مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البخاري»
ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Odai78 ط (←مؤلفاته) |
imported>Odai78 طلا ملخص تعديل |
||
سطر ٩٤: | سطر ٩٤: | ||
==سيرته== | ==سيرته== | ||
"البخاري"، هو أبو عبد الله محمّد بن [[إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة]] بن بَردِزْبَة الجعفي، ونسبة ''الجعفي'' مردّها إلى جدّه الثاني، المغيرة، كان من موالي ''[[يمان الجعفي]]'' حاكم بخارى، الذي أسلم المغيرة على يديه. وكان والد المغيرة، بَردِزبَة | "البخاري"، هو أبو عبد الله محمّد بن [[إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة]] بن بَردِزْبَة الجعفي، ونسبة ''الجعفي'' مردّها إلى جدّه الثاني، المغيرة، كان من موالي ''[[يمان الجعفي]]'' حاكم بخارى، الذي أسلم المغيرة على يديه. وكان والد المغيرة، بَردِزبَة | ||
{{ملاحظة| بَردِزْبَة: بمعنى المزارع: وقد وردت في المصادر المختلفة أسماء أخرى هي: برزويه، وبدذبة، ويزذبة، ويزدزبة والأحنف. الخطيب البغدادي، ج 2، ص 6، 11؛ ابن خلكان، ج 4، ص 190؛ السبكيّ، ج 2، ص 212؛ الذهبيّ، ج 2، ص 555؛ ابن حجر العسقلاني، 1404 هـ، ص 41.}}زرادشتياً وقد توفي على هذا الدين، <ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 6، 11؛ ابن خلكان، ج 4، ص 190؛ ابن العماد، ج 2، ص 134.</ref> | {{ملاحظة| بَردِزْبَة: بمعنى المزارع: وقد وردت في المصادر المختلفة أسماء أخرى هي: برزويه، وبدذبة، ويزذبة، ويزدزبة والأحنف. الخطيب البغدادي، ج 2، ص 6، 11؛ ابن خلكان، ج 4، ص 190؛ السبكيّ، ج 2، ص 212؛ الذهبيّ، ج 2، ص 555؛ ابن حجر العسقلاني، 1404 هـ، ص 41.}}زرادشتياً وقد توفي على هذا الدين، <ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 6، 11؛ ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 4، ص 190؛ ابن العماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج 2، ص 134.</ref> | ||
ولد البخاريّ في 13 شوال من العام [[سنة 194 للهجرة|194]] هـ في خرتنغ، إحدى قرى [[بخارى]]. فقد والده _ الذي كان هو أيضا من رواة الحديث _ في مرحلة الطفولة، وتكفّلت أمه برعايته. وفي طفولته فقد بصره لفترة ثم عاد إليه وشُفي.<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 10؛ الصفديّ، ج 2، ص 207؛ القسطلاني، ج 1، ص 31.</ref> بدأ منذ طفولته بتحصيل العلم في بُخارى، وفرغ نفسه منذ العاشرة من عمره إلى حفظ الأحاديث وجمعها،<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 6-7.</ref> ورد في المصادر، أنّ أصحابه كانوا يصححون الأحاديث التي كتبوها على أساس ما يقرأه من ذاكرته.<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 6-7.</ref> | ولد البخاريّ في 13 شوال من العام [[سنة 194 للهجرة|194]] هـ في خرتنغ، إحدى قرى [[بخارى]]. فقد والده _ الذي كان هو أيضا من رواة الحديث _ في مرحلة الطفولة، وتكفّلت أمه برعايته. وفي طفولته فقد بصره لفترة ثم عاد إليه وشُفي.<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 10؛ الصفديّ، ج 2، ص 207؛ القسطلاني، ج 1، ص 31.</ref> بدأ منذ طفولته بتحصيل العلم في بُخارى، وفرغ نفسه منذ العاشرة من عمره إلى حفظ الأحاديث وجمعها،<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 6-7.</ref> ورد في المصادر، أنّ أصحابه كانوا يصححون الأحاديث التي كتبوها على أساس ما يقرأه من ذاكرته.<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 6-7.</ref> | ||
وفي السادسة عشرة من عمره ذهب إلى [[الحجاز]] لي[[الحج|حجّ]] وأن يحيط بعلم الحديث.<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 6-7.</ref> | وفي السادسة عشرة من عمره ذهب إلى [[الحجاز]] لي[[الحج|حجّ]] وأن يحيط بعلم الحديث.<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 6-7.</ref> | ||
وفي الثامنة عشرة من عمره ألّف في المدينة كتاب قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم.<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 6-7.</ref> | وفي الثامنة عشرة من عمره ألّف في المدينة كتاب قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم.<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 6-7.</ref> | ||
سافر البخاري في رحلات طويلة، وأخذ علم الحديث عن أساتذته، في كلّ من [[خراسان]]، والجبال، و[[العراق]]، و[[مصر]]، و[[الشام]]، والحجاز. وحفظ أكثر من مائتي ألف حديث بين صحيح السند وغيره.<ref>ابن أبي يعلى، ج 1، ص 276.</ref> | سافر البخاري في رحلات طويلة، وأخذ علم الحديث عن أساتذته، في كلّ من [[خراسان]]، والجبال، و[[العراق]]، و[[مصر]]، و[[الشام]]، والحجاز. وحفظ أكثر من مائتي ألف حديث بين صحيح السند وغيره.<ref>ابن أبي يعلى، ج 1، ص 276.</ref> | ||
سطر ١٠٤: | سطر ١٠٤: | ||
==البخاري لدى أهل السنة== | ==البخاري لدى أهل السنة== | ||
للبخاري أهمية كبيرة لدى [[أهل السنة]]، وقد أطنب أئمة الحديث في الكلام على فضائله؛ فادّعى بعضهم أن لا أحد أعلم من البخاري في علم الحديث، وقال [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] إنني أشهد أن لا مثيل له في الدنيا.<ref>ابن العماد، ج 2، ص 134.</ref> | للبخاري أهمية كبيرة لدى [[أهل السنة]]، وقد أطنب أئمة الحديث في الكلام على فضائله؛ فادّعى بعضهم أن لا أحد أعلم من البخاري في علم الحديث، وقال [[مسلم بن الحجاج|مسلم]] إنني أشهد أن لا مثيل له في الدنيا.<ref>ابن العماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج 2، ص 134.</ref> | ||
بعد أن أنهى كتابه الصحيح الذي جمع فيه الأحاديث عاد إلى بخارى وكل ما مرّ على مدينة استقبله الناس، حتى أنّ في [[نيسابور]] استقبله أربعة آلاف فارس فقط دون من كان راجلاً وغيره. | بعد أن أنهى كتابه الصحيح الذي جمع فيه الأحاديث عاد إلى بخارى وكل ما مرّ على مدينة استقبله الناس، حتى أنّ في [[نيسابور]] استقبله أربعة آلاف فارس فقط دون من كان راجلاً وغيره. | ||
وقبل وصوله إلى مدينة بخارى بفرسخ نصبت له خيمة، فتوافد أهل المدينة لاستقباله ناثرين عليه الدراهم والدنانير. فاستقر البخاري في المدينة وأقام فيها مجلساً للحديث، وبسبب العداء الذي كنّه له حاكم مدينة بخارى لرفضه إقامة مجلس خاص له في شرح الحديث إضافة إلى مخالفة البعض ك[[محمد بن يحيى الذهلي]] أحد أستاذة البخاري وهو من كبار أهل الحديث الذي أضمر له العداوة لما رأى حفاوة استقبال الناس له،<ref>ابن حجر العسقلاني، 1408 هـ، ص 491.</ref> | وقبل وصوله إلى مدينة بخارى بفرسخ نصبت له خيمة، فتوافد أهل المدينة لاستقباله ناثرين عليه الدراهم والدنانير. فاستقر البخاري في المدينة وأقام فيها مجلساً للحديث، وبسبب العداء الذي كنّه له حاكم مدينة بخارى لرفضه إقامة مجلس خاص له في شرح الحديث إضافة إلى مخالفة البعض ك[[محمد بن يحيى الذهلي]] أحد أستاذة البخاري وهو من كبار أهل الحديث الذي أضمر له العداوة لما رأى حفاوة استقبال الناس له،<ref>ابن حجر العسقلاني، 1408 هـ، ص 491.</ref> | ||
وهذا ما أثار اللغط حول مذهبه وأدّى إلى نفيه من هناك.<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 33.</ref> | وهذا ما أثار اللغط حول مذهبه وأدّى إلى نفيه من هناك.<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 33.</ref> | ||
==مسلكه الفقهي== | ==مسلكه الفقهي== | ||
سطر ١٢٩: | سطر ١٢٩: | ||
روى العديد من المحدّثين في المدن المختلفة الحديث من البخاري وكتبوه. أقدمهم أبو زرعة وأبو حاتم، ونقل عنه الحديث بعض مؤلفي جوامع الحديث المشهورة، ك[[الترمذي]]، و[[مسلم]]، وعدد كبير من أئمة الحديث.<ref>الصفدي، ج 2، ص 207.</ref> | روى العديد من المحدّثين في المدن المختلفة الحديث من البخاري وكتبوه. أقدمهم أبو زرعة وأبو حاتم، ونقل عنه الحديث بعض مؤلفي جوامع الحديث المشهورة، ك[[الترمذي]]، و[[مسلم]]، وعدد كبير من أئمة الحديث.<ref>الصفدي، ج 2، ص 207.</ref> | ||
وذهب البخاريّ مرات عديدة إلى بغداد حيث أقام مجالس للحديث. وكان الناس يكتبون الحديث حيث يصل الحضور إلى عشرين ألف شخص،<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 20.</ref> | وذهب البخاريّ مرات عديدة إلى بغداد حيث أقام مجالس للحديث. وكان الناس يكتبون الحديث حيث يصل الحضور إلى عشرين ألف شخص،<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 20.</ref> | ||
ونقل عنه في بغداد الأحاديث مثل إبراهيم بن محمد الباغندي، ويحيى بن محمد بن صاعد، و محمد بن هارون الحضرمي وغيرهم. وكانت النسخة الأصلية لكتاب الصحيح عندهم، لكنّ النسخ التي كانت بحوزتهم كانت متفاوته من حيث التقدم والتأخر.<ref>ابن حجر العسقلاني، 1404 هـ، ص 6.</ref> | ونقل عنه في بغداد الأحاديث مثل إبراهيم بن محمد الباغندي، ويحيى بن محمد بن صاعد، و محمد بن هارون الحضرمي وغيرهم. وكانت النسخة الأصلية لكتاب الصحيح عندهم، لكنّ النسخ التي كانت بحوزتهم كانت متفاوته من حيث التقدم والتأخر.<ref>ابن حجر العسقلاني، 1404 هـ، ص 6.</ref> | ||
وسمع الحديث من البخاريّ تسعون ألف محدّث.<ref>ابن خلّكان، ج 4، ص 190.</ref> | وسمع الحديث من البخاريّ تسعون ألف محدّث.<ref>ابن خلّكان، وفيات الأعيان، ج 4، ص 190.</ref> | ||
==الصحيح البخاري== | ==الصحيح البخاري== | ||
إنّ البخاري رأى أنّ مجامع الأحاديث المدوّنة في عصره، كانت تحتوي على أحاديث صحيحة وغير صحيحة، لذلك أقدم إلى جمع الأحاديث الصحيحة منها في كتاب، وبحسب قوله إنّ أستاذه [[إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ]] كان المشجع الأساسي له في ذلك.<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 8؛ ابن حجر العسقلاني، 1408 هـ، ص 5. </ref> وقضى البخاري خمس عشرة سنة في تأليف كتاب الصحيح، واختار أحاديثه من بين ستة آلاف حديث.<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 8؛ ابن حجر العسقلاني، 1408 هـ، ص 5. </ref> ويبلغ عدد أحاديثه بحسب قول [[ابن حجر العسقلاني|ابن حجر]] 2761 حديثاً مع المكررات واختلفت الروايات حول عدد الأحاديث الدقيق. <ref>ابن حجر، ص 478، 465.</ref> | إنّ البخاري رأى أنّ مجامع الأحاديث المدوّنة في عصره، كانت تحتوي على أحاديث صحيحة وغير صحيحة، لذلك أقدم إلى جمع الأحاديث الصحيحة منها في كتاب، وبحسب قوله إنّ أستاذه [[إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ]] كان المشجع الأساسي له في ذلك.<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 8؛ ابن حجر العسقلاني، 1408 هـ، ص 5. </ref> وقضى البخاري خمس عشرة سنة في تأليف كتاب الصحيح، واختار أحاديثه من بين ستة آلاف حديث.<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 2، ص 8؛ ابن حجر العسقلاني، 1408 هـ، ص 5. </ref> ويبلغ عدد أحاديثه بحسب قول [[ابن حجر العسقلاني|ابن حجر]] 2761 حديثاً مع المكررات واختلفت الروايات حول عدد الأحاديث الدقيق. <ref>ابن حجر، ص 478، 465.</ref> | ||
من ميزات هذا الكتاب كما يقول شارحوه مثل [[النووي]] وابن حجر أنّ عناوين الأبواب تدّل على أنّ البخاري لم يكن يهدف إلى جمع الأحاديث فقط، بل إلى توضيح استنباطه منها، واستدلاله على المواضيع المختلفة كالأصول، والفروع، والآداب والأمثال.<ref>ابن حجر، 1408 هـ، ص 6.</ref> | من ميزات هذا الكتاب كما يقول شارحوه مثل [[النووي]] وابن حجر أنّ عناوين الأبواب تدّل على أنّ البخاري لم يكن يهدف إلى جمع الأحاديث فقط، بل إلى توضيح استنباطه منها، واستدلاله على المواضيع المختلفة كالأصول، والفروع، والآداب والأمثال.<ref>ابن حجر، 1408 هـ، ص 6.</ref> | ||
سطر ١٧٨: | سطر ١٧٨: | ||
==وفاته== | ==وفاته== | ||
بعد أن نفي البخاري من بخارى دعاه أهل [[سمرقند]] إليهم، فتوجه إلى سمرقند. وبعد وصوله إلى مسقط رأسه الذي يبعد فرسخين عن سمرقند، توفي بعد مدة وجيزة في مساء الخميس ليلة [[عيد الفطر]] من العام 256 هـ.<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 33؛ ياقوت الحموي، ج 1، ص 521؛ الصفديّ، ج 2، ص 208.؛ ابن خلّكان، ج 4، ص 190؛ السبكيّ، ج 2، ص 232؛ ابن العماد، ج 2، ص 135.</ref> | بعد أن نفي البخاري من بخارى دعاه أهل [[سمرقند]] إليهم، فتوجه إلى سمرقند. وبعد وصوله إلى مسقط رأسه الذي يبعد فرسخين عن سمرقند، توفي بعد مدة وجيزة في مساء الخميس ليلة [[عيد الفطر]] من العام 256 هـ.<ref>الخطيب البغدادي، ج 2، ص 33؛ ياقوت الحموي، ج 1، ص 521؛ الصفديّ، ج 2، ص 208.؛ ابن خلّكان، وفيات الأعيان، ج 4، ص 190؛ السبكيّ، ج 2، ص 232؛ ابن العماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج 2، ص 135.</ref> | ||
سطر ٢٠٨: | سطر ٢٠٨: | ||
* هاشم معروف الحسني، دراسات في الحديث والمحدّثين، بيروت، 1398 هـ/ 1978 م. | * هاشم معروف الحسني، دراسات في الحديث والمحدّثين، بيروت، 1398 هـ/ 1978 م. | ||
* أسد حيدر، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، بيروت، 1403 هـ/1983 م. | * أسد حيدر، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، بيروت، 1403 هـ/1983 م. | ||
* أحمد بن | * الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد، بيروت، د.ت. | ||
* محمد باقر بن زين العابدين، الخوانساري، روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، قم، 1390 - 1392 هـ. | * محمد باقر بن زين العابدين، الخوانساري، روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، قم، 1390 - 1392 هـ. | ||
* محمد بن أحمد الذهبي، تذكرة الحُفاظ، محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مصر، د.ت. | * محمد بن أحمد الذهبي، تذكرة الحُفاظ، محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مصر، د.ت. |