انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الغلو»

أُضيف ٢٠٣ بايت ،  ١٨ مايو ٢٠١٧
imported>Baselaldnia
imported>Baselaldnia
سطر ٧١: سطر ٧١:
لما كانت ظاهرة الغلو ظاهرة فكرية دينية، فإن الإنسان هو السبب الرئيسي في تحركها حيث كان لتكوينه الفكري والحضاري أثره المباشر في عملية الصراع والتفاعل.
لما كانت ظاهرة الغلو ظاهرة فكرية دينية، فإن الإنسان هو السبب الرئيسي في تحركها حيث كان لتكوينه الفكري والحضاري أثره المباشر في عملية الصراع والتفاعل.


يستفاد من النصوص القرآنية أن ظاهرة الغلو قديمة قدم الرسالات السماوية، إذ اختلفت استجابات المدعوين لتلك الرسالات فكان منهم الغلاة. وما كان ارسال [[نوح]] عليه السلام إلا لوقوع قومه في الغلو حيث غلوا في مجموعة من الصالحين فأوصلوهم درجة الألوهية. ثم ظهر الغلو في [[بني إسرائيل]] وبلغوا فيه مبلغاً كبيراً، ومن أجل ذلك جاءت الآيتان اللتان ورد فيهما النهي عن الغلو، والخطاب فيها موجه إلى بني إسرائيل.
يستفاد من النصوص القرآنية أن ظاهرة الغلو قديمة قدم [[الرسالات السماوية]]، إذ اختلفت استجابات المدعوين لتلك الرسالات فكان منهم الغلاة. وما كان ارسال [[نوح]] عليه السلام إلا لوقوع قومه في الغلو حيث غلوا في مجموعة من الصالحين فأوصلوهم درجة الألوهية. ثم ظهر الغلو في [[بني إسرائيل]] وبلغوا فيه مبلغاً كبيراً، ومن أجل ذلك جاءت الآيتان اللتان ورد فيهما النهي عن الغلو، والخطاب فيها موجه إلى بني إسرائيل.


ولا شك أن طبيعة المجتمع وطبيعة ما فيه من صراعات، أدت إلى ظهور الغلو والفرق الغالية وغيرها من الفرق، حيث أخذت كل فرقة دورها على صعيد الحياة الدينية والسياسية والفكرية.
ولا شك أن طبيعة المجتمع وطبيعة ما فيه من صراعات، أدت إلى ظهور الغلو و[[الفرق الغالية]] وغيرها من الفرق، حيث أخذت كل فرقة دورها على صعيد الحياة الدينية والسياسية والفكرية.


ولأجل تفسير ظاهرة الغلو في [[الإسلام]] يمكن القول بوجود عدد من العوامل لنشوء هذه الظاهرة. منها:
ولأجل تفسير ظاهرة الغلو في [[الإسلام]] يمكن القول بوجود عدد من العوامل لنشوء هذه الظاهرة. منها:


=== الأغراض السياسية ===
==== الأغراض السياسية ====  
لما أصبح الإسلام قوياً واتسعت رقعته، أنذر الرسول بالرحيل إلى الرفيق الأعلى، وجعل [[الخليفة]] من بعده [[الإمام]] أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في [[الغدير|بيعة غدير]] خم. وهذا الأمر قوّض نفوس بعض [[الصحابة]] فطمع عدد من الأشخاص [[الخلافة|بالخلافة]] بُعيد وفاة رسول الله وقبل تجهيزه كل من [[المهاجرين]] و[[الأنصار]] فصدر منهم ما صدر وحدث ما حدث في [[سقيفة بني ساعدة]] وحُرِفت وصية [[رسول الله]] صلى الله عليه وآله، واغتصبوا الخلافة والتي هي حق شرعي سماوي من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
لما أصبح [[الإسلام]] قوياً واتسعت رقعته، أنذر [[رسول الله صلّى الله عليه وآله|الرسول]] بالرحيل إلى [[الله جل جلاله|الرفيق الأعلى]]، وجعل [[الخليفة]] من بعده [[الإمام]] [[أمير المؤمنين]] [[علي بن أبي طالب]] عليه السلام في [[الغدير|بيعة غدير]] خم. وهذا الأمر قوّض نفوس بعض [[الصحابة]] فطمع عدد من الأشخاص [[الخلافة|بالخلافة]] بُعيد وفاة رسول الله وقبل تجهيزه كل من [[المهاجرين]] و[[الأنصار]] فصدر منهم ما صدر وحدث ما حدث في [[سقيفة بني ساعدة]] وحُرِفت وصية [[رسول الله]] صلى الله عليه وآله، واغتصبوا [[الخلافة]] والتي هي حق شرعي سماوي من الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.


وفي غضون ربع قرن على وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، شهد العالم الإسلامي آنذاك صراعاً سياسياً حاداً بين كبار الصحابة ومن ثم كبار [[التابعين]]، ليكون ثمرة هذا الصراع تشكيل اللبنة الأولى للأفكار و[[العقائد]] التي برزت في خلافة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام، لتشكل فيما بعد أبرز المذاهب والأحزاب السياسية آنذاك.
وفي غضون ربع قرن على وفاة [[الرسول الأكرم]] صلى الله عليه وآله، شهد العالم الإسلامي آنذاك صراعاً سياسياً حاداً بين كبار [[الصحابة]] ومن ثم كبار [[التابعين]]، ليكون ثمرة هذا الصراع تشكيل اللبنة الأولى للأفكار و[[العقائد]] التي برزت في خلافة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام، لتشكل فيما بعد أبرز المذاهب والأحزاب السياسية آنذاك.


وبعد خلافة أمير المؤمنين عليه السلام سعى كثير من الحكام إلى الحط من مكانة أهل البيت عليهم السلام عند الناس، ومحاولة الصاق التهم بهم، من قبيل القول بتأليههم ووصفهم ببعض [[الصفات]] الإلهية ونحوها من النعوت الخارجة عن حد البشرية. كان ذلك للتقليل من شأنهم ومكانتهم وتكفيرهم بغية تفريق الناس من حولهم، لأن التفاف الناس حول أهل البيت عليهم السلام يهدد عرش الحكام والمتسلطين على رقاب الناس.<ref>الغلو حقيقته وأقسامه، ص23.</ref>
وبعد خلافة أمير المؤمنين عليه السلام سعى كثير من الحكام إلى الحط من مكانة أهل البيت عليهم السلام عند الناس، ومحاولة الصاق التهم بهم، من قبيل القول بتأليههم ووصفهم ببعض [[الصفات]] الإلهية ونحوها من النعوت الخارجة عن حد البشرية. كان ذلك للتقليل من شأنهم ومكانتهم وتكفيرهم بغية تفريق الناس من حولهم، لأن التفاف الناس حول أهل البيت عليهم السلام يهدد عرش الحكام والمتسلطين على رقاب الناس.<ref>الحيدري، الغلو حقيقته وأقسامه، ص23.</ref>


=== الانحطاط الفكري ===
==== الانحطاط الفكري ====
كان هم المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وآله تدارس القرآن الكريم والسنة النبوية في مجال الأحكام الشرعية والتعامل اليومي، يتأملون فيها ويستخرجون المبادئ والأحكام ويخاطبون الأمم المختلفة. وامتنعوا عن الجدل في العقيدة لنهي النبي صلى الله عليه وآله وصحابته عنه. فصفت العقائد مع قلة الوقائع والاختلافات بين الناس لقرب عهدهم بعصر الرسالة، وتمكنهم من الرجوع إلى الثقات.<ref>مذاهب الإسلاميين، ص 28- 29.</ref>
كان هم المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وآله تدارس [[القرآن الكريم]] والسنة النبوية في مجال [[الأحكام الشرعية]] والتعامل اليومي، يتأملون فيها ويستخرجون المبادئ والأحكام ويخاطبون الأمم المختلفة. وامتنعوا عن الجدل في العقيدة لنهي النبي صلى الله عليه وآله وصحابته عنه. فصفت العقائد مع قلة الوقائع والاختلافات بين الناس لقرب عهدهم بعصر الرسالة، وتمكنهم من الرجوع إلى الثقات.<ref>بدوي، مذاهب الإسلاميين، ص 28- 29.</ref>


وما إن توسعت رقعة الدولة الإسلامية وامتدت حركة الإسلام شرقاً وغرباً حتى انضم إلى الإسلام عدد كبير من أهل المدن التي انتشر فيها الإسلام. فجابه المسلمون مشاكل متعددة. بعضها عقدية ناتجة عن احتكاكهم بالأديان والثقافات الأجنبية، وبعضها الآخر عملية تستدعي حلولاً فقهية بغية تنظيم العلاقات المتجددة والأوضاع الناتجة عن انتشار الإسلام، فما كان إلا أن تلاحقت الحوادث وتعددت الحياة الإسلامية فبدأت الفتن والمنازعات بين المسلمين.<ref>دراسات في الفرق والعقائد الإسلامية، ص 139.</ref>  
وما إن توسعت رقعة الدولة الإسلامية وامتدت حركة الإسلام شرقاً وغرباً حتى انضم إلى الإسلام عدد كبير من أهل المدن التي انتشر فيها الإسلام. فجابه المسلمون مشاكل متعددة. بعضها عقدية ناتجة عن احتكاكهم بالأديان والثقافات الأجنبية، وبعضها الآخر عملية تستدعي حلولاً فقهية بغية تنظيم العلاقات المتجددة والأوضاع الناتجة عن انتشار الإسلام، فما كان إلا أن تلاحقت الحوادث وتعددت الحياة الإسلامية فبدأت الفتن والمنازعات بين المسلمين.<ref>عبد الحميد، دراسات في الفرق والعقائد الإسلامية، ص 139.</ref>  


ثم إن عدم الوعي وفقدان القدرة على عدم فهم حقيقة العبودية والانبهار بكرامات الأنبياء والأئمة عليهم السلام وعدم التمييز والتمحيص للأحاديث الموضوعة التي وضعها المدّلسون كان من العوامل وراء نشأة ظاهرة الغلو.<ref>الغلو حقيقته وأقسامه، ص 26.</ref>  
ثم إن عدم الوعي وفقدان القدرة على عدم فهم حقيقة [[العبودية]] والانبهار بكرامات الأنبياء والأئمة عليهم السلام وعدم التمييز والتمحيص للأحاديث الموضوعة التي وضعها المدّلسون كان من العوامل وراء نشأة ظاهرة الغلو.<ref>الحيدري، الغلو حقيقته وأقسامه، ص 26.</ref>  


ولا نهمل كثرة الوضع والوضاعين في أحاديث رسول الله وظهور حركات الزندقة في داخل المجتمع الإسلامي والتي تعود بشكل أو بأخر للواقع السياسي. كل هذه الأمور ساهمت في ظهور وانتشار ظاهرة الغلو بين المسلمين.
ولا نهمل كثرة الوضع والوضاعين في أحاديث رسول الله وظهور حركات الزندقة في داخل المجتمع الإسلامي والتي تعود بشكل أو بأخر للواقع السياسي. كل هذه الأمور ساهمت في ظهور وانتشار ظاهرة الغلو بين المسلمين.
مستخدم مجهول