رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (كتاب)
رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) أحد شروح الصحيفة السجادية، وأكثرها شمولية، وهو من مؤلّفات السيد علي خان الحسيني الشيرازي (وفاة 1220 هـ) المعروف في الوسط العربي بابن معصوم (المدني).
یشتمل الأثر على "54" روضة، في كل واحدة منها تجد شرحاً لأحد الأدعية، كما يحتوي على مختلف المضامين من الأدب والفقه والكلام والقرآن والتاريخ والحديث وغيرها.
له العديد من المؤلفات إلا أنّه اشتهر بشرحه لصحيفة الإمام علي بن الحسين زين العابدين رابع أئمة أهل البيت، كما حمل المؤلف عنوان "صاحب رياض السالكين" نسبةً إلى أثره هذا.
المؤلف
هو صدر الدين علي بن أحمد نظام الدين بن محمد معصوم الحسيني الدشتكي الشيرازي، والذي يعرف بالسيد علي خان الكبير أيضاً. من علماء الإمامية في القرنين الحادي والثاني عشر، ولد بالمدينة المنورة في 15 جمادى الأولى سنة 1052 هـ واشتهر بالمدنيّ، وتوفي في مدينة شيراز سنة 1118 هـ أو على قول 1120 هـ ودفن في حرم السيد أحمد بن الإمام موسى الكاظم.
ينحدر من أسرة عريقة من السادة الشرفاء، صحيحي النسب، حلّوا بمدينة شيراز،[١] واشتهروا بالسادة الدَشْتَكيّة الشيرازية.
يصل نسب المترجم، إلى زيد بن علي بن الحسين بعد 28 ظَهراً.[٢]
عنوان الكتاب وتاريخ تأليفه
على قول الآغا بزرك الطهراني، في الإجازة التي خصّ السيد علي صدرالدين بها، إبراهيم بن مراد الحسني الحسيني سنة 1109 هـ، سمّى المؤلف كتابه "رياض الصالحين في شرح صحيفة سيد الساجدين" في البداية، وثم غير الإسم وجعله "رياض السالكين."[٣]
يذكر السيد صدر الدين علي، نفسه في شرحه: "كان الفراغ من إتمام هذا الشرح المفيد والصرح المشيد سنة ست ومائة وألف، والشروع فيه سنة أربع وتسعين وألف، فكانت مدة تأليفه اثنتي عشرة سنة.[٤]کما أشار المحقق الآغا بزرك الطهراني في الذريعة، نفس المدة لتأليفه إلا أنه ذكر سنة 1116 هـ للإنتهاء منه.[٥]
مضمون الأثر وأسلوب التأليف
قد نهج السيد ابن معصوم المدني منهج الشيخ البهائي (ت 1031 هـ) في شرحه للصحيفة ذاتها والتي سماها (حدائق الصالحين)، فأخذ منه دلالة الاسم فوسمه ب(رياض السالكين)، وهو - في الوقت ذاته - أطلق على كل دعاء (روضة) كما فعل الشيخ البهائي، إذ سمّى كل دعاء (حديقة)، وقد أشار ابن معصوم إلى هذا، وتمنّى لو أنّ الشيخ أتمّ شرحه هذا وكفاه تجشّم الأهوال فقال: وأما شرح شيخنا البهائي - قدس الله روحه الزكية - الذي سمّاه "حدائق الصالحين" وأشار إليه في الحديقة الهلالية، فهو مجاز لا حقيقة، إذ لم تقع حديقة منه على غير تلك الحديقة ولعمري لو أتَمَّه على ذلك المنوال لكفى مَن بعده تجشّم الأهوال، ولكن عسى أن يُثمر غرس الأماني فأكون عرابة هذه الراية في زماني،[٦]وهذا يبيّن مدى تأثّر ابن معصوم بالشيخ البهائي.
بدأ ابن معصوم كتابه (رياض السالكين) بعد البسملة:
- "اللهم إنّا نحمدكَ حمدا ً تُؤتينا به من صحائف الحسنات صحيفة كاملة، ونشكرك شكراً تولينا فيه من نعمك الحسنات نعمة شاملة..."
بالتسلسل العام، وقد بدأ برسالة (المسلسلة بالآباء) التي شرح فيها ابن معصوم المدني الأحاديث الخمسة المسلسلة بآبائه، وبدايتها بعد البسملة: "الحمدُ لله الذي أكمل بنبيه أحمد نظام الدين، وشرح بوصيّه علي صدر الدين صلى الله عليهما وعلى أبنائهما الهادين، أئمة الأمة والخلفاء الراشدين".[٧]
إنّ هذه الرسالة لا علاقة لها بالشرح، موضوعاً ومضموناً، والتي يراها البعض بأنّ النسّاخ قد ألحقوها بشرح الصحيفة، وجرى على ذلك طبعها في المقدمة، والدليل على ذلك ما قاله ابن معصوم نفسه. [٨]
ختم السيد ابن معصوم شرحه هذا برسالة ألحقها هو بنفسه في آخره بعد أن حمد الله وشكره على إتمام هذا السفر، غير أنّه آلمه ما وقع من أحد شارحي الصحيفة حين وقف هو على بعض من شرحه قد انتحله السيد حسين بن حسن الجيلاني الأصفهاني.[٩]
لقد امتاز شرح الرياض للصحيفة السجادية، بدقة العبارات واتساع الدلالات، فسخّر فيه كل علومه وفنونه في اللغة وآدابها، وعلوم الحديث والفقه والكلام و غيرها، فبعد أن بسط الكلام ونقل أقوال سائر الشرّاح، في مقدمتهم الشيخ البهائي، قام بالبحث عن دلالة المفردة في أصل وضعها ثم تطوّر معناها... وهو يستطرد بذكر ما يتعلق بالمفردة من الفقه والكلام والفلسفة.[١٠]
مكانة الأثر برأي الآخرين
لقد امتاز شرح الصحيفة السجادية، بدقة العبارات واتساع الدلالات، فسخّر فيه المؤلف كل علومه وفنونه في اللغة وآدابها، وعلوم الحديث والفقه والكلام و غيرها، فبعد أن بسط الكلام ونقل أقوال سائر الشرّاح والمحدّثين، في مقدمتهم الشيخ البهائي، قام بالبحث عن دلالة المفردة في أصل وضعها ثم تطوّر معاناها... وهو يستطرد بذكر ما يتعلق بالمفردة من الفقه والكلام والفلسفة... [١١]
نال الكتاب كسائر مؤلفات ابن معصوم إعجاب الكثيرين من ذوي الخبرة وأصحاب الرأي،[١٢]كما وصفه صاحب الغدير بـ"كتاب قيم يطفح العلم من جوانبه، وتتدفق الفضيلة بين دفتيه، فإذا أسمت فيه سرح اللحظ فلا يقف إلا على خزائن من العلم والأدب موصدة أبوابها، أو مخابئ من دقائق ورقائق لم يهتد إليها أي ألمعي غير مؤلفه الشريف المبجل".[١٣]وإنما يوفّر الكتاب بَيّنة لبُنية المؤلف العلمية ويُنبىء عن طول باعه وكثرة اطّلاعه وإحاطته بالعلوم.[١٤][١٥]
طبعات الكتاب وملخصاته
- تلخيص الرياض أو تحفة الطالبين: المقتطف من رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين، أبوالفضل الحسيني، مطبعة الحيدري، 1381 هـ
- طبعة مؤسسة نشر رسالت، أصفهان، 1271 هـ
- طبعة سيد محمد بن سيد جعفر لاريجاني، بخط زين العابدين خوانساري، تصحيح: محمد علي ومحمد حسن آغا ميرزا كوجك ساوجي، طهران، 1334 هـ
- طبعة مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لرابطة مدرسي الحوزة العلمية بقم، تصحيح: محسن حسيني أميني، قم، 1411 هـ
مميزات الطبعة
بادرت مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة مدرسي الحوزة العلمية بقم، إلى طباعة الكتاب في 7 مجلدات سنة 1425 هـ وتجددت الطبعة لمرات منذ ذلك الحين.
والطبعة تكون على السياق التالي:
- الأول: يشتمل على دراسة صحّة السند الوارد للصحيفة، إلى نهاية شرح الدعاء الثاني، في 567 صفحة
- الثاني: من شرح الدعاء الثالث للصحيفة، إلى نهاية الدعاء الثاني عشر، في 612 صفحة
- الثالث: من شرح الدعاء الثالث عشر، إلى نهاية الدعاء الثاني والعشرين، في 600 صفحة
- الرابع: من شرح الدعاء الثالث والعشرين، إلى نهاية الدعاء الحادي والثلاثين، في 536 صفحة
- الخامس: من شرح الدعاء الثاني والثلاثين، إلى نهاية الدعاء الثالث والأربعين، في 600 صفحة
- السادس: من شرح الدعاء الرابع والأربعين، إلى جزء من الدعاء السابع والأربعين، في 478 صفحة
- السابع: من بقية شرح الدعاء السابع والأربعين، إلى نهاية الصحيفة، في 508 صفحة.[١٦]
سائر تصانيف المؤلف
لقد صنّف ابن معصوم في علوم زمانه عدّة مصنفات، توزعت بين اللغة والنحو والبلاغة وغيرها، وتنوّعت بين الكتب والكشاكيل والرسائل، وقد أشار مترجموه، إلى معظمها أو إلى بعضها، ونوّه آخرون إلى فقدان الأخرى، وقد أشار هو إلى بعض منها مثل (نفثة المصدور) و(محك القريض).[١٧]
- أنوار الربيع في أنواع البديع
- سلافة العصر في محاسن الشعراء بکل مصر
- سلوة الغريب و أسوة الأديب
- الحدائق الندية في شرح الصمدية
- الفرائد البهية في شرح الفوائد الصمدية
- موضح الرشاد في شرح الإرشاد
- رسالة في أغلاط الفيروزآبادي في القاموس
- التذکرة في الفوائدالنادرة
- المخلاة
- الزهرة في النحو
- ملحقاة السلافة
- نفثة المصدور
- محک القريض
- رسالة في المسلسلة بالآباء
- نعمة الأغان في عشرة الإخوان
- الکلم الطيب و الغيث الصيب
- الطراز الأول فيما عليه من لغة العرب المعمول
- ديوان شعره[١٨]
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ الأميني، الغدير، ج 11، ص 347.
- ↑ الأميني، الغدير، ج 11، ص 347 نقلاً عن المؤلف في كتاب سلوة الغريب وأسوة الأديب.
- ↑ قرباني زرين، باقر (بالفارسية) سه رياض ىر شرح صحيفة سجادية" ص 122 نقلاً عن الذريعة للآغا بزرك، ج 11، ص 326.
- ↑ المدني الشيرازي، رياض السالكين، ج 11، ص 261.
- ↑ الطهراني، الآغا بزرك، الذريعة، ج 11، ص 326.
- ↑ المدني الشيرازي، رياض السالكين، ج1، ص44-45.
- ↑ المدني الشيرازي، رياض السالكين، ج1، ص5
- ↑ الآثار العلمية لابن معصوم المدني
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 8، ص 152
- ↑ الآثار العلمية لابن معصوم المدني
- ↑ الآثار العلمية لابن معصوم المدني
- ↑ نزهة الجليس، موسوس المكي، ج1، ص322؛ تذكرة المعاصرين، حزين اللاهيجي، ص 99، أعيان الشيعة، الأمين العاملي، ج 8، ص 152
- ↑ الغدير، الأميني، ج11، ص348
- ↑ سفينة البحار، القمي، عباس، ج 6، ص421.
- ↑ أفندي، رياض العلماء، ج 3، ص 366
- ↑ المدني الشيرازي، رياض السالكين، الفهرس
- ↑ الآثار العلمية لابن معصوم المدني
- ↑ الآثار العلمية لابن معصوم المدني
المصادر والمراجع
- الأفندي الإصفهاني، ميرزا عبد الله، رياض العلماء وحياض الفضلاء، تحقيق: السيد احمد الحسيني، قم، د.ن، 1401 هـ.
- الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق: حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1403 هـ/ 1983 م.
- الأمیني، عبد الحسين، الغدير في الكتاب والسنة والأدب،بيروت، دار الكتاب العربي، 1967 م.
- حزين الاهيجي، محمد علي، تذكرة المعاصرين، تحقيق: معصومة سالك، طهران، مكتب "نشر ميراث مكتوب"، 1996 م.
- الشهرستاني، السيد علي، المنهج الإستدراكي النقدي في اللغة ودور السيد علي خان المدني تدويره وتنميته، (دراسة معجمية)، قم، منشورات الإجتهاد، ط 1، 1427 هـ/ 2006 م.
- أقا بزرك الطهراني، محمد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الاضواء، 1403 هـ.
- قرباني زرين، باقر (بالفارسي) "سه رياض در شرح صحيفة سجادية" كتاب ماه دين، 2012 م، العدد 184
- القمي، عباس، سفينة البحار ومدينة الحکم والآثار مع تطبيق النصوص الواردة فيها علی بحار الأنوار، قم، منشورات أسوة، د.ت.
- الموسوي المكي، السيد عباس، نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس، النجف الأشرف، المطبعة الحيدرية، 1967 م.