آية الفيء
عنوان الآية | الفيء |
---|---|
رقم الآية | 7 |
في سورة | سورة النور |
في جزء | 29 |
رقم الصفحة | 546 |
شأن النزول | غزوة بني النضير |
مكان النزول | المدينة |
الموضوع | فقهي |
معلومات أخرى | تعلق أموال الفيء برسول الله |
آيَة الفَيء هي الآية 7 من سورة الحشر، وتدور حول طرق مصرف الأموال التي يُطلق عليها الفيء وهي تتعلق برسول الله. والفيء يُقصد به الأموال التي تقع في أيدي المسلمين من دون حرب أو صلح. نزلت هذه الآية في غزوة بني النضير. ويرى الكثير من المفسرين أن الآية وإن كانت تتحدث عن حكم غنائم غزوة بني النضير؛ لكن هذا الحكم عام يشمل جميع الغنائم التي وقعت في أيدي المسلمين دون مشقة أو حرب. وعلى رأي بعض المفسرين فإن هذه الآية منسوخة بآية الخمس، وأحكامها تتعلق بما قبل نزول آية الخمس.
بناء على هذه الآية ينبغي أن يُصرف الفيء في ستّ أسهم: سهم الله تعالى، ورسول الله، وذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وأبناء السبيل.
نص الآية
هي الآية 7 من سورة الحشر، ويُطلق عليها آية الفيء.
﴿ مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[١]
شأن النزول
تُعتبر آية الفيء والآيات التي قبلها تتعلق بغزوة بني النضير، وبني النضير من القبائل اليهودية التي كانت تعيش في أطراف جبل النضير، الواقع بالقرب من المدينة المنورة، حاصرها المسلمون بعدما نقضوا معاهدة الصلح التي بينهم وبين المسلمين. وأمهلهم رسول الله بضعة أيام لمغادرة مكان إقامتهم. فنزلت هذه الآية في الغنائم، بعد أن استسلمت هذه القبيلة وغادرت مكان إقامتها.[٢]
وبعدما سقطت بيوت بني النضير وبساتينهم وأراضيهم في أيدي المسلمين، طلب بعض الصحابة من رسول الله وتماشيا مع سنّة جاهلية، حيث قالوا له خذ الصفوة من أموالهم وربع ممتلكاتهم، واترك لنا المتبقّي كي نقسّمه بيننا، فنزلت هذه الآية وأعلنت بشكل صريح أنّ هذه الغنائم التي لم تكن بسبب قتال، ولم تكن نتيجة حرب، فإنّها من مختصات الله تعالى ورسوله.[٣] وقال بعضهم أيضًا إن بني النضير لما خرجوا من ديارهم طلب المسلمون من النبي أن يأخذ خمس الغنائم ويقسم الباقي بينهم.[٤]
ما هو الفيء
يُطلق الفيء على الغنائم التي تقع في أيدي المسلمين من دون عناء وحرب.[٥] ويرى بعض المفسرين أن كلمة الفيء توضّح حكماً عاماً حول الأموال التي يحصل عليها المسلمون بطرق أخرى غير الحرب.[٦] وذهب البعض الآخر أن كل ما وقع في أيدي المسلمين من الكفار فهو فيء.[٧] وذكر البعض أن ما وقع في أيدي المسلمين بالحرب فهو غنيمة، وما وقع في ايديهم عن طريق الصلح أو غير الحرب فهو أنفال.[٨]
وإطلاق كلمة الفيء على هذا النوع من الغنائم، لعلّه باعتبار أنّ اللّه تعالى قد خلق هذه النعم والهبات العظيمة في هذا العالم في الأصل للمؤمنين، وعلى رأسهم رسول الله الذي هو أشرف الكائنات، وبناء على هذا فإنّ الجاحدين لوجود اللّه تعالى وبالرغم من امتلاكهم للبعض من هذه النعم بموجب القواعد الشرعية والعرفية، إلّا أنّهم يعتبرون غاصبين لها؛ ولذلك فإنّ عودة هذه الأموال إلى أصحابها الحقيقيين (وهم المؤمنون) يسمّى (فيئا) في الحقيقة.[٩] والفيء في اللغة بمعنى الرجوع.[١٠]
المحتوى
ويرى الكثير من المفسرين أن هذه الآية وإن كانت تتحدث عن حكم غنائم غزوة بني النضير، لكن هذا الحكم عام يشمل جميع الغنائم، التي وقعت في أيدي المسلمين دون قتال أو حرب.[١١]
مصارف الفيء
وقد ذُكر في هذه الآية ستّ مصارف للفيء:
- سهم الله: ومن البديهي أنّ اللّه تعالى مالك كلّ شيء، وفي نفس الوقت غير محتاج لأي شيء، وهذا نوع من النسبة التشريفية، حتّى لا يحسّ بقيّة الأصناف اللاحقة بالحقارة والذلّة، بل يرون سهمهم مرادفا لسهم الله تعالى.[١٢]
- سهم الرسول(ص): وهو ما يصرف لتأمين احتياجاته الشخصية، وما يحتاجه من الأمور التي تتعلق برئاسة الحكومة الإسلامية.[١٣]
- سهم ذوي القربى: والمقصود بهم هنا وبرأي الكثير من المفسرين هم أقرباء رسول الله وبني هاشم،[١٤] حيث أنّهم محرومون من أخذ الزكاة.[١٥] ونقل البعض أن مجموعة من المفسرين يذهبون إلى أنّ المقصود من ذوي القربى هم أقرباء الناس جميعاً.[١٦] ويرى البعض الآخر أن الحاجة والفقر شرطان لتحقيق هذا السهم.[١٧]
- سهم اليتامى والمساكين وأبناء السبيل: واختلف المفسرون في هل أن هذا السهم مختص بأقرباء رسول الله، أو أنَّه شامل لعموم الناس. ذهب الكثير من مفسري الشيعة وبالاستناد على الروايات التي وردت عن أهل البيت، أنَّ هذه الأسهم الثلاثة خاصة بأقارب النبي وأهل البيت،[١٨] ونُقل أن الكثير من فقهاء أهل السنّة ومفسّروهم يعتقدون أنّ هذه الاسهم الثلاث تشمل العموم ولا خصوصية فيها.[١٩] وقد نقل مكارم الشيرازي في تفسير الأمثل جملة من الروايات ورد فيها أن هذه الاسهم الثلاث عامة، وليست خاصة بأقارب النبي.[٢٠] وذكر بالإضافة إلى ذلك، أنّ رسول الله بعد غزوة بني النضير قسّم الأموال المتبقية بين المهاجرين من ذوي الحاجة والمسكنة، وعلى ثلاثة أشخاص من طائفة الأنصار، وهذا دليل آخر على عمومية مفهوم الآية، وأنَّها ليست خاصة بأقارب النبي.[٢١]
وبحسب بعض المفسرين، بعدما بين الله تعالى مصارف الفيء، يستعرض الله تعالى فلسفة هذا التقسيم السداسي الدقيق، فذكر حتى لا تكون الأموال بيد الأغنياء ويتداولونها فيما بينهم ويُحرم منها الفقراء.[٢٢] وبحسب مكارم الشيرازي فإن سبب تعلق الفيء برسول الله لكونه رئيس الحكومة الإسلامية، وعليه فإن مفهوم تعلق هذه الأموال برسول الله ليست بمعنى أن يصرفها كلها في موارده الشخصية، وإنّما أعطيت له لكونه رئيسا للدولة الإسلامية، وخاصّة كونه المتصدّي لتغطية حاجات المعوزين، لذا فإنّ القسم الأكبر يصرف في هذا المجال.[٢٣]
وقد أشار الله تعالى في الجزء الأخير من الآية إلى قاعدة عامة تشمل جميع المسلمين، وهي أنهم جميعاً ملزمون بطاعة أوامر رسول الله، واجتناب ما نهى عنه، في جميع المجالات، خصوصا أنّ اللّه تعالى هدّد في نهاية الآية جميع المخالفين لتعاليمه بعذاب شديد.[٢٤]
نسخ آية الفيء
وذهب بعض المفسرين إلى أن جماعة يرون أن آية الفيء منسوخة بآية الخمس، وعلى رأيهم أن هذه الآية قبل آية الخمس في بيان حكم الغنيمة؛ ولذلك قبل نزول آية الخمس كان حكم جميع الغنائم كلها مبنياً على هذه الآية، ولكن بعد نزولها تغير حكم الغنائم، فبقي خمس الغنائم فقط لله ولرسوله، وباقي الأموال للمسلمين الذين كانوا حاضرين في الحرب.[٢٥]
هل الآية تشمل غزوة بني النضير؟
وقد طرح بعض المفسرين سؤالاً تحت هذه الآية، إذا كانت كلمة الفيء تعني ما وقع في أيدي المسلمين دون حرب، فلا تشمل هذه الآية غزوة بني النضير؛ لأن غنائم بني النضير لم تُعطى للمسلمين من دون حرب، بل تم الحصول عليها عن طريق الجيش والحرب.[٢٦]
هناك إجابتان على هذا السؤال، الأول: قال البعض أنَّ هذه الآية لم تنزل في غزوة بني النضير، وإنما نزلت في فدك؛ لأنَّ أهل فدك من اليهود خرجوا عنها من دون قتال وإراقة الدماء.[٢٧] الثاني: وذهب البعض الآخر أن هذه الآية تتعلق بغزوة بني النضير، ولكنهم يعتقدون أن المسلمين لم تكن حربهم مع بني النضير حرباً حقيقية؛ لأنَّ وقوع الحرب لم يثبت من الناحية التاريخية؛ لذلك جعل الله تعالى الغنائم التي تم الحصول عليها من هذه الحرب غنيمة بلا حرب.[٢٨]
الهوامش
- ↑ سورة الحشر، الآية 7.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص175 ـ 176؛ الطباطبائي، الميزان، 1417هـ، ج19، ص208؛ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 1419هـ، ج8، ص96؛ الطبري، جامع البيان، 1412هـ، ج28، ص24؛ شريف اللاهيجي ، تفسير شريف اللاهيجي، 1373ش، ج4، ص429.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص176؛ الطوسي، التبيان، ج9، ص564؛ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، 1420هـ، ج29، ص506؛ الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج9، ص392.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، 1417هـ، ج19، ص208؛ الطبري، جامع البيان، 1412هـ، ج28، ص24؛ أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط في التفسير، 1420هـ، ج10، ص140.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص176.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص176؛ الطباطبائي، الميزان، 1417هـ، ج19، ص203؛ الطوسي، التبيان، ج9، ص562؛ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، 1420هـ، ج29، 506؛ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 1419هـ، ج8، ص94؛ الكاشاني، منهج الصادقين، 1330ش، ج9، ص223.
- ↑ الطوسي، التبيان، ج9، ص563.
- ↑ شريف اللاهيجي ، تفسير شريف اللاهيجي، 1373ش، ج4، ص430.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص176 ـ 177؛ شريف اللاهيجي ، تفسير شريف اللاهيجي، 1373ش، ج4، ص430.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص176؛ الطباطبائي، الميزان، 1417هـ، ج19، ص203؛ الطوسي، التبيان، ج9، ص562؛ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، 1420هـ، ج29، 506.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص176؛ الطباطبائي، الميزان، 1417هـ، ج19، ص203؛ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 1419هـ، ج8، ص95؛ الطبري، جامع البيان، 1412هـ، ج28، ص25؛ شريف اللاهيجي ، تفسير شريف اللاهيجي، 1373ش، ج4، ص429.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص178 ـ 179؛ المظهري، تفسير المظهري، 1412هـ، ج9، ص238.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص179.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص179.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص179.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص179.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص179.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص179؛ الطباطبائي، الميزان، 1417هـ، ج19، ص205؛ شريف اللاهيجي ، تفسير شريف اللاهيجي، 1373ش، ج4، ص430؛ الطوسي، التبيان، ج9، ص564؛ الكاشاني، منهج الصادقين، 1330ش، ج9، ص224.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص179؛ الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج9، ص391 ـ 392.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص180.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص180.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص180؛ الكاشاني، منهج الصادقين، 1330ش، ج9، ص224.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص178.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص181؛ الكاشاني، منهج الصادقين، 1330ش، ج9، ص224.
- ↑ الطوسي، التبيان، ج9، ص563؛ شريف اللاهيجي ، تفسير شريف اللاهيجي، 1373ش، ج4، ص433 ـ 434.
- ↑ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، 1420هـ، ج29، ص506؛ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص178.
- ↑ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، 1420هـ، ج29، ص506.
- ↑ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، 1420هـ، ج29، ص506؛ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج18، ص178.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1419 هـ.
- أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، البحر المحيط في التفسير، تحقيق: صدقي محمد جميل، بيروت، دار الفكر، 1420 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، 1417 هـ/ 1997 م.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، تحقيق وتعليق: هاشم رسولي وفضل الله اليزدي، طهران، ناصر خسرو، ط3، 1372ش.
- الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار المعرفة، ط1، 1412هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط3، 1420هـ.
- الكاشاني، فتح الله، تفسير منهج الصادقين في الزام المخالفين، طهران، مكتبة محمد حسن علمي، 1330ش.
- المظهري، محمد ثناء الله، تفسير المظهري، باكستان، مكتبة رشدية، 1412هـ.
- شريف اللاهيجي، محمد بن علي، تفسير شريف اللاهيجي، تحقیق: میر جلال الدین، طهران، داد، 1373ش.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، ط1، 1379 ش.