آية المشاورة

هذه مقالة حول آية المشاورة. لمعرفة الآية التي تتحدث عن الشورى طالع آية الشورى.

آية المشاورة

عنوان الآية	المشاورة
رقم الآية	159
في سورة	آل عمران
في جزء	4
رقم الصفحة	71
شأن النزول	التأكيد على سيرة النبي في استشارة أصحابه في غزوة أحد
مكان النزول	المدينة
الموضوع	أخلاقي ـ اعتقادي
آيات ذات صلة	الآية 38 من سورة الشورى، الآية 233 من سورة البقرة
معلومات أخرى	العفو العام، والمشاورة، والتوكل على الله تعالى

آيَة المُشاوَرَة هي الآية 159 من سورة آل عمران، والتي تُبين دور أخلاق رسول الله في جذب المسلمين، والتي تأمر بمشاورة الناس. وشأن نزلها هو التأكيد على سيرة النبي في استشارة أصحابه في غزوة أحد.

وقد ذكر المفسرون فوائد عدّة للشورى تحت هذه الآية؛ منها رفع مستوى تفكير الناس، وشعورهم بالمسؤولية فيما يتعلق بشؤون المجتمع، واختيار أفضل الآراء، وإصلاح الناس وإكرامهم.

بحسب المفسرين فإن استشارة النبي للناس يتعلق بالأعمال العامة والتنفيذية للمجتمع، وكيفية تنفيذ الأحكام الإلهية، وليس فيما يتعلق بحلال الله تعالى وحرامه؛ لأنَّ هذه الأحكام الإلهية تأتي عن طريق الوحي، وهي مأخوذة من الكتاب والسنة.

من وجهة نظر بعض المفكرين الإسلاميين، فإن تعاليم المشاورة في القرآن تعتبر الطريقة الأنسب لتشكيل الحكومة الإسلامية.

مقدمة اجمالية ونص الآية

تعرف الآية 159 من سورة آل عمران بآية المشاورة. وبالإضافة إلى هذه الآية، تناول المفسرون أيضاً مسألة المشاورة وأهميتها في ذيل الآية 38 من سورة الشورى. وفي هذه الآية بالإضافة إلى التذكير بأخلاق رسول الله الحميدة، تم إصدار ثلاث أوامر عامة: العفو العام، والمشاورة، والتوكل على الله تعالى. والوصية بالمشاورة في هذه الآية هي أيضاً جاءت من ضمن مجموعة الأوامر الأخلاقية، وبحسب مكارم الشيرازي أحد المفسرين المعاصرين، أشار الله تعالى في هذه الآية إلى لطف رسول الله الذي أدى إلى جذب المسلمين، وطلب منه العفو عن المخطئين في معركة أحد، والاستغفار لمن قتلوا في الحرب، والمشاورة مع المسلمين في الأمور.

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾

شأن النزول

يرتبط نزول الآية 159 من سورة آل عمران بهزيمة المسلمين في معركة أحد. ورد في تفسير الأمثل، أنَّه قبل غزوة أحد وفي كيفية مواجهة العدو، كان رأي رسول الله وبعض المسلمين أن تكون الحرب داخل المدينة، ولكنه أحترم رأي الأغلبية وخرج خارج المدينة لقتال المشركين. وبعد وقوع الهزيمة كان كثيرون يتصورون بأن على النبي أن لا يشاور بعد ذلك أحدا من المسلمين، فنزلت هذه الآية رداً على هذا النوع من التفكير، وتأمر النبي بأن يشاورهم في الأمور.

لطف النبي(ص) هو سبب الانجذاب إلى الإسلام

بحسب العلامة الطباطبائي، ومع أن المخاطب في الآية هو رسول الله، إلا أن الله تعالى في الأصل خاطب عموم المسلمين وقال إن رسول الله لانَ لكم برحمة منا، ولذلك أمرناه أن يعفو عنكم، ويستغفر لكم، ويشاوركم في الأمر، وأن يتوكل علينا إذا عزم. وذكر الفضل بن الحسن الطبرسي أن نتيجة لطف رسول الله هو انجذاب الناس إلى دين الإسلام، وفي المقابل وجه هذا التحذير لنبي الإسلام، إذا كان فظ غليظ القلب لتفرق الناس من حوله.

وذكر العلامة الطباطبائي أن الآية 159 من سورة آل عمران هي تأكيد لسيرة نبي الإسلام، وأن أفعال رسول الله كانت بأمر الله تعالى وأنَّه تعالى راض عن عمله.

أهمية المشاورة

كما ذكر المفسرون تحت آيات المشاورة عدّة فوائد لها، منها ما يلي: رفع مستوى تفكير الناس وشعورهم بالمسؤولية، واختيار أفضل الآراء، والتشجيع للمشاركة في الشؤون العامة للمجتمع، إصلاح الناس وإكسابهم الأخلاق الحميدة وإكرام الناس.

إن تأكيد القرآن على القيام بالمشاورة لأنَّه بدونها تعتبر جميع الأعمال ناقصة، فالإنسان الواحد مهما كان قويا في فكره وبعيدا في نظره، إلّا أنّه ينظر للقضايا المختلفة من زاوية واحدة أو عدّة زوايا، وعندها سيهمل الأبعاد الأخرى، إلّا أنّه عند التشاور حول القضايا المختلفة تقوم العقول‌ العقول والتجارب المختلفة بمساعدة بعضها البعض، وأن هذه العبارة وردت هنا على شكل برنامج مستمر للمؤمنين، وفي جميع الأعمال، حتى أن رسول الله، كان أيضا يتشاور مع أتباعه وأنصاره في القضايا الاجتماعية المهمّة والتنفيذية والصلح والحرب والأمور المهمّة الأخرى بالرغم من تكامل عقله وارتباطه بمصدر الوحي.

حدود مشاورة النبي

واعتبر المفسرون أن مشاورة النبي للناس فقط تنحصر في شؤون المجتمع العامة، والأمور المتعلقة بمصير المجتمع، والمصلحة العامة، وأيضًا كيفية تنفيذ الأحكام الإلهية، وذكروا أن المشورة لا تجري في حلال الله تعالى وحرامه، والأمور الدينية؛ لأنَّ هذه الأحكام جاءت عن طريق الوحي، وهي مأخوذة من الكتاب والسنة ومتعلقة بولاية الله التشريعية.

واعتبر المفسرون مثل صادقي الطهراني، ومكارم الشيرازي أن التشاور في مسألة الخلافة لا اعتبار لها؛ لأنَّه وبحسب اعتقادهم، قد أنزل الله حكماً خاصاً في هذه المسألة، ومع تعيين وصي وخليفة النبي عن طريق الوحي، لا يبقى مجال للشورى. وقد وضع بعض المفسرين من أهل السنة، كالزمخشري، مسألة الخلافة في نطاق الشورى، مستشهدين بقول عمر بن الخطاب إنَّ «الخلافة شورى».

اتباع النبي بنتائج المشاورة في القرار النهائي

ذهب البعض إنّ السبب في صدور الأمر إلى الرسول بمشاورة النّاس، كان لغرض احترام المسلمين وإشراكهم في المسائل الاجتماعية فقط، وذلك لأنَّ الذي ‌يعزم على الأمور في نهاية المطاف هو شخص الرسول وليس الشورى، ومن ناحية أخرى، فقد قيل أنه في نهاية الآية يتم تقديم النبي باعتباره صاحب القرار النهائي، وليس أنه يشاور الناس ثم يتجاهل آراءهم؛ لأنّه سيصبح سبباً لعدم احترام الرأي العام، ويؤدّي بالتالي إلى انزعاج المسلمين وترتُّب نتائج عكسية، ولا ينسجم هذا مع تاريخ النبي؛ لأنّه كان يشاور النّاس في الحوادث والملمات المهمّة، فإنّه كان يحترم آراء النّاس، حتى أنّه كان يتجاهل أحياناً وجهة نظره الكريمة، بهدف تقوية ودعم مبدأ المشاورة بينهم.

تشكيل الحكومة على أساس تعاليم المشاورة القرآنية

ومن وجهة نظر بعض المفكرين الإسلاميين، ومن بينهم السيد محمود الطالقاني ورشيد رضا، فإن تعاليم المشاورة في القرآن تعتبر المحتوى الأنسب لتشكيل حكومة إسلامية في العصر الجديد، ويمكنها إنهاء أزمات المجتمع الإسلامي. يرى الطالقاني مستشهداً بالآية 159 من سورة آل عمران، والآية 38 من سورة الشورى، والآية 233 من سورة البقرة، أنه عندما يجعل القرآن الشورى مبدأً في الأمور العائلية الصغيرة، فينبغي أن يكون كل بيت مركزاً للتشاور، ويسري هذا الأمر في إدارة المجتمع والدولة. ويذهب أيضاً إلى أن نظام الشورى ينفي الاستبداد من جهة، ويتوافق مع الديمقراطية من جهة أخرى، بل وأكثر من ذلك فهو يرى أن الديمقراطية تؤكد فقط على الجوانب المادية، في حين أن نظام الشورى الإسلامي؛ ولأنه يعتبر الإنسان خليفة الله، فينظر إلى المثل العليا للإنسان في ضوء الوحي له.

المصادر والمراجع

• القرآن الكريم.
• الزمخشري، محمود بن عمرو، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، بيروت، دار الكتاب العربي، ط3، 1407هـ.
• السبزواري، عبد الأعلى، مواهب الرحمن في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة أهل البيت(ع)، ط2، 1409 هـ.
• الطالقاني، محمود، تبيين رسالت براى قيام به قسط، طهران، شرکت سهامی انتشار، 1360 ش.
• الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط2، 1390 هـ.
• الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، تحقيق وتعليق: هاشم رسولي وفضل الله اليزدي، طهران، ناصر خسرو، ط3، 1372 ش.
• الطيب، عبد الحسين، اطيب البيان، طهران، إسلام، ط2، 1378 ش.
• خان محمدي، يوسف وجعفري، سيد نادر، «جایگاه شورا در حکومت اسلامی از دیدگاه محمد رشیدرضا و سید محمود طالقانی»، در فصلنامه سیاست متعالیه، العدد 22، 1397 ش.
• رضائي أصفهاني، محمد علي، تفسير قرآن مهر، قم، پژوهش‌های تفسیر وعلوم قرآن، 1387 ش.
• صادقي الطهراني، محمد، الفرقان في تفسير القرآن، قم، فرهنگ اسلامی، 1365 ش.
• مغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1424 هـ.
• مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، قم، مدرسة الإمام علي، ط1، 1426 هـ.
• مكارم الشيرازي، ناصر، نفحات القرآن، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب(ع)، ط1، 1426 هـ.