آية جاء الحق
عنوان الآية | جاء الحق |
---|---|
رقم الآية | 81 |
في سورة | سورة الإسراء |
في جزء | 15 |
رقم الصفحة | 290 |
شأن النزول | تطهير المسجد الحرام من الأصنام بعد فتح مكة |
مكان النزول | مكة |
الموضوع | عقائدي |
آيات ذات صلة | الآية 18 من سورة الرعد، والآية 26 من سورة إبراهيم |
معلومات أخرى | إعلان انتصار الحق وهزيمة الباطل |
آية جاء الحقّ هي الآية 81 من سورة الإسراء، وقد تُشير إلى سُنة إلهية قطعية أن الانتصار للحق والهزيمة للباطل. يعود سبب نزول هذه الآية إلى أحداث فتح مكة، وتطهير المسجد الحرام والكعبة من الأصنام، وقد ذكر المفسرون معاني متعددة للحق في هذه الآية منها: التوحيد، والإسلام ورسالة النبي، والقرآن، وولاية الأئمة، والأحكام الشرعية، وفي قبالها تقع مصاديق الباطل وهو الكفر، والشرك، والأديان الباطلة، والقوانين الظالمة. وبحسب قول المفسرين إنَّ هذه الآية تزرع اليأس عند المشركين أنَّ الباطل لا عودة له. ومن مصاديق هذه الآية قيام الإمام المهدي.
ويذكر الباحثون في القرآن تساءل البعض في أن ما نراه ونشاهده في أغلب الأوقات إن أهل الباطل هم المنتصرون، وأهل الحق مغلوبون، وهذا يُخالف ظاهر الآية، فيأتي الجواب منهم أن الباطل يحقق أهدافه من خلال الحيل والمؤامرات والخداع والتهديد، وهذه الأمور تزول مع الأيام وتتبدل مع الظروف، أما الحق فله قوة ذاتية لا تنفك عنه بحال من الأحوال، وأتباعه يبقون مخلصين له حتى في أسوأ الظروف؛ لذلك تبقى كلمة الحق هي الباقية والعليا. ومن أجل تأكيد جوابهم، استندوا على جملة من الآيات القرآنية، منها الآية 18 من سورة الرعد، التي اعتبرت الباطل بمثابة الزبد الذي يزول سريعاً، وأمّا الحق فهو ثابت لا يتزعزع.
مقدمة ونص الآية
آية جاء الحق هي الآية 81 من سورة الإسراء، يأمر فيها الله تعالى رسول الله أن يعلن للمشركين أن الحق منتصر، وأن الباطل سيُهزم، ولن يدوم.[١]
﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾[٢]
شأن النزول
وقد نقل المفسرون عدة روايات عن سبب نزول هذه الآية، معظمها يتعلق بفتح مكة وتحطيم الأصنام، وتطهير فضاء المسجد الحرام والكعبة من الأصنام.[٣] وروى الطبرسي في مجمع البيان عن ابن مسعود أنَّ رسول الله دخل مكة، وكان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً، فجعل يلقي بها إلى الأرض بعصاه وهو يتلو هذه الآية.[٤]
وروي عن جابر بن عبد الله أيضاً حول شأن نزول هذه الآية، عندما دخل رسول الله إلى مكة كان في الكعبة وما حولها 360 صنماً، فأمر رسول الله بتحطيمها جميعاً، وكان على الكعبة صنم طويل يُقال له هبل، فقال رسول الله إلى الإمام علي تصعد على كتفي أو أصعد على كتفك لإسقاطه من سطح الكعبة، فقال له أمير المؤمنين، بل تصعد على كتفي، فنقل جابر عن الإمام علي عندما وضع الرسول قدمه على كتفي فلم استطع حمله{اختصار/ص}} لثقل الرسالة، فقلت يا رسول الله، بل أصعد على كتفك، فصعت على كتفه، وألقيت هبل من على ظهر الكعبة، فنزلت آية جاء الحق.[٥] وروي أيضأً أنَّه لما دخل رسول الله المسجد الحرام وقرأ هذه الآية، بدأت الأصنام تسقط على الأرض، وأهل مكة يقولون ما رأينا رجلا أسحر من محمد.[٦]
المحتوى
وقد أشار المفسرون إلى جملة من الأمور في تفسير هذه الآية، مثل المقصود من الحق والباطل، ونتائج إعلان هذه الآية على الملأ، والشبهات التي تم طرحها حول الآية.
المقصود من الحق والباطل
ذكر المفسرون عدة احتمالات حول ما تشير إليه عبارة الحق والباطل في آية جاء الحق، منها:
- الإسلام والكفر: جاء في عدة تفاسير أن المقصود من الحق هو الإسلام، والمقصود من الباطل هو الكفر.[٧]
- التوحيد والشرك: ذكر الشيخ الطوسي في تفسير التبيان، أن المراد من الحق في الآية هو التوحيد، والمراد من الباطل هو الشرك.[٨]
- رسالة نبي الإسلام: عدّ بعض المفسرين، منهم محمد جواد مغنية في التفسير الكاشف، أنَّ المراد من الحق هو نبوة نبي الإسلام، وكل ما هو مقابله فباطل وذاهب.[٩]
- القرآن، ولاية الأئمة الأطهار وأحكام الشريعة: ورد في أطيب البيان أنَّ من أمثلة الحق هو القرآن، وولاية أهل البيت، والأحكام الشرعية، وما يقع في قبال هذه الموارد من أمثلة الباطل هي الأديان الأخرى، والقوانين الظالمة، والعادات القبيحة.[١٠]
إياس المشركين من المستقبل
يرى العلامة الطباطبائي أن هذه الآية جاءت في سياق الآيات التي سبقتها من قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ﴾ إلى الآية التي يتعلق بها البحث، حيث يأمر الله تعالى النبي بإياس المشركين من نفسه وتنبيههم أنهم لن يعودوا قادرين على التغلب على رسول الله، وأن الباطل لا دوام له كما جاء في الآية 26 من سورة إبراهيم، حيث قال تعالى: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ﴾.[١١] كما عدّ الشيخ الطوسي أن نزول هذه الآية دليل على أن الباطل سيهلك بالتأكيد وأنَّه لا رجعة فيه.[١٢] وجاء في تفسير الأمثل أنَّ الآية تُشير إلى أن انتصار الحق سُنة إلهية خالدة، وتؤكد على أن عاقبة الحق الانتصار وعاقبة الباطل الهزيمة والاندحار، حيث جاء هذا المعنى في الآية 18 من سورة الرعد، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾. والدليل على ذلك أن الحق له أبعاد وجذور تتناغم مع قوانين الخلق والوجود، ففي نهاية المطاف الانتصار له، وفي مقابله يقع الباطل الذي لا يتناغم مع القوانين العامة للوجود، فلا يتصف بالدوام والبقاء.[١٣]
القوة للحق أو الباطل
ذكر محمد جواد مغنية قد تسأل أن ما نراه ونشاهده في معظم الأوقات أن أهل الباطل هم المنتصرون، وأهل الحق مغلوبون وهو يتنافى مع ظاهر آية جاء الحق.[١٤] ويُجيب مغنية على هذا السؤال قائلاً أن للحق قوة ذاتية لا تنفك عنه بحال من الأحوال، وتؤثر أثرها في القلوب النقية الزاكية، وكثيراً ما يبلغ هذا الأثر من النفوس الطيبة حداً لا تقوى على مقاومته سيوف الجلادين، ومشانق الطغاة الجائرين، وقد حدثنا التاريخ عن شهداء العقيدة، كيف أقدموا على الاستشهاد من أجل الحق، وأما الباطل فيحقق أهدافه من خلال الحيل والمؤامرات والخداع والتهديد، وهي تزول مع الأيام وتتبدل مع الظروف، أما قوة الحق فباقية في مختلف الظروف والأحوال؛ لذلك تبقى كلمة الحق هي الباقية والعليا.[١٥]
تطبيق الآية على ظهور الإمام صاحب الزمان(عج)
يُعد ظهور الإمام صاحب الزمان وقيامه من مصاديق هذه الآية، وذكر مكارم الشيرازي من مراجع التقليد عند الشيعة، أنَّ هذه الآية تُشير إلى قانون إلهي عام، وهو إنّ حقيقة انتصار الحق وانهزام الباطل يجري في مختلف العصور، منها انتصار رسول الله على الشرك وعبادة الأصنام، وكذلك قيام الإمام المهدي.[١٦] وقد ورد في تفسير نور الثقلين روايات تُشير إلى أن هذه الآية من مصاديق قيام الإمام المهدي(عج)، فعلى سبيل المثال، ورد عن الإمام الباقر أن المقصود من هذه الآية هو قيام القائم وذهاب دولة الباطل. وفي رواية أخرى لما ولد الإمام المهدي كان مكتوب على ذراعه الأيمن هذه الآية.[١٧]
الهوامش
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج6، ص671 ـ 672؛ الطباطبائي، الميزان، ج13، ص177؛ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج9، ص90.
- ↑ سورة الإسراء، الآية 81.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج6، ص671 ـ 672؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج12، ص276؛ صادقي الطهراني، الفرقان، ج17، ص306 ـ 307.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج6، ص671 ـ 672.
- ↑ الحسكاني، شواهد التنزيل، ج1، ص453 ـ 454.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج6، ص672.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج6، ص671؛ السبزواري، إرشاد الأذهان إلى تفسير القرآن، ص295؛ الطيب، أطيب البيان، ج8، ص297 ـ 298.
- ↑ الطوسي، التبيان، ج6، ص512.
- ↑ مغنية، الكاشف، ج5، ص77؛ الطيب، أطيب البيان، ج8، ص297 ـ 298.
- ↑ الطيب، أطيب البيان، ج8، ص297 ـ 298.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج13، ص177.
- ↑ الطوسي، التبيان، ج6، ص513.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج9، ص95 ـ 96.
- ↑ مغنية، الكاشف، 1424هـ، ج5، ص76.
- ↑ مغنية، الكاشف، 1424هـ، ج5، ص76 ـ 77.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج9، ص96.
- ↑ الحويزي، تفسير نور الثقلين، 1415هـ، ج3، ص212 ـ 213.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- أبو الفتوح الرازي، حسين بن علي، روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن، مشهد، آستان قدس رضوی، 1376 ش.
- الحسكاني، عبيد الله بن عبد الله بن أحمد، شواهد التنزيل، تحقيق: محمد باقر المحمودي، طهران، وزارة الإرشاد الإسلامي، 1411 هـ
- الحويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، قم، إسماعيليان، ط4، 1415 هـ.
- السبزواري النجفي، محمد بن حبيب الله، إرشاد الأذهان إلى تفسير القرآن، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، ط1، 1419 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط2، 1390 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، تحقيق وتعليق: هاشم رسولي وفضل الله اليزدي، طهران، ناصر خسرو، ط3، 1372 ش.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- الطيب، عبد الحسين، أطيب البيان، طهران، إسلام، ط 2، 1378 ش.
- صادقي الطهراني، محمد، الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنة، بيروت، دار التراث الإسلامي، ط2، 1407 هـ.
- مغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1424هـ.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، قم، مدرسة الإمام علي، ط1، 1426 هـ.