الآية 107 من سورة هود هي آية تتحدَّث حول العذاب الأبدي لأهل جهنَّم، وأنَّ عذاب أهل النَّار دائم ما دامت السماوات والأرض، وهذا الأمر جعل المفسِّرين يختلفون في تفسير هذه الآية والآية التي تليها.

الآية 107 من سورة هود
عنوان الآيةآية 107 من سورة هود
رقم الآية107
في سورةهود
في جزء12
رقم الصفحة233
مكان النزولمكَّة
الموضوعحول العذاب الأبدي والخلود في جهنَّم
آيات ذات صلةالآية 106 من سورة هود

وذهب بعض المفسِّرين أنَّه بحسب هذه الآية عذاب الكفَّار في جهنَّم محدود، فالعذاب دائم ما دامت السماوات والأرض، وسيأتي لحظة ما، وتنتهي السماوات والأرض، وعند هذه اللحظة ينتهي عذاب الكّفَّار، ويرى آخرون مثل العلامة الطباطبائي والشيخ الجوادي الآملي أنَّ الآية لا تدل على هذا المعنى.

مكانة الآية

جاءت الآية 107 من أجل إكمال الصورة الواردة في الآية 106 من سورة هود، والتي كانت تتحدث حول الأشقياء في الحياة الدنيا، وأنَّ مصيرهم هو النَّار، وبعد ذلك ورد في الآية 107: «خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ».

ويرى الطبرسي (وفاة: 548هـ) أحد مفسِّرين الشيعة أنَّ هذه الآية من آيات القرآن الصعبة التي اختلف فيها المفسِّرون،[١] وصعوبة هذه الآية من جهتين:

الجهة الأولى: قيَّدت الآية العذاب الأبدي ببقاء السماوات والأرض.

الجهة الثانية: الاستثناء الوارد في الآية «إلّا مَا شاءَ الله» وأنَّ معناه محدودية العذاب الخالد بحسب مشيئة الله.[٢]

وهناك أبحاث ومشكلات شبيهة بهذه الآية، وردت في الآية التالية وهي الآية 108 من السورة نفسها.[٣]

عدم ملائمة الآية للعذاب الأبدي للكفَّار

الآية 107 من سورة هود، أحد الأدلة النقليَّة لمن لا يعتقد بالعذاب الأبدي،[٤] ومن هؤلاء ابن قيّم الجوزيَّة الذي أخذ مثل هذه الآيات من القرآن واعتبرها أحد الأدلة على عدم الخلود في النَّار،[٥] وكذلك يرى محمد رشيد رضا في تفسيره المنار أنَّ على خلاف مسألة الوعد بالخلود في الجنَّة، فإنَّ الخلود في جهنَّم مرتبط بمشيئة الله سبحانه وتعالى، أي أنَّ الله سبحانه وتعالى إذا أراد، يمكن أن ينجِّي المتعذِّب في النَّار من النَّار.[٦]

بحسب ما نقله تفسير تسنيم أنَّ بعض التفاسير مثل تفسير كنز الدقائق فسَّروا بكون المراد من السماء والأرض في الآية هو سماء وأرض الدنيا، والمراد من النَّار في الآية هو النَّار البرزخيَّة، فهذه النَّار تتوقف عندما يأتي يوم القيامة، وتزول سماء وأرض الدنيا.[٧]

ملائمة الآية مع العذاب الأبدي

يرى العلامة الطباطبائي أنَّ القرآن صريح في موضوع الخلود والعذاب الأبدي في النار، فقد قال في الآية 167 من سورة البقرة: «و ما هم بخارجین من النار»، وهناك أحاديث متعدِّدة من طرق الشيعة الإماميَّة في هذه المسألة وهي واضحة في هذا المجال، ومن هنا فإنَّ بعض الروايات غير الشيعية التي تحكي عن انقطاع العذاب لا يمكن قبولها؛ بسبب مخالفتها لصريح القرآن.[٨]

سيُّد الميزان عندما جاء للآية 106 من سورة هود، ذكر أنَّ القيد الموجود في الآية «ما دامَت السَّمواتُ و الأَرض» مع ملاحظة بقيَّة الآيات من القرآن نستفيد أنَّ المقصود منه سماء وأرض غير سماء وأرض الدنيا، والذي يمكن فناءه هو سماء وأرض الدنيا، وأمَّا سماء وأرض الآخرة فهي لا تفنى، وبالتالي مع قصد الآية سماء وأرض الآخرة يكون معنى الآية دالٌّ على الخلود بنفسه، والقول بعدم مناسبة الآية للخلود غير صحيح.[٩]

الشيخ الجوادي الآملي وهو أحد المفسِّرين، وفقهاء الشيعة، يعتقد أنَّ القيد الذي ذكرته الآية «ما دامَت السَّمواتُ و الأَرض» هو كناية عن الدوام والأبديَّة، والاستثناء المذكور في ذيل الآية هو أيضًا تأكيد على هذه الأبديَّة،[١٠] وبناءًا على هذا المعنى فلن يستطيع أحد من أهل النَّار أن ينجو من النَّار، ولن يستطيع أحدأن ينجِّيهم إلا الله سبحانه وتعالى الذي شاءت إرداته أن يكون هؤلاء في العذاب الدائم.[١١]

مقالات ذات صلة

الخلود في النَّار

الهوامش

  1. الطبرسي، مجمع البیان، ج5، ص296.
  2. جوادي آملي، تفسير تسنیم، ج39، ص400.
  3. جوادي آملي، تفسير تسنیم، ج39، ص447.
  4. جوادي آملي، تفسير تسنیم، ج39، ص387.
  5. ابن‌ قیم الجوزية، حادي الأرواح، ص404.
  6. رشید رضا، تفسیر المنار، ج8، ص69
  7. جوادي آملي، تفسير تسنیم، ج39، ص415.
  8. الميزان في تفسير القرآن، ج1، ص412-413
  9. العلامةالطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، الآية 107-108 من سورة هود.
  10. جوادي آملي، تفسير تسنیم، ج39، ص387.
  11. جوادي آملي، تفسير تسنیم، ج39، ص387.

المصادر والمراجع

  • ابن‌ قیم الجوزية، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، طبعة: سید جميلي، بیروت شاکر، القاهرة، 1972م، ج22، طبعة: أحمد محمد شاکر و أحمد عمر هاشم، القاهرة، 1989م.
  • جوادي آملي، عبدالله، تفسیر تسنیم، قم، انتشارات إسراء، 1395ش.
  • رشید رضا، محمد، تفسیر القرآن الحکیم المعروف بتفسیر المنار، [تقریرات درس] شیخ محمد عبده، ج8، القاهرة، 1952م.
  • العلامة الطباطبائي، السيد محمد حسین، المیزان في تفسیر القرآن، بیروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1393ق.
  • الشيخ الطبرسي، فضل بن حسن، مجمع البیان في تفسیر القرآن، بیروت،‌ دار المعرفة، 1408ق.