انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البيعة»

أُضيف ٦٤ بايت ،  ١٧ ديسمبر ٢٠١٥
imported>Ya zainab
imported>Ya zainab
سطر ٧٨: سطر ٧٨:
اصطبغ مفهوم البيعة بعد رحيل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} بصبغة سياسية، بل ذهب بعض مفكري العامّة إلى القول بتحول البيعة بعد [[سقيفة بني ساعدة|السقيفة]] إلى ظاهرة سياسية. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۵۷ـ ۲۵۸ </ref>
اصطبغ مفهوم البيعة بعد رحيل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} بصبغة سياسية، بل ذهب بعض مفكري العامّة إلى القول بتحول البيعة بعد [[سقيفة بني ساعدة|السقيفة]] إلى ظاهرة سياسية. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۵۷ـ ۲۵۸ </ref>
ومن الجدير بالملاحظة هنا أن دراسات مفكري العامّة [[علم الكلام|الكلامية]] و[[الفقه الإسلامي|الفقهية]] وإن أولت البيعة اهتماماً كبيراً ورتبت عليها الكثير من الآثار على المستويين الفقهي والكلامي إلا أنّها لم تهتم– الّا قليلا- بتسليط الأضواء على ماهية البيعة وتحليل جوهرها.
ومن الجدير بالملاحظة هنا أن دراسات مفكري العامّة [[علم الكلام|الكلامية]] و[[الفقه الإسلامي|الفقهية]] وإن أولت البيعة اهتماماً كبيراً ورتبت عليها الكثير من الآثار على المستويين الفقهي والكلامي إلا أنّها لم تهتم– الّا قليلا- بتسليط الأضواء على ماهية البيعة وتحليل جوهرها.
نعم، تعرضت المصادر الفقهية المتأخرة لدى [[الفريقين]]– الشيعة والسنة- لبيان الماهية الحقوقية للبيعة، حيث طرحت مجموعة من الاحتمالات؛ فذهب الكثير منها- انطلاقا من الشبه بين البيعة وبين عقد البيع- إلى القول بأن البيعة عقد يتضمن تعهد الطرفين. وبتعبير الفقهاء والحقوقيين: البيعة عقد معوّض. بأن يتعهد المبايع بالطاعة والانصياع لأوامر الحاكم أو الخليفة والوفاء له فيما يتعهد المُبايَع بأن يحكم ب[[القرآن الكريم|كتاب الله]] و[[السنّة النبوية|سنّة النبي]] والدفاع عن الرعية وتدبير شؤنهم بصدق وأمانة وغير ذلك.<ref>مكارم، انوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۷  و  قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي، ج۱، ص۲۷۳ـ ۲۷۴ </ref> فيما فسرها البعض الآخر بأنها: بيع النفس مقابل رضوان الله تعالى و[[الجنة]]. <ref>الطبرسي، جوامع الجامع، ذيل الآيه </ref>
نعم، تعرضت المصادر الفقهية المتأخرة لدى الفريقين– [[الشيعة]] و[[أهل السنة|السنة-]] لبيان الماهية الحقوقية للبيعة، حيث طرحت مجموعة من الاحتمالات؛ فذهب الكثير منها- انطلاقا من الشبه بين البيعة وبين عقد البيع- إلى القول بأنّ البيعة عقد يتضمن تعهّد الطرفين. وبتعبير الفقهاء والحقوقيين: البيعة عقد معوّض. بأن يتعهد المبايِع بالطاعة والانصياع لأوامر الحاكم أو الخليفة والوفاء له فيما يتعهد المُبايَع بأن يحكم ب[[القرآن الكريم|كتاب الله]] و[[السنّة النبوية|سنّة النبي]] والدفاع عن الرعية وتدبير شؤنهم بصدق وأمانة وغير ذلك.<ref>مكارم، انوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۷  و  قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي، ج۱، ص۲۷۳ـ ۲۷۴ </ref> فيما فسّرها البعض الآخر بأنّها: بيع النفس مقابل رضوان الله تعالى و[[الجنة]]. <ref>الطبرسي، جوامع الجامع، ذيل الآيه </ref>
ثم، إن التامل في البيعات التي تمّت في حياة [[النبي الأكرم]] {{صل}} يظهر رغم ايحائه بعقدية البيعة، إلا أن رصد واقعها التاريخي يؤكد أن حقيقة البيعة تعهد من قبل المُبايِع، بالإسلام ونصرة النبي {{صل}} وطاعته ومجاهدة [[الكافرون|الكافرين]] و[[المشركين]]، من دون أيّ تعهد من قبل النبي {{صل}}. نعم، ورد في حديث ذكره [[صاحب البحار]] وجود تعهد متقابل بين المُبايِع والمُبايَع. <ref>المجلسي، بحار، ج۱۹، ص۲۶ </ref> إلا أنّ المراد من حقوق المبايعين المذكورة في [[الحديث]] و[[الآيات الشريفة]] هي النصرة والثواب الإلهي وهو في الحقيقة ثمرة البيعة والنتيجة المترتبة على الالتزام والتمسّك بمفادها، لا أنه عوض لعملية البيعة. وهذا ما أشار إليه [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} في الخطبة الرابعة والثلاثين من [[نهج البلاغة]] حين قال:
ثم، إنّ التأمل في البيعات التي تمّت في حياة [[النبي الأكرم]] {{صل}} يظهر رغم ايحائه بعقدية البيعة، إلا أنّ رصد واقعها التاريخي يؤكد أن حقيقة البيعة تعهد من قبل المُبايِع، ب[[الإسلام]] ونصرة النبي {{صل}} وطاعته ومجاهدة [[الكافرون|الكافرين]] و[[الشرك|المشركين]]، من دون أيّ تعهد من قبل النبي {{صل}}. نعم، ورد في حديث ذكره [[العلامة المجلسي|صاحب البحار]] وجود تعهد متقابل بين المُبايِع والمُبايَع. <ref>المجلسي، بحار، ج۱۹، ص۲۶ </ref> إلا أنّ المراد من حقوق المبايعين المذكورة في [[الحديث]] و[[الآيات الشريفة]] هي النصرة والثواب الإلهي وهو في الحقيقة ثمرة البيعة والنتيجة المترتبة على الالتزام والتمسّك بمفادها، لا أنه عوض لعملية البيعة. وهذا ما أشار إليه [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} في الخطبة الرابعة والثلاثين من [[نهج البلاغة]] حين قال:
:"وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ وَالنَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ وَالْمَغِيبِ وَالْإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ والطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ". <ref>نهج البلاغة، الخطبه ۳۴ </ref> ومن هنا نرى الكثير من المحققين يذهبون إلى تفسير مفهوم البيعة بـ "التعهد بالطاعة" أو "بذل الطاعة". <ref>الشهرستاني، مدخل الى علم الفقه، ص۱۵۵ و  معرفت، ولايت فقيه، ص۸۲ </ref> فيما ذهب آخرون إلى كونها عقد غير معوّض كالهبة غير المعوضة. <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۲۲ </ref> بل هناك مَن أخرجها عن مقولة العقد وأدرجها تحت مقولة الإيقاعات. <ref>مكارم، أنوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۷ </ref> وقال آخرون: هي تعهد أحادي الطرف وليست من مقولة التعاهد. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۷۶ </ref>
:"وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ وَالنَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ وَالْمَغِيبِ وَالْإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ والطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ". <ref>نهج البلاغة، الخطبه ۳۴ </ref> ومن هنا نرى الكثير من المحققين يذهبون إلى تفسير مفهوم البيعة بـ "التعهد بالطاعة" أو "بذل الطاعة". <ref>الشهرستاني، مدخل الى علم الفقه، ص۱۵۵ و  معرفت، ولايت فقيه، ص۸۲ </ref> فيما ذهب آخرون إلى كونها عقد غير معوّض كالهبة غير المعوضة. <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۲۲ </ref> بل هناك مَن أخرجها عن مقولة العقد وأدرجها تحت مقولة الإيقاعات. <ref>مكارم، أنوار الفقاهة: كتاب البيع، ج۱، ص۵۱۷ </ref> وقال آخرون: هي تعهد أحادي الطرف وليست من مقولة التعاهد. <ref>قاسمي، نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الاسلامي، ج۱، ص۲۷۶ </ref>


=== أركان وشروط البيعة ===
=== أركان وشروط البيعة ===
للبيعة– على القول بأنّها عقد- ثلاثة أركان أساسية: المُبايِع والمُبايَع وموضوع البيعة. وعليه لا بد أن يتوفر في طرفي البيعة (العقد) الشروط اللازمة لصحة العقد من البلوغ والرشد والعقل. <ref>الآصفي، ولاية الأمر، ص۸۵ </ref> نعم، ورد في بعض المصادر تصحيح بيعة الصغار وغير البالغين. <ref>كتاني، نظام الحكومة النبّوية، ج۱، ص۲۲۲ </ref> واشترط في بعض الأحاديث بالاضافة إلى ما مرّ استطاعة المبايع. <ref>البخاري الجعفي، صحيح البخاري، ج۸، ص۱۲۲ </ref> ومن الشروط التي ركّزت عليها الأبحاث الفقهية شرط الاختيار وعدم الإكراه في طرفي البيعة. <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري اهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۱۳۳ـ ۱۳۸ و الآصفي، ولاية الامر، ص۸۶  </ref>
للبيعة– على القول بأنّها عقد- ثلاثة أركان أساسية: المُبايِع والمُبايَع وموضوع البيعة. وعليه لا بد أن يتوفر في طرفي البيعة (العقد) الشروط اللازمة لصحة العقد من البلوغ والرشد والعقل. <ref>الآصفي، ولاية الأمر، ص۸۵ </ref> نعم، ورد في بعض المصادر تصحيح بيعة الصغار وغير البالغين. <ref>كتاني، نظام الحكومة النبّوية، ج۱، ص۲۲۲ </ref> واشترط في بعض الأحاديث بالاضافة إلى ما مرّ استطاعة المبايع. <ref>البخاري الجعفي، صحيح البخاري، ج۸، ص۱۲۲ </ref> ومن الشروط التي ركّزت عليها الأبحاث الفقهية شرط الاختيار وعدم الإكراه في طرفي البيعة. <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري اهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۱۳۳ـ ۱۳۸ و الآصفي، ولاية الامر، ص۸۶  </ref>
والجدير بالذكر أنه ورد في بعض مصادر [[أهل السنّة و الجماعة|أهل السنّة]] فساد البيعة شرعاً مع القهر والإكراه وإن ترتب الأثر عليها قانونا مع توفر سائر الشروط فيها. <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۱۳۹ـ۱۴۰ </ref>
والجدير بالذكر أنّه ورد في بعض مصادر [[أهل السنة |أهل السنّة]] فساد البيعة شرعاً مع القهر والإكراه وإن ترتب الأثر عليها قانونا مع توفر سائر الشروط فيها. <ref>عبدالمجيد، البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي، ص۱۳۹ـ۱۴۰ </ref>


=== البيعة في الفكر السياسي في مدرسة الخلفاء ===
=== البيعة في الفكر السياسي في مدرسة الخلفاء ===
مستخدم مجهول