آمنت بالله ويوم القيامة وجاهدت في سبيل الله حتى آمنتما بالله. فعلم رسول الله بالأمر، فنزلت هذه الآية تؤيد كلام الإمام علي.

وقد تعددت الروايات في نقل شأن نزول هذه الآية بأساليب مختلفة. وعدها البعض من الروايات المشهورة، التي تؤكد على أنّ الآية نزلت بحق الإمام علي ومن فضائله. وقد تم نقل جملة من الرويات، منها: عن الإمام الحسن ، والإمام الصادق ، وعبد الله بن عباس، تؤكد على أن الآية نزلت بحق الإمام علي.

يعتقد البعض أنّ آية سقاية الحاج تخبرنا عن حادثة وقعت في عصر الرسالة ولها شأن نزول خاص، ولا تهدف إلى بيان‌ قانون كلي في ذلك، وذهب البعض الآخر مع قبوله أن الآية نزلت بحق الإمام علي إلا أنها تمثّل قانون كلي عام ويُمكن أن يكون لها مصاديق متعددة. وهناك احتمالات أخرى في شأن نزول الآية ذُكرت في مصادر الشيعة وأهل السنة.

انعكاساته في المصادر

قد ذكر الكثير من الحفّاظ وعلماء التفسير أن هذه الآية نزلت بحق الإمام علي، فمن مفسّري الشيعة، فرات بن إبراهيم الكوفي (ت 352 هـ)، والفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 هـ)، ومن مفسري السنة، الفخر الرازي (ت 606 هـ)، الحاكم الحسكاني (ت 490 هـ)، محمد بن جرير بن يزيد الطبري (ت 310 هـ)، أحمد بن محمد القرطبي (ت 761 هـ)، عبد الرحمن السيوطي (ت 911 هـ)، ابن أبي حاتم (ت 327 هـ). وقد أورد صاحب كتاب إحقاق الحق أكثر من 15 كتاب تفسيري لأهل السنة ذكروا فيها شأن النزول والروايات التي نقلوها، كما أشار العلامة الأميني في كتابه الغدير إلى العديد من علماء أهل السنة الذين ذكروا شأن النزول.

كذلك ورد شأن النزول في الكتب الروائية، ومنها: في صحيح مسلم نفس شأن النزول بدون ذكر أسماء الأشخاص، واكتفى بقول (قال رجل)، إلا أن بعض علماء أهل السنة أشاروا إلى هذه الرواية وروايات أخرى ورد فيها أسماء الأشخاص. وقد أنكر ابن كثير من علماء السنة أن الآية نزلت بحق الإمام علي كذلك يعتقد ابن تيمية أن هذه الرواية لم ترد في الكتب الروائية المعتبرة.

اعتباره

اتفقت كلمة الإمامية على أنَّ آية سقاية الحاج قد نزلت بحق الإمام علي. وقال السيد علي الميلاني من المحققين المعاصرين إنَّ الحديث الذي ورد فيه شأن نزول الآية من الأحاديث المعتبرة سنداً، وقد ورد في أوثق مصادرهم في الحديث والتفسير وبطرق مختلفة. وذهب بعض الكتاب وبالنظر إلى انعكاس شأن النزول وذكره في الكتب التفسيرية، فلا يوجد ترديد في صحته. وقد اعتبر مؤلف كتاب إحقاق الحق صحة شأن النزول وأنَّه لا يوجد في مورده أي اختلاف.

التقابل بين المؤمنين والكافرين

اعتقد بعض المفسرين أن آية سقاية الحاج نزلت بالمدينة، بعد إسلام العباس بن عبد المطلب؛ لذلك حدث هذا التقابل بين مجموعتين من المؤمنين؛ ولكن ذهب آخرون إلى أن وقت نزولها كان قبل إيمان العباس، وقد حدث التقابل بين المؤمنين والكافرين. كذلك ورد في روايةٍ أنَّ العباس رفض طلب الإمام علي بأن يُهاجر واعتبر عمل السقاية أفضل من الهجرة، فنزلت هذه الآية. أو أنها نزلت عندما أُسر العباس في غزوة بدر، حيث قال: إذا أنتم سبقتمونا باعتناق الإسلام، فنحن سبقناكم في سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام. ورد في بعض المصادر في سبب نزول الآية أن كفار قريش قالوا لليهود: إنّا نسقي الحجيج ونعمّر البيت، أفنحن أفضل أم محمد ؟ فقالت لهم أحبار اليهود بل أنتم، فنزلت الآية في ذلك.

ذكر الشيخ الطوسي أن الله تعالى خاطب في هذه الآية قوماً من الكفار تصوروا أن سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام مساوي أو أفضل من الإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد في سيبل الله مع بقائهم على الكفر، فأخبر الله تعالى أنهما لا يستويان عند الله في الفضل؛ لأنَّ الذي آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله أفضل ممن يسقي الحجيج ولم يؤمن بالله. والمستفاد من آية سقاية الحاج أنَّ أيّ عمل لا قيمة له من دون الإيمان بالله؛ على الرغم من أنَّ العمل في حدّ ذاته من الأعمال الجيدة.

الاحتجاج بها

احتج الإمام علي بهذه الآية، لإثبات أحقيته بالخلافة في المجلس الذي اجتمع فيه أعضاء الشورى الستة لتعيين الخليفة بعد وفاة عمر بن الخطاب، وكذلك في جواب سائلٍ سأله على أن يخبره بأفضل مناقبه فأشار إلى هذه الآية.

كما أن الإمام الحسن في خطبة فضائل والده ــ بعد الصلح مع معاوية ــ ذكر فيها هذه الآية. كذلك استدل المأمون بهذه الآية في أفضلية الإمام علي على العباس بن عبد المطلب في رسالة بعثها إلى الهاشميين. وقد كتب الشعراء الكثير من القصائد في هذه المفاخرة، ونزول هذه الآية بحق الإمام علي، ومنهم: السيد الحميري، والناشي، والبشنوي.

دلالتها على خلافة الإمام علي (ع)

يعتقد بعض العلماء أنَّ آية سقاية الحاج نزلت لكي تثبت فضائل الإمام علي، وعلو مرتبته على سائر الصحابة، وأولويته في الإمامة والخلافة بعد رسول الله. حيث ذكروا أنَّ معنى الآية يدل على ولاية الإمام علي ؛ وذلك لاتفاق كلمة العلماء على أفضلية الإمام علي على سائر الصحابة من حيث الإيمان، والهجرة، والجهاد.

ذكر الشيخ مكارم الشيرازي من مفسّري الشيعة، بما أنَّ الإمام علي يتمتع بفضيلة السبقة إلى الإيمان والجهاد، ولا يوجد أحد من المسلمين غيره يتمتع بهذه الفضيلة، وإذا أراد الله تعالى تنصيب خليفة لرسوله، فإنه لا يتجاوز «الأفضل» فيختار «المفضول»، بل وحتى «الفاضل»؛ لأن اللَّه تعالى حكيم وتقديم «المفضول» على «الفاضل» والفاضل على «الفاضل» يخالف مقتضى الحكمة الإلهية، ولو كانت مسألة الخلافة انتخابية فإنّ عقلاء الناس لا يتوجهون ويختارون «الفاضل» أو «المفضول» مع وجود «الأفضل»، وعليه فإنّ هذه الآية يمكنها أن تكون دليلًا لإثبات إمامة أمير المؤمنين.