بنو قريظة
بنو قريظة، هي قبيلة يهودية كانت تقطن يثرب في أوائل الهجرة النبوية. غزاها النبي في آخر غزوة له ضد اليهود في العام الخامس من الهجرة فسُمّيت الغزوة بغزوة بني قريظة.
إنّ الدليل على غزو بني قريظة هو تعاونهم مع المشركين في حرب الأحزاب ضد المسلمين بالرغم من العهود التي قطعوها مع النبي (ص) بعدم المساس بأمن المدينة وتمكين المشركين من الوصول إليها. فبعد الانتهاء من حرب الأحزاب توجّه النبي (ص) مع جيش إلى بني قريظة، وتم محاصرتهم 15 يوما، حينها اقترح اليهود مصالحة المسلمين وارتضوا بحكمية سعد بن معاذ. حكَمَ سعد على قتل المحاربين من بني قريظة وتقسيم أموالهم بخلاف رغبة عشيرته. بالرغم من ذلك شكك السيد جعفر شهيدي الباحث والمؤرخ المعاصر في صحّة هذه الرواية مستندا على ما ورد من اختلاف في المصادر التاريخية وكذلك بعض الحقائق الخارجية.
ورد في المصادر التاريخية أنّ نسب قبيلتي بني قريظة وقرينتها بني النضير يعودان إلى هارون بن عمران أخي النبي موسى (ع) ، وقبل هجرة الأوس والخزرج إلى يثرب كانت بني قريظة تسكن فيها وتحكمها، لكنّه بعد الهزيمة التي منيت بها حكومة اليهود على يد ملك الحبشة في اليمن، تفوقت قبيلة الخزرج على يهود يثرب وتولّت مقاليد حكم المدينة.
المعلومات الكلية
وردت قبيلة بني قريظة اليهودية في الكثير من المصادر التاريخية مع أختها بني النظير وهي تنحدر من سلالة هارون بن عمران أخي النبي موسى (ع). [١] وبعض المصادر تشير إلى أنّ القبيلة هي من طائفة جذام وتهودت في عهد عاديا أي السموأل، ثم نزلوا بجبل يقال له قريظة فنسبوا إليه، وقيل إنّ قريظة اسم جدهم.[٢] كان يقال لبني قريظة و بني النضير خاصة من اليهود: الكاهنان، نسبوا بذلك إلى جدهم الذي يقال له الكاهن. [٣]
قيل إنّ يهود بني قريظة كانوا يقطنون يثرب قبل أن يهاجر إليها عرب الأوس والخزرج. [٤]
وعلى هذا، بعد أن هزمت اليهود على يد الروم في عام 70 ؟؟؟ للميلاد هرب بني قريظة إلى الحجاز واستوطنت في مهزور إحدى نواحي التابعة ليثرب. [٥] كانت بني قريظة إلى جانب القبائل الأخرى اليهودية تحكم يثرب. وكان يحكمها آنذاك القيطوان أو الفِطيون وهو عامل من قبل مرزبان الزارة في البحرين يجبي خراجها. [٦]
وردت في المصادر التاريخية أنّ بعد الهزيمة التي منيت بها اليهود في اليمن على يد ملك الحبشة المسيحي، شهدت المدينة انحسارا لقوة اليهود. فإنّ حكومة الحبشة كانت تحت رعاية الروم آنذاك. وانتهى حكم اليهود على المدينة حينما دخل الخزرج في حرب معها وقُتل حاكمهم وتولّت حينئذ حكومة المدينة. [٧]
يعزى أنّ السبب الذي دعا الكثير من اليهود الهجرة من المدينة هو سيطرة القبائل العربية عليها. [٨]
روي أنّه في العهود القريبة من ظهور الإسلام كانت القبائل اليهودية تسكن أطراف المدينة في حصونهم وقلاعهم. [٩]
وكان آنذاك عدد سكان بني قريظة ونفوذهم أكثر من نضيرتيها أي بني النضير وبني قينقاع، [١٠] وكانوا باتجاه الجنوب الشرقي للمدينة، وأكثرهم يزاولون الزراعة. [١١]
غزوة بني قريظة
بناء على ما أورده بعض الكتّاب أنّ الخبر الوحيد الذي ورد حول بني قريظة في المصادر الإسلامية هو الغزوة التي جرت بينهم وبين المسلمين في السنة الخامسة للهجرة، بينما سائر التقارير التي وردت عنهم في التاريخ وما يدور حول قبيلتهم تأتي ضمن الموضوعات التي وردت حول قبيلتي الأوس والخزرج. [١٢]
غزوة بني قريظة وقعت في نهايات شهر ذي القعدة وبدايات ذي الحجة في السنة الخامسة للهجرة، وهي آخِر غزوة حدثت بين يهود المدينة والمسلمين. وبحسب المصادر الإسلامية أنّ النبيّ (ص) بعد ما انتهى من حرب الأحزاب المفروضة توجّه مباشرة لغزوة بني قريظة. وعلى هذا تم محاصرة قلاع ومنازل بني قريظة 15 يوماً. [١٣] وفي النهاية طلبت بني قريظة الصلح وارتضت أن يكون سعد بن معاذ حكماً بينها وبين المسلمين. [١٤]
وكما ورد في المصادر التاريخية أنّ سعد بن معاذ كان جريحا ومريضا، خرج من خيمته وحكم فيهم بخلاف ما كانت تتوقّعه قبيلته التي كانت محالفة لبني قريظة وذلك بقتل مقاتليهم وسبي نسائهم وذراريهم وتقسيم أموالهم وأراضيهم. فقال النبي (ص) في حكمه، إنه قضى بينهم بحكم الله. [١٥] كانت الغزوة لغدر بني قريظة بالمسلمين ومهاجمتهم من خلف المدينة ومحاولتهم فتح ثغرة إليها لتمرّ الأحزاب المهاجمة إلى داخلها رغم المواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين. [١٦]
تردد السيد جعفر الشهيدي المحقق والمؤرخ المعاصر في صدق الرواية، مستندا إلى تضارب الروايات في المصادر التاريخية وكذلك الواقع الخارجي كديمغرافية المدينة آنذاك وكذا صفة الرحمة التي كان يمتاز بها النبي (ص) وخاصة يروى أنه قتل ما بين 600 إلى 900 شخص من بني قريظة، فاعتبره الشهيدي من الروايات الموضوعة والقصص المختلقة وهي محاولة من الخزرج للتنقيص من شأن الأوسيين في نظر النبي (ص). [١٧]
روى ابن شهاب الزهري (51-124 هـ) في كتابه المغازي النبوية حكم سعد بن معاذ وإمضاء النبي (ص) لحكمه، إلاّ إنّه أورد في كتابه قتل حُيَي ابن أخطب كبير قبيلة بني النضير فقط، والذي جعل من وراء ذلك دافعا لبني قريظة للعداء مع النبي (ص). [١٨]
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ الأغاني، ج 22، ص 343؛ البدء والتاريخ، ج 4، ص 129-130؛ معجم البلدان، ج 5، ص 84.
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 52.
- ↑ الأغانی، ج 22، ص 343.
- ↑ الأغانی، ج 22، ص 343؛ البدء والتاريخ، ج 4، ص 129-130؛ معجم البلدان، ج 5، ص 84.
- ↑ الأغانی، ج 22، ص 344.
- ↑ معجم البلدان، ج 5، ص 83، 85.
- ↑ البدء والتاريخ، ج 4، ص 130.
- ↑ التاریخ اليهودي العام، ج 2، ص 12؛ الرسول واليهود وجها لوجه، ج 7، ص 10-12.
- ↑ المستوطنات اليهودية على عهد الرسول، ص 45.
- ↑ المستوطنات اليهودية على عهد الرسول، ص 43.
- ↑ الرسول واليهود وجها لوجه، ج 1، ص 123.
- ↑ آهنجي، «بني قریظة»، ص 469.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الکبری، ج 2، ص 57.
- ↑ ابن عبد ربه، العقد الفرید، ج 3، ص 327.
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 1، ص 412، ج 2، ص 52؛ ابن اثير، أسد الغابة، ج 2، ص 315؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، صص 422-423؛ المزي، تهذيب الكمال، ج 10، ص 302؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 2، ص 169؛ ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 3، ص 327؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، صص 1073-1074 و 1084و 1088.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 503 و504.
- ↑ الشهیدي، تاریخ تحلیلي اسلام، ص 88-90.
- ↑ الشهیدي، تاریخ تحلیلي اسلام، ص 82-83.
المصادر والمراجع
- ابن الأثير، علي بن محمد، أسدالغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دارالمعرفة، 1422 هـ/ 2001 م.
- ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، بيروت، دارالفكر، 1405 هـ/ 1985 م.
- ابن عبد ربه، أحمد بن محمد، العقد الفريد، تحقيق: مفيد محمد قميحة، بيروت، دار الكتب العلمية، د.ت.
- ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود، بيروت، دارالكتب العلمية، 1415 هـ/ 1995 م.
- ابن هشام، يوسف بن أحمد،السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقا، بيروت، دار الوفاق، 1955 م.
- أبو الفرج الإصفهاني، علي بن الحسين، الأغاني، بيروت، د.ن، د.ت.
- الحموي، ياقوت، معجم البلدان، بيروت، د.ن، 1408 هـ/ 1988 م.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، طهران، د.ن، 1362 ش.
- المزي، يوسف بن الزكي، تهذيب الكمال في اسماء الرجال، تحقيق: بشار عواد معروف، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1409 هـ/ 1998 م.
- المقدسي، مطهر بن طاهر، البدء والتاريخ، باريس، د.ن، 1919 م.
- اليعقوبي، أحمد بن إسحاق، تاريخ اليعقوبي، بيروت، د.ن، 1379 هـ/1960 م.
المصادر
آهنچی، آذر، «بنی قریظه»، در دانشنامه جهان اسلام، ج۴، تهران، بنیاد دائرة المعارف اسلامی، ۱۳۷۷ش. ابن اثیر، علی بن ابی المکرم، أسد الغابة: فی معرفة الصحابة، بیروت، دار الفکر، ۱۴۰۹ق/۱۹۸۹م. ابن سعد، محمد، الطبقات الکبری، تحقیق محمد عبدالقادر عطا، بیروت، دار الکتب الإسلامیة، ۱۴۱۰ق/۱۹۹۰م. ابن شهاب الزهري، محمد بن مسلم، المغازي النبوية، تحقیق سهیل زکار، دمشق، دار الفکر، ۱۴۰۱ق/۱۹۸۱م. ابن عبد ربه، احمد بن محمد، العقد الفرید، تحقیق مفید محمد قمیحه، بیروت، دار الکتب العلمیة، ۱۴۰۷ق/۱۹۸۷م. ابوالفرج اصفهانی، علی بن حسین، الأغاني، بیروت، دار إحياء التراث العربي، ۱۴۱۴-۱۴۱۵ق/۱۹۹۴م. حافظ مزی، یوسف بن عبد الرحمن، تهذیب الکمال فی اسماء الرجال، تحقیق بشار عواد معروف، بیروت، مؤسسة الرسالة، ۱۴۰۹ق/۱۹۹۸م. شهیدی، جعفر، تاریخ تحلیلی اسلام، تهران، مرکز نشر دانشگاهی، ۱۳۹۲ش. طعیمه، صابر، التاریخ الیهودی العام، بیروت، دار الجیل، ۱۴۱۱ق/۱۹۹۱م. مجدوب ، احمد علي، المستوطنات اليهودية على عهد الرسول، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، ۱۴۱۷ق/۱۹۹۶م. مرصفی، سعد، الرسول واليهود وجها لوجه، كويت، مكتبة المنار الإسلامية، ۱۴۱۳ق/۱۹۹۲م. مقدسی، مطهر بن طاهر، کتاب البدء و التاریخ، پاریس، ۱۸۹۹-۱۹۱۹م. واقدی، محمد بن عمر، المغازی، تحقیق مارسدن جونس، قم، مکتب الاعلام الاسلامی، ۱۴۱۴ق. یاقوت حموی، معجم البلدان، بیروت، ۱۴۰۸ق/۱۹۸۸م. یعقوبی، احمد بن اسحاق، تاریخ الیعقوبی، بیروت، ۱۳۷۹ق/۱۹۶۰م.