فتوى السيد الخامنئي حول تحريم استخدام السلاح النووي

فتوى تحريم صناعة واستخدام الأسلحة النووية، هي فتوى فقهية لآية الله الخامنئي، والتي صدرت رداً على ادعاء إسرائيل عزم إيران على بناء سلاح نووي، يعتقد آية الله الخامنئي بأن أسلحة الدمار الشامل تهديد للبشرية ومحرّمة.

واستدل بعض العلماء على هذا الحكم ببعض آيات القرآن وأحاديث تحريم الاعتداء على الناس، ووفقاً لأبو القاسم عليدوست، فإن تحريم فقهاء الشيعة لاستخدام أسلحة الدمار الشامل يعود إلى عشرة قرون على الأقل.

كان لهذه الفتوى أثر في مراكز التحليل السياسي ومراكز الفكر الدولية، وتم تسجيلها لدى الأمم المتحدة كوثيقة رسمية، وقد بحث كتاب «فقه هسته‌ای» "فقه النووي" لمجموعة من المؤلفين، وكتاب "فتوى النووي من منظور القانون الدولي" لجابر سيفاني زادة أسباب وأبعاد تحريم صناعة واستخدام الأسلحة النووية.

الأهمية

صدرت فتوى تحريم صناعة واستخدام الأسلحة النووية من قبل آية الله الخامنئي قائد الثورة الإسلامية في إيران رداً على ادعاء وسائل الإعلام الموالية لإسرائيل عزم إيران على صنع أسلحة نووية، وتمت قراءة هذه الفتوى رسمياً في "المؤتمر الدولي لنزع السلاح ومنع انتشار الأسلحة النووية" في إيران عام 2010م.

وقال علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية رداً على أسئلة حول عزم الجمهورية الإسلامية في إيران على صنع قنبلة ذريّة بأنه من الأفضل لإيران الحفاظ على الشأن، واتباع فتوى تحريم استخدام الأسلحة النووية.

الانعكاسات

حظيت فتوى آية الله الخامنئي بقبول عالمي، وانعكست على نطاق واسع في مراكز التحليل السياسي ومراكز الفكر الدولية، ووفقاً لوكالات الأنباء تم تسجيل رسالة آية الله الخامنئي إلى المؤتمر الدولي لنزع السلاح النووي، والتي تضمنت فتوى بتحريم بناء واستخدام الأسلحة النووية كوثيقة رسمية في الأمم المتحدة، وقد طلب جوناثان جرانف رئيس معهد الأمن العالمي في الولايات المتحدة من آية الله الخامنئي في مقابلة معه أن يكتب برسالة إلى الزعماء الدينيين في العالم ليطلب منهم الانضمام إليه في تحريم استخدام الأسلحة النووية تحت أي ظرف من الظروف.

في عام 2013م، اجتمع ستة من الكهنة وعدد من الخبراء الأمريكيين مع علماء من الشيعة في قم المقدسة لتقييم صحة هذا الرأي الفقهي، وقد أبلغوا عن حظر الأسلحة النووية في الفقه الشيعي ونتائج زيارتهم للحكومة الأمريكية لإدراجها في مفاوضات الغرب النووية مع إيران. في عام 2021م، بث تلفزيون بي بي سي الفارسي فيلم وثائقي بعنوان "فتوى النووي" في برنامج حول إمكانية تغير فتوى آية الله الخامنئي؛ إلا أن علماء الفقه رفضوا هذا الاحتمال، لعدم تقيُّد هذه الفتوى بزمان أو مكان.

السابقة التاريخية

تعتبر الأسلحة النووية مصداقاً لأسلحة الدمار الشامل، ووفقاً لأبو القاسم عليدوست فقد أصدر فقهاء الشيعة عام 2014م فتاوى تنص على تحريم استخدام الأسلحة والأدوات التي تسبب الإبادة الجماعية، وقتل الكائنات الحية، وتدمير البيئة، ومنذ 19 شباط/فبراير 2010م، أعلن آية الله الخامنئي مراراً فتواه ورأيه في مخالفة بناء واستخدام الأسلحة النووية.

نص الفتوى والتوافق مع المراجع الآخرين

شعار المؤتمر الدولي لنزع السلاح النووي وعدم الانتشار النووي

في 17 أبريل 2010م، قرأ علي أكبر ولايتي فتوى آية الله الخامنئي المدرجة في رسالته الرسمية إلى "المؤتمر الدولي الأول لنزع السلاح النووي"، وجاء في هذه الرسالة:

"بالإضافة إلى الأسلحة النووية، نعتقد أن الأنواع الأخرى من أسلحة الدمار الشامل، مثل الأسلحة الكيميائية والأسلحة الميكروبية، تشكل تهديداً خطيراً للبشرية، ونعتبر استخدام هذه الأسلحة حراماً"

وقد أكدت فتاوى بعض مراجع التقليد مثل مكارم الشيرازي، ونوري الهمداني، وجعفر السبحاني، وجوادي الآملي الفتوى الفقهية لآية الله الخامنئي، ويعتقد أبو القاسم عليدوست مدير المؤتمر الوطني للفقه النووي وأحمد مبلغي أحد ممثلي مجلس خبراء القيادة أن هذه النظرية حكم إلهي أبدي لا يمكن تغييره.

الأدلة

ذكرت أدلة فقهية مختلفة لتحريم صناعة الأسلحة النووية واستخدامها، وباعتقاد آية الله الخامنئي فإن سبب تحريم بناء واستخدام الأسلحة النووية يعود لمعارضة استخدام أسلحة الدمار الشامل مع المبادئ الإسلامية، إذ أن استخدام مثل هذا السلاح هو تدمير للحرث (الزراعة) والنسل، وهذا ما ذكر في الآية 205 من سورة البقرة (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ). وفي هذا الصدد صرّح أبو القاسم عليدوست بأن إصلاح حال العباد في ارتباطهم مع الله ومع بعضهم البعض من مقاصد الشرعية، والإصلاح لا يتحقق أبدا مع الإفساد واستخدام أسلحة الدمار الشامل.

آيات القرآن

يعتبر أحمد مبلغي وهو فقيه شيعي بأن أسباب هذا الرأي عديدة ومنها ثلاث قواعد قرآنية، هي:

• اعتماداً على قاعدة الوِزر «ولا تَزِرُ وازرةٌ وزرَ أُخرى» التي تمنع من معاقبة الأبرياء مع الأشرار، واستخدام الأسلحة النووية يؤدي إلى الإبادة الجماعية ومعاقبة الأبرياء، بل ويضر بالأجيال القادمة.
• وفقاً لقاعدة حرمة السعي في الفساد (205 البقرة)، يحظر كل عمل يؤدي إلى الفساد في الأرض وتدمير الحرث (المحاصيل والمواشي) والنسل.
• قاعدة الإثم «إثمُهُما اَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما» والتي يُفهم منها أن كل عمل يكون شره وفساده أكبر من فوائده فهو حرام، ومن الواضح أن فساد الأسلحة النووية أكثر بكثير من فوائدها المحتملة.

كما ذهب ناصر قربان نيا إلى أن الآيات 190 و 205 من سورة البقرة والآيات 8 و 32 من سورة المائدة تشمل التحريم المطلق للأسلحة النووية.

الروايات

كتاب "فقه هسته أي" (فقه النووي)

وضمن البحث الفقهي لتحريم الأسلحة النووية تم الاستدلال ببعض الروايات، كروايات تحريم دس السم في ماء الأعداء، والتي استدل بها أبو القاسم عليدوست، ومحمد جواد فاضل اللنكراني، وروايات تحريم الاعتداء على الآخرين (الأطفال والنساء والشيوخ والأحرار والحيوانات).

مؤلفات

تم تأليف كتب حول فتوى تحريم صناعة الأسلحة النووية واستخدامها:

• صدر كتاب «فتواى هسته‌اى از منظر حقوق بين الملل» "الفتوى النووية من منظور القانون الدولي" لجابر سيفاني زادة من قبل دار النشر الأمريكية "سوبريم سنتشوري"، ويقال إن هذا الكتاب يتناول تحديد الأبعاد القانونية لفتوى النووي لآية الله الخامنئي من وجهة نظر القانون الدولي.
• في عام 2013م صدر كتاب «فقه هسته‌اى» "فقه النووي" لأبو القاسم عليدوست، الذي يحتوي على 10 مقالات فقهية حول حرمة بناء واستخدام الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، محتوى الكتاب هو نتيجة مؤتمر الفقه النووي الذي عقد في طهران وقم عام 2013م.
• كما بحث مايكل آيزنشتات ومهدي خلجي هذه الفتوى من خلال كتاب «فتواي هسته‌اي؛ سياست و مذهب در استراتجي منع تکثير ايران» "الفتوى النووية: السياسة والدين في استراتيجية إيران لمنع انتشار الأسلحة النووية" ونشرها معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط.