الصهيونية
الصهيونية، حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين تحكم من خلالها العالم كله، واشتقت هذه الكلمة من اسم (جبل صهيون) في القدس، حيث تطمع الصهيونية أن تشيّد فيه هيكل سليمان، وتقيم عليه مملكة لها تكون القدس عاصمتها.
ارتبطت الحركة الصهيونية بشخصية اليهودي النمساوي"تيودور هيرتزل" الذي يعد المبلور الأول لفكرة الصهيونية الحديثة والمعاصرة، والذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم.[١]
معنى الصهيونية
صهيون: اسم عبري (צִיּוֹן ) معناه على الأرجح "حصن ".
النشأة
يتضمن تاريخ نشأة الصهيونية كمّاً كبيراً من التواريخ بدءاً من القرن السادس عشر على يد حركة الإصلاح الديني البروتستانتي وتعبيراته اليهودية مروراً بما أنتجته الثقافة الغربية من فكر وأدب وأطلق على هذه الصهيونية بالصهيونية غير اليهودية، وصولاً إلى البلورة السياسية للفكرة (الصهيونية اليهودية).
الصهيونية اليهودية
يرجع تاريخ ظهور الصهيونية اليهودية كأداة أيديولوجية لكسب التأييد الدولي من أجل إقامة دولة يهودية في فلسطين إلى عام 1896 م، حين نشر هيرتزل كتابه "الدولة اليهودية". وقويت هذه الحركة عندما وافق المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقده هيرتزل عام 1897 م، ببازل السويسرية على البرنامج الذي كان يدعو إلى "وطن قومي آمن ومعترف به قانونياً لليهود في فلسطين.[٢]ومؤسس هذه الصهيونية "هيرتزل" وقد أطلق عليها اسم "الصهيونية العالمية."
الصهيونية غير اليهودية
تعود نشأة الفكرة الصهيونية إلى ثلاثمائة عام قبل المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد ببازل السويسرية عام 1897م، وبالتحديد أبان حركة الاصلاح الديني البروتستانتي في القرن 16. حيث برزت الجذور الاجتماعية والسياسية للصهيونية غير اليهودية أولا في المحيط الديني الذي كان سائدا في الدول الأنجلوساكسونية "البروتستانتية".[٣] توصف حركة الاصلاح الديني البروتستانتي بأنها بعث "عبري" أو "يهودي" تولدت عنه وجهة نظر جديدة عن الماضي والحاضر اليهودي وعن مستقبله بشكل خاص. ومع أن المسيحية كانت نتاجا لليهودية إلى حد بعيد، وكانت تشمل على بعض العناصر اليهودية القوية إلا أنّ التغييرات اللاهوتية التي جاءت بها حركة الاصلاح هي التي روّجت لفكرة أنّ اليهود أمة مفضلة، وأكدت على عودتهم إلى أرض فلسطين.[٤] والصهيونية الغير يهودية هي مجموعة من المعتقدات المنتشرة بين غير اليهود والتي تهدف إلى تأييد قيام دولة قومية يهودية في فلسطين بوصفها حقا لليهود طبقا لبرنامج "بازل"، وعليه فالصهاينة غير اليهود هم اولئك الذين يؤيدون أهداف الصهيونية ويشجعونها.[٥]
التيارات الصهيونية
الصهيونية التوطينية
الصهيونية التوطينية هي صهيونية اليهودي الذي يرفض الهجرة إلى فلسطين والاستيطان فيها، ومع هذا يستمر في الادّعاء بأنه صهيوني وتأخذ "صهيونيته" المزعومة شكل دَعْم الدولة الصهيونية مالياً وسياسياً والمساهمة في توطين اليهود الآخرين. وتوضع «الصهيونية التوطينية» مقابل الصهيونية الاستيطانية.
وتقف صهيونية مثل هذا الصهيوني عند حد الدعم المالي والسياسي للمشروع الاستيطاني دون الهجرة بنفسه، أي أنه يتخلى عن التطبيق الفعلي لأحد أهم جوانب الصهيونية (الاستيطانية) دون التخلي عن تأييده ودعمه.
تنشط هذه الصهيونية خارج فلسطين، حيث ظهرت في بداية الأمر بين الصهاينة غير اليهود (من المسيحيين والعلمانيين) وبين يهود الغرب المندمجين. ثم عبرت الصهيونية التوطينية عن نفسها في الصهيونية "الدبلوماسية" وصهيونية "الدياسبورا".[٦]
الصهيونية الاستيطانية
"الصهيونية الاستيطانية "مصطلح استخدم للإشارة إلى الصهيونية التي يؤمن أصحابها بأنّ الجانب الاستيطاني في الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة لابد أن يوضع موضع التنفيذ، وأنهم على استعداد للمشاركة بهذه الوظيفة.
ويعتبرون أن الاستيطان جوهر الصهيونية. والاستعمار الصهيوني هو استعمار استيطاني إحلالي لا يأخذ شكل جيش يقهر أمة ويحتل أرضها ليستغل إمكاناتها الاقتصادية والبشرية لصالح البلد الغازي وحسب وإنما يأخذ شكل انتقال الفائض البشري اليهودي من أوطان مختلفة إلى فلسطين للاستيلاء عليها وطرد سكانها الأصليين والحلول محلهم.
تمارس الصهيونية الاستيطانية نشاطها داخل فلسطين، فقد ظهرت في بداية الأمر على هيئة صهيونية تسللية ثم تحولت إلى صهيونية استيطانية بعد مرحلة هيرتزل وبلفور. وأهم التيارات الاستيطانية هو التيار العمّالي، ويأتي معظم الصهاينة الاستيطانيين من يهود شرق أوروبا.[٧]
والصهيونية الاستيطانية، شأنها شأن الصهيونية التوطينية، قادرة على امتصاص أيِّ مضمون سياسي أو ديني. فهناك مؤسسات استيطانية ذات ديباجات اشتراكية إلحادية، وأخرى ذات ديباجات دينية أو ليبرالية أو فاشية. ولكن يمكن القول بأنّ الصهيونية العمّالية هي التي قامت بتجنيد أعضاء الفائض اليهودي من شرق أوربا وزودتهم بإطار نظري، ثم زرعتهم في فلسطين، وقادت عمليات الإرهاب ضد العرب، إلى أن طردت غالبيتهم. وكانت مؤسساتها الاستيطانية المختلفة وتنظيماتها الثقافية والعسكرية هي المهيمنة تماماً على عملية الاستيطان. وكانت مشاركة الأحزاب الأخرى -مثل الأحزاب الدينية والأحزاب الصهيونية ذات الديباجة الليبرالية (الصهاينة العموميون) أو الفاشية (حيروت) ـ مشاركة ضئيلة بالقياس إلى ما أنجزه العماليون.
الصهيونية الاثنية
"الصهيونية الإثنية" تيار صهيوني يتعامل مع المادة البشرية اليهودية من منظور الهوية والوعي ومعنى الوجود. وقد ساهم هذا التيار في تهويد الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة عن طريق إسقاط المصطلحات الحلولية العضوية عليها وهي تتفرع إلى اتجاهين أو تيارين:
-صهيونية إثنية دينية: وهي تيار صهيوني يتقبل معظم مقولات الصهيونية الأساسية الشاملة بعد إدخال ديباجة إثنية دينية عليها. وحينما ظهرت الصهيونية برفضها العميق لليهود واليهودية تَصدَّى لها كثير من المتدينين (الأرثوذكس والإصلاحيين)، باعتبارها هرطقة وكُفراً وإلحاداً ونكوصاً. وإذا كان الصهاينة قد أعلنوا عزمهم غزو الجماعات اليهودية، فإنهم قد قرروا أن يُغيِّروا اليهودية نفسها ويعلمنوها من الداخل حتى ولو لم يعلنوا عن ذلك. ولعل مما يسَّر هذه العملية عدة عوامل من أهمها أن اليهودية نفسها في أواخر القرن التاسع عشر كانت تمر بأزمة حادة بعد خروجها من الجيتو. فعالم الأغيار في الغرب قد أثبت جاذبيته الشديدة، كما أن اليهودية كانت قد أجادت التعامل مع العالم من داخل أسوار الجيتو والعزلة، ولكنها لم تكن بعد قد أجادت التعامل معه في إطار الإعتاق والاستنارة والمساواة. وقد استغلت الصهيونية الدينية مقولتين أساسيتين يؤمن بها عامة اليهود وجعلتهما دعامة فكرية لمفاهيمها وهما: الشعب المختار، وأرض الميعاد.
ومن أعلام الصهيونية الدينية إسحق كوك 1865 - 1935م أول حاخام أكبر لليهود الأشكناز في فلسطين، والحاخام البولندي والزعيم الصهيوني صمويل لانداو 1892 - 1928م.[٨]
- صهيونية اثنية علمانية: ويطلق عليها "الصهيونية الثقافية"، وتدور في إطار الحلولية في مرحلة وحدة الوجود المادي (حلولية بدون إله). ويعتقد هؤلاء بأنّ الدين اليهودي ليس إلا أحد أبعاد القومية اليهودية. ينطلق من الصيغة الصهيونية الأساسية، ويهتم بقضايا الهوية والوعي ومعنى الوجود، أما فيما يتعلق بالعقيدة اليهودية فإنّها ترى بأنها قد قضت نحبها وخير معوض لها هي الاثنية اليهودية-شعب الله المختار وأرض الميعاد-التي يمكن أن تصبح مصدر القداسة.
والواقع أن أغلبية يهود المُستوطَن الصهيوني الساحقة (من أقـصى اليمين حتى أقـصى اليسـار) من أتباع الصهيونية الإثنية العلمانية. وكذلك غالبية أعضاء الجماعات اليهودية في العالم ممن يناصرون الصهيونية هم من أتباع هذا التيار، وخصوصاً في صياغته التي تتركهم وشأنهم في أوطانهم ولا تطلب منهم الهجرة.[٩]
الصهيونية التوفيقية
وتسمى الصهيونية التركيبية، وهو مصطلح استخدمه وايزمان في المؤتمر الصهيوني الثامن (1907م) حين طلب الصهاينة العمليين و الصهاينة الدبلوماسيين بمزج أساليبهم في العمل، وقد أكد وايزمان أنه لا يرفض الأساليب الدبلوماسية الاستعمارية ولكنه يعتبرها غير كافية في حد ذاتها، اذ لابد أن يساعدها نشاط استيطاني، وهو بذلك قد قبل الصهيونيتين (التوطينية والاستيطانية).[١٠]
الحركة الصهيونية في أمريكا
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الرسمي للصهيونية كونها تضم أكبر وأقوى جماعة يهودية في العالم، كما أنها تعتبر الداعم الاقتصادي الأقوى لها، إلى جانب كل ذلك فإن أمريكا تحوي جل المنظمات الصهيونية. على غرار الاتحاد الصهيوني الأمريكي، المنظمة الصهيونية الأمريكية، رابطة الصهاينة الإصلاحيين في أمريكا، الهاداساه...
الاتحاد الصهيوني الأمريكي
الاتحاد الصهيوني الأمريكي أو الحركة الصهيونية الأمريكية هي المظلة التي تنضوي تحتها كل المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة. وتعود جذوره إلى"لجنة الطوارئ للشؤون الصهيونية" التي تأسست عام 1939 م لتوحيد جهود المنظمات الصهيونية من أجل الضغط على الحكومة الأمريكية لتمرير المشروع الصهيوني في فلسطين.
تأسس هذا الاتحاد عام 1970 م وهو بذلك وليد القرار الصادر عن المؤتمر الصهيوني السابع والعشرين (1968م) الذي يدعو إلى تقوية الحركة الصهيونية من خلال إنشاء منظمات صهيونية في جميع أنحاء العالم.
يرتكز اهتمامها على مسألة الهجرة إلى فلسطين، كما أنها تعمل على التوجه إلى المجتمع الأمريكي غير اليهودي للترويج والدعاية لدولة إسرائيل، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحركة معفاة من الضرائب في أمريكا.[١١]
رابطة الصهاينة الإصلاحيين
وتعرف اختصارا باسم "ARZA"، ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1977م وتمثل اليهود الإصلاحيين، ومن أهم أهدافها الدفاع عن أمن الكيان الصهيوني عبر الضغط على السياسات الأمريكية، بالإضافة إلى تشجيع السياحة إلى فلسطين المحتلة. ويقدر عدد اعضائها إلى 80 ألف عضو في منتصف الثمانينيات.[١٢]
الهاداساه
وهي أكبر منظمة صهيونية نسائية في العالم حالياً، ويُقدّر عدد أعضائها بـ 380 ألف عضو. أسستها" هنريتا زولد" عام 1912 م ولديها نشاطات عديدة تصب في أغلبها ضمن فعاليات لتلميع صورة اليهود عالمياً.
بدأت نشاطها في فلسطين سنة 1913 م وكان يرتكز بالأساس على الجانب الصحي حيث ساهمت في إنشاء المراكز الصحية والمستشفيات ومراكز لتدريب الممرضات ...
وتعد الهاداساه أكبر مساهم في تهجير الشباب إلى فلسطين وقد عملت على توطين 135 ألف شخص في فلسطين، وتوفر لهذا العمل نحو 40% من ميزانيتها سنويا.[١٣]
الهوامش
- ↑ الجهني، الموسوعة الميسّرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ص 518.
- ↑ الشريف، الصهيونية غير اليهودية جذورها في التاريخ الغربي، ص 8.
- ↑ الشريف، الصهيونية غير اليهودية، ص 24.
- ↑ الشريف، الصهيونية غير اليهودية، ص 29.
- ↑ الشريف، الصهيونية غير اليهودية، ص 10.
- ↑ المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، ص 26.
- ↑ المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، مجلد 6، ص 26.
- ↑ المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، ص 281 - 283.
- ↑ المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، ص 281 - 295.
- ↑ المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، ص 33.
- ↑ المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، ص 362.
- ↑ المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ص 367.
- ↑ المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، ص 367.
المصادر والمراجع
- الجهني، مانع بن حماد، الموسوعة الميسّرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، الرياض ــ السعودية، ط 4، 1420 هـ.
- الشريف، ريجينا، الصهيونية غير اليهودية جذورها في التاريخ الغربي، الكويت، د.ن، د.ت.
- المسيري، عبد الوهاب محمد، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، القاهرة ــ مصر، ط 1، 1999 م.