الرؤيا الصادقة، هي الرؤيا في المنام المطابق للحقيقة. وقد أشارت الروايات إليها بأنها "حسنة"، و"صالحة". كما يعتبر الفلاسفة والعرفاء المسلمون أنّ الرؤيا الصادقة في المنام هي نوعٌ من الكشف والشهود. جاء ذكر الرؤيا الصادقة في المصادر الشيعية، والمصادر السنّية. وجاء أيضاً في الروايات أنّ الرؤيا الصادقة هي بشرى من الله تعالى، كما أنها جزء من أجزاء النبوة.
كلمة الرؤيا جاءت في ستة مواضع من القرآن الكريم، منها: رؤيا النبي إبراهيم في ذبح ابنه إسماعيل. كما أنّ هناك بعض الآيات أيضاً تؤيد بأن رؤيا الأنبياء هي وحي إلهي.
قسّمت بعض المصادر الرؤيا الصادقة إلى ثلاثة أقسام: 1- الرؤيا الصادقة التي لا تحتاج إلى تعبير أو تأويل، كرؤيا النبي إبراهيم بشأن ذبح إسماعيل. 2- الرؤيا الصادقة التي يحتاج بعضها إلى تعبير ولكن البعض الآخر لا تحتاج إلى ذلك، كرؤيا النبي يوسف، حيث كان المقصود من الشمس والقمر والنجوم، الأقارب، ولكن السجود بقي على حاله، ولم يتم تعبيره. 3- الرؤيا التي تحتاج إلى تعبير وتأويل، كرؤيا عزيز مصر، في زمن النبي يوسف .
المفهوم والأهمية
الرؤيا الصادقة هي التي تتطابق مع الحقيقة.[١] أشارت الروايات إلى الرؤيا الصادقة بأنها "حسنة"،[٢] و "صالحة".[٣] كما يعتبر الفلاسفة والعرفاء المسلمون أنّ الرؤيا الصادقة في المنام هي نوعٌ من الكشف والشهود.[٤]
جاء ذكر الرؤيا الصادقة في المصادر الشيعية،[٥] والسنّية.[٦] وجاء أيضاً في الروايات أنّ الرؤيا الصادقة هي بشرى من الله تعالى،[٧] كما أنها جزء من أجزاء النبوة.[٨]
صاحب الرؤيا الصادقة
باتفاق علماء المسلمين أنّ لأنبياء الله رؤيا صادقة وهي الوحي. كذلك أنّ للأئمة رؤيا صادقة أيضاً، وإن لم يكن لها اسم الوحي، لكنها بحكم الوحي.[٩] وبحسب ما جاء في الروايات أنّ للمؤمنين رؤيا صادقة أيضاً.[١٠] كما نصّت أحاديث وردت عن النبي على أنّ الرؤيا الصادقة هي أحد أجزاء النبوة.[١١]
وكذلك ورد في الروايات من الكتب الشيعية والسنّية في ذيل الآية: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾،[١٢] أنّ معنى البشرى للمؤمن في الحياة الدنيا هي الرؤيا الصادقة التي يراها في منامه.[١٣]
الرؤيا الصادقة في القرآن
جاءت الرؤيا الصادقة في القرآن الكريم في ستة مواضع:
- منام نبي الإسلام قبل فتح مكة أن يدخل هو وأصحابه مكة ويؤدون فريضة الحج. حيث ورد ذلك في الآية 27 من سورة الفتح.
- منام النبي الأكرم عن الشجرة الملعونة في الآية 60 من سورة الإسراء. في هذا المنام رأى النبي بعض القرود تصعد وتنزل من على منبره. فقيل أنّ تفسير هذا الرؤيا كان حكم بني أمية بعد النبي.
- منام النبي إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل ، كما ورد في الآية 102 من سورة الصافات. وفي الآيات 104 و 105 من هذه السورة تم تأكيد صحة هذا الرؤيا.
- منام النبي يوسف في صغره حيث يسجد له أحد عشر كوكباً والشمس والقمر، كما في الآية 4 من سورة يوسف. وفقاً لآيات القرآن تحققت هذه الرؤية بعد عدة سنوات، وذلك عندما أصبح يوسف عزيزاً على مصر، وانحنى له أبيه يعقوب وزوجته وأخوته الأحد عشر، كما في الآية 100 من سورة يوسف.
- منام صاحبي يوسف السجينان، حيث رأى أحدهما أنه يصنع الخمر من العنب، والآخر رأى أنه يحمل على رأسه خبزاً والطير تأكل منه، كما في الآية 36 من سورة يوسف، وفي الآية 41 من نفس السورة، عبّر يوسف هذين المنامين بطريقةٍ جعلت الأول يخرج من السجن، ويكون خادماً للملك، وأما الثاني فيُصلب وتأكل الطير من رأسه.
- منام ملك مصر، حيث أكلت سبع بقرات هزيلة سبع بقرات سمينة وسبع سنابل يابسة لسبع سنابل خضراء، كما في الآ43 من سورة يوسف، وبناءً على الآيتين 46 و 47 من نفس السورة، فسّرها يوسف على أنه حدوث سبع سنوات من وفرة المطر، تليها سبع سنوات من الجفاف.
أقسامها
ذكر التهانوي في كتابه كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم أنّ الرؤيا الصادقة في القرن الحادي عشر والثاني عشر الهجري قُسّمت إلى أقسام:
- رؤيا لا تحتاج إلى تأويلٍ وتعبير، كرؤيا النبي إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل .
- رؤيا تحتاج جزئياً إلى تعبير كرؤيا النبي يوسف الذي كانت فيه الشمس والقمر والنجوم بحاجة إلى تأويل وتعبير، ولكن سجودهم لم يكن له تفسير سوى السجود نفسه.
- رؤيا تحتاج إلى تعبير كامل كرؤيا ملك مصر في زمن النبي يوسف .[١٤]
العوامل والموانع من الرؤيا الصادقة
تحدثت المصادر الإسلامية أيضاً عن أسباب وعقبات الرؤيا الصادقة، حيث ذكر الملا صدرا أنّ طهارة النفس، والابتعاد عن الدنيا والرياضات والمجاهدات النفسية تعتبر إحدى اسباب حصول الرؤى الصادقة.[١٥] كما اعتبر بعض العلماء أنّ الإفراط في الأكل والشرب، وعدم اعتدال المزاج، من العقبات التي تحول دون تحقيق الرؤى الصادقة.[١٦]
الهوامش
- ↑ مجموعة من الباحثين، معجم علوم القرآن، ص 573.
- ↑ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج 8، صص 90-91؛ الشيخ صدوق ، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 133 - 134.
- ↑ ابن أبي جمهور، عوالي اللالي، ج 1، ص 162؛ ابن فهد حلي، عدة الداعي، ص 278.
- ↑ السجادي، ثقافة العلوم الإسلامية، ج 2، صص 928.
- ↑ ابن شهر آشوب، المناقب، ج 2، ص 356؛ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج 8، صص 90-91؛ الشيخ صدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 1، صص 133 - 134.
- ↑ المتقي الهندي، علي بن حسام، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، صص 362-372.
- ↑ المجلسي، محمد باقر، بحر الأنوار، ج 48 ، ص 192.
- ↑ ابن فهد حلي، عدة الداعي، ص 277؛ الشيخ صدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص 584.
- ↑ المجلسي، محمد باقر، بحر الأنوار، ج 58 ، ص 210.
- ↑ المجلسي، محمد باقر، بحر الأنوار، ج 58 ، صص 190-192.
- ↑ المجلسي، محمد باقر، بحر الأنوار، ج 58 ، ص 192.
- ↑ سورة يونس: 64.
- ↑ البحراني، هاشم، تفسير البرهان، ج 3، ص 41.
- ↑ التهانوي، کشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم، ج 1، ص 886.
- ↑ الشيرازي، محمد بن إبراهيم، المبدأ والمعاد، ص 467.
- ↑ المجلسي، محمد باقر، بحر الأنوار، ج 58 ، صص 209-210.
المصادر والمراجع
- قرآن کریم.
- ابن أبي جمهور، محمد بن زين الدين، عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية، د. م، دار سيد الشهداء، ط 1، 1405 هـ.
- ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب ، قم - إيران، ط 1، 1379 هـ.
- البحراني، هاشم، البرهان في تفسير القرآن، قم إيران، مؤسسه بعثة، ط 1، 1374 هـ.
- التهانوي، محمد علي، کشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم، بیروت - لبنان، ناشرون، ط 1، 1996 م.
- الشيخ صدوق ، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه، مكتب التبليغ الإسلامي في جامعة المدرسيين في حوزة قم، ط 2، 1413 هـ.
- الشيرازي، محمد بن إبراهيم، المبدأ والمعاد، طهران - إيران، الجمعية الإيرانية للحكمة والفلسفة، د.ط، 1354 ش.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تهران - إيران، دارالکتب الإسلامیة، د. ط، 1407 هـ.
- المتقي الهندي، علي بن حسام، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، بیروت - لبنان، مؤسسة الرسالة، د. ط، 1409 هـ.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار، بیروت - لبنان، دار إحیاء التراث العربی، ط 2، 1403 هـ.
- مجموعة من الباحثين، معجم علوم القرآن، قم- إيران، مكتب التبليغ الإسلامي، ط 1، 1394 ش.