انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «غصب الخلافة»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
{{معتقدات الشيعة}}
{{معتقدات الشيعة}}
'''غصب الخلافة''' هي أحد أهم المعتقدات [[الشيعية]]، وتعني أن [[الخلافة]] وحكم المجتمع كانت حقّاً [[الإمام علي|للإمام علي]]{{اختصار/ع}} و<nowiki/>[[الأئمة المعصومين]]، ولكنها سُلبت منهم بغير وجه حق. ويتجلى هذا الاعتقاد في أدبيات [[أئمة الشيعة]] في [[الخطبة الشقشقية]] و<nowiki/>[[الخطبة الفدكية]] و<nowiki/>[[رسالة الإمام الحسين إلى وجوه البصرة|كتاب الإمام الحسين إلى أهل البصرة]] وبعض [[الأحاديث]] الأخرى. ويعتقد الشيعة أن [[النبي محمد|النبي]]{{اختصار/ص}} قد مهّد في آخر أيام حياته لخلافة [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|علي]]{{اختصار/ع}} بإعلان ولايته [[حادثة الغدير|يوم الغدير]]، وتكراره ل<nowiki/>[[حديث الثقلين]]، وإرسال بعض [[الصحابة]] مع [[جيش أسامة]] إلى خارج [[المدينة المنورة]]. ويعتبر الشيعة أنّ غصب الخلافة هو الأساس لانحرافات وقعت لاحقاً في المجتمع الإسلامي و<nowiki/>[[استشهاد فاطمة]] بنت النبي و<nowiki/>[[واقعة كربلاء]].  
'''غصب الخلافة''' هي أحد أهم المعتقدات [[الشيعية]]، وتعني أن [[الخلافة]] وحكم المجتمع كانت حقّاً [[الإمام علي|للإمام علي]]{{اختصار/ع}} و<nowiki/>[[الأئمة المعصومين]] {{هم}}، ولكنها سُلبت منهم بغير وجه حق. ويتجلى هذا الاعتقاد في أدبيات [[أئمة الشيعة]] في [[الخطبة الشقشقية]] و<nowiki/>[[الخطبة الفدكية]] و<nowiki/>[[رسالة الإمام الحسين إلى وجوه البصرة|كتاب الإمام الحسين إلى أهل البصرة]] وبعض [[الأحاديث]] الأخرى. ويعتقد الشيعة أن [[النبي محمد|النبي]]{{اختصار/ص}} قد مهّد في آخر أيام حياته لخلافة [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|علي]]{{اختصار/ع}} بإعلان ولايته [[حادثة الغدير|يوم الغدير]]، وتكراره ل<nowiki/>[[حديث الثقلين]]، وإرسال بعض [[الصحابة]] مع [[جيش أسامة]] إلى خارج [[المدينة المنورة]]. ويعتبر الشيعة أنّ غصب الخلافة هو الأساس لانحرافات وقعت لاحقاً في المجتمع الإسلامي، و<nowiki/>[[استشهاد فاطمة]] بنت النبي، و<nowiki/>[[واقعة كربلاء]].  


ووفقاً لتحليل علماء الشيعة، فإن عملية غصب الخلافة قد بدأت قبل [[وفاة النبي]]{{اختصار/ص}} على يد عدد من الصحابة. ويتقفّى الشيعة آثار هذا التحليل في رفض البعض للمشاركة في [[جيش أسامة]]، وبمنع كتابة [[رزية يوم الخميس|وصية النبي]]، وإنكار وفاة رسول الله أوائل إعلانها، ومسألة [[الصحيفة الملعونة]]. ومن الأسباب الأخرى التي دفعت الشيعة إلى الاعتقاد بغصب الخلافة قضية [[سقيفة بني ساعدة]]، ورفض بعض الصحابة مبايعة [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]]، و<nowiki/>[[واقعة الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام|الهجوم على دار علي وفاطمة]] من قبل أتباع أبي بكر، ومواقف الإمام علي في [[الشورى السداسية]] التي أعقبت وفاة الخليفة الثاني [[عمر بن الخطاب|عمر]].
ووفقاً لتحليل علماء الشيعة، فإن عملية غصب الخلافة قد بدأت قبل [[وفاة النبي]]{{اختصار/ص}} على يد عدد من الصحابة. ويتقفّى الشيعة آثار هذا التحليل في رفض البعض للمشاركة في [[جيش أسامة]]، وبمنع كتابة [[رزية يوم الخميس|وصية النبي]]، وإنكار وفاة رسول الله أوائل إعلانها، ومسألة [[الصحيفة الملعونة]]. ومن الأسباب الأخرى التي دفعت الشيعة إلى الاعتقاد بغصب الخلافة قضية [[سقيفة بني ساعدة]]، ورفض بعض الصحابة مبايعة [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]]، و<nowiki/>[[واقعة الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام|الهجوم على دار علي وفاطمة]] من قبل أتباع أبي بكر، ومواقف الإمام علي في [[الشورى السداسية]] التي أعقبت وفاة الخليفة الثاني [[عمر بن الخطاب|عمر]].
سطر ٧: سطر ٧:


كما أثّر الاعتقاد بغصب الخلافة على الفكر السياسي لفقهاء الشيعة، حيث اعتبروا أي حاكم يحكم من غير أهل البيت أو بأمر منهم غير شرعي ومن حكام الجور. وحرّموا التعاون مع مثل هذا الحاكم إلا في ظروف معينة.
كما أثّر الاعتقاد بغصب الخلافة على الفكر السياسي لفقهاء الشيعة، حيث اعتبروا أي حاكم يحكم من غير أهل البيت أو بأمر منهم غير شرعي ومن حكام الجور. وحرّموا التعاون مع مثل هذا الحاكم إلا في ظروف معينة.
== أهمية مسألة غصب الخلافة ==
==أهمية مسألة غصب الخلافة==
إن قضية غصب الخلافة هي أحد أركان العقائد الشيعية،<ref>رستميان، حاكميت سياسي معصومان، ص31.</ref> وخاصة عند [[الشيعة الاثني عشرية]].<ref>حاجي‌ تقي، جهاد شيعة در دوره أول عباسي، ص135.</ref> ويعتقد الشيعة أنّ [[النبي محمد|النبي]] عيّن [[علي بن أبي طالب]] خليفة له بأمر من [[الله]]،<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، 1377ش، ص13.</ref> ولا يرون حق الخلافة الإلهية إلا لعلي وبعض أبنائه.<ref>المظفر، تاريخ الشيعة، ص22.</ref> وتعتبر هذه الخاصية هي الملاك في تعريف الشيعة اصطلاحاً.<ref>جمعي از مؤلفان، تاريخ تشيع، 1388ش، ج1، ص5-6.</ref> في حين يرى [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] أنّ النبي لم يعين أحداً من بعده، وأن [[الصحابة]] تشاوروا فيما بينهم وعينوا [[أبا بكر]] للخلافة.<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، ص13.</ref>  
إن قضية غصب الخلافة هي أحد أركان العقائد الشيعية،<ref>رستميان، حاكميت سياسي معصومان، ص31.</ref> وخاصة عند [[الشيعة الاثني عشرية]].<ref>حاجي‌ تقي، جهاد شيعة در دوره أول عباسي، ص135.</ref> ويعتقد الشيعة أنّ [[النبي محمد|النبي]] {{ص}} عيّن [[علي بن أبي طالب]] {{ع}} [[خليفة]] له بأمر من [[الله]]،<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، 1377ش، ص13.</ref> ولا يرون حق الخلافة الإلهية إلا لعلي وبعض أبنائه.<ref>المظفر، تاريخ الشيعة، ص22.</ref> وتعتبر هذه الخاصية هي الملاك في تعريف الشيعة اصطلاحاً.<ref>جمعي از مؤلفان، تاريخ تشيع، 1388ش، ج1، ص5-6.</ref> في حين يرى [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] أنّ النبي لم يعين أحداً من بعده، وأن [[الصحابة]] تشاوروا فيما بينهم وعينوا [[أبا بكر]] للخلافة.<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، ص13.</ref>  
ويرى [[مرتضى العسكري]]، الباحث في قضايا [[الإمامة]]، أنّ [[الخلافة]] منصب إلهي ك<nowiki/>[[النبوة]]، ولا يمكن لأحد أن يغصبها، وينبغي استعمال مصطلح غصب الحكم بدلاً من غصب الخلافة.<ref>عسكري، نقش أئمة در إحياء دين، ج2، ص459.</ref>
ويرى [[مرتضى العسكري|السيد مرتضى العسكري]]، الباحث في قضايا [[الإمامة]]، أنّ [[الخلافة]] منصب إلهي ك<nowiki/>[[النبوة]]، ولا يمكن لأحد أن يغصبها، وينبغي استعمال مصطلح غصب الحكم بدلاً من غصب الخلافة.<ref>عسكري، نقش أئمة در إحياء دين، ج2، ص459.</ref>


وفي اعتقاد الإمامية، فقد تم غصب الخلافة ولم يتم قبول شرعية حكم الخلفاء في تلك الفترة أبداً باستثناء فترة محدودة في حالة [[الإمام علي]] و<nowiki/>[[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] {{اختصار/عليهما}}.<ref>پاكتچي، «انديشه سياسي در تعاليم إمام رضا(ع)»، ص143.</ref> وقد صرح [[مسلم بن عقيل]] في الحديث الذي دار بينه وبين [[عبيد الله بن زياد|ابن زياد]] بأن [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] اغتصب الخلافة من وصيّ النبي بالمكر والخديعة.<ref>ابن‌ أعثم، الفتوح، ج5، ص56.</ref> كما نُقل عن [[الإمام جعفر بن محمد الصادق]]، الإمام السادس للشيعة، أنه كان يعتبر الخلافة حقاً مسلوباً منه.<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص367.</ref> وفي اعتقاد الشيعة، فإن غصب الخلافة هو انحراف عن المسار النبوي وأساس للحوادث اللاحقة، بما في ذلك [[استشهاد السيدة فاطمة]]<ref>العاملي، رنج‌ هاي حضرت زهرا(س)، ص115.</ref> و<nowiki/>[[واقعة الطف|حادثة الطف]].<ref>مريجي، «عاشورا پيامد تغيير ارزش‌ ها»، ص17؛ عبد المحمدي، «ريشه هاى فرهنگى، سياسي واجتماعي قيام إمام حسين(عليه السلام)»، ص45.</ref>
وفي اعتقاد الإمامية، فقد تم غصب الخلافة ولم يتم قبول شرعية حكم الخلفاء في تلك الفترة أبداً باستثناء فترة محدودة في حالة [[الإمام علي]] و<nowiki/>[[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] {{اختصار/عليهما}}.<ref>پاكتچي، «انديشه سياسي در تعاليم إمام رضا(ع)»، ص143.</ref> وقد صرح [[مسلم بن عقيل]] في الحديث الذي دار بينه وبين [[عبيد الله بن زياد|ابن زياد]] بأن [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] اغتصب الخلافة من وصيّ النبي بالمكر والخديعة.<ref>ابن‌ أعثم، الفتوح، ج5، ص56.</ref> كما نُقل عن [[الإمام جعفر بن محمد الصادق]]، الإمام السادس للشيعة، أنه كان يعتبر الخلافة حقاً مسلوباً منه.<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص367.</ref> وفي اعتقاد الشيعة، فإن غصب الخلافة هو انحراف عن المسار النبوي وأساس للحوادث اللاحقة، بما في ذلك [[استشهاد السيدة فاطمة]]<ref>العاملي، رنج‌ هاي حضرت زهرا(س)، ص115.</ref> و<nowiki/>[[واقعة الطف|حادثة الطف]].<ref>مريجي، «عاشورا پيامد تغيير ارزش‌ ها»، ص17؛ عبد المحمدي، «ريشه هاى فرهنگى، سياسي واجتماعي قيام إمام حسين(عليه السلام)»، ص45.</ref>
سطر ١٧: سطر ١٧:
كما يصرّح المفسر السني [[رشيد رضا]] (وفاة: [[1354هـ]]) في تفسير المنار أنّ أهل البيت كانوا يعتبرون أنفسهم أحق بالخلافة، ولم يؤيّدوا الحكام إلا من أجل حفظ مصالح [[المسلمين]]،<ref>رضا، تفسير القرآن الكريم، ج8، ص224.</ref> مع أن معظم علماء [[أهل السنة والجماعة|السنة]] لا يرون هذا الرأي.<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص60.</ref> ويقدم محمود إسماعيل، المؤرخ المصري، في كتابه "الحركات السرية في الإسلام" [[المعتزلة]] على أنهم أعداء [[الأمويين]] لأنهم اعتبروهم طغاة اغتصبوا الخلافة وفرضوا حكمهم على الناس بقوة السيف، وكانوا يعتبرون حكمهم مبنياً على [[القضاء والقدر|إرادة الله وقضائه]].<ref>إسماعيل، الحركات السرية في الإسلام، ص103.</ref>
كما يصرّح المفسر السني [[رشيد رضا]] (وفاة: [[1354هـ]]) في تفسير المنار أنّ أهل البيت كانوا يعتبرون أنفسهم أحق بالخلافة، ولم يؤيّدوا الحكام إلا من أجل حفظ مصالح [[المسلمين]]،<ref>رضا، تفسير القرآن الكريم، ج8، ص224.</ref> مع أن معظم علماء [[أهل السنة والجماعة|السنة]] لا يرون هذا الرأي.<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص60.</ref> ويقدم محمود إسماعيل، المؤرخ المصري، في كتابه "الحركات السرية في الإسلام" [[المعتزلة]] على أنهم أعداء [[الأمويين]] لأنهم اعتبروهم طغاة اغتصبوا الخلافة وفرضوا حكمهم على الناس بقوة السيف، وكانوا يعتبرون حكمهم مبنياً على [[القضاء والقدر|إرادة الله وقضائه]].<ref>إسماعيل، الحركات السرية في الإسلام، ص103.</ref>


== غصب الخلافة في أدبيات الشيعة ==
==غصب الخلافة في أدبيات الشيعة==
لقد اهتم العديد من مؤرخي [[الشيعة]] بمسألة غصب الخلافة في كتبهم، وقاموا بنقلها وتحقيقها وتحليلها.<ref>إمامي‌ فر، تاريخ‌ نگاران شيعة، ص56.</ref> ومن أقدم النصوص الشيعية التي تتعرض لهذه المسألة هي [[الخطبة الشقشقية]] التي ينكر [[علي بن أبي طالب]] {{اختصار/ع}} فيها على [[الخلفاء الثلاثة]]، ويقدم نفسه على أنه الأحق بالخلافة،<ref>جعفري، تشيع در مسير تاريخ، ص80.</ref> ويصرّح فيها أنهم سلبوه حقّه وميراثه. وقبل ذلك، كانت [[السيدة فاطمة]] {{اختصار/عليها}} قد أشارت إلى غصب الخلافة في خطبتها في [[مسجد المدينة المنورة]] المعروفة ب<nowiki/>[[الخطبة الفدكية]].<ref>تنكابني، ضياء القلوب، ج1، ص338.</ref> كما وردت إشارة في [[رسالة الإمام الحسين إلى وجوه البصرة|كتاب الإمام الحسين إلى أهل البصرة]] حول هذه المسألة.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص357.</ref>
لقد اهتم العديد من مؤرخي [[الشيعة]] بمسألة غصب الخلافة في كتبهم، وقاموا بنقلها وتحقيقها وتحليلها.<ref>إمامي‌ فر، تاريخ‌ نگاران شيعة، ص56.</ref> ومن أقدم النصوص الشيعية التي تتعرض لهذه المسألة هي [[الخطبة الشقشقية]] التي ينكر [[علي بن أبي طالب]] {{اختصار/ع}} فيها على [[الخلفاء الثلاثة]]، ويقدم نفسه على أنه الأحق بالخلافة،<ref>جعفري، تشيع در مسير تاريخ، ص80.</ref> ويصرّح فيها أنهم سلبوه حقّه وميراثه. وقبل ذلك، كانت [[السيدة فاطمة]] {{اختصار/عليها}} قد أشارت إلى غصب الخلافة في خطبتها في [[مسجد المدينة المنورة]] المعروفة ب<nowiki/>[[الخطبة الفدكية]].<ref>تنكابني، ضياء القلوب، ج1، ص338.</ref> كما وردت إشارة في [[رسالة الإمام الحسين إلى وجوه البصرة|كتاب الإمام الحسين إلى أهل البصرة]] حول هذه المسألة.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص357.</ref>


سطر ٢٨: سطر ٢٨:


ووفقاً للمصادر التاريخية، فإن النبي كان يعلم أنّ أجله قد دنا، وقد أعلن أن زمان وفاته قد اقترب عدة مرات خلال [[حجة الوداع|رحلة الحج الأخيرة]] وبعد عودته إلى [[المدينة المنورة]].<ref>غلامي، پس از غروب، ص58؛ الطائي، السقيفة انقلاب أبيض، ص183-186.</ref> ومن جهة أخرى، وبحسب بعض المصادر الشيعية، فقد علم النبي بتحالف جماعة من الصحابة لمنع خلافة علي،<ref>أنصاري، غدير در قرآن، ج1، ص239.</ref> بل وأشار إلى ذلك في خطبة [[غدير خم]].<ref>الطبرسي، الاحتجاج علي أهل اللجاج، ج1، ص62.</ref>
ووفقاً للمصادر التاريخية، فإن النبي كان يعلم أنّ أجله قد دنا، وقد أعلن أن زمان وفاته قد اقترب عدة مرات خلال [[حجة الوداع|رحلة الحج الأخيرة]] وبعد عودته إلى [[المدينة المنورة]].<ref>غلامي، پس از غروب، ص58؛ الطائي، السقيفة انقلاب أبيض، ص183-186.</ref> ومن جهة أخرى، وبحسب بعض المصادر الشيعية، فقد علم النبي بتحالف جماعة من الصحابة لمنع خلافة علي،<ref>أنصاري، غدير در قرآن، ج1، ص239.</ref> بل وأشار إلى ذلك في خطبة [[غدير خم]].<ref>الطبرسي، الاحتجاج علي أهل اللجاج، ج1، ص62.</ref>
=== تجهيز جيش أسامة ===
===تجهيز جيش أسامة===
يعدّ تحضير [[جيش أسامة]] من الأحداث المهمة أواخر حياة النبي. وبحسب المصادر، فإن النبي بعد عودته من [[حجة الوداع]] إلى المدينة المنورة، أمر بتجهيز جيش بقيادة [[أسامة بن زيد]] للاستعداد للحرب ضد الإمبراطورية الرومانية،<ref>راجع: الواقدي، المغازي للواقدي، ج3، ص1117؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص113؛ الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص180.</ref> وكلّف كبار [[الأنصار]] و<nowiki/>[[المهاجرين]] بالمشاركة في هذا الجيش.<ref>الواقدي، المغازي للواقدي، ج3، ص1117.</ref> وبحسب [[الشيخ المفيد]]، فإنّ إرسال هذا الجيش في آخر أيام حياة النبي {{اختصار/ص}} يمكن أن يكون له غايات أخرى، كإفراغ المدينة المنورة من الصحابة الطامعين في الخلافة.<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص180.</ref> لكن البعض اعترضوا<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج1، ص474؛ الواقدي، المغازي، ج3، ص1118؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص186.</ref> واحتجوا بصغر سن أسامة.<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج2، ص650.</ref> وقد روى الشيخ المفيد اعتراض البعض مثل [[أبي بكر بن أبي قحافة]] و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب]]، وتوبيخهم من قبل النبي {{اختصار/ص}}.<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص183.</ref> وعلى الرغم من إصرار النبي وتأكيده، لم يتحرك هذا الجيش نحو الشام إلا بعد وفاته.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج1، ص474.</ref>
يعدّ تحضير [[جيش أسامة]] من الأحداث المهمة أواخر حياة النبي. وبحسب المصادر، فإن النبي بعد عودته من [[حجة الوداع]] إلى المدينة المنورة، أمر بتجهيز جيش بقيادة [[أسامة بن زيد]] للاستعداد للحرب ضد الإمبراطورية الرومانية،<ref>راجع: الواقدي، المغازي للواقدي، ج3، ص1117؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص113؛ الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص180.</ref> وكلّف كبار [[الأنصار]] و<nowiki/>[[المهاجرين]] بالمشاركة في هذا الجيش.<ref>الواقدي، المغازي للواقدي، ج3، ص1117.</ref> وبحسب [[الشيخ المفيد]]، فإنّ إرسال هذا الجيش في آخر أيام حياة النبي {{اختصار/ص}} يمكن أن يكون له غايات أخرى، كإفراغ المدينة المنورة من الصحابة الطامعين في الخلافة.<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص180.</ref> لكن البعض اعترضوا<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج1، ص474؛ الواقدي، المغازي، ج3، ص1118؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص186.</ref> واحتجوا بصغر سن أسامة.<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج2، ص650.</ref> وقد روى الشيخ المفيد اعتراض البعض مثل [[أبي بكر بن أبي قحافة]] و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب]]، وتوبيخهم من قبل النبي {{اختصار/ص}}.<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص183.</ref> وعلى الرغم من إصرار النبي وتأكيده، لم يتحرك هذا الجيش نحو الشام إلا بعد وفاته.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج1، ص474.</ref>
=== محاولة كتابة الوصية ===
===محاولة كتابة الوصية===
وبحسب رواية صحيحة عن [[صحيح البخاري (كتاب)|البخاري]] الذي يعدّ من أهم كتب [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]]؛ فإنّ النبي في آخر أيام حياته حين ذهب جماعة من الصحابة ليعودوه قال: "هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده". فقال بعضهم: أن رسول الله قد غلبه الوجع، وعندنا القرآن، فحسبنا كتاب الله.<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص9، حديث 4432.</ref> فاختلف من في البيت واختصموا، فمنهم من يقول: ليكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما كثر اللغط والاختلاف، قال رسول الله {{اختصار/ص}}: "قوموا عني".<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص9، حديث 4432.</ref>
وبحسب رواية صحيحة عن [[صحيح البخاري (كتاب)|البخاري]] الذي يعدّ من أهم كتب [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]]؛ فإنّ النبي في آخر أيام حياته حين ذهب جماعة من الصحابة ليعودوه قال: "هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده". فقال بعضهم: أن رسول الله قد غلبه الوجع، وعندنا القرآن، فحسبنا كتاب الله.<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص9، حديث 4432.</ref> فاختلف من في البيت واختصموا، فمنهم من يقول: ليكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما كثر اللغط والاختلاف، قال رسول الله {{اختصار/ص}}: "قوموا عني".<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص9، حديث 4432.</ref>


وجاء في [[صحيح مسلم]] - وهو من أهم المصادر الروائية [[أهل السنة والجماعة|السنيّة]] الأخرى - أنّ الشخص الذي عارض كلام النبي هو [[عمر بن الخطاب]].<ref>النيسابوري، ، صحيح مسلم، ج3، ص 1259، حديث 1637.</ref> وجاء في هذين الكتابين أن [[ابن عباس]] كان يتحسّر باستمرار على هذه الحادثة ويعدّها مصيبة عظيمة،<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص9، حديث 4432؛ النيسابوري، صحيح مسلم، ج3، ص 1259، حديث 1637.</ref> وتُعرف هذه الحادثة في المصادر التاريخية باسم [[رزية الخميس]].<ref>السبحاني، الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف، ج1، ص469.</ref>
وجاء في [[صحيح مسلم]] - وهو من أهم المصادر الروائية [[أهل السنة والجماعة|السنيّة]] الأخرى - أنّ الشخص الذي عارض كلام النبي هو [[عمر بن الخطاب]].<ref>النيسابوري، ، صحيح مسلم، ج3، ص 1259، حديث 1637.</ref> وجاء في هذين الكتابين أن [[ابن عباس]] كان يتحسّر باستمرار على هذه الحادثة ويعدّها مصيبة عظيمة،<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص9، حديث 4432؛ النيسابوري، صحيح مسلم، ج3، ص 1259، حديث 1637.</ref> وتُعرف هذه الحادثة في المصادر التاريخية باسم [[رزية الخميس]].<ref>السبحاني، الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف، ج1، ص469.</ref>


=== تكرار حديث الثقلين ===
===تكرار حديث الثقلين===
روى [[الشيخ المفيد]] في كتابه [[الأمالي (للشيخ المفيد)|الأمالي]] أنّ النبي بلغ المسجد بمشقة بالغة أثناء مرضه، وردّد في خطبته الأخيرة هناك قبيل وفاته [[حديث الثقلين]]: " إِنِّي تَارِكٌ فِيكمُ الثَّقَلَيْن..." ([[القرآن]] و<nowiki/>[[أهل البيت]]).<ref>المفيد، الأمالي‏، ص135.</ref> كما روى [[ابن حجر الهيثمي]] أحد علماء أهل السنة هذا الحديث بصيغة أخرى.<ref>ابن‌ حجر الهيثمي، الصواعق المحرقة، ج2، ص438 و 440.</ref>
روى [[الشيخ المفيد]] في كتابه [[الأمالي (للشيخ المفيد)|الأمالي]] أنّ النبي بلغ المسجد بمشقة بالغة أثناء مرضه، وردّد في خطبته الأخيرة هناك قبيل وفاته [[حديث الثقلين]]: " إِنِّي تَارِكٌ فِيكمُ الثَّقَلَيْن..." ([[القرآن]] و<nowiki/>[[أهل البيت]]).<ref>المفيد، الأمالي‏، ص135.</ref> كما روى [[ابن حجر الهيثمي]] أحد علماء أهل السنة هذا الحديث بصيغة أخرى.<ref>ابن‌ حجر الهيثمي، الصواعق المحرقة، ج2، ص438 و 440.</ref>


وقد روي حديث الثقلين عن [[النبي محمد|النبي]] {{اختصار/ص}} في مناسبات متعددة.<ref>مكارم الشيرازي، پيام قرآن، ج9، ص62، 77؛ شرف‌ الدين، المراجعات، ص70.</ref> وذكر [[السيد عبد الحسين شرف الدين]] خمسة مواضع قيل فيها هذا الحديث: [[يوم عرفة]]، وفي [[غدير خم]]، وعند الرجوع من [[الطائف]]، وفي [[المدينة المنورة|المدينة]] على المنبر، وفي حجرة النبي عندما كان مريضاً.<ref>شرف‌ الدين، المراجعات، ص70.</ref>
وقد روي حديث الثقلين عن [[النبي محمد|النبي]] {{اختصار/ص}} في مناسبات متعددة.<ref>مكارم الشيرازي، پيام قرآن، ج9، ص62، 77؛ شرف‌ الدين، المراجعات، ص70.</ref> وذكر [[السيد عبد الحسين شرف الدين]] خمسة مواضع قيل فيها هذا الحديث: [[يوم عرفة]]، وفي [[غدير خم]]، وعند الرجوع من [[الطائف]]، وفي [[المدينة المنورة|المدينة]] على المنبر، وفي حجرة النبي عندما كان مريضاً.<ref>شرف‌ الدين، المراجعات، ص70.</ref>
=== تعيين الوصي ===
===تعيين الوصي===
كان من بين الأعمال التي قام بها النبي في آخر أيام مرضه تعيين وصيّ له. وجاء في [[كتاب الإرشاد]] أن النبي قال لعلي بعد حادثة [[رزية الخميس]] وخروج الصحابة من بيته: "يا أخي، أتقبل وصيتي وتفي بعهودي وتؤدي ديوني؟" فقبل علي. فأخذه النبي بين ذراعيه وأعطاه خاتمه وسيفه ودرعه.<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص185.</ref> وفي الغد قال النبي: "ائتوني بأخي وصاحبي. فدعت [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] و<nowiki/>[[حفصة بنت عمر بن الخطاب|حفصة]] أبواهما، فكرر النبي طلبه حتى أبلغتا علياً بناء على اقتراح من [[أم سلمة (زوجة النبي)|أم سلمة]]. فتناجى النبي وعلي لمدّة، وعندما سألوا علياً ماذا قال النبي {{اختصار/ص}}؟ فقال: علمني ألف باب من العلوم، يُفتح من كل باب ألف باب آخر، وأوصاني بوصايا سأنفذها.<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص185.</ref> وقد روى [[الذهبي]] و<nowiki/>[[ابن كثير]] من مؤرخي [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] هذا الخبر أيضاً مع اختلافات في النقل.<ref>الذهبي، تاريخ الإسلام، ج11، ص224؛ ابن‌ كثير، البداية والنهاية، ج7، ص359.</ref>
كان من بين الأعمال التي قام بها النبي في آخر أيام مرضه تعيين وصيّ له. وجاء في [[كتاب الإرشاد]] أن النبي قال لعلي بعد حادثة [[رزية الخميس]] وخروج الصحابة من بيته: "يا أخي، أتقبل وصيتي وتفي بعهودي وتؤدي ديوني؟" فقبل علي. فأخذه النبي بين ذراعيه وأعطاه خاتمه وسيفه ودرعه.<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص185.</ref> وفي الغد قال النبي: "ائتوني بأخي وصاحبي. فدعت [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] و<nowiki/>[[حفصة بنت عمر بن الخطاب|حفصة]] أبواهما، فكرر النبي طلبه حتى أبلغتا علياً بناء على اقتراح من [[أم سلمة (زوجة النبي)|أم سلمة]]. فتناجى النبي وعلي لمدّة، وعندما سألوا علياً ماذا قال النبي {{اختصار/ص}}؟ فقال: علمني ألف باب من العلوم، يُفتح من كل باب ألف باب آخر، وأوصاني بوصايا سأنفذها.<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص185.</ref> وقد روى [[الذهبي]] و<nowiki/>[[ابن كثير]] من مؤرخي [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] هذا الخبر أيضاً مع اختلافات في النقل.<ref>الذهبي، تاريخ الإسلام، ج11، ص224؛ ابن‌ كثير، البداية والنهاية، ج7، ص359.</ref>
=== قطع صلاة جماعة أبي بكر ===
===قطع صلاة جماعة أبي بكر===
لم يستطع [[النبي محمد|النبي]] {{اختصار/ص}} حضور [[صلاة الجماعة]] في أحد أيام مرضه لاشتداد المرض عليه، فأمّ [[أبو بكر]] المصلين. وبعد أن علم النبي بذلك خرج بنفسه من حجرته وصلى بالناس. وقد اعتبر [[رسول جعفريان]] أنّ صلاة أبي بكر هذه كانت بغير إذن من النبي.<ref>جعفريان، سيرة رسول‌ خدا، ص679.</ref> في حين ترى بعض المصادر [[أهل السنة والجماعة|السنية]]، استناداً إلى [[الروايات]]، أنها كانت بوصية من رسول الله،<ref>ابن‌ سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص214-216؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص196-197.</ref> واعتبر فريق منهم أن هذه الصلاة علامة على تزكية ووصية النبي لأبي بكر بالخلافة.<ref>مادلنج، جانشيني حضرت محمد(ص)، ص38.</ref> لكن الشيعة اعتبروا تدخل النبي ومنعه من هذه الصلاة علامة واضحة على عدم رضاه بهذا العمل.<ref>مركز الأبحاث العقائدية، موسوعة الأسئلة العقائديّة، ص162-166.</ref>
لم يستطع [[النبي محمد|النبي]] {{اختصار/ص}} حضور [[صلاة الجماعة]] في أحد أيام مرضه لاشتداد المرض عليه، فأمّ [[أبو بكر]] المصلين. وبعد أن علم النبي بذلك خرج بنفسه من حجرته وصلى بالناس. وقد اعتبر [[رسول جعفريان]] أنّ صلاة أبي بكر هذه كانت بغير إذن من النبي.<ref>جعفريان، سيرة رسول‌ خدا، ص679.</ref> في حين ترى بعض المصادر [[أهل السنة والجماعة|السنية]]، استناداً إلى [[الروايات]]، أنها كانت بوصية من رسول الله،<ref>ابن‌ سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص214-216؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص196-197.</ref> واعتبر فريق منهم أن هذه الصلاة علامة على تزكية ووصية النبي لأبي بكر بالخلافة.<ref>مادلنج، جانشيني حضرت محمد(ص)، ص38.</ref> لكن الشيعة اعتبروا تدخل النبي ومنعه من هذه الصلاة علامة واضحة على عدم رضاه بهذا العمل.<ref>مركز الأبحاث العقائدية، موسوعة الأسئلة العقائديّة، ص162-166.</ref>


وقد نُقلت رواية أخرى حول تلك الفترة بأن [[عمر بن الخطاب]] أيضاً صلى الجماعة بدلاً من النبي.<ref>ابن‌ حنبل، مسند أحمد، ج31، ص203.</ref> ويرى [[مادلنج]] أنّ النبي لم يمنع أحداً من أداء صلاة الجماعة لأنه لم يكن يعتبرها دليلاً على [[الخلافة]].<ref>مادلنج، جانشيني حضرت محمد(ص)، ص44.</ref> ويرى أنّ [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] لما ظنّت أنّ إقامة الجماعة عوضاً عن النبي يمكن أن تكون علامة على خلافته، فاختلقت حديثاً يقول أنّ النبي لم يكن راضياً عن صلاة عمر.<ref>مادلنج، جانشيني حضرت محمد(ص)، ص45.</ref>
وقد نُقلت رواية أخرى حول تلك الفترة بأن [[عمر بن الخطاب]] أيضاً صلى الجماعة بدلاً من النبي.<ref>ابن‌ حنبل، مسند أحمد، ج31، ص203.</ref> ويرى [[مادلنج]] أنّ النبي لم يمنع أحداً من أداء صلاة الجماعة لأنه لم يكن يعتبرها دليلاً على [[الخلافة]].<ref>مادلنج، جانشيني حضرت محمد(ص)، ص44.</ref> ويرى أنّ [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] لما ظنّت أنّ إقامة الجماعة عوضاً عن النبي يمكن أن تكون علامة على خلافته، فاختلقت حديثاً يقول أنّ النبي لم يكن راضياً عن صلاة عمر.<ref>مادلنج، جانشيني حضرت محمد(ص)، ص45.</ref>


== عملية غصب الخلافة ==
==عملية غصب الخلافة==
{{الإمامة والخلافة}}
{{الإمامة والخلافة}}
يرى بعض [[الشيعة]] أن عملية غصب الخلافة كان معداً لها قبل [[وفاة نبي الإسلام]].<ref>غلامي، پس از غروب، 1388ش، ص139.</ref> وبحسب بعض مؤرخي الشيعة، فإن هذا البرنامج تم تنفيذه بتوافق مجموعة من الصحابة قبل وبعد [[واقعة الغدير]]، ورفض المشاركة في [[جيش أسامة]]، و<nowiki/>[[رزية يوم الخميس|منع كتابة وصية النبي]]، وإنكار وفاة النبي حين وقوعها، وتشكيل [[سقيفة بني ساعدة|السقيفة]] ومبايعة [[أبي بكر]]،<ref>الطائي، السقيفة انقلاب أبيض، ص180.</ref> وانتهاءً بقمع المعارضين و<nowiki/>[[واقعة الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام|الهجوم على دار علي وفاطمة]] والاستيلاء على [[فدك]].<ref>الطائي، السقيفة انقلاب أبيض، ص180 و 187.</ref>
يرى بعض [[الشيعة]] أن عملية غصب الخلافة كان معداً لها قبل [[وفاة نبي الإسلام]].<ref>غلامي، پس از غروب، 1388ش، ص139.</ref> وبحسب بعض مؤرخي الشيعة، فإن هذا البرنامج تم تنفيذه بتوافق مجموعة من الصحابة قبل وبعد [[واقعة الغدير]]، ورفض المشاركة في [[جيش أسامة]]، و<nowiki/>[[رزية يوم الخميس|منع كتابة وصية النبي]]، وإنكار وفاة النبي حين وقوعها، وتشكيل [[سقيفة بني ساعدة|السقيفة]] ومبايعة [[أبي بكر]]،<ref>الطائي، السقيفة انقلاب أبيض، ص180.</ref> وانتهاءً بقمع المعارضين و<nowiki/>[[واقعة الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام|الهجوم على دار علي وفاطمة]] والاستيلاء على [[فدك]].<ref>الطائي، السقيفة انقلاب أبيض، ص180 و 187.</ref>


وقد أشار بعض المستشرقين مثل [[لامانس]] ومن بعده [[مادلنج]] إلى هذا المخطّط في كتاباتهم.<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، ص15.</ref> كما أكد المستشرق الإيطالي [[كايتاني]] نظرية لامانس حول مثلث القوى ([[أبو بكر]]، [[عمر بن الخطاب|عمر]]، [[أبو عبيدة بن الجراح|أبو عبيدة]])، ويعتقد أن عمر كان بإمكانه توقّع وفاة النبي {{اختصار/ص}} والتخطيط لمسألة خلافته.<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، ص18.</ref> ووفقاً لمادلنج، فإنّ المدبّر الرئيسي لغصب الخلافة كان عمر، ولكن نظراً إلى منصب أبي بكر، قام بتقديمه للخلافة.<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، ص18.</ref> ويرى المؤرخ المصري عبد المقصود أيضاً أنه من خلال دراسة التاريخ بعناية يمكن العثور على شواهد تؤيد وجود هذا المخطّط.<ref>عبد المقصود، السقيقة والخلافة، ص246.</ref>
وقد أشار بعض المستشرقين مثل [[لامانس]] ومن بعده [[مادلنج]] إلى هذا المخطّط في كتاباتهم.<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، ص15.</ref> كما أكد المستشرق الإيطالي [[كايتاني]] نظرية لامانس حول مثلث القوى ([[أبو بكر]]، [[عمر بن الخطاب|عمر]]، [[أبو عبيدة بن الجراح|أبو عبيدة]])، ويعتقد أن عمر كان بإمكانه توقّع وفاة النبي {{اختصار/ص}} والتخطيط لمسألة خلافته.<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، ص18.</ref> ووفقاً لمادلنج، فإنّ المدبّر الرئيسي لغصب الخلافة كان عمر، ولكن نظراً إلى منصب أبي بكر، قام بتقديمه للخلافة.<ref>مادلنج، جانشين حضرت محمد(ص)، ص18.</ref> ويرى المؤرخ المصري عبد المقصود أيضاً أنه من خلال دراسة التاريخ بعناية يمكن العثور على شواهد تؤيد وجود هذا المخطّط.<ref>عبد المقصود، السقيقة والخلافة، ص246.</ref>
=== الصحيفة الملعونة ===
===الصحيفة الملعونة===
الصحيفة المعونة أو اتفاق بعض [[الصحابة]] في حياة [[رسول الله]] {{اختصار/ص}} بهدف تحديد أمر [[الخلافة]] هي من الأحداث التي ورد ذكرها في بعض مصادر [[الشيعة]] مثل [[كتاب سليم بن قيس]]،<ref>سليم بن قيس، أسرار آل محمد(ص)، ص232.</ref> و<nowiki/>[[سفينة البحار]]،<ref>القمي، سفينة البحار، ج5، ص56.</ref> و<nowiki/>[[إرشاد القلوب]].<ref>السيد ابن طاووس، طرف من الأنباء والمناقب، ص561-564.</ref> حيث عقد [[العلامة المجلسي]] باباً في المجلد 28 من [[بحار الأنوار]] بعنوان "باب تمهيد غصب الخلافة والصحيفة الملعونة"، وجمع فيه 7 أحاديث مطولة في التمهيد لغصب الخلافة والصحيفة الملعونة.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج28، ص85-174.</ref> وفي هذا السياق نُقل أيضاً كلام للخليفة العباسي [[المأمون]] يحمل نفس المضمون.<ref>مشكوة، تاريخ تشيع در إيران، ص806.</ref>
الصحيفة المعونة أو اتفاق بعض [[الصحابة]] في حياة [[رسول الله]] {{اختصار/ص}} بهدف تحديد أمر [[الخلافة]] هي من الأحداث التي ورد ذكرها في بعض مصادر [[الشيعة]] مثل [[كتاب سليم بن قيس]]،<ref>سليم بن قيس، أسرار آل محمد(ص)، ص232.</ref> و<nowiki/>[[سفينة البحار]]،<ref>القمي، سفينة البحار، ج5، ص56.</ref> و<nowiki/>[[إرشاد القلوب]].<ref>السيد ابن طاووس، طرف من الأنباء والمناقب، ص561-564.</ref> حيث عقد [[العلامة المجلسي]] باباً في المجلد 28 من [[بحار الأنوار]] بعنوان "باب تمهيد غصب الخلافة والصحيفة الملعونة"، وجمع فيه 7 أحاديث مطولة في التمهيد لغصب الخلافة والصحيفة الملعونة.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج28، ص85-174.</ref> وفي هذا السياق نُقل أيضاً كلام للخليفة العباسي [[المأمون]] يحمل نفس المضمون.<ref>مشكوة، تاريخ تشيع در إيران، ص806.</ref>


وبحسب بعض الباحثين فإن هذا الاتفاق قد تمّ مرة في [[مكة]] قبل [[حادثة الغدير]]،<ref>السيد ابن طاووس، طرف من الأنباء والمناقب، ص564.</ref> ومرة أخرى في [[المدينة المنورة|المدينة]] بعد ذلك.<ref>اميني گلستاني، آيا وچرا، ص 91.</ref> وقد تعاهد أصحاب هذه الصحيفة عند [[الكعبة]] على ألا تصل الخلافة بعد النبي إلى أهل بيته، وأن يتولوا الخلافة بأنفسهم.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج28، ص86.</ref> وقد ذُكر جماعة من كبار الصحابة ضمن المشاركين في هذه الصحيفة.<ref>سليم بن قيس، أسرار آل محمد(ص)، ص232.</ref> وفي المدينة المنورة أيضاً اجتمعت مجموعة مؤلفة من 34 شخصاً<ref>سليم بن قيس، أسرار آل محمد(ص)، ص232.</ref> في منزل أبي بكر،<ref>سليم بن قيس، أسرار آل محمد(ص)، ص232.</ref> واتفقوا على خلافة أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة بعد رسول الله بحسب ما ورد في بعض المصادر.<ref>الديلمي، إرشاد القلوب، ج2، ص333.</ref>
وبحسب بعض الباحثين فإن هذا الاتفاق قد تمّ مرة في [[مكة]] قبل [[حادثة الغدير]]،<ref>السيد ابن طاووس، طرف من الأنباء والمناقب، ص564.</ref> ومرة أخرى في [[المدينة المنورة|المدينة]] بعد ذلك.<ref>اميني گلستاني، آيا وچرا، ص 91.</ref> وقد تعاهد أصحاب هذه الصحيفة عند [[الكعبة]] على ألا تصل الخلافة بعد النبي إلى أهل بيته، وأن يتولوا الخلافة بأنفسهم.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج28، ص86.</ref> وقد ذُكر جماعة من كبار الصحابة ضمن المشاركين في هذه الصحيفة.<ref>سليم بن قيس، أسرار آل محمد(ص)، ص232.</ref> وفي المدينة المنورة أيضاً اجتمعت مجموعة مؤلفة من 34 شخصاً<ref>سليم بن قيس، أسرار آل محمد(ص)، ص232.</ref> في منزل أبي بكر،<ref>سليم بن قيس، أسرار آل محمد(ص)، ص232.</ref> واتفقوا على خلافة أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة بعد رسول الله بحسب ما ورد في بعض المصادر.<ref>الديلمي، إرشاد القلوب، ج2، ص333.</ref>


=== إنكار وفاة النبي {{اختصار/ص}} ===
===إنكار وفاة النبي {{اختصار/ص}}===
إن إنكار [[عمر بن الخطاب]] لموت النبي هو أول حدث جدير بالملاحظة بعد [[وفاة نبي الإسلام]]. وبحسب المصادر التاريخية، فإنه في اللحظات الأولى لإعلان وفاة النبي {{اختصار/ص}}، كان عمر بن الخطاب يقسم أنّ رسول الله لم يمت، بل ذهب إلى الله، وكما رجع [[النبي موسى عليه السلام|موسى]] من [[جبل الطور]]، فإن النبي {{اختصار/ص}} سيعود.<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج2، ص655؛ ابن‌ سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص205.</ref> وحتى أنّ عمر هدد بقتل من يعارض كلامه هذا.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ص201؛ ابن‌ كثير، البداية والنهاية، ج5، ص242.</ref> وذكر [[ابن كثير]] أنّ [[ابن أم مكتوم]] قرأ [[الآية 144 من سورة آل عمران]] رداً على عمر، والتي تصرّح بوفاة النبي. وسأل [[العباس بن عبد المطلب|العباس]] عم النبي عمر أيضاً هل سمعت من النبي شيئا في هذا؟ أجاب: لا. فقال العباس إذاً والله لقد قُبض النبي.<ref>ابن‌ كثير، البداية والنهاية، ج5، ص243.</ref> إلا أن عمر أصرّ على رأيه، حتى وصل أبو بكر - الذي كان خارج المدينة - وطلب إلى عمر أن يهدأ، وتلا الآية نفسها من [[سورة آل عمران]]. فسكت عمر وقال: وكأني لم أسمع هذه الآية من قبل.<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج2، ص656؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص200.</ref>
إن إنكار [[عمر بن الخطاب]] لموت النبي هو أول حدث جدير بالملاحظة بعد [[وفاة نبي الإسلام]]. وبحسب المصادر التاريخية، فإنه في اللحظات الأولى لإعلان وفاة النبي {{اختصار/ص}}، كان عمر بن الخطاب يقسم أنّ رسول الله لم يمت، بل ذهب إلى الله، وكما رجع [[النبي موسى عليه السلام|موسى]] من [[جبل الطور]]، فإن النبي {{اختصار/ص}} سيعود.<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج2، ص655؛ ابن‌ سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص205.</ref> وحتى أنّ عمر هدد بقتل من يعارض كلامه هذا.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ص201؛ ابن‌ كثير، البداية والنهاية، ج5، ص242.</ref> وذكر [[ابن كثير]] أنّ [[ابن أم مكتوم]] قرأ [[الآية 144 من سورة آل عمران]] رداً على عمر، والتي تصرّح بوفاة النبي. وسأل [[العباس بن عبد المطلب|العباس]] عم النبي عمر أيضاً هل سمعت من النبي شيئا في هذا؟ أجاب: لا. فقال العباس إذاً والله لقد قُبض النبي.<ref>ابن‌ كثير، البداية والنهاية، ج5، ص243.</ref> إلا أن عمر أصرّ على رأيه، حتى وصل أبو بكر - الذي كان خارج المدينة - وطلب إلى عمر أن يهدأ، وتلا الآية نفسها من [[سورة آل عمران]]. فسكت عمر وقال: وكأني لم أسمع هذه الآية من قبل.<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج2، ص656؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص200.</ref>


وقد حاول أحد كتاب [[أهل السنة]]، وهو عبد الفتاح عبد المقصود (وفاة: [[1993م]])، في تحليل طويل، اعتبار القصة موضوعة.<ref>عبد المقصود، السقيفة والخلافة، ص81.</ref> ويرى [[ابن أبي الحديد]] – وهو متكلم [[المعتزلة|معتزلي]] سنّي – أنّ كلام عمر من قبيل الكذب المصلحي، ليمنع الفتنة والنزاع حول مسألة الخلافة.<ref>ابن‌ أبي‌ الحديد، شرح نهج البلاغة، ج2، ص42-43.</ref> وفي هذا الصدد، يرى [[محمد باقر الصدر]]، المفكر الشيعي، أن تصرف عمر هذا بمثابة خطة معدّة سلفاً لإيصال أبي بكر إلى السلطة.<ref>الصدر، فدك في التاريخ، ص62-63.</ref> لأنه رغم أنّ آخرين قرأوا آية سورة آل عمران على عمر، إلا أنه لم يسكت ولم يهدأ إلا عندما جاء أبو بكر وتلا نفس الآية، فأظهر جهله بها.<ref>البوشهري، «راز انكار رحلت پيامبر»، ص50.</ref> كما ذهب إلى هذا التحليل كلّ من [[عبد الحسين الأميني|الأميني]] صاحب [[موسوعة الغدير]]،<ref>الأميني، الغدير، ج7، ص250.</ref> و<nowiki/>[[محمد رضا المظفر|المظفر]] في كتاب [[السقيفة (كتاب)|السقيفة]]،<ref>المظفر، السقيفة، ص117.</ref> و<nowiki/>[[رسول جعفريان]] في [[تاريخ الخلفاء (رسول جعفريان)|تاريخ الخلفاء]]،<ref>جعفريان، تاريخ خلفا، ص22.</ref> و<nowiki/>[[نجاح الطائي|الطائي]] في [[السقيفة انقلاب أبيض]]،<ref>الطائي، السقيفة انقلاب أبيض، ص185-192.</ref> وبعض المؤلفين الشيعة الآخرين.<ref>راجع: غلامي، پس از غروب، ص63-66؛ پورسيد آقايي، چشمه در بستر، ص57-58.</ref> ويرى المستشرق الألماني [[مادلنج]] أنه إذا كان مثلث السلطة ([[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب|عمر]] و<nowiki/>[[أبو عبيدة بن الجراح|أبو عبيدة]]) قد خطط بالفعل للخلافة، فيمكن قراءة خطوة عمر هذه بما يتماشى مع نفس السياق.<ref>مادلنج، جانشيني حضرت محمد(ص)، ص61.</ref>
وقد حاول أحد كتاب [[أهل السنة]]، وهو عبد الفتاح عبد المقصود (وفاة: [[1993م]])، في تحليل طويل، اعتبار القصة موضوعة.<ref>عبد المقصود، السقيفة والخلافة، ص81.</ref> ويرى [[ابن أبي الحديد]] – وهو متكلم [[المعتزلة|معتزلي]] سنّي – أنّ كلام عمر من قبيل الكذب المصلحي، ليمنع الفتنة والنزاع حول مسألة الخلافة.<ref>ابن‌ أبي‌ الحديد، شرح نهج البلاغة، ج2، ص42-43.</ref> وفي هذا الصدد، يرى [[محمد باقر الصدر]]، المفكر الشيعي، أن تصرف عمر هذا بمثابة خطة معدّة سلفاً لإيصال أبي بكر إلى السلطة.<ref>الصدر، فدك في التاريخ، ص62-63.</ref> لأنه رغم أنّ آخرين قرأوا آية سورة آل عمران على عمر، إلا أنه لم يسكت ولم يهدأ إلا عندما جاء أبو بكر وتلا نفس الآية، فأظهر جهله بها.<ref>البوشهري، «راز انكار رحلت پيامبر»، ص50.</ref> كما ذهب إلى هذا التحليل كلّ من [[عبد الحسين الأميني|الأميني]] صاحب [[موسوعة الغدير]]،<ref>الأميني، الغدير، ج7، ص250.</ref> و<nowiki/>[[محمد رضا المظفر|المظفر]] في كتاب [[السقيفة (كتاب)|السقيفة]]،<ref>المظفر، السقيفة، ص117.</ref> و<nowiki/>[[رسول جعفريان]] في [[تاريخ الخلفاء (رسول جعفريان)|تاريخ الخلفاء]]،<ref>جعفريان، تاريخ خلفا، ص22.</ref> و<nowiki/>[[نجاح الطائي|الطائي]] في [[السقيفة انقلاب أبيض]]،<ref>الطائي، السقيفة انقلاب أبيض، ص185-192.</ref> وبعض المؤلفين الشيعة الآخرين.<ref>راجع: غلامي، پس از غروب، ص63-66؛ پورسيد آقايي، چشمه در بستر، ص57-58.</ref> ويرى المستشرق الألماني [[مادلنج]] أنه إذا كان مثلث السلطة ([[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب|عمر]] و<nowiki/>[[أبو عبيدة بن الجراح|أبو عبيدة]]) قد خطط بالفعل للخلافة، فيمكن قراءة خطوة عمر هذه بما يتماشى مع نفس السياق.<ref>مادلنج، جانشيني حضرت محمد(ص)، ص61.</ref>
=== السقيفة ومبايعة أبي بكر ===
===السقيفة ومبايعة أبي بكر===
يعدّ اجتماع عدد من [[الصحابة]] في [[سقيفة بني ساعدة]] مباشرة عقب إعلان [[وفاة الرسول]] أهم خطوة في قضية غصب الخلافة.<ref>المظفر، السقيفة، ص24؛ عبد المقصود، السقيفة والخلافة، ص27.</ref> فبينما كان [[علي بن أبي طالب]] {{اختصار/ع}} و<nowiki/>[[بنو هاشم]] مشغولين بغسل وتكفين النبي {{اختصار/ص}}،<ref>راجع: شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص106-107.</ref> اجتمع بعض [[الأنصار]] وثلاثة من [[المهاجرين]] (أبو بكر وعمر وأبو عبيدة) في مكان يدعى سقيفة بني ساعدة، يتداولون في أمر تعيين الخليفة، وخلصوا أخيراً إلى مبايعة أبي بكر خليفة للرسول.<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص22؛ ابن‌ الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص327.</ref> ومن ثمّ شرعوا بأخذ البيعة القسرية من أهل [[المدينة المنورة]].<ref>راجع: شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص106-107.</ref>
يعدّ اجتماع عدد من [[الصحابة]] في [[سقيفة بني ساعدة]] مباشرة عقب إعلان [[وفاة الرسول]] أهم خطوة في قضية غصب الخلافة.<ref>المظفر، السقيفة، ص24؛ عبد المقصود، السقيفة والخلافة، ص27.</ref> فبينما كان [[علي بن أبي طالب]] {{اختصار/ع}} و<nowiki/>[[بنو هاشم]] مشغولين بغسل وتكفين النبي {{اختصار/ص}}،<ref>راجع: شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص106-107.</ref> اجتمع بعض [[الأنصار]] وثلاثة من [[المهاجرين]] (أبو بكر وعمر وأبو عبيدة) في مكان يدعى سقيفة بني ساعدة، يتداولون في أمر تعيين الخليفة، وخلصوا أخيراً إلى مبايعة أبي بكر خليفة للرسول.<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص22؛ ابن‌ الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص327.</ref> ومن ثمّ شرعوا بأخذ البيعة القسرية من أهل [[المدينة المنورة]].<ref>راجع: شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص106-107.</ref>
=== النزاع في المدينة والهجوم على دار علي ===
===النزاع في المدينة والهجوم على دار علي===
وفقاً لما ذكره [[اليعقوبي]] مؤرخ [[القرن الثالث الهجري]]، فقد رفض بعض الصحابة البيعة لأبي بكر بعد حادثة سقيفة بني ساعدة، مثل [[العباس بن عبد المطلب]]، و<nowiki/>[[الفضل بن العباس]]، و<nowiki/>[[سلمان الفارسي]]، و<nowiki/>[[أبي ذر الغفاري]]، و<nowiki/>[[عمار بن ياسر]]، و<nowiki/>[[البراء بن عازب]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص124.</ref> وبحسب [[السيد مرتضى العسكري]]، مؤرخ [[القرن الخامس عشر الهجري]]، فإن الذين لم يبايعوا أبا بكر اجتمعوا إلى الإمام علي {{اختصار/ع}} في دار فاطمة {{اختصار/عليها}}.<ref>عسكري، سقيفة، ص99.</ref> وقد ذكر [[تاريخ الطبري (كتاب)|تاريخ الطبري]] كلاً من [[طلحة بن عبيد الله|طلحة]] [[الزبير بن العوام|الزبير]] من بين المعتصمين.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص202.</ref>
وفقاً لما ذكره [[اليعقوبي]] مؤرخ [[القرن الثالث الهجري]]، فقد رفض بعض الصحابة البيعة لأبي بكر بعد حادثة سقيفة بني ساعدة، مثل [[العباس بن عبد المطلب]]، و<nowiki/>[[الفضل بن العباس]]، و<nowiki/>[[سلمان الفارسي]]، و<nowiki/>[[أبي ذر الغفاري]]، و<nowiki/>[[عمار بن ياسر]]، و<nowiki/>[[البراء بن عازب]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص124.</ref> وبحسب [[السيد مرتضى العسكري]]، مؤرخ [[القرن الخامس عشر الهجري]]، فإن الذين لم يبايعوا أبا بكر اجتمعوا إلى الإمام علي {{اختصار/ع}} في دار فاطمة {{اختصار/عليها}}.<ref>عسكري، سقيفة، ص99.</ref> وقد ذكر [[تاريخ الطبري (كتاب)|تاريخ الطبري]] كلاً من [[طلحة بن عبيد الله|طلحة]] [[الزبير بن العوام|الزبير]] من بين المعتصمين.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص202.</ref>


سطر ٧١: سطر ٧١:
ووفقاً لما جاء في بعض المصادر [[الشيعية]] القديمة، مثل [[كتاب سليم بن قيس]]، فإن عمر بن الخطاب نفذ تهديده وأضرم النار في باب [[دار فاطمة]]، ودخل البيت وضرب جنب [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|السيدة فاطمة]] بغمد سيفه.<ref>سليم بن قيس، كتاب سليم بن قيس، ج1، ص150.</ref> وبحسب كتاب [[إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب (المسعودي)|إثبات الوصية]] فإنهم أخرجوا علياً {{اختصار/ع}} عنوةً وحصروا سيدة النساء خلف الباب، حتى أجهضت ابنها [[المحسن بن علي بن أبي طالب (ع)|المحسن]].<ref>المسعودي، إثبات الوصية، ص146.</ref> ويقول المحدث الشيعي [[العياشي]] إنّ عمر ركل باب الدار ودخل البيت وأخرج علياً {{اختصار/ع}} مقيداً.<ref>العياشي، تفسير العياشي، ج2، ص67.</ref>
ووفقاً لما جاء في بعض المصادر [[الشيعية]] القديمة، مثل [[كتاب سليم بن قيس]]، فإن عمر بن الخطاب نفذ تهديده وأضرم النار في باب [[دار فاطمة]]، ودخل البيت وضرب جنب [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|السيدة فاطمة]] بغمد سيفه.<ref>سليم بن قيس، كتاب سليم بن قيس، ج1، ص150.</ref> وبحسب كتاب [[إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب (المسعودي)|إثبات الوصية]] فإنهم أخرجوا علياً {{اختصار/ع}} عنوةً وحصروا سيدة النساء خلف الباب، حتى أجهضت ابنها [[المحسن بن علي بن أبي طالب (ع)|المحسن]].<ref>المسعودي، إثبات الوصية، ص146.</ref> ويقول المحدث الشيعي [[العياشي]] إنّ عمر ركل باب الدار ودخل البيت وأخرج علياً {{اختصار/ع}} مقيداً.<ref>العياشي، تفسير العياشي، ج2، ص67.</ref>


== الخلافة في ظل وجود أئمة الشيعة ==
==الخلافة في ظل وجود أئمة الشيعة==
إنّ زمان حضور [[أئمة الشيعة]] يمتد بين السنوات [[11هـ]] إلى [[260هـ]]. وقد عاش في هذه المدة أحد عشر إماماً، ومنذ عام 260هـ وصلت الإمامة إلى [[الإمام الثاني عشر]] لكنه [[غيبة الإمام المهدي|غاب]]. وقد حكم منذ العام 11هـ وحتى عام [[35هـ]] ثلاثة خلفاء ([[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]]، و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب|عمر]]، و<nowiki/>[[عثمان بن عفان|عثمان]]). وتزامنت هذه الفترة مع حياة [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|الإمام علي]] {{اختصار/ع}} الإمام الأول للشيعة الذين يعتبرون الخلافة حقّاً له. ومن سنة [[35هـ]] إلى بداية سنة [[41هـ]] وصلت الخلافة إلى الإمام علي والإمام الحسن {{اختصار/عليهما}}(ع). وفي سنة 41هـ استولى [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] على الخلافة من الحسن بن علي، ومنذ تلك السنة حتى نهاية هذه المدة البالغة 250 سنة، لم يصل إلى الحكم أي من [[أئمة الشيعة|أئمة الشيعة الاثني عشر]].<ref>يحتاج لمصدر.</ref>  
إنّ زمان حضور [[أئمة الشيعة]] يمتد بين السنوات [[11هـ]] إلى [[260هـ]]. وقد عاش في هذه المدة أحد عشر إماماً، ومنذ عام 260هـ وصلت الإمامة إلى [[الإمام الثاني عشر]] لكنه [[غيبة الإمام المهدي|غاب]]. وقد حكم منذ العام 11هـ وحتى عام [[35هـ]] ثلاثة خلفاء ([[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]]، و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب|عمر]]، و<nowiki/>[[عثمان بن عفان|عثمان]]). وتزامنت هذه الفترة مع حياة [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|الإمام علي]] {{اختصار/ع}} الإمام الأول للشيعة الذين يعتبرون الخلافة حقّاً له. ومن سنة [[35هـ]] إلى بداية سنة [[41هـ]] وصلت الخلافة إلى الإمام علي والإمام الحسن {{اختصار/عليهما}}(ع). وفي سنة 41هـ استولى [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] على الخلافة من الحسن بن علي، ومنذ تلك السنة حتى نهاية هذه المدة البالغة 250 سنة، لم يصل إلى الحكم أي من [[أئمة الشيعة|أئمة الشيعة الاثني عشر]].<ref>يحتاج لمصدر.</ref>  
=== معارضة علي وأصحابه لحكم أبي بكر بادئ الأمر ===
===معارضة علي وأصحابه لحكم أبي بكر بادئ الأمر===
وبعد حادثة [[سقيفة بني ساعدة]] وتولي [[أبي بكر]] للخلافة رفض بعض [[الصحابة]] مبايعته واعتزلوا مع [[الإمام علي]] {{اختصار/ع}} في دار [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] {{اختصار/عليها}}.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص124؛ عسكري، سقيفة: بررسي نحوه شكل‌ گيري حكومت پس از پيامبر، ص99؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص202.</ref> وحاول الخليفة وأصحابه الحصول على البيعة من هذه الجماعة وأرسلوا أشخاصاً إلى دار علي عدة مرات.<ref>اليوسفي الغروي، «تاريخ هجوم به خانه حضرت زهرا»، ص14.</ref> ووفقاً لما جاء في هذا الخبر، فإنّ علياً قال أول الأمر أنّه أقسم ألا يخرج من البيت حتى يجمع [[القرآن]].<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص30-31.</ref> ويقال أيضاً أنه كان يذهب إلى بيوت [[الأنصار]] ليلاً مع فاطمة ويطلب منهم النصرة.<ref>الأميني، الغدير، ج7، ص108.</ref> وبعد [[الهجوم على دار فاطمة]] وإجهاضها، مرضت فاطمة وبقيت رهن فراشها، وخلال هذه الفترة رفضت عيادة [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]] و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب|عمر]] لها، وصرّحت أنها مستاءة وغير راضية عن هذين الشخصين. كما أوصت أن تُشيع وتُدفن ليلاً حتى لا يحضر جنازتها الآخرون.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج43، ص192.</ref>
وبعد حادثة [[سقيفة بني ساعدة]] وتولي [[أبي بكر]] للخلافة رفض بعض [[الصحابة]] مبايعته واعتزلوا مع [[الإمام علي]] {{اختصار/ع}} في دار [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] {{اختصار/عليها}}.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص124؛ عسكري، سقيفة: بررسي نحوه شكل‌ گيري حكومت پس از پيامبر، ص99؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج‏3، ص202.</ref> وحاول الخليفة وأصحابه الحصول على البيعة من هذه الجماعة وأرسلوا أشخاصاً إلى دار علي عدة مرات.<ref>اليوسفي الغروي، «تاريخ هجوم به خانه حضرت زهرا»، ص14.</ref> ووفقاً لما جاء في هذا الخبر، فإنّ علياً قال أول الأمر أنّه أقسم ألا يخرج من البيت حتى يجمع [[القرآن]].<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص30-31.</ref> ويقال أيضاً أنه كان يذهب إلى بيوت [[الأنصار]] ليلاً مع فاطمة ويطلب منهم النصرة.<ref>الأميني، الغدير، ج7، ص108.</ref> وبعد [[الهجوم على دار فاطمة]] وإجهاضها، مرضت فاطمة وبقيت رهن فراشها، وخلال هذه الفترة رفضت عيادة [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]] و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب|عمر]] لها، وصرّحت أنها مستاءة وغير راضية عن هذين الشخصين. كما أوصت أن تُشيع وتُدفن ليلاً حتى لا يحضر جنازتها الآخرون.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج43، ص192.</ref>


=== مبايعة الإمام لأبي بكر ===
===مبايعة الإمام لأبي بكر===
بعد [[واقعة الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام|مهاجمة بيت علي وفاطمة]] ثلاث أو أربع<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص30-31.</ref> مرات، اشتدّ الخليفة وأتباعه في الأمر،<ref>اليوسفي الغروي، «تاريخ هجوم به خانه حضرت زهرا»، ص14.</ref> فأخذوا علياً {{اختصار/ع}} إلى أبي بكر وهددوه أنه إن لم يبايع فستُضرب عنقه.<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص30-31.</ref> وبحسب ما جاء في [[كتاب سليم بن قيس الهلالي|كتاب سليم]] فإنّ علياً احتج في ذلك المجلس وذكّر الناس بكلام [[النبي محمد|النبي]] {{اختصار/ص}} [[واقعة غدير خم|يوم الغدير]] وغير ذلك من الأدلة على خلافته، لكن أبا بكر قال إنه سمع من النبي أنّ النبوة والخلافة لا تجتمعان في أهل بيته.<ref>سليم بن قيس، كتاب سليم بن قيس، ج1، ص153-155.</ref>
بعد [[واقعة الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام|مهاجمة بيت علي وفاطمة]] ثلاث أو أربع<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص30-31.</ref> مرات، اشتدّ الخليفة وأتباعه في الأمر،<ref>اليوسفي الغروي، «تاريخ هجوم به خانه حضرت زهرا»، ص14.</ref> فأخذوا علياً {{اختصار/ع}} إلى أبي بكر وهددوه أنه إن لم يبايع فستُضرب عنقه.<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص30-31.</ref> وبحسب ما جاء في [[كتاب سليم بن قيس الهلالي|كتاب سليم]] فإنّ علياً احتج في ذلك المجلس وذكّر الناس بكلام [[النبي محمد|النبي]] {{اختصار/ص}} [[واقعة غدير خم|يوم الغدير]] وغير ذلك من الأدلة على خلافته، لكن أبا بكر قال إنه سمع من النبي أنّ النبوة والخلافة لا تجتمعان في أهل بيته.<ref>سليم بن قيس، كتاب سليم بن قيس، ج1، ص153-155.</ref>


وجاء في رواية أنهم عندما هددوا علياً {{اختصار/ع}} بضرب عنقه إن لم يبايع، أمسك [[العباس بن عبد المطلب|العباس]] عم النبي بيد علي ومررها على يد أبي بكر لينقذ حياته، فخلّوا سبيله.<ref>العياشي، تفسير العياشي، ج2، ص68.</ref> وبحسب ما ورد في كتاب [[الإمامة والسياسة (كتاب)|الإمامة والسياسة]]، فإنّ أبا بكر قال إنه لن يجبر علياً على شيء ما دامت [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] إلى جانبه.<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص30-31.</ref> وبحسب [[الشيخ المفيد]]، فقد اختلفت الروايات حول مبايعة علي لأبي بكر وعدمها؛ فمنها أنه بايع بعد أربعين يوماً، وقيل ستة أشهر، وقيل بعد [[استشهاد فاطمة]] {{اختصار/عليها}}. ويعتقد الشيخ المفيد أن علياً لم يبايع قط.<ref>المفيد، الفصول المختارة، ص56-57.</ref>
وجاء في رواية أنهم عندما هددوا علياً {{اختصار/ع}} بضرب عنقه إن لم يبايع، أمسك [[العباس بن عبد المطلب|العباس]] عم النبي بيد علي ومررها على يد أبي بكر لينقذ حياته، فخلّوا سبيله.<ref>العياشي، تفسير العياشي، ج2، ص68.</ref> وبحسب ما ورد في كتاب [[الإمامة والسياسة (كتاب)|الإمامة والسياسة]]، فإنّ أبا بكر قال إنه لن يجبر علياً على شيء ما دامت [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] إلى جانبه.<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص30-31.</ref> وبحسب [[الشيخ المفيد]]، فقد اختلفت الروايات حول مبايعة علي لأبي بكر وعدمها؛ فمنها أنه بايع بعد أربعين يوماً، وقيل ستة أشهر، وقيل بعد [[استشهاد فاطمة]] {{اختصار/عليها}}. ويعتقد الشيخ المفيد أن علياً لم يبايع قط.<ref>المفيد، الفصول المختارة، ص56-57.</ref>


=== علي وشورى الخلافة السداسية ===
===علي وشورى الخلافة السداسية===
{{أعضاء الشورى بعد عمر}}
{{أعضاء الشورى بعد عمر}}
ذكرت المصادر التاريخية أنّ [[عمر بن الخطاب]] اغتيل على يد [[أبو لؤلؤة|أبي لؤلؤ]] سنة [[23هـ]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص159-160؛ ابن‌ عبد البر، الاستيعاب، ج3، ص1155-1156؛ المسعودي، مروج الذهب، ج2، ص320-321.</ref> وكان عمر يقول وهو على فراش الموت: لو كان [[معاذ بن جبل]] أو [[أبو عبيدة بن الجراح]] أو [[سالم مولى أبي حذيفة]] أحياء لعهد إليهم بالخلافة.<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص42.</ref> ولكن نظراً لوفاة هؤلاء<ref>ابن‌ سعد، الطبقات الكبرى، ج3، ص344.</ref> قام بتعيين مجلس من ستة أعضاء لتعيين الخليفة من بعده، وهم: [[علي بن أبي طالب]] {{اختصار/ع}}، و<nowiki/>[[عثمان بن عفان]]، و<nowiki/>[[طلحة بن عبيد الله]]، و<nowiki/>[[الزبير بن العوام]]، و<nowiki/>[[سعد بن أبي وقاص]]، و<nowiki/>[[عبد الرحمن بن عوف]]،<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص129.</ref> وذلك لاختيار خليفة من بينهم بموافقة أغلبية أعضاء الشورى، وإذا انقسموا في الرأي إلى فريقين من ثلاثة أشخاص، فيتم قبول رأي المجموعة التي يكون عبد الرحمن فيها.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 160. </ref>
ذكرت المصادر التاريخية أنّ [[عمر بن الخطاب]] اغتيل على يد [[أبو لؤلؤة|أبي لؤلؤ]] سنة [[23هـ]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص159-160؛ ابن‌ عبد البر، الاستيعاب، ج3، ص1155-1156؛ المسعودي، مروج الذهب، ج2، ص320-321.</ref> وكان عمر يقول وهو على فراش الموت: لو كان [[معاذ بن جبل]] أو [[أبو عبيدة بن الجراح]] أو [[سالم مولى أبي حذيفة]] أحياء لعهد إليهم بالخلافة.<ref>ابن‌ قتيبة، الإمامة والسياسة، ج1، ص42.</ref> ولكن نظراً لوفاة هؤلاء<ref>ابن‌ سعد، الطبقات الكبرى، ج3، ص344.</ref> قام بتعيين مجلس من ستة أعضاء لتعيين الخليفة من بعده، وهم: [[علي بن أبي طالب]] {{اختصار/ع}}، و<nowiki/>[[عثمان بن عفان]]، و<nowiki/>[[طلحة بن عبيد الله]]، و<nowiki/>[[الزبير بن العوام]]، و<nowiki/>[[سعد بن أبي وقاص]]، و<nowiki/>[[عبد الرحمن بن عوف]]،<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص129.</ref> وذلك لاختيار خليفة من بينهم بموافقة أغلبية أعضاء الشورى، وإذا انقسموا في الرأي إلى فريقين من ثلاثة أشخاص، فيتم قبول رأي المجموعة التي يكون عبد الرحمن فيها.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 160. </ref>
سطر ٨٩: سطر ٨٩:
وذكرت بعض المصادر أن علياً {{اختصار/ع}} اعتبر شرط ابن عوف نوعاً من الخداع لتصير إليه الخلافة من بعد عثمان، واعتبر ذلك غصباً لحقه، وهو الأمر الذي أصبح سنّةً ضد [[أهل البيت]] فيما بعد.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص296-302؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص162؛ ابن‌ أبي‌ الحديد، شرح نهج‌ البلاغة، ج1، ص194.</ref> ولما بايع الناس عثمان قال أيضاً: "إنكم لتعلمون أني أولى بالخلافة من غيري، ولكن لأسلّمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يقع ظلم على أحد سواي".<ref>ابن‌ أبي‌ الحديد، شرح نهج‌ البلاغة، ج6، ص168</ref> هذا وقد أشار {{اختصار/ع}} إلى مسألة [[الشورى السداسية]] بعد سنوات عديدة في خطبته المعروفة ب<nowiki/>[[الخطبة الشقشقية|الشقشقية]]، وصرّح هناك أنهم جعلوني كأحدهم، ورغم ذلك تنازلت وتعاونت معهم حفظاً للإسلام.<ref>مكارم الشيرازي، نهج البلاغة با ترجمة روان فارسي، ج1، ص39.</ref>
وذكرت بعض المصادر أن علياً {{اختصار/ع}} اعتبر شرط ابن عوف نوعاً من الخداع لتصير إليه الخلافة من بعد عثمان، واعتبر ذلك غصباً لحقه، وهو الأمر الذي أصبح سنّةً ضد [[أهل البيت]] فيما بعد.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص296-302؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص162؛ ابن‌ أبي‌ الحديد، شرح نهج‌ البلاغة، ج1، ص194.</ref> ولما بايع الناس عثمان قال أيضاً: "إنكم لتعلمون أني أولى بالخلافة من غيري، ولكن لأسلّمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يقع ظلم على أحد سواي".<ref>ابن‌ أبي‌ الحديد، شرح نهج‌ البلاغة، ج6، ص168</ref> هذا وقد أشار {{اختصار/ع}} إلى مسألة [[الشورى السداسية]] بعد سنوات عديدة في خطبته المعروفة ب<nowiki/>[[الخطبة الشقشقية|الشقشقية]]، وصرّح هناك أنهم جعلوني كأحدهم، ورغم ذلك تنازلت وتعاونت معهم حفظاً للإسلام.<ref>مكارم الشيرازي، نهج البلاغة با ترجمة روان فارسي، ج1، ص39.</ref>


=== غصب بني أمية للخلافة ===
===غصب بني أمية للخلافة===
بعد [[استشهاد الإمام علي]] {{اختصار/ع}} في [[الكوفة]] سنة [[40هـ]]، بايع الناس [[الإمام الحسن المجتبى]] {{اختصار/ع}}،<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص158.</ref> ولكن لقلة دعم أهل الكوفة في الحرب مع جيش [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]]،<ref>آل ياسين، صلح الحسن، ص244-246؛ جعفريان، تاريخ خلفا، ص369.</ref> استولى معاوية على الخلافة من خلال [[صلح الإمام الحسن عليه السلام|اتفاقية صلح]]،<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص162.</ref> والتي أصبحت لاحقاً أساساً [[الأمويون|للخلافة الأموية]].<ref>جعفريان، تاريخ خلفا، ص393.</ref> وقد صرح معاوية نفسه بأنه لم يأخذ الخلافة برضا من الناس بل بقوة السيف.<ref>جعفريان، تاريخ خلفا، ص396.</ref>
بعد [[استشهاد الإمام علي]] {{اختصار/ع}} في [[الكوفة]] سنة [[40هـ]]، بايع الناس [[الإمام الحسن المجتبى]] {{اختصار/ع}}،<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص158.</ref> ولكن لقلة دعم أهل الكوفة في الحرب مع جيش [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]]،<ref>آل ياسين، صلح الحسن، ص244-246؛ جعفريان، تاريخ خلفا، ص369.</ref> استولى معاوية على الخلافة من خلال [[صلح الإمام الحسن عليه السلام|اتفاقية صلح]]،<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص162.</ref> والتي أصبحت لاحقاً أساساً [[الأمويون|للخلافة الأموية]].<ref>جعفريان، تاريخ خلفا، ص393.</ref> وقد صرح معاوية نفسه بأنه لم يأخذ الخلافة برضا من الناس بل بقوة السيف.<ref>جعفريان، تاريخ خلفا، ص396.</ref>


سطر ٩٥: سطر ٩٥:


توفي معاوية سنة [[60هـ]]، وأعلن [[يزيد بن معاوية|يزيد]] نفسه خليفة.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص338.</ref> وخالف الحسين بن علي وآخرون مثل [[عبد الله بن الزبير]] هذا القرار.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص338-343.</ref> وكان على الحسين أن يذهب من [[المدينة المنورة]] إلى [[مكة]]<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص343.</ref> ومن هناك إلى [[العراق]].<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص382.</ref> وبعد بضعة أشهر من حكم يزيد، قام [[عبيد الله بن زياد]] والي الكوفة بتجهيز جيش لملاحقة الحسين، وقاموا بقتله مع أصحابه في [[كربلاء]].<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص389.</ref> وبعد استشهاد الإمام الحسين، تعرض [[الشيعة]] لضغوط شديدة في ظل الحكم الأموي.<ref>جعفريان، تاريخ خلفا، ص544-545.</ref> وبسبب هذا الوضع والقمع الشديد للمعارضة من قبل الأمويين،<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص316.</ref> لم يمارس [[الإمام السجاد]]<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص266.</ref> و<nowiki/>[[الإمام الباقر]]<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص316.</ref> اللذين عاصرا تلك الفترة أي نشاط سياسي علني.<ref>الليثي، جهاد الشيعة، ص244.</ref> وكذلك [[الإمام جعفر الصادق عليه السلام|الإمام الصادق]] - سادس أئمة الشيعة - الذي تزامن جزء من إمامته مع العهد الأموي، لم يتحرك سياسياً، بل وتجنّب دعم ثورة ابن أخيه [[زيد بن علي|زيد]] علناً.<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص362-364.</ref> كما أنه لم يقبل دعوة [[العباسيين]] لقيادة انتفاضتهم ضد الأمويين لاحقاً.<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص367.</ref>
توفي معاوية سنة [[60هـ]]، وأعلن [[يزيد بن معاوية|يزيد]] نفسه خليفة.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص338.</ref> وخالف الحسين بن علي وآخرون مثل [[عبد الله بن الزبير]] هذا القرار.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص338-343.</ref> وكان على الحسين أن يذهب من [[المدينة المنورة]] إلى [[مكة]]<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص343.</ref> ومن هناك إلى [[العراق]].<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص382.</ref> وبعد بضعة أشهر من حكم يزيد، قام [[عبيد الله بن زياد]] والي الكوفة بتجهيز جيش لملاحقة الحسين، وقاموا بقتله مع أصحابه في [[كربلاء]].<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص389.</ref> وبعد استشهاد الإمام الحسين، تعرض [[الشيعة]] لضغوط شديدة في ظل الحكم الأموي.<ref>جعفريان، تاريخ خلفا، ص544-545.</ref> وبسبب هذا الوضع والقمع الشديد للمعارضة من قبل الأمويين،<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص316.</ref> لم يمارس [[الإمام السجاد]]<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص266.</ref> و<nowiki/>[[الإمام الباقر]]<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص316.</ref> اللذين عاصرا تلك الفترة أي نشاط سياسي علني.<ref>الليثي، جهاد الشيعة، ص244.</ref> وكذلك [[الإمام جعفر الصادق عليه السلام|الإمام الصادق]] - سادس أئمة الشيعة - الذي تزامن جزء من إمامته مع العهد الأموي، لم يتحرك سياسياً، بل وتجنّب دعم ثورة ابن أخيه [[زيد بن علي|زيد]] علناً.<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص362-364.</ref> كما أنه لم يقبل دعوة [[العباسيين]] لقيادة انتفاضتهم ضد الأمويين لاحقاً.<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص367.</ref>
=== غصب العباسيين للخلافة ===
===غصب العباسيين للخلافة===
يعتبر بنو العباس الذين أصبحوا حكام البلاد الإسلامية منذ عام [[132هـ]]<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، ص22.</ref> مغتصبين لخلافة [[الأئمة]] من وجهة نظر [[الشيعة]].<ref>الليثي، جهاد الشيعة، ص408 و 495.</ref> ورغم أن العباسيين بدأوا حركتهم ضد الأمويين بشعارات شيعية، إلا أنهم بعد فترة تخلوا عن الفكر الشيعي وأبدوا تفضيلهم للشيخين ([[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]] و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب|عمر]]) على [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|علي]] {{اختصار/ع}}.<ref>الخضري، الدولة العباسية، ص470.</ref> وقاموا بقمع كل تحرك [[آل علي|للعلويين]] سواء من [[الزيدية]] أو [[الإمامية]]، حيث اعتقل [[هارون العباسي]] أربعة من زعماء العلويين وقام بقتلهم.<ref>الليثي، جهاد الشيعة، ص397.</ref>
يعتبر بنو العباس الذين أصبحوا حكام البلاد الإسلامية منذ عام [[132هـ]]<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، ص22.</ref> مغتصبين لخلافة [[الأئمة]] من وجهة نظر [[الشيعة]].<ref>الليثي، جهاد الشيعة، ص408 و 495.</ref> ورغم أن العباسيين بدأوا حركتهم ضد الأمويين بشعارات شيعية، إلا أنهم بعد فترة تخلوا عن الفكر الشيعي وأبدوا تفضيلهم للشيخين ([[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]] و<nowiki/>[[عمر بن الخطاب|عمر]]) على [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|علي]] {{اختصار/ع}}.<ref>الخضري، الدولة العباسية، ص470.</ref> وقاموا بقمع كل تحرك [[آل علي|للعلويين]] سواء من [[الزيدية]] أو [[الإمامية]]، حيث اعتقل [[هارون العباسي]] أربعة من زعماء العلويين وقام بقتلهم.<ref>الليثي، جهاد الشيعة، ص397.</ref>


سطر ١٠٢: سطر ١٠٢:
تم استدعاء الإمام الثامن [[علي بن موسى الرضا]] من المدينة المنورة إلى خراسان بأمر من الخليفة العباسي [[المأمون]].<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص436.</ref> وعرض عليه المأمون في البداية تسليم الخلافة له، لكن الإمام الرضا لم يقبل هذا العرض،<ref>الصدوق، الأمالي، ص68-69؛ العاملي، الحياة السياسية للإمام الرضا، ص277.</ref> ثم أجبره المأمون على قبول [[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|ولاية العهد]].<ref>العاملي، الحياة السياسية للإمام الرضا، ص280.</ref> ثمّ ما لبث أن توفي الإمام بعد أقل من عامين.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص453.</ref> ونُسبت وفاة الإمام الرضا في خراسان إلى المأمون، حيث أنّ هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى ذلك.<ref>الخضري، الدولة العباسية، ص470.</ref> وقد ذكر جماعة من مؤرخي الشيعة أن الإمام الرضا استشهد بالسم وبأمر من المأمون.<ref>العاملي، الحياة السياسية للإمام الرضا، ص422؛ جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص446.</ref> كما أن الإمام الثاني عشر [[الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه|المهدي]] كان مخفيّاً عن الآخرين منذ ولادته، وقد [[غيبة الإمام المهدي|غاب]] منذ بداية إمامته سنة [[260هـ]]، ولم يكن يتصل بالناس إلا عن طريق [[النواب الأربعة|أشخاص معيّنين]]، وبعد سنة [[329هـ]] قطع كل اتصالاته الظاهرية مع الناس، وبدأت فترة [[الغيبة الكبرى|غيبته الكبرى]].<ref>المظفر، تاريخ الشيعة، ص71-74.</ref>
تم استدعاء الإمام الثامن [[علي بن موسى الرضا]] من المدينة المنورة إلى خراسان بأمر من الخليفة العباسي [[المأمون]].<ref>جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص436.</ref> وعرض عليه المأمون في البداية تسليم الخلافة له، لكن الإمام الرضا لم يقبل هذا العرض،<ref>الصدوق، الأمالي، ص68-69؛ العاملي، الحياة السياسية للإمام الرضا، ص277.</ref> ثم أجبره المأمون على قبول [[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|ولاية العهد]].<ref>العاملي، الحياة السياسية للإمام الرضا، ص280.</ref> ثمّ ما لبث أن توفي الإمام بعد أقل من عامين.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص453.</ref> ونُسبت وفاة الإمام الرضا في خراسان إلى المأمون، حيث أنّ هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى ذلك.<ref>الخضري، الدولة العباسية، ص470.</ref> وقد ذكر جماعة من مؤرخي الشيعة أن الإمام الرضا استشهد بالسم وبأمر من المأمون.<ref>العاملي، الحياة السياسية للإمام الرضا، ص422؛ جعفريان، حيات فكري وسياسي إمامان شيعة، ص446.</ref> كما أن الإمام الثاني عشر [[الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه|المهدي]] كان مخفيّاً عن الآخرين منذ ولادته، وقد [[غيبة الإمام المهدي|غاب]] منذ بداية إمامته سنة [[260هـ]]، ولم يكن يتصل بالناس إلا عن طريق [[النواب الأربعة|أشخاص معيّنين]]، وبعد سنة [[329هـ]] قطع كل اتصالاته الظاهرية مع الناس، وبدأت فترة [[الغيبة الكبرى|غيبته الكبرى]].<ref>المظفر، تاريخ الشيعة، ص71-74.</ref>


== غصب الخلافة والنظرية السياسية عند الشيعة ==
==غصب الخلافة والنظرية السياسية عند الشيعة==
تأثّرت النظريات السياسية [[الشيعية]] بنظرية حق [[أئمة الشيعة]] في [[الخلافة]] واعتبار الآخرين مغتصبين لهذا المنصب.
تأثّرت النظريات السياسية [[الشيعية]] بنظرية حق [[أئمة الشيعة]] في [[الخلافة]] واعتبار الآخرين مغتصبين لهذا المنصب.
=== الأحقية بالحكم في زمان الغيبة ===
===الأحقية بالحكم في زمان الغيبة===
يرى [[الشيخ الأنصاري]] ([[1214هـ|1214]]-[[1281هـ]]) أن جميع حكام فترة [[غيبة الإمام المهدي|الغيبة]] هم حكام جور، حتى لو كانوا شيعة، لأنهم غصبوا منصب الإمام [[المعصوم]].<ref>فيرحي، «مباني فقهي مشروطه‌ خواهي از ديدگاه آخوند خراساني»، ص17.</ref> كما تبنّى هذا الرأي كل من [[الآخوند الخراساني]] ([[1329هـ|1329]]-[[1255هـ]]). و<nowiki/>[[عبد الله المازندراني]] ([[1256هـ|1256]]-[[1330هـ]]) و<nowiki/>[[الميرزا حسين الطهراني]]، واعتبروا كل حاكم غير معصوم حاكماً جائراً.<ref>فيرحي، «مباني فقهي مشروطه‌ خواهي از ديدگاه آخوند خراساني»، ص25.</ref> وقد استخدم [[محمد حسين الغروي النائيني|النائيني]] أيضاً تعبير (السلطة الجائرة).<ref>فيرحي، «مباني فقهي مشروطه‌ خواهي از ديدگاه آخوند خراساني»، ص26.</ref> وبحسب بعض الباحثين فإن هذه النظرية التي ثبتت صحتها بالاعتماد على قاعدة "حرمة إعانة الظالمين"، أصبحت الأساس لفتوى بعض [[الفقهاء]] ضد حكام [[إيران]] خلال [[الحركة الدستورية في إيران|الحركة الدستورية]] (المشروطة).<ref>فيرحي، «مباني فقهي مشروطه‌ خواهي از ديدگاه آخوند خراساني»، ص18.</ref>
يرى [[الشيخ الأنصاري]] ([[1214هـ|1214]]-[[1281هـ]]) أن جميع حكام فترة [[غيبة الإمام المهدي|الغيبة]] هم حكام جور، حتى لو كانوا شيعة، لأنهم غصبوا منصب الإمام [[المعصوم]].<ref>فيرحي، «مباني فقهي مشروطه‌ خواهي از ديدگاه آخوند خراساني»، ص17.</ref> كما تبنّى هذا الرأي كل من [[الآخوند الخراساني]] ([[1329هـ|1329]]-[[1255هـ]]). و<nowiki/>[[عبد الله المازندراني]] ([[1256هـ|1256]]-[[1330هـ]]) و<nowiki/>[[الميرزا حسين الطهراني]]، واعتبروا كل حاكم غير معصوم حاكماً جائراً.<ref>فيرحي، «مباني فقهي مشروطه‌ خواهي از ديدگاه آخوند خراساني»، ص25.</ref> وقد استخدم [[محمد حسين الغروي النائيني|النائيني]] أيضاً تعبير (السلطة الجائرة).<ref>فيرحي، «مباني فقهي مشروطه‌ خواهي از ديدگاه آخوند خراساني»، ص26.</ref> وبحسب بعض الباحثين فإن هذه النظرية التي ثبتت صحتها بالاعتماد على قاعدة "حرمة إعانة الظالمين"، أصبحت الأساس لفتوى بعض [[الفقهاء]] ضد حكام [[إيران]] خلال [[الحركة الدستورية في إيران|الحركة الدستورية]] (المشروطة).<ref>فيرحي، «مباني فقهي مشروطه‌ خواهي از ديدگاه آخوند خراساني»، ص18.</ref>


ويعتبر فقهاء الشيعة، استناداً إلى نظرية حق الخلافة للأئمة الشيعة، أن أي حكم من قبل الآخرين هو حكم مغصوب وغير شرعي.<ref>مصطفوي، درآمدي بر تئوري‌ هاي حاكميت ودولت از منظر إسلام، ص173.</ref> وتعطي هذه النظرية الأئمة وحدهم الحق في اتخاذ القرارات بشأن شكل النظام السياسي في ظل وجودهم.<ref>فيرحي، فقه وسياست در إيران معاصر، ص93.</ref> لكن علماء الشيعة لم يتفقوا على رأي واحد بشأن الحكم في غيبة الإمام المعصوم، وطرحوا عدة نظريات.<ref>فيرحي، فقه وسياست در إيران معاصر، ص94.</ref> وأشهر هذه النظريات هي الاعتقاد بحق حكم الفقيه بإجازة من الأئمة المعصومين وتعيينهم، وهو ما يُعرف بنظرية [[ولاية الفقيه]].<ref>مصطفوي، درآمدي بر تئوري‌ هاي حاكميت ودولت از منظر إسلام، ص174-177.</ref>
ويعتبر فقهاء الشيعة، استناداً إلى نظرية حق الخلافة للأئمة الشيعة، أن أي حكم من قبل الآخرين هو حكم مغصوب وغير شرعي.<ref>مصطفوي، درآمدي بر تئوري‌ هاي حاكميت ودولت از منظر إسلام، ص173.</ref> وتعطي هذه النظرية الأئمة وحدهم الحق في اتخاذ القرارات بشأن شكل النظام السياسي في ظل وجودهم.<ref>فيرحي، فقه وسياست در إيران معاصر، ص93.</ref> لكن علماء الشيعة لم يتفقوا على رأي واحد بشأن الحكم في غيبة الإمام المعصوم، وطرحوا عدة نظريات.<ref>فيرحي، فقه وسياست در إيران معاصر، ص94.</ref> وأشهر هذه النظريات هي الاعتقاد بحق حكم الفقيه بإجازة من الأئمة المعصومين وتعيينهم، وهو ما يُعرف بنظرية [[ولاية الفقيه]].<ref>مصطفوي، درآمدي بر تئوري‌ هاي حاكميت ودولت از منظر إسلام، ص174-177.</ref>
=== التعاطي مع الحكومات غير المشروعة ===
===التعاطي مع الحكومات غير المشروعة===
أما كيفية التعامل والتعاطي مع حكومة غير المعصومين فقد تمت مناقشتها في الفقه السياسي الشيعي منذ زمن الأئمة. وقبل عهد [[الشيخ المفيد]] (وفاة: [[413هـ]])، كثيراً ما كان الشيعة يعتبرون التعاون مع حكام الجور [[الحرام|محرّماً]].<ref>حسني‌ نسب وآخرون، »تعامل با سلطان جور در انديشه شيخ مفيد»، ص104.</ref> ولكن منذ هذه الفترة فصاعداً، طُرحت أيضاً نظريات أخرى، تعتبر في بعض الأحيان التعاون مع الحكام [[المباح|مباحاً]]، بل [[الواجب|واجباً]] في بعض الحالات.<ref>حسني‌ نسب وآخرون، »تعامل با سلطان جور در انديشه شيخ مفيد»، ص112-114.</ref>
أما كيفية التعامل والتعاطي مع حكومة غير المعصومين فقد تمت مناقشتها في الفقه السياسي الشيعي منذ زمن الأئمة. وقبل عهد [[الشيخ المفيد]] (وفاة: [[413هـ]])، كثيراً ما كان الشيعة يعتبرون التعاون مع حكام الجور [[الحرام|محرّماً]].<ref>حسني‌ نسب وآخرون، »تعامل با سلطان جور در انديشه شيخ مفيد»، ص104.</ref> ولكن منذ هذه الفترة فصاعداً، طُرحت أيضاً نظريات أخرى، تعتبر في بعض الأحيان التعاون مع الحكام [[المباح|مباحاً]]، بل [[الواجب|واجباً]] في بعض الحالات.<ref>حسني‌ نسب وآخرون، »تعامل با سلطان جور در انديشه شيخ مفيد»، ص112-114.</ref>


١٠٬٨٤٠

تعديل