العدوان الإسرائيلي على لبنان 2024م هو عدوان بدأت به قوات الجيش الإسرائيلي في 23 من شهر سبتمبر/أيلول عام 2024م، واستهدف مختلف المناطق اللبنانية بقصف جوي عنيف، الأمر الذي أدى إلى سقوط مئات الضحايا وآلاف الجرحى من المدنيين الأبرياء وعدد من مقاتلي حزب الله اللبناني. وكانت إسرائيل قد أطلقت على عمليتها اسم "سهام الشمال"، والتي تهدف إلى ثني حزب الله عن إسناد حركات المقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى، وإعادة عشرات آلاف المستوطنين الصهاينة الذين نزحوا من شمال إسرائيل نتيجة ضربات حزب الله المستمرة.

العدوان الإسرائيلي على لبنان 2024م
من النزاعات بين حزب الله وإسرائيل
خطأ في إنشاء صورة مصغرة:
صورة لغارة إسرائيلية على جنوب لبنان
التاريخ 23 من شهر سبتمبر/أيلول عام 2024م
الموقع ضاحية بيروت وجنوب لبنان وبعلبك
النتيجة
سبب المعركة معركة طوفان الأقصى
المتحاربون
حزب الله إسرائيل
القادة
حسن نصر الله بنيامين نتنياهو
الخسائر
أكثر من 500 وفاة وأكثر من 2000 جريح من اللبنانيين

وقابل حزب الله هذه الغارات بموجات من الضربات الصاروخية استهدفت مختلف القواعد العسكرية الإسرائيلية في شمال الكيان المحتل. غير أنّ إسرائيل فرضت تعتيماً إعلامياً كبيراً على تغطية نتائج ضربات حزب الله. ومنعت العديد من الوسائل الإعلامية من العمل بشكل حر ومستقل في إسرائيل.

أثارت هذه الغارات موجة من الإدانات المحلية والإقليمية والدولية، خوفاً من أن تؤدي إلى انجرار منطقة الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية كبيرة. وطالبت العديد من الدول والجهات الرسمية إسرائيل وحزب الله بالامتناع عن التصعيد. فيما أصرت إسرائيل على مطالبها بعودة نازحي الشمال إلى بيوتهم، الأمر الذي ربطه حزب الله بإيقاف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي راح ضحيتها عشرات آلاف الضحايا وأكثر من مئة ألف جريح، فضلاً عن تدمير البنية التحتية وجميع أشكال الحياة بشكل شبه كامل في القطاع.

سياقات العدوان ومقدماته

في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023م أعلنت حركة حماس في قطاع غزة عن عملية طوفان الأقصى من خلال اقتحامها لمستوطنات غلاف القطاع وخطف عدد من الأسرى الإسرائيليين بهدف إجبار الاحتلال على إجراء عملية تبادل للأسرى الفلسطينيين الذي يقبعون في سجون الاحتلال لمدة طويلة من الزمن،[١] الأمر الذي أدى إلى إعلان إسرائيل عن عملية عسكرية في القطاع تهدف إلى القضاء على حركة حماس وإعادة أسراها.[٢] فأعلن حزب الله اللبناني بدوره بعد يوم واحد عن فتح جبهة إسناد للمقاومة الفلسطينية في القطاع عبر إشغال الجيش الإسرائيلي بقصف ممنهج على شمال إسرائيل.[٣]

أدت عمليات حزب الله في شمال الكيان المحتل إلى موجات من النزوح من قبل المستوطنين الإسرائيليين الذي لجأوا إلى وسط إسرائيل،[٤] ومع استمرار الحرب عدة أشهر بدأت إسرائيل تشعر بالتكلفة الاقتصادية الثقيلة لهؤلاء النازحين،[٥] فضلاً عن تعطيل كافة أشكال الحياة شمال إسرائيل، والخسائر التي أصابت الجيش الإسرائيلي جراء استهدافات حزب الله.[٦] فقررت الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو التوجه نحو الشمال وإطلاق عملية عسكرية كبيرة ضد حزب الله، تهدف إلى إجبار الحزب على التخلي عن دعم وإسناد فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وكذلك إعادة المستوطنين إلى مساكنهم شمال إسرائيل.[٧] وأعلنت إسرائيل إطلاق اسم "سهام الشمال" على عمليتها العسكرية هذه،[٨] في حين رأى مراقبون ومحللون أنه يمكن تسمية هذه المعركة بـ "حرب لبنان الثالثة".[٩]

مقدمات العدوان

في 17 أيلول/سبتمبر 2024م دوت أصوات انفجارات متعددة في أنحاء متفرقة من لبنان إضافة إلى بعض المناطق السورية، تبيّن فيما بعد أنها عمليات تفجير لأجهزة استقبال وإرسال تعرف بالبيجر والتي يستخدمها حزب الله في التواصل بين مختلف العاملين في القطاعات الأمنية والاجتماعية والصحية، وراح ضحية هذه التفجيرات 12 شهيداً ومئات الجرحى.[١٠] وفي اليوم التالي 18 أيلول أعادت إسرائيل استهداف وسائل الاتصال لدى حزب الله عبر تفجير أجهزة اللاسلكي أو ما يُعرف بالووكي توكي مخلفة ما لا يقل عن 20 شهيداً ومئات من الجرحى بينهم نساء وأطفال.[١١] ونفت إسرائيل مسؤوليتها عن هذين الهجومين رغم أنّ جميع الدلالات والمؤشرات تؤكد وقوفها وراء هذه الانفجارات.[١٢] واتهم حزب الله إسرائيل بالمسؤولية الكاملة عما جرى وتوعدها بالحساب العسير.[١٣]

ولما كان لبنان مشغولاً بتشييع القتلى ومداواة الجرحى إثر هذين التفجيرين هز انفجار عنيف الضاحية الجنوبية لبيروت عصر يوم الجمعة 20 أيلول/سبتمبر 2024م مخلفاً عشرات الشهداء والجرحى، ليتبيّن فيما بعد أنّ إسرائيل استهدفت اجتماعاً لقادة عسكريين في حزب الله فيما يُعرف بقوة الرضوان.[١٤] وسقط في هذا الهجوم القياديان البارزان في حزب الله إبراهيم عقيل وأحمد وهبي ومجموعة من مقاتلي حزب الله،[١٥] مضافاً للعديد من المدنيين الأبرياء.[١٦] وفي 22 أيلول أعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال مراسم تشييع جنازة القائد إبراهيم عقيل عن إطلاق معركة بعنوان (معركة الحساب المفتوح) مع كيان الاحتلال،[١٧] بعد أن أطلق حزب الله صبيحة ذلك اليوم دفعة صاروخية نحو شمال إسرائيل، والتي اعتبرها نعيم قاسم "دفعة على الحساب".[١٨]

بداية العدوان

صباح يوم الاثنين 23 أيلول/سبتمبر 2024م شرعت إسرائيل بشنّ غارات جوّية على مختلف الأراضي اللبنانية كانت الأعنف منذ بداية معركة طوفان الأقصى قبل عام ودخول حزب الله في جبهة إسناده لغزة. واستهدفت الغارات بشكل مركز بيئة الحاضنة الشعبية لحزب الله بشكل خاص،[١٩] وهي مناطق ذات أغلبية شيعية.[٢٠] حيث شمل القصف مختلف مناطق الجنوب اللبناني، وبعلبك الهرمل، إضافة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت.[٢١]

ضحايا الهجمات في الجانب اللبناني

كانت ضحايا الغارات الإسرائيلية التي طالت مناطق مختلفة من لبنان في معظمها من المدنيين الأبرياء، حيث بلغت آخر حصيلة لهذه الغارات الدموية 558 شهيداً من بينهم 50 طفلاً و95 امرأة عدا عن طواقم الإسعاف والدفاع المدني، كما بلغ عدد الجرحى ما يقرب من 2000 جريح.[٢٢]

ردود الأفعال على العدوان

أعلن الجانب الإسرائيلي على لسان رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو أنّ العدوان على لبنان لن يتوقف حتى يرضخ حزب الله للشروط الإسرائيلية، والتي تتمثل بعودة قواته إلى ما وراء نهر الليطاني والمعروف بالخط الأزرق،[٢٣] إضافة إلى فكّ حزب الله اللبناني لارتباطه بالفصائل الفلسطينية والتوقف عن دعم وإسناد قطاع غزة، وعودة سكان المستوطنات الإسرائيلية إلى شمال فلسطين المحتلة، والذين نزحوا تحت وطء ضربات حزب الله.[٢٤] في حين قابل حزب الله هذه المطالب بإعلانه العزم على المضيّ في دعم غزة في حربها حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي عليها.[٢٥]

وأدانت العديد من الجهات الشعبية والرسمية المحلية والإقليمية والدولية هذا العدوان. حيث أدانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا العدوان، وقال الرئيس الإيراني إنّ قتل النساء والأطفال في لبنان باسم الحضارة مدعاة للخجل.[٢٦] ودعا رئيس الوزراء العراقي إلى العمل على وقف سلوك إسرائيل الإجرامي في لبنان.[٢٧] كما دعت دول عديدة لوقف هذا العدوان ومنها مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات وتركيا وروسيا وفرنسا والعديد من الدول والحكومات.[٢٨]

وأعلنت حركات المقاومة في فلسطين واليمن والعراق عن وقوفها إلى جانب المقاومة في لبنان.[٢٩]

وأما على الجانب الوطني؛ فقد أعلنت مختلف القوى السياسية والمراجع الدينية لمختلف الأديان والطوائف اللبنانية عن دعوتها إلى طي صفحة الخلافات الداخلية والتلاقي ودعم صمود الشعب اللبناني، والاستنفار للتصدي لتداعيات هذا العدوان.[٣٠] وأعلنت شخصيات من خصوم حزب الله السياسيين تضامنهم مع أهل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت فيما يتعرضون له.[٣١]

الهوامش

  1. طوفان الأقصى ..توثيق أول 10 أيام من الأحداث، موقع TRT العربي.
  2. "طوفان الأقصى".. أكبر هجوم للمقاومة الفلسطينية على إسرائيل، موقع الجزيرة.
  3. المقاومة الإسلامية في لبنان: مجموعات الشهيد مغنية تهاجم ثلاثة مواقع للاحتلال الصهيوني في منطقة مزارع شبعا المحتلة، قناة المنار.
  4. إنفوغراف | عمليات المقاومة الإسلامية على طريق القدس، قناة المنار.
  5. هجوم حزب الله الأخير: الاقتصاد "الإسرائيلي" عارياً، موقع قناة الميادين.
  6. إنفوغراف | عمليات المقاومة الإسلامية على طريق القدس، قناة المنار.
  7. إسرائيل تعلن مرحلة جديدة للحرب وتتعهد بإعادة سكان الشمال، موقع قناة الجزيرة.
  8. الجيش الإسرائيلي يطلق اسم "سهام الشمال" على عمليته في لبنان، موقع قناة روسيا اليوم.
  9. هل بدأت حرب لبنان الثالثة؟ ولأي مدى ستتسع خطوط النار؟، موقع قناة الجزيرة.
  10. 12 قتيلا وآلاف الجرحى في انفجار "البيجر" وحزب الله يحمل إسرائيل المسؤولية: "العدو سينال قصاصه"، موقع يورو نيوز.
  11. 20 قتيلا و450 جريحا بانفجارات جديدة لأجهزة اتصالات لاسلكية بلبنان، موقع قناة الجزيرة.
  12. لماذا نفى رئيس إسرائيل مسؤولية بلاده عن هجوم "البيجر"؟، موقع INDEPENDENT عربية.
  13. المقاومة الاسلامية: حساب ‏عسير يجب أن ينتظره العدو المجرم على مجزرته وما حصل سيزيدنا إصراراً على المضي في طريق الجهاد، موقع قناة المنار.
  14. حزب الله يؤكد مقتل القيادي إبراهيم عقيل في غارة إسرائيلية، موقع قناة الجزيرة.
  15. حزب الله ينعى قائدين و14 مقاتلا وإسرائيل اتخذت قرار الاغتيال بوقت قصير، موقع الجزيرة.
  16. الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على الضاحية إلى 37، وكالة مهر للأنباء.
  17. نعيم قاسم: دخلنا معركة حساب مفتوح ونازحو إسرائيل لن يعودوا للشمال، وكالة الأناضول للأنباء.
  18. نعيم قاسم: دخلنا معركة حساب مفتوح ونازحو إسرائيل لن يعودوا للشمال، وكالة الأناضول للأنباء.
  19. خبيران عسكريان: إسرائيل نحت منحى خطيرا يلزم حزب الله بضرب تل أبيب، موقع قناة الجزيرة.
  20. رسول جعفريان، أطلس الشيعة، ص454.
  21. غارات إسرائيلية طالت مناطق عديدة في لبنان، وكالة تسنيم للأنباء؛ موجة جديدة من غارات إسرائيلية عنيفة على لبنان وحزب الله يرد بقصف كثيف، موقع قناة الجزيرة.
  22. 558 قتيلا بينهم 50 طفلا.. حصيلة يومين من العدوان الإسرائيلي على لبنان، وكالة الأناضول للأنباء.
  23. ما وراء الليطاني.. المعضلة العالقة بين إسرائيل و"حزب الله"، وكالة الأناضول للأنباء.
  24. نتنياهو يلخص ما يريده من الحرب مع "حزب الله" ويكشف تفاصيل عن خطط الجنرالات لهزيمة حماس، موقع روسيا اليوم.
  25. نعيم قاسم: دخلنا معركة حساب مفتوح ونازحو إسرائيل لن يعودوا للشمال، وكالة الأناضول للأنباء.
  26. الرئيس بزشكيان : قتل النساء والاطفال باسم الحضارة امر يبعث على الخجل، وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء؛ إيران تدين بشدة الهجوم الصهيوني على ضاحية بيروت الجنوبية، وكالة مهر للأنباء.
  27. أبرز ردود الفعل الخارجية على مجازر إسرائيل بلبنان، موقع قناة الجزيرة.
  28. أبرز ردود الفعل الخارجية على مجازر إسرائيل بلبنان، موقع قناة الجزيرة؛ العدوان على لبنان.. فرنسا تدعو مجلس الأمن لاجتماع طارئ، وكالة الأناضول للأنباء؛ "إدانات وتحذيرات".. ماذا قالت الدول العربية عن الغارات الإسرائيلية على لبنان، موقع CNN العربية؛ الخارجية الروسية تدين العدوان الإسرائيلي على لبنان وتدعو إلى الوقف الفوري للعمليات القتالية، قدس برس.
  29. أبرز ردود الفعل الخارجية على مجازر إسرائيل بلبنان، موقع قناة الجزيرة.
  30. تضامن وطني في لبنان لمواجهة الضربات الإسرائيلية العنيفة، موقع قناة الجزيرة.
  31. سعد الحريري: التضامن الوطني واجب أخلاقي وسياسي في هذه المرحلة من تاريخ لبنان، موقع روسيا اليوم.

المصادر والمراجع