مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البيعة»
←تاريخ البيعة
imported>Alkazale |
imported>Alkazale |
||
سطر ١٣: | سطر ١٣: | ||
== تاريخ البيعة == | == تاريخ البيعة == | ||
=== البيعة قبل الإسلام === | === البيعة قبل الإسلام === | ||
كانت البيعة تقليداً من تقاليد العرب قبل [[الإسلام]]، حيث كان رائجاً بينهم إذا مات منهم أمير أو رئيس عمدوا إلى (شخص) فأقاموه مكان الراحل بالبيعة. <ref>شهيدي، "بيعت وچگونگي آن در تاريخ اسلام"، | كانت البيعة تقليداً من تقاليد العرب قبل [[الإسلام]]، حيث كان رائجاً بينهم إذا مات منهم أمير أو رئيس عمدوا إلى (شخص) فأقاموه مكان الراحل بالبيعة. <ref>شهيدي، "بيعت وچگونگي آن در تاريخ اسلام"، ص 125. </ref> ومن نماذج تلك البيعات مبايعة قريش وبني كنانة ل[[قصي بن كلاب|قُصَي بن كلاب]] الجدّ الأعلى [[النبي الأكرم|للنبي الأكرم]] {{صل}} عندما صمم على إخراج خُزاعَة من [[مكة المكرمة]]. | ||
=== البيعة في العصر الإسلامي === | === البيعة في العصر الإسلامي === | ||
==== أوّل بيعة في الإسلام ==== | ==== أوّل بيعة في الإسلام ==== | ||
ذهب [[العلامة المجلسي]] في [[بحار الأنوار (كتاب)|بحار الأنوار]] إلى القول بأن أوّل بيعة حصلت في الإسلام هي مبايعة كلّ من [[علي]] {{عليه السلام}} والسيدة [[خديجة]] (س) ل[[الرسول الأكرم|لرسول الأكرم]]. <ref>المجلسي، بحار الأنوار | ذهب [[العلامة المجلسي]] في [[بحار الأنوار (كتاب)|بحار الأنوار]] إلى القول بأن أوّل بيعة حصلت في الإسلام هي مبايعة كلّ من [[علي]] {{عليه السلام}} والسيدة [[خديجة]] (س) ل[[الرسول الأكرم|لرسول الأكرم]]. <ref>المجلسي، بحار الأنوار ج 65، ص 392-393.</ref> فيما ذهب ابن شهر آشوب <ref>ابن شهرآشوب، المناقب، ج 2، ص 21- 24. </ref> إلى القول بأنّ أوّل بيعة هي [[بيعة العشيرة]] في السنة الثالثة للبعثة بعد أن نزل قوله تعالى ﴿ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكينَ ﴾ <ref>الحجر:94</ref> وقوله تعالى ﴿ وَأَنْذِرْ عَشيرَتَكَ الْأَقْرَبين ﴾ <ref>الشعراء: 214 </ref> فدعاهم {{صل}} في قصة عرفت باسم "[[يوم الدار]]" في يومين متتاليين حيث بايعه في اليوم الثاني بنو هاشم، وقد أجمع الفريقان [[أهل السنة|السنة]] و[[الشيعة]] على أنّ علي بن أبي طالب عليه السلام كان أصغر القوم الحاضرين والمبايعين للنبي. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، ج 2، ص 319 -ـ321. </ref> | ||
==== بيعتا العقبة الأولى والثانية ==== | ==== بيعتا العقبة الأولى والثانية ==== | ||
[[ملف:بيعة العقبة.jpg|تصغير|بيعة العقبة]] | [[ملف:بيعة العقبة.jpg|تصغير|بيعة العقبة]] | ||
[[ملف:بيعتا العقبة.jpg|تصغير|بيعتا العقبة]] | [[ملف:بيعتا العقبة.jpg|تصغير|بيعتا العقبة]] | ||
ومن أهم البيعات التي حصلت في تاريخ الإسلام [[بيعة العقبة الأولى]] في السنة الثانية عشرة للبعثة، وبيعة [[العقبة الثانية]] التي وقعت في السنة الثالثة عشرة [[البعثة النبوية|للبعثة]] وكلاهما وقعا في موسم [[الحج]] في منطقة العقبة (ما بين [[مكة]] و[[منى]]). وقد مهدت البيعتان وخاصة الثانية منهما الأرضية المناسبة لهجرة [[النبي الأكرم]] {{صل}} إلى [[المدينة |المدينة المنورة]]. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، | ومن أهم البيعات التي حصلت في تاريخ الإسلام [[بيعة العقبة الأولى]] في السنة الثانية عشرة للبعثة، وبيعة [[العقبة الثانية]] التي وقعت في السنة الثالثة عشرة [[البعثة النبوية|للبعثة]] وكلاهما وقعا في موسم [[الحج]] في منطقة العقبة (ما بين [[مكة]] و[[منى]]). وقد مهدت البيعتان وخاصة الثانية منهما الأرضية المناسبة لهجرة [[النبي الأكرم]] {{صل}} إلى [[المدينة |المدينة المنورة]]. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج 1، ص 253-257. </ref> | ||
==== مبايعة النبي {{صل}} قبل وقعة بدر ==== | ==== مبايعة النبي {{صل}} قبل وقعة بدر ==== | ||
ومن تلك البيعات التي ذكرت في المصادر التاريخية والحديثية المبايعة قبل [[غزوة بدر|بدر]]، فأنّه لَمَّا هاجر [[النبي]] {{صل}} إلى المدينةِ وحضرَ خُروجُهُ إلى بدرٍ دعا النَّاسَ إلى البيعةِ فبايعَ كُلَّهُمْ على السَّمْعِ والطَّاعة. <ref>المجلسي، بحار الأنوار، | ومن تلك البيعات التي ذكرت في المصادر التاريخية والحديثية المبايعة قبل [[غزوة بدر|بدر]]، فأنّه لَمَّا هاجر [[النبي]] {{صل}} إلى المدينةِ وحضرَ خُروجُهُ إلى بدرٍ دعا النَّاسَ إلى البيعةِ فبايعَ كُلَّهُمْ على السَّمْعِ والطَّاعة. <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 65، ص 395. </ref> | ||
==== بيعة الرضوان ==== | ==== بيعة الرضوان ==== | ||
[[ملف:بيعة الرضوان.jpg|تصغير|بيعة الرضوان]] | [[ملف:بيعة الرضوان.jpg|تصغير|بيعة الرضوان]] | ||
ومنها [[بيعة الرضوان]] المعروفة ب[[بيعة الرضوان|بيعة الشجرة]] في السنة السادسة ل[[الهجرة|لهجرة]] في الحديبية. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، الطبري، | ومنها [[بيعة الرضوان]] المعروفة ب[[بيعة الرضوان|بيعة الشجرة]] في السنة السادسة ل[[الهجرة|لهجرة]] في الحديبية. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، الطبري، ج 2، ص 632-633. </ref> حينما كان [[الرسول الأكرم]] | ||
{{صل}} في [[الحديبية]] وأرسل موفداً عنه إلى [[مكة]] يفاوض المكيين ووجد أن المكيين قد تمادوا في غيهم دعا {{صل}} المسلمين كإجراء وقائي رادع ل[[قريش]] كي تكفّ عن غيها وتصلبها وعنادها وامتناعها عن السماح لرسول الله والمسلمين بدخول مكة، بل وحتى عن التفاوض المباشر معه. فكان على [[النبي]] {{صل}} أن يسيطر على الموقف من خلال القيام بإجراء وقائي يظهر فيه قوّة واستقامة وتفاني المسلمين في الدفاع عن حقّهم المشروع الذي يمنعون عنه. <ref>انظر: فرحان، عدنان، دروس في السيرة النبوية، العهد المدني، القسم الثاني، | {{صل}} في [[الحديبية]] وأرسل موفداً عنه إلى [[مكة]] يفاوض المكيين ووجد أن المكيين قد تمادوا في غيهم دعا {{صل}} المسلمين كإجراء وقائي رادع ل[[قريش]] كي تكفّ عن غيها وتصلبها وعنادها وامتناعها عن السماح لرسول الله والمسلمين بدخول مكة، بل وحتى عن التفاوض المباشر معه. فكان على [[النبي]] {{صل}} أن يسيطر على الموقف من خلال القيام بإجراء وقائي يظهر فيه قوّة واستقامة وتفاني المسلمين في الدفاع عن حقّهم المشروع الذي يمنعون عنه. <ref>انظر: فرحان، عدنان، دروس في السيرة النبوية، العهد المدني، القسم الثاني، ص 62-63.</ref> | ||
فلما بايعة المسلمون نزلت قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتيهِ أَجْراً عَظيماً ﴾. <ref>الفتح: 10</ref> | فلما بايعة المسلمون نزلت قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتيهِ أَجْراً عَظيماً ﴾. <ref>الفتح: 10</ref> | ||
==== مبايعة الرجال والنساء بعد فتح مكة ==== | ==== مبايعة الرجال والنساء بعد فتح مكة ==== | ||
ومن تلك البيعات التي حصلت بعد فتح مكّة في السنة الثامنة للهجرة والتي أشارت إليها الآية 12 من [[سورة الممتحنة]] وبيّنت الكتب التفسيرية والحديثية والتاريخة موضوعها، هي البيعة التي عرفت ب[[بيعة النساء]]. ومفادها: أنّه بعد أن تمّ فتح [[مكة]] التف حوله {{صل}} أهل مكة يبايعونه على [[الإسلام]] رجالا ونساء، وأقبل رجال مكة أفواجا يتزاحمون على البيعة والدخول في الإسلام. ولما انتهت بيعة الرجال أقبل على بيعة النساء، فبايعنه مشترطا عليهن أن لا يشركن بالله شيئا، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه، ولا يعصينه بمعروف. <ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، | ومن تلك البيعات التي حصلت بعد فتح مكّة في السنة الثامنة للهجرة والتي أشارت إليها الآية 12 من [[سورة الممتحنة]] وبيّنت الكتب التفسيرية والحديثية والتاريخة موضوعها، هي البيعة التي عرفت ب[[بيعة النساء]]. ومفادها: أنّه بعد أن تمّ فتح [[مكة]] التف حوله {{صل}} أهل مكة يبايعونه على [[الإسلام]] رجالا ونساء، وأقبل رجال مكة أفواجا يتزاحمون على البيعة والدخول في الإسلام. ولما انتهت بيعة الرجال أقبل على بيعة النساء، فبايعنه مشترطا عليهن أن لا يشركن بالله شيئا، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه، ولا يعصينه بمعروف. <ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 14، ص 152-153. </ref> | ||
===== كيفية أخذ البيعة من النساء ===== | ===== كيفية أخذ البيعة من النساء ===== | ||
كانت الطريقة التي استعملها {{صل}} في بيعتهن أن وضع بين يديه إناء فيه ماء، فإذا أسلمن يدخل يده في الماء ثم يخرجها منه فيدخلن أيديهن فيه<ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، | كانت الطريقة التي استعملها {{صل}} في بيعتهن أن وضع بين يديه إناء فيه ماء، فإذا أسلمن يدخل يده في الماء ثم يخرجها منه فيدخلن أيديهن فيه<ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، ج 3، ص 62. </ref>، وفي رواية أخرى أنّه {{صل}} كان يضع على يده ثوباً وبعد الإقرار بالشهادتين يمسحن أيديهن على ذلك الثوب.<ref>الزمخشري، الكشاف، ذيل الآية 12 سوره الممتحنة </ref> وهناك من ذهب إلى القول بأنّ بيعة النساء كانت بالقول فقط دون الفعل.<ref>كتاني، نظام الحكومة النبّوية، ج 1، ص 222. </ref> وهناك صور أخرى ذكرت في المصادر الحديثية لبيان كيفية بيعة النساء يمكن رصدها في المصادر التاريخية والحديثية. <ref>المفيد، الارشاد، ص 63. </ref> علماً أنّ القاسمي <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعه والتاريخ الاسلامي، ج 1، ص 277-278. </ref> يرى أن مبايعة النساء لم تحصل إلا في حياة النبي {{صل}} في كل من بيعة العقبة الثانية وبيعة الرضوان والفتح في مكة، ولم نجد لمبايعة النساء ذكراً في تاريخ [[الخليفة|الخلفاء]] والحكّام من بعده {{صل}} بل انحصرت البيعة بالرجال فقط. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، ج 2، ص 361-366. </ref> | ||
====مبايعة المسلمين لعلي (ع) يوم الغدير==== | ====مبايعة المسلمين لعلي (ع) يوم الغدير==== | ||
البيعة الأخيرة التي سجلتها الكثير من المصادر التاريخية والحديثية في حياة [[النبي الأكرم]] {{صل}} <ref>المجلسي، بحار الأنوار، | البيعة الأخيرة التي سجلتها الكثير من المصادر التاريخية والحديثية في حياة [[النبي الأكرم]] {{صل}} <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 37، ص 133، 138، 142، 202،203، 217. </ref> تمثلت بمايعة [[المسلم|المسلمين]] ل[[أمير المؤمنين]] [[علي بن أبي طالب]] {{عليه السلام}} في الثامن عشر من [[ذي الحجة|ذي الحجّة]] من السنة العاشرة للهجرة في منطقة غدير خم؛ حيث تم تنصيبه {{عليه السلام}} وبأمر من [[الله]] تعالى خليفة و[[وصية الإمام علي لولده الحسن (عليهما السلام)|وصياً]] و[[إمام]]اً للمسلمين بعد الرسول {{صل}}. | ||
=== البيعة بعد رحيل النبي {{صل}} === | === البيعة بعد رحيل النبي {{صل}} === | ||
بقي [[المسلم|المسلمون]] متمسكون بأسلوب [[البيعة]] بعد رحيل [[النبي]] {{صل}}. فبعد أنّ يتم اختيار شخص ما للخلافة وحكم المسلمين يقوم بمبايعته جماعة من المسلمين تارة وأخرى يجتمع عليه عامّة المسلمين الحاضرين لمبايعته، وكان أوّل مصاديق تلك البيعات ما حصل في [[سقيفة بني ساعدة]] في يوم رحيل النبي {{صل}} حيث اجتمع نفر منهم [[عمر بن الخطاب]] و[[أبو عبيدة بن الجراح]] وبعض مشايخ [[المهاجرون|المهاجرين]] و[[الأنصار]] في سقيفة بني ساعدة وبايعوا [[أبا بكر]] للخلافة بعد إقصاء [[سعد بن عبادة]] عن المنافسة، وبعد أن تمت البيعة بصورتها المذكور في السقيفة خرج أبو بكر ومعه عمر وأبو عبيدة، وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية، لا يمرّون بأحد إلاّ خبطوه وقدّموه، ومدّوا يده. فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى. <ref>التستري، بهج الصّباغة في شرح نهج البلاغة، | بقي [[المسلم|المسلمون]] متمسكون بأسلوب [[البيعة]] بعد رحيل [[النبي]] {{صل}}. فبعد أنّ يتم اختيار شخص ما للخلافة وحكم المسلمين يقوم بمبايعته جماعة من المسلمين تارة وأخرى يجتمع عليه عامّة المسلمين الحاضرين لمبايعته، وكان أوّل مصاديق تلك البيعات ما حصل في [[سقيفة بني ساعدة]] في يوم رحيل النبي {{صل}} حيث اجتمع نفر منهم [[عمر بن الخطاب]] و[[أبو عبيدة بن الجراح]] وبعض مشايخ [[المهاجرون|المهاجرين]] و[[الأنصار]] في سقيفة بني ساعدة وبايعوا [[أبا بكر]] للخلافة بعد إقصاء [[سعد بن عبادة]] عن المنافسة، وبعد أن تمت البيعة بصورتها المذكور في السقيفة خرج أبو بكر ومعه عمر وأبو عبيدة، وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية، لا يمرّون بأحد إلاّ خبطوه وقدّموه، ومدّوا يده. فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى. <ref>التستري، بهج الصّباغة في شرح نهج البلاغة، ج 6، ص 288-289. </ref> وبعد وفاة أبي بكر بويع عمر بن الخطاب بعد أن نصبّه الخليفة الأوّل للخلافة، وهكذا بويع [[عثمان بن عفان|الخليفة الثالث]] بعد قضية [[الشورى السداسية]] المعروفة، حتى أصبحت البيعة ظاهرة سياسية. <ref>المسعودي، مروج الذّهب، ج۲، ص۳۱۲، ۳۴۰ </ref> وبعد مقتل [[عثمان بن عفان|عثمان]] اجتمع المسلمون على مبايعة أمير المؤمنين [[علي بن أبي طالب]] {{عليه السلام}} معلنين مبايعتهم له عن طواعية حتى وصف اجتماع الناس عليه بقوله في [[نهج البلاغة]] الخطبة الثالثة: | ||
:" فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَم" وكان {{عليه السلام}} قد أصر على أن تكون بيعته على مرأى ومسمع من عامّة الناس وفي [[المسجد]]. <ref>الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلّته، | :" فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَم" وكان {{عليه السلام}} قد أصر على أن تكون بيعته على مرأى ومسمع من عامّة الناس وفي [[المسجد]]. <ref>الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلّته، ج 6، ص 692. </ref> وبعد شهادته {{عليه السلام}} بايع الناس ولده [[الإمام الحسن (توضيح)|الإمام الحسن]] {{عليه السلام}}. <ref>ابن شهرآشوب، المناقب، ج 4، ص 28. </ref> ومن تلك البيعات التي حصلت في تاريخ المسلمين ل[[أئمة الشيعة]] (عليهم السلام) مبايعة الكوفيين ل[[مسلم بن عقيل]] نيابة عن [[الإمام الحسين]] {{عليه السلام}}. <ref>المسعودي، مروج الذّهب، ج 3، ص 64.</ref> ومبايعة الخراسانيين لل[[الإمام الرضا عليه السلام|إمام الرضا]] {{عليه السلام}} بولاية عهد [[المأمون العباسي]]. <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 49، ص 144، 146، ج 64، ص 184-186. </ref> | ||
==== البيعة في العصرين الأموي والعباسي ==== | ==== البيعة في العصرين الأموي والعباسي ==== | ||
استمرت ظاهرة البيعة في العصرين [[بنو أمية|الأموي]] و[[بنو العباس|العباسي]] مع إجراء بعض التغييرات في الشكل تارة والمضمون أخرى بل فيهما معا في بعض الأحيان. فقد أحدث الأمويون تحولا كبيراً وتغييراً جوهرياً في مضمون البيعة وشكلها، حتى أن الكثير من الكتّاب والمفكرين من أبناء [[أهل السنة|السنّة]] أذعنوا بأنّ [[معاوية]] قام ولتحكيم أسس حكومته وأخذ البيعة لولده [[يزيد بن معاوية|يزيد]] باعتماد شتّى الوسائل توزعت على الوعد والوعيد بالأطماع تارة والتهديد والقهر أخرى فضلا عن التحايل وإيقاع [[الفرقة بين المسلمين]] و.... <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۶۰ـ۶۱ ذ</ref> | استمرت ظاهرة البيعة في العصرين [[بنو أمية|الأموي]] و[[بنو العباس|العباسي]] مع إجراء بعض التغييرات في الشكل تارة والمضمون أخرى بل فيهما معا في بعض الأحيان. فقد أحدث الأمويون تحولا كبيراً وتغييراً جوهرياً في مضمون البيعة وشكلها، حتى أن الكثير من الكتّاب والمفكرين من أبناء [[أهل السنة|السنّة]] أذعنوا بأنّ [[معاوية]] قام ولتحكيم أسس حكومته وأخذ البيعة لولده [[يزيد بن معاوية|يزيد]] باعتماد شتّى الوسائل توزعت على الوعد والوعيد بالأطماع تارة والتهديد والقهر أخرى فضلا عن التحايل وإيقاع [[الفرقة بين المسلمين]] و.... <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۶۰ـ۶۱ ذ</ref> | ||
ورويداً رويداً أخذت ماهية البيعة تتحول إلى عملية ممزوجة بالإكراه والتهديد وتتحول في واقع الأمر من المبايعة اختياراً إلى أخذ للبيعة بالإكراه. <ref>كتاني، نظام الحكومة النبّوية، كتاني، | ورويداً رويداً أخذت ماهية البيعة تتحول إلى عملية ممزوجة بالإكراه والتهديد وتتحول في واقع الأمر من المبايعة اختياراً إلى أخذ للبيعة بالإكراه. <ref>كتاني، نظام الحكومة النبّوية، كتاني، ج 1، ص 223. </ref> ومن نماذج ذلك ما كتبه [[يزيد]] إلى واليه على المدينة [[الوليد بن عتبة]]: أما بعد فخذ [[الإمام الحسين|حسينا]] و[[عبد الله بن عمر]] و[[عبد الله بن الزبير]] بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، ج 5، ص 338. </ref> وقد تحولت البيعة في ذلك العصر إلى حالة شكلية وتشريفية، وطريقة للإعلان عن الوفاء لأمر الحاكم الجديد. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، ج 7، ص 311، 471، ج 6، ص 423. </ref> بل المبايعة للحاكم المرتقب بعد الحاكم الفعلي أو ما بات يعرف اليوم بولي العهد. <ref>المسعودي، مروج الذّهب، ج 4، ص 210-211. </ref> | ||
وربما تعقد البيعة في بدايات حكم [[الخليفة]] تحت التطميع وبذل الأموال الطائلة حتى أنّ الاموال التي بذلت في بيعة [[المقتدر العباسي]] بلغت ثلاثة ملايين دينار، واستحدثوا ما سمّي برزق البيعة يطالب به المبايعون من رجال الجيش والقواد. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۸۶ </ref> ولعل الراغب الاصفهاني قصد هذا المعنى في تعريفه للبيعة بقوله: "بايعَ السلطان: إذا تضمّن بذل الطاعة له بما رضخ له". يضاف إلى ذلك أن المصادر التاريخية أشارت إلى البيعة الخاصّة التي يقوم بها الساسة وقادة العسكر والوزراء، للخليفة في عصر خلفاء بني العباس المنصور والمهدي وعيسى العباسي. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، | وربما تعقد البيعة في بدايات حكم [[الخليفة]] تحت التطميع وبذل الأموال الطائلة حتى أنّ الاموال التي بذلت في بيعة [[المقتدر العباسي]] بلغت ثلاثة ملايين دينار، واستحدثوا ما سمّي برزق البيعة يطالب به المبايعون من رجال الجيش والقواد. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۸۶ </ref> ولعل الراغب الاصفهاني قصد هذا المعنى في تعريفه للبيعة بقوله: "بايعَ السلطان: إذا تضمّن بذل الطاعة له بما رضخ له". يضاف إلى ذلك أن المصادر التاريخية أشارت إلى البيعة الخاصّة التي يقوم بها الساسة وقادة العسكر والوزراء، للخليفة في عصر خلفاء بني العباس المنصور والمهدي وعيسى العباسي. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج 1، ص 290-291. </ref> | ||
علماً أنّه قد تنقض البيعة التي عقدت لولي عهد الخليفة من قبل الخليفة نفسه ليختار خليفة وولي عهد آخر له. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، | علماً أنّه قد تنقض البيعة التي عقدت لولي عهد الخليفة من قبل الخليفة نفسه ليختار خليفة وولي عهد آخر له. <ref>ابن جرير، تاريخ الطبري، ج 8، ص 9. </ref> | ||
== صيغة البيعة == | == صيغة البيعة == |