الآية 23 من سورة الأحزاب

الآية 23 من سورة الأحزاب

رقم الآية	23
في سورة	الأحزاب
في جزء	21
شأن النزول	حمزة بن عبد المطلب، جعفر بن أبي طالب، الإمام علي (ع)
الموضوع	عهد المؤمنين مع الله لمناصرة النبي (ص) في المعارك

الآية 23 من سورة الأحزاب تتحدث عن المؤمنين الذين التزموا بعهدهم مع الله، فاستشهد بعضهم وبقي آخرون منهم ينتظرون الشهادة. ويرى العلامة الطباطبائي أنّ المراد من العهد هو عدم فرارهم من المعركة عندما واجهوا أعداء الإسلام، وأن يقفوا صامدين إلى جانب رسول الله.

وقد ذُكرت عدّة أسباب لنزول هذه الآية، فبحسب ما ورد في تفسير منهج الصادقين ذهب أكثر المفسرين والمحدثين أنها نزلت في الإمام علي وحمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب.

ورد في تفاسير الشيعة أن المراد من ﴿مَنْ قَضى‏ نَحْبَه‏﴾ هم الذين استشهدوا، يعني حمزة وجعفر، والمراد من ﴿مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ هو علي بن أبي طالب، فيما ذهبت مصادر أهل السنة إلى أن المراد من ﴿مَنْ قَضى‏ نَحْبَه‏﴾ هم حمزة وطلحة بن عبيد الله وشهداء معركتي بدر وأحد.

ويرى مكارم الشيرازي المفسر الشيعي أنّه لا منافاة بين هذه التفاسير والمصاديق التي ذكروها؛ لأن نطاق الآية واسع، ويشمل جميع من ينتظر الشهادة. وكثر الاستشهاد بهذه الآية للشهداء، كما أنّ الإمام الحسين تلاها عندما سمع بشهادة مسلم بن عوسجة وقيس بن مسهر.

نص الآية

تشير هذه الآية إلى فئة خاصّة من المؤمنين، وهم الذين كانوا أكثر تأسّيا بالنّبي من الجميع، وثبتوا على عهدهم الذي عاهدوا اللّه به، وهو التضحية في سبيل دينه حتّى النفس الأخير، وإلى آخر قطرة دم، من دون أن يتزلزلوا أو ينحرفوا ويبدّلوا العهد ويغيّروا الميثاق الذي قطعوه على أنفسهم

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾

سبب النزول

ذُكرت أسباب مختلفة لنزول الآية 23 من سورة الأحزاب. وبحسب ما ذكره الملا فتح الله الكاشاني (وفاة 988 هـ) في تفسير منهج الصادقين، ذهب أكثر المفسرين والمحدثين إلى أنّ الآية نزلت في الإمام علي وحمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب. وقد روي عن الإمام علي أيضاً أنّ الآية نزلت فيه وفي حمزة وجعفر وعبيدة.

وذهب الطبري في تفسيره إلى أنّ الآية نزلت في جماعة لم يستشهدوا في غزوة بدر، فعاهدوا الله أن يحاربوا المشركين مع رسول الله، فاستشهد بعضهم وبقي بعض آخر منهم ينتظر الشهادة. وروي في مصادر أهل السنة عن أنس بن مالك أنّ بعض الصحابة كانوا يرون أنّ الآية نزلت في أنس بن نضر، وكان أنس غائباً عن معركة بدر، فقال إن وقع قتال آخر مع المشركين سأحاربهم مع النبي، فاشترك في غزوة أحد وحارب حتى قتل.

تفسير الآية

ذهب العلامة الطباطبائي إلى أنّ قوله تعالى ﴿صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ يعني حقّقوا صدقهم فيما عاهدوا النبي أن لا يفرّوا إذا واجهوا العدو. كما أنّ قوله ﴿فَمِنْهم مَنْ قَضى‏ نَحْبَه﴾ يعني منهم من قضى أجله بموت أو قتل في سبيل الله، ومنهم من ينتظر ذلك، وما بدّلوا شيئا مما كانوا عليه من قول أو عهد.

الآية 23 من سورة الأحزاب كتبها الفنان التركي حامد آمدي (وفاة 1403هـ)

و«النحب» يأتي بمعنى النذر، والعهد والموت، والخطر، وبحسب ما ذكره الطبرسي، والراغب الأصفهاني والعلامة الطباطبائي فإنّ قوله ﴿قَضى‏ نَحْبَه﴾ يعني وفى بنذره، إلا أنّ المراد به في هذه الآية هو الموت أو القتل.

مصاديق الآية

اختلف المفسرون في المقصود من الآية، فبحسب ما ورد في تفسير القمي وتفسير التبيان من تأليف الشيخ طوسي إنّ المراد ممن استشهد هو حمزة وجعفر بن أبي طالب، والمراد ممن ينتظر هو علي بن أبي طالب. وقد ذكره الحاكم الحسكاني (وفاة 490هـ) في شواهد التنزيل عن ابن عباس. وروي عن الإمام علي: «فينا نزلت: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فأنا والله المنتظر، وما بدلتُ تبديلا». وقد روي عن الإمام الصادق أنّ رسول الله قال للإمام علي: يا علي! من أحبّك ثم مات قضى نحبه، ومن أحبّك ولم يمت فهو ينتظر.

وذهب بعض المفسرين إلى أنّ ﴿مَنْ قَضى‏ نَحْبَه‏﴾ هم شهداء معركتي بدر وأحد. وبناء على ما ورد في تفسير مقاتل بن سليمان، من تفاسير القرن الثاني الهجري، فإنّ الوفاء بالعهد في هذه الآية يشير إلى قضية ليلة العقبة (بيعة العقبة) حيث بايع أهالي يثرب رسول الله، وذلك قبل هجرة النبي إلى المدينة، والمراد ممن قضى نحبه هم حمزة وأصحابه الذين قتلوا في معركة أحد. كما روى ابن عباس أن المراد من ﴿مَنْ قَضى‏ نَحْبَه‏﴾ هم حمزة وسائر شهداء أحد وأنس بن النضر وأصحابه. وممن عدّ من مصاديق ﴿مَنْ قَضى‏ نَحْبَه‏﴾ في بعض التفاسير هو طلحة بن عبيد الله.

ويرى مكارم الشيرازي أنّه لا منافاة بين التفاسير والمصاديق المذكورة، لأنّ نطاق الآية واسع ويشمل جميع شهداء الإسلام قبل معركة الأحزاب، وجميع من ينتظر النصر أو الشهادة، وكان على رأسهم حمزة والإمام علي.

استخدامات الآية

كثر الاستشهاد بالآية للشهداء، ومنها أنّ الإمام الحسين تلاها يوم عاشوراء عند جثة مسلم بن عوسجة، كما قرأها عندما سمع بمقتل قيس بن مسهر. وقد كُتبت الآية‌ في حرم الإمام الحسين أعلى باب الشهداء وباب رأس الحسين

ويستفاد الشخصيات والعلماء من هذه الآية للتعزية بمناسبة استشهاد بعض الشهداء، كالشهيد قاسم سليماني.