التفسير التطبيقي
| |
| |
| |
| |
التفسير التطبيقي، هو منهج تفسيري للقرآن الكريم يتم فيه التعبير عن تعاليم ومضامين القرآن بطريقة عملية،[١] فوفقاً لبعض المحققين هناك مجموعة من القواعد العامة في القرآن التي تنطبق على موارد جزئية أخرى مذكورة فيه،[٢] والانسجام التام بين هذه القواعد العامة وحالاتها الجزئية يدلّ على وحدة القرآن.[٣]
ويعدّ الغرض من التفسير التطبيقي هو تكييف القواعد والأسس المتحصّلة من القرآن مع حياة الإنسان حتى يتمكّن من تحديد الطريق والنهج والمعتقد الأنسب لاحتياجاته،[٤] فالتفسير التطبيقي يضع ذلك كله في متن الحياة من خلال توجيه القواعد الكلية في الآيات؛ لذلك تختلف طريقة التفسير هذه عن التفسير الحديث (العصري)؛ إذ إن التفسير الحديث يفسّر القرآن باستخدام المعرفة الجديدة مستفيداً من التعابير المعاصرة، في حين ينظر التفسير التطبيقي إلى مضامين الآيات ويعمل على توجيهها بما يناسب احتياجات الإنسان العملية.[٥]
وبحسب بعض الروايات كان التطبيق العملي للقرآن وسريانه في جميع الأزمنة سبباً في حفظ القرآن،[٦] ويعتقد السيد محمد حسين فضل الله مؤلف تفسير "من وحي القرآن" أن معظم التفسيرات المنقولة عن الأئمة هي تفسيرات تطبيقية يتم فيها تكييف المعنى الظاهر للآيات مع الواقع الخارجي.[٧]
ولهذا المنهج التفسيري سابقة عند المسيحيين حيث ألفت بعض الكتب التي تكيّف آيات الإنجيل مع الواقع الحياتي المعاصر.[٨]
يعتبر التفسير التطبيقي شائعاً بين المفسرين،[٩] وقد يشير البعض إليه بعنوان "الجري والتطبيق"،[١٠] ومن التفاسير التي ألفت على ضوء هذا المنهج تفسير النور تأليف محسن قراءتي، وتفسير راهنما لأكبر هاشمي رفسنجاني،[١١] وتفسير روز ليحيى يثربي.[١٢] كما خصص غالب حسن الفصل الأول من كتابه "مداخل جديدة للتفسير" بالتفسير التطبيقي، حيث بحث في ذلك الفصل تطبيق سبع قواعد كلية من القواعد القرآنية على قواعد جزئية أكثر تفصيلاً منها.[١٣]
استدل بالكثير من الروايات على مشروعية التفسير التطبيقي،[١٤] ووفقاً لتلك الروايات فإن الآيات القرآنية ليست مختصة ببعض الناس، بل هي سيّالة في جميع الأماكن والأزمان،[١٥] واستدل السيد محمد حسين فضل الله على مشروعية التفسير التطبيقي بكون المضامين الواردة في القرآن عبارة عن حقائق لا تتغير بمرور الوقت، فعلى سبيل المثال: يعتقد فضل الله بأن الناس في سورة البقرة ينقسمون إلى ثلاث مجموعات هم المؤمنون والكفار والمنافقون، وهذا الانقسام ليس خاصاً بفترة تاريخية معيّنة، وإنما هو مستمر في جميع الأوقات.[١٦]
وقد أشار بعض العلماء أيضاً إلى أن خلود القرآن دليل على صحة ومشروعية التفسير التطبيقي؛ إذ إن خلود القرآن لا يقتصر على حفظه من التحريف والاندثار، بل يدلّ أيضاً على وجود تطبيقات موضوعية له في كل الأزمان والتي تكشف بدورها عن قيمته الجوهرية؛[١٧] ولهذا السبب على الرغم من مرور وقت طويل على نزول القرآن، إلا أننا نجد المعطيات العلمية متماشية مع آيات القرآن.[١٨]
الهوامش
- ↑ أيازي، «تفسير تطبيقي»، ص641.
- ↑ حسن، مداخل جديدة للتفسير، 1424هـ، ص11.
- ↑ حسن، مداخل جديدة للتفسير، 1424هـ، ص11.
- ↑ أيازي، مباني ومناهج تفسير القرآن الكريم، 1388ش، ص249.
- ↑ أيازي، «تفسير تطبيقي»، ص641.
- ↑ العياشي، تفسير العياشي، 1380هـ، ج2، ص204.
- ↑ فضل الله، الندوة، 1418هـ، ج7، ص448.
- ↑ شركة ماستر ميديا، التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، 1997م، مقدمة الكتاب.
- ↑ أيازي، تفسير القرآن المجيد المأخوذ من آثار الإمام الخميني (ره)، 1386ش، ج1، ص392.
- ↑ فضل الله، فی رحاب أهل البيت(ع)، 1419هـ، ج1، ص66-67.
- ↑ أيازي، «التفسير التطبيقي»، ص641.
- ↑ مطهري، «تفسير روز»، ص36.
- ↑ حسن، مداخل جديدة للتفسير، 1424هـ، ص11-30.
- ↑ فضل الله، الإجتهاد بين أسر الماضي وآفاق المستقبل، 2009م، ص299.
- ↑ انظر: البرقي، المحاسن، 1371هـ، ج1، ص289؛ الصفار، بصائر الدرجات، 1404هـ، ج1، ص31؛ الكوفي، تفسير فرات الكوفي، 1410هـ، ص138-139؛ العياشي، تفسير العياشي، 1380هـ، ج1، ص11؛ و ج2، ص203-204؛ الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، 1403هـ، ص259.
- ↑ فضل الله، الإجتهاد بين أسر الماضي وآفاق المستقبل، 2009م، ص299.
- ↑ حسن، مداخل جديدة للتفسير، 1424هـ، ص9.
- ↑ حسن، مداخل جديدة للتفسير، 1424هـ، ص9-10.
المصادر والمراجع
- أيازي، السيد محمد علي، «التفسير التطبيقي»، في المجلد الأول من موسوعة "قرآن و قرآن پژوهي"، طهران، دوستان و ناهيد، 1377ش.
- أيازي، السيد محمد علي، تفسير القرآن المجيد المأخوذ من آثار الإمام الخميني(ره)، طهران، عروج، 1386ش.
- أيازي، السيد محمد علي، مباني ومناهج تفسير القرآن الكريم، طهران، جامعة آزاد، 1388ش.
- البرقي، أحمد بن محمد بن خالد، المحاسن، قم، دار الكتب الإسلامية، 1371ش.
- حسن، غالب، مداخل جديدة للتفسير، بيروت، دار الهادي، 1424هـ.
- شركة ماستر ميديا، التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، القاهرة، شركة ماستر ميديا، 1997م.
- الشيخ الصدوق، محمد بن علي، مَعاني الأخبار، قم، دفتر انتشارات إسلامي، 1403هـ.
- الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات في فضائل آل محمد(ع)، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، 1404هـ.
- عسكري، و شاكر، «تفسیر تطبیقی، معنایابی و گونهشناسی»، في مجلة دراسات في التفسير التطبيقي، العدد 2، آبان 1394ش.
- العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي، طهران، المطبعة العلمية، 1380هـ.
- فضل الله، السيد محمد حسين، الاجتهاد بين أسر الماضي و آفاق المستقبل، بيروت، المركز الثقافي العربي، 2009م.
- فضل الله، السيد محمد حسين، الندوة، بيروت، دار الملاك، 1418هـ.
- فضل الله، السيد محمد حسين، في رحاب اهل البيت(ع)، بيروت، دار الملاك، 1419هـ.
- الکوفي، فرات، تفسير فرات الكوفي، طهران، مطبعة وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامية، 1410هـ.
- مطهري، فرشته، «تفسير روز»، في مجلة قمر الدين، العدد 146، آذر 1388ش.