جابر بن حَيّان الكوفي، هو عالم شيعي من بلاد الرافدين عاش في القرن الثاني الهجري، له مجموعة من المؤلّفات المهمة في مجالات مختلفة كالكيمياء، والفلسفة، والطب، والرياضيات، والنجوم، والموسيقى. وقد حاولت بعض المصادر أن تنفي وجود هذه الشخصية مدّعين أنّه لاتوجد شخصية بهذا الاسم، ولكن في المقابل هناك مجموعة من المصادر ذكرت جابر بن حيان وأكدّت وجوده كابن خلكان، وابن النديم، وابن طاووس، والصفدي، والأمين، وصديق حسن خان، والتستري، كل هؤلاء ذكروه تحت عنوان أحد تلامذة الإمام الصادقعليه السلام.

جابر بن حيان الكوفي
تاريخ ولادة103 أو 104 هـ
تاريخ وفاة200 هـ
مكان وفاةطوس
دفنمدينة طوس
سبب شهرةأحد أصحاب الإمام الصادق، عالم كميائي
دينالإسلام
مذهبالتشيع


شخصية جابر

إنّ مسألة وجود شخصية جابر بن حيان من عدمها أصبحت من الموضوعات ذات الإهتمام في القرن الأخير مابين مؤكد لوجوده وناف لها. وأوّل من قال بأنّ جابر شخصية غير موجودة هو أبو سليمان المنطقي السجستاني وقد عاش في القرن الرابع الهجري. وأبو سليمان هذا كان صاحب حلقة كبيرة في بغداد آنذاك، وقد نسب مؤلّفات جابر المختلفة إلى رجل يدعى حسين الموصلي كتبها وجعلها باسم جابر بن حيان.[بحاجة لمصدر]

وفي زمان أبوسليمان المنطقي عاش ابن النديم صاحب كتاب الفهرست الذي انتهى من تأليفه سنة 377 هـ، وقد أثبت في هذا الكتاب صحّة نسبة هذه الكتب إلى جابر بن حيان وحاول جاهداً أن يدفع كل الشكوك في هذا الأمر مبيناً إنّه ليس من المعقول أن يؤلّف شخص كتاباً ويسجّله باسم شخص آخر حيث يقول: إن رجلاً فاضلاً يجلس ويتعب ويصنف كتاباً يحتوي على ألفي ورقة ، يتعب قريحته وفكره بإخراجه ، ويتعب يده وجسمه بنسخه ، ثم ينحله لغيره، إما موجوداً أو معدوماً، ضرب من الجهل، وإن ذلك لا يستمر على أحد ولا يدخل تحته من تحلى ساعة واحدة بالعلم وأي فائدة في هذا وأي عائدة، والرجل له حقيقة وأمره أظهر وأشهر، وتصنيفاته أعظم وأكثر ولهذا الرجل كتب في مذاهب الشيعة أوردها في مواضعها، وكتب في معاني شتى من العلوم قد ذكرتها في مواضعها.[١]

كما جاء اسم جابر في المؤلّفات الكيميائية لابن أميل ت 350 هـ، وكذلك في آثار ابن وحشية الذي عاش في القرن الرابع الهجري. وقد ذكر ابن النديم لجابر كنية أبوعبدالله، أمٌا الرازي فقد ذكره في كتبه الكيميائية تحت عنوان (أستاذنا أبو موسى).[٢]

مسقط رأسه

تعرف المصادر التاريخية جابر بن حيان بالكوفي[٣]، وفي بعض الأحيان تعرفه بالأزدي، لأنّ أخبار جابر تشير إلى أنّه من قبيلة الأزد التي تقطن الكوفة، وفي بعض الأحيان يعبّر عنه بالصوفي وذلك لاتجاهه الصوفي.[٤] وتذكر أكثر المصادر أنّ سنة ولادة جابر كانت سنة 103 أو 104 هـ. وكانت ولادته إمّا في بغداد أو الكوفة ولكن ما هو غير معلوم لدينا ولم تذكره المصادر هل أقام في أحد هاتين المدينتين أم لا.

حياته

يقول ابن النديم إنّ بيت جابر كان في بغداد، ولكن مختبره كان في الكوفة في زمان عز الدولة الديلمي الذي حكم من سنة 356-367 هـ. وسبب إقامة مختبره في الكوفة يرجع إلى هوائها المناسب وطبيعتها، أولعلّه أراد أن يتقرب من الإمام الصادق  إذ عاش الإمام الصادق  سنتين في مدينة الكوفة، كما وأنّ جابرا أحد تلامذته كما سيأتي بيان هذا.[٥]

وفاته

في سنة 188 هـ، ومع أفول نجم البرامكة في زمان هارون العباسي الملقب بالرشيد أصبح جابر يعيش حياة التخفي والتشرد إذ كان له علاقة بالبرامكة وبالخصوص بجعفر البرمكي. وعلى طبق بعض الروايات فإن جابرا بقي حي زمان خلافة المأمون (حكم 198-218 هـ) وعلى رواية ثانية إنه قد توفي في سنة 200 هـ في مدينة طوس.[٦]

 

تتلمذه عند الإمام الصادق

إنّ مسألة دراسة جابر عند الإمام الصادق  محل نقاش وبحث بين الرجاليين، إذ لم يُذكر اسمه في أصحاب الإمام الصادق  في أهم كتابين رجاليين عند الشيعة وهما رجال النجاشي ورجال الطوسي، وقد كان تأليفهما في القرن الخامس الهجري أمٌا الذين ذكروه وعدّوه من أصحاب الإمام الصادق   فمنهم: ابن خلكان[٧] وابن النديم[٨]،وابن طاووس ت644 هـ[٩]والصفدي ت764 هـ[١٠]، والأمين ت 1371 هـ[١١]، وصديق حسن خان ت 1307 هـ[١٢]، والتستري المتوفى في القرن الرابع عشر الهجري.[١٣]

مؤلفاته

التشكيك في مؤلفات جابر

إن الإستشراق والمستشرقين هو مصدر التشكيك في نسبة مؤلفات جابر إليه وعلى رأس هؤلاء المستشرقين بول كراوس(1904-1944م). يقول كراوس إن الإصطلاحات الواردة في كتب جابر هي نفس الإصطلاحات الواردة في كتابات حنين بن إسحاق (194-260هـ) ولهذا لا يمكن أن ننسب هذه الكتب إلى جابر لإن هذه الإصطلاحات لم تكن موجودة قبل نهاية القرن الثالث الهجري.[بحاجة لمصدر]

والملاحظ إن كراوس على ديدن أكثر المستشرقين اللذين يحاولون سلب الحضارة الإسلامية من منجزاتها وذلك من خلال نسبة هذه المنجزات إلى شخص مسيحي هو حنين بن إسحاق؟!! وللإجابة على بول كراوس نعيد هنا كلام إبن النديم المتقدم حيث يقول: إن رجلاً فاضلاً يجلس ويتعب ويصنف كتاباً يحتوي على ألفي ورقة يتعب قريحته وفكره بإخراجه، ويتعب يده وجسمه بنسخه، ثم ينحله لغيره، إما موجوداً أو معدوماً، ضرب من الجهل، وإن ذلك لا يستمر على أحد، ولا يدخل تحته من تحلى ساعة واحدة بالعلم، وأي فائدة في هذا وأي عائدة، والرجل له حقيقة وأمره أظهر وأشهر ، وتصنيفاته أعظم وأكثر ولهذا الرجل كتب في مذاهب الشيعة أنا أوردها في مواضعها ، وكتب في معاني شتى من العلوم قد ذكرتها في مواضعها.[١٤]

عدد مؤلّفاته

يقول ابن النديم: إنّ لجابر 300 كتاب ورسالة في الفلسفة،و1300 كتاب ورسالة في الكيمياء، و1300 رسالة وكتاب في صناعة آلات الحرب.[١٥] وعلى هذا الأساس يقول عبدالله نعمة الكاتب المعاصر: إنّ مؤلفات جابر أكثر من 3900 عنوان.[١٦]وقد أورد ابن النديم فهرساً موضوعياً في مؤلّفات جابر وبالخصوص المؤلّفات في مجال الكيمياء.[١٧] فضلاً عن مجموعة من الرسائل لم يضع لها جابر بن حيان عنواناً يصل عددها إلى ثلاثين رسالة، كما أنّ هناك كتابين كبيرين في الطب وبإضافة المؤلفات الأخرى في الطب تصل مؤلفات جابر في الطب إلى 500 جلداً.[١٨]

أفكار جابر في الكيمياء

 
صورة تمثيلية لجابر بن حيان من مسلسل جابر بن حيان

تعد الكيمياء سلطان العلوم، ويقول العلماء :إن العلوم الأخرى نشأت من هذا العلم والظاهر أن غرض الكيميائي هو إدراك الحكمة الموجودة في خلق عالم الوجود وعالم الطبيعة، ويقول جابر في هذا المجال: إن الكيمياء كل الفلسفة ومن يطٌلع على أسرار العالم من خلال الكيمياء لايحتاج إلى العلوم الدينية والدنيوية الأخرى.[بحاجة لمصدر]

ومن الأفكار التي قدمها جابر في كتاب التصريف: إنّ معرفة العالم مبنية على نظرية صدور الفيض من المنبع الإلهي.[١٩] ومن آرائه: إن الجواهر والذوات غير ثابتة بل هي متغيرة.[بحاجة لمصدر]

الصبغة الشيعية في أفكار جابر

يعتقد جابر : أنّ الكيمياء علم إلهي أودعه الله عند الأنبياء والأئمة ، ولهذا فهو يرى: أنّ النبي آدم   والنبي موسى   والنبي عيسى   وغيرهم من الأنبياء، وكذلك فلاسفة وعلماء اليونان مثل فيثاغورس وإفلاطون وآبولونيوس أئمة عصرهم، أمٌا في هذا العصر(العصر الإسلامي) فالأئمة  هم المأمونون على العلم الإلهي، ولهذا تجد كثيراً من الإرجاعات عند جابر إلى أقوال الإمام علي  وبالخصوص إلى خطبة البيان، وكذلك يرجع إلى الإمام الصادق ، لما حواه في العلوم الكيميائية.[بحاجة لمصدر]

المنهج السليم في معرفة الكيمياء

من خلال الكتب المنسوبة إلى جابر فإنّه يعتقد: إن الطريق الصحيح لإدراك الكيمياء لابد من دراسة مجموعة من العلوم وهي الرياضيات والمنطق والفلسفة والطب، وبعد ذلك لابد من الذهاب إلى المختبر وإجراء التجارب التي إذا أجريت بشكل صحيح يمكن من خلالها الوصول إلى الحقائق.[بحاجة لمصدر]

إسم إمام الزمان في تأليفات جابر

لقد ورد اسم إمام الزمان  في مؤلّفات جابر وذلك في كتاب البيان: حيث يقول إنّ زمان ظهور الأسرار قريب وذلك عند ظهور القائم   فإنّه سيظهر العلوم كلها عندها ستلبس الإنسانية ثوباً جديداً.[٢٠]

الهوامش

  1. ابن النديم، الفهرست، ص 420.
  2. ابن النديم، الفهرست، ص 420-421.
  3. ابن النديم، الفهرست، ص 420-421. القفطي، تاريخ الحكماء، ص 160.
  4. الأندلسي، التعريف بطبقات الأمم، ص 233. ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 1، ص 327.
  5. ابن النديم، الفهرست، ص 435.
  6. هولمبارد، ص 66.
  7. ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 1، ص 327.
  8. ابن النديم، الفهرست، ص 420-421.
  9. ابن طاووس، فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم، ص 146.
  10. الصفدي، الوافي بالوفيات، ج 11، ص 27.
  11. الأمين، أعيان الشيعة، ج4، ص 30.
  12. حسن خان، أبجد العلوم، ج 2، ص 462.
  13. التستري، التفسير، ج 2، ص 506-507.
  14. ابن النديم، الفهرست، ص 435.
  15. ابن النديم، الفهرست، ص 436.
  16. نعمة، فلاسفة الشيعة، ص 245.
  17. ابن النديم، الفهرست، ص 436.
  18. ابن النديم، الفهرست، ص 438.
  19. جابر بن حيان، مختار رسائل جابر بن حيان، ص 392-424.
  20. جابر بن حيان، مختار رسائل جابر بن حيان، ص 11-12.

المصادر والمراجع

  • ابن النديم، محمد بن إسحاق، الفهرست، تحقيق: إبراهيم رمضان، بيروت، دار المعرفة، ط 2، 1417 هـ/ 1997 م.
  • ابن خلكان، أحمد بن محمد، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1900 م.
  • ابن طاووس، علي بن موسى، فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم، د.ن، النجف، 1368 هـ.
  • الأمين، محسن العاملي، أعيان الشيعة، تحقيق: حسن الأمين، دار التعارف، بيروت، د.ت.
  • الأندلسي، ابن صاعد، التعريف بطبقات الأمم، تحقيق: غلام رضا، د.ن، طهران، ط 1، 1376 ش.
  • الصفدي، خليل بن أيبك، الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث، بيروت، 1420 هـ/ 2000 م.
  • القفطي، علي بن يوسف، تاريخ الحكماء، د.ن، د.م، 1903 م.
  • جابر بن حيان، مختار رسائل جابر بن حيان، د.ن، القاهرة، 1354 هـ/ 1935 م.
  • حسن خان، صديق، أبجد العلوم، د.ن، بيروت، 1395 هـ.
  • نعمة، عبد الله، فلاسفة الشيعة حياتهم وآرائهم، د.ن، قم، 1987 م.

الروابط الخارجية