مستخدمون مشرفون تلقائيون، confirmed، movedable، إداريون، templateeditor
٨٬١٠١
تعديل
لا ملخص تعديل |
(تصحيح المقدمة) |
||
سطر ١٩: | سطر ١٩: | ||
|الأولاد= [[الإمام الباقر]]{{عليه السلام}}، [[عبد الله بن علي بن الحسين|عبد الله]]، [[زيد بن علي بن الحسين|زيد]]، [[الحسن بن علي بن الحسين|الحسن]]، [[الحسين بن علي بن الحسين|الحسين]] | |الأولاد= [[الإمام الباقر]]{{عليه السلام}}، [[عبد الله بن علي بن الحسين|عبد الله]]، [[زيد بن علي بن الحسين|زيد]]، [[الحسن بن علي بن الحسين|الحسن]]، [[الحسين بن علي بن الحسين|الحسين]] | ||
}} | }} | ||
'''الإمام علي السجاد عليه السلام'''، ([[38 هـ|38]]-[[95 هـ]])، هو علي بن [[الإمام الحسين(ع)|الحسين]] بن [[علي بن أبي طالب]]{{عليهم السلام}}، الشهير بالسجاد، و[[زين العابدين]]، هو رابع [[أئمة أهل البيت]]{{عليهم السلام}}، ولد في [[5 شعبان|الخامس من شعبان]] سنة [[38 هـ]]، واستمرت [[الإمامة|إمامته]] 35 عاماً. اتسمت الفترة التي عاشها الإمام زين العابدين بكثرة الأحداث التي وقعت في التاريخ [[الإسلام|الإسلامي]]، ومنها [[واقعة كربلاء]]، حيث كان حاضراً فيها، والتي استشهد خلالها [[الإمام الحسين]]{{ع}} وأهل بيته، ولكن بسبب مرضه لم يتمكن من المشاركة في القتال، وبعد أن سُبيت العيال على يد [[جيش عمر بن سعد]]، كان الإمام السجاد{{ع}} مع [[سبايا الطف|موكب السبايا]]، وبعد أن ألقى [[خطبة الإمام السجاد عليه السلام في الشام|خطبة مؤثّرة]] في مجلس [[يزيد بن معاوية]] بيّن من خلالها سموّ مكانة [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] وحقيقة أعدائهم، إضافة إلى شرح ما | '''الإمام علي السجاد عليه السلام'''، ([[38 هـ|38]]-[[95 هـ]])، هو علي بن [[الإمام الحسين(ع)|الحسين]] بن [[علي بن أبي طالب]]{{عليهم السلام}}، الشهير بالسجاد، و[[زين العابدين]]، هو رابع [[أئمة أهل البيت]]{{عليهم السلام}}، ولد في [[5 شعبان|الخامس من شعبان]] سنة [[38 هـ]]، واستمرت [[الإمامة|إمامته]] 35 عاماً. اتسمت الفترة التي عاشها الإمام زين العابدين بكثرة الأحداث التي وقعت في التاريخ [[الإسلام|الإسلامي]]، ومنها [[واقعة كربلاء]]، حيث كان حاضراً فيها، والتي استشهد خلالها [[الإمام الحسين]]{{ع}} وأهل بيته، ولكن بسبب مرضه لم يتمكن من المشاركة في القتال، وبعد أن سُبيت العيال على يد [[جيش عمر بن سعد]]، كان الإمام السجاد{{ع}} مع [[سبايا الطف|موكب السبايا]]، وبعد أن ألقى [[خطبة الإمام السجاد عليه السلام في الشام|خطبة مؤثّرة]] في مجلس [[يزيد بن معاوية]] بيّن من خلالها سموّ مكانة [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] وحقيقة أعدائهم، إضافة إلى شرح ما حدث من الرزايا في [[كربلاء]]. رجع [[سبايا كربلاء|بالسبايا]] من [[الشام]] إلى [[المدينة المنورة|المدينة]]. | ||
للإمام علي بن الحسين{{ع}} ألقاب عدة، ومنها: [[زين العابدين]]، وسيد العابدين، {{و}}[[ذو الثفنات]]، والسجاد، كما واتصف بمجموعة من الصفات والملكات التي نقلها المؤرخون، مما جعل [[الإمامة|إمامته]] محل قبول أغلب [[المسلمين]] من [[الشيعة]]، {{و}} | للإمام علي بن الحسين{{ع}} ألقاب عدة، ومنها: [[زين العابدين]]، وسيد العابدين، {{و}}[[ذو الثفنات]]، والسجاد، كما واتصف بمجموعة من الصفات والملكات التي نقلها المؤرخون، مما جعل [[الإمامة|إمامته]] محل قبول أغلب [[المسلمين]] من [[الشيعة]]، {{و}}[[أهل السنة]]، ومما امتاز به الإمام من سمات وأخلاق يمكن الإشارة إلى [[الحلم|الحلم]]، والشجاعة، {{و}}[[الصبر]]، وغيرها من الفضائل الأخلاقية، كما وكان يحنّ على العبيد، فلم يضرب عبداً أو أمة قط، بل كان يتملك العديد منهم ويعتقهم جميعاً في [[عيد الفطر]]، ويشتري مجموعة أخرى؛ ليعتقها هي الأخرى أيضا. | ||
ومن الناحية السياسية حدث في عصر الإمام السجاد{{ع}} ثورات عدة في [[العالم الإسلامي]]، منها: ثورة أهل [[المدينة]] الشهيرة ب[[واقعة الحرة]]، {{و}}[[ثورة التوابين]]، {{و}}[[ثورة المختار الثقفي]]. | |||
هناك مجموعة من الآثار التي نُسبت للإمام زين العابدين{{ع}}، وهي: [[الصحيفة السجادية]]، {{و}}[[رسالة الحقوق]]، {{و}}[[المناجيات الخمس عشرة]]، إضافة إلى: كتاب علي بن الحسين، وديوان منسوب للإمام السجاد، ومصحف بخطه. | هناك مجموعة من الآثار التي نُسبت للإمام زين العابدين{{ع}}، وهي: [[الصحيفة السجادية]]، {{و}}[[رسالة الحقوق]]، {{و}}[[المناجيات الخمس عشرة]]، إضافة إلى: كتاب علي بن الحسين، وديوان منسوب للإمام السجاد، ومصحف بخطه. | ||
سطر ٣١: | سطر ٣١: | ||
للإمام السجاد عدة أولاد من بنات وبنين، منهم [[الإمام محمد الباقر]]{{ع}} الذي تسلم [[الإمامة]] بعد استشهاد أبيه {{و}} [[زيد بن علي|زيد]] الذي [[الشهادة|استشهد]] بعد ما ثار ضد الحكم الأموي. | للإمام السجاد عدة أولاد من بنات وبنين، منهم [[الإمام محمد الباقر]]{{ع}} الذي تسلم [[الإمامة]] بعد استشهاد أبيه {{و}} [[زيد بن علي|زيد]] الذي [[الشهادة|استشهد]] بعد ما ثار ضد الحكم الأموي. | ||
== هويته الشخصية == | ==هويته الشخصية== | ||
{{شجرة الإمام السجاد (ع)}} | {{شجرة الإمام السجاد (ع)}} | ||
هو علي بن [[الحسين]] بن [[علي بن أبي طالب]]{{هم}}، وقد ورد في بعض الروايات أن [[الرسول الأعظم]]{{صل}} قد سمّاه بـ"علي" ولقّبه بـ"[[زين العابدين]]"، وذلك قبل أن يولد بعشرات السنين،<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33 - 34.</ref> ومن هذه الأخبار: روى [[جابر بن عبد الله الأنصاري]] قال كنت جالساً عند [[رسول الله]]{{صل}} {{و}}[[الحسين (ع)|الحسين]] في حجره، وهو يداعبه، فقال: يا جابر يولد له مولود اسمه "علي" إذا كان [[يوم القيامة]] نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فأقرأه مني السلام.<ref>الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.</ref>و عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَلَدِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَخْطُو بَيْنَ الصُّفُوفِ | هو علي بن [[الحسين]] بن [[علي بن أبي طالب]]{{هم}}، وقد ورد في بعض الروايات أن [[الرسول الأعظم]]{{صل}} قد سمّاه بـ"علي" ولقّبه بـ"[[زين العابدين]]"، وذلك قبل أن يولد بعشرات السنين،<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33 - 34.</ref> ومن هذه الأخبار: روى [[جابر بن عبد الله الأنصاري]] قال كنت جالساً عند [[رسول الله]]{{صل}} {{و}}[[الحسين (ع)|الحسين]] في حجره، وهو يداعبه، فقال: يا جابر يولد له مولود اسمه "علي" إذا كان [[يوم القيامة]] نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فأقرأه مني السلام.<ref>الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.</ref>و عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَلَدِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَخْطُو بَيْنَ الصُّفُوفِ | ||
سطر ٤١: | سطر ٤١: | ||
ذكرت المصادر الروائية أن والدة الإمام علي بن الحسين السجاد اتصفت بالعفة، والطهارة، والكمال، وسمو الأخلاق، وحدّة الذكاء؛ ولذلك بادر [[أمير المؤمنين]]{{ع}} إلى زواجها من ولده [[الإمام الحسين]]{{ع}}، كما عهد إليه بالإحسان إليها، والبر بها، قائلاً له: وأحسن إلى شهربانويه، فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك.<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 214. </ref> | ذكرت المصادر الروائية أن والدة الإمام علي بن الحسين السجاد اتصفت بالعفة، والطهارة، والكمال، وسمو الأخلاق، وحدّة الذكاء؛ ولذلك بادر [[أمير المؤمنين]]{{ع}} إلى زواجها من ولده [[الإمام الحسين]]{{ع}}، كما عهد إليه بالإحسان إليها، والبر بها، قائلاً له: وأحسن إلى شهربانويه، فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك.<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 214. </ref> | ||
=== ألقابه === | ===ألقابه=== | ||
لقد لُقب الإمام علي بن الحسين{{ع}} بمجموعة من الألقاب، ومنها: | لقد لُقب الإمام علي بن الحسين{{ع}} بمجموعة من الألقاب، ومنها: | ||
:1- '''زين العابدين''': لقبه [[النبي الأكرم]]{{صل}} بهذا اللقب،<ref>الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.</ref> وإنما لُقب به لكثرة عبادته، وقد عُرف بهذا اللقب.<ref>العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 3، ص 306.</ref> | :1- '''زين العابدين''': لقبه [[النبي الأكرم]]{{صل}} بهذا اللقب،<ref>الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.</ref> وإنما لُقب به لكثرة عبادته، وقد عُرف بهذا اللقب.<ref>العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 3، ص 306.</ref> | ||
::وقالوا: إنَّ سبب تلقّبه بـ "زين العابدين" إنَّ [[الشيطان]] تمثّل بصورة أفعى، فلدغ إصبع رجله حين كان منشغلا ب[[الصلاة]]، فلم يلتفت إليه، ولم يقطع صلاته. فسمع مناد ينادي: أنت زين العابدين حقا. <ref>الفالي، موسوعة الأنوار في سيرة الأئمة الأطهار، ج 7، ص 12.</ref> | ::وقالوا: إنَّ سبب تلقّبه بـ "زين العابدين" إنَّ [[الشيطان]] تمثّل بصورة أفعى، فلدغ إصبع رجله حين كان منشغلا ب[[الصلاة]]، فلم يلتفت إليه، ولم يقطع صلاته. فسمع مناد ينادي: أنت زين العابدين حقا. <ref>الفالي، موسوعة الأنوار في سيرة الأئمة الأطهار، ج 7، ص 12.</ref> | ||
سطر ٥٢: | سطر ٥٢: | ||
:3- '''[[ذو الثفنات]]''': لُقب بذلك لما ظهر على أعضاء سجوده من شبه ثفنات البعير؛<ref>القلقشندي، صبح الأعشى، ج 1، ص 452.</ref> وذلك لكثرة سجوده، وعن [[محمد بن علي الباقر]]{{ع}} قال: كان لأبي في موضع سجوده آثار ناتية، وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات؛ فسمي ذا الثفنات لذلك.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 377.</ref> | :3- '''[[ذو الثفنات]]''': لُقب بذلك لما ظهر على أعضاء سجوده من شبه ثفنات البعير؛<ref>القلقشندي، صبح الأعشى، ج 1، ص 452.</ref> وذلك لكثرة سجوده، وعن [[محمد بن علي الباقر]]{{ع}} قال: كان لأبي في موضع سجوده آثار ناتية، وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات؛ فسمي ذا الثفنات لذلك.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 377.</ref> | ||
:4 - '''السجّاد''': قال [[محمد بن علي الباقر|أبو جعفر محمد بن علي الباقر]]{{ع}} إن أبي علي بن الحسين ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ [[آية]] من [[كتاب الله]] فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من [[صلاة]] مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع جسده فسمي السجاد لذلك.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 244.</ref> | :4 - '''السجّاد''': قال [[محمد بن علي الباقر|أبو جعفر محمد بن علي الباقر]]{{ع}} إن أبي علي بن الحسين ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ [[آية]] من [[كتاب الله]] فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من [[صلاة]] مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع جسده فسمي السجاد لذلك.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 244.</ref> | ||
:ونظم ابن حماد أبياتا يصف فيها كثرة سجود الإمام وعبادته، وهي: | :ونظم ابن حماد أبياتا يصف فيها كثرة سجود الإمام وعبادته، وهي: | ||
سطر ٦٣: | سطر ٦٣: | ||
:5 - '''الزكي''': لُقب بالزكي؛ لأن الله زكاه {{و}}[[اية التطهير|طهّره]].<ref>الأربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 317.</ref> | :5 - '''الزكي''': لُقب بالزكي؛ لأن الله زكاه {{و}}[[اية التطهير|طهّره]].<ref>الأربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 317.</ref> | ||
:6 - '''الأمين''': ذُكر في التاريخ انه لُقب بـ "الأمين"،<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 187.</ref> فقد روي عنه أنه قال{{ع}}: لو أن قاتل أبي أودع عندي السيف الذي قتل به أبي لأديته إليه.<ref>الصدوق، الأمالي، ص 319.</ref> | :6 - '''الأمين''': ذُكر في التاريخ انه لُقب بـ "الأمين"،<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 187.</ref> فقد روي عنه أنه قال{{ع}}: لو أن قاتل أبي أودع عندي السيف الذي قتل به أبي لأديته إليه.<ref>الصدوق، الأمالي، ص 319.</ref> | ||
::كما واختلفت المصادر بين كونه علي الأصغر أو الأوسط أو الأكبر، فلُقب في بعض المصادر بعلي الأصغر<ref>البكري، تاريخ الخميس، ج 2، ص 286.</ref> وفي مصادر أخرى بعلي الأوسط<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 1، ص 582.</ref> وذكره [[المفيد]] عليا الأكبر<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 135.</ref>. | ::كما واختلفت المصادر بين كونه علي الأصغر أو الأوسط أو الأكبر، فلُقب في بعض المصادر بعلي الأصغر<ref>البكري، تاريخ الخميس، ج 2، ص 286.</ref> وفي مصادر أخرى بعلي الأوسط<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 1، ص 582.</ref> وذكره [[المفيد]] عليا الأكبر<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 135.</ref>. | ||
=== كُناه === | ===كُناه=== | ||
كُني الإمام علي بن الحسين{{ع}} بأبي الحسين وأبي الحسن، وأبي محمد<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 137.</ref> وأبي عبد الله<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 237.</ref> | كُني الإمام علي بن الحسين{{ع}} بأبي الحسين وأبي الحسن، وأبي محمد<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 137.</ref> وأبي عبد الله<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 237.</ref> | ||
== ولادته ونشأته == | ==ولادته ونشأته== | ||
=== تاريخ الولادة === | ===تاريخ الولادة=== | ||
لقد تعددت الأقوال في تاريخ ولادة الإمام زين العابدين{{ع}}، وأشهرها عند [[الإمامية]]، والذي تُقام فيه المهرجانات العامة إحياء لذكرى ولادته، هو<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33.</ref> اليوم الخامس من [[شعبان المعظم|شعبان]] سنة "[[38 هـ]]"<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 212.</ref> وذلك في يوم الخميس.<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 136.</ref> وقيل بأنه ولد في يوم التاسع من شعبان،<ref>النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 222.</ref> أو النصف من [[جمادى الأولى]]،<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33.</ref> أو 26 [[جمادى الآخرة]].<ref>ثامر، الإمامة في الإسلام، ص 116.</ref>. | لقد تعددت الأقوال في تاريخ ولادة الإمام زين العابدين{{ع}}، وأشهرها عند [[الإمامية]]، والذي تُقام فيه المهرجانات العامة إحياء لذكرى ولادته، هو<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33.</ref> اليوم الخامس من [[شعبان المعظم|شعبان]] سنة "[[38 هـ]]"<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 212.</ref> وذلك في يوم الخميس.<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 136.</ref> وقيل بأنه ولد في يوم التاسع من شعبان،<ref>النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 222.</ref> أو النصف من [[جمادى الأولى]]،<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33.</ref> أو 26 [[جمادى الآخرة]].<ref>ثامر، الإمامة في الإسلام، ص 116.</ref>. | ||
=== مكان الولادة === | ===مكان الولادة=== | ||
هناك اختلاف في تحديد مكان ولادة الإمام علي بن الحسين{{ع}} فقد قال البعض بأنه ولد في [[الكوفة]]،<ref>الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 104.</ref> واعتبر آخرون [[يثرب]] مكانا لولادته.<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 187.</ref> | هناك اختلاف في تحديد مكان ولادة الإمام علي بن الحسين{{ع}} فقد قال البعض بأنه ولد في [[الكوفة]]،<ref>الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 104.</ref> واعتبر آخرون [[يثرب]] مكانا لولادته.<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 187.</ref> | ||
ونشأ الإمام زين العابدين في بيت [[النبوة]] {{و}}[[الإمامة]]، فقد عاش في كنف جده [[علي (ع)|أمير المؤمنين]]{{ع}} فترة قصيرة جدا وقد حددها المؤرخون بسنتين، وبعد شهادة أمير المؤمنين تولى تربية الإمام زين العابدين عمّه [[الإمام الحسن (ع)|الإمام الحسن]]{{ع}}، وبعدها تولى تربية الإمام زين العابدين والده [[الإمام الحسين (ع)|الإمام الحسين]]{{ع}}.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 137.؛ ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، ص 175.؛ القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 45 - 47.</ref> | ونشأ الإمام زين العابدين في بيت [[النبوة]] {{و}}[[الإمامة]]، فقد عاش في كنف جده [[علي (ع)|أمير المؤمنين]]{{ع}} فترة قصيرة جدا وقد حددها المؤرخون بسنتين، وبعد شهادة أمير المؤمنين تولى تربية الإمام زين العابدين عمّه [[الإمام الحسن (ع)|الإمام الحسن]]{{ع}}، وبعدها تولى تربية الإمام زين العابدين والده [[الإمام الحسين (ع)|الإمام الحسين]]{{ع}}.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 137.؛ ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، ص 175.؛ القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 45 - 47.</ref> | ||
== استشهاده == | ==استشهاده== | ||
روي بأن [[الأمويين]] قد خافوا من وجود شخصية كالإمام السجاد{{ع}}، وكان أشدهم خوفا منه [[الوليد بن عبد الملك]]، فقد روى [[محمد بن مسلم الزهري]] أنه قال: "لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا".<ref>القرشي، حياة الإمام الباقر{{ع}}، ج 1، ص 57.</ref> | روي بأن [[الأمويين]] قد خافوا من وجود شخصية كالإمام السجاد{{ع}}، وكان أشدهم خوفا منه [[الوليد بن عبد الملك]]، فقد روى [[محمد بن مسلم الزهري]] أنه قال: "لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا".<ref>القرشي، حياة الإمام الباقر{{ع}}، ج 1، ص 57.</ref> | ||
وأجمع رأي الوليد بن عبد الملك على اغتيال الإمام حينما جلس على كرسي الحكم، فبعث سماً قاتلاً إلى عامله على [[يثرب]]، وأمره أن يدسه للإمام،<ref>الشبراوي، الإتحاف بحب الأشراف، ص 52.</ref> وهكذا استشهد الإمام مسموماً بأمر الوليد ودُفن في البقيع مع عمه الإمام الحسن، بقرب مدفن العباس بن عبد المطلب.<ref>ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، 1991، ص 189؛ الشبراوي،الإتحاف، 2002، 277.</ref> | وأجمع رأي الوليد بن عبد الملك على اغتيال الإمام حينما جلس على كرسي الحكم، فبعث سماً قاتلاً إلى عامله على [[يثرب]]، وأمره أن يدسه للإمام،<ref>الشبراوي، الإتحاف بحب الأشراف، ص 52.</ref> وهكذا استشهد الإمام مسموماً بأمر الوليد ودُفن في البقيع مع عمه الإمام الحسن، بقرب مدفن العباس بن عبد المطلب.<ref>ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، 1991، ص 189؛ الشبراوي،الإتحاف، 2002، 277.</ref> | ||
=== تاريخ ومكان شهادته (ع) === | ===تاريخ ومكان شهادته (ع)=== | ||
هناك آراء عند علماء [[الشيعة]] ومؤرخيهم في تاريخ شهادة الإمام زين العابدين{{ع}}. فنقل [[الشيخ الكليني]]: عن [[الصادق (ع)|أبي عبد الله الصادق]]{{ع}}، قال: قُبض علي بن الحسين وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين.<ref>الكليني، الكافي (ط: دار الحديث)، ج 2، ص 519.</ref> ووافقه [[الشيخ المفيد]] في ذلك وأضاف بأنه توفي ب[[المدينة المنورة|المدينة]].<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 137.</ref> وقال [[الكفعمي |الشيخ الكفعمي]] بأن وفاته كانت في الخامس والعشرين من المحرم.<ref>الكفعمي، المصباح، ص 509.</ref> | هناك آراء عند علماء [[الشيعة]] ومؤرخيهم في تاريخ شهادة الإمام زين العابدين{{ع}}. فنقل [[الشيخ الكليني]]: عن [[الصادق (ع)|أبي عبد الله الصادق]]{{ع}}، قال: قُبض علي بن الحسين وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين.<ref>الكليني، الكافي (ط: دار الحديث)، ج 2، ص 519.</ref> ووافقه [[الشيخ المفيد]] في ذلك وأضاف بأنه توفي ب[[المدينة المنورة|المدينة]].<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 137.</ref> وقال [[الكفعمي |الشيخ الكفعمي]] بأن وفاته كانت في الخامس والعشرين من المحرم.<ref>الكفعمي، المصباح، ص 509.</ref> | ||
سطر ٩٦: | سطر ٩٦: | ||
ولكن الكنجي الشافعي فقال بأنه عليه السلام توفي ب[[المدينة المنورة|المدينة]] سنة خمس وتسعين، وله يومئذ سبع وخمسون سنة.<ref>الشافعي، كفاية الطالب، ص 306.</ref> | ولكن الكنجي الشافعي فقال بأنه عليه السلام توفي ب[[المدينة المنورة|المدينة]] سنة خمس وتسعين، وله يومئذ سبع وخمسون سنة.<ref>الشافعي، كفاية الطالب، ص 306.</ref> | ||
== عائلته == | ==عائلته== | ||
ذكرت المصادر التاريخية عدد من الزوجات للإمام السجاد إضافة لعدد من البنين والبنات:<ref>الكوفي، مناقب أمير المؤمنين، ج 3، ص 311.</ref> | ذكرت المصادر التاريخية عدد من الزوجات للإمام السجاد إضافة لعدد من البنين والبنات:<ref>الكوفي، مناقب أمير المؤمنين، ج 3، ص 311.</ref> | ||
سطر ١٢٥: | سطر ١٢٥: | ||
'''إخوته وأخواته:''' للإمام السجاد (ع) مجموعة من الأخوة والأخوات، وبحسب ما ذكره [[المفيد]] في [[الإرشاد]] هم خمسة أولاد: [[علي بن الحسين الأكبر|علي بن الحسين]] قُتل مع أبيه في [[الطف]] وأمه ليلى، جعفر بن الحسين، كانت وفاته في حياة [[الإمام الحسين]] (ع)، [[عبد الله بن الحسين]]، قتل مع أبيه صغيرا حيث جاءه سهم وذبحه، وأمه الرباب، [[سكينة بنت الحسين]]، وأمها الرباب أيضا، {{و}}[[فاطمة بنت الحسين]] وأمها أم إسحاق التيمية.<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 135.</ref> | '''إخوته وأخواته:''' للإمام السجاد (ع) مجموعة من الأخوة والأخوات، وبحسب ما ذكره [[المفيد]] في [[الإرشاد]] هم خمسة أولاد: [[علي بن الحسين الأكبر|علي بن الحسين]] قُتل مع أبيه في [[الطف]] وأمه ليلى، جعفر بن الحسين، كانت وفاته في حياة [[الإمام الحسين]] (ع)، [[عبد الله بن الحسين]]، قتل مع أبيه صغيرا حيث جاءه سهم وذبحه، وأمه الرباب، [[سكينة بنت الحسين]]، وأمها الرباب أيضا، {{و}}[[فاطمة بنت الحسين]] وأمها أم إسحاق التيمية.<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 135.</ref> | ||
== صفاته == | ==صفاته== | ||
اتصف الإمام علي بن الحسين{{ع}} بمجموعة صفات، وهي: | اتصف الإمام علي بن الحسين{{ع}} بمجموعة صفات، وهي: | ||
=== الخَلْقية === | ===الخَلْقية=== | ||
روى التاريخ أنه كان أسمرا، وقصيرا، ونحيفا،<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 36.</ref> ورقيقا، وجميلا.<ref>الشيخاني، الصراط السوي، ص 192.</ref> | روى التاريخ أنه كان أسمرا، وقصيرا، ونحيفا،<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 36.</ref> ورقيقا، وجميلا.<ref>الشيخاني، الصراط السوي، ص 192.</ref> | ||
سطر ١٣٦: | سطر ١٣٦: | ||
{{نهاية قصيدة}} | {{نهاية قصيدة}} | ||
==== الخُلْقية ==== | ====الخُلْقية==== | ||
#'''[[الحلم]]:''' توجد صورا كثيرة تدل على حلمه، ومنها: انه كانت له جارية تسكب على يديه الماء، فسقط الإبريق من يدها على وجهه الشريف فشجّه، فبادرت الجارية قائلة: إنّ الله{{عز وجل}} يقول:{{قرآن|والكاظمين الغيظ}} وأسرع الإمام قائلاً: «كظمت غيظي»، وطمعت الجارية في حلم الإمام ونبله، فراحت تطلب منه المزيد قائلة:{{قرآن|والعافين عن الناس}} فقال الإمام{{ع}}: «عفا الله عنك»، ثمّ قالت:{{قرآن|والله يحبّ المحسنين}}<ref>ال عمران: 134.</ref> فقال لها: «إذهبي فأنت حرّة».<ref>النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.</ref> | #'''[[الحلم]]:''' توجد صورا كثيرة تدل على حلمه، ومنها: انه كانت له جارية تسكب على يديه الماء، فسقط الإبريق من يدها على وجهه الشريف فشجّه، فبادرت الجارية قائلة: إنّ الله{{عز وجل}} يقول:{{قرآن|والكاظمين الغيظ}} وأسرع الإمام قائلاً: «كظمت غيظي»، وطمعت الجارية في حلم الإمام ونبله، فراحت تطلب منه المزيد قائلة:{{قرآن|والعافين عن الناس}} فقال الإمام{{ع}}: «عفا الله عنك»، ثمّ قالت:{{قرآن|والله يحبّ المحسنين}}<ref>ال عمران: 134.</ref> فقال لها: «إذهبي فأنت حرّة».<ref>النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.</ref> | ||
#'''الشجاعة:''' ذكر [[العلامة محمد باقر المجلسي|المجلسي]] انه لما اُدخل الإمام{{ع}} أسيراً على [[عبيد الله بن زياد|عبيد الله]] وقد جابهه بكلمات التشفي فأجابه الإمام بكلمات أمر ابن زياد على إثرها بقتله، فأجابه الإمام: أبالقتل تهددني يا ابن زياد أما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 118.</ref> | #'''الشجاعة:''' ذكر [[العلامة محمد باقر المجلسي|المجلسي]] انه لما اُدخل الإمام{{ع}} أسيراً على [[عبيد الله بن زياد|عبيد الله]] وقد جابهه بكلمات التشفي فأجابه الإمام بكلمات أمر ابن زياد على إثرها بقتله، فأجابه الإمام: أبالقتل تهددني يا ابن زياد أما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 118.</ref> | ||
سطر ١٤٤: | سطر ١٤٤: | ||
#'''حنوه على الفقراء:''' روى [[العلامة المجلسي]]: ان الإمام السجاد{{ع}} كان يحمل إلى الفقراء الطعام والحطب على ظهره حتى يأتي بابا من أبوابهم فيناولهم إياه.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.</ref> | #'''حنوه على الفقراء:''' روى [[العلامة المجلسي]]: ان الإمام السجاد{{ع}} كان يحمل إلى الفقراء الطعام والحطب على ظهره حتى يأتي بابا من أبوابهم فيناولهم إياه.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.</ref> | ||
=== سيرته === | ===سيرته=== | ||
نقلت كتب التاريخ نماذج من سيرته، ومنها: | نقلت كتب التاريخ نماذج من سيرته، ومنها: | ||
==== سيرته في بيته ==== | ====سيرته في بيته==== | ||
كان الإمام زين العابدين{{ع}} من أرحم الناس وأبرهم بأهل بيته، وكان لا يتميز عليهم، بل كان كأحدهم، ويُنقل عنه قوله: "لأن أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع بها لعيالي لحماً، وقد قرموا<ref>أي اشتد شوقهم إلى اللحم.</ref> أحب إلي من أن أعتق نسمة".<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 66.</ref> | كان الإمام زين العابدين{{ع}} من أرحم الناس وأبرهم بأهل بيته، وكان لا يتميز عليهم، بل كان كأحدهم، ويُنقل عنه قوله: "لأن أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع بها لعيالي لحماً، وقد قرموا<ref>أي اشتد شوقهم إلى اللحم.</ref> أحب إلي من أن أعتق نسمة".<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 66.</ref> | ||
وكان يبكر في خروجه صبحاً لطلب الرزق لعياله، فقيل له: إلى أين تذهب؟ فقال: أتصدق لعيالي من طلب الحلال، فإنه من الله صدقة عليهم.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 67.</ref> | وكان يبكر في خروجه صبحاً لطلب الرزق لعياله، فقيل له: إلى أين تذهب؟ فقال: أتصدق لعيالي من طلب الحلال، فإنه من الله صدقة عليهم.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 67.</ref> | ||
سطر ١٩٠: | سطر ١٩٠: | ||
}} | }} | ||
==== سيرته في بره بمربيته ==== | ====سيرته في بره بمربيته==== | ||
عهد [[الإمام الحسين]]{{ع}} بعد موت والدة الإمام زين العابدين{{ع}} - وهو لا يزال صغيرا - إلى سيدة من [[أم ولد|أمهات أولاده]] بالقيام بحضانة ولده زين العابدين ورضاعته ورعايته، وقد ذكر الرواة أنه أمتنع أن يؤاكلها فلامه الناس، وأخذوا يسألونه بإلحاح قائلين: أنت أبر الناس، وأوصلهم رحماً فلماذا لا تؤاكل أمك؟ فأجابهم: أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليها فأكون قد عققتها.<ref>الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 105.</ref> | عهد [[الإمام الحسين]]{{ع}} بعد موت والدة الإمام زين العابدين{{ع}} - وهو لا يزال صغيرا - إلى سيدة من [[أم ولد|أمهات أولاده]] بالقيام بحضانة ولده زين العابدين ورضاعته ورعايته، وقد ذكر الرواة أنه أمتنع أن يؤاكلها فلامه الناس، وأخذوا يسألونه بإلحاح قائلين: أنت أبر الناس، وأوصلهم رحماً فلماذا لا تؤاكل أمك؟ فأجابهم: أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليها فأكون قد عققتها.<ref>الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 105.</ref> | ||
==== سيرته مع مماليكه ==== | ====سيرته مع مماليكه==== | ||
كان عليه السلام لا يستخدم خادما فوق حول، فإذا ملك عبدا في أي وقت من السنة كان [[العتق|يعتقه]] ليلة [[عيد الفطر]]، واستبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق، كذلك كان يفعل حتى لحق [[الله|بالله]] تعالى، فيُذكر بأنه كان لا يضرب [[عبد|عبدا]] له ولا [[أمة]]، وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده: أذنب فلان، وأذنبت فلانة يوم كذا وكذا، حتى إذا كان آخر ليلة من [[شهر رمضان]] دعاهم وجمعهم حوله ثم أظهر الكتاب، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: "ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا [...] فاعف واصفح يعف عنك المليك،" ثم يقبل عليهم فيقول: "اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي" فيعتقهم، فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 103 و104.؛ ابن طاووس، الإقبال بالأعمال، ج 1، ص 261.</ref> | كان عليه السلام لا يستخدم خادما فوق حول، فإذا ملك عبدا في أي وقت من السنة كان [[العتق|يعتقه]] ليلة [[عيد الفطر]]، واستبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق، كذلك كان يفعل حتى لحق [[الله|بالله]] تعالى، فيُذكر بأنه كان لا يضرب [[عبد|عبدا]] له ولا [[أمة]]، وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده: أذنب فلان، وأذنبت فلانة يوم كذا وكذا، حتى إذا كان آخر ليلة من [[شهر رمضان]] دعاهم وجمعهم حوله ثم أظهر الكتاب، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: "ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا [...] فاعف واصفح يعف عنك المليك،" ثم يقبل عليهم فيقول: "اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي" فيعتقهم، فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 103 و104.؛ ابن طاووس، الإقبال بالأعمال، ج 1، ص 261.</ref> | ||
تنقل [[الروايات]] ان الإمام علي بن الحسين{{ع}} اهتم بطبقة العبيد، فقد كان يسعى لرفع منزلتهم فقد أعتق إحدى إمائه، وعقد عليها فعابه [[عبد الملك بن مروان]] على ذلك، وقال له: ما الذي دفعك لمثل هذا العمل؟ فأجابه الإمام السجاد{{ع}} محتجا بالآية الشريفة{{قرآن|لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}}<ref>الأحزاب: 21.</ref> وهو يشير بذلك إلى زواج [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} من [[صفية بنت حيي بن الأخطب|صفية]] وينبّه إلى مافعله النبي حيث عقد لإبنة عمته [[زينب بنت جحش|زينب]] على [[زيد بن حارثة]] الذي كان عبدا. | تنقل [[الروايات]] ان الإمام علي بن الحسين{{ع}} اهتم بطبقة العبيد، فقد كان يسعى لرفع منزلتهم فقد أعتق إحدى إمائه، وعقد عليها فعابه [[عبد الملك بن مروان]] على ذلك، وقال له: ما الذي دفعك لمثل هذا العمل؟ فأجابه الإمام السجاد{{ع}} محتجا بالآية الشريفة{{قرآن|لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}}<ref>الأحزاب: 21.</ref> وهو يشير بذلك إلى زواج [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} من [[صفية بنت حيي بن الأخطب|صفية]] وينبّه إلى مافعله النبي حيث عقد لإبنة عمته [[زينب بنت جحش|زينب]] على [[زيد بن حارثة]] الذي كان عبدا. | ||
==== سيرته مع جيرانه ==== | ====سيرته مع جيرانه==== | ||
لقد روى الزهري انه كان من أبر الناس بجيرانه، فكان يرعاهم كما يرعى أهله، وكان يستقي لضعفاء جيرانه في غلس الليل.<ref>الأصفهاني، بهجة الأبرار، ص 45.</ref> | لقد روى الزهري انه كان من أبر الناس بجيرانه، فكان يرعاهم كما يرعى أهله، وكان يستقي لضعفاء جيرانه في غلس الليل.<ref>الأصفهاني، بهجة الأبرار، ص 45.</ref> | ||
==== سيرته العبادية ==== | ====سيرته العبادية==== | ||
#'''الإنابة لله تعالى:''' نقلت لنا الكثير من كتب الأدعية أدعية للإمام السجاد{{ع}} في الإنابة لله تعالى، ومنها دعاؤه عند اللجأ إلى الله تعالى، والذي جاء فيه: '''اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ تَعْفُ عَنَّا فَبِفَضْلِكَ، وَإِنْ تَشَأْ تُعَذِّبْنَا فَبِعَدْلِكَ * فَسَهِّلْ لَنَا عَفْوَكَ بِمَنِّكَ، وَأَجِرْنَا مِنْ عَذَابِكَ بِتَجَاوُزِكَ، فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِعَدْلِكَ، وَلَا نَجَاةَ لِأَحَدٍ مِنَّا دُونَ عَفْوِكَ * يَا غَنِيَّ الْأَغْنِيَاءِ، هَا نَحْنُ عِبَادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأَنَا أَفْقَرُ الْفُقَرَاءِ إِلَيْكَ، فَاجْبُرْ فَاقَتَنَا بِوُسْعِكَ'''.<ref>السجاد{{ع}}، الصحيفة السجادية، ص 61 - 62.</ref> | #'''الإنابة لله تعالى:''' نقلت لنا الكثير من كتب الأدعية أدعية للإمام السجاد{{ع}} في الإنابة لله تعالى، ومنها دعاؤه عند اللجأ إلى الله تعالى، والذي جاء فيه: '''اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ تَعْفُ عَنَّا فَبِفَضْلِكَ، وَإِنْ تَشَأْ تُعَذِّبْنَا فَبِعَدْلِكَ * فَسَهِّلْ لَنَا عَفْوَكَ بِمَنِّكَ، وَأَجِرْنَا مِنْ عَذَابِكَ بِتَجَاوُزِكَ، فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِعَدْلِكَ، وَلَا نَجَاةَ لِأَحَدٍ مِنَّا دُونَ عَفْوِكَ * يَا غَنِيَّ الْأَغْنِيَاءِ، هَا نَحْنُ عِبَادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأَنَا أَفْقَرُ الْفُقَرَاءِ إِلَيْكَ، فَاجْبُرْ فَاقَتَنَا بِوُسْعِكَ'''.<ref>السجاد{{ع}}، الصحيفة السجادية، ص 61 - 62.</ref> | ||
#'''[[الوضوء|وضوؤه]]:''' رووا عنه انه إذا أراد [[الوضوء]] اصفرّ لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فأجابهم عن خوفه وخشيته من الله قائلا: أتدرون بين يدي من أقوم؟<ref>النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.</ref> | #'''[[الوضوء|وضوؤه]]:''' رووا عنه انه إذا أراد [[الوضوء]] اصفرّ لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فأجابهم عن خوفه وخشيته من الله قائلا: أتدرون بين يدي من أقوم؟<ref>النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.</ref> | ||
#[[الصلاة|صلاته]]: فيُذكر بأنه "كَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ غَشِيَ لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرَ وَ كَانَ قِيَامُهُ فِي صَلَاتِهِ قِيَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ تَرْتَعِدُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ مُوَدِّعٍ يَرَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّيَ بَعْدَهَا أَبَدا"<ref>ابن شهرآشوب، المناقب، ج 4، ص 150.</ref> | #[[الصلاة|صلاته]]: فيُذكر بأنه "كَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ غَشِيَ لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرَ وَ كَانَ قِيَامُهُ فِي صَلَاتِهِ قِيَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ تَرْتَعِدُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ مُوَدِّعٍ يَرَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّيَ بَعْدَهَا أَبَدا"<ref>ابن شهرآشوب، المناقب، ج 4، ص 150.</ref> | ||
#'''[[الصوم|صومه]]''': سُئلت جارية له عن [[العبادة|عبادته]]{{ع}}: فقالت: ما قدمت له طعاما في نهار قطّ، فقد كان يحث على [[الصوم]]، فقد قال: إنَّ الله تعالى وكَّلَ ملائكة بالصائمين.<ref>الراوندي، الدعوات، ص 4.</ref> | #'''[[الصوم|صومه]]''': سُئلت جارية له عن [[العبادة|عبادته]]{{ع}}: فقالت: ما قدمت له طعاما في نهار قطّ، فقد كان يحث على [[الصوم]]، فقد قال: إنَّ الله تعالى وكَّلَ ملائكة بالصائمين.<ref>الراوندي، الدعوات، ص 4.</ref> | ||
#'''[[الزهد|زهده]]:''' سئل الزهري عن أزهد الناس، فقال: علي بن الحسين.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.</ref> وروي عن الإمام زين العابدين{{ع}} أنه رأى سائلا يبكي، فتأثر منه، وراح يقول: "لو أنَّ الدنيا كانت في كفِّ هذا، ثم سقطت منه لما كان ينبغي له أن يبكي عليها".<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 192.</ref> | #'''[[الزهد|زهده]]:''' سئل الزهري عن أزهد الناس، فقال: علي بن الحسين.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.</ref> وروي عن الإمام زين العابدين{{ع}} أنه رأى سائلا يبكي، فتأثر منه، وراح يقول: "لو أنَّ الدنيا كانت في كفِّ هذا، ثم سقطت منه لما كان ينبغي له أن يبكي عليها".<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 192.</ref> | ||
#'''[[الحج|حجّه]]''': ذكر ابن عبد ربه: أنه حج خمسا وعشرين حجّة راجلا.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 3، ص 103.</ref> | #'''[[الحج|حجّه]]''': ذكر ابن عبد ربه: أنه حج خمسا وعشرين حجّة راجلا.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 3، ص 103.</ref> | ||
سطر ٢٤٢: | سطر ٢٤٢: | ||
===دلائل إمامته=== | ===دلائل إمامته=== | ||
# أحد أدلة إمامته هو ما رواه [[الشيخ الطوسي]] عن [[الباقر (ع)|الإمام الباقر]] قال:َ لمّا توجه [[الامام الحسين|الْحُسَيْنُ]]{{ع}} إِلَى [[العراق|الْعِرَاقِ]] دَفَعَ إِلَى [[أم سلمة (زوجة النبي)|أُمِّ سَلَمَةَ]] زَوْجِ [[النبي (ص)|النَّبِيِّ]]{{صل}} الْوَصِيَّةَ وَالْكُتُبَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهَا: إِذَا أَتَاكَ أَكْبَرُ وُلْدِي فَادْفَعِي إِلَيْهِ مَا قَدْ دَفَعْتُ إِلَيْكِ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أُمَّ سَلَمَةَ، فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَاهَا الْحُسَيْنُ.<ref>الطوسي، الغيبة، ص 195_196.</ref> | #أحد أدلة إمامته هو ما رواه [[الشيخ الطوسي]] عن [[الباقر (ع)|الإمام الباقر]] قال:َ لمّا توجه [[الامام الحسين|الْحُسَيْنُ]]{{ع}} إِلَى [[العراق|الْعِرَاقِ]] دَفَعَ إِلَى [[أم سلمة (زوجة النبي)|أُمِّ سَلَمَةَ]] زَوْجِ [[النبي (ص)|النَّبِيِّ]]{{صل}} الْوَصِيَّةَ وَالْكُتُبَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهَا: إِذَا أَتَاكَ أَكْبَرُ وُلْدِي فَادْفَعِي إِلَيْهِ مَا قَدْ دَفَعْتُ إِلَيْكِ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أُمَّ سَلَمَةَ، فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَاهَا الْحُسَيْنُ.<ref>الطوسي، الغيبة، ص 195_196.</ref> | ||
# والدليل الآخر هو إخبار الإمام زين العابدين{{ع}} عن كثير من الملاحم التي تحققت بعده، وكان منها: | #والدليل الآخر هو إخبار الإمام زين العابدين{{ع}} عن كثير من الملاحم التي تحققت بعده، وكان منها: | ||
::* إخباره بشهادة ولده [[زيد الشهيد|زيد]]<ref>الثقفي، الغارات، ج 2، ص 861.</ref> | ::*إخباره بشهادة ولده [[زيد الشهيد|زيد]]<ref>الثقفي، الغارات، ج 2، ص 861.</ref> | ||
::* إخباره عن حكومة [[عمر بن عبد العزيز]]<ref>الطبري، دلائل الإمامة، ص 88.</ref> | ::*إخباره عن حكومة [[عمر بن عبد العزيز]]<ref>الطبري، دلائل الإمامة، ص 88.</ref> | ||
::* إخباره عن حكومة [[العباسيين]]<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 241.</ref> | ::*إخباره عن حكومة [[العباسيين]]<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 241.</ref> | ||
::* إخباره بمصير قتلة [[الحسين بن علي بن أبي طالب|سيد الشهداء الحسين بن علي]]{{ع}}<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 4، ص 78_79.</ref> | ::*إخباره بمصير قتلة [[الحسين بن علي بن أبي طالب|سيد الشهداء الحسين بن علي]]{{ع}}<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 4، ص 78_79.</ref> | ||
===إمامته عند الشيعة=== | ===إمامته عند الشيعة=== | ||
لقد أجمعت [[الشيعة]] على [[الإمامة|إمامة]] الإمام علي بن الحسين السجاد{{ع}}، إلا الفرقة [[الكيسانية]] التي ذهبت إلى إمامة [[محمد بن الحنفية]].<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 122.</ref> | لقد أجمعت [[الشيعة]] على [[الإمامة|إمامة]] الإمام علي بن الحسين السجاد{{ع}}، إلا الفرقة [[الكيسانية]] التي ذهبت إلى إمامة [[محمد بن الحنفية]].<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 122.</ref> | ||
==== عند الإمامية الإثنا عشرية==== | ====عند الإمامية الإثنا عشرية==== | ||
قال [[الشيخ المفيد]]: واتفقت [[الإمامية]] على أن [[رسول الله]]{{صل}} نص على علي بن الحسين، وان أباه وجده نصا عليه كما نص عليه الرسول، وانه كان بذلك إماما للمؤمنين.<ref>المفيد، أوائل المقالات، ص 47.</ref> | قال [[الشيخ المفيد]]: واتفقت [[الإمامية]] على أن [[رسول الله]]{{صل}} نص على علي بن الحسين، وان أباه وجده نصا عليه كما نص عليه الرسول، وانه كان بذلك إماما للمؤمنين.<ref>المفيد، أوائل المقالات، ص 47.</ref> | ||
سطر ٢٧٢: | سطر ٢٧٢: | ||
يقال أن الإمام زين العابدين{{ع}} كان يشبه جده الإمام [[أمير المؤمنين الإمام علي|أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} في قدرته على الإحاطة بالمسائل [[الفقه|الفقهية]] من جميع جوانبها والتفريع عليها، فقد كان الزهري و هو من فقهاء [[المدينة المنورة|المدينة]] المشهورين يرجع إلى الإمام السجاد في ما يهمه من الأحكام الشرعية.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 348.</ref> ومن الأمور الفقية التي تنسب للإمام السجاد هي: | يقال أن الإمام زين العابدين{{ع}} كان يشبه جده الإمام [[أمير المؤمنين الإمام علي|أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} في قدرته على الإحاطة بالمسائل [[الفقه|الفقهية]] من جميع جوانبها والتفريع عليها، فقد كان الزهري و هو من فقهاء [[المدينة المنورة|المدينة]] المشهورين يرجع إلى الإمام السجاد في ما يهمه من الأحكام الشرعية.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 348.</ref> ومن الأمور الفقية التي تنسب للإمام السجاد هي: | ||
* '''الجمع بين [[صلاة|صلاتي]] العشائين''': روى [[الفضيل بن يسار]] فقال: كان علي بن الحسين{{ع}} يأمر الصبيان يُجمعون بين المغرب والعشاء الآخرة، ويقول: هو خير من أن يناموا عنها.<ref>الكليني، الكافي، ج 3، ص 409.</ref> | *'''الجمع بين [[صلاة|صلاتي]] العشائين''': روى [[الفضيل بن يسار]] فقال: كان علي بن الحسين{{ع}} يأمر الصبيان يُجمعون بين المغرب والعشاء الآخرة، ويقول: هو خير من أن يناموا عنها.<ref>الكليني، الكافي، ج 3، ص 409.</ref> | ||
* '''اعتبار النية في [[العبادات]]''': روي عن الإمام زين العابدين{{ع}}: لا عمل إلاّ بنية.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 1، ص 46.</ref> | *'''اعتبار النية في [[العبادات]]''': روي عن الإمام زين العابدين{{ع}}: لا عمل إلاّ بنية.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 1، ص 46.</ref> | ||
===بحوث كلامية=== | ===بحوث كلامية=== | ||
سطر ٢٨٦: | سطر ٢٨٦: | ||
لقد ذكر أصحاب الحديث والرواة مجموعة من الآثار التي وصلت إلينا ونسبوها للإمام علي بن الحسين{{ع}} وهي: | لقد ذكر أصحاب الحديث والرواة مجموعة من الآثار التي وصلت إلينا ونسبوها للإمام علي بن الحسين{{ع}} وهي: | ||
=== الصحيفة السجادية === | ===الصحيفة السجادية=== | ||
{{مفصلة|الصحيفة السجادية}} | {{مفصلة|الصحيفة السجادية}} | ||
تعتبر الصحيفة السجاديّة من أهم الآثار التي انطوت على الحقائق والمعارف الإسلامية بعد [[القرآن الكريم]] {{و}}[[نهج البلاغة]]، وقد أشار [[أقا بزرك الطهراني|أغا بزرك الطهراني]] إلى مجموعة من الأسماء و النعوت التي وصفت بها [[الصحيفة السجادية]]، منها: «أخت القرآن»، و«إنجيل أهل البيت»، و«زبور آل محمد» و«الصحيفة الكاملة».<ref>آغا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 15، ص 18 – 19.</ref> | تعتبر الصحيفة السجاديّة من أهم الآثار التي انطوت على الحقائق والمعارف الإسلامية بعد [[القرآن الكريم]] {{و}}[[نهج البلاغة]]، وقد أشار [[أقا بزرك الطهراني|أغا بزرك الطهراني]] إلى مجموعة من الأسماء و النعوت التي وصفت بها [[الصحيفة السجادية]]، منها: «أخت القرآن»، و«إنجيل أهل البيت»، و«زبور آل محمد» و«الصحيفة الكاملة».<ref>آغا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 15، ص 18 – 19.</ref> | ||
سطر ٢٩٥: | سطر ٢٩٥: | ||
ولقد اهتم علماء [[الشيعة]] بدراسة الصحيفة السجادية، وأخذوا يبحثون في مضامينها، وجاوزت رواية الصحيفة حد [[التواتر]].<ref>الموسوي، موسوعة الأنوار، ج 7، ص 190 - 191.</ref> وقد ترجمت الصحيفة السجادية إلى كثير من اللغات في العالم، منها الفارسية والإنجليزية والإسبانية، والتركية، والفرنسية، والروسية.<ref>[http://al-athar.ir/home/Content?id=1043&code=2 موقع الأثر الإلكتروني.. ترجمات الصحيفة السجادية]</ref> | ولقد اهتم علماء [[الشيعة]] بدراسة الصحيفة السجادية، وأخذوا يبحثون في مضامينها، وجاوزت رواية الصحيفة حد [[التواتر]].<ref>الموسوي، موسوعة الأنوار، ج 7، ص 190 - 191.</ref> وقد ترجمت الصحيفة السجادية إلى كثير من اللغات في العالم، منها الفارسية والإنجليزية والإسبانية، والتركية، والفرنسية، والروسية.<ref>[http://al-athar.ir/home/Content?id=1043&code=2 موقع الأثر الإلكتروني.. ترجمات الصحيفة السجادية]</ref> | ||
=== رسالة الحقوق === | ===رسالة الحقوق=== | ||
{{مفصلة|رسالة الحقوق}} | {{مفصلة|رسالة الحقوق}} | ||
[[ملف:رسالة الحقوق.jpg|200px|تصغير|كتاب شرح رسالة الحقوق]] | [[ملف:رسالة الحقوق.jpg|200px|تصغير|كتاب شرح رسالة الحقوق]] | ||
سطر ٣١١: | سطر ٣١١: | ||
{{Div col end}} | {{Div col end}} | ||
=== المناجيات الخمس عشرة === | ===المناجيات الخمس عشرة=== | ||
{{مفصلة|المناجيات الخمس عشرة}} | {{مفصلة|المناجيات الخمس عشرة}} | ||
لقد شاعت نسبة هذه المناجيات للإمام زين العابدين{{ع}} وقد دوّنها [[العلامة المجلسي]] في [[بحار الأنوار (كتاب)|بحار الأنوار]]، وعدّها العلماء الذين ألّفوا في ملحقات الصحيفة السجادية من بنودها، كما ذكرها [[الشيخ عباس القمي]] في [[مفاتيح الجنان]]. | لقد شاعت نسبة هذه المناجيات للإمام زين العابدين{{ع}} وقد دوّنها [[العلامة المجلسي]] في [[بحار الأنوار (كتاب)|بحار الأنوار]]، وعدّها العلماء الذين ألّفوا في ملحقات الصحيفة السجادية من بنودها، كما ذكرها [[الشيخ عباس القمي]] في [[مفاتيح الجنان]]. | ||
سطر ٣١٧: | سطر ٣١٧: | ||
تُرجمت المناجيات الخمس عشرة إلى بعض اللغات ومنها اللغة الفارسية، وقد خُطت بخطوط أثرية مذهّبة ومزخرفة، تعدّ من ذخائر الخط العربي وقد حفلت بها خزائن المخطوطات في مكتبات [[العالم الإسلامي]]، وتوجد منها نسخة أثرية بخط رائع في مكتبة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{ع}} تسلسل "2098". <ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 133.</ref> | تُرجمت المناجيات الخمس عشرة إلى بعض اللغات ومنها اللغة الفارسية، وقد خُطت بخطوط أثرية مذهّبة ومزخرفة، تعدّ من ذخائر الخط العربي وقد حفلت بها خزائن المخطوطات في مكتبات [[العالم الإسلامي]]، وتوجد منها نسخة أثرية بخط رائع في مكتبة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{ع}} تسلسل "2098". <ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 133.</ref> | ||
=== كتاب علي بن الحسين (عليه السلام) === | ===كتاب علي بن الحسين (عليه السلام)=== | ||
من الآثار التي ذكرت للإمام علي بن الحسين{{ع}} كتاب سُمي بـ"كتاب علي بن الحسين" وقد فُقد هذا الكتاب، وقد عُثر على قطعة يسيرة منه نقلها عنه [[الباقر (ع)|الإمام الباقر]]{{ع}} حيث يذكر عليه السلام قبل نقله للحديث جملة: "وجدنا في كتاب علي بن الحسين"<ref>العياشي، تفسير العياشي، ج 2، ص 124.</ref> | من الآثار التي ذكرت للإمام علي بن الحسين{{ع}} كتاب سُمي بـ"كتاب علي بن الحسين" وقد فُقد هذا الكتاب، وقد عُثر على قطعة يسيرة منه نقلها عنه [[الباقر (ع)|الإمام الباقر]]{{ع}} حيث يذكر عليه السلام قبل نقله للحديث جملة: "وجدنا في كتاب علي بن الحسين"<ref>العياشي، تفسير العياشي، ج 2، ص 124.</ref> | ||
=== ديوان منسوب للإمام السجاد (عليه السلام) === | ===ديوان منسوب للإمام السجاد (عليه السلام)=== | ||
نُسب للإمام زين العابدين{{ع}} ديوان من الشعر حافل بالنصائح والمواعظ، وتوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{ع}} بخطّ السيد أحمد بن الحسين الجزائري، وقد استنسخها على نسخة بخط السيد محمد بن السيد عبد الله الشوشتري (ت 1283 هـ). وهناك ظن بأن ما نُسب للإمام هو من مضامين كلامه، ونظم معانيه، واتّباع منهجه، ودليل سيرته واقتداء بهداه.<ref>آل ياسين، مجلة البلاغ، العدد الثامن/ السنة الأولى، ص 24.</ref> | نُسب للإمام زين العابدين{{ع}} ديوان من الشعر حافل بالنصائح والمواعظ، وتوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{ع}} بخطّ السيد أحمد بن الحسين الجزائري، وقد استنسخها على نسخة بخط السيد محمد بن السيد عبد الله الشوشتري (ت 1283 هـ). وهناك ظن بأن ما نُسب للإمام هو من مضامين كلامه، ونظم معانيه، واتّباع منهجه، ودليل سيرته واقتداء بهداه.<ref>آل ياسين، مجلة البلاغ، العدد الثامن/ السنة الأولى، ص 24.</ref> | ||
سطر ٣٢٦: | سطر ٣٢٦: | ||
[[ملف:قرآن با دست خط منسوب به امام سجاد.jpg|تصغير|350px|[[قرآن]] بخط اليد، منسوب إلى الإمام السجاد في [[متحف العتبة الرضوية]]]] | [[ملف:قرآن با دست خط منسوب به امام سجاد.jpg|تصغير|350px|[[قرآن]] بخط اليد، منسوب إلى الإمام السجاد في [[متحف العتبة الرضوية]]]] | ||
=== مصحف بخط الإمام السجاد (عليه السلام) === | ===مصحف بخط الإمام السجاد (عليه السلام)=== | ||
ذُكِرَ أن للإمام زين العابدين{{ع}} مصاحف تنسب إلى خطّه الشريف توجد في مكاتب [[شيراز]] {{و}}[[قزوين]] {{و}}[[اصفهان|أصفهان]] {{و}}[[مشهد]].<ref>آل ياسين، مجلة البلاغ، العدد السابع/ السنة الأولى، ص 59.</ref> | ذُكِرَ أن للإمام زين العابدين{{ع}} مصاحف تنسب إلى خطّه الشريف توجد في مكاتب [[شيراز]] {{و}}[[قزوين]] {{و}}[[اصفهان|أصفهان]] {{و}}[[مشهد]].<ref>آل ياسين، مجلة البلاغ، العدد السابع/ السنة الأولى، ص 59.</ref> | ||
== مكانته عند المسلمين== | ==مكانته عند المسلمين== | ||
تذكر المصادر كثيرا من الكلمات في حق الإمام السجاد{{ع}} والتي تُبيّن منزلته بين المسلمين في كل الأعصار، وكمثال على ذلك فيذكر [[ابو حمزة الثمالي]] بأنه ما سمع بأحد [[الزهد|أزهد]] من علي بن الحسين إلاّ [[الإمام علي بن أبي طالب]]".<ref>القمي، سفينة البحار، ج1، ص571.</ref> واعتبر [[جابر بن عبد الله الأنصاري|جابر الأنصاري]] أن ليس في أولاد [[الأنبياء]] مثل علي بن الحسين."<ref>الطوسي، الأمالي، ص 637.</ref> | تذكر المصادر كثيرا من الكلمات في حق الإمام السجاد{{ع}} والتي تُبيّن منزلته بين المسلمين في كل الأعصار، وكمثال على ذلك فيذكر [[ابو حمزة الثمالي]] بأنه ما سمع بأحد [[الزهد|أزهد]] من علي بن الحسين إلاّ [[الإمام علي بن أبي طالب]]".<ref>القمي، سفينة البحار، ج1، ص571.</ref> واعتبر [[جابر بن عبد الله الأنصاري|جابر الأنصاري]] أن ليس في أولاد [[الأنبياء]] مثل علي بن الحسين."<ref>الطوسي، الأمالي، ص 637.</ref> | ||
كما وامتدحه كل من [[محمد بن مسلم الزهري]] والذي كان يُعد عالم [[الحجاز]] {{و}}[[الشام]]<ref>المزي، تهذيب الكمال، ج 2، ص 388.</ref> قائلا: "ما رأيت أورع ولا أفضل منه" <ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 9، ص 104.</ref> وابن سعد <ref>ابن سعد، الطبقات، ج 5، ص 222.</ref> والجاحظ<ref>ابن عنبه، عمدة الطالب، ص 193 - 194.</ref> وابن الجوزي<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ص 382 - 384.</ref> وابن خلكان<ref>ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 2، ص 429.</ref> {{و}}[[ابن تيمية]]<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج 2، ص 123.</ref> والذهبي<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 240.</ref> وغيرهم. | كما وامتدحه كل من [[محمد بن مسلم الزهري]] والذي كان يُعد عالم [[الحجاز]] {{و}}[[الشام]]<ref>المزي، تهذيب الكمال، ج 2، ص 388.</ref> قائلا: "ما رأيت أورع ولا أفضل منه" <ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 9، ص 104.</ref> وابن سعد <ref>ابن سعد، الطبقات، ج 5، ص 222.</ref> والجاحظ<ref>ابن عنبه، عمدة الطالب، ص 193 - 194.</ref> وابن الجوزي<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ص 382 - 384.</ref> وابن خلكان<ref>ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 2، ص 429.</ref> {{و}}[[ابن تيمية]]<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج 2، ص 123.</ref> والذهبي<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 240.</ref> وغيرهم. | ||
فيقول ابن حجر العسقلاني: عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب، زين العابدين، ثقة ثبت، عابد، فقيه، فاضل، مشهور<ref>العسقلاني، تقريب التهذيب، ج 2، ص 400.</ref> ويقول [[الشيخ المفيد]]''': "كان عليّ بن الحُسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً وقد روى عنه فُقهاء العامّة من العُلوم ما لا يحصى كثرة، وحفظ عنه من المواعظ {{و}}[[الدعاء|الأدعية]]، وفضائل [[القران الكريم|القران]] والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور بين العُلماء".<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 138 - 153.</ref> | فيقول ابن حجر العسقلاني: عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب، زين العابدين، ثقة ثبت، عابد، فقيه، فاضل، مشهور<ref>العسقلاني، تقريب التهذيب، ج 2، ص 400.</ref> ويقول [[الشيخ المفيد]]''': "كان عليّ بن الحُسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً وقد روى عنه فُقهاء العامّة من العُلوم ما لا يحصى كثرة، وحفظ عنه من المواعظ {{و}}[[الدعاء|الأدعية]]، وفضائل [[القران الكريم|القران]] والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور بين العُلماء".<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 138 - 153.</ref>''' | ||
كما وللإمام السجاد مكانة في الأدب العربي ومنه ما نظمه [[الفرزدق]] في جواب عن سؤال قاله [[هشام بن عبد الملك]] تجاهلا لقدر الإمام زين العابدين{{ع}} عندما جاء لإستلام [[الحجر الأسود]] ففرج له الناس، فقال هشام بن عبد الملك: من هذا؟ فأجابه الفرزدق: | كما وللإمام السجاد مكانة في الأدب العربي ومنه ما نظمه [[الفرزدق]] في جواب عن سؤال قاله [[هشام بن عبد الملك]] تجاهلا لقدر الإمام زين العابدين{{ع}} عندما جاء لإستلام [[الحجر الأسود]] ففرج له الناس، فقال هشام بن عبد الملك: من هذا؟ فأجابه الفرزدق: | ||
سطر ٣٩١: | سطر ٣٩١: | ||
==الإمام السجاد ورزايا كربلاء== | ==الإمام السجاد ورزايا كربلاء== | ||
=== حضوره في واقعة كربلاء === | ===حضوره في واقعة كربلاء=== | ||
تشير أغلب المصادر التاريخة على أن الإمام السجاد كان [[يوم عاشوراء]] شديد المرض، حيث لما أراد الأعداء قتله بعد المعركة، امتنعوا عن ذلك وقالوا يكفيه مرضه، كما وذكر المفيد بأن مرضه كان مشرفا على الموت،<ref>المفید، الإرشاد، ج 2، ص 112_114؛ الطبرسي، أعلام الوری، ج 1، ص 469.</ref> | تشير أغلب المصادر التاريخة على أن الإمام السجاد كان [[يوم عاشوراء]] شديد المرض، حيث لما أراد الأعداء قتله بعد المعركة، امتنعوا عن ذلك وقالوا يكفيه مرضه، كما وذكر المفيد بأن مرضه كان مشرفا على الموت،<ref>المفید، الإرشاد، ج 2، ص 112_114؛ الطبرسي، أعلام الوری، ج 1، ص 469.</ref> | ||
ويُذكر بأنه عليه السلام طلب من عمته [[زينب بنت الإمام أمير المؤمنين|زينب]]{{ع}} في [[يوم الطف]] أن تزوده بالعصا ليتوكأ عليها، وبالسيف ليذب به عن أبيه رغم أن المرض كان قد فتك به ولم يتمكن من أن يخطو خطوة واحدة على الأرض إلا أن عمته صدته عن ذلك لئلا تنقطع ذرية [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}}.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 49 - 50.</ref> | ويُذكر بأنه عليه السلام طلب من عمته [[زينب بنت الإمام أمير المؤمنين|زينب]]{{ع}} في [[يوم الطف]] أن تزوده بالعصا ليتوكأ عليها، وبالسيف ليذب به عن أبيه رغم أن المرض كان قد فتك به ولم يتمكن من أن يخطو خطوة واحدة على الأرض إلا أن عمته صدته عن ذلك لئلا تنقطع ذرية [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}}.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 49 - 50.</ref> | ||
سطر ٣٩٧: | سطر ٣٩٧: | ||
ولكن هناك مَن ذكر بأنه قد قاتل [[يوم عاشوراء]] وجُرح.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{ع}}، ص 42 - 46.</ref>فلقد ذكر المحدّث الزيدي الفُضَيل بن الزُبير، الأسدي، الرسّان، الكوفي، وهو من أصحاب الإمامين [[الباقر (ع)|الباقر]] {{و}}[[الصادق (ع)|الصادق]]{{عليهما السلام}} ما نصّه: وكان علي بن الحسين عليلاً، وارتُثَ<ref>إن كلمة "ارْتُثَ" تُقال لمن حُمِلَ من المعركة، بعد أنْ قاتل، واُثخِنَ بالجراح، فاُخرج من أرض القتال وبه رَمَق.ابن منظور، لسان العرب، ج 2، ص 257.</ref> يومئذٍ، وقد حَضَرَ بعض القتال، فدفع اللهُ عنه، وأخِذَ مع النساء.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 42.</ref> | ولكن هناك مَن ذكر بأنه قد قاتل [[يوم عاشوراء]] وجُرح.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{ع}}، ص 42 - 46.</ref>فلقد ذكر المحدّث الزيدي الفُضَيل بن الزُبير، الأسدي، الرسّان، الكوفي، وهو من أصحاب الإمامين [[الباقر (ع)|الباقر]] {{و}}[[الصادق (ع)|الصادق]]{{عليهما السلام}} ما نصّه: وكان علي بن الحسين عليلاً، وارتُثَ<ref>إن كلمة "ارْتُثَ" تُقال لمن حُمِلَ من المعركة، بعد أنْ قاتل، واُثخِنَ بالجراح، فاُخرج من أرض القتال وبه رَمَق.ابن منظور، لسان العرب، ج 2، ص 257.</ref> يومئذٍ، وقد حَضَرَ بعض القتال، فدفع اللهُ عنه، وأخِذَ مع النساء.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 42.</ref> | ||
=== الإمام السجاد{{ع}} في الأسر === | ===الإمام السجاد{{ع}} في الأسر=== | ||
في زوال الشمس من اليوم الثاني بعد واقعة كربلاء، أخذت النساء والأطفال سبايا إلى [[الكوفة]]، وكان بينهم الإمام السجاد، وهو مريض، وبعد ذلك عُرض في الكوفة على [[ابن زياد]] حيث دار حديث بينهم أراد إثره أن يقتل ابن زياد الإمام لو لا تدخلت السيدة زينب ومنعته عن ذلك، ومن ثم أمر ابن زياد أن يغلّوا الإمام بغُلّ إلى عنقه، وأرسله مع النساء والصبيان والرؤوس إلى [[الشام]]<ref>المفيد، الإرشاد، ص 114 و116 و119.</ref> | في زوال الشمس من اليوم الثاني بعد واقعة كربلاء، أخذت النساء والأطفال سبايا إلى [[الكوفة]]، وكان بينهم الإمام السجاد، وهو مريض، وبعد ذلك عُرض في الكوفة على [[ابن زياد]] حيث دار حديث بينهم أراد إثره أن يقتل ابن زياد الإمام لو لا تدخلت السيدة زينب ومنعته عن ذلك، ومن ثم أمر ابن زياد أن يغلّوا الإمام بغُلّ إلى عنقه، وأرسله مع النساء والصبيان والرؤوس إلى [[الشام]]<ref>المفيد، الإرشاد، ص 114 و116 و119.</ref> | ||
=== خطبته في الكوفة === | ===خطبته في الكوفة=== | ||
وفقا لبعض التقارير، أدلى الإمام سجاد (ع) ب[[خطبة الإمام السجاد في الكوفة|خطبة في الكوفة]] بعد [[خطبة زينب في الكوفة|خطبة عمته زينب]]{{عليها السلام}}: فبعد حمد الله والثناء عليه، بدأ كلامه بـ "أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني، فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 3، ص 309. </ref> ولكن بحسب ظروف الكوفة وقسوة عملاء دار الإمارة ومخاوف أهل الكوفة يصعّب قبول مثل هذه الروايات. ومن جانب آخر، كلمات الإمام سجاد (ع) في خطبة الكوفة تشبه إلى حد كبير خطبته في الجامع الأموي، هذا ما يرجح بأن الرواة مزجوا بين أحداث الكوفة والشام.<ref>الشهيدي، جعفر، زندگانی علی بن الحسین(ع)، صص 56 و57.</ref> | وفقا لبعض التقارير، أدلى الإمام سجاد (ع) ب[[خطبة الإمام السجاد في الكوفة|خطبة في الكوفة]] بعد [[خطبة زينب في الكوفة|خطبة عمته زينب]]{{عليها السلام}}: فبعد حمد الله والثناء عليه، بدأ كلامه بـ "أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني، فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 3، ص 309. </ref> ولكن بحسب ظروف الكوفة وقسوة عملاء دار الإمارة ومخاوف أهل الكوفة يصعّب قبول مثل هذه الروايات. ومن جانب آخر، كلمات الإمام سجاد (ع) في خطبة الكوفة تشبه إلى حد كبير خطبته في الجامع الأموي، هذا ما يرجح بأن الرواة مزجوا بين أحداث الكوفة والشام.<ref>الشهيدي، جعفر، زندگانی علی بن الحسین(ع)، صص 56 و57.</ref> | ||
=== حواره مع ابن زياد === | ===حواره مع ابن زياد=== | ||
ذكر أصحاب المقاتل أنه لما أدخل عيال [[الإمام الحسين]]{{ع}} على [[عبيد الله بن زياد]] وأخذ يشمت بهم حدث حوار بينه وبين الإمام السجاد{{ع}} فقد التفت ابن زياد إلى علي بن الحسين، فقال: من هذا؟ | ذكر أصحاب المقاتل أنه لما أدخل عيال [[الإمام الحسين]]{{ع}} على [[عبيد الله بن زياد]] وأخذ يشمت بهم حدث حوار بينه وبين الإمام السجاد{{ع}} فقد التفت ابن زياد إلى علي بن الحسين، فقال: من هذا؟ | ||
سطر ٤٢٢: | سطر ٤٢٢: | ||
فقال علي لعمته: «اسكتي يا عمة حتى أكلمه»، ثم أقبل إليه فقال: «أبالقتل تهددني يا [[ابن زياد]]، أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا [[الشهادة]]».<ref>ابن طاووس، اللهوف، ص 161.</ref> | فقال علي لعمته: «اسكتي يا عمة حتى أكلمه»، ثم أقبل إليه فقال: «أبالقتل تهددني يا [[ابن زياد]]، أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا [[الشهادة]]».<ref>ابن طاووس، اللهوف، ص 161.</ref> | ||
=== حواره مع يزيد === | ===حواره مع يزيد=== | ||
لما أدخل عيال [[الإمام الحسين]]{{ع}} بعد [[واقعة عاشوراء]] إلى [[الشام]] وأوقفوهم بين يدي [[يزيد بن معاوية]] أخذ يزيد بالشماتة من الإمام السجاد{{ع}} وأهل بيته فقال له: يا علي بن الحسين الحمد لله الذي قتل أباك، فقال علي بن الحسين: لعنة الله على من قتل أبي، قال: فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه، فقال علي بن الحسين{{عليهما السلام}}: فإذا قتلتني، فبنات [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} من يردهم إلى منازلهم، وليس لهم [[المحارم|محرم]] غيري؟ فقال: أنت تردهم إلى منازلهم، ثم دعا بمبرد، فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده. ثم قال له: يا علي بن الحسين أتدري ما الذي أريد بذلك؟ قال: بلى، تريد أن لا يكون لأحد علي منّة غيرك، فقال [[يزيد بن معاوية|يزيد]]: هذا والله ما أردت، ثم قال يزيد: يا علي بن الحسين{{قرآن|وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم}}،<ref>الشورى: 30.</ref> فقال علي بن الحسين{{ع}}: كلا ما هذه فينا نزلت، إنما نزلت فينا{{قرآن|ما اصاب من مصيبة في الأرض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها}}، <ref>الحديد: 22.</ref> فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا منها.<ref>القمي، تفسير القمي، ج 2، ص 352.</ref> | لما أدخل عيال [[الإمام الحسين]]{{ع}} بعد [[واقعة عاشوراء]] إلى [[الشام]] وأوقفوهم بين يدي [[يزيد بن معاوية]] أخذ يزيد بالشماتة من الإمام السجاد{{ع}} وأهل بيته فقال له: يا علي بن الحسين الحمد لله الذي قتل أباك، فقال علي بن الحسين: لعنة الله على من قتل أبي، قال: فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه، فقال علي بن الحسين{{عليهما السلام}}: فإذا قتلتني، فبنات [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} من يردهم إلى منازلهم، وليس لهم [[المحارم|محرم]] غيري؟ فقال: أنت تردهم إلى منازلهم، ثم دعا بمبرد، فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده. ثم قال له: يا علي بن الحسين أتدري ما الذي أريد بذلك؟ قال: بلى، تريد أن لا يكون لأحد علي منّة غيرك، فقال [[يزيد بن معاوية|يزيد]]: هذا والله ما أردت، ثم قال يزيد: يا علي بن الحسين{{قرآن|وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم}}،<ref>الشورى: 30.</ref> فقال علي بن الحسين{{ع}}: كلا ما هذه فينا نزلت، إنما نزلت فينا{{قرآن|ما اصاب من مصيبة في الأرض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها}}، <ref>الحديد: 22.</ref> فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا منها.<ref>القمي، تفسير القمي، ج 2، ص 352.</ref> | ||
=== خطبته في الشام === | ===خطبته في الشام=== | ||
{{مفصلة|خطبة الإمام السجاد في الشام}} | {{مفصلة|خطبة الإمام السجاد في الشام}} | ||
سطر ٤٣٦: | سطر ٤٣٦: | ||
فصعد المنبر [[خطبة الإمام السجاد عليه السلام في الشام|فخطب]] فيهم وحمد الله وأثنى عليه، ثم خطب خطبة أبكى منها العيون، وأوجل منها القلوب.<ref>الحسيني، تسلية المُجالس، ج 2، ص 393.</ref> | فصعد المنبر [[خطبة الإمام السجاد عليه السلام في الشام|فخطب]] فيهم وحمد الله وأثنى عليه، ثم خطب خطبة أبكى منها العيون، وأوجل منها القلوب.<ref>الحسيني، تسلية المُجالس، ج 2، ص 393.</ref> | ||
=== كلامه مع أهل المدينة === | ===كلامه مع أهل المدينة=== | ||
ذكرت كتب التاريخ انه لما دخل عيال [[الحسين (ع)|الحسين]]{{ع}} إلى [[المدينة المنورة]] وعلى رأسهم الإمام زين العابدين{{ع}} خرج إليهم أهل المدينة وقد أخذوا الطرق والمواضع، وكان الإمام علي بن الحسين{{ع}} بينهم ومعه خرقة يمسح بها دموعه. | ذكرت كتب التاريخ انه لما دخل عيال [[الحسين (ع)|الحسين]]{{ع}} إلى [[المدينة المنورة]] وعلى رأسهم الإمام زين العابدين{{ع}} خرج إليهم أهل المدينة وقد أخذوا الطرق والمواضع، وكان الإمام علي بن الحسين{{ع}} بينهم ومعه خرقة يمسح بها دموعه. | ||
:::فقال:... أيها الناس إن الله -وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في [[الاسلام]] عظيمة، قتل [[الحسين (ع)|أبو عبد الله]] وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لامثلها رزية. | :::فقال:... أيها الناس إن الله -وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في [[الاسلام]] عظيمة، قتل [[الحسين (ع)|أبو عبد الله]] وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لامثلها رزية. | ||
سطر ٤٤٢: | سطر ٤٤٢: | ||
:::أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين عن الأمصار كأنا أولاد ترك وكابل، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في [[الإسلام]] ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين، إن هذا إلا اختلاق والله لو أن [[النبي (ص)|النبي]] تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاءة بنا لما ازدادوا على ما فعلوا بنا، فانا لله وإنا إليه راجعون، من مصيبة ما أعظمها، وأوجعها وأفجعها، وأكظها، وأفظعها، وأمرّها، وأفدحها؟ فعند الله نحتسب فيما أصابنا وما بلغ بنا إنه عزيز ذو انتقام.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 3، ص 717 - 718.</ref> | :::أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين عن الأمصار كأنا أولاد ترك وكابل، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في [[الإسلام]] ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين، إن هذا إلا اختلاق والله لو أن [[النبي (ص)|النبي]] تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاءة بنا لما ازدادوا على ما فعلوا بنا، فانا لله وإنا إليه راجعون، من مصيبة ما أعظمها، وأوجعها وأفجعها، وأكظها، وأفظعها، وأمرّها، وأفدحها؟ فعند الله نحتسب فيما أصابنا وما بلغ بنا إنه عزيز ذو انتقام.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 3، ص 717 - 718.</ref> | ||
=== أساليب الإمام السجاد لإحياء ذكرى عاشوراء === | ===أساليب الإمام السجاد لإحياء ذكرى عاشوراء=== | ||
*بكاؤه وتأكيده على البكاء على مصاب [[الحسين (ع)|سيد الشهداء]]{{ع}} | *بكاؤه وتأكيده على البكاء على مصاب [[الحسين (ع)|سيد الشهداء]]{{ع}} | ||
روي عن [[الإمام الصادق]]{{ع}} أنه قال: ان جدّي زين العابدين بكى على أبيه أربعين سنة، [[الصوم|صائما]] نهاره، وقائما ليله، [... وكان] يقول{{ع}}: قتل ابن [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} جائعا قتل ابن رسول الله عطشانا. فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله تعالى.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 2، ص 470.</ref> | روي عن [[الإمام الصادق]]{{ع}} أنه قال: ان جدّي زين العابدين بكى على أبيه أربعين سنة، [[الصوم|صائما]] نهاره، وقائما ليله، [... وكان] يقول{{ع}}: قتل ابن [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} جائعا قتل ابن رسول الله عطشانا. فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله تعالى.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 2، ص 470.</ref> | ||
سطر ٤٤٩: | سطر ٤٤٩: | ||
وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خديّه مما مسّنا من الأذى من عدونا فى الدنيا بوّأه الله منزل صدق.<ref>الصدوق، ثواب الأعمال، ص 83.</ref> | وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خديّه مما مسّنا من الأذى من عدونا فى الدنيا بوّأه الله منزل صدق.<ref>الصدوق، ثواب الأعمال، ص 83.</ref> | ||
*تأكيده على زيارة الإمام الحسين{{ع}} وحثه [[الايمان|المؤمنين]] عليها | *تأكيده على زيارة الإمام الحسين{{ع}} وحثه [[الايمان|المؤمنين]] عليها | ||
روي عن [[أبي حمزة الثمالي]] قال: سألت علي بن الحسين عن [[زيارة|زيارة الحسين]]{{ع}}؟ فقال: زرْه كلّ يوم، فإنْ لم تقدر فكلّ جمعة، فإنْ لم تقدر فكل فكل شهر، فمن لم يزره فقد استخفّ بحق [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}}.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 184.</ref> | روي عن [[أبي حمزة الثمالي]] قال: سألت علي بن الحسين عن [[زيارة|زيارة الحسين]]{{ع}}؟ فقال: زرْه كلّ يوم، فإنْ لم تقدر فكلّ جمعة، فإنْ لم تقدر فكل فكل شهر، فمن لم يزره فقد استخفّ بحق [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}}.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 184.</ref> | ||
*الاحتفاظ بتربة قبر الحسين | *الاحتفاظ بتربة قبر الحسين | ||
روى المحدثون انه كانت للإمام زين العابدين{{ع}} خريطة ديباج صفراء، فيها تربة قبر [[الحسين (ع)|أبي عبد الله]]{{ع}}، فإذا حضرت [[الصلاة]] سجد عليها.<ref>البحراني، عوالم العلوم، ص 129.</ref> | روى المحدثون انه كانت للإمام زين العابدين{{ع}} خريطة ديباج صفراء، فيها تربة قبر [[الحسين (ع)|أبي عبد الله]]{{ع}}، فإذا حضرت [[الصلاة]] سجد عليها.<ref>البحراني، عوالم العلوم، ص 129.</ref> | ||
سطر ٤٥٧: | سطر ٤٥٧: | ||
{{الإمامة والخلافة}} | {{الإمامة والخلافة}} | ||
لقد ذكر بعض المفكرين مجموعة من الصفات التي اتصفت بها فترة الحكم الأموي: | لقد ذكر بعض المفكرين مجموعة من الصفات التي اتصفت بها فترة الحكم الأموي: | ||
* إن نظام الحكم في عهد ملوك [[الأمويين]] كان بما يُسمى في لغة العصر بـ "نظام الأحكام العرفية".<ref>العلايلي، الإمام الحسين{{ع}}، ص 339.</ref> | *إن نظام الحكم في عهد ملوك [[الأمويين]] كان بما يُسمى في لغة العصر بـ "نظام الأحكام العرفية".<ref>العلايلي، الإمام الحسين{{ع}}، ص 339.</ref> | ||
* لقد كان الاتهام ب[[الكفر]] والزندقة والالحاد في زمن حكم [[الأمويين]] أهون من الاتهام بالولاء [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]]{{عليهم السلام}}، وقد عُلّقت في الساحات العامة في [[الكوفة]] مجموعة من الجثث قد صُلبوا لحبهم للإمام [[أمير المؤمنين (ع)|أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} ك[[ميثم التمار|ميثم التمّار]] {{و}}[[رشيد الهجري]] وأمثالهما.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 342.</ref> | *لقد كان الاتهام ب[[الكفر]] والزندقة والالحاد في زمن حكم [[الأمويين]] أهون من الاتهام بالولاء [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]]{{عليهم السلام}}، وقد عُلّقت في الساحات العامة في [[الكوفة]] مجموعة من الجثث قد صُلبوا لحبهم للإمام [[أمير المؤمنين (ع)|أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} ك[[ميثم التمار|ميثم التمّار]] {{و}}[[رشيد الهجري]] وأمثالهما.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 342.</ref> | ||
* كان [[الأمويون]] طغاة مستبدين لانتهاكهم قوانين [[الإسلام]] وشرائعه، وامتهانهم لمثله العليا، ووطئها بأقدامهم.<ref>العلايلي، الإمام الحسين{{ع}}، ص 64.</ref> | *كان [[الأمويون]] طغاة مستبدين لانتهاكهم قوانين [[الإسلام]] وشرائعه، وامتهانهم لمثله العليا، ووطئها بأقدامهم.<ref>العلايلي، الإمام الحسين{{ع}}، ص 64.</ref> | ||
===الملوك الذين عاصرهم=== | ===الملوك الذين عاصرهم=== | ||
سطر ٤٨٠: | سطر ٤٨٠: | ||
وهي من الوقائع الشهيرة التي حدثت في عهد [[يزيد بن معاوية]]، وتحديدا في ذي الحجة [[سنة 63 هـ]].<ref>ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 185</ref>وقد ذكر الكثير من المؤرخين أنّ سبب هذه الواقعة هو قيام أهل [[المدينة المنورة|المدينة]] ضد حكم [[يزيد بن معاوية]] وهدف قيامهم يظهر من خلال إعلانهم الأول الذي ما نصه: إنّا قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، ويدع [[الصلاة]]، ويعزف بالطنابير، وتضرب عنده القيان، ويلعب بالكلاب، ويسامر الخرّاب، والفتيان، وإنّا نُشهدكم أنا قد خلعناه. وأتوا عبد الله بن الغسيل، فبايعوه وولّوه عليهم.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 67.</ref> وأجمعوا على أنَّ أهل [[الشام]] قتلوا في هذه الواقعة جمعاً كبيراً من [[الصحابة]] ومن أبناء [[المهاجرين]] {{و}}[[الانصار]] وصل وفقاً لبعض النقول التاريخية إلى عشرة آلاف شهيد، واستباحوا [[المدينة المنورة]] ثلاثة أيام بإيعاز من [[يزيد بن معاوية|يزيد بن معاوية.]]<ref>شهيدي، زندكاني[حياة] علي بن الحسين(ع)، صص 82-83.</ref> | وهي من الوقائع الشهيرة التي حدثت في عهد [[يزيد بن معاوية]]، وتحديدا في ذي الحجة [[سنة 63 هـ]].<ref>ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 185</ref>وقد ذكر الكثير من المؤرخين أنّ سبب هذه الواقعة هو قيام أهل [[المدينة المنورة|المدينة]] ضد حكم [[يزيد بن معاوية]] وهدف قيامهم يظهر من خلال إعلانهم الأول الذي ما نصه: إنّا قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، ويدع [[الصلاة]]، ويعزف بالطنابير، وتضرب عنده القيان، ويلعب بالكلاب، ويسامر الخرّاب، والفتيان، وإنّا نُشهدكم أنا قد خلعناه. وأتوا عبد الله بن الغسيل، فبايعوه وولّوه عليهم.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 67.</ref> وأجمعوا على أنَّ أهل [[الشام]] قتلوا في هذه الواقعة جمعاً كبيراً من [[الصحابة]] ومن أبناء [[المهاجرين]] {{و}}[[الانصار]] وصل وفقاً لبعض النقول التاريخية إلى عشرة آلاف شهيد، واستباحوا [[المدينة المنورة]] ثلاثة أيام بإيعاز من [[يزيد بن معاوية|يزيد بن معاوية.]]<ref>شهيدي، زندكاني[حياة] علي بن الحسين(ع)، صص 82-83.</ref> | ||
==== موقف الإمام منها ==== | ====موقف الإمام منها==== | ||
لقد اتخذ الإمام السجاد{{ع}} موقف الحياد في هذه الثورة، وتذكر المصادر أسبابا مختلفة لموقف الإمام هذه، منها: | لقد اتخذ الإمام السجاد{{ع}} موقف الحياد في هذه الثورة، وتذكر المصادر أسبابا مختلفة لموقف الإمام هذه، منها: | ||
* علم الإمام بما كان عليه أهل [[المدينة]] من ضعف وقلّة، في مواجهة ما كان عليه أهل [[الشام]] من كثرة وبطش وقسوة.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | *علم الإمام بما كان عليه أهل [[المدينة]] من ضعف وقلّة، في مواجهة ما كان عليه أهل [[الشام]] من كثرة وبطش وقسوة.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | ||
* الاختيار الخاطئ لأهل المدينة لمكان الثورة، كما أخطأ [[عبد الله بن الزبير|ابن الزبير]] في اتخاذه [[مكة]] مقرا لحركته، فقد عرضوا هذين المكانين _الحرمين المقدسين_ لهجمات أهل الشام وانتهاكهم للمقدسات، ولذلك فإن كل العلويين الذين ثاروا على الحكام خرجوا من الحرمين، حفاظا على كرامتهما من أن يُهدر فيهما دم، وتهتك لهما حرمة.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | *الاختيار الخاطئ لأهل المدينة لمكان الثورة، كما أخطأ [[عبد الله بن الزبير|ابن الزبير]] في اتخاذه [[مكة]] مقرا لحركته، فقد عرضوا هذين المكانين _الحرمين المقدسين_ لهجمات أهل الشام وانتهاكهم للمقدسات، ولذلك فإن كل العلويين الذين ثاروا على الحكام خرجوا من الحرمين، حفاظا على كرامتهما من أن يُهدر فيهما دم، وتهتك لهما حرمة.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | ||
* لعلم الإمام زين العابدين{{ع}} ان اشتراكه في تلك الحركة سوف يؤدي إلى إبادة أهل البيت النبوي وشيعتهم إبادة شاملة، فتمكن بحياده من الوقوف في وجه هذا العمل.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | *لعلم الإمام زين العابدين{{ع}} ان اشتراكه في تلك الحركة سوف يؤدي إلى إبادة أهل البيت النبوي وشيعتهم إبادة شاملة، فتمكن بحياده من الوقوف في وجه هذا العمل.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | ||
* لعله اتخذ الحياد موقفا للحفاظ على أرواح الكثير من الناس حتى من غير العلويين، ففي الخبر أنه ضمّ إلى نفسه أربعمائة منافيّة (أي من بني عبد مناف) يعولهن إلى أن تفرّق الجيش،<ref>الزمخشري، ربيع الأبرار، ج1، ص472.</ref> وكان فيمن آواهن عائلة [[مروان بن الحكم]]، وزوجته هي عائشة بنت [[عثمان بن عفان]] الأموي، فكان مروان شاكرا لعلي بن الحسين ذلك.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> ورغم موقفه المحياد قد تكفل الإمام (ع) بالإنفاق على 400 عائلة طيلة وجود [[مسلم بن عقبة]] والجيش الشامي في المدينة..<ref>شهيدي، زندكاني[حياة] علي بن الحسين(ع)، ص 86.</ref> | *لعله اتخذ الحياد موقفا للحفاظ على أرواح الكثير من الناس حتى من غير العلويين، ففي الخبر أنه ضمّ إلى نفسه أربعمائة منافيّة (أي من بني عبد مناف) يعولهن إلى أن تفرّق الجيش،<ref>الزمخشري، ربيع الأبرار، ج1، ص472.</ref> وكان فيمن آواهن عائلة [[مروان بن الحكم]]، وزوجته هي عائشة بنت [[عثمان بن عفان]] الأموي، فكان مروان شاكرا لعلي بن الحسين ذلك.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> ورغم موقفه المحياد قد تكفل الإمام (ع) بالإنفاق على 400 عائلة طيلة وجود [[مسلم بن عقبة]] والجيش الشامي في المدينة..<ref>شهيدي، زندكاني[حياة] علي بن الحسين(ع)، ص 86.</ref> | ||
====ثورة التوابين==== | ====ثورة التوابين==== | ||
سطر ٤٩٣: | سطر ٤٩٣: | ||
وكان هدف الثوار - بعد نجاح الثورة - إعادة الحكم إلى ابناء [[فاطمة الزهرا|فاطمة]]{{عليها السلام}}<ref>الجعفري، تشيع در[ التشيع في] مسير تاريخ، ص 286؛ القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 354.</ref> وانطلقت في مستهل شهر [[ربيع الأول|ربيع الأوّل]] سنة 65 هجرية.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 276 و 277.</ref> | وكان هدف الثوار - بعد نجاح الثورة - إعادة الحكم إلى ابناء [[فاطمة الزهرا|فاطمة]]{{عليها السلام}}<ref>الجعفري، تشيع در[ التشيع في] مسير تاريخ، ص 286؛ القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 354.</ref> وانطلقت في مستهل شهر [[ربيع الأول|ربيع الأوّل]] سنة 65 هجرية.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 276 و 277.</ref> | ||
==== موقف الإمام السجاد{{ع}} منها ==== | ====موقف الإمام السجاد{{ع}} منها==== | ||
إن الإمام السجاد{{ع}} لم يعلن عن ارتباطه المباشر بالثورات التي قامت تدعو للثأر [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]]{{عليهم السلام}}، وكذلك لم يعلن عن رفضه لها كما واجه [[عبد الله بن الزبير|ابن الزبير]]، بل أصدر بيانا عاما يصلح لتبرير الحركات الصالحة، من دون أن يترك آثارا سيئة على الإمام<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 236.</ref> | إن الإمام السجاد{{ع}} لم يعلن عن ارتباطه المباشر بالثورات التي قامت تدعو للثأر [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]]{{عليهم السلام}}، وكذلك لم يعلن عن رفضه لها كما واجه [[عبد الله بن الزبير|ابن الزبير]]، بل أصدر بيانا عاما يصلح لتبرير الحركات الصالحة، من دون أن يترك آثارا سيئة على الإمام<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 236.</ref> | ||
==== ثورة المختار الثقفي ==== | ====ثورة المختار الثقفي==== | ||
{{مفصلة|ثورة المختار}} | {{مفصلة|ثورة المختار}} | ||
لقد خرج [[المختار الثقفي]] مطالبا بدم [[الإمام الحسين]]{{ع}}، في الرابع عشر من [[ربيع الأول]] سنة 66 للهجرة<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 495.</ref> وقد رفع شعار "[[يا لثارات الحسين]]"، وتمكن من تحقيق ما خرج من أجله، حيث ثأر من قتلة الإمام الحسين وتولى إدارة شؤون البلاد، وشكّل حكومة.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 365 - 366.</ref> | لقد خرج [[المختار الثقفي]] مطالبا بدم [[الإمام الحسين]]{{ع}}، في الرابع عشر من [[ربيع الأول]] سنة 66 للهجرة<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 495.</ref> وقد رفع شعار "[[يا لثارات الحسين]]"، وتمكن من تحقيق ما خرج من أجله، حيث ثأر من قتلة الإمام الحسين وتولى إدارة شؤون البلاد، وشكّل حكومة.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 365 - 366.</ref> | ||
==== موقف الإمام السجاد منها ==== | ====موقف الإمام السجاد منها==== | ||
ذكر الرواة انه لما أرسل [[المختار الثقفي|المختار]] برؤوس قتلة [[الإمام الحسين]]{{ع}} إليه، خرَّ الإمام السجاد{{ع}} ساجدا، ودعا له، وجزّاه خيرا،<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص125 - 127.</ref> وقام أهل البيت كافة بإظهار الفرح، وترك الحداد والحزن.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 236.</ref> كما ويُنقل عن الإمام قوله لعمّه [[محمد بن الحنفية]]: يا عم، لو أن عبدا تعصّب لنا [[أهل البيت]]، لوجب على الناس مؤازرته، وقد ولَّيتك هذا الأمر فاصنع ما شئت.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 365.</ref> ولكن توجد بعض الروايات أيضا تحكي عن عدم رضى الإمام عن فعلة المختار ومنها ما يذكر من إرسال المختار للإمام بعض الهدايا من العراق ولكن أبى الإمام أن يقبلها قائلا: "أَمِيطُوا عَنْ بَابِي فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدَايَا الْكَذَّابِينَ وَ لَا أَقْرَأُ كُتُبَهُم"<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 126.</ref> | ذكر الرواة انه لما أرسل [[المختار الثقفي|المختار]] برؤوس قتلة [[الإمام الحسين]]{{ع}} إليه، خرَّ الإمام السجاد{{ع}} ساجدا، ودعا له، وجزّاه خيرا،<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص125 - 127.</ref> وقام أهل البيت كافة بإظهار الفرح، وترك الحداد والحزن.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 236.</ref> كما ويُنقل عن الإمام قوله لعمّه [[محمد بن الحنفية]]: يا عم، لو أن عبدا تعصّب لنا [[أهل البيت]]، لوجب على الناس مؤازرته، وقد ولَّيتك هذا الأمر فاصنع ما شئت.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 365.</ref> ولكن توجد بعض الروايات أيضا تحكي عن عدم رضى الإمام عن فعلة المختار ومنها ما يذكر من إرسال المختار للإمام بعض الهدايا من العراق ولكن أبى الإمام أن يقبلها قائلا: "أَمِيطُوا عَنْ بَابِي فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدَايَا الْكَذَّابِينَ وَ لَا أَقْرَأُ كُتُبَهُم"<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 126.</ref> | ||
سطر ٥٠٩: | سطر ٥٠٩: | ||
كان [[عبد الله بن الزبير]] يبغض [[آل البيت (ع)|آل النبي]]{{صل}}<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 26.</ref> ,يُذكر ان ابن الزبير طلب من العلويين [[البيعة]] له، فقالوا: لا نبايع حتى تجتمع الأمة، فاعتقلهم في [[زمزم]] وتوعدهم بالقتل والاحراق، فاستنجد ابن الحنفية بالمختار الثقفي، فأرسل المختار قوة عسكرية بقيادة أبي عبد الله الجدلي، فهجمت على السجن وخلصت العلويين منه.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 377 - 378.</ref> | كان [[عبد الله بن الزبير]] يبغض [[آل البيت (ع)|آل النبي]]{{صل}}<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 26.</ref> ,يُذكر ان ابن الزبير طلب من العلويين [[البيعة]] له، فقالوا: لا نبايع حتى تجتمع الأمة، فاعتقلهم في [[زمزم]] وتوعدهم بالقتل والاحراق، فاستنجد ابن الحنفية بالمختار الثقفي، فأرسل المختار قوة عسكرية بقيادة أبي عبد الله الجدلي، فهجمت على السجن وخلصت العلويين منه.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 377 - 378.</ref> | ||
=== موقف الإمام السجاد منها === | ===موقف الإمام السجاد منها=== | ||
يحدثنا التاريخ ان الإمام السجاد{{ع}} لم يؤيد ابن الزبير وكان يظهر التخوف من حكمه، ولعلّه بسبب أنّ ابن الزبير اتّخذ مكّة موقعاً لحركته، مما يؤدي عند هزيمته إلى أن يعتدي [[الأمويون]] على هذه البلدة المقدَسة الاَمنة، وعلى حرمة [[البيت الحرام]] {{و}}[[الكعبة]] الشريفة، - وقد حصل ذلك فعلاً - مع أنَ علم الإمام بفشل حركته لضعفه وقلّة أنصاره بالنسبة إلى جيوش الدولة الأموية، كان من أسباب امتناع الإمام ومعه كل العلويين من الاعتراف بحركة ابن الزبير.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 233- 235.</ref> | يحدثنا التاريخ ان الإمام السجاد{{ع}} لم يؤيد ابن الزبير وكان يظهر التخوف من حكمه، ولعلّه بسبب أنّ ابن الزبير اتّخذ مكّة موقعاً لحركته، مما يؤدي عند هزيمته إلى أن يعتدي [[الأمويون]] على هذه البلدة المقدَسة الاَمنة، وعلى حرمة [[البيت الحرام]] {{و}}[[الكعبة]] الشريفة، - وقد حصل ذلك فعلاً - مع أنَ علم الإمام بفشل حركته لضعفه وقلّة أنصاره بالنسبة إلى جيوش الدولة الأموية، كان من أسباب امتناع الإمام ومعه كل العلويين من الاعتراف بحركة ابن الزبير.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 233- 235.</ref> | ||
سطر ٥٣٦: | سطر ٥٣٦: | ||
}} | }} | ||
==الهوامش == | ==الهوامش== | ||
{{مراجع}} | {{مراجع}} | ||
سطر ٦٨١: | سطر ٦٨١: | ||
{{أصحاب الإمام السجاد عليه السلام}} | {{أصحاب الإمام السجاد عليه السلام}} | ||
{{المعصومون}} | {{المعصومون}} | ||