الخناس

من ويكي شيعة

الخَنّاس صفة الشيطان بمعنى موجود مختفي. وقد اتصف بها الشيطان لأنّه لا يزال يوسوس للإنسان، فكلما دخل ذكر الله في قلب الإنسان هرب منه الشيطان واختفى. وردت هذه الكلمة في القرآن في سورة الناس.

مفهومها واستخدامها في القرآن

ذكرت عدّة معان لمادّة «خَنَسَ»، منها: التأخر، والاختفاء، ووالانقباض، والرجوع، والتنحّي.[١]

وردت مادّة «خنس» مرتين في القرآن:

  • الآية 15 من سورة التكوير: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالخُنَّس
  • الآية 4 من سورة الناس:‌ ﴿مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الخْنَّاس

تفسير الخنّاس في القرآن

ذهب الكثير من المفسرين أنّ كلمة الخنّاس في الآية 4 من سورة الناس تعني الشيطان، حيث أنها من أوصافه، فكلما ذكر الإنسان ربّه اختفى عنه الشيطان، وما إن غفل عن ربّه حتى رجع إليه.[٢]

قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: الخنّاس بمعنى الاختفاء بعد الظهور، وقيل: سمّي الشيطان خناسا لأنه يوسوس للإنسان، فإذا ذكر الله تعالى رجع وتأخر، ثم إذا غفل عاد إلى وسوسته.[٣] وقال الشيخ الطوسي في تفسير «الوسواس الخنّاس»: ان الشيطان يعتري الإنسان بكلام خفي بفعله يصل مفهومه إلى قلبه من غير سماع صوته، كإنسان يتكلم من وراء حجاب بكلام يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع الصوت.[٤] ويرى الزمخشري بالاستناد إلى التعبير القرآني: ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ[٥] أنّ المراد من الشيطان في سورة الناس ليس فقط الشيطان الجنّي، بل يشمل الشيطان الإنسي أيضا.[٦] وقال مكارم الشيرازي في التفسير الأمثل: إنّ الشياطين يمزجون أعمالهم دائما بالتستر، ويرمون بالقاءاتهم في الإنسان بطريقة خفية، حتى يخال الإنسان أن هذه الإلقاءات من بنات أفكاره، و هذا ما يؤدي إلي ضلاله و غوايته. فعمل الشيطان هو التزيين، و إخفاء الباطل تحت طلاء الحق، و الكذب في قشر من الصدق، و الذنب في لباس العبادة، و الضلال خلف ستار الهداية. .[٧]

وذهب بعض الباحثين أنّ المراد من وساوس الخنّاس هي القيم الخادعة والمزيّفة التي بإمكانها القضاء على القيم الإلهية.[٨]

عمل الخنّاس

بحسب ما ورد في بعض الروايات إنّ «الوسواس الخنّاس» هو أحد أعوان الإبليس، وعمله أنّه يعد الإنسان ويمنّيه حتى يرتكب الخطيئة، فإذا ارتكب الخطيئة أنساه الاستغفار.[٩] وروى بعض مصادر أهل السنة عن ابن عباس: ما من مولود يولد إلّا على قلبه الوسواس، فإذا عقل فذكر الله تعالى خَنَس، فإذا غَفل وسوَس.[١٠]

ذات صلة

الهوامش

  1. الجوهري، الصحاح، ج3، ص925؛ ابن منظور، لسان العرب، ج6، ص71-72؛ قرشي، قاموس قرآن، ج2، ص309.
  2. الطبرسي، تفسير جوامع الجامع، ج4، ص566؛ قمي، تفسير القمي، 1363ش، ج2، ص450؛ مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل بن سليمان، 1423ق، ج4، ص943؛ شاه‌عبدالعظيمي، تفسير اثني‌عشري، 1363ش، ج14، ص397؛ مراغي، تفسير المراغي، بيروت، 1390ق، ج30، ص270؛ زحيلي، التفسير المنير، 1411ق، ج30، ص481.
  3. طباطبايي، الميزان، 1371ش، ج20، ص397.
  4. طوسي، التبيان، بيروت، ج10، ص437.
  5. سورة الأنعام، الآية 112.
  6. الزمخشري، الكشاف، ج4، ص824.
  7. مكارم الشيرازي، التفسير الأمثل، ج20، ص581.
  8. عباس‌نژاد، قرآن، روانشناسي و علوم تربيتي، 1384ش، ص411.
  9. الطباطبائي، الميزان، ج20، ص398.
  10. الطبري، جامع البيان، ج30، ص228؛ الآلوسي، روح المعاني، ج15، ص526.

المصادر والمراجع

  • ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب،‌ بيروت، دار صادر، ط 4، 1414 هـ.
  • الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم و السبع المثاني، بيروت،‌ دار الكتب العلمية، 1415 هـ.
  • الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح، بيروت،‌ دار العلم للملايين، 1404 هـ.
  • الزحيلي، وهبة، التفسير المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج، دمشق،‌ دار الفكر، 1411 هـ.
  • الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل، بيروت،‌ دار الكتاب العربي، 1407 هـ.
  • شاه عبد العظيمي، حسين، تفسير اثني عشري، طهران، ميقات، 1363 ش.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم، إسماعيليان، 1371 ش.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، تصحيح: أبو القاسم كرجي، قم، مركز إدارة الحوزة العلمية في قم، 1412 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، التصحيح: أحمد حبيب العاملي، بيروت،‌ دار احياء التراث العربي، د. ت.
  • عباس نژاد، محسن، قرآن، روانشناسي و علوم تربيتي، مشهد، بنياد پژوهش‌هاي قرآني حوزه و دانشگاه، 1384 ش.
  • قرشي بنابي، علي‌اكبر، قاموس قرآن، تهران،‌ دار الكتب اسلاميه، چاپ ششم، 1371 ش.
  • القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، قم‌، دار الكتاب، 1363 ش.
  • المراغي، أحمد مصطفى، تفسير المراغي، بيروت،‌ دار الفكر، 1390 هـ.
  • مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل بن سليمان، بيروت،‌ دار إحياء التراث العربي، 1423 هـ.