انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الغلو»

أُضيف ٣٣٤ بايت ،  ١٨ مايو ٢٠١٧
imported>Baselaldnia
imported>Baselaldnia
سطر ٩٥: سطر ٩٥:
== حدُّ الغلو ==
== حدُّ الغلو ==


نستنتج مما تقدم أن الغلو في شقيّه الإفراط والتفريط يُدخل صاحبه في الكفر. ومفهوم الكفر واضح جداً. إذن كيف يمكننا أن نعين حداً للغلو؟  
نستنتج مما تقدم أن الغلو في شقيّه الإفراط والتفريط يُدخل صاحبه في [[الكفر]]. ومفهوم الكفر واضح جداً. إذن كيف يمكننا أن نعين حداً للغلو؟  


يستفاد من النصوص الدينيّة وروايات [[أهل البيت]] عليهم السلام أنّ الغلوّ يتحقّق في الحالات الآتية:
يستفاد من النصوص الدينيّة وروايات [[أهل البيت]] عليهم السلام أنّ الغلوّ يتحقّق في الحالات الآتية:


1- ادّعاء الخالقيّة المستقلّة للإنسان
'''1- ادّعاء الخالقيّة المستقلّة للإنسان'''


عن الإمام [[الصادق]] عليه السلام: (اجعلونا مخلوقين، وقولوا فينا ما شئتم، فلن تبلغوا).<ref>بحار الأنوار، ج25، ص 279.</ref>  
عن الإمام [[الصادق]] عليه السلام: "اجعلونا مخلوقين، وقولوا فينا ما شئتم، فلن تبلغوا".<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج25، ص 279.</ref>  


وتقيد الخالقيّة بالمستقلّة، لأنّه لا مانع من نسبة الخلق، بمعنى تشكيل صورة مادّة سابقة بقدرة الله تعالى وإذنه، كما ورد عن النبيّ عيسى عليه السلام قوله في القرآن الكريم: ﴿أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾. آل عمران: 49.
وتقيد الخالقيّة بالمستقلّة، لأنّه لا مانع من نسبة الخلق، بمعنى تشكيل صورة مادّة سابقة بقدرة الله تعالى وإذنه، كما ورد عن النبيّ عيسى عليه السلام قوله في القرآن الكريم: "'''أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ'''".<ref>آل عمران: 49.</ref>


2- ادّعاء الألوهيّة للإنسان
'''2- ادّعاء الألوهيّة للإنسان'''


قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً . النساء: 171.
قال تعالى: "'''يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً'''".<ref>النساء: 171.</ref>


وعن الإمام [[علي الرضا]] عليه السلام: (إنّ من تجاوز بأمير المؤمنين العبوديّة فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين).<ref>الاحتجاج، ج2، ص233. </ref>  
وعن الإمام [[علي الرضا]] عليه السلام: "'''إنّ من تجاوز بأمير المؤمنين العبوديّة فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين'''".<ref>الطبرسي، الاحتجاج، ج2، ص233. </ref>  


3- ادّعاء الربوبيّة المستقلّة للإنسان
'''3- ادّعاء الربوبيّة المستقلّة للإنسان'''


عن الإمام الصادق عليه السلام: (اجعل لنا ربًّا نؤوب إليه، وقولوا فينا ما شئتم).<ref>بحار الأنوار، ج25، ص283.</ref>
عن الإمام [[الصادق عليه السلام|الصادق]] عليه السلام: "'''اجعل لنا ربًّا نؤوب إليه، وقولوا فينا ما شئتم'''".<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج25، ص283.</ref>


ومعنى الربوبيّة: التدبير، وقُيدت بالمستقلّة لجواز نسبة الربّ غير المستقلّ إلى الإنسان، كما يقال: ربُّ العمل، ربُّ البيت، ونظيره قوله تعالى عن الملائكة: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ النازعات: 5. فهي مدبِّرة إلاّ أنّ تدبيرها غير مستقلّ عن الله تعالى، إنّما هو بإرادته وإذنه.
ومعنى الربوبيّة: التدبير، وقُيدت بالمستقلّة لجواز نسبة الربّ غير المستقلّ إلى الإنسان، كما يقال: ربُّ العمل، ربُّ البيت، ونظيره قوله تعالى عن الملائكة: "'''فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا'''".<ref>النازعات: 5.</ref> فهي مدبِّرة إلاّ أنّ تدبيرها غير مستقلّ عن الله تعالى، إنّما هو بإرادته وإذنه.


ومن الروايات التي تنهى عن الاعتقاد بالربوبيّة المستقلّة، والتدبير كذلك، ما ورد عن الإمام الرضا عليه السلام في دعائه: (اللهمّ إنّي أبرأ إليك من الذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا...اللهمّ من زعم أنّا أرباب، فنحن منه براء، ومن زعم أنّ إلينا الخلق وعلينا الرزق فنحن إليه منه براء كبراءة عيسى عليه السلام من النصارى، اللهم إنّا لم ندعهم إلى ما يزعمون، فلا تؤاخذنا بما يقولون).<ref>الاعتقادات في دين الإماميّة، ص99.</ref>  
ومن الروايات التي تنهى عن الاعتقاد بالربوبيّة المستقلّة، والتدبير كذلك، ما ورد عن الإمام الرضا عليه السلام في دعائه: "'''اللهمّ إنّي أبرأ إليك من الذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا...اللهمّ من زعم أنّا أرباب، فنحن منه براء، ومن زعم أنّ إلينا الخلق وعلينا الرزق فنحن إليه منه براء كبراءة عيسى عليه السلام من النصارى، اللهم إنّا لم ندعهم إلى ما يزعمون، فلا تؤاخذنا بما يقولون'''".<ref>الصدوق، الاعتقادات في دين الإماميّة، ص99.</ref>  


4- القول بعد بعثة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأنّ أحدًا بعده نبيّ
'''4- القول بعد بعثة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأنّ أحدًا بعده نبيّ'''


ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: (من قال: بأنّنا أنبياء، فعليه لعنة الله، ومن شكّ في ذلك فعليه لعنة الله).<ref>بحار الأنوار، ج25، ص296.</ref> وورد عنه عليه السلام أنّه قال لأحد أصحابه: (يا أبا عبد الله، أبرأ ممّن قال إنّا أنبياء).<ref>اختيار معرفة الرجال، ج2، ص 515.</ref>  
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "'''من قال: بأنّنا أنبياء، فعليه لعنة الله، ومن شكّ في ذلك فعليه لعنة الله'''".<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج25، ص296.</ref> وورد عنه عليه السلام أنّه قال لأحد أصحابه: "'''يا أبا عبد الله، أبرأ ممّن قال إنّا أنبياء'''".<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص 515.</ref>  


وورد عن خالد بن نجيح أنّه قال: (دخلت على أبي عبد الله عليه السلام الإمام الصادق، وعنده خلق، فجلست ناحية، وقلت في نفسي: ما أغفلهم عند من يتكلّمون. فناداني: إنا والله عباد مخلوقون، لي ربّ أعبده، إن لم أعبده عذبني بالنار. قلت: لا أقول فيك إلاّ قولك في نفسك. قال: اجعلونا عبيدًا مربوبين، وقولوا فينا ما شئتم إلاّ النبوّة).<ref>مستدرك سفينة البحار، ج7، ص 52.</ref>  
وورد عن خالد بن نجيح أنّه قال: "'''دخلت على أبي عبد الله عليه السلام الإمام الصادق، وعنده خلق، فجلست ناحية، وقلت في نفسي: ما أغفلهم عند من يتكلّمون. فناداني: إنا والله عباد مخلوقون، لي ربّ أعبده، إن لم أعبده عذبني بالنار. قلت: لا أقول فيك إلاّ قولك في نفسك. قال: اجعلونا عبيدًا مربوبين، وقولوا فينا ما شئتم إلاّ النبوّة'''".<ref>الشاهرودي، مستدرك سفينة البحار، ج7، ص 52.</ref>  


5- اعتقاد سقوط التكليف بالمعرفة
'''5- اعتقاد سقوط التكليف بالمعرفة'''


رواية عن الإمام [[العسكري|العسكريّ]] عليه السلام، ذُكر فيها أنّ علي بن حسكة يزعم أنّ الصلاة، والزكاة، والحجّ، والصوم كلّ ذلك معرفة الإمام،<ref>اختيار معرفة الرجال، ج2، ص804.</ref>  وبالتالي كان هذا الاعتقاد يؤدّي إلى الاعتقاد بسقوط التكليف عن العارف بالإمام، وبالتالي تركه عمليًّا، من هنا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: (الغالي اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصيام والحجّ).<ref>بحار الأنوار، ج25، ص 265.</ref>  
رواية عن الإمام [[العسكري|العسكريّ]] عليه السلام، ذُكر فيها أنّ [[علي بن حسكة]] يزعم أنّ [[الصلاة]]، و[[الزكاة]]، و[[الحج|الحج]]، و[[الصوم]] كلّ ذلك معرفة الإمام،<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص804.</ref>  وبالتالي كان هذا الاعتقاد يؤدّي إلى الاعتقاد بسقوط التكليف عن العارف بالإمام، وبالتالي تركه عمليًّا، من هنا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "'''الغالي اعتاد ترك الصلاة والزكاة والصيام والحجّ'''".<ref>بحار الأنوار، ج25، ص 265.</ref>  


وقد ذكر العلاّمة [[المجلسيّ]] بعض الأمور الأخرى من محقِّقات الغلوّ، فقال:
وقد ذكر العلاّمة [[المجلسيّ]] بعض الأمور الأخرى من محقِّقات الغلوّ، فقال:
(إنّ الغلوّ في النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليه السلام إنّما يكون بالقول بألوهيتهم أو بكونهم شركاء له تعالى في المعبوديّة، أو في الخلق، أو الرزق، أو أنّ الله تعالى حلّ فيهم، أو اتّحد بهم، أو أنّهم يعلمون الغيب بغير وحي، أو إلهام من الله تعالى، أو بالقول في الأئمة عليهم السلام أنّهم كانوا أنبياء، أو القول أنّ معرفتهم تغني عن جميع الطاعات، ولا تكليف معها بترك المعاصي، والقول بكلّ منها إلحاد وكفر، وخروج عن الدين كما دلّت عليه الأدلّة العقليّة، والآيات، والأخبار).<ref>بحار الأنوار، ج25، ص346.</ref>
"إنّ الغلوّ في النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم و[[الأئمّة]] عليه السلام إنّما يكون بالقول بألوهيتهم أو بكونهم شركاء له تعالى في المعبوديّة، أو في الخلق، أو الرزق، أو أنّ الله تعالى حلّ فيهم، أو اتّحد بهم، أو أنّهم يعلمون الغيب بغير وحي، أو إلهام من الله تعالى، أو بالقول في الأئمة عليهم السلام أنّهم كانوا أنبياء، أو القول أنّ معرفتهم تغني عن جميع الطاعات، ولا تكليف معها بترك المعاصي، والقول بكلّ منها إلحاد وكفر، وخروج عن الدين كما دلّت عليه الأدلّة العقليّة، والآيات، والأخبار".<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج25، ص346.</ref>


== تنبيه الأئمّة عليه السلام إلى عدم التقصير ==
== تنبيه الأئمّة عليه السلام إلى عدم التقصير ==
مستخدم مجهول