القتل الرحيم
هذه مقالة أو قسم تخضع لتحريرٍ مُكثَّفٍ في الفترة الحالية لفترةٍ قصيرةٍ. إذا كانت لديك استفسارات أو ملاحظات حول عملية التطوير؛ فضلًا اطرحها في صفحة النقاش قبل إجراء أيّ تعديلٍ عليها. فضلًا أزل القالب لو لم تُجرَ أي تعديلات كبيرة على الصفحة في آخر شهر. M.moujir (نقاش) • مساهمات • انتقال 25 نوفمبر 2024 |
القتل الرحيم أو الموت الرحيم هو انتحار أو قتل متعمد لشخص بدافع الشفقة والرحمة بسبب وجود مرض مستعصي. يُمارس الموت الرحيم عادةً باستخدام مادة قاتلة أو بترك الرعاية الطبية الضرورية. يُعدّ هذا الموضوع من المسائل الفقهية المستحدثة. يعتقد الفقهاء أن الانتحار حرام حتى في حالة وجود مرض مستعصي. يُطلق على القتل الرحيم الذي يتم بواسطة الطبيب أو شخص آخر اسم القتل الرحيم المباشر، والذي ينقسم إلى نوعين: النشط (استخدام مادة قاتلة بواسطة شخص آخر) والسلبي (ترك علاج المريض).
إذا سمح المريض بالموت الرحيم، فهناك اختلاف في الرأي حول ما إذا كان يستوجب القصاص أو الدية. وفقًا لاستفتاءات بعض الفقهاء المعاصرين من الشيعة، فإن القتل الرحيم النشط حرام، ويثبت حق القصاص أو الدية لورثة المتوفى. یرى البعض أن الموت الرحیم السلبي بمعنى وقف علاج المريض الذي لا أمل في شفائه حرام أيضًا، ولكن هناك اختلاف رأي بين الفقهاء حول لزوم القصاص أو دفع الدية.
مفهوم الموت الرحيم ومكانته
الموت الرحيم يعني الانتحار أو القتل المتعمد لشخص بدافع الشفقة والرحمة بسبب وجود مرض مستعصي، باستخدام مادة قاتلة أو بترك الرعاية اللازمة والضرورية.[١] في الكتب الفقهية القديمة لدى الشيعة (في حياة الشيخ الطوسي وما قبلها)، رغم التطرق إلى حرمة قتل النفس أو قتل شخص يرضى بموته، إلا أنه لم يتم التطرق إلى أحكام الموت الرحيم.[٢] بناءً على ذلك، يُعد هذا الموضوع من المسائل الفقهية المستحدثة.[٣] يُناقش الفقهاء القتل الرحيم بمعزل عن موضوع الموت الدماغي، لذا قد يرى الفقيه جواز فصل الأجهزة عن مريض موت دماغي أو مريض في غيبوبة ولا أمل في علاجه، بينما يحرّم نفس الفقيه القتل الرحيم السلبي، أي ترك العلاج بدافع الشفقة.[٤]
أقسام الموت الرحيم
يتم تصنيف الموت الرحيم إلى نوعين مباشر وغير مباشر. في الموت الرحيم غير المباشر، يُعطى المريض الخيار لإنهاء حياته بتناول أدوية تؤدي إلى الوفاة.[٥] أما الموت الرحيم المباشر هو إنهاء حياة المريض بواسطة شخص آخر غير المريض نفسه.[٦] يُطلق على الموت الرحيم المباشر الذي يتمثل في مجرد التوقف عن العلاج والمعالجة اسم الموت الرحيم السلبي، أما إذا تم عن طريق حقن دواء يؤدي إلى وفاة المريض، فيُسمى بالموت الرحيم النشط.[٧]
الحكم التكليفي للقتل الرحيم
تختلف آراء فقهاء الشيعة حول الحكم التكليفي للقتل الرحيم بناءً على تقسيمه إلى نشط، سلبي وغير مباشر. وفقًا لآراء الفقهاء مثل حسين علي المنتظري ومحمد فاضل اللنكراني، يُعتبر القتل الرحيم غير المباشر انتحارًا ويُحرَّم.[٨]
استند الفقهاء في تحريم القتل الرحيم النشط إلى الأدلة المطلقة على تحريم قتل النفس من الآيات والروايات، والأدلة التي تُشير إلى وجوب إنقاذ النفس المحترمة. هذه الأدلة تأتي أيضًا في تحريم القتل الرحيم السلبي[٩] ومع ذلك، في جميع الحالات، وفقًا لآراء الفقهاء، فإن إذن ورضا المريض على تنفيذ القتل الرحيم لا يؤثر في تغيير الحكم التكليفي، أي حكم التحريم:[١٠]
- حكم القتل الرحيم النشط: وفقًا لاستفتاءات بعض فقهاء الشيعة المعاصرين، يُعد القتل الرحيم النشط (القتل بدافع الشفقة بواسطة الطبيب) قتلًا محرمًا، ويعتقدون أن إنقاذ النفس المحترمة من الموت واجب.[١١]
- حكم القتل الرحيم السلبي: يعتقد كثير من الفقهاء أن القتل الرحيم السلبي (التوقف عن علاج المريض الذي لا علاج له والذي يعاني من مرضه) حرام.[١٢] في مقابل هذا الرأي، لا يرى بعض الفقهاء مثل الميرزا جواد التبريزي أن الاستمرار في العلاج في هذه الظروف واجبًا.[١٣] كما أن آية الله الخامنئي والسيد أبو القاسم الخوئي لا يعتبران حفظ حياة المريض المحتضر الذي لا أمل في علاجه واجبًا، وبالتالي، بحسب رأيهما، فإن الامتناع عن علاج هذا المريض ليس حرامًا.[١٤]
الحكم الوضعي للقتل الرحيم
يشمل الحكم الوضعي للقتل الرحيم ضمان القصاص أو الدية التي قد تترتب على المنفذ، وتختلف وجهات نظر الفقهاء حول ذلك:
القتل الرحيم السلبي
وفقًا لرأي العلامة الحلي وصاحب الجواهر، إذا شاهد شخص إنسانًا على وشك الهلاك وكان قادرًا على إنقاذه ولم يفعل، فإنه يرتكب ذنبًا ولكن لا يترتب عليه دفع الدية أو القصاص.[١٥] بناءً على ذلك، إذا لم يُعالِج الطبيب مريضًا وتوفي المريض نتيجة ترك العلاج، فإن الطبيب يرتكب ذنبًا ولكنه لا يكون ضامنًا، وورثة المتوفى ليس لهم حق في القصاص أو الدية.[١٦]
القتل الرحيم النشط
إذا أقدم طبيب أو أي شخص آخر على قتل مريض لا علاج له يعاني من مرضه، دون موافقته وبشكل متعمد، حتى لو كان بدافع الشفقة والرحمة، فإنه يُعتبر قتلًا عمدًا وتترتب عليه كافة عناصر القتل العمد، ويحق لولي القتيل المطالبة بالقصاص أو الدية.[١٧]
القتل الرحيم غير المباشر
في الحكم الوضعي للقتل الرحيم غير المباشر، يوجد اختلاف في آراء الفقهاء بناءً على إذن المريض ورضاه أو عدم إذنه ورضاه.
- سقوط حق القصاص والدية: وفقًا لآراء فقهاء مثل السيد عبد الأعلى السبزواري والإمام الخميني، إذا أذن المقتول ورضى بقتله، فإنه يسقط حق القصاص والدية.[١٨] كما يعتقد السيد محمد صادق الروحاني أن الإنسان مالك لروحه وأعضائه وأفعاله، وبالتالي إذا أذن ورضى بهلاك وقتل نفسه، يسقط حق القصاص والدية.[١٩]
- عدم سقوط حق القصاص والدية: بعض الفقهاء مثل السيد أبو القاسم الخوئي والميرزا جواد التبريزي وجعفر السبحاني يعتبرون أن رضا وإذن المقتول بقتله لا يُسقط حق القصاص والدية،[٢٠] لأن الإنسان، خلافًا لما يحدث في الأمور المالية، لا يملك الحق في إهلاك نفسه بحيث يسقط ضمانه بإذنه.[٢١]
الهوامش
- ↑ يزدانيفر، «اتانازی از منظر فقه و حقوق»، 1393ش، ص 28.
- ↑ المحقق الحلي، «شرائع الإسلام»، 1408ه، ج 4، ص 180.
- ↑ خدايار، حسين، سعدي، حسين علي، «استناد به قاعده اذن برای مشروعیت اتانازی داوطلبانه فعال»، ص 36.
- ↑ للنموذج انظر: مكارم الشيرازي، «استفتائات جدید»، 1427ه، ج 1، ص 479-480؛ الخوئي التبريزي، «الأحكام الجامعة لمسائل الطب»، ص 280؛ الخوئي، «فقه الأعذار الشرعية والمسائل الطبية»، ص 198.
- ↑ القاسمي، «موسوعة الفقه الطبي»، 1395ش، ج 3، ص 323.
- ↑ صادقي، «بررسی فقهی و حقوقی اتانازی»، ص 103.
- ↑ القاسمي، «موسوعة الفقه الطبي»، 1395ش، ج 3، ص 323.
- ↑ المنتظري، «أحكام طبية»، ص 123؛ القاسمي، «موسوعة الفقه الطبي»، ج 3، ص 303.
- ↑ مكارم الشيرازي، «استفتائات جديد»، 1427ه، ج 1، ص 479؛ مرتضوي، «قتل از روی ترحم (اتانازی) در آینه فقه»، ص 92.
- ↑ اللنكراني، «أحكام المرضى والأطباء»، ص 152؛ مكارم الشيرازي، «استفتائات جدید»، 1427ه، ج 1، ص 479.
- ↑ المنتظري، «أحكام طبية»، ص 122؛ اللنكراني، «أحكام المرضى والأطباء»، ص 152؛ مكارم الشيرازي، «استفتائات جدید»، 1427ه، ج 1، ص 479؛ مكارم الشيرازي، «أحكام طبية»، ص 116؛ الخوئي والتبريزي، «الأحكام الجامعة لمسائل الطب»، ص 280-281؛ صافي الكلبيكاني، «استفتائات طبية»، ص 100؛ علوي الكركاني، «استفتائات طبية»، ص 40؛ القاسمي، «موسوعة الفقه الطبي»، ج 3، ص 305.
- ↑ صافي الكلبيكاني، «استفتائات طبية»، ص 100؛ مكارم الشيرازي، «استفتائات جديد»، 1427ه، ج 1، ص 479؛ المنتظري، «أحكام طبية»، ص 122.
- ↑ الخوئي والتبريزي، «الأحكام الجامعة لمسائل الطب»، ص 281.
- ↑ «احكام اتانازی (قتل از روی ترحم)»، موقع مكتب السيد الخامنئي؛ الخوئي، «فقه الأعذار الشرعية والمسائل الطبية»، ص 198.
- ↑ العلامة الحلي، «تحرير الأحكام»، ج 5، ص 551؛ النجفي، «جواهر الكلام»، ج 43، ص 153.
- ↑ الأنصاري القمي، «قتل از روی ترحم»، ص 141.
- ↑ صافي الكلبيكاني، «استفتائات طبية»، ص 100؛ الأنصاري القمي، «قتل از روی ترحم»، ص 138.
- ↑ السبزواري، «مهذب الأحكام»، ج 28، ص 199؛ الخميني، «تحرير الوسيلة»، ج 2، ص 489.
- ↑ الروحاني، «فقه الصادق»، ج 26، ص 34.
- ↑ الخوئي، «مباني تكملة المنهاج»، ج 42، ص 18؛ التبريزي، «تنقيح مباني الأحكام»، ص 47-48؛ السبحاني، «أحكام القصاص في الشريعة الإسلامية الغراء»، ص 93.
- ↑ الخوئي، «مباني تكملة المنهاج»، ج 42، ص 18؛ التبريزي، «تنقيح مباني الأحكام»، ص 47-48؛ السبحاني، «أحكام القصاص في الشريعة الإسلامية الغراء»، ص 93.
المصادر
- الأنصاري، محمد رضا، «قتل از روی ترحم»، مجلة فقه أهل البيت (ع)، العدد 43، خريف 1384ش.
- «احکام اتانازی (قتل از روی ترحم)»، موقع مكتب السيد الخامنئي، تاريخ الزيارة: 30 مهر 1401ش.
- التبريزي، الميرزا جواد، تنقيح مباني الأحكام (قصاص شرايع الإسلام)، قم، دار الصديقة الشهيدة، الطبعة الثالثة، 1429ه.
- خدايار، حسين، سعدي، حسين علي، «استناد به قاعده اذن برای مشروعیت اتانازی داوطلبانه فعال»، الفقه الطبي، العدد 5-6، 1390ش.
- الخوئي، السيد أبو القاسم؛ التبريزي، الميرزا جواد، الأحكام الجامعة لمسائل الطب، قم، دار الصديقة الشهيدة، الطبعة الأولى، 1432ه.
- الخوئي، السيد أبو القاسم، فقه الأعذار الشرعية والمسائل الطبية، قم، دار الصديقة الشهيدة، 1422ه.
- الخوئي، السيد أبو القاسم، مباني تكملة المنهاج، قم، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، بدون تاريخ.
- الخميني، السيد روح الله، تحرير الوسيلة، طهران، مركز تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1434ه.
- الروحاني، السيد محمد صادق، فقه الصادق، قم، انتشارات الاجتهاد، بدون تاريخ.
- السبحاني، جعفر، أحكام القصاص في الشريعة الإسلامية الغراء، قم، مؤسسة الإمام الصادق (ع)، بدون تاريخ.
- السبزواري، السيد عبد الأعلى، مهذب الأحكام، قم، دار التفسير، بدون تاريخ.
- صادقي، محمد هادي، «دراسة فقهية وقانونية للقتل الرحيم»، الدراسات القانونية، العدد 2، شهريور 1394ش.
- صافي الكلبيكاني، لطف الله، استفتاءات طبية، قم، مكتب تنظيم ونشر آثار آية الله صافي الكلبيكاني، 1395ش.
- العلامة الحلي، حسن بن يوسف، تحرير الأحكام، قم، مؤسسة الإمام الصادق (ع)، 142ه.
- علوي الكركاني، السيد محمد علي، استفتاءات طبية، قم، فقيه أهل البيت (ع)، 1396ش.
- اللنكراني، محمد فاضل، أحكام المرضى والأطباء، قم، مركز فقهي الأئمة الأطهار (ع)، الطبعة الأولى، 1427ه.
- القاسمي، محمد علي، موسوعة الفقه الطبي، قم، مركز فقهي الأئمة الأطهار (ع)، 1395ش.
- مرتضوي، السيد محسن، «قتل از روی ترحم (اتانازی) در آینه فقه»، قم، مؤسسة الإمام الخميني، 1395ش.
- مكارم الشيرازي، ناصر، أحكام طبية، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، 1429ه.
- النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة السابعة، 1362ش.
- مكارم الشيرازي، ناصر، استفتاءات جديدة، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، الطبعة الثانية، 1427ه.
- المحقق الحلي، جعفر بن حسن، شرائع الإسلام، قم، مؤسسة إسماعيليان، الطبعة الثانية، 1408ه.
- المنتظري، حسين علي، أحكام طبية، طهران، نشر سايه، 1381ش.
- يزداني فر، صالحة، «اتانازی از منظر فقه و حقوق»، قم، مكتب نشر المعارف، 1393ش.