انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البيعة»

أُضيف ١٥ بايت ،  ١٢ نوفمبر ٢٠١٧
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Maytham
imported>Maytham
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''البيعة''' تعني العهد على الطاعة؛ كأنّ المبايع يعاهد أميره على أنّ يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور [[المسلم|المسلمين]]، ولا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره. وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده، جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد. فأشبه ذلك فعل البايع والمشتري، فسمّي بيعة؛ وإن أوّل مبايعة حصلت في تاريخ الرسالة الإسلامية تمثلت بمبايعة كلٍّ من السيدة [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] (س) والإمام [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} لل[[النبي الأكرم|نبي الأكرم]] {{صل}}، وذلك بعد الإيمان بالرسالة المحمدية. ثم تلَتْها بيعتا [[بيعة العقبة الأولى|العقبة الأولى]] و[[بيعة العقبة الثانية|الثانية]] في [[مكة]] المكرّمة، واللتان مهدتا– خاصة الثانية منها- الأرضية المناسبة لهجرة النبي {{صل}} إلى [[المدينة]] المنورة. ومن البيعات التي شهدها التاريخ الإسلامية مبايعة المسلمين ل[[الرسول الأكرم|لرسول الأكرم]] {{صل}} حينما توجّه من المدينة نحو منطقة بدر، ومنها [[بيعة الرضوان]] المعروفة ببيعة الشجرة في السنة الثامنة للهجرة في [[صلح الحديبية|الحديبية]]، ومبايعة الرجال والنساء للنبي الأكرم بعد فتح مكّة سنة ثمانية للهجرية أيضا.
'''البيعة''' تعني العهد على الطاعة؛ كأنّ المبايع يعاهد أميره على أنّ يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور [[المسلم|المسلمين]]، ولا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره. وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده، جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد. فأشبه ذلك فعل البايع والمشتري، فسمّي بيعة؛ وإن أوّل مبايعة حصلت في تاريخ الرسالة الإسلامية تمثلت بمبايعة كلٍّ من السيدة [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] (س) والإمام [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} لل[[النبي الأكرم|نبي الأكرم]] {{صل}}، وذلك بعد الإيمان بالرسالة المحمدية. ثم تلَتْها بيعتا [[بيعة العقبة الأولى|العقبة الأولى]] و[[بيعة العقبة الثانية|الثانية]] في [[مكة]] المكرّمة، واللتان مهدتا– خاصة الثانية منها- الأرضية المناسبة لهجرة النبي {{صل}} إلى [[المدينة]] المنورة. ومن البيعات التي شهدها التاريخ الإسلامية مبايعة المسلمين ل[[الرسول الأكرم|لرسول الأكرم]] {{صل}} حينما توجّه من المدينة نحو منطقة بدر، ومنها [[بيعة الرضوان]] المعروفة ببيعة الشجرة في السنة الثامنة للهجرة في [[صلح الحديبية|الحديبية]]، ومبايعة الرجال والنساء للنبي الأكرم بعد فتح مكّة سنة ثمانية للهجرية أيضا.
وقد شهد التاريخ أخر بيعة حصلت في حياة النبي {{صل}} المتمثلة ب[[بيعة الغدير]] التي حصلت عند منصرف النبي {{صل}} في [[حجة الوداع]] حيث بايع المسلمون الإمام علياً {{عليه السلام}} كخليفة ووصي له {{صل}} على المسلمين.
وقد شهد التاريخ أخر بيعة حصلت في حياة النبي {{صل}} المتمثلة ب[[بيعة الغدير]] التي حصلت عند منصرف النبي {{صل}} في [[حجة الوداع]] حيث بايع المسلمون الإمام علياً {{عليه السلام}} كخليفة ووصي له {{صل}} على المسلمين.
والجدير بالذكر أنّ ظاهرة البيعة كانت قبل [[البعثة]] وفي حياته {{صل}} وبقيت معمولا بها من قبل [[الخلفاء]] و[[الحكام]] الذين توالوا على السلطة وقيادة المسلمين على مرّ القرون السالفة.
والجدير بالذكر أنّ ظاهرة البيعة كانت قبل [[البعثة]] وفي حياته {{صل}} وبقيت معمولا بها من قبل [[الخليفة|الخلفاء]] و[[الحكام]] الذين توالوا على السلطة وقيادة المسلمين على مرّ القرون السالفة.


== البيعة لغة واصطلاحاً ==
== البيعة لغة واصطلاحاً ==
سطر ٧٩: سطر ٧٩:
اصطبغ مفهوم البيعة بعد رحيل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} بصبغة سياسية، بل ذهب بعض مفكري العامّة إلى القول بتحول البيعة بعد [[سقيفة بني ساعدة|السقيفة]] إلى ظاهرة سياسية. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۵۷ـ ۲۵۸ </ref>
اصطبغ مفهوم البيعة بعد رحيل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} بصبغة سياسية، بل ذهب بعض مفكري العامّة إلى القول بتحول البيعة بعد [[سقيفة بني ساعدة|السقيفة]] إلى ظاهرة سياسية. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۵۷ـ ۲۵۸ </ref>
ومن الجدير بالملاحظة هنا أن دراسات مفكري العامّة [[علم الكلام|الكلامية]] و[[الفقه الإسلامي|الفقهية]] وإن أولت البيعة اهتماماً كبيراً ورتبت عليها الكثير من الآثار على المستويين الفقهي والكلامي إلا أنّها لم تهتم– الّا قليلا- بتسليط الأضواء على ماهية البيعة وتحليل جوهرها.
ومن الجدير بالملاحظة هنا أن دراسات مفكري العامّة [[علم الكلام|الكلامية]] و[[الفقه الإسلامي|الفقهية]] وإن أولت البيعة اهتماماً كبيراً ورتبت عليها الكثير من الآثار على المستويين الفقهي والكلامي إلا أنّها لم تهتم– الّا قليلا- بتسليط الأضواء على ماهية البيعة وتحليل جوهرها.
نعم، تعرضت المصادر الفقهية المتأخرة لدى الفريقين– [[الشيعة]] و[[أهل السنة|السنة-]] لبيان الماهية الحقوقية للبيعة، حيث طرحت مجموعة من الاحتمالات؛ فذهب الكثير منها- انطلاقا من الشبه بين البيعة وبين عقد البيع- إلى القول بأنّ البيعة عقد يتضمن تعهّد الطرفين. وبتعبير الفقهاء والحقوقيين: البيعة عقد معوّض. بأن يتعهد المبايِع بالطاعة والانصياع لأوامر الحاكم أو الخليفة والوفاء له فيما يتعهد المُبايَع بأن يحكم ب[[القرآن الكريم|كتاب الله]] و[[السنّة النبوية|سنّة النبي]] والدفاع عن الرعية وتدبير شؤنهم بصدق وأمانة وغير ذلك.<ref>مكارم، انوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۷  و  قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي، ج۱، ص۲۷۳ـ ۲۷۴ </ref> فيما فسّرها البعض الآخر بأنّها: بيع النفس مقابل رضوان الله تعالى و[[الجنة]]. <ref>الطبرسي، جوامع الجامع، ذيل الآيه </ref>
نعم، تعرضت المصادر الفقهية المتأخرة لدى الفريقين– [[الشيعة]] و[[أهل السنة|السنة-]] لبيان الماهية الحقوقية للبيعة، حيث طرحت مجموعة من الاحتمالات؛ فذهب الكثير منها- انطلاقا من الشبه بين البيعة وبين عقد البيع- إلى القول بأنّ البيعة عقد يتضمن تعهّد الطرفين. وبتعبير الفقهاء والحقوقيين: البيعة عقد معوّض. بأن يتعهد المبايِع بالطاعة والانصياع لأوامر الحاكم أو الخليفة والوفاء له فيما يتعهد المُبايَع بأن يحكم ب[[القرآن الكريم|كتاب الله]] و[[السنة النبوية|سنّة النبي]] والدفاع عن الرعية وتدبير شؤنهم بصدق وأمانة وغير ذلك.<ref>مكارم، انوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۷  و  قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي، ج۱، ص۲۷۳ـ ۲۷۴ </ref> فيما فسّرها البعض الآخر بأنّها: بيع النفس مقابل رضوان الله تعالى و[[الجنة]]. <ref>الطبرسي، جوامع الجامع، ذيل الآيه </ref>
ثم، إنّ التأمل في البيعات التي تمّت في حياة [[النبي الأكرم]] {{صل}} يظهر رغم ايحائه بعقدية البيعة، إلا أنّ رصد واقعها التاريخي يؤكد أن حقيقة البيعة تعهد من قبل المُبايِع، ب[[الإسلام]] ونصرة النبي {{صل}} وطاعته ومجاهدة [[الكافرون|الكافرين]] و[[الشرك|المشركين]]، من دون أيّ تعهد من قبل النبي {{صل}}. نعم، ورد في حديث ذكره [[العلامة المجلسي|صاحب البحار]] وجود تعهد متقابل بين المُبايِع والمُبايَع. <ref>المجلسي، بحار، ج۱۹، ص۲۶ </ref> إلا أنّ المراد من حقوق المبايعين المذكورة في [[الحديث]] و[[الآيات الشريفة]] هي النصرة والثواب الإلهي وهو في الحقيقة ثمرة البيعة والنتيجة المترتبة على الالتزام والتمسّك بمفادها، لا أنه عوض لعملية البيعة. وهذا ما أشار إليه [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} في الخطبة الرابعة والثلاثين من [[نهج البلاغة]] حين قال:
ثم، إنّ التأمل في البيعات التي تمّت في حياة [[النبي الأكرم]] {{صل}} يظهر رغم ايحائه بعقدية البيعة، إلا أنّ رصد واقعها التاريخي يؤكد أن حقيقة البيعة تعهد من قبل المُبايِع، ب[[الإسلام]] ونصرة النبي {{صل}} وطاعته ومجاهدة [[الكافرون|الكافرين]] و[[الشرك|المشركين]]، من دون أيّ تعهد من قبل النبي {{صل}}. نعم، ورد في حديث ذكره [[العلامة المجلسي|صاحب البحار]] وجود تعهد متقابل بين المُبايِع والمُبايَع. <ref>المجلسي، بحار، ج۱۹، ص۲۶ </ref> إلا أنّ المراد من حقوق المبايعين المذكورة في [[الحديث]] و[[الآيات الشريفة]] هي النصرة والثواب الإلهي وهو في الحقيقة ثمرة البيعة والنتيجة المترتبة على الالتزام والتمسّك بمفادها، لا أنه عوض لعملية البيعة. وهذا ما أشار إليه [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} في الخطبة الرابعة والثلاثين من [[نهج البلاغة]] حين قال:
:"وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ وَالنَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ وَالْمَغِيبِ وَالْإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ والطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ". <ref>نهج البلاغة، الخطبه ۳۴ </ref> ومن هنا نرى الكثير من المحققين يذهبون إلى تفسير مفهوم البيعة بـ "التعهد بالطاعة" أو "بذل الطاعة". <ref>الشهرستاني، مدخل الى علم الفقه، ص۱۵۵ و  معرفت، ولايت فقيه، ص۸۲ </ref> فيما ذهب آخرون إلى كونها عقد غير معوّض كالهبة غير المعوضة. <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۲۲ </ref> بل هناك مَن أخرجها عن مقولة العقد وأدرجها تحت مقولة الإيقاعات. <ref>مكارم، أنوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۷ </ref> وقال آخرون: هي تعهد أحادي الطرف وليست من مقولة التعاهد. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۷۶ </ref>
:"وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ وَالنَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ وَالْمَغِيبِ وَالْإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ والطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ". <ref>نهج البلاغة، الخطبه ۳۴ </ref> ومن هنا نرى الكثير من المحققين يذهبون إلى تفسير مفهوم البيعة بـ "التعهد بالطاعة" أو "بذل الطاعة". <ref>الشهرستاني، مدخل الى علم الفقه، ص۱۵۵ و  معرفت، ولايت فقيه، ص۸۲ </ref> فيما ذهب آخرون إلى كونها عقد غير معوّض كالهبة غير المعوضة. <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۲۲ </ref> بل هناك مَن أخرجها عن مقولة العقد وأدرجها تحت مقولة الإيقاعات. <ref>مكارم، أنوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۷ </ref> وقال آخرون: هي تعهد أحادي الطرف وليست من مقولة التعاهد. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۷۶ </ref>
سطر ١٨٨: سطر ١٨٨:
{{الإسلام}}
{{الإسلام}}


[[تصنيف:مقالات ذات أولوية ب]]
 


[[fa:بیعت]]
[[fa:بیعت]]
سطر ١٩٤: سطر ١٩٤:
[[ur:بیعت]]
[[ur:بیعت]]
[[id:Baiat]]
[[id:Baiat]]
[[تصنيف:مقالات ذات أولوية ب]]
مستخدم مجهول