مستخدمون مشرفون تلقائيون، confirmed، movedable، إداريون، templateeditor
٧٬٥٣١
تعديل
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''لَيلَةُ الهَرير''' هي إحدى ليالي [[حرب صفين]]. حدث فيها معركة شديدة بين جيش [[الإمام علي (ع)]] و<nowiki/>[[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]]، وقتل العديد من الطرفين، وسميت بليلة الهرير لكثرة أصوات الجرحى فيها حتى الصباح. ولكثرة القتلى في هذه المعركة كانت الذريعة لـ<nowiki/>[[عمرو بن العاص]]؛ ليرفع [[القرآن الكريم|المصحاف]] على الرماح، وهذا الأمر أيضا كان ذريعة لجماعة من جيش الإمام علي (ع) حتى يفروضوا قضية [[التحكيم]] على الإمام، وقد سميت في معركة القادسية ليلة باسم ليلة الهرير أيضا . | '''لَيلَةُ الهَرير''' هي إحدى ليالي [[حرب صفين]]. حدث فيها معركة شديدة بين جيش [[الإمام علي (ع)]] و<nowiki/>[[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]]، وقتل العديد من الطرفين، وسميت بليلة الهرير لكثرة أصوات الجرحى فيها حتى الصباح. ولكثرة القتلى في هذه المعركة كانت الذريعة لـ<nowiki/>[[عمرو بن العاص]]؛ ليرفع [[القرآن الكريم|المصحاف]] على الرماح، وهذا الأمر أيضا كان ذريعة لجماعة من جيش الإمام علي (ع) حتى يفروضوا قضية [[التحكيم]] على الإمام، وقد سميت في معركة القادسية ليلة باسم ليلة الهرير أيضا . | ||
==التعريف== | ==التعريف== | ||
"ليلة الهرير" هي ليلة من ليالي معركة صفين وكانت ليلة الجمعة الموافقة مع [[11 صفر]] [[سنة 37 للهجرة]]،<ref name=":0">أنساب الأشراف، ج2، ص:323.</ref> ويرى البعض أنها حدثت [[الثلاثاء]] [[10 ربيع الأول]] [[سنة 38 هـ]].<ref name=":1">فروغ ولایت، ص577-578.</ref> | "ليلة الهرير" هي ليلة من ليالي معركة صفين وكانت ليلة الجمعة الموافقة مع [[11 صفر]] [[سنة 37 للهجرة]]،<ref name=":0">البلاذري، أنساب الأشراف، ج2، ص:323.</ref> ويرى البعض أنها حدثت [[الثلاثاء]] [[10 ربيع الأول]] [[سنة 38 هـ]].<ref name=":1">سبحاني، فروغ ولایت، ص577-578.</ref> | ||
الهرير في لغة هو صوت الكلب دون نباحه من قلة صبره على البرد،<ref>لسان العرب، ج 5، ص260؛ مجمع البحرین، ج 3، ص 518.</ref> وذكر [[العلامة المجلسي]] عن سبب هذه التسمية: "وإنما سميت بليلة الهرير لكثرة أصوات الناس فيها للقتال ، وقيل : لاضطرار معاوية وفزعه عند شدة الحرب واستيلاء أهل [[العراق]] كالكلب فإن الهرير أنين الكلب عند شدة البرد".<ref>مرآة العقول، ج 15، ص 427.</ref> | الهرير في لغة هو صوت الكلب دون نباحه من قلة صبره على البرد،<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج 5، ص260؛ الطريحي، مجمع البحرین، ج 3، ص 518.</ref> وذكر [[العلامة المجلسي]] عن سبب هذه التسمية: "وإنما سميت بليلة الهرير لكثرة أصوات الناس فيها للقتال ، وقيل : لاضطرار معاوية وفزعه عند شدة الحرب واستيلاء أهل [[العراق]] كالكلب فإن الهرير أنين الكلب عند شدة البرد".<ref>المجلسي، مرآة العقول، ج 15، ص 427.</ref> | ||
واستمر اقتتال الجيشين مثل الليلة التي مضت بالقتال الشديد والطعن والضرب، وورد أنّ في هذا اليوم كسفت الشمس، ومع كسوف الشمس أيضا لم يهدأ القتال حيث "ثَارَ الْقَتَامُ وَ ضَلَّتِ الْأَلْوِيَةُ وَ الرَّايَاتُ".<ref name=":2"> | واستمر اقتتال الجيشين مثل الليلة التي مضت بالقتال الشديد والطعن والضرب، وورد أنّ في هذا اليوم كسفت الشمس، ومع كسوف الشمس أيضا لم يهدأ القتال حيث "ثَارَ الْقَتَامُ وَ ضَلَّتِ الْأَلْوِيَةُ وَ الرَّايَاتُ".<ref name=":2">المنقري، وقعة صفين، 1404ق،ص:479.</ref> ويروى أن هناك ليلة من ليالي معركة القادسية أيضا تسمى بليلة الهرير.<ref name=":3">الطبري، تاريخ الطبري، ج3، ص:557 و ص561؛ ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، ج2، ص:534.</ref> | ||
==تفاصيل الأحداث== | ==تفاصيل الأحداث== | ||
ليلة الهرير ليلة اشتد فيها القتال في معركة صفين بين جيش [[الإمام علي (ع)]] وجيش معاوية، وقُتل الكثير من الطرفين فيها. ويصف المنقري تلك الليلة قائلا: "زَحَفَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَارْتَمَوْا بِالنَّبَلِ وَ الْحِجَارَةِ حَتَّى فَنِيَتْ ثُمَّ تَطَاعَنُوا بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَ انْدَقَّتْ ثُمَّ مَشَى الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ بِالسَّيْفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ فَلَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُ إِلَّا وَقْعَ الْحَدِيدِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ لَهُوَ أَشَدُّ هَوْلًا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ الصَّوَاعِقِ وَ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ يَدُكُّ بَعْضُهَا بَعْضاً"،<ref name=":4">وقعة صفین، ص 475؛ تذکرة الخواص، ص 92.</ref> ويصف [[ابن مسكوية]] تلك اليلة بالقول: "واقتتل الناس تلك الليلة كلها حتى الصباح حتى تقصّفت الرماح، ونفد النبل، وصار الناس إلى السيوف".<ref name=":5">تجارب الأمم، ج1، ص:535.</ref> | ليلة الهرير ليلة اشتد فيها القتال في معركة صفين بين جيش [[الإمام علي (ع)]] وجيش معاوية، وقُتل الكثير من الطرفين فيها. ويصف المنقري تلك الليلة قائلا: "زَحَفَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَارْتَمَوْا بِالنَّبَلِ وَ الْحِجَارَةِ حَتَّى فَنِيَتْ ثُمَّ تَطَاعَنُوا بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَ انْدَقَّتْ ثُمَّ مَشَى الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ بِالسَّيْفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ فَلَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُ إِلَّا وَقْعَ الْحَدِيدِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ لَهُوَ أَشَدُّ هَوْلًا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ الصَّوَاعِقِ وَ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ يَدُكُّ بَعْضُهَا بَعْضاً"،<ref name=":4">وقعة صفین، ص 475؛ سبط ابن الجوزي، سبط ابن الجوزي، تذکرة الخواص، ص 92.</ref> ويصف [[ابن مسكوية]] تلك اليلة بالقول: "واقتتل الناس تلك الليلة كلها حتى الصباح حتى تقصّفت الرماح، ونفد النبل، وصار الناس إلى السيوف".<ref name=":5">ابن مسكويه، تجارب الأمم، ج1، ص:535.</ref> | ||
===خطبة الإمام علي (ع)=== | ===خطبة الإمام علي (ع)=== | ||
خطب الإمام علي (ع) في ليلة الهرير في معسكره، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ بَلَغَ بِكُمُ الْأَمْرُ وَ بِعَدُوِّكُمْ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ وَ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا آخِرُ نَفَسٍ وَ إِنَّ الْأُمُورَ إِذَا أَقْبَلَتْ اعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا وَ قَدْ صَبَرَ لَكُمُ الْقَوْمُ عَلَى غَيْرِ دِينٍ حَتَّى بَلَغْنَا مِنْهُمْ مَا بَلَغْنَا وَ أَنَا غَادٍ عَلَيْهِمْ بِالْغَدَاةِ أُحَاكِمُهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.<ref> | خطب الإمام علي (ع) في ليلة الهرير في معسكره، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ بَلَغَ بِكُمُ الْأَمْرُ وَ بِعَدُوِّكُمْ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ وَ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا آخِرُ نَفَسٍ وَ إِنَّ الْأُمُورَ إِذَا أَقْبَلَتْ اعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا وَ قَدْ صَبَرَ لَكُمُ الْقَوْمُ عَلَى غَيْرِ دِينٍ حَتَّى بَلَغْنَا مِنْهُمْ مَا بَلَغْنَا وَ أَنَا غَادٍ عَلَيْهِمْ بِالْغَدَاةِ أُحَاكِمُهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.<ref>المنقري، وقعة صفين، 1404ق، ص477.</ref> ثم دعا الإمام بالنصر والغلبة لجيشه.<ref name=":7">المنقري، وقعة صفين،1404ق، ص478.</ref> | ||
===خطبة الأشعث=== | ===خطبة الأشعث=== | ||
:وخطب [[الأشعث بن قيس الكندي|الأشعث بن قيس]] أيضا ليلة الهرير، مبينا أنه غير جازع من استمرار الحرب، ولكن مواصلة الحرب ليست بصالح المجتمع، ومما ورد أنّه قال: | :وخطب [[الأشعث بن قيس الكندي|الأشعث بن قيس]] أيضا ليلة الهرير، مبينا أنه غير جازع من استمرار الحرب، ولكن مواصلة الحرب ليست بصالح المجتمع، ومما ورد أنّه قال: | ||
::"يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَا قَدْ كَانَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا الْمَاضِي وَ مَا قَدْ فَنِيَ فِيهِ مِنْ الْعَرَبِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغَتْ مِنَ السِّنِّ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَبْلُغَ فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ قَطُّ أَلَا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ أَنَّا إِنْ نَحْنُ تَوَاقَفْنَا غَداً إِنَّهُ لِفَنَاءِ الْعَرَبِ وَ ضَيْعَةِ الْحُرُمَاتِ أَمَا وَ اللَّهِ مَا أَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ جَزَعاً مِنَ الْحَتْفِ وَ لَكِنِّي رَجُلٌ مُسِنٌّ أَخَافُ عَلَى النِّسَاءِ وَ الذَّرَارِيِّ غَداً إِذَا فَنِينَا.<ref> | ::"يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَا قَدْ كَانَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا الْمَاضِي وَ مَا قَدْ فَنِيَ فِيهِ مِنْ الْعَرَبِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغَتْ مِنَ السِّنِّ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَبْلُغَ فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ قَطُّ أَلَا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ أَنَّا إِنْ نَحْنُ تَوَاقَفْنَا غَداً إِنَّهُ لِفَنَاءِ الْعَرَبِ وَ ضَيْعَةِ الْحُرُمَاتِ أَمَا وَ اللَّهِ مَا أَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ جَزَعاً مِنَ الْحَتْفِ وَ لَكِنِّي رَجُلٌ مُسِنٌّ أَخَافُ عَلَى النِّسَاءِ وَ الذَّرَارِيِّ غَداً إِذَا فَنِينَا.<ref>المنقري، وقعة صفين، 1404ق، ص:480.</ref> | ||
فأثنى معاوية على الأشعث لهذه الخطبة، ونادى أهل الشام أهلَ الكوفة بمثل كلام الأشعث لحقن الدماء، حتى مهدت الأجواء ليقترح عمرو بن عاص أن ترفع المصاحف على الرماح، الأمر الذي انتهى بـ<nowiki/>[[قضية التحكيم]].<ref name=":8">وقعةصفین، صص481-283.</ref> | فأثنى معاوية على الأشعث لهذه الخطبة، ونادى أهل الشام أهلَ الكوفة بمثل كلام الأشعث لحقن الدماء، حتى مهدت الأجواء ليقترح عمرو بن عاص أن ترفع المصاحف على الرماح، الأمر الذي انتهى بـ<nowiki/>[[قضية التحكيم]].<ref name=":8">وقعةصفین، صص481-283.</ref> |