مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «وفاة النبي (ص)»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Nabavi لا ملخص تعديل |
imported>Nabavi لا ملخص تعديل |
||
سطر ٧: | سطر ٧: | ||
بدأ بعض التطاولات على مكانة الرسول في هذه المدة يبرز إلى العلن واحداً تلو الآخر، والأمر يوحي وكأنه كان موضع الترقّب من قبل بعض الشخصيات منذ زمن. الكتب التاريخية والسيَر من الفريقين تروي هذه الحوادث وحيثياتها إما بإسهاب وإما على الإجمال. | بدأ بعض التطاولات على مكانة الرسول في هذه المدة يبرز إلى العلن واحداً تلو الآخر، والأمر يوحي وكأنه كان موضع الترقّب من قبل بعض الشخصيات منذ زمن. الكتب التاريخية والسيَر من الفريقين تروي هذه الحوادث وحيثياتها إما بإسهاب وإما على الإجمال. | ||
===جيش أسامة=== | |||
{{مفصلة|جيش أسامة}} | |||
طبقاً للمصادر التاريخية أن النبي مرض بالتزامن مع تأميره [[أسامة بن زيد]] وبعثه على رأس جيش لمواجهة جيش الروم حيث قتل أبيه للتوّ في [[حرب مؤتة]] معهم. ولما مرض رسول الله (ص) مرض الموت، أوفد [[أسامة بن زيد بن حارثة]] إلى مقتل أبيه، فقال له: لقد وليتك على هذا الجيش، وإن أظفرك الله بالعدو، فاقلل اللبث، وانطلق أسامة، فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا كان في ذلك الجيش، منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وبن أبي وقاص وغيرهم،<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص160-161.</ref>لكن هذا الإنتداب لم يطل لذرائع مختلفة فتخلّفوا من الإلتحاق إلى الجيش والإنقياد لأوامر قائده المنصوب بأمر من رسول الله بالرغم من تأكيده على تجهيز الجيش و الإسراع في بعثه. | |||
ثم ثقل رسول الله (ص) في مرضه، فكان يؤكد كراراً بتجهيز وإرسال [[جيش أسامة]]، فنزل أسامة يوم الأحد وكان المرض إشتد بالنبي، فورد عليه ولا يتكلم لكن جعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعها على أسامة كأنه يدعو له. ورجع أسامة إلى معسكره بالجرف خارج المدينة. | |||
وذكروا بأنه (أسامة) دخل يوم الإثنين والرسول مفيقاً فلما جاءه أسامة قال له: "أغد على بركة الله" فودعه أسامة وخرج إلى المعسكر، إلا أنه فبل مغادرته أخبروه أن النبي يموت. فأقبل إلى رسول الله وهو يجود بنفسه فتوفي ذلك اليوم.<ref>الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج6،ص249.</ref> ودخل [[بريدة بن الحصيب]] باللواء فركزه عند باب رسول الله وهو مغلق، [[علي(ع)|وعلي]] وبعض [[بني هاشم]] قائمين بإعداد جهازه وغسله، فهنا قال العباس [[علي بن أبي طالب|لعلي بن أبي طالب]] وهما في الدار: أمدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عمّ رسول الله بايع ابن عمّ رسول الله فلا يختلف عليك إثنان، إلا أنه لم يكترث بالأمر منشغلاً بجهاز النبي (ص).<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص161.</ref> | |||
===مرض النبي وما أدّى إلى وفاته=== | ===مرض النبي وما أدّى إلى وفاته=== | ||
يرى الكثير من المؤرخين أن هناك ربط بين مرض النبي المودي بحياته وتسمّمه بسمّ دسّته إمرأة من [[اليهود]] في طعامه يوم فتح خيبر إنتقاماً لذويها الذين قتلوا في تلك الحرب.<ref>الواقدي، المغازي، ج2، ص677-678؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص247 نقلاً عن الصحيح من السيرة للعاملي، ج32، ص213.</ref> | |||
في المدة التي أمضى النبي على فراش الموت في المدينة كان [[علي بن أبي طالب]] يتولى أموره خاصة وأن الفترة تزامنت إرسال [[جيش أسامة]] لغزو الروم. فخرج الجيش وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا كان في ذلك الجيش، وفيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وغيرهم.<ref>إبن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص159.</ref> | في المدة التي أمضى النبي على فراش الموت في المدينة كان [[علي بن أبي طالب]] يتولى أموره خاصة وأن الفترة تزامنت إرسال [[جيش أسامة]] لغزو الروم. فخرج الجيش وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا كان في ذلك الجيش، وفيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وغيرهم.<ref>إبن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص159.</ref> | ||
===وصايا النبي والكتاب الذي لم يكتب === | ===وصايا النبي والكتاب الذي لم يكتب === | ||
عدا الوصايا التي سبقت وأن ألمح أو صرّح بها النبي في مناسبات مختلفة، انحصرت قسم منها بفترة مرضه المؤدي إلى الوفاة ويمكن تقسيمها كالتالي: | |||
====ما أمر به وحثّ عليه ليقضى وهو حيّ==== | |||
*تجهيز جيش أسامة وبعثه | |||
*التصدق بالدنانير المتبقية عنده | |||
*حكاية الصلاة بالناس نيابة | |||
====ما وصّا به لما بعد مماته==== | |||
*وصية النبي لعلي | |||
*وصاياه حول تجهيزه ودفنه | |||
*حديث الكتاب | |||
=====رواية صلاة أبي بكر بالناس===== | |||
=====حديث الكتاب===== | |||
فيما يتعلق بالوصية المكتوبة التي أرادها النبي أن تكتب كي تبقى كسند للأمة ولا تبقي مجالاً للتأويلات والتفاسير المختلفة لأي أحد أو فريق من المسلمين بعده تفادياً للإستئثار بالحكم أو المقام، يوافينا التاريخ بمعلومات وفيرة: | |||
كان إبن عباس كلما يذكر يوم الخميس الذي مُنع فيه الرسول من [[قلم وقرطاس]] (أو كَتِفٍ) ليكتب الوصية يبكي ويقول: إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم.<ref>إبن كثير، السيرة النبوية، ج4، ص451.</ref> | كان إبن عباس كلما يذكر يوم الخميس الذي مُنع فيه الرسول من [[قلم وقرطاس]] (أو كَتِفٍ) ليكتب الوصية يبكي ويقول: إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم.<ref>إبن كثير، السيرة النبوية، ج4، ص451.</ref> | ||
سطر ٢١: | سطر ٤١: | ||
يقول ابن عباس: فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم ومنهم من يقول ما قال عمر. فتنازعوا ولا ينبغي عند النبي التنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه! فذهبوا يعيدون عليه فقال رسول الله: «قوموا» لما أكثروا اللّغو والاختلاف عنده، دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه. فقال: وأوصاهم عند موته بثلاث فقال: «أخرجوا [[المشركين]] من [[جزيرة العرب]]، وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم قال: وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيها فقال ابن عباس إن الرّزيئة سحل الرّزيئة ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم هذا الكتاب لاختلافهم ولغطهم».<ref>الصاحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص248.</ref> | يقول ابن عباس: فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم ومنهم من يقول ما قال عمر. فتنازعوا ولا ينبغي عند النبي التنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه! فذهبوا يعيدون عليه فقال رسول الله: «قوموا» لما أكثروا اللّغو والاختلاف عنده، دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه. فقال: وأوصاهم عند موته بثلاث فقال: «أخرجوا [[المشركين]] من [[جزيرة العرب]]، وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم قال: وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيها فقال ابن عباس إن الرّزيئة سحل الرّزيئة ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم هذا الكتاب لاختلافهم ولغطهم».<ref>الصاحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص248.</ref> | ||
==أحداث الوفاة وما بعدها == | ==أحداث الوفاة وما بعدها == | ||
المشهور أن رسول الله (ص) قد توفي في يوم الإثنين وتضاربت الأقوال في وقته؛ حين زاغت الشمس، أي ظهراً،<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص273-274 و305 و441</ref>وقيل قبل أن ينتصف النهار<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص271 و275 و292</ref>أيضاً في وقت دفنه فقيل دفن يوم الأربعاء،<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص292</ref>وقيل ليلة الأربعاء<ref>الطبري، تاريخ، ج2، ص455؛</ref>وقيل توفي في الضحى وجزم به ابن اسحاق. وقيل الأكثر على أنه اشتد الضحى<ref>الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص305 عن المنهل، نقلاً عن الصحيح من سيرة النبي الأعظم للعاملي، ج32، ص337.</ref>وقيل توفي آخر يوم الإثنين.<ref>ابن كثير، السيرة النبوية، ج4، ص506 نقلاً عن الصحيح من سيرة النبي الأعظم للعاملي، ج32، ص337.</ref> | المشهور أن رسول الله (ص) قد توفي في يوم الإثنين وتضاربت الأقوال في وقته؛ حين زاغت الشمس، أي ظهراً،<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص273-274 و305 و441</ref>وقيل قبل أن ينتصف النهار<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص271 و275 و292</ref>أيضاً في وقت دفنه فقيل دفن يوم الأربعاء،<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص292</ref>وقيل ليلة الأربعاء<ref>الطبري، تاريخ، ج2، ص455؛</ref>وقيل توفي في الضحى وجزم به ابن اسحاق. وقيل الأكثر على أنه اشتد الضحى<ref>الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص305 عن المنهل، نقلاً عن الصحيح من سيرة النبي الأعظم للعاملي، ج32، ص337.</ref>وقيل توفي آخر يوم الإثنين.<ref>ابن كثير، السيرة النبوية، ج4، ص506 نقلاً عن الصحيح من سيرة النبي الأعظم للعاملي، ج32، ص337.</ref> | ||
سطر ٤١: | سطر ٥٤: | ||
*حسب روايات أخرى لم يكن أبو بكر حاضراً لا في المسجد ولا عند النبي ولم يذكر مكان تواجده بالتحديد حينذاك.<ref>الترمذي، الشمائل المحمدية، ج1، ص219؛</ref> | *حسب روايات أخرى لم يكن أبو بكر حاضراً لا في المسجد ولا عند النبي ولم يذكر مكان تواجده بالتحديد حينذاك.<ref>الترمذي، الشمائل المحمدية، ج1، ص219؛</ref> | ||
*على القول المشهور كان أبو بكر في السُّنْح خارج المدينة،<ref>الطبري، تاريخ، ج2، ص442؛ الريشهري، موسوعة الإمام علي، ج2، ص15.</ref>فذهب سالم بن عبيد فأعلمه بوفاة رسول الله .<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص244.</ref> | *على القول المشهور كان أبو بكر في السُّنْح خارج المدينة،<ref>الطبري، تاريخ، ج2، ص442؛ الريشهري، موسوعة الإمام علي، ج2، ص15.</ref>فذهب سالم بن عبيد فأعلمه بوفاة رسول الله .<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص244.</ref> | ||
بالنسبة إلى عمر بن الخطاب الظاهر أنه كان حاضراً عند البيت بعدما أخبروا أسامة وهو معه بأن النبي على وشك الموت قبل أن يغادروا المعسكر، ولم يكن يصدّق بأن النبي (ص) قد قبض، وكان يتوعد الناس بالقتل، حتى أنه قال: "إن رسول الله لم يمت، ولكنه عرج بروحه كما عرج بروح [[موسى |موسى]]،<ref>ابن سعد، الطبقات الكبري، ج2، ص266.</ref> ثم جاء أبوبكر وكان عمر يخاطب الناس فالأول أمره بالصمت بعبارة: "على رسلك يا عمر" فأنصت، أو "أسكت فسكت" عمر بن الخطاب.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص267؛ الطبري، تاريخ، ج2، ص442</ref>ثم صعد أبو بكر فاستشهد بآي من [[القرآن الكريم]]،<ref>"إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" (الزمر:30) أو "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ" (آل عمران: 144)</ref>حتى فرغ منها ثم أردف: من كان يعبد [[محمد (ص)|محمداً]] قد مات ومن كان يعبد [[الله]] حيّ لا يموت.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص267</ref> | |||
هناك روايات تدلّ على أن [[علي بن أبي طالب]] كان المصاحب الأخير للرسول وفاضت نفس النبي واضعاً رأسه في حجر [[علي]]، فهو آخر من عهد اليه النبي، ويتأكّد ذلك من خلال خطبه والروايات الدالة على مضجع النبي آنذاك وهو بيت إبنته [[فاطمة]].<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج32، ص292.</ref> | |||
====مطرح النبي | ====مطرح النبي إلى مماته ومضجعه==== | ||
فيما يتعلق بالمكان الذي قضى رسول الله مدة مرضه ثم قبض فيه، هناك رأيان أساسيان: | فيما يتعلق بالمكان الذي قضى رسول الله مدة مرضه ثم قبض فيه، هناك رأيان أساسيان: | ||
*الرأي الذي يقول بتمريض الرسول في بيت (أو حجرة) عائشة وبالتالي توفيه ودفنه هناك. | *الرأي الذي يقول بتمريض الرسول في بيت (أو حجرة) عائشة وبالتالي توفيه ودفنه هناك. |