النيروز

النيروز أو النوروز هو اليوم الأول من شهر فروردين وبداية السنة الهجرية الشمسية، وهو عيد يحتفل به الإيرانيون. وقد ورد في المصادر الروائية الشيعية بعض الأحاديث في رفض النيروز وبعضها في تأييده. وفي رواية منسوبة إلى الإمام الصادق (ع)، تم ذكر آداب وأعمال خاصة لهذا اليوم، وقد أيّد بعض علماء الشيعة مثل العلامة المجلسي هذه الرواية، بينما رفضها آخرون مثل الحسيني الطهراني واعتبروا سندها ضعيفًا.

يُعتبر عيد النيروز أقدم رمز ثقافي لإيران. ويقترن هذا العيد بمجموعة من التقاليد والعادات الوطنية والقومية والدينية. كما يتم الاحتفاء به في دول أخرى أيضًا، وفي بعض الدول مثل إيران، يعتبر هذا اليوم عطلة رسمية. وتُقام مراسيم خاصة في بعض مناطق أفغانستان وباكستان، بناءً على الاعتقاد بأن الإمام علي (ع) تولى الخلافة في هذا اليوم. وفي إيران، يتوجه بعض الناس إلى العتبات المقدسة ومزارات أخرى أثناء لحظة حلول السنة الجديدة.

تعريف النيروز وأهميته

يُطلق على اليوم الأول من فروردين، الذي يتزامن مع بداية السنة الهجرية الشمسية وبداية فصل الربيع، اسم "النيروز". وبحسب بعض المؤرخين يعود أصل النيروز إلى أول الملوك الإيرانيين، بينما يعتبره آخرون جزءًا من معتقدات الديانة الزرادشتية؛ ولهذا السبب يُعرف أيضًا بأنه عيد الزرادشتيين. في المقابل، يعتبره البعض عيدًا وطنيًا وطقسًا إيرانيًا قديمًا، حيث يُعتبر أقدم رمز ثقافي لإيران وأكبر عيد وطني للإيرانيين.

مراسم رفع العلم في مزار الإمام علي (ع) بمزار شريف في اليوم الأول من شهر فروردين

وقد ورد في المصادر الحديثية الشيعية أحاديث تؤيد النيروز وتذكر أعمالًا خاصة لهذا اليوم. كما يُعتبر النيروز رمزًا للتنوع الثقافي الإيراني وفرصة للتعايش بين مختلف الثقافات، حيث يشارك فيه أفراد من خلفيات مختلفة مثل الزرادشتيين والشيعة وأهل السنة والمسيحيين وغيرهم، بمقدساتهم وكتبهم واهتماماتهم المتنوعة. ويُذكر أن الحكام كانوا يجمعون الهدايا والضرائب من الناس خلال أيام النيروز، وفي بعض الفترات، كان يتم تعيين المسؤولين الحكوميين من قبل الملك خلال هذه الأيام.

يُحتفل بعيد النوروز بين دول وشعوب مختلفة، وفي بعض الدول يُعتبر عطلة رسمية. وقد أدرجت الجمعية العامة للأمم المتحدة النيروز ذو الأصول الإيرانية في تقويمها الرسمي. بالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل الطقوس القديمة لعيد النيروز كتراث ثقافي غير مادي متعدد الجنسيات في الثامن من مهر 1388ش (30 سبتمبر 2009م) خلال اجتماع لجنة اليونسكو الدولية لحماية التراث الثقافي غير المادي، بمشاركة إيران وعدة دول أخرى مثل أذربيجان والهند وقيرغيزستان.

طقوس النيروز

لطالما ارتبط النيروز بتقاليد وعادات قديمة. وتشمل الاستعدادات للاحتفال بالنوروز -والتي تبدأ قبل فترة طويلة من العيد- تنظيف المنزل، وارتداء الملابس الجديدة، وزراعة نباتات خضراء تُزرع خصيصًا للعيد، وإعداد سفرة السينات السبع (بالفارسية: سفرة هفت سين) وهي مائدة أو طاولة تحتوي على سبعة أشياء تبدأ بحرف السين، ووضع القرآن على المائدة، وإعطاء هدايا مالية (بالفارسية: عيدي)، وزيارة المقابر، وتقديم الصدقات لإسعاد أرواح الموتى في آخر خميس من السنة. ومن بين التقاليد الأخرى الشائعة في النوروز، تبادل الزيارات وصلة الأرحام.

مراسم رفع العلم في النيروز

رفع العلم في اليوم الأول من عيد النوروز في باراجنار

في أفغانستان ومدينة باراجنار الباكستانية، يعتقد الناس بناءً على روايات من الأئمة أن الإمام علي (ع) تولّى الخلافة في يوم النيروز، ولذلك يحتفلون بذكرى خلافة الإمام علي (ع) برفع الأعلام في هذا اليوم. تُقام هذه المراسم في مزار الإمام علي (ع) في مزار شريف بأفغانستان، وفي مزار منسوب للإمام علي (ع) في باراتشنار بباكستان.

حضور الناس في الأماكن الدينية

يتوجه بعض الناس إلى حرم الأئمة أو مزارت أخرى أثناء لحظة حلول السنة الجديدة. وفي عهد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يصدر قائد البلاد رسالة بمناسبة النيروز. كما يلقي آية الله الخامنئي خطابًا كل عام في يوم النيروز في حرم الإمام الرضا (ع).^{[بحاجة لمصدر]}

الأحاديث في تأييد أو رفض النيروز

في المصادر الروائية الشيعية، توجد مجموعتان من الأحاديث حول النيروز. وفقًا لرواية منسوبة إلى الإمام الصادق (ع) نقلها مُعلّى بن خُنَيس، يؤيد الإمام عيد النيروز، ويوصي بالاغتسال، وارتداء أفضل الثياب، والصيام وصلاة خاصة، في هذا اليوم. كما نقل العلامة المجلسي رواية تفيد أن الإمام الصادق (ع) اعتبر النيروز يومًا شهد أحداثًا دينية مهمة؛ مثل واقعة غدير خم وأول يوم طلعت فيه الشمس. في المقابل، توجد رواية منسوبة إلى الإمام موسى الكاظم (ع) ترفض النيروز، ولا تعتبره من السنن المقبولة في الإسلام.

وقام بعض الباحثين بدراسة هاتين المجموعتين من الأحاديث من حيث السند والمتن. ويعتبر العلامة المجلسي أن رواية تأييد النيروز أقوى وأشهر، ويحتمل أن رواية الرفض قد صدرت بدافع التقيّة. كما اعتبر الإمام الخميني الاغتسال والصيام في عيد النيروز من المستحبات. ومع ذلك، يرى السيد محمد حسين الطهراني أن ما اشتهر حول النيروز من أنّ الإسلام أقرّه وأوصى بالاغتسال والصلاة والدعاء عند تحويل الشمس إلى برج الحَمَل غير صحيح، ويعتبر الاحتفال به بدعة، كما يرى أن رواية مُعلّى بن خُنَيس ضعيفة السند.

موقف أهل السنة من النيروز

ويعتبر بعض علماء أهل السنة الاحتفال بالنيروز وإعطاء الهدايا فيه حرامًا. ويعتقد بعضهم أن من يحتفل بالنيروز ويعطي الهدايا بعد خمسين عامًا من العبادة، فإنه يكفر ولا تنفعه أعماله. كما اعتبرت حركة طالبان خلال فترة حكمها الأولى في أفغانستان أن النيروز بدعة وحرام، ومنعت الاحتفال به.

وبحسب بعض الباحثين يجب أن يُحتفى بعيد النوروز لأنه يرتبط بأعمالٍ مثل تقديم الهدايا، وصلة الأرحام، واحترام الكبار، واللطف مع الصغار، والنظافة والأناقة، وهي أمور تُقَرُّها العقول وتوافقها الشرائع.

رواية ناصر الدين شاه القاجاري عن ليلة القدر وحلول سنة 1274ش:

---

بما أن هذه الليلة هي ليلة عيد النيروز،
وهي أيضًا ليلة 23 من رمضان وليلة الإحياء وليلة القدر؛
كان الناس مشغولين بالصلاة والدعاء.
كنا نقرأ سورة الروم وسورة العنكبوت وسورة الدخان،
وعندما كنا في منتصف القراءة، حضر نائب السلطنة.
بعد أن انتهينا، ذهبنا إلى غرفة المتحف.

آداب النيروز الدينية

في كتاب وسائل الشيعة، تم تخصيص باب خاص للأحاديث المتعلّقة بالنيروز. يحتوي هذا الباب على روايات حول آداب هذا اليوم؛ مثل الاغتسال والصيام وارتداء الثياب النظيفة والتعطّر. ونقل العلامة المجلسي دعاءً خاصًا لحلول السنة الجديدة:

«يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصَارِ، يَا مُدَبِّرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، يَا مُحَوِّلَ الْحَوْلِ وَالْأَحْوَالِ، حَوِّلْ حَالَنَا إِلَى أَحْسَنِ الْحَالِ».

كما نقل دعاءً آخر للنيروز:

«اللَّهُمَّ هَذِهِ سَنَةٌ جَدِيدَةٌ وَأَنْتَ مَلِكٌ قَدِيمٌ، أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَأَسْتَكْفِيكَ مَؤُنَتَهَا وَشُغْلَهَا، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ».

وذُكرت صلاة خاصة مكونة من ركعتين في المصادر لعيد النيروز. ويعتقد بعض الباحثين أن النيروز لا يتمتع بخصوصية تبرّر وجود آداب وأعمال خاصة له، بل إنّ التوصية بالصلاة والصيام في هذا اليوم تهدف إلى صرف الناس عن الأعمال التافهة والعبثية.

النيروز في الشعر العربي

وقد أشار بعض الشعراء العرب إلى النيروز في أشعارهم،‌ منها ما أنشده أبو نواس:

يباكرنا النوروز في غَلَس الدجى

بنور من الأغصان كالأنجم الزهر

وقال أبو الطيب المتنبّي:

جاءَ نَيروزُنا وَأَنتَ مُرادُه

وَوَرَت بِالَّذي أَرادَ زِنادُه

ووصف الوليد البحتري الربيع بقوله:

وقد نبّه النوروز في غسق الدجى

أوائل ورد كُن بالأمس نوّما