الآية 78 من سورة النحل
رقم الآية | 78 |
---|---|
في سورة | النحل |
في جزء | 14 |
مكان النزول | مكة |
الموضوع | النِعَم الإلهية |
الآية 78 من سورة النحل تشير هذه الآية إلى قدرة الله في خلق الإنسان وإنعامه عليه بإعطائه القدرة على اكتساب العلم والمعرفة. وفقاً لمكارم الشيرازي فإن الإنسان عند ولادته لا يملك أي علم أو معرفة عن العالم، ولكنه يدرك ما حوله بالتدريج من خلال أذنيه وعينيه وعقله. وتعدّ هذه الآية أيضا السمع والبصر من أهم أدوات الإدراك وتعتبر العقل الإنساني أداة لتحليل التصورات الحسية المدركة بواسطة الأذنين والعينين. ويرى العلامة الطباطبائي أنّ غاية إنعام الله على الإنسان بالعقل هي معرفة الله وشكره على نعمه في هذه الدنيا.
نعمة خلق الإنسان
وفقاً لمكارم الشيرازي فإن الآية 78 من سورة النحل تذكر بعض النعم التي أنعم الله بها على الإنسان مذكرةً بالتوحيد ومعرفة الله،[١] ويعتقد المدرسي وهو أحد مفسري الشيعة بأن هذه الآية تبيّن أعظم النعم الإلهية وهي خلق الإنسان واكتساب العلم،[٢] ويعتبر مغنية كل من السمع والبصر أدوات لاكتساب العلم.[٣]
يعتقد العلامة الطباطبائي أن الآية 78 من سورة النحل تشير إلى عدم وجود أي معرفة عند الإنسان حين ولادته، إلا بعض العلوم والأمور الفطرية بحيث توجد مع الإنسان بالقوة.[٤] ووفقاً لمكارم الشيرازي، فإن الآية تحكي عن افتقار الإنسان إلى أي معرفة تجريبية في بداية حياته،[٥] وهذا ما يتوافق مع رأي بعض علماء الطبيعة من أن العقل الإنساني عند الولادة يكون أشبه باللوح الأبيض الخالي من أي رسم، وعلى هذا يبدأ الإنسان خلال حياته في التعرف على العالم الخارجي والمخلوقات الأخرى بواسطة السمع والبصر. [٦]
نص الآية
﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
سورة النحل، الآية 78
أدوات معرفة العالم والله
وفقاً لمكارم الشيرازي، فإن المعرفة تطبع في العقل من خلال التصورات التي يتم تلقيها من الأذنين والعينين، ثم يحلل العقل هذه الأشكال والتصورات، ونتيجة لهذا التحليل العقلي تتكون معرفة الإنسان بالمخلوقات والكون والله. [٧]
باعتقاد العلامة الطباطبائي فإن أسبقية السمع على البصر في الآية 78 من سورة النحل هي إشارة إلى أن الإدراكات السمعية توجد عند الإنسان قبل الإدراكات البصرية،[٨] ويرى بعض المفسرين أنه بناءً على هذه الآية فقد أنعم الله على الإنسان أيضاً بقوة العقل التي تمكنه من تحليل وفحص التصورات الخارجية بالإضافة إلى تلقي التجربة الحسية.[٩]
يذكر جوادي الآملي وهو أحد مفسري الشيعة أن الإنسان لا يعرف شيئاً عند ولادته ولذلك فقد أعطاه الله نعمتي السمع والبصر ليكتسب بهما المعرفة، والعلوم التي يكتسبها بها يجب أن تكون منسجمة مع الفطرة الإنسانة، وإلا فلن تكون مفيدةً للإنسان.[١٠]
شكر النعم الإلهية
يعتقد المفسرون بأن الآية 78 من سورة النحل تبيّن شكر الله على أنه الغاية التي من أجلها أُعطي الإنسان نعمة السمع والبصر، وهذه الغاية تتحقق من خلال التعرف على النعم وتقديرها والاستفادة منها بشكل صحيح.[١١] وفقاً للمدرسي فإن الآية تدل على أن نِعَمَ الله وخاصة نعمة العقل ضرورية لمعرفة الله والوصول إلى الإيمان،[١٢] ويرى مكارم الشيرازي بأن ذكر الشكر مباشرة بعد ذكر العقل يرجع إلى كون نعمة المعرفة أعظم نعمة أعطاها الله للإنسان، وأن كل تقدم الإنسان وتطوره يرجع إلى نعمة العقل والمعرفة، ولذا كان ذكرت أهمية الشكر. [١٣]
الهوامش
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، 1374ش، ج11، ص334.
- ↑ المدرسي، من هدى القرآن، 1419هـ، ج6، ص102.
- ↑ مغنية، التفسير الكاشف، 1424هـ، ج4، ص536.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، 1352ش، ج12، ص312.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، 1374ش، ج11، ص334.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، 1352ش، ج12، ص312.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، 1374ش، ج11، ص334.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، 1352ش، ج12، ص312.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، 1408هـ، ج14، ص23؛ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، 1374ش، ج11، ص334؛ الطباطبائي، الميزان، 1352ش، ج12، ص312؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، 1371ش، ج12، ص74.
- ↑ جوادي الآملي، تفسير تسنيم، 1397ش، ج47، ص96.
- ↑ فضل الله، من وحي القرآن، 1439هـ، ج10، ص304؛ الفيض الكاشاني، تفسير الصافي، 1373ش، ج3، ص148.
- ↑ المدرسي، من هدى القرآن، 1419هـ، ج6، ص102.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، 1374ش، ج11، ص334.
المصادر والمراجع
- أبو الفتوح الرازي، حسين بن علي، روض الجنان وروح الجنان فی تفسير القرآن، مشهد، العتبة الرضوية المقدسة، 1371ش.
- جوادي الآملي، عبد الله، تفسير تسنيم، تحقيق: حسين أشرفي، قم، الإسراء، الطبعة الأولى، 1397ش.
- الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، 1352ش.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، محمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دارالمعرفة، 1408هـ.
- فضل الله، السيد محمد حسين، تفسير من وحي القرآن، بيروت، دار الملاك للطباعة والنشر والتوزیع، 1439هـ.
- الفيض الكاشاني، محمد بن مرتضى، تفسير الصافي، طهران، مكتبة الصدر، 1373ش.
- المدرسي، السيد محمد تقي، من هدى القرآن، طهران، دار محبي الحسين(ع)، 1419هـ.
- مغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف، طهران، دار الكتاب الإسلامي، 1424هـ.
- مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير الأمثل، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1374ش.