مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البيعة»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Maytham لا ملخص تعديل |
imported>Ahmadnazem لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''البيعة''' تعني العهد على الطاعة؛ كأنّ المبايع يعاهد أميره على أنّ يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور [[المسلم|المسلمين]]، ولا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به، وإن أوّل مبايعة حصلت في تاريخ الرسالة الإسلامية تمثلت بمبايعة كلٍّ من السيدة [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] (س) والإمام [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} لل[[النبي الأكرم|نبي الأكرم]] {{صل}}، وذلك بعد [[الإيمان]] | '''البيعة''' تعني العهد على الطاعة؛ كأنّ المبايع يعاهد أميره على أنّ يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور [[المسلم|المسلمين]]، ولا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به، وإن أوّل مبايعة حصلت في تاريخ الرسالة الإسلامية تمثلت بمبايعة كلٍّ من السيدة [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] (س) والإمام [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} لل[[النبي الأكرم|نبي الأكرم]] {{صل}}، وذلك بعد [[الإيمان]] بـ[[الإسلام|الرسالة المحمدية]]. ثم تلَتْها بيعتا [[بيعة العقبة الأولى|العقبة الأولى]] و[[بيعة العقبة الثانية|الثانية]] في [[مكة]] المكرّمة، واللتان مهدتا– خاصة الثانية منها- الأرضية المناسبة [[هجرة النبي|لهجرة النبي]] إلى [[المدينة]] المنورة. ومن البيعات التي شهدها التاريخ الإسلامية مبايعة المسلمين ل[[الرسول الأكرم|لرسول الأكرم]] {{صل}} حينما توجّه من المدينة نحو منطقة بدر، ومنها [[بيعة الرضوان]] المعروفة ببيعة الشجرة في السنة الثامنة للهجرة في [[صلح الحديبية|الحديبية]]، ومبايعة الرجال والنساء للنبي الأكرم بعد [[فتح مكة]] سنة ثمانية للهجرية أيضا. | ||
وقد شهد التاريخ أخر بيعة حصلت في حياة النبي {{صل}} المتمثلة ب[[واقعة الغدير|بيعة الغدير]] التي حصلت عند منصرف النبي | وقد شهد التاريخ أخر بيعة حصلت في حياة النبي {{صل}} المتمثلة ب[[واقعة الغدير|بيعة الغدير]] التي حصلت عند منصرف النبي في [[حجة الوداع]] حيث بايع المسلمون الإمام علياً {{عليه السلام}} كخليفة ووصي له على المسلمين. | ||
والجدير بالذكر أنّ ظاهرة البيعة كانت قبل [[البعثة]] وفي حياته {{صل}} وبقيت معمولا بها من قبل [[الخليفة|الخلفاء]] والحكّام الذين توالوا على السلطة وقيادة المسلمين على مرّ القرون السالفة. | والجدير بالذكر أنّ ظاهرة البيعة كانت قبل [[البعثة]] وفي حياته {{صل}} وبقيت معمولا بها من قبل [[الخليفة|الخلفاء]] والحكّام الذين توالوا على السلطة وقيادة المسلمين على مرّ القرون السالفة. | ||
سطر ٢٥: | سطر ٢٥: | ||
==== مبايعة النبي {{صل}} قبل وقعة بدر ==== | ==== مبايعة النبي {{صل}} قبل وقعة بدر ==== | ||
ومن تلك البيعات التي ذكرت في المصادر التاريخية والحديثية المبايعة قبل [[غزوة بدر|بدر]]، فأنّه لَمَّا هاجر [[النبي]] | ومن تلك البيعات التي ذكرت في المصادر التاريخية والحديثية المبايعة قبل [[غزوة بدر|بدر]]، فأنّه لَمَّا هاجر [[النبي (ص)]] إلى المدينةِ وحضرَ خُروجُهُ إلى بدرٍ دعا النَّاسَ إلى البيعةِ فبايعَ كُلَّهُمْ على السَّمْعِ والطَّاعة. <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 65، ص 395. </ref> | ||
==== بيعة الرضوان ==== | ==== بيعة الرضوان ==== | ||
[[ملف:بيعة الرضوان.jpg|تصغير|آية قرآنية عن بيعة الرضوان]] | [[ملف:بيعة الرضوان.jpg|تصغير|آية قرآنية عن بيعة الرضوان]] | ||
ومنها [[بيعة الرضوان]] المعروفة ب[[بيعة الرضوان|بيعة الشجرة]] في السنة السادسة ل[[الهجرة|لهجرة]] في الحديبية. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، الطبري، ج 2، ص 632_633.</ref> حينما كان [[الرسول الأكرم]] | ومنها [[بيعة الرضوان]] المعروفة ب[[بيعة الرضوان|بيعة الشجرة]] في السنة السادسة ل[[الهجرة|لهجرة]] في الحديبية. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، الطبري، ج 2، ص 632_633.</ref> حينما كان [[الرسول الأكرم]] | ||
{{صل}} في [[الحديبية]] وأرسل موفداً عنه إلى [[مكة]] يفاوض المكيين ووجد أن المكيين قد تمادوا في غيهم دعا {{صل}} المسلمين كإجراء وقائي رادع ل[[قريش]] كي تكفّ عن غيها وتصلبها وعنادها وامتناعها عن السماح لرسول الله والمسلمين بدخول مكة، بل وحتى عن التفاوض المباشر معه. فكان على [[النبي]] | {{صل}} في [[الحديبية]] وأرسل موفداً عنه إلى [[مكة]] يفاوض المكيين ووجد أن المكيين قد تمادوا في غيهم دعا {{صل}} المسلمين كإجراء وقائي رادع ل[[قريش]] كي تكفّ عن غيها وتصلبها وعنادها وامتناعها عن السماح لرسول الله والمسلمين بدخول مكة، بل وحتى عن التفاوض المباشر معه. فكان على [[النبي (ص)]] أن يسيطر على الموقف من خلال القيام بإجراء وقائي يظهر فيه قوّة واستقامة وتفاني المسلمين في الدفاع عن حقّهم المشروع الذي يمنعون عنه. <ref>انظر: فرحان، عدنان، دروس في السيرة النبوية، العهد المدني، القسم الثاني، ص 62_63.</ref> | ||
فلما بايعة المسلمون نزلت قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتيهِ أَجْراً عَظيماً ﴾. <ref>الفتح: 10</ref> | فلما بايعة المسلمون نزلت قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتيهِ أَجْراً عَظيماً ﴾. <ref>الفتح: 10</ref> | ||
سطر ٤٣: | سطر ٤٣: | ||
=== البيعة بعد رحيل النبي {{صل}} === | === البيعة بعد رحيل النبي {{صل}} === | ||
بقي [[المسلم|المسلمون]] متمسكون بأسلوب [[البيعة]] بعد | بقي [[المسلم|المسلمون]] متمسكون بأسلوب [[البيعة]] بعد [[رحيل النبي]] {{صل}}. فبعد أنّ يتم اختيار شخص ما للخلافة وحكم المسلمين يقوم بمبايعته جماعة من المسلمين تارة وأخرى يجتمع عليه عامّة المسلمين الحاضرين لمبايعته، وكان أوّل مصاديق تلك البيعات ما حصل في [[سقيفة بني ساعدة]] في يوم رحيل النبي {{صل}} حيث اجتمع نفر منهم [[عمر بن الخطاب]] و[[أبو عبيدة بن الجراح]] وبعض مشايخ [[المهاجرون|المهاجرين]] و[[الأنصار]] في سقيفة بني ساعدة وبايعوا [[أبا بكر]] للخلافة بعد إقصاء [[سعد بن عبادة]] عن المنافسة، وبعد أن تمت البيعة بصورتها المذكور في السقيفة خرج أبو بكر ومعه عمر وأبو عبيدة، وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية، لا يمرّون بأحد إلاّ خبطوه وقدّموه، ومدّوا يده. فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى. <ref>التستري، بهج الصّباغة في شرح نهج البلاغة، ج 6، ص 288-289. </ref> وبعد وفاة أبي بكر بويع عمر بن الخطاب بعد أن نصبّه الخليفة الأوّل للخلافة، وهكذا بويع [[عثمان بن عفان|الخليفة الثالث]] بعد قضية [[الشورى السداسية]] المعروفة، حتى أصبحت البيعة ظاهرة سياسية. <ref>المسعودي، مروج الذّهب، ج 2، ص ۳۱2، ۳۴۰ </ref> وبعد مقتل [[عثمان بن عفان|عثمان]] اجتمع المسلمون على مبايعة أمير المؤمنين [[علي بن أبي طالب]] {{عليه السلام}} معلنين مبايعتهم له عن طواعية حتى وصف اجتماع الناس عليه بقوله في [[نهج البلاغة]] الخطبة الثالثة: | ||
:" فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَم" وكان {{عليه السلام}} قد أصر على أن تكون بيعته على مرأى ومسمع من عامّة الناس وفي [[المسجد]]. <ref>الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلّته، ج 6، ص 692. </ref> وبعد شهادته {{عليه السلام}} بايع الناس ولده [[الإمام الحسن (توضيح)|الإمام الحسن]] {{عليه السلام}}. <ref>ابن شهرآشوب، المناقب، ج 4، ص 28. </ref> ومن تلك البيعات التي حصلت في تاريخ المسلمين ل[[أئمة الشيعة]] (عليهم السلام) مبايعة الكوفيين ل[[مسلم بن عقيل]] نيابة عن [[الإمام الحسين]] {{عليه السلام}}. <ref>المسعودي، مروج الذّهب، ج 3، ص 64.</ref> ومبايعة الخراسانيين لل[[الإمام الرضا عليه السلام|إمام الرضا]] {{عليه السلام}} بولاية عهد [[المأمون العباسي]]. <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 49، ص 144، 146، ج 64، ص 184-186. </ref> | :" فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَم" وكان {{عليه السلام}} قد أصر على أن تكون بيعته على مرأى ومسمع من عامّة الناس وفي [[المسجد]]. <ref>الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلّته، ج 6، ص 692. </ref> وبعد شهادته {{عليه السلام}} بايع الناس ولده [[الإمام الحسن (توضيح)|الإمام الحسن]] {{عليه السلام}}. <ref>ابن شهرآشوب، المناقب، ج 4، ص 28. </ref> ومن تلك البيعات التي حصلت في تاريخ المسلمين ل[[أئمة الشيعة]] (عليهم السلام) مبايعة الكوفيين ل[[مسلم بن عقيل]] نيابة عن [[الإمام الحسين]] {{عليه السلام}}. <ref>المسعودي، مروج الذّهب، ج 3، ص 64.</ref> ومبايعة الخراسانيين لل[[الإمام الرضا عليه السلام|إمام الرضا]] {{عليه السلام}} بولاية عهد [[المأمون العباسي]]. <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 49، ص 144، 146، ج 64، ص 184-186. </ref> | ||
سطر ٩٦: | سطر ٩٦: | ||
=== البيعة في الفكر السياسي الشيعي === | === البيعة في الفكر السياسي الشيعي === | ||
يرى [[الفكر السياسي الشيعي]] أنّ البيعة لم تكن بالأمر المطاط والسيّال في كل الأمور بل هناك موضوعات لا تصح البيعة فيها ولابد أن يكون موضوع عقد البيعة مشروعا ومسموحا به من ناحية المقنن الإسلامي حتى على القول بأنّ "البيعة عقد". فعلى سبيل المثال يرى [[علم الكلام|المتكلمون]] الشيعة أنّ [[الإمامة]] وخلافة [[النبي الأكرم]] {{صل}} من الموضوعات التي لا تتم بالبيعة، بل قام الدليلان العقلي والنقلي على ثبوتها بالنص والدليل الشرعي وأنّ الإمام لا بد أن يكون منصوصا عليه من عند [[الله]] وعلى لسان النبي. <ref>مظفر، دلائل الصِّدْق، ج2، ص2۵ـ۳2 </ref> نعم، يمكن الاستناد– عند بعض الفقهاء الشيعة- للقول بلزوم عقد البيعة إلى أدلة لزوم الوفاء بالعقد أو الشرط كقوله تعالى "أوفوا بالعقود" <ref> المائدة: ۱ و السبحاني، مفاهيم القرآن في معالم الحكومة الاسلاميه، ص2۶2ـ2۶۳ و الحائري، ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص2۰۱ـ2۰2 </ref>. إلا أنّ تلك الأدلة بنفسها لا تصحّّ لإضفاء المشروعية على موضوع العقد بل أقصى ما تدل عليه هو لزوم الوفاء بشروط العقود المشروعة. <ref>الحائري، ولاية الامر في عصر الغيبة، ص۱۶۴ و خلخالي، حاكميت در اسلام، ص۵۸۰ </ref> | يرى [[الفكر السياسي الشيعي]] أنّ البيعة لم تكن بالأمر المطاط والسيّال في كل الأمور بل هناك موضوعات لا تصح البيعة فيها ولابد أن يكون موضوع عقد البيعة مشروعا ومسموحا به من ناحية المقنن الإسلامي حتى على القول بأنّ "البيعة عقد". فعلى سبيل المثال يرى [[علم الكلام|المتكلمون]] الشيعة أنّ [[الإمامة]] وخلافة [[النبي الأكرم]] {{صل}} من الموضوعات التي لا تتم بالبيعة، بل قام الدليلان العقلي والنقلي على ثبوتها بالنص والدليل الشرعي وأنّ الإمام لا بد أن يكون منصوصا عليه من عند [[الله]] وعلى لسان النبي. <ref>مظفر، دلائل الصِّدْق، ج2، ص2۵ـ۳2 </ref> نعم، يمكن الاستناد– عند بعض الفقهاء الشيعة- للقول بلزوم عقد البيعة إلى أدلة لزوم الوفاء بالعقد أو الشرط كقوله تعالى "أوفوا بالعقود" <ref> المائدة: ۱ و السبحاني، مفاهيم القرآن في معالم الحكومة الاسلاميه، ص2۶2ـ2۶۳ و الحائري، ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص2۰۱ـ2۰2 </ref>. إلا أنّ تلك الأدلة بنفسها لا تصحّّ لإضفاء المشروعية على موضوع العقد بل أقصى ما تدل عليه هو لزوم الوفاء بشروط العقود المشروعة. <ref>الحائري، ولاية الامر في عصر الغيبة، ص۱۶۴ و خلخالي، حاكميت در اسلام، ص۵۸۰ </ref> | ||
ثم إنّ ماهية البيعة في حياة النبي {{صل}}- عند مفكري الشيعة– انطلاقا من المعنى اللغوي ووجوب طاعة الرسول فضلا عن الأدلة العقلية والنقلية، لم تكن إنشائية، بل هي ذات جنبة تأكيدية فقط لتعزيز وتأكيد الإيمان وطاعة الرسول عملا والتعهد يلزم الإيمان. وحسب تعبير البعض: إيجاد غاية جديدة لنصرة النبي وطاعته؛ إذ أنّ أصل مشروعية النبي وثبوت مقام الولاية له بل حتى وجوب اتباعه لا تتوقف على البيعة. <ref>منتظري، دراسات، ج۱، ص۵2۶ و مكارم، أنوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۸ ـ ۵۱۹ </ref>وهذا البعد بالتأكيد ربما يكون مشهودا في البيعات التي حصلت في عصر الخلفاء خاصّة في البيعات التي سبقها تنصيب من الخليفة السابق من قبيل خلافتي [[عمر بن الخطاب]] و[[عثمان بن عفان]]. <ref> السبحاني، مفاهيم القرآن في معالم الحكومة الاسلامية، ص2۶۳ و كاظم الحائري، ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص2۰۹ </ref> وهذه النظرية في الفكر السني مستلة– ظاهراً- من تقاليد العرب قبل الإسلام، حيث كان رائجاً بينهم إذا مات منهم أمير أو رئيس عمدوا إلى (شخص) فأقاموه مكان الراحل بالبيعة. ومن هنا فإن تعيين بعض الخلفاء بعد النبيّ {{صل}} كان من هذا المنطلق حسب الظاهر، وإن كان على غير ذلك في الباطن، فإنّ الظاهر هو أنّ خلافة أبي بكر تمّت في السقيفة، وانتهى كلّ شيء هناك، ثمّ أريد من بقية الناس- بعد السقيفة- أن يبايعوا أبا بكر، لتعميم نفوذه. فكانت بيعتهم للخليفة بمثابة التأييد والتسليم لما تمّ في السقيفة قبلًا، وكانت خلافة عثمان قد تمت وتحققت بالشورى فكانت البيعة بعد الشورى تنفيذاً لقرارها. وإمضاءً، لا اختياراً وانتخاباً شعبياً. <ref>انظر: السبحاني: مفاهيم القرآن، ج2، ص: 240</ref> أو أنّ ذلك قائم على الاعتقاد بأنّ جميع [[الخلافة|خلفاء]] الرسول {{صل}} يتم انتخابهم من قبل الأمّة عن طريق البيعة، ولم ينص [[النبي]] على أحد منهم. | ثم إنّ ماهية البيعة في حياة النبي {{صل}}- عند مفكري الشيعة– انطلاقا من المعنى اللغوي ووجوب طاعة الرسول فضلا عن الأدلة العقلية والنقلية، لم تكن إنشائية، بل هي ذات جنبة تأكيدية فقط لتعزيز وتأكيد الإيمان وطاعة الرسول عملا والتعهد يلزم الإيمان. وحسب تعبير البعض: إيجاد غاية جديدة لنصرة النبي وطاعته؛ إذ أنّ أصل مشروعية النبي وثبوت مقام الولاية له بل حتى وجوب اتباعه لا تتوقف على البيعة. <ref>منتظري، دراسات، ج۱، ص۵2۶ و مكارم، أنوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۸ ـ ۵۱۹ </ref>وهذا البعد بالتأكيد ربما يكون مشهودا في البيعات التي حصلت في عصر الخلفاء خاصّة في البيعات التي سبقها تنصيب من الخليفة السابق من قبيل خلافتي [[عمر بن الخطاب]] و[[عثمان بن عفان]]. <ref> السبحاني، مفاهيم القرآن في معالم الحكومة الاسلامية، ص2۶۳ و كاظم الحائري، ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص2۰۹ </ref> وهذه النظرية في الفكر السني مستلة– ظاهراً- من تقاليد العرب قبل الإسلام، حيث كان رائجاً بينهم إذا مات منهم أمير أو رئيس عمدوا إلى (شخص) فأقاموه مكان الراحل بالبيعة. ومن هنا فإن تعيين بعض الخلفاء بعد النبيّ {{صل}} كان من هذا المنطلق حسب الظاهر، وإن كان على غير ذلك في الباطن، فإنّ الظاهر هو أنّ خلافة أبي بكر تمّت في السقيفة، وانتهى كلّ شيء هناك، ثمّ أريد من بقية الناس- بعد السقيفة- أن يبايعوا أبا بكر، لتعميم نفوذه. فكانت بيعتهم للخليفة بمثابة التأييد والتسليم لما تمّ في السقيفة قبلًا، وكانت خلافة عثمان قد تمت وتحققت بالشورى فكانت البيعة بعد الشورى تنفيذاً لقرارها. وإمضاءً، لا اختياراً وانتخاباً شعبياً. <ref>انظر: السبحاني: مفاهيم القرآن، ج2، ص: 240</ref> أو أنّ ذلك قائم على الاعتقاد بأنّ جميع [[الخلافة|خلفاء]] الرسول {{صل}} يتم انتخابهم من قبل الأمّة عن طريق البيعة، ولم ينص [[النبي (ص)]] على أحد منهم. | ||
إلا أنّ هذه النظرية لا يصحّ الركون إلى كلا الفرضين المذكورين فيها. | إلا أنّ هذه النظرية لا يصحّ الركون إلى كلا الفرضين المذكورين فيها. | ||
الإشكال الآخر الذي يسجّله مفكرو الإمامية على هذه النظرية أنّها تنطوي على الإجبار أو الإكراه - على أقل التقادير– في أكثر بيعات الخلفاء التي حصلت على مرّ التاريخ وهذا ما اعترف به بعض مفكري أهل السنّة. <ref>الخطيب، الخلافة والامامة، ص۴۰۹ـ۴۱2 </ref> فقد أثبت الواقع التاريخي امتناعَ أمير المؤمنين {{عليه السلام}} وبنو هاشم والكثير من كبار [[الصحابة]] عن مبايعة أبي بكر بعد السقيفة إلا أن السلطة تمكنت من أخذ البيعة منهم مكرهين. <ref>علم الهدى، الشّافي في الامامة، ج2، ص۱2، ۱۵۱ و المسعودي، مروج الذّهب، ج2، ص۳۰۷ـ۳۰۹ </ref> بل صرّح بذلك أحد الأعمدة المؤسسة للبيعة المذكورة حينما قال: "إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وتمّت ألا وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها". <ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص۶۷ </ref> ولم يرصد لنا التاريخ– بعد رسول الله- بيعة تمّت عن اختيار إلا مبايعة أمير المؤمنين [[علي بن أبي طالب]] {{عليه السلام}}، فرغم إصرار بعض المقربين منه على التعجيل بالبيعة كان {{عليه السلام}} يرفض أن تكون بيعته عن إكراه وفي غلسة من الأمر بل أرادها بيعة عن اختيار وعلانية. ولم يتخلف عن بيعته إلا القليل ومع ذلك لم يحرمهم من حقوقهم شيئا. <ref>التستري، بهج الصّباغة في شرح نهج البلاغه، ج۶، ص2۵۷ </ref> | الإشكال الآخر الذي يسجّله مفكرو الإمامية على هذه النظرية أنّها تنطوي على الإجبار أو الإكراه - على أقل التقادير– في أكثر بيعات الخلفاء التي حصلت على مرّ التاريخ وهذا ما اعترف به بعض مفكري أهل السنّة. <ref>الخطيب، الخلافة والامامة، ص۴۰۹ـ۴۱2 </ref> فقد أثبت الواقع التاريخي امتناعَ أمير المؤمنين {{عليه السلام}} وبنو هاشم والكثير من كبار [[الصحابة]] عن مبايعة أبي بكر بعد السقيفة إلا أن السلطة تمكنت من أخذ البيعة منهم مكرهين. <ref>علم الهدى، الشّافي في الامامة، ج2، ص۱2، ۱۵۱ و المسعودي، مروج الذّهب، ج2، ص۳۰۷ـ۳۰۹ </ref> بل صرّح بذلك أحد الأعمدة المؤسسة للبيعة المذكورة حينما قال: "إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وتمّت ألا وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها". <ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص۶۷ </ref> ولم يرصد لنا التاريخ– بعد رسول الله- بيعة تمّت عن اختيار إلا مبايعة أمير المؤمنين [[علي بن أبي طالب]] {{عليه السلام}}، فرغم إصرار بعض المقربين منه على التعجيل بالبيعة كان {{عليه السلام}} يرفض أن تكون بيعته عن إكراه وفي غلسة من الأمر بل أرادها بيعة عن اختيار وعلانية. ولم يتخلف عن بيعته إلا القليل ومع ذلك لم يحرمهم من حقوقهم شيئا. <ref>التستري، بهج الصّباغة في شرح نهج البلاغه، ج۶، ص2۵۷ </ref> | ||
سطر ٢٠٦: | سطر ٢٠٦: | ||
[[id:Baiat]] | [[id:Baiat]] | ||
[[es:Bay'at]] | [[es:Bay'at]] | ||
[[Category:مقالات ذات أولوية ب]] | |||
[[Category:خلافة]] | |||
[[Category:إمامة]] | |||
[[Category:مقالات ذات أولوية ب]] | |||
[[Category:خلافة]] | |||
[[Category:إمامة]] | |||
[[تصنيف:مقالات ذات أولوية ب]] | [[تصنيف:مقالات ذات أولوية ب]] | ||
[[تصنيف:خلافة]] | [[تصنيف:خلافة]] | ||
[[تصنيف:إمامة]] | [[تصنيف:إمامة]] |