انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «غزوة تبوك»

من ويكي شيعة
Ali.jafari (نقاش | مساهمات)
ط استبدال النص - '{{اختصار/ع}}|' ب'(ع)|'
وسم: تراجع يدوي
Ali.jafari (نقاش | مساهمات)
ط استبدال النص - '{{صل}}' ب'{{اختصار/ص}}'
وسمان: تحرير من المحمول تعديل ويب محمول
سطر ١٢: سطر ١٢:
| الطرف الأول  = [[المسلمون]]
| الطرف الأول  = [[المسلمون]]
| الطرف الثاني  = [[الروم]]
| الطرف الثاني  = [[الروم]]
| القائد الأول = [[النبي محمد]]{{صل}}
| القائد الأول = [[النبي محمد]]{{اختصار/ص}}
| القائد الثاني = هرقل
| القائد الثاني = هرقل
| القوة1    =
| القوة1    =
سطر ٢٢: سطر ٢٢:
'''غزوة تبوك''' هي الغزوة الأخيرة من [[غزوات النبي]] حدثت في [[سنة 9 هـ]]، فقد جهّز [[النبي (ص)]] جيش [[المسلمين]] في عام العسرة، وخرج بهم إلى مواجهة [[الروم]] الذين تجهزوا للهجوم على [[المدينة المنورة]]، وكان عدد جيش المسلمين ثلاثين ألفاً.
'''غزوة تبوك''' هي الغزوة الأخيرة من [[غزوات النبي]] حدثت في [[سنة 9 هـ]]، فقد جهّز [[النبي (ص)]] جيش [[المسلمين]] في عام العسرة، وخرج بهم إلى مواجهة [[الروم]] الذين تجهزوا للهجوم على [[المدينة المنورة]]، وكان عدد جيش المسلمين ثلاثين ألفاً.


تخلّف بعض [[النفاق|المنافقين]] عن هذه الغزوة، ونزلت آيات من [[سورة التوبة]] فيهم، والتحق بعض المنافقين بجيش المسلمين، وقد قاموا بعدة أمور خيانة [[الله|لله]] ورسوله{{صل}} وللمؤمنين لتثبيط المسلمين عن [[الجهاد]]، كما عَمِدَت مجموعة من المنافقين عند رجوع جيش المسلمين إلى محاولة [[اغتيال النبي|اغتيال النبي الأكرم]]{{صل}} في العقبة.
تخلّف بعض [[النفاق|المنافقين]] عن هذه الغزوة، ونزلت آيات من [[سورة التوبة]] فيهم، والتحق بعض المنافقين بجيش المسلمين، وقد قاموا بعدة أمور خيانة [[الله|لله]] ورسوله{{اختصار/ص}} وللمؤمنين لتثبيط المسلمين عن [[الجهاد]]، كما عَمِدَت مجموعة من المنافقين عند رجوع جيش المسلمين إلى محاولة [[اغتيال النبي|اغتيال النبي الأكرم]]{{اختصار/ص}} في العقبة.


أقام رسول اللَّه{{صل}} بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ولم يقدم عليه الرومُ والعربُ [[النصارى|المتنصِّرة]]، فعاد إِلى المدينة من دون أي اشتباك‌ بين الجيشين.
أقام رسول اللَّه{{اختصار/ص}} بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ولم يقدم عليه الرومُ والعربُ [[النصارى|المتنصِّرة]]، فعاد إِلى المدينة من دون أي اشتباك‌ بين الجيشين.


==الموقع الجغرافي==
==الموقع الجغرافي==
[[ملف:موقع تبوك.png|200px|تصغير|خارطة للموقع الجغرافي لتبوك]]
[[ملف:موقع تبوك.png|200px|تصغير|خارطة للموقع الجغرافي لتبوك]]
تبوكُ: بالفتح ثم الضم: موضع بين وادي القرى و[[الشام]]، وقيل بركة لأبناء سعد من بني عذرة، وقال أبو زيد: تبوك بين الحِجر وأول الشام على أربع مراحل من الحِجر نحو نصف طريق الشام، وهو حصن به عين ونخل وحائط ينسب إلى [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} ... وتبوك بين جبل حسمى وجبل شرورى، وحسمى غربيها وشرورى شرقيها.<ref>الحموي، معجم البلدان، ج 2، ص 14.</ref>
تبوكُ: بالفتح ثم الضم: موضع بين وادي القرى و[[الشام]]، وقيل بركة لأبناء سعد من بني عذرة، وقال أبو زيد: تبوك بين الحِجر وأول الشام على أربع مراحل من الحِجر نحو نصف طريق الشام، وهو حصن به عين ونخل وحائط ينسب إلى [[النبي (ص)|النبي]]{{اختصار/ص}} ... وتبوك بين جبل حسمى وجبل شرورى، وحسمى غربيها وشرورى شرقيها.<ref>الحموي، معجم البلدان، ج 2، ص 14.</ref>


==تاريخ الغزوة==
==تاريخ الغزوة==
سطر ٤١: سطر ٤١:


==أسبابها==
==أسبابها==
ذكر المؤرخون أنّ الأنباط كانوا يقدمون [[المدينة]] بالدّرمك <ref>الدرمك: دقيق الحوارى.</ref> والزيت في [[الجاهلية|الجاهلِية]] وبعد أن دخل [[الإسلام]]، فإنما كانت أخبار الشام عند [[المسلمين]] كل يوم، لكثرة من يقدم عليهم من الأنباط،<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 989 - 990.</ref> فوصل خبر إلى [[النبي الأكرم]]{{صل}} أن [[هرقل]] ملك الروم ومن عنده من متنصرة العرب قد عزموا على قصده، فتجهز هو والمسلمون وساروا إلى الروم.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 145.</ref>
ذكر المؤرخون أنّ الأنباط كانوا يقدمون [[المدينة]] بالدّرمك <ref>الدرمك: دقيق الحوارى.</ref> والزيت في [[الجاهلية|الجاهلِية]] وبعد أن دخل [[الإسلام]]، فإنما كانت أخبار الشام عند [[المسلمين]] كل يوم، لكثرة من يقدم عليهم من الأنباط،<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 989 - 990.</ref> فوصل خبر إلى [[النبي الأكرم]]{{اختصار/ص}} أن [[هرقل]] ملك الروم ومن عنده من متنصرة العرب قد عزموا على قصده، فتجهز هو والمسلمون وساروا إلى الروم.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 145.</ref>


وذكر اليعقوبي أن سبب خروج النبي {{صل}} إلى تبوك من أرض [[الشام]] أنه خرج للطلب بدم [[جعفر بن أبي طالب]]{{ع}}.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 56.</ref>
وذكر اليعقوبي أن سبب خروج النبي {{اختصار/ص}} إلى تبوك من أرض [[الشام]] أنه خرج للطلب بدم [[جعفر بن أبي طالب]]{{ع}}.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 56.</ref>


==تجهيز الجيش==
==تجهيز الجيش==
قال ابن إِسحاق: أنَّ [[النبي (ص)|رسول اللَّه]]{{صل}} قلما كان يخرج في غزوة إلا أظهر أنه يريد غيرها، إلا غزوة تبوك فإنه قال: أيها الناس، إني أريد [[الروم]]، فأَعلمهم، وذلك في شدة الحر وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار؛ والناس يحبون المقام في ثمارهم،<ref>الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 1، ص 420.</ref> وحض النبي{{صل}} أهل الغنى على النفقة في [[سبيل الله]] ورغبهم في ذلك، فحمل من أهل الغنى ما يقدرون عليه،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102.</ref> واشتركت نساء [[المسلمين]] في [[الإنفاق]] على غزوة تبوك بما لديهن من مِسْك،<ref>المسك: أسورة من ذبل أو عاج.</ref> ومعاضد،<ref>المعاضد: الدمالج.</ref> وخلاخل،<ref>الخلاخل: الحلي.</ref> وأقرطة وخواتيم.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 992.</ref>
قال ابن إِسحاق: أنَّ [[النبي (ص)|رسول اللَّه]]{{اختصار/ص}} قلما كان يخرج في غزوة إلا أظهر أنه يريد غيرها، إلا غزوة تبوك فإنه قال: أيها الناس، إني أريد [[الروم]]، فأَعلمهم، وذلك في شدة الحر وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار؛ والناس يحبون المقام في ثمارهم،<ref>الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 1، ص 420.</ref> وحض النبي{{اختصار/ص}} أهل الغنى على النفقة في [[سبيل الله]] ورغبهم في ذلك، فحمل من أهل الغنى ما يقدرون عليه،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102.</ref> واشتركت نساء [[المسلمين]] في [[الإنفاق]] على غزوة تبوك بما لديهن من مِسْك،<ref>المسك: أسورة من ذبل أو عاج.</ref> ومعاضد،<ref>المعاضد: الدمالج.</ref> وخلاخل،<ref>الخلاخل: الحلي.</ref> وأقرطة وخواتيم.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 992.</ref>


==أعمال المنافقين==
==أعمال المنافقين==
سطر ٥٣: سطر ٥٣:
{{مفصلة|المدينة المنورة}}
{{مفصلة|المدينة المنورة}}
*الجد بن قيس
*الجد بن قيس
طلب [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} من الجد بن قيس وهو من أحد بني سلمة أن يخرج مع [[المسلمين]] لحرب الروم فأجاب بقوله: يا رسول اللَّه، أو تأذن لي ولا تفتنى؟ فو الله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر، فأعرض عنه رسول اللَّه{{صل}}، وقال: قد أذنتُ لك، وفيه نزل قوله تعالى: {{قرآن|وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}}<ref>التوبة: 49.</ref> لقد كان خائفا من فتنة النساء فسقط في فتنة أكبر منها وهي فتنة تخلفه عن رسول الله {{صل}}.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 516.</ref>
طلب [[النبي (ص)|النبي]]{{اختصار/ص}} من الجد بن قيس وهو من أحد بني سلمة أن يخرج مع [[المسلمين]] لحرب الروم فأجاب بقوله: يا رسول اللَّه، أو تأذن لي ولا تفتنى؟ فو الله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر، فأعرض عنه رسول اللَّه{{اختصار/ص}}، وقال: قد أذنتُ لك، وفيه نزل قوله تعالى: {{قرآن|وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}}<ref>التوبة: 49.</ref> لقد كان خائفا من فتنة النساء فسقط في فتنة أكبر منها وهي فتنة تخلفه عن رسول الله {{اختصار/ص}}.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 516.</ref>
*المثبطون من [[النفاق|المنافقين]]
*المثبطون من [[النفاق|المنافقين]]
قال قائل من المنافقين لبعض: لا تنفروا في الحر، زهادة في [[الجهاد]]، وشكّا في الحق، وإرجافا ب[[الرسول(ص)|الرسول]]، فأنزل [[الله]] تبارك وتعالى فيهم: {{قرآن|فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُون}}.<ref>التوبة: 81.</ref> <ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102.</ref>                                                                                               
قال قائل من المنافقين لبعض: لا تنفروا في الحر، زهادة في [[الجهاد]]، وشكّا في الحق، وإرجافا ب[[الرسول(ص)|الرسول]]، فأنزل [[الله]] تبارك وتعالى فيهم: {{قرآن|فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُون}}.<ref>التوبة: 81.</ref> <ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102.</ref>                                                                                               


جاء بعض المنافقين يستأذنون [[رسول الله]]{{صل}} من غير عِلَّة فأذن لهم، وكان المنافقون الذين استأذنوا بضعة وثمانين، وجاء المعذرون من الأعراب فاعتذروا إليه، فلم يعذرهم الله {{عز وجل}} وهم نفر من بني غفار، منهم خُفاف بن إيماء بن رخضة، اثنان وثمانون رجلا، ونزل فيهم قوله تعالى: {{قرآن|وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}}.<ref>التوبة: 90.</ref> <ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 995.</ref>
جاء بعض المنافقين يستأذنون [[رسول الله]]{{اختصار/ص}} من غير عِلَّة فأذن لهم، وكان المنافقون الذين استأذنوا بضعة وثمانين، وجاء المعذرون من الأعراب فاعتذروا إليه، فلم يعذرهم الله {{عز وجل}} وهم نفر من بني غفار، منهم خُفاف بن إيماء بن رخضة، اثنان وثمانون رجلا، ونزل فيهم قوله تعالى: {{قرآن|وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}}.<ref>التوبة: 90.</ref> <ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 995.</ref>


ولما سار رسول الله {{صل}} تخلّف عنه [[عبد الله بن سلول|عبد الله بن أُبي]] فيمن تخلّف من المنافقين وأهل الريب، وكان عبد الله بن أُبي أخا بني عوف بن الخزرج، وعبد الله بن نبتل أخا بني عمرو بن عوف، ورفاعة بن زيد بن التابوت أخا بني قينقناع، وكانوا من عظماء المنافقين، وكانوا ممن يكيد [[الإسلام]] وأهله.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 103.</ref>
ولما سار رسول الله {{اختصار/ص}} تخلّف عنه [[عبد الله بن سلول|عبد الله بن أُبي]] فيمن تخلّف من المنافقين وأهل الريب، وكان عبد الله بن أُبي أخا بني عوف بن الخزرج، وعبد الله بن نبتل أخا بني عمرو بن عوف، ورفاعة بن زيد بن التابوت أخا بني قينقناع، وكانوا من عظماء المنافقين، وكانوا ممن يكيد [[الإسلام]] وأهله.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 103.</ref>
*إرجاف المنافقون باستخلاف [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} ل[[علي(ع)|علي]] {{ع}} في [[المدينة]]
*إرجاف المنافقون باستخلاف [[النبي (ص)|النبي]] {{اختصار/ص}} ل[[علي(ع)|علي]] {{ع}} في [[المدينة]]
لما خرج النبي{{صل}} إلى تبوك خلّف الإمام علي{{ع}} على أهله في المدينة وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف المنافقون، وقالوا: ما خلّفه إلا استثقالا وتخففا منه، فأخذ علي{{ع}} سلاحه ولحق بالنبي{{صل}} وأخبره بما قالوا، فقال{{صل}}: كذبوا ولكني خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، <ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 155.</ref> ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة [[النبي هارون|هارون]] من [[النبي موسى|موسى]] إلَّا أنه ليس [[النبوة|نبيٌّ]] بعدي.<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج 6، ص 3. </ref>
لما خرج النبي{{اختصار/ص}} إلى تبوك خلّف الإمام علي{{ع}} على أهله في المدينة وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف المنافقون، وقالوا: ما خلّفه إلا استثقالا وتخففا منه، فأخذ علي{{ع}} سلاحه ولحق بالنبي{{اختصار/ص}} وأخبره بما قالوا، فقال{{اختصار/ص}}: كذبوا ولكني خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، <ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 155.</ref> ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة [[النبي هارون|هارون]] من [[النبي موسى|موسى]] إلَّا أنه ليس [[النبوة|نبيٌّ]] بعدي.<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج 6، ص 3. </ref>


===في طريق تبوك===
===في طريق تبوك===
*تكذيبهم [[المعجزة|معجزة]] السحابة
*تكذيبهم [[المعجزة|معجزة]] السحابة
روي عن [[أبي سعيد الخدري]] ان [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} لما ارتحل لتبوك وأصبح ولا ماء مع الناس معه، فشكوا إليه{{صل}} العطش، فاستقبل [[القبلة]] - ولا سحاب في السماء - [[الدعاء|ودعا]]، فما برح يدعو حتي تجمع السحاب من كل ناحية، فساحت السماء على الناس بالرواء، فأخذ{{صل}} يُكبّر، فسقي الناس وارتووا عن آخرهم، ورسول الله {{صل}} يقول: أشهد أني رسول الله، فسأل أحد [[الصحابة]] أحد [[النفاق|المنافقين]]: ويحك أبعدَ هذا شئ. فقال: سحابة مارة، وهو [[أوس بن قيظي]]، وقيل: [[زيد بن اللصيت]].<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1008 - 1009.</ref>  
روي عن [[أبي سعيد الخدري]] ان [[النبي (ص)|النبي]]{{اختصار/ص}} لما ارتحل لتبوك وأصبح ولا ماء مع الناس معه، فشكوا إليه{{اختصار/ص}} العطش، فاستقبل [[القبلة]] - ولا سحاب في السماء - [[الدعاء|ودعا]]، فما برح يدعو حتي تجمع السحاب من كل ناحية، فساحت السماء على الناس بالرواء، فأخذ{{اختصار/ص}} يُكبّر، فسقي الناس وارتووا عن آخرهم، ورسول الله {{اختصار/ص}} يقول: أشهد أني رسول الله، فسأل أحد [[الصحابة]] أحد [[النفاق|المنافقين]]: ويحك أبعدَ هذا شئ. فقال: سحابة مارة، وهو [[أوس بن قيظي]]، وقيل: [[زيد بن اللصيت]].<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1008 - 1009.</ref>  
*قولهم في ضلال ناقة النبي {{صل}}
*قولهم في ضلال ناقة النبي {{اختصار/ص}}
في الطريق إلى تبوك سار [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} فضلّت ناقته، فخرج أصحابه في طلبها، فقال [[زيد بن اللصيت]] القينقاعي - وكان منافقا - : أليس يزعم [[محمد (ص)|محمد]] أنه [[النبوة|نبي]]، ويُخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟ وكان زيد في رحل [[عمارة بن حزم|عُمارة بن حزم]] وكان عقبيا بدريا، فقال النبي{{صل}} وعمارة عنده: إنَّ رجلا قال كذا وكذا، وإني والله لا أعلم إلا ما علّمني الله، وقد دلّني عليها، وهي في هذا الوادي في شعب كذا، وقد حبستها شجرة بزمامها، فذهبوا فجاؤوا بها، فذهب عُمارة إلى رحله وأخرج زيد منه.<ref>الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 1، ص 430 - 431.</ref>
في الطريق إلى تبوك سار [[النبي (ص)|النبي]]{{اختصار/ص}} فضلّت ناقته، فخرج أصحابه في طلبها، فقال [[زيد بن اللصيت]] القينقاعي - وكان منافقا - : أليس يزعم [[محمد (ص)|محمد]] أنه [[النبوة|نبي]]، ويُخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟ وكان زيد في رحل [[عمارة بن حزم|عُمارة بن حزم]] وكان عقبيا بدريا، فقال النبي{{اختصار/ص}} وعمارة عنده: إنَّ رجلا قال كذا وكذا، وإني والله لا أعلم إلا ما علّمني الله، وقد دلّني عليها، وهي في هذا الوادي في شعب كذا، وقد حبستها شجرة بزمامها، فذهبوا فجاؤوا بها، فذهب عُمارة إلى رحله وأخرج زيد منه.<ref>الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 1، ص 430 - 431.</ref>
*تخذيلهم للمسلمين
*تخذيلهم للمسلمين
روى المؤرخون انه كان هناك رهط من المنافقين يسيرون مع النبي{{صل}}، ومنهم [[وديعة بن ثابت]]، و[[الجلاس بن سويد بن الصامت]]، و[[مخشي بن حمير]] ، و[[ثغلبة بن حاطب]]، فقالوا: تحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم؟ والله لكأنا بكم غدا مقرّنين في الحبال، إرجافا ب[[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} وترهيبا [[المسلمين|للمسلمين]].<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1003.</ref>
روى المؤرخون انه كان هناك رهط من المنافقين يسيرون مع النبي{{اختصار/ص}}، ومنهم [[وديعة بن ثابت]]، و[[الجلاس بن سويد بن الصامت]]، و[[مخشي بن حمير]] ، و[[ثغلبة بن حاطب]]، فقالوا: تحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم؟ والله لكأنا بكم غدا مقرّنين في الحبال، إرجافا ب[[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{اختصار/ص}} وترهيبا [[المسلمين|للمسلمين]].<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1003.</ref>


==عدد جيش المسلمين==
==عدد جيش المسلمين==
[[ملف:غزوات الرسول.jpeg|300px|تصغير|خارطة لغزوات رسول الله {{صل}}]]
[[ملف:غزوات الرسول.jpeg|300px|تصغير|خارطة لغزوات رسول الله {{اختصار/ص}}]]


لما عزم [[رسول الله(ص)|رسول اللَّه]]{{صل}} على غزو [[الروم]] عام تبوك، وكان ذلك في حر شديد وضيق من الحال، جلّى للناس أمرها ودعا من حولهُ من أحياء الأعراب للخروج معه، فأوْعب معه بشرٌ كثيرٌ، قريبا من ثلاثين ألفا، وتخلّف آخرون، فعاتب اللَّهُ من تخلّف منهم لغير عذر من المنافقين والمقصرين، ولامهم ووبخهم وقرَّعهم أشد التقريع، وفضحهم أشدَّ الفضيحة، وأنزل فيهم [[قرآن الكريم|قرآنا]] يتلى وبيّن أمرهم في [[سورة التوبة|سورة براءة]].<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 145.</ref>
لما عزم [[رسول الله(ص)|رسول اللَّه]]{{اختصار/ص}} على غزو [[الروم]] عام تبوك، وكان ذلك في حر شديد وضيق من الحال، جلّى للناس أمرها ودعا من حولهُ من أحياء الأعراب للخروج معه، فأوْعب معه بشرٌ كثيرٌ، قريبا من ثلاثين ألفا، وتخلّف آخرون، فعاتب اللَّهُ من تخلّف منهم لغير عذر من المنافقين والمقصرين، ولامهم ووبخهم وقرَّعهم أشد التقريع، وفضحهم أشدَّ الفضيحة، وأنزل فيهم [[قرآن الكريم|قرآنا]] يتلى وبيّن أمرهم في [[سورة التوبة|سورة براءة]].<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 145.</ref>


كان المتخلفون عن غزوة تبوك أربعة أقسام:
كان المتخلفون عن غزوة تبوك أربعة أقسام:
سطر ٨٢: سطر ٨٢:
::#ملومون مذمومون وهم [[النفاق|المنافقون]].<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 200.</ref>
::#ملومون مذمومون وهم [[النفاق|المنافقون]].<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 200.</ref>


وكان رسول الله{{صل}} قد دفع راية بني مالك بن النجار إلى [[عمارة بن حزم]]، فأدرك [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} [[زيد بن ثابت]] فأعطاه الراية، وأمّر في [[الأوس]] و[[الخزرج]] أن يحمل راياتهم أكثرهم أخذا [[القرآن الكريم|للقرآن]]، وكان أبو زيد يحمل راية بني عمرو بن عوف، وكان [[معاذ بن جبل]] يحمل راية بني سلمة.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1003.</ref>
وكان رسول الله{{اختصار/ص}} قد دفع راية بني مالك بن النجار إلى [[عمارة بن حزم]]، فأدرك [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{اختصار/ص}} [[زيد بن ثابت]] فأعطاه الراية، وأمّر في [[الأوس]] و[[الخزرج]] أن يحمل راياتهم أكثرهم أخذا [[القرآن الكريم|للقرآن]]، وكان أبو زيد يحمل راية بني عمرو بن عوف، وكان [[معاذ بن جبل]] يحمل راية بني سلمة.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1003.</ref>


==لحوق أبي ذر الغفاري بجيش تبوك==
==لحوق أبي ذر الغفاري بجيش تبوك==
{{مفصلة|أبو ذر الغفاري}}
{{مفصلة|أبو ذر الغفاري}}
كان أبو ذر الغفاري من السائرين مع [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} إلى غزوة تبوك ولكن جَمَله وقف فيه فتخلف عن النبي{{صل}}، فما أبطأ عليه جَمَله أخذ أبو ذر رحله عنه، وحمله على ظهره وتبع النبي{{صل}} ماشيا، فنظر الناس فقالوا: يا رسول الله هذا رجل على الطريق وحده، فقال{{صل}}: كن أبا ذر، وإذا به أبو ذر،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 148.</ref> فقال النبي{{صل}}: رحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده، فضرب الدهر من ضربته، وسير أبو ذر إلى [[الربذة]]، فلما حضره [[الموت]] أوصى امرأته وغلامه إذا مت فاغسلاني، وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر، فلما مات فعلوا به كذلك، فاطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]] في رهط من أهل [[الكوفة]]، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود (رضي الله عنه) يبكي، فقال: صدق [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} يرحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده ويبعث وحده، فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه فلما قدموا [[المدينة]] ذُكر ل[[عثمان بن عفان|عثمان]] قول عبد الله وما ولي منه.<ref>الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 52.</ref>
كان أبو ذر الغفاري من السائرين مع [[النبي (ص)|النبي]]{{اختصار/ص}} إلى غزوة تبوك ولكن جَمَله وقف فيه فتخلف عن النبي{{اختصار/ص}}، فما أبطأ عليه جَمَله أخذ أبو ذر رحله عنه، وحمله على ظهره وتبع النبي{{اختصار/ص}} ماشيا، فنظر الناس فقالوا: يا رسول الله هذا رجل على الطريق وحده، فقال{{اختصار/ص}}: كن أبا ذر، وإذا به أبو ذر،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 148.</ref> فقال النبي{{اختصار/ص}}: رحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده، فضرب الدهر من ضربته، وسير أبو ذر إلى [[الربذة]]، فلما حضره [[الموت]] أوصى امرأته وغلامه إذا مت فاغسلاني، وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر، فلما مات فعلوا به كذلك، فاطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]] في رهط من أهل [[الكوفة]]، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود (رضي الله عنه) يبكي، فقال: صدق [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{اختصار/ص}} يرحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده ويبعث وحده، فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه فلما قدموا [[المدينة]] ذُكر ل[[عثمان بن عفان|عثمان]] قول عبد الله وما ولي منه.<ref>الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 52.</ref>


==جيوش الإسلام في الحِجر==
==جيوش الإسلام في الحِجر==
روي عن سالم أن [[عبد الله بن عمر|ابن عمر]] قال: لما مرَّ [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} بالحِجر قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا انفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل الذي أصابهم، ثم قنّع رسول الله{{صل}} رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.<ref>الصنعاني، مصنف عبد الرزاق، ج 1، ص 415.</ref>
روي عن سالم أن [[عبد الله بن عمر|ابن عمر]] قال: لما مرَّ [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{اختصار/ص}} بالحِجر قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا انفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل الذي أصابهم، ثم قنّع رسول الله{{اختصار/ص}} رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.<ref>الصنعاني، مصنف عبد الرزاق، ج 1، ص 415.</ref>


ولما نزل [[المسلمون]] أرض الحِجر - وهو منزل [[ثمود]] - استقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسول اللَّه{{صل}}: لا تشربوا من مائها شيئا، ولا تتوضئوا منه [[الصلاة|للصلاةِ]]، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا، ففعلوا،<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 521.</ref> وتحوّل الناس إلى بئر [[النبي صالح]]{{ع}} فاستقوا منه حتى ارتووا.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1007.</ref>
ولما نزل [[المسلمون]] أرض الحِجر - وهو منزل [[ثمود]] - استقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسول اللَّه{{اختصار/ص}}: لا تشربوا من مائها شيئا، ولا تتوضئوا منه [[الصلاة|للصلاةِ]]، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا، ففعلوا،<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 521.</ref> وتحوّل الناس إلى بئر [[النبي صالح]]{{ع}} فاستقوا منه حتى ارتووا.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1007.</ref>


==وفود رسول ملك الروم==
==وفود رسول ملك الروم==
بعث [[هرقل]] ملك [[الروم]] رجلا من غسان يستخبر حال [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} وينظر إلى علامات موجود فيه، وهي: خاتم [[النبوة]] بين كتفيه، وأنه لا يقبل [[الصدقة]]، ووجود حمرة في عينيه، فلما أخبره الرجل بهذه العلامات فيه {{صل}} دعا هرقل قومه إلى التصديق بنبوة الرسول الأكرم {{صل}} فأبوا حتى خاف على ملكه، وبقي هرقل في موضعه لم يتحرك ولم يزحف، فرجع النبي {{صل}} إلى [[المدينة]] قافلا.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1018 - 1019.</ref>
بعث [[هرقل]] ملك [[الروم]] رجلا من غسان يستخبر حال [[النبي (ص)|النبي]] {{اختصار/ص}} وينظر إلى علامات موجود فيه، وهي: خاتم [[النبوة]] بين كتفيه، وأنه لا يقبل [[الصدقة]]، ووجود حمرة في عينيه، فلما أخبره الرجل بهذه العلامات فيه {{اختصار/ص}} دعا هرقل قومه إلى التصديق بنبوة الرسول الأكرم {{اختصار/ص}} فأبوا حتى خاف على ملكه، وبقي هرقل في موضعه لم يتحرك ولم يزحف، فرجع النبي {{اختصار/ص}} إلى [[المدينة]] قافلا.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1018 - 1019.</ref>


==الصلح بين الرسول (ص) ويُحنة==
==الصلح بين الرسول (ص) ويُحنة==
لما انتهى [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{صل}} إلى تبوك، أتاه يُحنة بن رُؤبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله {{صل}} وأعطاه [[الجزية]]، وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية، وكتب رسول الله {{صل}} لهم كتابا.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 108.</ref>
لما انتهى [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{اختصار/ص}} إلى تبوك، أتاه يُحنة بن رُؤبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله {{اختصار/ص}} وأعطاه [[الجزية]]، وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية، وكتب رسول الله {{اختصار/ص}} لهم كتابا.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 108.</ref>


==رجوع النبي (ص) إلى المدينة==
==رجوع النبي (ص) إلى المدينة==
أقام رسول اللَّه {{صل}} بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ولم يقدم عليه [[الروم|الرومُ]] والعربُ المتنصِّرة، فعاد إِلى [[المدينة]]،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 149.</ref> ووصل النبي {{صل}} إلى المدينة المنورة في [[شهر رمضان]] المبارك في سنة [[9 هـ]].<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 111.</ref>
أقام رسول اللَّه {{اختصار/ص}} بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ولم يقدم عليه [[الروم|الرومُ]] والعربُ المتنصِّرة، فعاد إِلى [[المدينة]]،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 149.</ref> ووصل النبي {{اختصار/ص}} إلى المدينة المنورة في [[شهر رمضان]] المبارك في سنة [[9 هـ]].<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 111.</ref>


==أحداث الرجوع للمدينة==
==أحداث الرجوع للمدينة==
*أسر أُكيدر ثم مصالحته
*أسر أُكيدر ثم مصالحته
في طريق رجوع [[المسلمين]] من تبوك إلى [[المدينة]] دعا [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} [[خالد بن الوليد]] وبعثه إلى أُكيدر بن عبد الملك ملك كندة وكان [[النصارى|نصرانيا]]، وقال له رسول الله {{صل}}: إنك ستجده يصيد البقر، فلاقاه خالد بن الوليد وأسره وجاء به للنبي الأكرم {{صل}} فحقن دمه فصالحه على [[الجزية]]، ثم خلى سبيله، فقال رجل من طيّئ يُقال له: بجير بن بجرة في ذلك:  
في طريق رجوع [[المسلمين]] من تبوك إلى [[المدينة]] دعا [[النبي (ص)|النبي]] {{اختصار/ص}} [[خالد بن الوليد]] وبعثه إلى أُكيدر بن عبد الملك ملك كندة وكان [[النصارى|نصرانيا]]، وقال له رسول الله {{اختصار/ص}}: إنك ستجده يصيد البقر، فلاقاه خالد بن الوليد وأسره وجاء به للنبي الأكرم {{اختصار/ص}} فحقن دمه فصالحه على [[الجزية]]، ثم خلى سبيله، فقال رجل من طيّئ يُقال له: بجير بن بجرة في ذلك:  
{{بداية قصيدة}}
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|تبارك سائق البقــــــــــــرات إِني|رأيت اللَّه يهدي كلَّ هادِ}}
{{بيت|تبارك سائق البقــــــــــــرات إِني|رأيت اللَّه يهدي كلَّ هادِ}}
{{بيت|فمن يكُ حائدًا عن ذي تبوك|فإِنَّا قد أُمــــــــــرنا بالجهادِ<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 179 - 180.</ref>}}
{{بيت|فمن يكُ حائدًا عن ذي تبوك|فإِنَّا قد أُمــــــــــرنا بالجهادِ<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 179 - 180.</ref>}}
{{نهاية قصيدة}}  
{{نهاية قصيدة}}  
*محاولة اغتيال النبي {{صل}} في العقبة
*محاولة اغتيال النبي {{اختصار/ص}} في العقبة
روي عن [[عروة بن الزبير]] أنه قال: لما قفل رسول الله {{صل}} من تبوك إلى [[المدينة]]، هَمَّ جماعة من [[النفاق|المنافقين]] بالفتك به، وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق، فأخبر بخبرهم، فأمر الناس بالمسير من الوادي، وصعد هو العقبة، وأمر رسول الله {{صل}} [[عمار بن ياسر]] و[[حذيفة بن اليمان]] أن يمشيا معه، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشوهم، فانبهت رسول الله {{صل}} فصرخ بهم فولوا مدبرين، <ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 183.</ref> وظن القوم أن رسول الله {{صل}} قد أطلع على مكرهم، فانحطوا من العقبة مسرعين حتى خالطوا الناس، وأقبلَ حذيفةُ حتى أتى [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{صل}} فساق به، فلما خرج رسول الله {{صل}} من العقبة نزل الناس، فقال النبي {{صل}}: يا حذيفة، هل عرفت أحدا من الركب الذين رددتهم؟ قال: يا رسول الله، عرفت راحلة فلان وفلان، وكان القوم متلثمين فلم أبصرهم من أجل ظُلمة الليل،<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1043.</ref> وكان عددهم أربعة عشر رجلا، وقيل اثني عشر رجلا.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 184.</ref>
روي عن [[عروة بن الزبير]] أنه قال: لما قفل رسول الله {{اختصار/ص}} من تبوك إلى [[المدينة]]، هَمَّ جماعة من [[النفاق|المنافقين]] بالفتك به، وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق، فأخبر بخبرهم، فأمر الناس بالمسير من الوادي، وصعد هو العقبة، وأمر رسول الله {{اختصار/ص}} [[عمار بن ياسر]] و[[حذيفة بن اليمان]] أن يمشيا معه، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشوهم، فانبهت رسول الله {{اختصار/ص}} فصرخ بهم فولوا مدبرين، <ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 183.</ref> وظن القوم أن رسول الله {{اختصار/ص}} قد أطلع على مكرهم، فانحطوا من العقبة مسرعين حتى خالطوا الناس، وأقبلَ حذيفةُ حتى أتى [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{اختصار/ص}} فساق به، فلما خرج رسول الله {{اختصار/ص}} من العقبة نزل الناس، فقال النبي {{اختصار/ص}}: يا حذيفة، هل عرفت أحدا من الركب الذين رددتهم؟ قال: يا رسول الله، عرفت راحلة فلان وفلان، وكان القوم متلثمين فلم أبصرهم من أجل ظُلمة الليل،<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1043.</ref> وكان عددهم أربعة عشر رجلا، وقيل اثني عشر رجلا.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 184.</ref>
*قصة [[مسجد ضرار]]
*قصة [[مسجد ضرار]]
لما نزل رسول الله {{صل}} في طريق رجوعه من تبوك إلى المدينة بذي أوان، وهي بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار، أتاه خبر مسجد ضرار من الله تعالى - قد كان دُعي من بناته للصلاة فيه أثناء تجهزه إلى تبوك، فقال {{صل}}: إني على سفر وحال شغل، فان رجعت صليت فيه - فدعا رسول الله {{صل}} مالك بن الدخشم ومعن بن عدي فقال: إنطلقا إلى [[المسجد]] الظالم أهله فاهدماه وحرِّقاه، فذهبا فحرَّقاه وهدَّماه، وتفَرَّق أهله عنه، ونزل فيهم قوله تعالى: {{قرآن|وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}}<ref>التوبة: 107.</ref>  <ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 110.</ref>
لما نزل رسول الله {{اختصار/ص}} في طريق رجوعه من تبوك إلى المدينة بذي أوان، وهي بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار، أتاه خبر مسجد ضرار من الله تعالى - قد كان دُعي من بناته للصلاة فيه أثناء تجهزه إلى تبوك، فقال {{اختصار/ص}}: إني على سفر وحال شغل، فان رجعت صليت فيه - فدعا رسول الله {{اختصار/ص}} مالك بن الدخشم ومعن بن عدي فقال: إنطلقا إلى [[المسجد]] الظالم أهله فاهدماه وحرِّقاه، فذهبا فحرَّقاه وهدَّماه، وتفَرَّق أهله عنه، ونزل فيهم قوله تعالى: {{قرآن|وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}}<ref>التوبة: 107.</ref>  <ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 110.</ref>


==معجزات النبي (ص) ==
==معجزات النبي (ص) ==
لقد حصلت للنبي الأكرم {{صل}} الكثير من [[المعجزة|المعاجز]]، ومنها:
لقد حصلت للنبي الأكرم {{اختصار/ص}} الكثير من [[المعجزة|المعاجز]]، ومنها:
*تبشيره [[المسلمين]] بانتصار [[الإسلام]]
*تبشيره [[المسلمين]] بانتصار [[الإسلام]]
قال [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{صل}} لِ[[بلال الحبشي|بلال]]: أَلا أُبشركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، وهم يسيرون على رواحلِهم إلى غزوة تبوك، فقال: إنَّ الله أَعطانِي الكنزين فارس والروم، وأمدّنِي بالملوك ملوك حِمْير، يجاهدون في سبيل الله ويأكلون فيء الله.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1011.</ref>
قال [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{اختصار/ص}} لِ[[بلال الحبشي|بلال]]: أَلا أُبشركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، وهم يسيرون على رواحلِهم إلى غزوة تبوك، فقال: إنَّ الله أَعطانِي الكنزين فارس والروم، وأمدّنِي بالملوك ملوك حِمْير، يجاهدون في سبيل الله ويأكلون فيء الله.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1011.</ref>
*صلاته على معاوية بن معاوية الذي مات في [[المدينة]]
*صلاته على معاوية بن معاوية الذي مات في [[المدينة]]
روي عن [[أنس بن مالك]] قال: نزل [[جبريل]] {{ع}} فقال: يا [[محمد (ص)|محمد]] مات [[معاوية بن معاوية المزني]] أفتحبُّ أَن تُصلّى عليه قال: نعم، قال: فضرب جبريل {{ع}} بجناحه فلم تبق شجرة ولا أكمة إِلاَّ تضعضعت ورفع له سريره حتى نظر إِليه وصَلى عليه وخلفه صفَّان من [[الملائكة]] كل صف سبعون ألف مَلَك فقال النبي {{صل}} لجبريل {{ع}}: يا جبريلُ بما نال هذه المنزلة، فقال: بحبه {{قرآن|قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}} وقراءته إِيَّاها جائيا وذاهبا وقائما وقاعدا.<ref>البيهقي، سنن البيهقي، ج 2، ص 260.</ref>
روي عن [[أنس بن مالك]] قال: نزل [[جبريل]] {{ع}} فقال: يا [[محمد (ص)|محمد]] مات [[معاوية بن معاوية المزني]] أفتحبُّ أَن تُصلّى عليه قال: نعم، قال: فضرب جبريل {{ع}} بجناحه فلم تبق شجرة ولا أكمة إِلاَّ تضعضعت ورفع له سريره حتى نظر إِليه وصَلى عليه وخلفه صفَّان من [[الملائكة]] كل صف سبعون ألف مَلَك فقال النبي {{اختصار/ص}} لجبريل {{ع}}: يا جبريلُ بما نال هذه المنزلة، فقال: بحبه {{قرآن|قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}} وقراءته إِيَّاها جائيا وذاهبا وقائما وقاعدا.<ref>البيهقي، سنن البيهقي، ج 2، ص 260.</ref>
*[[المعجزة|معجزة]] عين الماء
*[[المعجزة|معجزة]] عين الماء
لما رجع [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} من تبوك إلى [[المدينة]] كان في الطريق ماء يخرج من وشل ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة بوادي المشفق، فقال النبي {{صل}} لا يسقينه من سبقنا، فسبقه إليه نفر من [[النفاق|المنافقين]] فاستقوا منه، فلما أتاه النبي {{صل}} لم يرَ فيه شيئا فلعن المنافقين الذي استقوا منه، ثم نزل {{صل}} فوضع يده في الوشل، فجعل يُصب في يده ما شاء الله أن يصب، ثم نضحه ومسحه بيده، ودعا الرسول {{صل}} بما شاء الله أن يدعو، فانخرق من [[الماء]] - كما يقول من سمعه -: إنَّ له حِسا كحس الصواعق، فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه، فقال رسول الله {{صل}}: من بقي منكم ليسمعنَّ بهذا الوادِي، وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 109 - 110.</ref>
لما رجع [[النبي (ص)|النبي]] {{اختصار/ص}} من تبوك إلى [[المدينة]] كان في الطريق ماء يخرج من وشل ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة بوادي المشفق، فقال النبي {{اختصار/ص}} لا يسقينه من سبقنا، فسبقه إليه نفر من [[النفاق|المنافقين]] فاستقوا منه، فلما أتاه النبي {{اختصار/ص}} لم يرَ فيه شيئا فلعن المنافقين الذي استقوا منه، ثم نزل {{اختصار/ص}} فوضع يده في الوشل، فجعل يُصب في يده ما شاء الله أن يصب، ثم نضحه ومسحه بيده، ودعا الرسول {{اختصار/ص}} بما شاء الله أن يدعو، فانخرق من [[الماء]] - كما يقول من سمعه -: إنَّ له حِسا كحس الصواعق، فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه، فقال رسول الله {{اختصار/ص}}: من بقي منكم ليسمعنَّ بهذا الوادِي، وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 109 - 110.</ref>
*معجزة الجن
*معجزة الجن
روى المؤرخون انه عارض الناس وهم في مسيرهم إلى غزوة تبوك حيّة عظيمة في خلقها وكبرها، وانصاع الناس عنها، فاقبلت حتى واقفت [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{ع}} وهو على راحلته طويلا، والناس ينظرون إليها، ثم التوت حتى اعتزلت الطريق فقامت قائمة، فأقبل الناس حتى لحقوا برسول الله {{صل}}، فقال لهم: هل تدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فان هذا أحد الرهط الثمانية من [[الجن|الجِن]] الذين يُريدون أن يسمعوا [[القرآن]]، فرأى عليه من الحق- حين ألم رسول الله {{صل}} ببلده - أن يسلّم عليه، وها هو ذَا يُقرئكم السلام، فسلّموا عليه، فقال الناس جميعا: وعليه السلام ورحمة الله، يقول رسول الله {{صل}}: أجيبوا عباد الله من كانوا.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1015.</ref>
روى المؤرخون انه عارض الناس وهم في مسيرهم إلى غزوة تبوك حيّة عظيمة في خلقها وكبرها، وانصاع الناس عنها، فاقبلت حتى واقفت [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{ع}} وهو على راحلته طويلا، والناس ينظرون إليها، ثم التوت حتى اعتزلت الطريق فقامت قائمة، فأقبل الناس حتى لحقوا برسول الله {{اختصار/ص}}، فقال لهم: هل تدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فان هذا أحد الرهط الثمانية من [[الجن|الجِن]] الذين يُريدون أن يسمعوا [[القرآن]]، فرأى عليه من الحق- حين ألم رسول الله {{اختصار/ص}} ببلده - أن يسلّم عليه، وها هو ذَا يُقرئكم السلام، فسلّموا عليه، فقال الناس جميعا: وعليه السلام ورحمة الله، يقول رسول الله {{اختصار/ص}}: أجيبوا عباد الله من كانوا.<ref>الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1015.</ref>


==مساجد الرسول (ص) بين المدينة إلى تبوك==
==مساجد الرسول (ص) بين المدينة إلى تبوك==
لقد ذكر المؤرخون المساجد التي صلى فيها النبي الأكرم {{صل}} وهو في طريقه من المدينة إلى تبوك، وهي:
لقد ذكر المؤرخون المساجد التي صلى فيها النبي الأكرم {{اختصار/ص}} وهو في طريقه من المدينة إلى تبوك، وهي:
{{Div col|2}}
{{Div col|2}}
#مسجد بتبوك.  
#مسجد بتبوك.  

مراجعة ١٥:٤١، ٣٠ ديسمبر ٢٠٢٤

غزوة تبوك
من غزوات الرسول

التاريخ 9 هـ
الموقع تبوك
النتيجة لم يقع قتال
سبب المعركة تجهزهم لغزو المسلمين
المتحاربون
المسلمون الروم
القادة
النبي محمدصلی الله عليه وآله وسلم هرقل


غزوة تبوك هي الغزوة الأخيرة من غزوات النبي حدثت في سنة 9 هـ، فقد جهّز النبي (ص) جيش المسلمين في عام العسرة، وخرج بهم إلى مواجهة الروم الذين تجهزوا للهجوم على المدينة المنورة، وكان عدد جيش المسلمين ثلاثين ألفاً.

تخلّف بعض المنافقين عن هذه الغزوة، ونزلت آيات من سورة التوبة فيهم، والتحق بعض المنافقين بجيش المسلمين، وقد قاموا بعدة أمور خيانة لله ورسولهصلی الله عليه وآله وسلم وللمؤمنين لتثبيط المسلمين عن الجهاد، كما عَمِدَت مجموعة من المنافقين عند رجوع جيش المسلمين إلى محاولة اغتيال النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم في العقبة.

أقام رسول اللَّهصلی الله عليه وآله وسلم بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ولم يقدم عليه الرومُ والعربُ المتنصِّرة، فعاد إِلى المدينة من دون أي اشتباك‌ بين الجيشين.

الموقع الجغرافي

خارطة للموقع الجغرافي لتبوك

تبوكُ: بالفتح ثم الضم: موضع بين وادي القرى والشام، وقيل بركة لأبناء سعد من بني عذرة، وقال أبو زيد: تبوك بين الحِجر وأول الشام على أربع مراحل من الحِجر نحو نصف طريق الشام، وهو حصن به عين ونخل وحائط ينسب إلى النبيصلی الله عليه وآله وسلم ... وتبوك بين جبل حسمى وجبل شرورى، وحسمى غربيها وشرورى شرقيها.[١]

تاريخ الغزوة

كانت غزوة تبوك في شهر رجب في سنة 9 هـ.[٢]

قبلها
غزوة الطائف
غزوات الرسول
غزوة تبوك
بعدها
لا يوجد بعدها غزوة

أسبابها

ذكر المؤرخون أنّ الأنباط كانوا يقدمون المدينة بالدّرمك [٣] والزيت في الجاهلِية وبعد أن دخل الإسلام، فإنما كانت أخبار الشام عند المسلمين كل يوم، لكثرة من يقدم عليهم من الأنباط،[٤] فوصل خبر إلى النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم أن هرقل ملك الروم ومن عنده من متنصرة العرب قد عزموا على قصده، فتجهز هو والمسلمون وساروا إلى الروم.[٥]

وذكر اليعقوبي أن سبب خروج النبي صلی الله عليه وآله وسلم إلى تبوك من أرض الشام أنه خرج للطلب بدم جعفر بن أبي طالبعليه السلام.[٦]

تجهيز الجيش

قال ابن إِسحاق: أنَّ رسول اللَّهصلی الله عليه وآله وسلم قلما كان يخرج في غزوة إلا أظهر أنه يريد غيرها، إلا غزوة تبوك فإنه قال: أيها الناس، إني أريد الروم، فأَعلمهم، وذلك في شدة الحر وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار؛ والناس يحبون المقام في ثمارهم،[٧] وحض النبيصلی الله عليه وآله وسلم أهل الغنى على النفقة في سبيل الله ورغبهم في ذلك، فحمل من أهل الغنى ما يقدرون عليه،[٨] واشتركت نساء المسلمين في الإنفاق على غزوة تبوك بما لديهن من مِسْك،[٩] ومعاضد،[١٠] وخلاخل،[١١] وأقرطة وخواتيم.[١٢]

أعمال المنافقين

لقد عَمِدَ المنافقون إلى إثارة المشاكل بين المسلمين في غزوة تبوك، ومن أعمالهم:

في المدينة

  • الجد بن قيس

طلب النبيصلی الله عليه وآله وسلم من الجد بن قيس وهو من أحد بني سلمة أن يخرج مع المسلمين لحرب الروم فأجاب بقوله: يا رسول اللَّه، أو تأذن لي ولا تفتنى؟ فو الله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر، فأعرض عنه رسول اللَّهصلی الله عليه وآله وسلم، وقال: قد أذنتُ لك، وفيه نزل قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ[١٣] لقد كان خائفا من فتنة النساء فسقط في فتنة أكبر منها وهي فتنة تخلفه عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم.[١٤]

قال قائل من المنافقين لبعض: لا تنفروا في الحر، زهادة في الجهاد، وشكّا في الحق، وإرجافا بالرسول، فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُون.[١٥] [١٦]

جاء بعض المنافقين يستأذنون رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم من غير عِلَّة فأذن لهم، وكان المنافقون الذين استأذنوا بضعة وثمانين، وجاء المعذرون من الأعراب فاعتذروا إليه، فلم يعذرهم الله وهم نفر من بني غفار، منهم خُفاف بن إيماء بن رخضة، اثنان وثمانون رجلا، ونزل فيهم قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.[١٧] [١٨]

ولما سار رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم تخلّف عنه عبد الله بن أُبي فيمن تخلّف من المنافقين وأهل الريب، وكان عبد الله بن أُبي أخا بني عوف بن الخزرج، وعبد الله بن نبتل أخا بني عمرو بن عوف، ورفاعة بن زيد بن التابوت أخا بني قينقناع، وكانوا من عظماء المنافقين، وكانوا ممن يكيد الإسلام وأهله.[١٩]

لما خرج النبيصلی الله عليه وآله وسلم إلى تبوك خلّف الإمام عليعليه السلام على أهله في المدينة وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف المنافقون، وقالوا: ما خلّفه إلا استثقالا وتخففا منه، فأخذ عليعليه السلام سلاحه ولحق بالنبيصلی الله عليه وآله وسلم وأخبره بما قالوا، فقالصلی الله عليه وآله وسلم: كذبوا ولكني خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، [٢٠] ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلَّا أنه ليس نبيٌّ بعدي.[٢١]

في طريق تبوك

روي عن أبي سعيد الخدري ان النبيصلی الله عليه وآله وسلم لما ارتحل لتبوك وأصبح ولا ماء مع الناس معه، فشكوا إليهصلی الله عليه وآله وسلم العطش، فاستقبل القبلة - ولا سحاب في السماء - ودعا، فما برح يدعو حتي تجمع السحاب من كل ناحية، فساحت السماء على الناس بالرواء، فأخذصلی الله عليه وآله وسلم يُكبّر، فسقي الناس وارتووا عن آخرهم، ورسول الله صلی الله عليه وآله وسلم يقول: أشهد أني رسول الله، فسأل أحد الصحابة أحد المنافقين: ويحك أبعدَ هذا شئ. فقال: سحابة مارة، وهو أوس بن قيظي، وقيل: زيد بن اللصيت.[٢٢]

  • قولهم في ضلال ناقة النبي صلی الله عليه وآله وسلم

في الطريق إلى تبوك سار النبيصلی الله عليه وآله وسلم فضلّت ناقته، فخرج أصحابه في طلبها، فقال زيد بن اللصيت القينقاعي - وكان منافقا - : أليس يزعم محمد أنه نبي، ويُخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟ وكان زيد في رحل عُمارة بن حزم وكان عقبيا بدريا، فقال النبيصلی الله عليه وآله وسلم وعمارة عنده: إنَّ رجلا قال كذا وكذا، وإني والله لا أعلم إلا ما علّمني الله، وقد دلّني عليها، وهي في هذا الوادي في شعب كذا، وقد حبستها شجرة بزمامها، فذهبوا فجاؤوا بها، فذهب عُمارة إلى رحله وأخرج زيد منه.[٢٣]

  • تخذيلهم للمسلمين

روى المؤرخون انه كان هناك رهط من المنافقين يسيرون مع النبيصلی الله عليه وآله وسلم، ومنهم وديعة بن ثابت، والجلاس بن سويد بن الصامت، ومخشي بن حمير ، وثغلبة بن حاطب، فقالوا: تحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم؟ والله لكأنا بكم غدا مقرّنين في الحبال، إرجافا برسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم وترهيبا للمسلمين.[٢٤]

عدد جيش المسلمين

خارطة لغزوات رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم

لما عزم رسول اللَّهصلی الله عليه وآله وسلم على غزو الروم عام تبوك، وكان ذلك في حر شديد وضيق من الحال، جلّى للناس أمرها ودعا من حولهُ من أحياء الأعراب للخروج معه، فأوْعب معه بشرٌ كثيرٌ، قريبا من ثلاثين ألفا، وتخلّف آخرون، فعاتب اللَّهُ من تخلّف منهم لغير عذر من المنافقين والمقصرين، ولامهم ووبخهم وقرَّعهم أشد التقريع، وفضحهم أشدَّ الفضيحة، وأنزل فيهم قرآنا يتلى وبيّن أمرهم في سورة براءة.[٢٥]

كان المتخلفون عن غزوة تبوك أربعة أقسام:

  1. مأمورون مأجورون كعلي بن أبي طالب عليه السلام ومحمد بن مسلمة وابن أم مكتوم.
  2. معذورون وهم الضعفاء والمرضى والمُقلّون وهم البكاءون.
  3. عصاة مذنبون وهم الثلاثة وأبو لبابة وأصحابه المذكورون.
  4. ملومون مذمومون وهم المنافقون.[٢٦]

وكان رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم قد دفع راية بني مالك بن النجار إلى عمارة بن حزم، فأدرك رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم زيد بن ثابت فأعطاه الراية، وأمّر في الأوس والخزرج أن يحمل راياتهم أكثرهم أخذا للقرآن، وكان أبو زيد يحمل راية بني عمرو بن عوف، وكان معاذ بن جبل يحمل راية بني سلمة.[٢٧]

لحوق أبي ذر الغفاري بجيش تبوك

كان أبو ذر الغفاري من السائرين مع النبيصلی الله عليه وآله وسلم إلى غزوة تبوك ولكن جَمَله وقف فيه فتخلف عن النبيصلی الله عليه وآله وسلم، فما أبطأ عليه جَمَله أخذ أبو ذر رحله عنه، وحمله على ظهره وتبع النبيصلی الله عليه وآله وسلم ماشيا، فنظر الناس فقالوا: يا رسول الله هذا رجل على الطريق وحده، فقالصلی الله عليه وآله وسلم: كن أبا ذر، وإذا به أبو ذر،[٢٨] فقال النبيصلی الله عليه وآله وسلم: رحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده، فضرب الدهر من ضربته، وسير أبو ذر إلى الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه إذا مت فاغسلاني، وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر، فلما مات فعلوا به كذلك، فاطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود (رضي الله عنه) يبكي، فقال: صدق رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم يرحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده ويبعث وحده، فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه فلما قدموا المدينة ذُكر لعثمان قول عبد الله وما ولي منه.[٢٩]

جيوش الإسلام في الحِجر

روي عن سالم أن ابن عمر قال: لما مرَّ رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم بالحِجر قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا انفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل الذي أصابهم، ثم قنّع رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.[٣٠]

ولما نزل المسلمون أرض الحِجر - وهو منزل ثمود - استقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسول اللَّهصلی الله عليه وآله وسلم: لا تشربوا من مائها شيئا، ولا تتوضئوا منه للصلاةِ، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا، ففعلوا،[٣١] وتحوّل الناس إلى بئر النبي صالحعليه السلام فاستقوا منه حتى ارتووا.[٣٢]

وفود رسول ملك الروم

بعث هرقل ملك الروم رجلا من غسان يستخبر حال النبي صلی الله عليه وآله وسلم وينظر إلى علامات موجود فيه، وهي: خاتم النبوة بين كتفيه، وأنه لا يقبل الصدقة، ووجود حمرة في عينيه، فلما أخبره الرجل بهذه العلامات فيه صلی الله عليه وآله وسلم دعا هرقل قومه إلى التصديق بنبوة الرسول الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم فأبوا حتى خاف على ملكه، وبقي هرقل في موضعه لم يتحرك ولم يزحف، فرجع النبي صلی الله عليه وآله وسلم إلى المدينة قافلا.[٣٣]

الصلح بين الرسول (ص) ويُحنة

لما انتهى رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إلى تبوك، أتاه يُحنة بن رُؤبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية، وكتب رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم لهم كتابا.[٣٤]

رجوع النبي (ص) إلى المدينة

أقام رسول اللَّه صلی الله عليه وآله وسلم بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ولم يقدم عليه الرومُ والعربُ المتنصِّرة، فعاد إِلى المدينة،[٣٥] ووصل النبي صلی الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة في شهر رمضان المبارك في سنة 9 هـ.[٣٦]

أحداث الرجوع للمدينة

  • أسر أُكيدر ثم مصالحته

في طريق رجوع المسلمين من تبوك إلى المدينة دعا النبي صلی الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد وبعثه إلى أُكيدر بن عبد الملك ملك كندة وكان نصرانيا، وقال له رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم: إنك ستجده يصيد البقر، فلاقاه خالد بن الوليد وأسره وجاء به للنبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم فحقن دمه فصالحه على الجزية، ثم خلى سبيله، فقال رجل من طيّئ يُقال له: بجير بن بجرة في ذلك:

تبارك سائق البقــــــــــــرات إِنيرأيت اللَّه يهدي كلَّ هادِ
فمن يكُ حائدًا عن ذي تبوكفإِنَّا قد أُمــــــــــرنا بالجهادِ[٣٧]
  • محاولة اغتيال النبي صلی الله عليه وآله وسلم في العقبة

روي عن عروة بن الزبير أنه قال: لما قفل رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم من تبوك إلى المدينة، هَمَّ جماعة من المنافقين بالفتك به، وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق، فأخبر بخبرهم، فأمر الناس بالمسير من الوادي، وصعد هو العقبة، وأمر رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أن يمشيا معه، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشوهم، فانبهت رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم فصرخ بهم فولوا مدبرين، [٣٨] وظن القوم أن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم قد أطلع على مكرهم، فانحطوا من العقبة مسرعين حتى خالطوا الناس، وأقبلَ حذيفةُ حتى أتى رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم فساق به، فلما خرج رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم من العقبة نزل الناس، فقال النبي صلی الله عليه وآله وسلم: يا حذيفة، هل عرفت أحدا من الركب الذين رددتهم؟ قال: يا رسول الله، عرفت راحلة فلان وفلان، وكان القوم متلثمين فلم أبصرهم من أجل ظُلمة الليل،[٣٩] وكان عددهم أربعة عشر رجلا، وقيل اثني عشر رجلا.[٤٠]

لما نزل رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم في طريق رجوعه من تبوك إلى المدينة بذي أوان، وهي بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار، أتاه خبر مسجد ضرار من الله تعالى - قد كان دُعي من بناته للصلاة فيه أثناء تجهزه إلى تبوك، فقال صلی الله عليه وآله وسلم: إني على سفر وحال شغل، فان رجعت صليت فيه - فدعا رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم مالك بن الدخشم ومعن بن عدي فقال: إنطلقا إلى المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرِّقاه، فذهبا فحرَّقاه وهدَّماه، وتفَرَّق أهله عنه، ونزل فيهم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ[٤١] [٤٢]

معجزات النبي (ص)

لقد حصلت للنبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم الكثير من المعاجز، ومنها:

قال رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم لِبلال: أَلا أُبشركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، وهم يسيرون على رواحلِهم إلى غزوة تبوك، فقال: إنَّ الله أَعطانِي الكنزين فارس والروم، وأمدّنِي بالملوك ملوك حِمْير، يجاهدون في سبيل الله ويأكلون فيء الله.[٤٣]

  • صلاته على معاوية بن معاوية الذي مات في المدينة

روي عن أنس بن مالك قال: نزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد مات معاوية بن معاوية المزني أفتحبُّ أَن تُصلّى عليه قال: نعم، قال: فضرب جبريل عليه السلام بجناحه فلم تبق شجرة ولا أكمة إِلاَّ تضعضعت ورفع له سريره حتى نظر إِليه وصَلى عليه وخلفه صفَّان من الملائكة كل صف سبعون ألف مَلَك فقال النبي صلی الله عليه وآله وسلم لجبريل عليه السلام: يا جبريلُ بما نال هذه المنزلة، فقال: بحبه ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقراءته إِيَّاها جائيا وذاهبا وقائما وقاعدا.[٤٤]

لما رجع النبي صلی الله عليه وآله وسلم من تبوك إلى المدينة كان في الطريق ماء يخرج من وشل ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة بوادي المشفق، فقال النبي صلی الله عليه وآله وسلم لا يسقينه من سبقنا، فسبقه إليه نفر من المنافقين فاستقوا منه، فلما أتاه النبي صلی الله عليه وآله وسلم لم يرَ فيه شيئا فلعن المنافقين الذي استقوا منه، ثم نزل صلی الله عليه وآله وسلم فوضع يده في الوشل، فجعل يُصب في يده ما شاء الله أن يصب، ثم نضحه ومسحه بيده، ودعا الرسول صلی الله عليه وآله وسلم بما شاء الله أن يدعو، فانخرق من الماء - كما يقول من سمعه -: إنَّ له حِسا كحس الصواعق، فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه، فقال رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم: من بقي منكم ليسمعنَّ بهذا الوادِي، وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه.[٤٥]

  • معجزة الجن

روى المؤرخون انه عارض الناس وهم في مسيرهم إلى غزوة تبوك حيّة عظيمة في خلقها وكبرها، وانصاع الناس عنها، فاقبلت حتى واقفت رسول الله عليه السلام وهو على راحلته طويلا، والناس ينظرون إليها، ثم التوت حتى اعتزلت الطريق فقامت قائمة، فأقبل الناس حتى لحقوا برسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، فقال لهم: هل تدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فان هذا أحد الرهط الثمانية من الجِن الذين يُريدون أن يسمعوا القرآن، فرأى عليه من الحق- حين ألم رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ببلده - أن يسلّم عليه، وها هو ذَا يُقرئكم السلام، فسلّموا عليه، فقال الناس جميعا: وعليه السلام ورحمة الله، يقول رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم: أجيبوا عباد الله من كانوا.[٤٦]

مساجد الرسول (ص) بين المدينة إلى تبوك

لقد ذكر المؤرخون المساجد التي صلى فيها النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم وهو في طريقه من المدينة إلى تبوك، وهي:

  1. مسجد بتبوك.
  2. مسجد بثنية مدران.
  3. مسجد بذات الزراب.
  4. مسجد بالأخضر.
  5. مسجد بذات الخطمي.
  6. مسجد بألاء.
  7. مسجد بطرف البتراء، من ذنب كواكب.
  8. مسجد بالشق، شقّ تارا.
  9. مسجد بذي الْجيفة.
  10. مسجد بصدر خوضى.
  11. مسجد بالحِجر.
  12. مسجد بالصعيد.
  13. مسجد بالوادي، اليوم، وادي القُرى.
  14. مسجد بالرقعة من الشقة، شقة بني عُذرة.
  15. مسجد بذي المروة.
  16. مسجد بالفيفاء.
  17. مسجد بذي خُشُب.[٤٧]

ما نزل من القرآن في غزوة تبوك

لقد نزلت في غزوة تبوك بعض الآيات الشريفة في سورة التوبة، ومنها:

  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .[٤٨]
  • ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.[٤٩]

الهوامش

  1. الحموي، معجم البلدان، ج 2، ص 14.
  2. ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 128.
  3. الدرمك: دقيق الحوارى.
  4. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 989 - 990.
  5. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 145.
  6. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 56.
  7. الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 1، ص 420.
  8. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102.
  9. المسك: أسورة من ذبل أو عاج.
  10. المعاضد: الدمالج.
  11. الخلاخل: الحلي.
  12. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 992.
  13. التوبة: 49.
  14. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 516.
  15. التوبة: 81.
  16. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102.
  17. التوبة: 90.
  18. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 995.
  19. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 103.
  20. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 155.
  21. البخاري، صحيح البخاري، ج 6، ص 3.
  22. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1008 - 1009.
  23. الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 1، ص 430 - 431.
  24. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1003.
  25. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 145.
  26. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 200.
  27. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1003.
  28. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 148.
  29. الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 52.
  30. الصنعاني، مصنف عبد الرزاق، ج 1، ص 415.
  31. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 521.
  32. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1007.
  33. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1018 - 1019.
  34. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 108.
  35. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 149.
  36. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 111.
  37. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 179 - 180.
  38. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 183.
  39. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1043.
  40. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 184.
  41. التوبة: 107.
  42. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 110.
  43. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1011.
  44. البيهقي، سنن البيهقي، ج 2، ص 260.
  45. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 109 - 110.
  46. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1015.
  47. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 530 - 531.
  48. التوبة: 38 - 39
  49. التوبة: 120.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن الأثير، محمد بن محمد، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتاب العربي، ط 1، 1417 هـ - 1997 م.
  • ابن العماد الحنبلي، عبد الحي بن أحمد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، حققه: محمود الأرناؤوط، بيروت - لبنان، الناشر: دار ابن كثير، ط 1، 1406 هـ - 1986 م.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، د.م، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط 1، 1424 هـ - 2003 م.
  • ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، مصر، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط 2، 1375 هـ - 1955 م.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، د.م، الناشر: دار طوق النجاة، ط 1، 1422 هـ.
  • البيهقي، أحمد بن الحسين، سنن البيهقي، حيدر آباد - الهند، الناشر : مجلس دائرة المعارف النظامية، ط 1، 1344 هـ.
  • الحاكم النيسابوري، محمد بن عبدالله، المستدرك على الصحيحين، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، الناشر : دار الكتب العلمية، ط 1، 1411 هـ - 1990 م.
  • الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف، د.م، الناشر: دار الغرب الإسلامي، ط 1، 2003 م.
  • الصنعاني، عبد الرزاق بن همام، مصنف عبد الرزاق، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي، بيروت - لبنان، الناشر : المكتب الإسلامي، ط 2، 1403 هـ.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري (تاريخ الأمم و الملوك)، بيروت - لبنان، الناشر: دار التراث، ط 2، 1387 هـ.
  • الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، بيروت - لبنان، الناشر: دار الأعلمي، ط 3، 1409 هـ - 1989م.
  • اليعقوبي، أحمد بن يعقوب، تاريخ اليعقوبي، قدمه وعلق عليه: السيد محمد صادق بحر العلوم، النجف الأشرف - العراق، منشورات المكتبة الحيدرية، 1384 هـ - 1964 م.