قاعدة الحل

من ويكي شيعة
(بالتحويل من أصالة الحلية)

قاعدة الحِلّ هي قاعدة فقهية يُرجع إليها في موارد الشك بين الحلال والحرام، وبناءً عليها يُحكم بحليّة الشيء المشكوك فيه، وقد عدّ بعض الفقهاء أنها نفس قاعدة الإباحة. ويرجع إليها الفقهاء عند الشك في حرمة أكل لحم حيوان مع فقدان دليل خاص في المسألة. وكذلك يستعملها القانونيون في موارد معيّنة، كاستعمال القاعدة في إقامة الحد على السارق بعد تخدير أعضائه. ومن مباني هذه القاعدة ومستنداتها الآية التي تقول ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، وكذلك الرواية المنقولة عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول: "كُلُّ شَيْ‌ءٍ هُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ".

التعريف

قاعدة الحلّ هي قاعدة فقهية تدخل في استدلالات حقوقية علاوة على استخدامها في الحقل الفقهي كذلك. ويختلف تعريفها تبعاً لإجرائها في الشبهات الحكمية[١][ملاحظة ١] أو الموضوعية[٢].[ملاحظة ٢] ففي مجال الشبهات الحكمية قيل بأنّ المرء إن شكّ في حكم موضوع خارجي فله حقّ الاستفادة منه ما لم يرد دليل يمنع من ذلك. فمثلاً إن شكّ في حليّة أو حرمة شيء ما كجواز بعض أنواع التدخين، فيستطيع الحكم بالحليّة من خلال إجراء هذه القاعدة.[٣]
أما في مجال الشبهات الموضوعية فقالوا بأنّها تجري في الأشياء (الموضوعات الخارجية) التي نعلم بحكمها الكلي، ولكن يقع الشك في حلية أو حرمة مصاديقها، فيُحكم حينئذ بحليّتها تطبيقاً للقاعدة. فمثلاً عندما يشك المرء بأنّ هذا الشراب الموجود أمامه هل هو خمر أم خلّ، وكان يعلم من قبل بحرمة الخمر وحليّة الخل، وهو يشكّ الآن في موضوع الشراب الماثل أمامه في كونه خمراً أم خلاً، فيحكم بحليّته طبقاً للقاعدة.[٤]
ويعتقد بعض الفقهاء بأنّ قاعدة الحلّ وقاعدة الإباحة هما قاعدة واحدة ولا فرق بينهما.[٥]

الاستخدامات الفقهية والحقوقية للقاعدة

تتعدّد تطبيقات قاعدة الحل – على فرض استخدامها في الشبهات الحكمية – في مجالي الفقه والحقوق الإسلامية. وإحدى هذه الموارد في الفقه الإسلامي هو أكل لحم الحيوان المشكوك بحرمته أو حليّته؛ ولا يوجد دليل (آية أو رواية) على ذلك. فمثلاً عندما يحصل الشك في حليّة أو حرمة لحم الحيوان الحاصل من تلاقح حيوان قابل للتذكية وآخر غير قابل لها، أو كالظبي أو الكنغر أو البطريق، فيفتي بعض الفقهاء أحياناً طبقاً لهذه القاعدة بحليّة هذه اللحوم.[٦]
وفي مجال الحقوق الإسلامية يُحكم أحياناً بجواز تخدير أعضاء السارق قبل إجراء الحدّ عليه استناداً لقاعدة الإباحة والحلّ.[٧]

مستندات القاعدة

استند بعض العلماء لإثبات هذه القاعدة إلى الأدلة التالية:

  • الآية 29 من سورة البقرة حيث يقول تعالى ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا. وبحسب قول الفاضل المقداد فإنّ الله سبحانه منّ على عباده بأنّه خلق لهم ما في الأرض جميعاً ليستفيدوا منه. وبالطبع فإنّ هذا التفضّل والامتنان يعني حليّة الاستفادة من كل شيء، والمراد به تلك التي تجلب المنفعة للإنسان، لأن ما فيه ضرر للإنسان أو لا منفعة فيه له؛ لا يحصل به الامتنان. وكذلك ليتمّ الامتنان لا بدّ أن يكون الممنون به محلّلاً، لأنه إن لم يكن محللاً فلا يقع الامتنان. ولذا فإنّ الاستفادة من كلّ شيء مباحة ومحلّلة إلا إن ورد دليل على خلاف ذلك.[٨]
  • الرواية المنقولة عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول "كُلُّ شَيْ‌ءٍ هُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ"،[٩] فبناء على هذه الرواية يجوز الاستفادة من أي شيء حتى تتبيّن حرمته.[١٠]

وقد رويت روايات متعددة تحمل نفس المضمون، واستدلّ بها الفقهاء لإثبات هذه القاعدة.[١١]

الهوامش

  1. الفاضل التوني، الوافية في أصول الفقه، 1412هـ، ص 185.
  2. مصطفوي، القواعد الفقهية، 1421هـ، ج1، ص123.
  3. ولايي، فرهنگ تشريحي اصطلاحات أصول، 1387ش، ص 85.
  4. مشكيني، مصطلحات الفقه واصطلاحات الأصول، 1431هـ، ص147.
  5. مصطفوي، القواعد الفقهية، 1421هـ، ج1، ص123.
  6. توكلي مقدم، «بررسي «اصل اوليه» در حليت و حرمت خوردن گوشت حيوانات»، ص40.
  7. زررخ و علي پناه، «بررسي بي حس نمودن اعضا در مجازات‌ هاي بدني»، ص95-94.
  8. الفاضل المقداد، کنز العرفان، 1431هـ، ج2، ص263.
  9. الكليني، الكافي، 1407هـ، ج5، ص 313.
  10. مصطفوي، القواعد الفقهية، 1421هـ، ج1، ص123.
  11. مصطفوي، القواعد الفقهية، 1421هـ، ج1، ص124-123.


الملاحظات

  1. وهي الشبهة التي يكون الشك فيها متعلقاً بأصل الحكم الشرعي الكلّي، فمثلاً عندما نشك في أصل حكم تنظيف الأسنان؛ أهو واجب أم لا. راجع: مشكيني، مصطلحات الفقه واصطلاحات الأصول، 1431هـ، ص147.
  2. هي الشبهة التي يكون الشك فيها متعلقاً بالموضوع الخارجي (لا بأصل الحكم الشرعي)؛ كأن نشك بأن السائل الموجود في الكأس أمامنا هل هو خمر أم خلّ. أو التي يكون الشك فيها متعلقاً بحكم جزئي (لا كلّي؛ كالشك في أنّ نهي الأب هل تعلّق بشرب الشاي أم بشرب القهوة. راجع: مشكيني، مصطلحات الفقه واصطلاحات الأصول، 1431هـ، ص147-148.)

المصادر والمراجع

  • توکلي مقدم، إبراهيم، «بررسي «أصل أولية» در حليت و حرمت خوردن گوشت حيوانات»، مجلة "پژوهشنامه حلال"، طهران، مرکز "تحقيقات حلال" الوطني، رقم 3، 1398ش.
  • زررخ، إحسان و علي پناه، پرويز، «بررسي بي حس نمودن أعضا در مجازات‌ هاي بدني»، المجلة الفصلية "فقه و مباني حقوق إسلامي"، بابل، جامعة "آزاد إسلامي"، رقم 22، 1389ش.
  • الفاضل التوني، الوافية في أصول الفقه، قم، مجمع الفکر الإسلامي، 1412هـ.
  • الفاضل المقداد، کنز العرفان في فقه القرآن، طهران، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب، 1431هـ.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1407هـ.
  • مشكيني، علي، مصطلحات الفقه واصطلاحات الأصول، بيروت، الرضا، 1431هـ.
  • مصطفوي، السيد محمد كاظم، القواعد الفقهية، قم، نشر إسلامي، 1421هـ.
  • ولايي، عيسی، فرهنگ تشريحي اصطلاحات أصول، طهران، نشر ني، 1387ش.