بردة البوصيري
بردة البوصيري أو المبرأة، هي قصيدة في مدح النبي (ص) للشاعر المصري محمد بن سعيد البوصيري، وقد سماها الشاعر في بدء الأمر "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"، وسميت بالبردة؛ لأن النبي (ص) خلع عليه عباءته في عالم الرؤيا، وكذلك لمشابهتها بقصيدة كعب بن زهير التي منح الرسول (ص) بردته المباركة له بعد أن مدحه.
وكان البوصيري قد شفي على أثرها من شلل أصيب به، فسميت المبرأة أيضاً. وقد حظيت هذه القصيدة بمكانة سامية عند المسلمين كافة، وتأثر بها الشعراء، وأنشدوا قصائد على غرارها، كما أن هناك تخميسات وتشطيرات وردت عليها.
الشاعر
شرف الدين، أبو عبد الله محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري، (608 - 696 ه / 1212 - 1296 م)، شاعر، حسن الديباجة، مليح المعاني.
يلقب بالبوصيري نسبتاً إلى بوصير من أعمال بني سويف، بمصر، وأمه منها، وأصله من المغرب من قلعة حماد من قبيلة يعرفون ببني حبنون. ومولده في بهشيم من أعمال البهنساوية. ووفاته بالإسكندرية. له ديوان شعري مطبوع، وأشهر شعره البردة.[١]
حكاية القصيدة
ورد أن الشاعر قد أصيب بشلل في نصف أعضائه، وقد نظم قصائد في مدح النبي (ص) من قبل، ففكر أن ينظم قصيدة بالمناسبة، فيقول: عملت قصيدة في مدح الرسول (ص)، واستشفعت به إلى الله عزوجل في أن يعافيني، وكررت إنشادها، وبكيت، ودعوت، وتوسلت به، ونمت، فرأيت النبي (ص) في المنام، فمسح على وجهي بيده الكريمة، وألقى عليّ بردته، فاستيقظت من النوم، فوجدت أني قادر على القيام والنهوض، فقمت، وخرجت من بيتي. [٢]
محتويات القصيدة
تتألف القصيدة من 160 بيتاً لكنها تصل في بعض النسخ إلى 182 بيتاً.[٣]
مطلع القصيدة:
أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ | مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ |
وتتألف من عشرة فصول، وتبدأ كجميع القصائد التقليدية بالغزل والنسيب، ثم يبدأ الشاعر بعد التحذير من هوى النفس، بمدح رسول الله، وولادته، ومعجزاته، ومعراجه، وحروبه، وينهي الشاعر قصيدته متوسلاً بالرسول الأكرم (ص)، ومناجاة الله عز وجل.[٤]
تأثر البوصيري في نظم القصيدة بالقصائد الميمية للشعراء الذين سبقوه لا سيما ميمية ابن الفارض التي تشترك معها في الوزن والقافية والمطلع والمضامين الغزلية.[٥]
أهمية القصيدة
أثارت قصيدة البردة منذ البداية اهتمام المسلمين، واستفادت كل فرقة من الفرق المذهبية من هذه القصيدة؛ فتوليها المتصوفة لا سيما في مصر وأهل السنة والشيعة أهمية قصوى، إلى حد أن أهل السنة اليوم، يضعونها إلى جانب الأوراد والأدعية , والاستغاثات، ويطبعونها في مجموعات الأدعية العائدة لهم، ويقرأها الدروز في أثناء تشييع الجنائز للتبرك وطلب المغفرة للموتى.[٦]
تأثر شعراء كثيرون بهذه القصيدة حتى نظموا على غرارها قصائد في نفس الوزن والقافية، من بينهم أحمد شوقي في قصيدته "نهج البردة" نظمها سنة 1327 هـ، ومع ذلك فإن بردة البوصيري حافظت على مكانتها وتميّزها. [٧]
وقد ترجمت هذه القصيدة باللغات اللاتينية والألمانية، والفرنسية، والإنجليزية، والإيطالية، والبربرية، والأردية، والتترية.[٨] ووضع لها أكثر من تسعين شرحاً بالعربية، والفارسية، والتركية، والبربرية، أقدمها شرح أبي شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي.
من التخميسات التي وردت عليها تخميس للسيد علي خان المدني، فيقول فيه:
يا ساهر الليل يرعى النجم في الظلم | وناحل الجسم من وجد ومن ألم | |
ما بال جفنك يذرو الدمع كالغيم ؟ | أمن تذكر جيران بذي سلم | |
مزجت دمعا جرى من مقلة بدم[٩] |
الهوامش
- ↑ الزركلي، الأعلام، ج6، ص139.
- ↑ الصفدي، الوافي بالوفيات، ج3، ص93.
- ↑ البوصيري، ص 190-192؛ زكي مبارك، ص 201.
- ↑ البوصيري، ص 190-192؛ زكي مبارك، ص 201، 203؛ دائرة المعارف، الطبعة الثاني، مادة "البردة.
- ↑ زكي مبارك، ص 201، 202
- ↑ زكي مبارك، ص 215-216؛ البستاني، مادة "البردة"، كلستون، ص 322.
- ↑ زكي مبارك، 219، 222-223؛ ضيف، ص130-131، فروخ، ج3، ص677؛ بروكلمان، ج5، ص 9-97.
- ↑ فان دايك، ص280؛ بروكلمان، ج5، ص 82-83.
- ↑ الأميني، الغدير، ج11، ص348.
المصادر والمراجع
- الأميني، عبد الحسين، الغدير، الطبعة الرابعة، بيروت، دار الكتاب العربي، 1977 م.
- الزركلي، خير الدين، الأعلام، الطبعة الخامسة، بيروت، دار العلم الملايين، 1980 م.
- المقال مقتبس من دائرة المعارف العالم الإسلامي بإضافات.
- للمزيد من المعلومات يمكن المراجعة إلى: مجلة تراثنا، ج23؛ وأيضاً، ج38.