فقه أهل الحديث
فقه أصحاب الحديث، اشتهر كأحد تيارَي فقه أهل السنة الرئيسيَين في القرون الأولى في مقابل أصحاب الرأي، وامتاز منذ منتصف القرن الثاني إلى منتصف القرن الثالث ليكون أحد أهم التيارات الأصلية والمصيرية في أكثر الأدوار الفقهية تحولاً.
ولدراسة المناهج الفقهية لأصحاب الحديث طوال هذه الفترة يجب فصل المرحلتين المتقدمة والمتأخرة، والنظر إلى افتراقاتهم (المتبقّين من أصحاب الأثر وممثلي أصحاب الحديث في معناه الخاص) بنظر الاعتبار.
متقدمي أصحاب الأثر
تجدر الإشارة في دراسة أساليب أصحاب الأثر الاستدلالية في القرن الثاني، أن اختلافهم مع أصحاب الرأي، لايغدو إلا نسبياً. وبغض النظر عن التمايزات الصنفية وبعض الافتراقات العقائدية، وبناءاً على القول بانفصال أصحاب الأثر وأصحاب الرأي وفق ظاهر المصطلحَين في نزوع فقهاء الجانبين إلى استعمال الأثر أو الرأي، فإن شخصيات بارزة من أصحاب الأثر كمالك، وسفيان الثوري والأوزاعي تدخل في سلك أصحاب الرأي أوتحتل موقعاً قريباً منهم.[١]
كلام ابن قتيبة
الجدير بالذكر أن ابن قتيبة، وهو من متأخري أصحاب الحديث ومن تلامذة إسحاق، يذكر ضمن أسماء قائمة أصحاب الرأي واستخدامه الخاص لهذا المصطلح في كتابه المعارف [٢]أسامي فقهاء أصحاب الأثر المتقدمين كمالك، والأاوزاعي والثوري إلى جنب أبي حنيفة وسائر أصحاب الرأي، مشيراً بذلك إلى توسّع هؤلاء الفقهاء في استعمال الرأي.
وجود استعمالين لمصطلح أصحاب الرأي
يمكن استنتاج نقطة دقيقة من كلام ابن قتيبة في خصوص وجود استعمالين تاريخيين لمصطلح أصحاب الرأي: المعنى الأخص (الاستعمال الأشهر)، والمعنى الأعم الشامل للمسلّمين بالرأي من أصحاب الأثر. ولعل التعبير بـ«أصحابنا من أهل الحجاز» عند نقل آراء مالك بن أنس من قِبَل القاضي أبي يوسف في كتابه الخراج، يشير إلى هذا التقارب في الأسلوب.[٣]
الحجاز وأصحاب الأثر
يمكن ملاحظة تواجد فقهاء أصحاب الأثر في القرن الثاني في مجتمعات مختلفة، ولكن أرض الحجاز ولاسيما المدينة عُرِفتا المعقِل الرمزي لأصحاب الأثر طيلة مراحل الفقه التاريخية.
المدينة
إن مدينة القرن الثاني وإن كانت قد شهدت ظهور فقهاء من هذا النمط كــابن أبيذئب (159ه) وابن أبي الزناد (174 أو 180ه) غير أن شخصية مالك بن أنس (179ه) البارزة غطتها جميعاً. ويبلغ هذا التأثير حداً يضطرنا إلى الرجوع إلى تاريخ المذهب المالكي عند تتبع أخلاف أصحاب الأثر المتقدمين في المدينة.
مكة
شهدت مكة تزامناً مع حلقات مالك وتلامذته في المدينة، علماء من أصحاب الأثر كـمسلم بن خالد الزنجي (180ه) وسفيان بن عيينة (198ه) عكست تأثيراتهم الفقهية على التراث النقلي للفقه الشافعي بشكل واسع.[٤]وكان عبد الله بن الزبير الحميدي ( 219ه) هو آخِر أشهر فقهاء هذه المدرسة حيث استقطبت فتاواه أنظار محافل أصحاب الحديث البغداديين[٥] والخراسانيين فضلاً عن الحجاز.[٦]
الشام وأصحاب الأثر
الأوزاعي
كان أبو عمرو الأوزاعي (157ه) في الشام وهو أبرز فقهائهم من أصحاب الأثر، كثير الأسفار قد أخذ من مشيخة كل من الشام، والحجاز، والعراق، ومصر، واليمامة، كأمثال عطاء، وقتادة والزهري. ويعتبر الأوزاعي من الكتّاب الأوائل في الفقه والسنن، غير أن أهم آثاره المتبقية هو ما أقتبسه أبو يوسف من كتابه في موضوع السير.[٧]
عباد بن عباد الخواص
وفي تتمة الكلام عن علماء الشام، ينبغي تسمية عباد بن عباد الخواص حيث أن رسالته المتبقية هي نموذج هام لمواقف عالم من علماء أصحاب الأثر في المنتصف الثاني من القرن الثاني. وخصائص تعاليم الكتاب البدائية، واتباع أثر السلف والأمر بتقليد الصحابة تبين تعلُّق النص وعلاقته بتعاليم المرحلة السابقة من زمن الشافعي.[٨]
مصر وأصحاب الأثر
ينبغي الإشارة في هذه الآونة إلى ليث بن سعد (175ه) الفقيه المصري الذي بقي مذهبه المنافس الأقوى لمذهب مالك لفترة معينة. وليث إلى جنب أخذه من علماء مصر، كان قد أخذ من مشيخة مكة ومدينة كأمثال عطاء والزهري، ولعل جمعه هذا جعله موضع رعاية الشافعي واهتمامه الكبيرين.[٩] ورسالة ليث في جواب مالك بن أنس هو أهم مصدر في دراسة نظرات ليث الفقهية.[١٠]
العراق وأصحاب الأثر
للعراق ظروفها الخاصة في تاريخ علماء أصحاب الأثر الفقهي؛ حيث أن فيها تظهر أكثر المنازعات بينهم وبين أصحاب الرأي وأعنف المواقف بين المنحيين، في حين أن القرابة بين التيارين في هذه المنطقة هي الأكثر من بين سائر البلدان، إذ اشتركت في تفاصيل كثير من الفتاوى وذلك لاشتراكهم في المصادر النقلية وبعض طرق الاجتهاد.
الكوفة
وفي الكوفة حيث يمثل السفيان الثوري (161ه) أصحاب الأثر، فقد كان له بها انتهالاً من كبار التابعين العراقيين، واكتسح الكوفة في حياته دون فقيه منافس.[١١] أما آثاره الفقهية فلم يتبق منها سوى أوراق حملت عنوان الفرائض[١٢] ولكن المعروف أن كتابه الجامع في الرأي الذي حوى آرائه الفقهية، بقي في حوزة أصحاب الأثر وتداولته أيديهم لفترات طويلة.[١٣]
وسفيان، يشكل منعطفاً في بدء مسار هام كان يرمي إلى تقارب تعاليم أصحاب الأثر المتعلقة بالبيئات المختلفة. ومن خصائص هذا الاتجاه، إحداث موجة عارمة بين أصحاب الأثر لتصنيف حشد من الكتب في الحقول الفقهية يمكن ملاحظة نماذج منها في فهرست ابن النديم.[١٤] ومن بين فقهاء الكوفة وكذلك خراسان الذين استقلوا بآرائهم الفقهية ولكن يمكن إدراجهم إلى جنب سفيان نظراً لمناهجهم العامة هم: الحسن بن صالح بن حي (167ه)، العالم الزيدي، شريك بن عبد الله النخعي (177ه) وابن مبارك المروزي (181ه).
البصرة
يشكل شعبةبن الحجاج، وحماد بن زيد ويحيى بن سعيد القطان وهم من متقدمي أصحاب الأثر في البصرة وفقهائها البعيدي الصيت. بيد أنه لم تصلنا من آثارهم باستثناء القطان إلا شذرات. ولقد حاز فقه حماد بن زيد في البصرة، كامتداد لفقه شعبة،[١٥]في زمانه أهمية ملفتة، ويمكن استذكار هذه الأهمية بما أوصاه أبو داوود السجستاني وهو من محدثي البصرة في القرن التالي، في تغسيل جثمانه وفق ما كتبه سليمان بن حرب في تصنيفه عن حماد بن زيد تعظيماً لفقه البصرة المتقدم.[١٦]
وبشكل عام يجب التذكير بأن دورة متقدمي أصحاب الأثر، هي مرحلة تاريخية من مراحل فقه أهل السنة التي حصلت على أعلى نسب القرابة بينها وبين فقه أصحاب الحديث (بمعناه العام)، وكان أكثر ما يميز الفرق بينهما إلى جنب الاختلافات الدقيقة حول الترجيح بين الرأي والأثر، هو التصنيف الطبقي الخاص بالمنحى العلمي والجذور التاريخية للمدرستين.
الخصائص الفقهية لأصحاب الأثر
وبين الفصائل المتعددة لأصحاب الأثر المتقدمة، أوجه اشتراك واسعة في المنحى الفقهي يتم تناولها مجملاً في الأبحاث التالية:
الف -استعمال الكتاب والسنة
مالك بن أنس
تشكل شخصية مالك معياراً في دراسة تعاطي متقدمي أصحاب الأثر مع القرآن ومؤشراً بارزاً في تناول طرقهم حول هذا الموضوع؛ وبناءاً على تحليل آراء مالك، ينبغي التذكير بالتزامه بظواهر الكتاب وتشدده في ذلك، ومقاومته الصلبة للأحاديث المخالفة لظواهر القرآن. وإصرار مالك على ذلك كان أشد من إصرار أبي حنيفة، ومثال ذلك الحُكم على أساس عموم الآيات[١٧]المتعلقة بالمأكولات من اللحوم.[١٨]ينضاف إلى ذلك، تركيز عبادبن عباد، الفقيه الشامي على اتّباع كتاب الله وما عبر عنه بضرورة «العمل بالمحكمات»[١٩]وما أسماه بالإئتمام بالقرآن في رسالته.[٢٠].
وفي تتبع أصول هذه الطريقة في نقد الأخبار والروايات، يمكن أن يكون الموطأ كاشفاً عن انتمائات مؤلفه الأصلية إلى حد ما، حيث أن اكتفاء مالك بتدوين أعداد ضئيلة من الأحاديث المرفوعة في كتابه يبيّن مدى صرامته وتدقيقه في انتقاء الأحاديث، الأمر الذي أدّى إلى اعتبار تصنيفه ضمن الصحاح في بعض الأوساط.[٢١] أيضاً إن كثرة استناد مالك في موطئه إلى مراسيل الفقهاء المتقدين[٢٢] تبين اعتبارها عند مصنفه.
السفيان الثوري
وفي العراق كان السفيان الثوري إلى جنب اعتنائه بالأثر وإيلائه الاهتمام لمسانيد الأحكام الفقهية، مدقِّقاً في اعتبار الآثار، آخذاً بعض مواصفاتها بنظر الاعتبار مُكثِراً من الشروط، في زمن لم يكن الكثير من علماء الأثر قد أبدوا حساسياتهم تجاه موضوع الأسانيد.[٢٣]
وحول مكانة التابعين ونظراتهم الفقهية عند متقدمي أصحاب الأثر كما في فقه مالك، فإنه ينبغي القول بأن جميع الموطأ من أقصاه إلى أقصاه قد ضُمِّن فتاوى التابعين في المدينة وسيرتهم فضلاً عن آراء الصحابة، ويبدو من خلال مقارنتها مع فتاوى مالك المنقولة أن آراء هؤلاء ولاسيما سعيد بن المسيب، والزهري وعروة بن الزبير، وإن لم تبلغ مستوى الحجية من منظور مالك، غير أنها لعبت دوراً مباشراً في تأسيس فقهه وإنشاء وصياغة آرائه. يمكن اعتبار ما يعبر عنه مالك بـ«البلاغ» عن المتقدمين واعتمده في كثير من الأحيان عند افتقاد الأدلة من الكتاب والسنة،[٢٤] تعبيراً مجملاً عن آراء الصحابة والتابعين.
ب - الاستناد إلى سيرة المسلمين والاجماع
كانت المدينة باعتبارها المكان الأصلي للنبي وموطن الأغلبية من الصحابة تمثّل المنشأ الأساس للعلوم الدينية عند الكثير من التابعين. وهذه الميزة كانت تجعل من علماء المدينة يفترضون على عاتقهم مَهمة الحفاظ على السنن النبوية وتحدي البدع ومجابهتها من جهة، والاستغناء بالسُّنة الدارجة في المدينة عما سواها في المدن باعتبارها سنة ممضاة نوعاً ما من قِبَل النبي وصحابته من جهة أخرى.[٢٥]
المدينة
يُلاحَظ هذا النوع من الاعتماد في أوضح انعكاساته في فقه مالك حيث قد طرحه بوضوح كأساس نظري في رسالته التي كتبها إلى ليث بن سعد.[٢٦] كما يُلاحَظ الاستناد إلى هذه السيرة في استعمالات الموطأ المتكررة، من قبيل: «الذي أدركت عليه أهل بلدنا»[٢٧] ولاسيما العبارة الموجزة والكثيرة الاستعمال: «الأمر عندنا». إن المقصود بالسنة في معظم كلام مالك يرجع إلى المدينة، وقليلة[٢٨] هي المناسبات التي يتكلم عنها تحت عنوان: «مضت السنة على...» أو «سنة المسلمين...» [٢٩]
المناطق الأخرى
وفي المناطق الأخرى، حيث كان فقهاء عصر مالك من أصحاب الأثر يستندون إلى سيرة المسلمين،[٣٠] فإنهم لم يعترفوا لسيرة أهل المدينة بمكانة مميزة؛ كما يُلاحَظ ذلك عياناً من خلال رسالة مالك إلى ليث فقيه مصر،[٣١] وردّ ليث،[٣٢] وإصداره فتاوى تخالف عمل المدنيين، ونظرته في عدم حجية سيرتهم. يكثر مالك في كتابه الموطأ من استناده إلى دليل الإجماع تحت عناوين مختلفة من قبيل: «الأمر المجتمع عليه عندنا» وهو ما يُفسَّر غالباً بإجماع أهل المدينة عند الأصوليين. أما لدى الأوزاعي فإن الاجماع لم يمت عنده إلى مدينة معينة بصلة. والأوزاعي كان قد أولى الاجماع اهتماماً خاصاً، وقد أشار واستند مراراً إلى اجتماع أهل العلم واتفاقهم على مسائل مختلفة،[٣٣] كما عدّ «ما اجتمع عليه الناس» في رسالته التي كتبها إلى أبي بلج حُكماً شرعياً ضمن الأحكام المشرّعة.[٣٤]
الطريق الوسط بين السنة والرأي
مالك بن أنس
يعكس مالك بن أنس في نظامه الفقهي وهو قد أكمل علومه بموطنه المدينة، تركيبة من رؤى مشايخه من أصحاب الأثر كـابن شهاب الزهري، وفقهاء أصحاب النظر والرأي كـيحيى بن سعيد الأنصاري وربيعةالرأي. وكان مالك قد تلقى رصيده النقلي لسُنة المدينة من صحابة كأمثال عمر، وابن عمر، وعايشة وأبو هريرة، ومن الفقهاءالسبعة.[٣٥]أما في مناهج الفقاهة وأساليبها فقد كان تأثر مالك بتعاليم أساتذته من أصحاب الرأي تأثراً ملحوظاً. وفي شرح موقف مالك المتوسط بين الاجتهاد بالرأي واتّباع السنة، ينبغي الإشارة إلى استمداده في استدلالاته الفقهية بالقياس وغيره من طرق أصحاب الرأي ضمن إطار محدّد.[٣٦]وبناءاً على قول ابن قاسم، فإن مالك كان يُشيد بمكانة الاستحسان في الفقه[٣٧]كما ذكر أيضاً في كتاب المدونة عدول مالك عن كثير من قياساته إلى العمل بالاستحسان.[٣٨]
الأوزاعي
كان الأوزاعي فقيه أصحاب الأثر بالشام كغيره من فقهاء القرن الثاني من أصحاب الأثر ممن يعتدّ بالرأي والقياس بشكل ملاحَظ، وفيما نُقِل عنه لم يَعتبر هو اختلاف موقفه مع أبي حنيفة حول الرأي اختلافاً جوهرياً.[٣٩] ولاستعمال الاستحسان في صورته البدائية وغير المدونة نماذج من فقهه؛ فهو عند قوله ببطلان بيع «الجارية المغنّية» يصرح بابتناء هذا الحُكم على الاستحسان، في حين أن القياس يقتضي صحته.[٤٠]
السفيان الثوري
وفي العراق، فإن السفيان الثوري وإن كان ينتقد أبا حنيفة في استعمال الرأي،[٤١] ويخالفه في مناهجه الفقهية،[٤٢] إلا أن الشواهد تدلّ على أنه لم يحترز كثيراً ما عن العمل بمقتضى الرأي كما فعل فقهاء عصره من أصحاب الأثر. وسفيان رغم صريح العبارات المتناقلة عنه كـ: «إنما الدين بالآثار، ليس بالرأي»،[٤٣] كان يعدّ فقهاء أصحاب الرأي كأمثال: ابن أبي ليلى وابن شبرمة من أبرز فقهاء الكوفة.[٤٤] بهذه الصورة كان يبدي سفيان موقفه وانطباعاته الإيجابية من أصحاب الرأي الغير الحنفيين؛ وغالباً ما كانت مخالفاته مع أبي حنيفة نابعة عن الاختلافات العقائدية، ودراسة إحصائية لفتاوى الفقيهين كفيلة ببيان التقارب بينهما عملياً على الصعيد الفقهي. إن هذه الموائمة بلغت حدّاً جعلت المقدسي في القرن الخامس ينوه بضرورة التمييز بين الثورية والحنفية خشية التباس أمرهما على المتتبع.[٤٥]
متأخري أصحاب الحديث
إن مركزية بغداد بعد منتصف القرن الثالث شكلت أرضية مناسبة لنشوء مدرسات جديدة تابعة لبيئات مختلفة عن بيئات المواطنين الأصليين في شتى أنحاء العلوم الإسلامية. وفي الفقه خلال الفترة ذاتها أيضاً، اجتمع الفقهاء من ذوي الانتمائات المختلفة والبلاد الأخرى في بغداد، من بينهم أبرز تلامذة أبي حنيفة ومالك وغيرهما من الفقهاء، غير أن أصحاب الرأي كانوا قد سبقوا غيرهم في تدوين الفقه، ولم ير متعلموا الفقه من أصحاب الحديث أنفسهم في غنى عن منتدياتهم. ومع مجيء الشافعي تغيرت الأجواء لصالح أصحاب الحديث إلى حد ما وتحسنت ظروفهم بوقفته القصيرة في بغداد (195- 199ه) حيث شكّل ذلك منعطفاً فقهياً هاماً في تاريخ أصحاب الحديث. وهذه الفترة لم تكن فرصة اغتنمها الشافعي في سبيل تدوين أفكاره فحسب، بل هيّئت أجواءاً متائمة لجماعة من المحدثين الناشئين حتى يستوحوا من الشافعي وتعاليمه وليس على دأبه تصميمَ فقه جديد لدى أصحاب الحديث [٤٦]يمكن تسميته بفقه أصحاب الحديث المتأخرين.
الشافعي، الحلقة الوسيطة بين المتقدمين والمتأخرين
كان محمد بن إدريس الشافعي (204ه)، وهو الفقيه والأصولي المعروف بمكة قد ضلع في المذاهب الفقهية المختلفة نظراً لاجتيازه مراحل التعليم في كل من مكة، والمدينة، واليمن والعراق، وكانت رؤيته الفقهية نتاج تلاقي التعاليم المنوعة لدى البيئات والمدرسات المختلفة. فكان أن دوّن نظاماً فقهياً منهجياً منطبقاً في إجماله على موازين أصحاب الحديث التقليدية، وباشر في تحرير أسسها في كتابه الرسالة، واشتهر من ناحيتها كأول تصنيف جامعٍ نسبياً في علم الأصول. قام الشافعي باستئناف النظر في كيفية الاستناد إلى الأدلة من القرآن والسنة والإجماع وكذلك استعمال الرأي بحيث ارتسمت ميزاته البنيوية عملياً على شكل قواعد تأسيسية بمقارنة أسلوبه مع أصحاب الأثر المتقدمين رغم الذي يكسوها من الافتراقات البسيطة.
الكتاب
لم تكن العمومات الظاهرية للقرآن قابلة للالتزام في رأي الشافعي.[٤٧] فكان أن حدّ عملياً من حجية ظواهر الكتاب من منطلق الأداء التفسيري للسنة النبوية تجاه ظواهر القرآن. إن تركيز الشافعي على الحديث باعتباره مرآة للسنة ومفسراً للكتاب يمثل محوراً أساسياً في نظامه الفقهي بحيث قدم بفعل تقليصه من دور الكتاب ومراجعته، فقهاً حديثياً بامتياز.
السنة
يقدم الشافعي في تعاطيه مع آثار الصحابة والتابعين تعريفاً مضيّقاً للسنة، حيث يعتبر الحديث المرفوع دون غيره ممثلاً عن السنة النبوية، مهاجماً طريقة الفقهاء السابقين كمالك والأوزاعي في تقليد الصحابة وتقديم أقوالهم أحياناً على الأحاديث المرفوعة، كما لم يستثن في ذلك سيرة الشيخين.[٤٨] إن هذا الانطباع عن السنة والموقف النظري للشافعي تجاه الآثار غير المرفوعة يشكل اتجاهاً جلياً في أوساط أتباع السنة في القرن الثالث ومفصلاً تاريخياً في الإرعواء عن الأثر بمعناه العام إلى الأحاديث النبوية.
الإجماع
أما في خصوص الإجماع فإن الشافعي بناءاً على الميزة الغير المحلية نفسها لفقهه، لا يعترف إلا بـ«إجماع جميع الأمة»كدليل شرعي معتمَد، [٤٩]وهو يحتج به أحياناً في تخصيصه لحديث فقهيّ، أو صرف دلالته اللفظية إلى مفهومه المؤوّل.[٥٠]والشافعي يعارض كلاً من الرأي الفقهي ورأي القياس خلافاً للماضين، ويعتبر الاجتهاد المتّبَع مرادفاً للقياس ويرفض الاستحسان بشدة.[٥١]وإنما القياس عنده في أدنى مراتب الأدلة ولا يعتدّ هو به إلا عند الضرورة وافتقاد النص.[٥٢]أما عملياً فقد اشتهر الشافعي بالعمل بالقياس بقدر ما اشتهر أبو حنيفة بالرأي.[٥٣]
فقه أحمد، ذروة الانحياد عن التقدير والتدوين
ينبغي القول في دراسة عقلية ابن حنبل الفقهية أنه كان يؤكد أكثر من غيره على اتّباع الحديث، والتخلي عن القياس والرأي إلا في مواقع الضرورة، كما كان يؤكد أيضاً على اجتناب افتراض المسائل التقديرية.
الكتاب
لقد كانت القناعة في تفسير الكتاب بالسنة أكثر توكيداً في فقه أحمد من الشافعي، كما كان اتباع الظواهر من الكتاب مع وجود الأحاديث المعارضة أعنفها رفضاً.
السنة
كان يذهب أحمد في استناده إلى الأحاديث، إلى ترك الأحاديث المنكَرة معتبراً أن الأحاديث المعروفة وحدها هي الصادرة عن النبي.
الآثار
أما بالنسبة إلى آثار الصحابة والتابعين، فإن أحمد كان يقدم قول الصحابة على الرأي والأقيسة الفقهية، أما التابعين فإن اقتدائه بهم يجب أن يُحمل على اقتناء الأقوال المختارة من بين آراء التابعين.
الإجماع
لم يكن الإجماع في نظرة أحمد من الحجج الفقهية وكان هو من أشد منتقديه.
الاجتهاد
لقد قلّ استعمال الأساليب الاجتهادية في فقه أحمد نسبياً، بيد أن منهاجه لم يعنِ رفضها جميعاً. وفقه أحمد وإن كان قد عُرف حتى القرن الرابع كفقه أحد علماء أصحاب الحديث – الاتجاه المتأخر منه -[٥٤] إلا أنه كان يُعتبَر من أبرز ممثليهم حتى في القرن الثالث.[٥٥]
خراسان، بيئة الوفاق مع التدوين
إسحاق بن راهويه
شهدت حياة العالم الخراساني إسحاق بن راهويه (238ه) -الذي كان أقل شهرة من معاصره أحمد – تنويعاً من الناحية الفقهية وبيئات التعليم، فأدرك أساتذة كثيرين من أمكنة مختلفة مما عكس على فقهه نوعاً من التوسيع والاعتدال مقارنة مع فقه أحمد. وحيث أن فقه إسحاق كان وليد ظروف مماثلة لظروف أحمد في بيئة أصحاب الحديث البغدادية، فإنه يجب توقع مسايرته لأحمد في باديء النظر ثم الإتيان على خلافاتهم في المناهج. وبإلقاء نظرة إحصائية على سنن الترمذي فإن فتاويهما تتفق في 88% وتختلف في 12% .
وفي دراسة قناعات إسحاق الفقهية على أساس من المصادر القليلة، ينبغي القول إن إسحاق كان ينتقد بشدة كنظيره أحمد ترك الكتاب والسنة والاعتماد على القياس،[٥٦]وكان يرى خروج السنن والفرائض عن دائرة القياس والعقول،[٥٧] وتدل قرائن على أن تمسكه بظواهر الكتاب كان أكثر قبولاً واعتماداً في فقهه.[٥٨]
وبشأن الحديث فإن إسحاق كان يلتزم فيه فصل الصحيح عن السقيم.[٥٩]أما في الإجماع، فإن نقله لحديث «لا تجتمع أمتي على خطأ» بطريقين في مسنده[٦٠]يدل على مرونة موقفه مقارنة مع أحمد الذي امتنع من ذكر هذه الأحاديث. وخلافاً لأحمد الذي كان يرفض تدوين الآثار الفقهية،[٦١]فإن تأليفه للسنن ككتاب مدون في الفقه،[٦٢]يمثل مؤشراً آخر على اعتدال إسحاق في الانتمائات. إلا أن الكتاب لم يتبق إلى الآن، وأهم ما يُستند إليه في الباب، سوى أقواله المنقولة في الآثار والأبحاث المقارنة، هوكتاب مسائل أحمد وإسحاق من تأليف إسحاق بن منصور الكوسج. (251ه) [٦٣]
إن التأكيد على الرجوع المباشر إلى الأدلة ومقاومة تقليد الفقهاء ومناهدته حتى التقليد من الفقهاء البارزين لأصحاب الحديث هو من أوجه الاشتراك بين أحمد وإسحاق.[٦٤]
أصحاب الصحاح
وفي القرن الثالث كانت الرؤية الفقهية السائدة على الوسط الخراساني لأصحاب الحديث ومنطقة الجبال إلى حد ما، أكثر ما كانت امتداداً لأفكار إسحاق، وفقهاء زمانه كتلميذه البخاري وكذلك الترمذي، وإن كانوا لا يأبون مخالفته في الفتوى،[٦٥] إلا أنهم كانوا متأثرين بأفكاره بشكل عام؛ ما يمكن ملاحظته من خلال قيامهم بتأليف مصنفات حديثية - فقهيةتحت عناوين الجوامع أو السنن، ومن بينها «الكتب الستة». ويمكن اعتبار نقل هؤلاء الفقهاء للأحاديث المتعلقة بعدم اجتماع الأمة على الخطاء دليلاً آخر على تقارب وجهات النظر مع إسحاق.[٦٦]وفي هذا الإطار يمكن ملاحظة صريح القول بحجية الإجماع في آثار بعضهم كـابن قتيبة، أخص تلامذة إسحاق[٦٧] وعثمان الدارمي[٦٨]؛ والترمذي حيث أن الأخير وفي تقويته لبعض الأقوال كان قد تمسك بإجماع أهل العلم مراراً[٦٩] وكذلك النسائي في سننه[٧٠] حيث فتح باباً في الالتزام بموضوع اتفاق أهل العلم (الإجماع).[٧١]
الاتجاهات المعتدلة في بغداد
إلى جانب المشرق الإسلامي، ليس يمكن اعتبار خصائص أحمد الفقهية ملامح مشتركة بين جميع فقهاء أصحاب الحديث في القرن الثالث، ويمكن تتبع فقهاء من زملاء أحمد كان قد احتلّ فقههم منزلة وسطى بين الفقه الروائي والفقه المُرتئي.[٧٢]
أبو ثور
ثمة نزوع في فقه أبي ثور ( 240ه) يقارب إلى حد ما أسلوب الظاهريين في الاعتماد على ظواهر الكتاب، ومواقف متفائلة ترحّب باستعمال الرأي بعض الشيئ. لقد كان لمذهب أبي ثور أتباع، وكان له التأثير الملحوظ على تيار أصحاب الحديث المتأخرين.[٧٣]
القاسم بن سلام
كان لـأبي عبيد القاسم بن سلّام (244ه)، وهو فقيه آخر من أصحاب الحديث المعتدلين أو بالأحرى من بقايا أصحاب الأثر،[٧٤] عناية خاصة بفقه الثوري كما يبدو ذلك واضحاً من جميع آثاره؛ فقد كان متشائماً بالقياس، وكان يُأصّل للرأي المشهور بعد اتّباع النصوص (الكتاب والسنة)، وكان كمتقدميه من أصحاب الأثر، يعمد إلى فتواى "الصلحاء" (من الصحابة والتابعين) بعد مراجعته للكتاب والسنة.[٧٥] وفي سياق نزعته هذه إلى طريقة المتقدمين، استبدل إجماع الشافعي بالشهرة الفتوائية، كما استعملها في نقد الأخبار والتراجيح.[٧٦]
فقهاء أهل الاختيار
وكآخر مرحلة من مراحل التكوّن الفقهي لفقه أصحاب الحديث، تجدر الإشارة إلى فقهاء «أهل الاختيار» في السنين المنتهية إلى القرن الرابع، وقد ترأست لائحتهم شخصية محمد بن جريرالطبري (310 ه).
يجب أولاً اعتبار فقه الطبري مذهباً من طراز فقه أصحاب الحديث مع عودة إلى الأساليب المعتدلة بين الحديث والرأي في القرن الثاني، ولكن يجب الأخذ بنظر الاعتبار أنّ ما قام به الطبري مع العلم بالظروف التاريخية الخاصة به لم يكن مبتنياً على إبداء فتاى بديعة، بل على الانتقاء والاختيار الاجتهاديَين من بين الآراء المعروفة. والطبري بنظريته التي تقول إن الإجماع ليس هو إلا توافق الأغلبية، كان قد أضفى على النظرية المسبقة في تحويل الإجماع إلى الشهرة الفتوائية طابعاً أصولياً، بحيث أن المصادر الأصولية عرفتها فريدة من نوعها وباسمه لا بغيره.[٧٧]إن الطبري لم يكن متفائلاً بالقياس إلى حد ما ولم يعترف بحجية الإجماع المبتني على القياس والاجتهاد.[٧٨]
يمكن اعتبار مَيَلان الطبري إلى الظواهر القرآنية والتعاطي النقدي مع الحديث ضمن خصائصه الفقهية، واعتبار فقهه امتداداً لفقه أبي ثور إلى حد كبير، وطريقة أبي عبيد نفسها في جملة من الخصائص.[٧٩] هذا ويمكن إحصاء ابن خزيمة وابن منذر ضمن فقهاء أصحاب الحديث النازعين إلى الاختيار الذين كان لهم أتباع لفترة معينة.
رواج المذهب الفقهي لأصحاب الحديث في القرن الـ 4 و5
إن المذهبَين المالكي والشافعي، وإن كانا تاريخياً من تشعبات أصحاب الحديث، إلا أنه اعتُرف بهما في القرن الرابع كمذهَبين مستقلَين، ودرج استعمال مصطلح أصحاب الحديث في آثار هذه المرحلة في عرض استعمالهما. ويعود الفضل في تزويد التاريخ بأدقّ المعلومات حول الرقعة الجغرافية لتواجد مذاهب أصحاب الحديث في القرن الرابع إلى تقارير المقدسي، فعيّن نطاقها ضمن دائرة الشام، واقور، و(بلاد الجزيرة)، ورحاب، و(آذربيجان، وأرمينية)، [٨٠] كما فصّل المذاهب في كل منها، حيث اعتبر مذهبهم في اقور ورحاب حنبلياً [٨١]وفي الشام أوزاعياً[٨٢][٨٣]
ابن راهويه
إلى جنب ذلك، أشار المقدسي دون تصريح باسم بلدان معينة إلى امتداد مناطق أتباع ابن راهويه في عصره،[٨٤] أناس لا يُستَبعد كونهم ممن صرح علماء الجغرافيا في القرن الرابع بهيمنتهم العددية ضمن مناطق شاسعة من جنوب شرق ايران تشمل أقاليم فارس وكرمان إلى سواحل الجنوب.[٨٥] وكلام المقدسي في أن معظم أهالي [إاقليم سِند]]، يعتنقون مذهب أصحاب الحديث، وإنه لا مجال لمذهب الحنابلة إلى الإقليم،[٨٦] يمكن أن يزيد من احتمال كونهم من أتباع ابن راهويه إذا سلّمنا باتحاد هؤلاء من أصحاب الحديث مع أصحاب الحديث في كرمان.
سفيان
وفيما يتعلق بمذهب السفيان الثوري، فإن له إلى جنب انتشاره في محيط العراق أتباع في قسم من اليمن ومناطق من جبال ايران كـدينور حتى نهاية القرن الرابع كحد أدنى،[٨٧] واستمرت حياته القصيرة حتى نهاية القرن الخامس.[٨٨]
أبي ثور والطبري
ورغم أن المقدسي قد غفل عن ذكر مذهب أبي ثور والطبري ومكانتهما في عصره، إلا أن مذهب أبي ثور كما يقول ابن النديم،[٨٩] في القرن الرابع كان قد اجتاح كامل آذربيجان وأرمينية،[٩٠]وأن المذهب الجريري، المنسوب إلى الطبري، كان أحد المذاهب الهامة والدارجة في العراق،[٩١] غير أنه بدء ينقرض بحلول القرن الخامس.[٩٢]
الهوامش
- ↑ انظر الأبحاث القادمة.
- ↑ ص 494 وما بعده
- ↑ انظر: ص 88-89.
- ↑ انظر الأسطر القادمة.
- ↑ انظر مثلاً: أبو داوود، مسائل...، ص 43؛ ابن نقطة، ج 2، ص 43
- ↑ انظر مثلاً: الترمذي، ج 1، ص 9.
- ↑ راجع المصادر.
- ↑ لملاحظة النص الكامل، انظر: الدارمي، عبد الله، ج 1، ص 160-163؛ ولمقتطفات منه، انظر: أبو نعيم، ج 8، ص 282.
- ↑ انظر: النووي، ج 1 (2)، ص 73-74.
- ↑ راجع مصادر المقال؛ حول المصادر الغير الموجودة، انظر: ابن النديم، ص 252.
- ↑ انظر: ابن عدي، ج 7، ص 2476.
- ↑ للمخطوطة الظاهرية راجع: GAS,I/519.
- ↑ انظر مثلاً: أبو العرب، الطبقات...، ص 127، 220؛ الطوسي، ج 1، ص 63.
- ↑ راجع: ص283 وما بعده.
- ↑ انظر: الترمذي، ج 5، ص 749.
- ↑ انظر: ابن حجر، التهذيب...، ج 4، ص 173.
- ↑ المائدة: 96؛ الأنعام: 145
- ↑ للتحليل انظر: أبوزهرة، ص 307- 308.
- ↑ ص 160
- ↑ ص 160، 163
- ↑ انظر مثلاً: ابن الأثير، ج1، ص 19 - 20.
- ↑ مثلاًص7
- ↑ انظر مثلاً: الخطيب، شرف...، ص 41-42.
- ↑ انظر مثلاً: ص 56.
- ↑ راجع مثلاً نفس المصدر، «رسالة... »، ص 64-65.
- ↑ راجع نفس المصدر، «رسالة... »، ص 64-65.
- ↑ ص 303، ومواضع متعددة
- ↑ للاستعراض، راجع: الشافعي، الرسالة، ص 535.
- ↑ ص 319 - 550
- ↑ للأوزاعي مثلاً انظر: أبو يوسف، الرد...، ص 5 -17، ومواضع متعددة.
- ↑ انظر: ليث، ص 64
- ↑ ليث، ص 83
- ↑ انظر مثلاً: أبو يوسف، نفس المصدر، ص 17- 91.
- ↑ ص 200.
- ↑ انظر: مالك، جميع الموطأ.
- ↑ انظر مثلاً: الموطأ، ص 523.
- ↑ انظر: ابن حزم، ج 6، ص 195.
- ↑ 5/428،6/417
- ↑ انظر: ابن قتيبة، تأويل...،ص 52.
- ↑ انظر: السبكي، ج 3، ص 1.
- ↑ انظر: البسوي، ج 3، ص 21
- ↑ انظر: الخطيب،تاريخ...، ج 13، ص 406.
- ↑ انظر: الخطيب، شرف ...، ص 6.
- ↑ انظر: الترمذي، ج 4، ص 214.
- ↑ ص 45.
- ↑ انظر: البيهقي، ج 1، ص 221 وما بعده
- ↑ انظر: الرسالة، ص 56 وما بعده
- ↑ انظر: «اختلاف... »، كذلك الهوامش...، في مواضع متعددة.
- ↑ الرسالة، ص 403– 473 - 476.
- ↑ انظر: نفس المصدر، ص 322،الأم، ج 7، ص 194.
- ↑ انظر: الرسالة، ص 477- 502.
- ↑ انظر: نفس المصدر، ص 476 وما بعده.
- ↑ انظر مثلاً: ابن النديم، ص 295؛ وللمقارنة: أبو هلال، ص 61.
- ↑ انظر: ابن النديم، ص 285.
- ↑ انظر: ابن أبي يعلي، ج 1، ص 92.
- ↑ انظر: ابن قتيبة، تأويل ...، ص 53-54.
- ↑ ابن قتيبة، تأويل ...، ص 56.
- ↑ انظر: ابن قتيبة، تأويل ...، ص 55-56.
- ↑ انظر: ابن قتيبة، تأويل ...، ص 74-76.
- ↑ انظر: ابن حجر، المطالب...، ج 3، ص104.
- ↑ انظر: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى (بالفارسية)، ج 6، ص726.
- ↑ انظر: ابن النديم، ص 286؛ أيضاً من أجل تصنيف نظري في الفقه تحت عنوان «الجامع »،انظر: ابن رجب، ص 81.
- ↑ للمخطوطة الظاهرية، راجع: GAS,I/509
- ↑ انظر: أبو داوود، مسائل ...، ص 277؛ ابن قتيبة، تأويل ...، ص 74.
- ↑ انظر مثلاً: البخاري، ج 1، ص 137؛ الترمذي، ج 3، ص 389، ومواضع مختلفة.
- ↑ انظر: الدارمي، عبد الله، ج 1، ص 29؛ الترمذي، ج 4، ص 466؛ ابن ماجة، ج 2، ص 1303؛ أبو داوود، السنن، ج 4، ص 98.
- ↑ انظر: تأويل ...، ص 19-20
- ↑ ص 193
- ↑ انظر: ج 2، ص 68، جم
- ↑ 8/230-231.
- ↑ كذلك حول الاستناد إلى الشهرة، راجع: الترمذي، ج 1، ص 24- 46، جم
- ↑ انظر: الخطيب، تاريخ...، ج 6، ص 65.
- ↑ انظر: ابن النديم، ص 265؛ الذهبي،سير...، ج 1، ص 29؛ أيضاً دائرة المعارف الإسلامية الكبرى (بالفارسية)، ج 5، ص 288- 289.
- ↑ انظر مثلاً: أبو عبيد، الناسخ، ص 28
- ↑ انظر: الأموال، ص 439
- ↑ انظر: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى (بالفارسية)، ج 5، ص 704-705.
- ↑ انظر مثلاً: ابن حزم، ج 4، ص 538.
- ↑ انظر: أبوإسحاق، ص 372؛أيضاً: ابن النديم، ص 292.
- ↑ قايس: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى (بالفارسية)، ج 6، ص 704- 705.
- ↑ ص 46؛حول رحاب، انظر أيضاً: ابن حوقل، ج 2، ص 349.
- ↑ ص 126،291
- ↑ ص 153
- ↑ حول الحنابلة المتواجدين في سائر مناطق ايران، انظر: المقدسي، ص 280.
- ↑ ص 44
- ↑ انظر: ابن حوقل، ج 2، ص 292- 312؛ المقدسي، ص 334- 353؛ الجيهاني، ص 121- 131
- ↑ ص 363
- ↑ انظر: نفس المصدر، ص 91- 303؛ كذلك ابن النديم، ص 281
- ↑ انظر: البغدادي، ص 36 - 277؛ ابن نقطة، ج 1، ص 96).
- ↑ ص 265
- ↑ انظر أيضاً: البغدادي، نفس المصدر؛ ابن فرحون، ص 13
- ↑ انظر: ابن النديم، ص 291-293
- ↑ انظر: ابن فرحون، نفس المصدر.
المصادر والمراجع
هذا المقالة هي ترجمة خاصة بويكي شيعة مقتَبَسة من مقالة في دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ج 9، تحت عنوان "أصحاب الحديث" (بالفارسية) مع تخصيص عناوين تفصيلية تسهّل من أمر المراجعة وفرز المعلومات المستقلة.
- ابن أبي حاتم، عبد الرحمان، تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل، حيدر آباد دكن، 1374ه /1952م.
- ابن أبي زيد، عبد الله، الجامع، تحقيق: عبد المجيد تركي، بيروت، 1990م.
- ابن أبي يعلي، محمد، طبقات الحنابلة، تحقيق: محمد حامد فقي، القاهرة، 1371ه / 1952م.
- ابن الأثير، مبارك، جامع الأصول، تحقيق: محمد حامد فقي، القاهرة، 1370ه /1950م.
- ابن بطة العكبري، عبيد الله، الإبانة عن شريعة الفرق الناجية، تحقيق: رضا بن نعسان معطي، الرياض، 1409ه / 1988م
- ابن تيمية، أحمد، مجموعة الفتاوي، القاهرة، 1400ه /1980م.
- ابن حجر العسقلاني، أحمد، تهذيب التهذيب، حيدر آباد دكن، 1325ه.
- ............................،.........، المطالب العالية، تحقيق: حبيب الرحمان الأعظمي، الكويت، 1393ه.
- ابن حزم، علي، الأحكام، بيروت، 1407ه /1987م.
- ابن حوقل، صورة الأرض، تحقيق: كرامرس، ليدن، 1938- 1939م.
- ابن خزيمة، محمد، التوحيد، تحقيق: محمد خليل هراس، القاهرة، 1408ه /1988م.
- ابن خير الإشبيلي، محمد، فهرسة، تحقيق: ف. كودرا، بغداد، 1963م.
- ابن رجب، عبد الرحمان، "الاستخراج لأحكام الخراج"، ضمن موسوعة الخراج، بيروت، دار المعرفة.
- ابن سعد، محمد، كتاب الطبقات الكبير، تحقيق: زاخاو وآخرون، ليدن، 1904- 1915م.
- ابن طاووس، علي، الملاحم والفتن، النجف، 1398ه /1978م.
- ابن عبد ربه، أحمد، العقد الفريد، تحقيق: أحمد أمين وآخرون، بيروت، 1402ه.
- ابن عدي، عبد الله، الكامل، بيروت، 1985م.
- ابن فرحون، إبراهيم، الديباج المذهب، القاهرة، 1351ه.
- ابن قاسم، عبد الرحمان، المدونة الكبرى، القاهرة، 1324- 1325ه.
- ابن قتيبة، عبد الله، تأويل مختلف الحديث، بيروت، دارالجيل.
- ..............،............، المعارف، تحقيق: ثروت عكاشه، القاهرة، 1960م.
- ابن ماجة، محمد، السنن، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، 1952- 1953م.
- ابن النديم، الفهرست.
- ابن نقطة، محمد، التقييد، حيدر آباد دكن، 1403- 1404ه /1983-1984م.
- أبو إسحاق الشيرازي، إبراهيم، التبصرة، تحقيق: محمد حسن هيتو، دمشق، 1403ه /1983م.
- أبو حاتم الرازي، مقتطف من "الزينة"، ضمن الغلو والفرق الغالية، تحقيق: عبد الله سلوم السامرايي، بغداد، 1392ه /1972م.
- أبو داوود السجستاني، سليمان، السنن، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، القاهرة، دار إحياء السنة النبوية.
- ...............................،............، مسائل أحمد، القاهرة، 1353ه / 1934م.
- أبو زهرة، محمد، مالك، القاهرة، 1952م.
- أبو عبيد قاسم بن سلام، الأموال، تحقيق: عبد الأمير علي مهنا، بيروت، 1988م.
- ..................................، غريب الحديث، حيدر آباد دكن، 1384-1387ه.
- ..................................، الناسخ والمنسوخ، تحقيق: برتن، كمبريج، 1987م.
- أبو العرب، محمد، طبقات علماء افريقية وتونس، تحقيق: علي شابي ونعيم حسنيافي، تونس، 1985م.
- ..............،.........، المحن، تحقيق: يحيى وهيب جبوري، بيروت، 1403ه /1983م.
- أبو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، النجف، 1385ه.
- أبو نعيم الإصفهاني، أحمد، حلية الأولياء، القاهرة، 1351ه / 1932م.
- أبو هلال العسكري، حسن، الفروق اللغوية، القاهرة، 1353ه.
- أبو يوسف، يعقوب، الخراج، بيروت، 1399ه / 1979م.
- ...............، ..........، الرد على سير الأوزاعي، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، القاهرة، 1357ه.
- أحمد بن حنبل، المسند، القاهرة، 1313ه.
- الأشعري، علي، مقالات الإسلاميين، تحقيق: ريتر، ويسبادن، 1980م.
- الأوزاعي، عبد الرحمان، "رسالة إلى أبي بلج"، ضمن تقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، حيدر آباد دكن، 1372ه / 1953م.
- الإيضاح، المنسوب إلى الفضل بن شاذان، بيروت، 1402ه / 1982م.
- البخاري، محمد، الصحيح، مع هامش الأسانيد، القاهرة.
- البسوي، يعقوب، المعرفة والتاريخ، تحقيق: أكرم ضياء العمري، بغداد، 1975-1976م.
- البغدادي، عبد القاهر، الفرق بين الفرق، تحقيق: إبراهيم رمضان، بيروت، 1415ه /1994م.
- البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، ج3، تحقيق: عبد العزيز الدوري، بيروت، 1398ه /1978م، ج5، تحقيق: گويتين، بيت المقدس، 1936م.
- البلوي، يوسف، ألف باء، القاهرة، 1287ه.
- البيهقي، أحمد، مناقب الشافعي، تحقيق: أحمد صقر، القاهرة، 1970م.
- الترمذي، محمد، السنن، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، القاهرة، 1357ه وما بعدها.
- الجويني، إبراهيم، فرائد السمطين، تحقيق: محمد باقر المحمودي، بيروت، 1398ه / 1978م.
- الجيهاني، أبو القاسم، أشكال العالم، ترجمة: علي بن عبد السلام الكاتب، طهران، 1368ش.
- الخطيب البغدادي، أحمد، تاريخ بغداد، القاهرة، 1349ه.
- ..........................، .......، شرف أصحاب الحديث، تحقيق: محمد سعيد خطيب اوغلي، آنكارا، 1971م.
- الدارمي، عبد الله، السنن، دمشق، 1349ه.
- الدارمي، عثمان، الرد على بشر المريسي، تحقيق: محمد حامد فقي، بيروت، دارالكتب العلمية.
- الدميري، محمد، حياة الحيوان، القاهرة، مكتبة مصطفى البابي.
- الذهبي، محمد، تذكرة الحفاظ، حيدر آباد دكن، 1388ه / 1968م.
- ..........،..........، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب أرنؤوط وآخرون، بيروت، 1405ه / 1985م.
- ..........،..........، العلو للعلي الغفار، تحقيق: عبد الرحمان محمد عثمان، بيروت، 1388ه /1968م.
- ..........،..........، ميزان الاعتدال، تحقيق: علي محمد بجاوي، القاهرة، 1382ه /1963م.
- السبكي، عبد الوهاب، الابهاج في شرح المنهاج، بيروت، 1404ه /1984م.
- سعد بن عبد الله الأشعري، المقالات والفرق، تحقيق: محمد جواد مشكور، طهران، 1341ش.
- السمعاني، عبد الكريم، التحبير، تحقيق: منيرة ناجي سالم، بغداد، 1395ه /1975م.
- الشافعي، محمد، "اختلاف مالك... "، ضمن ج7، الأمّ.
- ............،..........، الأمّ، بيروت، دار المعرفة.
- .............،..........، الرسالة، تحقيق: أحمد محمد شاكر، القاهرة، 1358ه /1939م.
- ............،..........، تعليقات بهامش "سير الأوزاعي"، ضمن ج7 الأم.
- الطبري، التاريخ.
- الطوسي، محمد، الخلاف، طهران، 1377ه.
- عباد بن عباد الخواص، "رسالة"، ضمن ج1 للسنن (انظر أيضا: الدارمي، عبد الله).
- عبد الله بن أحمد بن حنبل، السنة، دهلي، 1404ه / 1984م.
- كتاني، محمد، الرسالة المستطرفة، اسطنبول، 1986م.
- الكشي، محمد، معرفة الرجال، اختيار الطوسي، تحقيق: حسن مصطفوي، مشهد، 1348ش.
- الكليني، محمد، الكافي، تحقيق: علي أكبر غفاري، طهران، 1391ه.
- ليث ابن سعد، "رسالة إلى مالك"، ضمن ج3 لأعلام الموقعين، ابن قيم الجوزية، القاهرة، 1968م.
- مالك بن أنس، "رسالة إلى ليث بن سعد"، ضمن ج1 لكتاب ترتيب المدارك للقاضي عياض، بيروت / طرابلس، 1387ه /1967م.
- ...................، الموطأ، مع هوامش كاندهلوي، كراچي، مكتبة آرامباغ.
- المزني، إسماعيل، "المختصر"، مع كتاب الأم (انظر أيضا: الشافعي).
- المقدسي، محمد، أحسن التقاسيم، بيروت، 1408ه /1987م.
- موسى، جلال محمد، نشأة الأشعرية وتطورها، بيروت، 1982م.
- النجاشي، أحمد، الرجال، تحقيق: موسى شبيري زنجاني، قم، 1407ه.
- النسائي، أحمد، السنن، القاهرة، 1348ه.
- النووي، يحيى، تهذيب الأسماء واللغات، القاهرة، 1927م.
- يحيى بن معين، التاريخ، تحقيق: أحمد محمود نور سيف، مكة، 1399ه /1979م.
- GAS; Halkin, A.S., X The V ashwiyya n n , Journal of the American Oriental Society , New Haven , 1934 , vol. LIV
- Horst , H., X Zur [ berlieferung im Korankommentar a t - 6 abar / s n , ZDMG, 1953, vol. CIII; Houtsma, M.Th., X Die Hashw / ya n , Zeitschrift f O r Assyriologie, 1912, vol. XXVI; Madelung, W., X The Origins of the Controversy Concerning the Creation of the Koran n , Religious Schools and Sects in Medieval Islam, London, 1985.
- (Mallick, M.T., X The Traditionists and the Jahmiyya n , Hamdard Islamicus 1980, vol.III (3).
- Paketchy, A., X Contribution of Central Asian Scholars to Compilation of Hadith n , The History of Civilizations of Central Asia, vol. IV (2) , unpublished; Schacht, J., The Origins of Muhammadan Juris- prudence, Oxford, 1953.
- Van Ess, J., Theologie und Gesellschaft im 2. und 3. Jahrhundert Hidschra, Berlin/NewYork, 1991.