كتابة التقرير

كتابة التقرير، هي كتابة دروس الأستاذ في مجلس الدرس، طريقة تعليمية في الحوزات العلمية وغيرها، حيث يكون التقرير مصحوباً بآراء وتعليقات المقرّرأحياناً. اعتبر البعض أن كتابة التقرير تُعد سبباً للنمو العلمي والفهم العميق للمطالب التي يطرحها الأستاذ. وذكر السيد محسن الأمين أن السيد محمد جواد العاملي صاحب كتاب مفتاح الكرامة أول من قرّر درس أستاذه السيد محمد مهدي بحر العلوم.

يوجد بعض الفروقات بين كتابة التقرير وكتابة الأمالي، ففي الأمالي يقوم الأستاذ بطرح المطالب على طلابه عن طريق ما كتبه، فيدوّنونها جميعاً دون التصرّف في العبارات، أما في كتابة التقرير، فيستطيع الطالب المقرّر عند الكتابة أن يتصرّف في الأبحاث التي طرحها الأستاذ. من أهم الأمور التي ينبغي مُراعاتها عند كتابة التقرير هي: المطالعة المسبقة للدرس، وكتابة جميع مطالب البحث، وذكر المباني والمصادر التي استند عليها الأستاذ، فضلاً عن تبيين المطالب بطريقةٍ واضحة.

كتاب دانش تقریرنویسی (معرفة كتابة التقرير)، من تأليف محمد حسن رباني، الذي يبين تاريخ كتابة التقرير، والتعرف على بعض التقريرات.

المفهوم

كتابة التقرير هو عبارة عن كتابة دروس الأستاذ في البحث الخارج في الحوزة العلمية وغيرها من مجالس الدرس، حيث تكون مصحوبةً أحياناً بآراء المقرّر. فما يتم تدوينه عن طريق كتابة التقرير، يُسمى التقريرات، كما أنها عنوان عام لبعض الكتب المؤلّفة من أواخر القرن الثاني عشر الهجري وما بعده.

المعروف أن يعرض الطالب تقريراته على أستاذه، وغالباً ما يكتب الأستاذ وجهة نظره فيها على شكل تقاريظ، وتقريظ الأستاذ يؤدي إلى اعتبار تلك التقريرات.

كتابة التقرير وإن كان في الغالب جزء لا يتجزأ من دروس الخارج في أصول الفقه والفقه، لكنه موجود أيضاً في العلوم الأخرى، كالمنطق، والفلسفة، والتفسير، والعرفان وغيرها.

فرقه مع الأمالي

المقالة الرئيسة: كتابة الأمالي

هناك بعض الفروقات بين كتابة التقرير وكتابة الأمالي، ومن أهمها:

• في كتابة الأمالي يقوم الأستاذ بطرح المطالب في المجالس عن طريق ما كتبه أو عن طريق ذاكرته على الطلاب الحاضرين، فيكتبونها جميعاً دون استثناء شيء منها، أما في كتابة التقرير، فيستطيع المقرّر عند الكتابة أن يتصرّف في المطالب التي طرحها الأستاذ.
• الأمالي هو عبارة عن علم الأستاذ، ونتيجة ذلك يكون الكتاب باسمه، ولكن في التقريرات، تكون المادة العلمية والمحتوى من الأستاذ، ولكن الشرح والأسلوب وطرح المطالب حسب ذوق المقرّر؛ ولهذا السبب يكون الكتاب باسم المقرر.

تاريخه

اجود التقريرات، تقرير درس الأصول للميرزا محمد حسين النائيني، بقلم السيد أبو القاسم الخوئي.

اعتبر آقا بزرك الطهراني في كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة، أن أواخر القرن الثاني عشر الهجري هي بداية كتابة التقريرات. وذكر السيد محسن الأمين في كتابه أعيان الشيعة إن السيد محمد جواد العاملي صاحب كتاب مفتاح الكرامة (ت: 1226 هـ) أول من كتب التقرير، حيث كتب درس أستاذه السيد محمد مهدي بحر العلوم، ويعتقد أحد الباحثين أن كتابة التقرير بدأت في عصر الشيخ محمد حسين الأصفهاني.

ارجع البعض تاريخ كتابة التقرير إلى عصر رسول الله مستندين في ذلك على رواية وردت عنه ، حينما كان أحد الأنصار يسمع حديث النبي ولكنه لا يستطيع أن يحفظه، فأمره الرسول أن يكتب ما يسمعه.

كتابة التقرير والعمق العلمي

تم طرح بعض الآراء حول كتابة التقرير:

• اعتبر بعض علماء وأساتذة الفقه والأصول، من أمثال آية الله البروجردي، إن كتابة التقرير تُعد سبباً للنمو العلمي والفهم العميق للمطالب، وقد شجعوا الطلاب والمحققين على القيام بهذا الأسلوب التعليمي. ونُقل أن الميرزا الشيرازي كان يهتم بتقريرات طلابه، وبحضور الآخرين يٌبين أفضل تقرير كُتب.
• ذكر آية الله المنتظري، إن السيد محمد المحقق الداماد كان يُعارض كتابة التقرير، ولأن الطالب يعتمد فقط على كتاباته، أُعتبر ذلك سبباً لإنحساره العلمي.

أساليب كتابة التقرير

تقريظ السيد محمد باقر الصدر على كتاب بحوث في علم الأصول تقرير وكتابة السيد محمود الهاشمي الشاهرودي.

هناك نوعان من كتابة التقرير، هما:

• التقرير الشفوي: يقوم بعض الطلاب الكبار وأصحاب الخبرة بعد انتهاء الدرس مباشرة، وبالاعتماد على ذاكرتهم، بإعادة الدرس إلى الطلاب الذين لديهم خبرة أقل أو لم يفهموا الدرس بشكل جيد. نُقل إن محمد حسن الآشتياني أحد تلامذة الشيخ الأنصاري، كان يُبيّن درس الشيخ لبعض الطلاب بهذه الطريقة من التقرير.
• التقرير الكتبي: يتم إعداد التقرير الكتبي بالطُرق التالية:

1. يقوم المقرّر بكتابة المطالب التي طرحها أستاذه أثناء الدرس، ثم بعد ذلك يقوم بإجراءإصلاحات طفيفة عليها.
2. يستمع المقرّر إلى المطالب التي يطرحها الأستاذ داخل مجلس الدرس، وبعد الانتهاء منه يقوم بكتابة خلاصة عنه.
3. يُطالع المقرّر المباحث ــ التي يطرحها الأستاذ ــ قبل الدرس، وفي أثنائه يُضيف النقاط التي يذكرها الأستاذ.
4. يُقدم الأستاذ أصل المباحث، ويقوم الطالب بشرحها وتوضيحها.
5. يكتب المقرّر أثناء الدرس موضوعات المطالب فقط، حيث يقوم بشرح بعضها بالتفصيل، وقد يكتفي البعض بتقرير الموضوعات المهمة والرئيسية فقط.

خصائص التقرير الجيد

عن رسول الله (ص): قَیِّدُوا العِلْمَ بِالکِتابَةِ

تحف العقول، ص 36.

من أجل كتابة تقرير مقبول وجيد، ينبغي مُراعاة عدّة أمور من قبل المقرّر، وهي:

• أن يُطالع البحث المراد تقريره، قبل حضوره جلسة الدرس.
• أن يكتب كل مطالب الدرس، أو على الأقل الموضوعات المهمة فيه.
• أن يُطالع الكتب التي بيّن الأستاذ منها مطالب الدرس، أو التي أشار إليها في الأثناء.
• ذكر المطالب والمصادر التي استند عليها الأستاذ، للحصول على تقرير جيد، ففي بعض الأحيان يعرض الأستاذ قول أحد العلماء، أو الآيات، والروايات دون أن يذكر مصدرها في الدرس.
• المطالب التي دوّنها وضبطها المقرّر قد تحتاج إلى إضافة أمر أو حذف آخر؛ لتخرج بشكل واضح ودقيق.
• ينبغي شرح مطالب الأستاذ بطريقة واضحة على أن تكون صياغة العبارات كافية ليفهمها الغائب عن الدرس.

بعض التقريرات في الفقه والأصول

كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى تقرير درس الفقه للسيد أبو القاسم الخوئي، بقلم الميرزا علي الغروي

يوجد بعض التقريرات المشهورة في الحوزة العلمية لدرسَي الفقه والأصول، وهي:

• التنقيح في شرح العروة الوثقى من تأليف الميرزا علي الغروي، وهو عبارة عن تقريرات لدروس السيد الخوئي، ويقع في ستة مجلدات ويحتوي على عدّة مباحث، منها: الاجتهاد والتقليد، والطهارة، والنجاسة، والصلاة.
• فقه الشيعة من تأليف محمد مهدي الموسوي الخلخالي، عبارة عن تقريرات درس الفقه للسيد الخوئي، ويحتوي على سبعة مجلدات، منها في باب الاجتهاد والتقليد، والطهارة والنجاسة.
• نهاية التقرير في مباحث الصلواة من تأليف محمد الفاضل اللنكراني، تقريرات درس الفقه للسيد البروجردي في ثلاثة مجلدات، حول الصلاة.
• أجود التقريرات من تأليف السيد الخوئي، عبارة عن تقريرات درس الأصول للشيخ محمد حسين النائيني في مجلدين. بدأ تأليف هذا الكتاب في سنة 1345 هـ، وهي السنة التي كانت فيها آخر دورة في درس خارج الأصول للميرزا النائيني في النجف، وتم الانتهاء من الكتاب في نهاية هذه الدورة سنة 1352 هـ.
• نهاية الأفكار من تأليف محمد تقي البروجردي، وهو عبارة عن دورة كاملة لتقريرات درس الأصول للشيخ ضياء الدين العراقي في أربعة مجلدات.
• تهذيب الأصول من تأليف الشيخ جعفر السبحاني، تقريرات درس الإمام الخميني في مجلدين.

مواقع إلكترونية للتقريرات

بعض المواقع التي يتم فيها تحميل دروس مجموعة من الأساتذة، عبارة عن:

• موقع مدرسة الفقاهة (https://www.eshia.ir/Ar/Default.htm/): هدف هذا الموقع هو تواصل الحوزات العلمية في النجف الأشرف، ومشهد، وقم مع سائر الحوزات‌ العلمية في مختلف البلدان عن طريق البث المباشر، وتوفیر الأرضیة لتوثیق المفاهیم الدینیة من خلال تقدیم تقریرات الدروس، مع إمکانیة الوصول إلی مصادرها في مکتبة مدرسة الفقاهة.
• موقع درسگفتار (https://darsgoftar.net/): يحتوي هذا الموقع على الملفات الصوتية لدروس أساتذة السطوح العيا في الحوزة العلمية في قم ومشهد، والتي تم فيها الربط بين متن الدرس والتقرير والصوت، وكذلك تهيئة الكتب والبرامج قبل مطالعة هذه المباحث والدروس.
• موقع تقریرات دروس الخارج (https://taghrir.ismc.ir/): تم إنشاء هذا الموقع من أجل تسهيل الوصول إلى محاضرات الأساتذة في البحث الخارج، وترويج كتابة التقرير، موقع تقریرات دروس الحوزة عبارة عن موقع تعليمي بحثي معلواتي، وظيفته جمع وإثراء وتصنيف وتقويم، وتقديم أرضية لتوفير تقريرات طلاب البحث الخارج في الفضاء الإلكتروني.

الدراسات

كتاب دانش تقریرنویسی (معرفة كتابة التقرير)، من تأليف محمد حسن رباني، عضو الهيئة العلمية في مركز الآخوند الخرساني التخصصي، وتم طباعته من قبل موسسه ‌انتشارات‌ أمیر کبیر، شرکت ‌چاپ ‌ونشر بین‌ الملل، سنة 1398 ش.