معاوية بن يزيد بن معاوية، المعروف بـمعاوية الثاني (توفي 64هـ) هو الخليفة الأموي الثالث الذي وصل إلى الخلافة بعد وفاة أبيه يزيد بن معاوية عام 64هـ، وبعد مدة قصيرة تنحى عن الخلافة وتوفي. اختلف المؤرخون حول سبب تنحيه عن الخلافة؛ لكن الأكثر اعتبروا حبه لأولاد الإمام علي هو السبب. بعد تنازل معاوية الثاني عن الخلافة، تولاها مروان بن الحكم، ومن بعده تولاها أبناء مروان حتى نهاية العهد الأموي. كان لمعاوية بن يزيد عند وفاته من العمر 18 عاماً على قولٍ، ودفن في دمشق.
عهد الخلافة
توفي يزيد بن معاوية في الشام، خلال حرب القوات الأموية مع عبد الله بن الزبير (الذي ادعى الخلافة في مكة)، وبعد أن وصل نبأ وفاة يزيد إلى الجيوش الأموية عادت من مكة إلى الشام، واختار بنو أمية معاوية بن يزيد خليفة بعد أبيه، فتمت البيعة لمعاوية في الشام، كما تمت لعبد الله بن الزبير في مكة.(بحاجة لمصدر)
التنحي عن الخلافة
كانت فترة خلافة معاوية بن يزيد قصيرة جداً، وذكرت بعض المصادر أنها لم تبلغ الأربعين يوماً، وباتفاق جميع الروايات التاريخية لم يكن معاوية محباً لتولي الخلافة بل كان كارها لها، واختلف في سبب تنحيه عن الخلافة. ورد في بعض الأخبار، أن كرهه كان ناجما عن أفعال أبيه وجده وغيرهما من الأمويين، وكذلك حبه لأهل البيت السبب الرئيسي لتنحيه. وفقاً لتاريخ اليعقوبي، فقد تلا خطبة بيّن فيها مقته لمسؤولية الخلافة وانتقاده لوالده وجده، وفي هذه الخطبة، خطّأ محاربة جده معاوية بن أبي سفيان للإمام علي، وكذلك أفعال والده الشنيعة، وخاصة قتله للإمام الحسين وأهل بيت النبي، واعتبرها خطايا عظيمة.[١] اقترح عليه مروان بن الحكم أن يشكل شورى لانتخاب خليفة كـالشورى التي صنعها عمر بن الخطاب، لكنه لم يقبل موضحاً بأن والده يزيد ليس مثل عمر بن الخطاب، كما أن الموجودين في زمانه ليسوا مثل أهل مجلس عمر. [٢]
أما بعد حمد الله والثناء عليه، أيها الناس فإنا بلينا بكم وبليتم بنا فما نجهل كراهتكم لنا وطعنكم علينا، ألا وإن جدي معاوية ابن أبي سفيان نازع الأمر من كان أولى به منه في القرابة برسول الله، وأحق في الإسلام، سابق المسلمين، وأول المؤمنين، وابن عم رسول رب العالمين، وأبا بقية خاتم المرسلين، فركب منكم ما تعلمون، وركبتم منه ما لا تنكرون، حتى أتته منيته وصار رهنا بعمله، ثم قلد أبي وكان غير خليق للخير، فركب هواه، واستحسن خطأه، وعظم رجاؤه، فأخلفه الأمل، وقصر عنه الأجل، فقلّت منعته، وانقطعت مدته، وصار أحفرته رهنا بذنبه، وأسيرا بجرمه. ثم بكى، وقال: إن أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه وقبح منقلبه، وقد قتل عترة الرسول، وأباح الحرمة وحرق الكعبة، وما أنا المتقلد أموركم، ولا المتحمل تبعاتكم، فشأنكم أمركم، فو الله لئن كانت الدنيا مغنما لقد نلنا منها حظا، وإن تكن شرا فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها.
ويحكى نقل آخر عن خطبة له في بني أمية، يخبرهم بأنه لا يقدر على تولي الخلافة، مشيراً إلى وجود أشخاص فيهم مستحقون للخلافة أكثر منه، وقد خيّر الأمويين في الخطبة نفسها، بين أن يختار لهم من يرتضيه ليكون خليفة، وبين أن يختاروا لأنفسهم خليفة وينحوه عن الأمر، إلا أن الأمويين خافوا على حكومتهم بعد هذا الكلام، فجاء إليه بعضهم وطلبوا منه أن يمهلهم، ولم تمض أيام حتى قتلوه طعناً.[٣] واعتبرته بعض المصادر مريضاً دون ذكر اعتراضه على والده، ورجحت مرضه على أنه السبب في عدم تمكنه من تحمل مسؤولية الخلافة.[٤]
وفقاً للمسعودي، كانت كنية معاوية في البداية أبو يزيد، ولكن بعد صعوده إلى الخلافة كنِّي بأبي ليلي، والتي كان كنية للضعاف عند العرب.[٥]
تشيّع معاوية
عرّفت بعض المصادر التاريخية والرجالية الشيعية المتأخرة معاوية بن يزيد كشيعي. كما يوجد خبر في كتاب حبيب السير (أحد المصادر التاريخية الفارسية للقرن العاشر الهجري) يحكي عن تصريح معاوية باستحقاق الإمام زين العابدين للخلافة، ونصح الناس بدعوته لها. [٦] واستناداً على هذا الخبر صنّفت كثير من كتب الرجال والتراجم الشيعية معاوية بن يزيد ضمن الشخصيات الشيعية. [٧]
الوفاة
توفي معاوية بن يزيد سنة 64هـ ودفن في دمشق، ولم يعرف سبب وفاته. احتمل بعض المؤرخين قتله، ووردت أخبار عن دس السم إليه، وقيل أنه قتل مطعونا.[٨] في حين ورد في بعض الروايات التاريخية أن وفاته كانت طبيعية وبسبب المرض.[٩] كما أن هناك خلاف حول سن معاوية بن يزيد حين وفاته، واعتقد ابن قتيبة بأن كان عمره وقت وفاته 18 سنة،[١٠] وذكر 19، و20، و21،[١١] و23 سنة[١٢] في أخبار أخرى.
الهوامش
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص254
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، ج2، ص254؛ المسعودي، مروج الذهب، ج3، ص73
- ↑ الدينوري، الإمامة والسياسة، مؤسسة الحلبي، ج2، ص10-11
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف،1417هـ، ج 5، ص356
- ↑ المسعودي، مروج الذهب، ج3، ص73
- ↑ خواند مير، حبيب السير، ج2، ص131
- ↑ التستري، مجالس المؤمنين، ج2، ص252؛ المازندراني، منتهى المقال، ج6، ص287
- ↑ المسعودي، مروج الذهب، ج3، ص73
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف، 1417هـ، ج 5، ص356
- ↑ ابن قتيبة، الإمامة و السياسة، 1990م، ج2، ص17
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف، 1996م، ج5، ص356 و 357
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، ج2، ص254.
المصادر والمراجع
- ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري، الإمامة و السياسة المعروف بتاريخ الخلفاء، تحقيق علي شيري، بيروت، دار الأضواء، الطبعة الأولى، 1410هـ/1990م.
- البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، تحقيق سهيل زكار ورياض زركلي، بيروت ،دار الفكر، الطبعة الأولى، 1417هـ/1996م.
- خواند مير، غياث الدين بن همام الدين، حبيب السير، طهران، خيام، 1380ش.
- الدينوري، ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، تحقيق علي شيري، بيروت، دار الأضواء، الطبعة الأولى، 1410هـ.
- التستري، نور الله، مجالس المؤمنين، طهران، الإسلامية، 1377ش.
- المازندراني، محمد بن اسماعيل، منتهى المقال في أحوال الرجال، قم، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، د.ت.
- المسعودي، علي بن حسين، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق أسعد داغر، قم، دار الهجرة، الطبعة الثانية، 1409هـ.
- اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار صادر، د.ت.