أبو فراس الحمداني

من ويكي شيعة
(بالتحويل من فارس السيف والقلم)
أبو فراس الحمداني
تاريخ ولادة320 هـ
مكان ولادةالموصل
تاريخ وفاة357 هـ
إقامةحلب ومنبج
سبب شهرةشعره وأدبه في أهل البيت (ع)، ورومياته
لقبالحمداني، فارس بني حمدان
دينالإسلام
مذهبالتشيع
أعمال بارزةأمير منبج وفارس


أبو فراس الحمداني، هو الحارث بن سعيد بن حمدان (320 - 357 هـ) شاعر شيعي وابن عم سيف الدولة الحمداني. وله أشعار في الفروسية كما له أشعار في أهل البيت عليهم السلام، وله قصائد في حبس الروم، سميت بالروميات حيث أنه رائد هذه القصائد التي اشتهرت بالحبيسات أيضاً.

يعتبر أبو فراس من شعراء أهل البيت عليهم السلام، وإن كان ما قيل فيهم قليلاً إلا أن لأشعاره وقصائده دورا مؤثراً في وسط المسلمين، وأشهرها هي التي أنشدها حول أهل البيت عليهم السلام وفي الرد على ابن سكّرة الهاشمي، والتي تسمى الشافية.

سيرته

ولادته وأسرته

ولد أبو فراس سنة 320 للهجرة، وكان أبوه والي الموصل منذ سنة 318 هـ. [١] لم يمضِ من عمر أبي فراس ثلاث سنوات حتى قتل والده إثر الصراعات السياسية داخل عشيرته.[٢]

نشأ أبو فراس في كنف أم يبدو أنها كانت جارية رومية،[٣] وعاش أبو فراس مع أمه حتى سنة 333 هـ / 944 م في مختلف المدن التي كانت تحت سيطرة الحمدانيين، وانتقل إلى حلب بعد تأسيس حكومة سيف الدولة هناك، وأصبح فيها تحت الرعاية المباشرة لسيف الدولة الذي تزوج من أخته فيما بعد.[٤]

نسبه

يرجع الشاعر إلى بني حمدان، وهم ينتمون إلى قبيلة تغلب التي هي يمنية الأصل، انتقلت من نجد و الحجاز إلى حدود الشام، ثم إلى ما بين النهرين؛ حيث أقامت في الجزء الشمالي من العراق، وعلى تخوم الشام، في منبج والرصافة وقنسرين ودمشق. [٥]

التعلم

وفّرت رعاية سيف الدولة لأبي فراس بيئة مناسبة فتلقى تعلماً لائقاً، كما تدرب خلالها على فنون القتال، واستفاد من مجالس العلماء والأدباء الذين كانوا قد اجتمعوا في بلاط سيف الدولة، [٦] وكان ابن خالويه من الأساتذة الذين استفاد منهم أبو فراس في تلك الفترة، وأصبح فيما بعد راوياً لشعر أبي فراس وشارحاً لديوانه،[٧] الأمر الذي أدى إلى وقوف أبي فراس إلى جانب ابن خالويه في المنافسات الأدبية ببلاط سيف الدولة، وصار من أشد المعارضيين للمتنبي.[٨]

مناصبه

لم يكن الشاعر قد بلغ السابعة عشرة من عمره عندما عين حاكماً على منبج،[٩] وبطبيعة الحال فإن كفاءته في هذا الأمر لم تكن دون تأثير فيه، وكان سيف الدولة طوال فترة حكمه منشغلاً في حروب متواصلة مع الروم وفي قمع المناوئين له داخل البلاد، ولم يتخل عنه أبو فراس قط، ولازمه فيها كنصير وفيّ له .[١٠]

أمضى أبو فراس السنوات الواقعة بين 336 - 351 هـ في منبج، ورغم أنه كان يتنقل في جميع أرجاء المناطق التي تحت سيطرة الحمدانيين، إلا أن مقره الدائم كان منبج، ولم ينس إطلاقاً تعلقه بها.[١١]

أسره

حوصر أبو فراس في إحدى رحلاته للصيد حوالي منبج سنة 351 هـ من قبل الروم، فوقع أسيراً بيدهم،[١٢] واشتهرت القصائد التي أنشدها أبو فراس عندما كان أسيراً بالحسبيات أو الروميات، واعتبر أبو فراس رائد هذه المدرسة.[١٣]

ومع طول فترة أسره ذهبت أمه إلى سيف الدولة بحلب، وطلبت منه أن يسعى في إطلاق سراحه، لكنه لم يلبّ طلبها مما أدى إلى أن يصل تألم أبي فراس من سيف الدولة إلى ذروته، [١٤] وكانت وفاة أم أبي فراس وهو في الأسر آخر ضربة نزلت عليه وبكى بكاء مريراً رغم كل ما كان عليه من الهموم والغموم، وتكشف القصيدة التي نظمها في رثاء أمه عن حزنه الشديد ولوعته.[١٥]

وأخيراً وفي سنة 355 هـ تمت تبادل الأسرى على ساحل الفرات، واستعاد أبو فراس حريته،[١٦] كما أن هناك أخبار تتحدث عن احتمال توليته إمارة حمص بعد الأسر.

وفاته

توفي سيف الدولة سنة 356 هـ، وبعدها بفترة قُتل أبو فراس،[١٧] وقد ورد أخبار مختلفة عن مقتله:

فأورد التنوخي[١٨] أن جند سيف الدولة تفرقوا بعد موته وانحل عقد الأمور، وربما كان أبو فراس يعتبر نفسه أحق بخالفة سيف الدولة من أبي المعالي ابن أخته ونجل سيف الدولة، [١٩] ويحتمل أن يكون هذا الأمر الباعث على ظهور حالة الريبة بين الأثنين.

والاحتمال الآخر أن أبا فراس لم يكن راضياً عن استيلاء قرغوية أحد غلمان سيف الدولة على الحكم بسبب صغر سن أبي المعالي، ورغم أن أبا فراس وأبا المعالي حاولا إزالة هذه الريبة القائمة بينهما، إلا أن خبث سريرة الغلام الذي كان هو الآخر يتطلع إلى الحكم، [٢٠] أدى إلى نشوب الحرب بين هذين الاثنين.[٢١]

وخبر آخر يتحدث عن إصابته بجراج في إحدى الحروب، وتوفي على إثرها بعد فترة.[٢٢]

تشيعه

رغم أن البعض اعتبروا أبا فراس إسماعيلياً، لكنه عندما يذكر في إحدى قصائده الإمامين موسى الكاظم وعلي الرضا عليهما السلام، وفضلاً عن ذلك مقطعوتين أخريين للأئمة الاثني عشر للشيعة، [٢٣] فلا يمكن الشك في كونه شيعياً اثني عشرياً.

كما له قصيدة أخرى في رثاء الإمام الحسين عليه السلام،[٢٤] وهو في هذه القصيدة يشن هجوماً عنيفاً على قتلة الإمام عليه السلام، وينبري لتعداد فضائل الإمام علي عليه السلام ويلوم من تجاهلوا وصية النبي (ص) بأهل بيته.

شخصيته

تحظى شخصية أبي فراس بجوانب شتى كالشجاعة والكرم والفتوة، [٢٥] وهو يصور نفسه مقاتلاً يرى الموت بعز خيراً من الحياة بذل، كما أنه مخلص في الصداقة إلى الحد الذي يتساوى لديه سوء الصديق وحسنه،[٢٦] ويرى العظمة في الشخصية أسمى من الاقتدار في المال والثراء.[٢٧]

شعره

شعره مشهور سيّار بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة، فيجتمع فيه سمة الظّرف وعزّة الملك، فيقدمه نقاد الكلام على ابن المعتز، وكان الصاحب ابن عباد يقول: بدأ الشعر بملك وختم بملك، يعني إمرؤ القيس وأبا فراس.

وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز، ويبتعد من الاحتكاك به، وعدم مدح المتنبي إياه كان تهيباً له وإجلالاً له، لا إغفالاً ولا إخلالاً. [٢٨]

ديوانه

لأبي فراس شعر متنوع الموضوعات جمعه بعد وفاته أستاذه وصديقه ابن خالويه، وشرحه، فجاء في ديوان متوسط الحجم؛ طبع ثلاث مرّات في بيروت سنة 1873، وسنة 1900، وسنة 1910 م. ثم عني به سامي الدهّان ، فأخرجه في طبعة صالحة، في ثلاث مجلدات، بعد أن حققه تحقيقاً جيداً.[٢٩]

يحتوي ديوان أبي فراس أشهر فنون الشعرية التقليدية المعروفة، ما عدا المدح التكسبي؛ لأنه كان أميراً وابن عم الأمير فليس بحاجة لإنشاده تلك الأشعار.[٣٠]

الشافية

والشافية قصيدة أبي فراس الميمية، مدح فيها أهل البيت عليهم السلام، وذكر واقعة الغدير، وأنشدها في الرد على ابن سكّرة الهاشمي حيث ذكر فيها مثالب بني العباس، ومن أبياتها:

قام النبي بها يوم الغدير لهموالله يشهد والأملاك والأمم
حتى إذا أصبحت في غير صاحبهاباتت تنازعها الذؤبان والرخم
ليس الرشيد كموسى في القياس ولامأمونكم كالرضا لو أنصف الحكم[٣١]


استشهاد السيد الخامنئي بشعره

استشهد قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي في مؤتمر الصحوة الإسلامية الدّولي بشعر أبي فراس في خطابه، فقال:

عندما شاهدت عبر التلفاز تلاحم الشعب المصري الشجاع في ميدان التحرير، تيقّنت من أن هذه الثورة ستنتصر. دعوني أخبركم بحقيقة: بعد انتصار الثورة الإسلامية وتأسيس النظام الإسلامي في إيران الذي كان وقْعه على دول هواة الدنيا في المشرق والمغرب كزلزال مدوّ ودفع الشعوب لإطلاق الصرخات المدوية غير المسبوقة، فكنّا نتوقّع بشكل كبير نهوض مصر قبل أي مكان آخر، لقد دفعت سوابق الجهاد والفكر النيّر وتكوين شخصيات عظيمة ومجاهدة ومفكّرة في مصر لأن نحتمل هذا الأمر. لكنّ لم يكن ليُسمع صوت واضح من أطراف مصر. عندها كنت أخاطب شعب مصر بلسان قلبي بشعر أبي فراس:
أراكَ عصِيَّ الدَّمعِ شيمتُكَ الصّبرُأما لِلهوى نهيٌ عليكَ ولا أمرُ


عندما رأيت الشعب المصر ي قد نزل إلى ميدان التحرير وبقية الساحات الأخرى في مدن مصر، تلقّيت جوابا لسؤالي. لقد كان شعب مصر يخاطبني بلسان قلبه أيضا.
بَلى أنَا مُشتاقٌ وعِندِيَ لَوعةٌوَلَكنَّ مِثلي لا يُذَاعُ لهُ سِرُّ


هذا السرُّ المقدّس؛ أي امتلاك الدافع والتسلّح بعزيمة النّهوض، تكوّن بصورة تدريجيّة في عقليّة الشعب المصري، ونزلوا إلى الساحات بصدور عارية في اللحظة التاريخية المناسبة وكوّنوا حدثا عظيما.[٣٢]


وصلات خارجية

الهوامش

  1. ابن الأثير، الكامل، ج 8، ص 217.
  2. ابن الأثير، الكامل، ج 8، ص 309؛ ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 2، ص 61.
  3. عبد المهدي، أبو فراس الحمداني، ص74.
  4. عبد المهدي، أبو فراس الحمداني، ص 88.
  5. مسعود، أبو فراس الحمداني فارس النضال: ص13.
  6. البستاني، أدباء العرب: ج2، ص363-364.
  7. ابن خالويه، مقدمة الديوان: ص11؛ الشكعة، فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين: ص435.
  8. البستاني، أدباء العرب: ج2، ص317، 318.
  9. ابن العديم، زبدة الحلب: ج1، 119-120.
  10. عبد المهدي، أبو فراس الحمداني: ص92-94.
  11. عبد المهدي، أبو فراس: ص151-158.
  12. التنوخي، الفرج بعد الشدة: ج1، ص228.
  13. ثعالبي، یتیمة: ج1، ص47-66؛ البستاني، أدباء العرب: ج2، ص373-374.
  14. أبو فراس، الديوان (رواية ابن خالويه): ص233-236.
  15. ابن خلكان، وفيات الأعيان: ج2، ص61.
  16. التنوخي، الفرج بعد الشدة: ج1، ص228-229-281.
  17. ابن الأثير، الكامل: ج8، ص588.
  18. التنوخي، الفرج بعد الشدة: ج1، ص226.
  19. ابن الأثير، الكامل: ج8، ص588.
  20. الشكعة، فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين: ص123.
  21. ابن الأثير، الكامل: ج8، ص588.
  22. الكتبي، الوافي بالوفيات: ص178-188-189.
  23. أبو فراس، الديوان (رواية ابن خالويه): ص303-319؛ عبد المهدي، أبو فراس الحمداني: ص147-148.
  24. أبو فراس، الديوان (رواية ابن خالويه): ص312-314.
  25. التنوخي، الفرج بعد الشدة: ج1، ص225.
  26. التنوخي، الفرج بعد الشدة: ج1، ص238.
  27. التنوخي، الفرج بعد الشدة: ج1، ص248.
  28. الصفدي، الوافي بالوفيات: أبو فراس بن حمدان، (موسوعة الشعر العربي).
  29. مسعود، أبو فراس الحمداني فارس النضال: ص36.
  30. مسعود، أبو فراس الحمداني فارس النضال: ص37.
  31. أبو فراس، الديوان: ص255؛ وما بعدها.
  32. موقع السيد الخامنئي

المصادر والمراجع

  • ابن الأثير، عز الدين أبي الحسن الجزري الموصلي، الکامل في التاريخ، د ن، د م، د ت.
  • ابن خالویه، حسین، مقدمة دیوان أبو فراس، د ن، د م، د ت.
  • ابن خلكان، شمس الدين، وفيات الأعيان، د ن، د م، د ت.
  • ابن العديم، عمر، زبدة الحلب من تاریخ الحلب، تحقيق: سامي الدهان، د ن، دمشق، 1370 هـ/1951 م.
  • أبو فراس، حارث، دیوان أبي فراس (برواية ابن خالویه)، تحقيق: محمد التونجي، د ن، دمشق، 1408 هـ/1987 م.
  • أبو فراس، حارث، دیوان أبي فراس (برواية ابن خالویه)، دار صادر، بيروت، 1410 هـ/1990 م.
  • البستاني، بطرس، أدباء العرب، د ن، بیروت، 1979 م.
  • التنوخي، محسن، الفرج بعد الشده، تحقيق: عبود شالجي، د ن، بیروت، 1391 هـ/1971 م.
  • الثعالبي، أبو منصور، یتیمه الدهر، تحقيق: محمد إسماعیل الصاوي، د ن، القاهرة، 1352 هـ/1934 م.
  • الشكعة، مصطفى، فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين، د ن، بیروت، 1981 م.
  • الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تحقيق: شکري فیصل، د ن، بیروت، 1401 هـ/1981 م.
  • عبد المهدي، عبدالجلیل حسن، أبو فراس الحمداني، د ن، عمان، 1401 هـ/1981 م.
  • مسعود، ميخائيل، أبو فراس الحمداني فارس النضال، لبنان، الشركة العالمية للكتاب، 1997 م.
  • موسوعة الشعر العربي، مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، الإصدار الأول، 2009 م.