فتوى الجهاد الكفائي

أعلن الفتوى الشيخ عبد الهادي الكربلائي ممثل السيد السيستاني في كربلاء.

فتوى الجهاد الكفائي، هي فتوى أصدرها السيد السيستاني لمحاربة داعش في حزيران 2014 م، وأعلنها ممثله في كربلاء ووكيله الشيخ عبد المهدي الكربلائي عبر خطبة صلاة الجمعة. وإثر هذه الفتوى التحق الآلاف من المتطوعين إلى الحشد الشعبي الذي حارب بدوره داعش بعد أن كان قد سيطر هذا التنظيم الإرهابي على جزء كبير من المنطقة الغربية في العراق وقام بأعمال قتل ودمار واسعة. أنهت هذه الفتوى نشاط داعش الممنهج. واعتبرت غطاءً شرعيا ودعما معنويا لقوات الحشد والفصائل المنطوية تحته.

صدور الفتوى

نص فتوى الجهاد الكفائي

---

إن طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي، [...] ومن هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس.

بعد ثلاثة أشهر من انطلاق عمل الحشد الشعبي أفتت المرجعية في النجف الأشرف ومن خلال خطبة الجمعة في 13 يونيو/ حزيران 2014 بوجوب الجهاد الكفائي والذي دعت فيه كل من يستطيع حمل السلاح بالمشاركة في القتال إلى جانب الأجهزة الأمنية الحكومية، فاستجاب أبناء الشعب العراقي إلى فتوى المرجعية.

وكانت فتوى المرجعية هي الزخم المعنوي الذي غذّى فصائل المقاومة والحكومة العراقية لاستدامة المعركة وديمومتها وقوتها، حيث غيّر ميزان القوى، وجعلت للحشد الشعبي غطاءً شرعياً، فتشير الإحداثيات بأنّ فتوى السيد السيستاني أنقذت العراق من السقوط والانهيار. ومن جانبها كانت فصائل المقاومة هي التي حفظت كرامة الفتوى وأنجحتها.

الخلفية

بعد أن خرجت عصابات داعش من مخابئها إلى العلن في العراق، وسيطرت على مدينة الموصل ومناطق أخرى في سنة 2014، وبدأت بالقتل والتدمير والخطف وحرق الأحياء والإتجار بالأعضاء البشرية واستخدام الأسلحة الكيماوية وغيرها من النشاطات الإرهابية، شكلت الحكومة العراقية "جيشا رديفا" عُرف بالحشد الشعبي. ليطلق بعدها السيد السيستاني فتوى اشتهرت بفتوى الجهاد الكفائي، حفز من خلالها الشباب للأنتماء إلى القوات المسلحة وعمها لدحر الإرهاب وداعش.

•  طالع أيضًا: الحشد الشعبي
• داعش

تعاریف مرتبطة

یراد بالفتوى كلّ موقف شرعي تجاه القضايا المختلفة. وأما الواجب الكفائي فهو قسم من أقسام الواجبات الدينية المطلوب فيه القيام بالفعل من أي مكلف كان، بحيث لو صدر عن بعضهم سقط عن البعض الآخر، وفي حالة أداء الواجب الكفائي يسقط الوجوب عن الآخرين ويحصل من أشترك بهذا الواجب على الثواب، وإذا لم يقم أي شخص بهذا الواجب سوف يكون الجميع مستحقين العقاب.

الحدود الزمانية والمكانية للفتوى

بعد إصدار الفتوى بأيام قلائل، أعلن السيد مرتضي الکشميري ممثل السيد السيستاني في بريطانيا أن ما نُقل عن المرجع السيستاني خلال الأيام الأخيرة هو الوجوب الكفائي في الدفاع عن الوطن تحت إشراف الحكومة والمؤسسات الرسمية وإنه خاطب فقط أبناء الشعب العراقي القاطنين في البلد وليس المسلمين الشيعة أو العراقيين في خارج البلاد.

ومن جانب أخر وبعد القضاء على داعش كتنظيم ممنهج، وتحرير المناطق التي كانت تحت سيطرتها، بدأت أطراف سياسية وحكومية عراقية تتحدث عن احتمال حل الحشد الشعبي، ولكن جدد المرجع الديني السيد علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي، حيث اعتبر أن هذه الفتوى لقتال تنظيم داعش ما تزال نافذة، مبررا في بيان تجديد الفتوى باستمرار موجبها. وقال: "قد أفتينا بوجوب الالتحاق بالقوات المسلحة وجوبا كفائيا للدفاع عن الشعب العراقي وأرضه ومقدساته، وهذه الفتوى ما تزال نافذة لاستمرار موجبها، على الرغم من بعض التقدم الذي أحرزه المقاتلون الأبطال في دحر الإرهابيين"

وكان هذا الإعلان على لسان أحمد الصافي وكيل السيد السيستاني في كربلاء من خلال خطبة صلاة الجمعة وفي الذكرى الخامسة لصدور الفتوى.

صدى الفتوى

لاقت هذه الفتوى صدى واسع، فأشاد المرجع الإيراني الشيخ مكارم الشيرازي بهذه الفتوى، كما وأفتى بوجوب الدفاع عن السيادة العراقية، ونقل السيد جواد الشهرستاني ممثل السيد السيستاني في إيران، قولا عن السيد الخامنئي بأنه اعتبر الفتوى "إلهاما إلهيا". وقال الناطق باسم مكتب الشيخ بشير النجفي: "إن الفتوى بالجهاد الكفائي اثبتت أن الشعب العراقي لديه قيم ومبادئ اختلطوا بها ومن خلال هذا الاختلاط استطاعوا من تحقيق هذا النصر الكبير"، ورأى المرجع الفياض أن هذه الفتوى هي السبب الأساس الذي أدى إلى الانتصار. ودعى السيد مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، إلى داعم ديمومة الفتوى والحفاظ عليها.

ذكرى الفتوى

يحتفل الشعب العراقي كل عام بذكرى هذه المناسبة. وفي الذكرى الخامسة لصدور الفتوى صوّت مجلس النواب العراقي, بالإجماع على صيغة قرار باعتبار يوم 13 حزيران من كل عام مناسبة وطنية والذي يصادف ذكرى "فتوى الجهاد الكفائي". وألقى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أثناء افتتاح جلسة البرلمان كلمة قال فيها: "كان العراق يعيش التحدي الأكبر عبر تاريخه الحديث حين تجمع الآلاف من المتطرفين والمجرمين الذين اتخذوا الإجرام وسيلة لنشر أفكارهم [ولكن] ببضع كلمات من المرجع الديني الأعلى علي السيستاني بفتوى الجهاد الكفائي [...] استطاع العراقيون تحقيق النصر على الإرهاب وطرد قوى الشر".

المصادر والمراجع

• الإبراهيمي، عزيز، فتوى الجهاد الكفائي تخص العراقيين فقط، وكالة أنباء براثا، 15/6/2014.
• الشمري، براء، السيستاني يجدد فتوى الجهاد الكفائي، صحيفة العربي الجديد، 7/4/2017.
• الشمري، ناجحة عبد الأمير، بيان في ذكرى فتوى الجهاد الكفائي، مؤسسة الشهداء، 12/6/2019.
• جمع من المؤلفين، مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام، قم ـ إيران، مؤسسة دائرة المعارف للفقه الإسلامي، ط 1، د ـ ت.
• الحلي، مرتضى علي، حكمة الفتوى في الجهاد الكفائي، موقع المسلة، 2019.
• العويني، إبراهيم، العتبة الحسينية المقدسة تحتفي بمرور عامين على انطلاق فتوى الجهاد الكفائي، العتبة الحسينية المقدسة، 17/5/2016.
• قناة العالم، بيان هام للمرجع السيستاني، 14/يونيو/ 2019.
• مجموعة من المحققين، فرهنك نامه أصول فقه، قم ــ إيران، پژوهشگاه علوم وفرهنگ اسلامي، 1390 ش.
• وكالة ناس، الحلبوسي يشكر السيستاني بشأن الجهاد الكفائي، 13 يونيو 2019.