مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القضاء والقدر»
ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Bassam |
imported>Bassam طلا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
{{معتقدات الشيعة}} | {{معتقدات الشيعة}} | ||
''' | '''القضاء والقدر''' هما من الأصول الإسلامية الواردة في [[القرآن الكريم|الكتاب]] و[[السنة]]، والقضاء هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به، والقدر بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع، وقد عرّفهما [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} بقوله :القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء، والقضاء هو الإبرام وإقامة العين.<ref>الكليني، الكافي، ج1، ص383</ref> | ||
==تعريف القضاء والقدر== | ==تعريف القضاء والقدر== | ||
=== | ===القضاء والقدر لغة=== | ||
*القضاء: (قضي) القاف والضاد والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إحكام أمرٍ وإتقانهِ وإنفاذه لجهته، قال الله تعالى: {{قرآن|فقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ في يَوْمَيْنِ{{<ref>فصلت :12 .</ref>أي أحكَمَ خَلْقَهنّ والقضاء: الحُكم. قال الله {{عز وجل}} في ذكر من قال: {{قرآن|فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}}<ref>طه: 72.</ref>أي اصنَعْ واحكُمْ. ولذلك سمِّي القاضي قاضياً، لأنَّه يحكم الأحكامَ ويُنْفِذُها. وسمِّيت المنيَّةُ قضاءً لأنَّه أمر يُنْفَذُ في ابن آدم وغيرهِ من الخَلْق.<ref>ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج5، ص99.</ref> | *القضاء: (قضي) القاف والضاد والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إحكام أمرٍ وإتقانهِ وإنفاذه لجهته، قال الله تعالى: {{قرآن|فقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ في يَوْمَيْنِ{{<ref>فصلت :12 .</ref>أي أحكَمَ خَلْقَهنّ والقضاء: الحُكم. قال الله {{عز وجل}} في ذكر من قال: {{قرآن|فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}}<ref>طه: 72.</ref>أي اصنَعْ واحكُمْ. ولذلك سمِّي القاضي قاضياً، لأنَّه يحكم الأحكامَ ويُنْفِذُها. وسمِّيت المنيَّةُ قضاءً لأنَّه أمر يُنْفَذُ في ابن آدم وغيرهِ من الخَلْق.<ref>ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج5، ص99.</ref> | ||
*القدر :القاف والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَبْلَغ الشَّيء وكُنهه ونهايته. فالقدر: مبلغُ كلِّ شيء. يقال: قَدْرُه كذا، أي مبلغُه. وكذلك القَدَر. وقَدَرتُ الشّيءَ أَقْدِرُه وأَقْدُرُه من التقدير، وقدَّرته أُقَدِّره. والقَدْر: قضاء الله {{عز وجل}} الأشياءَ على مبالغها ونهاياتها التي أرادَها لها، وهو القَدَرُ أيضاً.<ref>ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج5، ص62. </ref> | *القدر :القاف والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَبْلَغ الشَّيء وكُنهه ونهايته. فالقدر: مبلغُ كلِّ شيء. يقال: قَدْرُه كذا، أي مبلغُه. وكذلك القَدَر. وقَدَرتُ الشّيءَ أَقْدِرُه وأَقْدُرُه من التقدير، وقدَّرته أُقَدِّره. والقَدْر: قضاء الله {{عز وجل}} الأشياءَ على مبالغها ونهاياتها التي أرادَها لها، وهو القَدَرُ أيضاً.<ref>ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج5، ص62. </ref> | ||
=== | ===القضاء والقدر اصطلاحا=== | ||
والقضاء هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به، والقدر بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع، وقد عرّفهما [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} بقوله: القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء، والقضاء هو الإبرام وإقامة العين.<ref>الكليني، الكافي، ج1، ص383</ref> | والقضاء هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به، والقدر بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع، وقد عرّفهما [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} بقوله: القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء، والقضاء هو الإبرام وإقامة العين.<ref>الكليني، الكافي، ج1، ص383</ref> | ||
سطر ٢٧: | سطر ٢٧: | ||
قدّر: | قدّر: | ||
*قدّر الله الأمر: قضى به، أو حكم بأنْ يكون، كقوله {{عز وجل}} في شأن زوجة [[لوط]]: {{قرآن|فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ}}.<ref> النمل:57 </ref> أي حكمنا، أو قضينا عليها بأن تكون من الهالكين. | *قدّر الله الأمر: قضى به، أو حكم بأنْ يكون، كقوله {{عز وجل}} في شأن زوجة [[لوط]] {{ع}}: {{قرآن|فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ}}.<ref> النمل:57 </ref> أي حكمنا، أو قضينا عليها بأن تكون من الهالكين. | ||
*قَدَّرَ في الأمْرِ: تَمَهَّلَ وتروّى في إنجازه، كقوله {{عز وجل}} مخاطباً [[داود]]{{عليه السلام}}: {{قرآن|وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}}.<ref>سبأ:11.</ref> أيْ تمهّل وتروَّ في صُنعه كي تحكم عمله. | *قَدَّرَ في الأمْرِ: تَمَهَّلَ وتروّى في إنجازه، كقوله {{عز وجل}} مخاطباً [[داود]]{{عليه السلام}}: {{قرآن|وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}}.<ref>سبأ:11.</ref> أيْ تمهّل وتروَّ في صُنعه كي تحكم عمله. | ||
سطر ٣٧: | سطر ٣٧: | ||
==القضاء والقدر في السُنّة الشريفة== | ==القضاء والقدر في السُنّة الشريفة== | ||
لقد وردت الكثير من [[الروايات]] من [[أئمة أهل البيت]] {{عليهم السلام}}في | لقد وردت الكثير من [[الروايات]] من [[أئمة أهل البيت]] {{عليهم السلام}}في القضاء والقدر، ومنها : | ||
*ما ورد عن [[ابن عبّاس]] قال:«دخل رجل من أهل [[العراق]] على [[أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}}،فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل [[الشام]] أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} : أجل يا شيخ، فو الله ما علوتم تلعةً ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر، فقال الشيخ: عند الله أحتسبُ عنائي يا | *ما ورد عن [[ابن عباس|ابن عبّاس]] قال:«دخل رجل من أهل [[العراق]] على [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}}،فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل [[الشام]] أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} : أجل يا شيخ، فو الله ما علوتم تلعةً ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر، فقال الشيخ: عند الله أحتسبُ عنائي يا أمير المؤمنين، فقال: مهلا يا شيخ، لعلّك تظنُّ قضاءً حتماً وقدراً لازماً، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزّجر، ولسقط معنى الوعيد والوعد، ولم يكن على مُسيء لائمةٌ ولا لمحسن محمدةٌ، ولكان المحسن أولى باللاّئمة من المذنب والمذنب أولى بالاحسان من الُمحسن، تلك مقالةُ عبدةِ الأوثانِ وخُصماءِ الرحمن وقدريّة هذه [[الاسلام|الاُمّة]] ومجوسها. يا شيخ إنّ الله {{عز وجل}} كلّف تخييراً، ونهى تحذيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعصَ مغلوباً، ولم يُطَع مُكرهاً، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، {{قرآن|ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}}» <ref>الكليني، الكافي، ج1، ص377.</ref> | ||
*ما ورد عن [[الإمام]] [[الصادق (ع)|جعفر بن محمد الصادق]] {{عليه السلام}}:«إنّ الناس في القَدَرِ على ثلاثة أوجه: رجلٌ يزعمُ أنّ الله {{عز وجل}} أجبر الناس على | *ما ورد عن [[الإمام]] [[الصادق (ع)|جعفر بن محمد الصادق]] {{عليه السلام}}:«إنّ الناس في القَدَرِ على ثلاثة أوجه: رجلٌ يزعمُ أنّ الله {{عز وجل}} أجبر الناس على المعاصي، فهذا قد ظلم الله في حُكمه فهو [[الكافر|كافر]]. ورجلٌ يزعمُ أنّ الأمر مفوّضٌ إليهم، فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهو كافر. ورجل يزعمُ أنّ الله كلّف العباد ما يطيقون ولم يكلِّفهم ما لا يُطيقون وإذا أحسن حمد الله وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلمٌ بالغ»<ref>الهندي، كشف اللثام، ج1، ص403</ref> | ||
*ما ورد عن [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} قال: | *ما ورد عن [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} قال: | ||
#«إنّ الله {{عز وجل}} لم يُطَعْ باكراه، ولم يُعصَ بغلبة، ولم يُهمل العباد في مُلكه، هو المالك لما ملّكهم والقادرُ على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العبادُ بطاعته لم يكن الله منها صادّاً، ولا منها مانعاً، وإن ائتمروا بمعصيته فشاءَ أنْ يحول بينهم وبين ذلك فعل، وإنْ لم يَحُلْ وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه يعني أنّ الإنسان الذي أطاع الله لم يكن مجبراً على الطاعة، والإنسان الذي عصاه لم يغلب مشيئة الله، بل الله شاء أن يكون العبد مختاراً في فعله».<ref>روضة | #«إنّ الله {{عز وجل}} لم يُطَعْ باكراه، ولم يُعصَ بغلبة، ولم يُهمل العباد في مُلكه، هو المالك لما ملّكهم والقادرُ على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العبادُ بطاعته لم يكن الله منها صادّاً، ولا منها مانعاً، وإن ائتمروا بمعصيته فشاءَ أنْ يحول بينهم وبين ذلك فعل، وإنْ لم يَحُلْ وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه يعني أنّ الإنسان الذي أطاع الله لم يكن مجبراً على الطاعة، والإنسان الذي عصاه لم يغلب مشيئة الله، بل الله شاء أن يكون العبد مختاراً في فعله».<ref>المجلسي، روضة المتقين، ج12، ص52</ref> | ||
# قال:«قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم بمشيئتي كنتَ أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاءُ، وبقوَّتي أدَّيتَ إليَّ فرائضي، وبنعمتي قويتَ على معصيتي، جعلتُك سميعاً بصيراً قويّاً، ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك».<ref> | # قال:«قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم بمشيئتي كنتَ أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاءُ، وبقوَّتي أدَّيتَ إليَّ فرائضي، وبنعمتي قويتَ على معصيتي، جعلتُك سميعاً بصيراً قويّاً، ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك».<ref>الكليني، الكافي، ج1، ص152.</ref> | ||
==مراتب القضاء والقدر== | ==مراتب القضاء والقدر== | ||
إنَّ لكل من | إنَّ لكل من القضاء والقدر مراتب،أو أقسام وهي: | ||
=== القضاء والقدر التشريعيان=== | === القضاء والقدر التشريعيان=== | ||
يعني الأوامر والنواهي الإلهية الواردة في [[الكتاب]] و[[السنة]]،وقد أشار إليه | يعني الأوامر والنواهي الإلهية الواردة في [[القران الكريم|الكتاب]] و[[السنة]]،وقد أشار إليه أمير المؤمنين {{عليه السلام}} في كلامه حينما سأله الشامي عن معنى القضاء والقدر فقال: «الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَالتَّمْكِينُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَةِ وَتَرْكُ الْمَعْصِيَةِ وَالْمَعُونَةُ عَلَى الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ وَالْخِذْلَانُ لِمَنْ عَصَاهُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ كُلُّ ذَلِكَ قَضَاءُ اللَّهِ فِي أَفْعَالِنَا وَقَدَرُهُ لِأَعْمَالِنَا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا تَظُنَّهُ فَإِنَّ الظَّنَّ لَهُ مُحْبِطُ الْأَعْمَالِ».<ref>ابن أبي جمهور، عوالي اللئالي العزيزية، ج4، ص108</ref> | ||
=== القضاء والقدر التكوينيان=== | ===القضاء والقدر التكوينيان=== | ||
ويعني ما يرجع إلى الحقائق الكونيّة ونظام الوجود وله أقسام وهي: | ويعني ما يرجع إلى الحقائق الكونيّة ونظام الوجود وله أقسام وهي: | ||
*القضاء والقدر العلميّان | |||
وهو عبارة عن تحديد كل شئ بخصوصياته في علمه {{عز وجل}} الأزلي، قبل إيجاده، فهو {{عز وجل}} يعلم حدّ كل شئ ومقداره وخصوصياته الجسمانيّة وغير الجسمانيّة. | وهو عبارة عن تحديد كل شئ بخصوصياته في علمه {{عز وجل}} الأزلي، قبل إيجاده، فهو {{عز وجل}} يعلم حدّ كل شئ ومقداره وخصوصياته الجسمانيّة وغير الجسمانيّة. | ||
سطر ٦٢: | سطر ٦٢: | ||
وقال تعالى:«ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ وَلا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ....» <ref>الحديد:22.</ref> | وقال تعالى:«ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ وَلا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ....» <ref>الحديد:22.</ref> | ||
*القضاء والقدر العينيان | |||
التقدير العيني عبارة عن الخصوصيات الّتي يكتسبها الشيء من علله عند تحقّقه وتلبّسه بالوجود الخارجي. والقضاء العيني هو ضرورة وجود الشيء عند وجود علّته التامّة ضرورةً عينيّةً خارجيّةً. | التقدير العيني عبارة عن الخصوصيات الّتي يكتسبها الشيء من علله عند تحقّقه وتلبّسه بالوجود الخارجي. والقضاء العيني هو ضرورة وجود الشيء عند وجود علّته التامّة ضرورةً عينيّةً خارجيّةً. | ||