الآية 2 من سورة التحريم
رقم الآية | 2 |
---|---|
في سورة | سورة التحريم |
في جزء | 28 |
شأن النزول | قسَم النبي بتحريم أمر محلل على نفسه |
مكان النزول | المدينة |
الموضوع | إباحة حنث اليمين للنبي |
الآية 2 من سورة التحريم تجيز حنث اليمين ونقضه في الموارد التي لا يرجح القسم فيها. وذهب بعض الفقهاء إلى أنه في مثل هذه الأحوال فالأفضل دفع الكفارة حفاظاً على احترام اليمين.
نزلت هذه الآية عندما حرّم النبي على نفسه أمراً حلالاً باليمين. وبحسب ما جاء في سبب نزول الآية؛ فإن رسول الله ومن أجل إرضاء بعض زوجاته حرّم على نفسه أكل العسل أو مقاربة إحدى زوجاته التي تدعى مارية القبطية، وقد نهى الله النبي أن يفعل ذلك بنزول الآيات الأولى من سورة التحريم، وأجاز عدم العمل باليمين في مثل هذه الأحوال ورجوع عنه.
المفهوم الكلي للآية
تتحدث الآية الثانية من سورة التحريم والتي تعتبر من الآيات المدنية[١] عن إباحة اليمين وإيجاد مخرج له.[٢]</nowiki> وبحسب الآية الأولى من السورة اعتبروا أن المراد من القسم هنا هو القسم الذي حرّم النبي به على نفسه فعلاً محللاً[٣]. ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَکُمْ تَحِلَّةَ أَیْمَانِکُمْ ۚ وَ اللَّهُ مَوْلَاکُمْ ۖ وَ هُوَ الْعَلِیمُ الْحَکِیمُ﴾.[٤]
وبحسب الراغب الأصفهاني؛ فكلما اجتمعت كلمة "فرض" مع "على" كانت تعني الوجوب، وحيثما اقترنت باللام - مثل ﴿فَرَضَ اللَّهُ لَکُمْ﴾ - كانت تعني الجواز.[٥] كما اعتبروا معنى "التحلّة" العمل الذي يحل عقدة اليمين، وهي كفارة اليمين.[٦]
شأن النزول
ورد في تفاسير الشيعة والسنة روايتان عامتان - مع اختلاف في النقل - بخصوص شأن نزول الآية وحول ما كان عليه قسَم النبي.[٧] ويرى العلامة الطباطبائي أن هاتين الروايتين لا تتفقان بشكل واضح مع الآيات الأولى من هذه السورة.[٨]
القسم على ترك أكل العسل
تشير بعض التفاسير إلى أن النبي أقسم على ألا يأكل العسل، وجاء في مجمع البيان أنه أهديت لحفصة جرة عسل؛ فكانت إذا دخل عليها رسول الله حبسته و سقته منها، فغارت عائشة من ذلك؛ ولذلك دبَّرت مع أزواج النبي الأخريات أن إذا جاءهن رسول الله فيقلن: إنا نشم منك رائحة المغافير (وهي رائحة كريهة لنوع من النبات). فكان النبي يسمع نفس الكلام كلما ذهب إلى إحدى زوجاته. ولأن النبي كان يخشى أن تكون له رائحة كريهة، أقسم لعائشة ألا يأكل العسل أبداً، وحرّمه على نفسه.[٩] ويرى بعض المفسرين أن تناول العسل كان في بيت زينب بنت جحش أو أم سلمة أو سودة، ويرون أن عائشة وحفصة دبّرتا هذه المكيدة معًا.[١٠] ويرى تفسير الأمثل أنّ هذا الخبر أكثر شهرة وملاءمة من غيره.[١١]
القسم على ترك مقاربة مارية
تبيّن بعض الروايات أن قسم النبي كان على ترك مقاربة زوجته مارية القبطية، ويروي الشيخ الطبرسي أن النبي قارب ذات يوم زوجته مارية في غيبة حفصة وفي بيتها. ولما علمت حفصة بالأمر اعترضت على النبي، فأقسم لها أن لا يقارب مارية مرة أخرى.[١٢] فأمر الله نبيه أن يحنث بقسمه بدفع الكفارة وأن يراجع مارية، فأعتق النبي عبدًا ورجع إليها.[١٣]
ويرى العلامة الطباطبائي أن هذه الأخبار لا تتفق بشكل واضح مع الآيات الأولى من سورة التحريم،[١٤] ومع ذلك فقد ورد حديث في تفسير القمي عن الإمام الصادق يتوافق مع الرواية الثانية ولم يرد عليه إشكال.[١٥]
هل يجوز الحنث باليمين؟
لا يجيز الفقهاء الحنث باليمين (أي: نقضه وعدم العمل به)، وفي حالة وقوعه يرون وجوب دفع كفارة اليمين.[١٦] وبحسب آية الله مكارم الشيرازي، الفقيه والمفسر الشيعي؛ إذا كان اليمين على ترك ما من الأفضل تركه، وجب العمل باليمين، والحنث به يوجب الكفارة. وأما إذا لم يكن من الأفضل ترك ذلك العمل - كما في هذه الآية - فيجوز الحنث باليمين، لكن الأفضل دفع الكفارة أيضاً من أجل الحفاظ على احترام اليمين.[١٧]
الهوامش
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج10، ص468.
- ↑ مکارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص441.<nowiki>
- ↑ الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج19، ص330.
- ↑ سورة التحريم، الآية 2.
- ↑ الراغب الأصفهاني، المفردات، ص630.
- ↑ مکارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص442.
- ↑ راجع من باب المثال: الطبرسي، مجمع البيان، ج10، ص471؛ الزمخشري، الكشاف، ج4، ص562-563؛ السيوطي، الدر المنثور، ج6، ص239؛ مکارم شیرازی، مکارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص440.
- ↑ الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج19، ص337-338.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج10، ص471.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج10، ص471؛ الزمخشري، الكشاف، ج4، ص563؛ السيوطي، الدر المنثور، ج6، ص239؛ مکارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص442.
- ↑ مکارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص442.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج10، ص471-472.
- ↑ تاطبرسي، مجمع البيان، ج10، ص473.
- ↑ الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج19، ص337-338.
- ↑ القمي، تفسير القمي، ج2، ص375؛ الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج19، ص337.
- ↑ الإمام الخميني، تحرير الوسيلة، ج2، ص111.
- ↑ مکارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص445.
المصادر والمراجع
- الإمام الخميني، روح الله، تحرير الوسيلة، قم، مؤسسة مطبوعات دار العلم، الطبعة الأولى، (د.ت).
- الراغب الأصفهاني، حسين، المفردات في غريب القرآن، تحقيق: داوودي، صفوان عدنان، بيروت، الدار الشامية، الطبعة الأولى، 1412هـ.
- الزمخشري، محمود، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1407هـ.
- السيوطي، عبد الرحمن، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، مكتبة آية الله المرعشي النجفي (ره)، قم، الطبعة الأولى، 1404هـ.
- الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، تحقيق: أحمد قصير العاملي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، (د.ت).
- الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم، دفتر إنتشارات إسلامي، الطبعة الخامسة، 1417هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، مع مقدمة محمد جواد بلاغي، ، طهران، ناصر خسرو، الطبعة الثالثة، 1382ش.
- القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، محقق و مصحح: السيد طيب الموسوي الجزائري، قم، دار الكتاب، الطبعة الثالثة، 1404هـ.
- مکارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، قم، الطبعة الأولى، 1379ش.