آية التأسي

مقالة مرشحة للجودة
من ويكي شيعة
(بالتحويل من آية الأسوة)
آية التأسي
عنوان الآيةآية التأسي
رقم الآية21
في سورةالأحزاب
في جزء21
رقم الصفحة420
شأن النزولمعركة الأحزاب
مكان النزولالمدينة
الموضوعالاقتداء بالنبي


آية التأسي، هي الآية 21 من سورة الأحزاب، والتي وصف الله فيها نبيهصلی الله عليه وآله وسلم بأسوة حسنة، ودعا المسلمين إلى الاقتداء به، واتباعه، وترك مخالفته.

قال بعض المفسرين صحيح أن الآية وقعت بين آيات معركة الأحزاب لكن هذا لا يعني أن التأسي بالنبي يختص بالمعارك والحروب بل يعم جميع مجالات الحياة، وجميع الأفعال والأقوال، والأحوال، وكذلك لا يختص الخطاب في الآية بمن شارك هذه المعركة بل يشمل جميع المسلمين في جميع الأعصار.

وذكرت الآية ثلاثة شروط للاحتذاء بالرسولصلی الله عليه وآله وسلم، وهي الرجاء برحمة الله، والإيمان بيوم القيامة، وأن يذكروا الله دائما ولن يغفلوا عنه أبدا.

يوجد خلاف بين المفسرين في حكم التأسي فقال بعضهم بوجوبه وقال آخر باستحبابه وخصّ ثالث وجوبه بأمور الدين واستحبابه بأمور الدنيا.

نص الآية وموقعها

وهي الآية 21 من سورة الأحزاب، قال تعالى:


﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً.[١]

التعريف بالآية

اشتهرت الآية 21 من سورة الأحزاب بعنوان آية التأسي،[٢] ووردت هذه الآية بعد الآيات التي تلوم المنافقين،[٣] وقبل الآيات التي تذكر صفات المؤمنين الحقيقيين، ودعت المسلمين أو المكلفين[٤] أو الذين لم يتبعوا النبي (ص) وخالفوه[٥] إلى الاقتداء به وترك مخالفته،[٦] وأومأت إلى أن المسلم الحقيقي هو من اقتدى برسول الله ولم يعص أوامره.[٧]

وكذلك ذكر القرآن الكريم في الآية 4 و6 من سورة الممتحنة أن النبي إبراهيم عليه السلام أسوة في البراءة من الشرك وأهله.[٨][ملاحظة ١]

مفهوم الأسوة

الأسوة في اللغة تعني القدوة،[١٠] وهي الحالة التي يتلبسها الإنسان حينما يتبع الآخر،[١١] أي حالة الاتباع والاقتداء،[١٢] وقيل إنها تستخدم في الاتباع والتأسي في الأعمال الحسنة،[١٣] ويراد بها في الآية اتباع النبي صلی الله عليه وآله وسلم والاقتداء به،[١٤] وأنه أحسن أسوة لإصلاح النفس والسير في الصراط المستقيم.[١٥]

وذُكرت روايات كثيرة بشأن هذه الآية في بعض التفاسير،[١٦] ومنها ما نقل ابن عباس مِن أن الأسوة الحسنة هي السنة الصالحة،[١٧] وذكر بعض المفسرين معنيين في الآية: أحدهما أن نفس النبي صلی الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة، ثانيهما: أن النبي صلی الله عليه وآله وسلم ليس أسوة لكنه فيه صفة تستحق الاتباع والتأسي.[١٨]

شروط التأسي

يتحقق التأسي بالنبيصلی الله عليه وآله وسلم إذا توفرت في الإنسان ثلاث خصائص:

ويعلم من ذكر هذه الخصائص أن الباعث للتأسي هو الإيمان بالمبدأ والمعاد، وأن ذكر الله يسبب دوام التأسي.[٢٨]

نطاق التأسي بالنبي

تطرّق المفسرون في بيان نطاق التأسي إلى جهتين:

  • ساحات التأسي:

خصّ بعض المفسرين التأسي بالنبيصلی الله عليه وآله وسلم في صبره،[٢٩] وتحمّله للجروح والصعوبات في المعارك، وتصرفاته فيها،[٣٠] وإن حسن التأسي به في سائر الساحات[٣١] غير أنه ليس بواجب،[٣٢] بينما عمّمه بعضهم لجميع مجالات وساحات الحياة، الحربية وغيرها، وبعبارة أخرى لجميع الأفعال والأقوال،[٣٣] والأحوال والأخلاق،[٣٤] وذكر آية الله مكارم الشيرازي في تفسير الأمثل بعض هذه المجالات، فقال إن النبيصلی الله عليه وآله وسلم في معنوياته العالية، وصبره، واستقامته، وصموده، وذكائه، ودرايته، وإخلاصه، وتوجهه إلى الله، وتسلطه، وسيطرته على الحوادث، وعدم ركوعه أمام الصعاب والمشاكل، أسوة للمسلمين،[٣٥] واستدلّ هؤلاء على قولهم بإطلاق الآية.[٣٦]

  • المخاطب للتأسي:

قال بعض المفسرين: بما أن آية التأسي جاءت بين آيات معركة الأحزاب فالمخاطب في قوله تعالى: ﴿لَكُمْ يختص بجيش المسلمين في هذه المعركة،[٣٧] بينما قالت جماعة أخرى إن المخاطب لا يختص بهم، بل يعمّ جميع المسلمين والمؤمنين.[٣٨]

حكم التأسي

يوجد خلاف بين العلماء في حكم التأسي بالنبي(ص)، فقال البعض: إنه واجب،[ملاحظة ٢]وقال البعض الآخر: إن الأصل على استحبابه إلا إذا قام دليل على وجوبه، وفصّلت جماعة منهم بأن التأسي في أمور الدين واجب وفي أمور الدنيا مستحب.[٣٩]

فوائد من الآية

قام بعض المفسرين المتأخرين باستخراج فوائد من الآية، ومنهم محسن قراءتي فهو ذكر في تفسير نور أن تقديم الأسوة الحسنة أحد مناهج التربية، وأن تقديمها يؤدّي إلى هداية الناس، ويحول دون اتباعهم لسائر الأسى،[٤٠] ومنهم: مؤلف كتاب تفسير قرآن مهر، الذي استخرج منها أن كلّ إنسان بحاجة إلى الأسوة، وأن قائد الإسلام أحسن قدوة للجميع.[٤١]

الهوامش

  1. الأحزاب: 21.
  2. مجموعة من المؤلفين، فرهنك فقه، ج 1، ص 168.
  3. نظام الأعرج، تفسير غرائب القرآن، ج 5، ص 455.
  4. الطوسي، التبيان، ج 8، ص 328؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج 8، ص 548؛ السبزواري، إرشاد الأذهان، ص 425.
  5. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 14، ص 155؛ الطبري، جامع البيان، ج 21، ص 91.
  6. الثعلبي، الكشف والبيان، ج 8، ص 22؛ الطبري، جامع البيان، ج 21، ص 91.
  7. مغنية، التفسير الكاشف، ج 6، ص 205.
  8. الممتحنة: 4 و6.
  9. الكاميابي، تأملي در معنا شناسي وازه أسوه در قرآن وحديث، ص 35.
  10. ابن منظور، لسان العرب، ج 14، ص 35.
  11. الراغب الإصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص 76.
  12. ابن عطية، المحرر الوجيز، ج 4، ص 377.
  13. قراءتي، تفسير نور، ج 7، ص 344.
  14. السمرقندي، بحر العلوم، ج 3، ص 53؛ الجرجاني، درج الدرر، ج 2، ص 456.
  15. مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 13، ص 198.
  16. السيوطي، الدر المنثور، ج 5، ص 189؛ القمي، كنز الدقائق، ج 10، ص 349.
  17. الماتريدي، تأويلات أهل السنة، ج 8، ص 368.
  18. الزمخشري، الكشاف، ج 3، ص 531.
  19. مكارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 13، ص 198.
  20. الطبراني، التفسير الكبير، ج 5، ص 179.
  21. مكارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 13، ص 198.
  22. الطبراني، التفسير الكبير، ج 5، ص 179.
  23. ابن عطية، المحرر الوجيز، ج 4، ص 377.
  24. السمرقندي، بحر العلوم، ج 3، ص 53؛ البيضاوي، أنوار التنزيل، ج 4، ص 228؛ نظام الأعرج، غرائب القرآن، ج 5، ص 456.
  25. الثعلبي، الكشف والبيان، ج 8، ص 22؛ الطبري، جامع البيان، ج 21، ص 91.
  26. الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 308.
  27. مغنية، التفسير الكاشف، ج 6، ص 205.
  28. مكارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 13، ص 198.
  29. ابن الجوزي، زاد المسير، ج 3، ص 455؛ الثعالبي، تفسير الثعالبي، ج 4، ص 340.
  30. ابن سليمان، تفسير مقاتل بن سليمان، ج 3، ص 483؛ الطبراني، التفسير الكبير، ج 5، ص 179؛ الرازي، روض الجنان، ج 15، ص 379.
  31. الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 308؛ الطوسي، التبيان، ج 8، ص 328.
  32. الطوسي، التبيان، ج 8، ص 328.
  33. الطوسي، التبيان، ج 8، ص 328؛ الطباطبائي، الميزان، ج 16، ص 28، القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 14، ص 155؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي، ج 4، ص 180؛ الشكوري، تفسير شريف لاهيجي، ج 3، ص 622.
  34. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 14، ص 155؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي، ج 4، ص 180؛ الشكوري، تفسير شريف لاهيجي، ج 3، ص 622.
  35. مكارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 13، ص 197.
  36. الرضائي، تفسير قرآن مهر، ج 16، ص 331.
  37. مغنية، التفسير الكاشف، ج 6، ص 205؛ الدينوري، الواضح، ج 2، ص 174.
  38. الطباطبائي، الميزان، ج 16، ص 288؛ الرضائي، تفسير قرآن مهر، ج 16، ص 331؛ القراءتي، تفسير نور، ج 7، ص 344.
  39. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 14، ص 156.
  40. القراءتي، تفسير نور، ج 7، ص 345.
  41. الرضائي، تفسير قرآن مهر، ج 16، صص 332 و333.

الملاحظات

  1. بما أن القرآن ليس كتابا تاريخيا، ففي ذكر قصص الأنبياء حكمة، ومن أهم الحكم إرشاد المؤمنين إلى الأسوة الحسنة.[٩]
  2. ورد في باب الحجج (من أصول الفقه) أن قول المعصوم وفعله وتقريره حجة، ومن هنا اعتقد هؤلاء العلماء بأن الاقتداء بالنبيصلی الله عليه وآله وسلم واتباعه واجب على أمة الإسلام في العقائد الحقة وأصول الدين والأخلاق الحسنة والخصال الحميدة والأعمال الصالحة (الطيب، أطيب البيان، ج 10، ص 489).

المصادر والمراجع

  • ابن سليمان، مقاتل، تفسير مقاتل بن سليمان، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1423 هـ.
  • ابن منظور، محمد، لسان العرب، تحقيق: أحمد فارس صاحب الجوائب، بيروت، دار الصادر، ط 3، 1414 هـ.
  • ابن الجوزي، عبد الرحمن، زاد المسير في علم التفسير، بيروت، دار الكتاب العربي، 1422 هـ.
  • ابن عطية، عبد الحق، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، بيروت، دار الكتب العلمية، 1422 هـ.
  • الأصبهاني، حسين، مفردات ألفاظ القرآن، بيروت، دار القلم، د.ت.
  • البيضاوي، عبد الله، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1418 هـ.
  • الثعالبي، عبد الرحمن، تفسير الثعالبي المسمى بالجواهر الحسان في تفسير القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1418 هـ.
  • الثعلبي، أحمد، الكشف والبيان المعروف بتفسير الثعلبي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1422 هـ.
  • الجرجاني، عبد القاهر، درج الدرر في تفسير القرآن العظيم، عمان، دار الفكر، 1430 هـ. .
  • جماعة من الباحثين تحت إشراف محمود الشاهرودي، فرهنك فقه مطابق مذهب أهل بيت (ع)، قم، مؤسسة دائرة المعارف للفقه الإسلامي، 1426 هـ.
  • الدينوري، عبد الله، الواضح في تفسير القرآن الكريم، بيروت، دار الكتب العلمية، 1424 هـ.
  • الرازي، حسين، روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن، مشهد، العتبة الرضوية، 1408 هـ.
  • الرضائي، محمد علي، تفسير قرآن مهر، قم، بزوهش‌هاي تفسير وعلوم قرآن، 1387 ش.
  • الزمخشري، محمود، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، بيروت، دار الكتاب العربي، ط 3، 1407 هـ.
  • السبزواري، محمد، إرشاد الأذهان إلى تفسير القرآن، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1419 هـ.
  • السمرقندي، نصر، تفسير السمرقندي المسمى ببحر العلوم، بيروت، دار الفكر، 1416 هـ.
  • السيوطي، عبد الرحمن، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، قم، المكتبة العامة لآية الله المرعشي، 1404 هـ.
  • الشكوري، محمد، تفسير شريف لاهيجي، طهران، مكتب نشر داد، 1373 ش.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 2، 1390 هـ.
  • الطبراني، سليمان، التفسير الكبير: تفسير القرآ، العظيم، أربد، دار الكتاب الثقافي، 2008 م.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، قم، حوزة قم العلمية - مركز المديرية، 1412 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، طهران، ناصر خسرو، ط 3، 1372 ش.
  • الطبري، محمد، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار المعرفة، 1412 هـ.
  • الطوسي، محمد، التبيان في تفسير القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • الطيب، عبد الحسين، أطيب البيان في تفسير القرآن، طهران، انتشارات إسلام، ط 2، 1369 ش.
  • الفيض الكاشاني، محمد، تفسير الصافي، طهران، مكتبة الصدر، ط 2، 1415 هـ.
  • قراءتي، محسن، تفسير نور، طهران، مركز فرهنكي درس‌هايي از قرآن، 1388 ش.
  • القرطبي، محمد، الجامع لأحكام القرآن، طهران، ناصر خسرو، 1364 ش.
  • القمي، محمد، تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب، طهران، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، 1368 ش.
  • الكاميابي، محمد مهدي، تأملي در معنا شناسي وازه أسوه در قرآن وحديث، د.م، مجلة علوم الحديث، عام 23، رقم 2، 1397 ش.
  • الماتريدي، محمد، تأويلات أهل السنة، بيروت، دار الكتب العلمية - منشورات محمد علي بيضون، 1426 هـ.
  • مغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف ، قم، دار الكتاب الإسلامي، 1424 هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسیر کتاب الله المنزل، ترجمة: محمد علي آذرشب، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، ط 1، 1421 هـ.
  • نظام الأعرج، حسن، تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان، بيروت، دار الكتب العلمية، 1416 هـ.